الخميس، 15 يناير 2015

انهيارات أخرى في طريقها إلينا أخطر احتمالات عام 2015-كاظم فنجان الحمامي


انهيارات أخرى في طريقها إلينا
أخطر احتمالات عام 2015

كاظم فنجان الحمامي

لن تنفع الحسرات أبداً في تعديل ميلان جدران الهياكل الهشة، ولن تسعفها الزفرات بشيء عندما تكون ركائزها مغروسة في أوحال الضفاف الرخوة، فما بالك إذا كانت آفات الفساد هي التي نخرت سقوفها وزعزعت أركانها، ووضعتها بين أنياب عوامل الانهيار الحتمي ؟.
لقد انهار سد مأرب رغم عظمته بسبب فشل مملكة سبأ في التصدي لغزوات الجرذان، والتهمت النيران روما كلها بحريق أضرمه معتوه في نزوة من نزواته الطائشة، وتمزقت راية الأندلس بخناجر ملوك الطوائف، وسقطت الإمبراطورية العثمانية برمتها بسبب ضعف الجيش الانكشاري وتفشي الفساد، فكيف لا تسقط الموصل بيد حفنة من المرتزقة إذا كانت وحداتنا العسكرية الفاسدة تقاتل بجنود فضائيين لا وجود لهم على الأرض. وتفتقر تركيبتها الإدارية لأبسط معايير واجبات الأركان.
كانت كارثة الموصل بمثابة جرس الإنذار الأول للتحذير من انهيار المؤسسات الإدارية الأخرى بعد انهيار الأفواج والألوية والكتائب والفرق التي تم تشكيلاتها خارج الضوابط والسياقات العسكرية الصحيحة.
فالفضائيون الذين دمروا الجيش ينتشرون الآن في مؤسساتنا المدنية، والقادة غير المؤهلين الذين كانوا عنواناً من عناوين الفشل يعيثون الآن في مؤسساتنا المدنية الآيلة للانهيار.
أما العامل المشترك الأعظم لهذه الانهيارات المتوقعة فيمكن تشخيصه بغياب الركن الإداري الأهم من تركيبة المؤسسات الحكومية العراقية. ما أدى إلى تصدع سقوف هياكلها التنظيمية وتردي مستواها وتقهقرها وتخلفها، وبالتالي عجزها وفشلها، وفقدانها القدرة على الوفاء بالتزاماتها الرسمية والأخلاقية والوطنية.
فالمزاجية والارتجالية والطائفية والفئوية والوصولية والانتهازية هي التي حملتها لنا ديناصورات الديمقراطية الفوضوية، وفرضتها علينا في اختيار معظم مدراء وقادة مؤسساتنا المدنية، فاختفى فيها التوصيف الوظيفي، رغم أنه يُعد من أهم الركائز الإدارية وأقوى أركانها، وربما هو الركن المتين الوحيد، الذي ينبغي الاستناد عليه في تحديد القيمة النسبية للوظائف داخل المؤسسة، وهو الذي يقودنا للاستدلال على المسارات الصحيحة في خارطة المواصفات الوظيفية القائمة على المعايير العادلة، وصولا إلى تشخيص مواصفات شاغل الوظيفة، وتحديد مستواه التعليمي، وتحديد معايير تأهيله المهني والإداري، ومجالات خبرته ومدتها، ومهاراته المطلوبة، وسماته الشخصية، وصفاته الاجتماعية، ومن ثم معرفة حدود مسئولياته، وسلطاته الوظيفية، وواجباته الأساسية، ورسم ملامح البيئة الإدارية التي يتعين عليه العمل فيها، مع وضع تصور كامل لمؤهلات مدراء الشركات، ومؤهلات مدراء أقسامها وشعبها وتفرعاتها الأخرى. فالتوصيف الوظيفي أداة عادلة جدا ينبغي أن تستعين بها الوزارات في تقييم أداء تشكيلاتها الوزارية، وهو أيضا وثيقة قانونية غير خاضعة للتلاعب، ولا تسمح بالانحياز إلى طائفة معينة أو فئة محددة، ولا تتضمن أية إشارة إلى العنصر أو اللون أو الدين أو السن أو الجنس، ولا ينبغي أن تجري الأمور على ما هي عليه الآن في غابات التقافز الإداري فوق درجات السلالم الوظيفية، حتى باتت الأبواب مفتوحة عندنا على مصاريعها، فتسربت منها رياح المحاصصة الطائفية، وتسللت إليها المحسوبية والمنسوبية، وحملت لنا سمومها وهمومها، فطغت الولاءات الحزبية الضيقة على واجهات مؤسساتنا، وفرضت علينا نماذج من المدراء لا تنطبق عليهم أدنى معايير الكفاءة، ولا تشملهم الاستحقاقات الوظيفية المتعارف عليها. بل كانوا عالة على العملية الإنتاجية، فتسببوا في انتشار الفساد، وتفشي الرشوة وضياع الحقوق، وهكذا اضطربت الأوضاع، وعمت الفوضى، وكُتب علينا الفشل في تحقيق خطوة واحدة نحو الأمام في مسيرة الخطوات المتعثرة والهفوات المتكررة، ولم ننجح في وضع الشخص المناسب في المكان المناسب. إلا في حالات نادرة جدا ساقتها رياح الصدفة.
ولا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم
ولا سراة إذا جهالهم سادوا

ليست هناك تعليقات: