السبت، 1 نوفمبر 2014

المرأةُ ذاتُها-أحمد الحلي

المرأةُ  ذاتُها

أحمد الحلي

*امرأةٌ من مطرْ
  تهطلُ عليكَ
  فيُزهِرُ في جَدبِكَ
  الجوريُّ والبنفسجُ
  وإن استحالَ قطْرُها
  في بعضِ الأحيان
  قَطِرانا !

* امرأةٌ من ضبابْ
  لن تُبصِرَ عيناكَ
  من خلاله شيئاً
  وتبقى خطاكَ
  في ذات المكانِ تدور
  بانتظار أفقٍ يلوحْ

* امرأةٌ  من رحيق
  يُصبحُ لونُ
  كرياتِ دمِي الحمراء
  بنفسجياً
  لمقدَمِها
  ويتموسقُ الحجرْ !

* امرأةٌ  من عسَلْ
  لو حازت النحلاتُ
  بعضاً من شهدِها
  لاعتزلتِ الحقولَ
  واكتفتْ بها زاداً  للأبدْ !

* امرأةٌ من زجاج
  كلمتانِ منكَ
  إحداهما
  تطيرُ بها
  لأعلى الغيمِ
 وأخرى  تتهشّمْ !

* امرأةُ من دُخان
  يتلوّى أمامَ ناظريكَ
  مُقهقهاً
  ولن تُمسِكَ
  يداكَ منه شيئاً !

*امرأةٌ من نبيذْ
 تبقى قبلَتُها
 معتّقةً في دمي
 أرشفُ منها فأثملُ
 وأثملُ
 فتنسكِبُ  عليَّ
 جِرارُ المسكِ والعنبرْ

* امرأةٌ من رياح
 تصفو
 فتهبُّ عليكَ
 نسائمُ الحقولْ
 وتتكدّرُ
 فتورثُ عينيكَ
 الرمدْ !

* امرأةٌ من شغف
يتوجّبُ عليكَ
أن تنتظرَ طويلاً
قبلَ أنْ تستشعرَ
أنَّ لحظتَها قد حانتْ
عندَها ستُدرِكُ
أنكَ على وشكِ الصعودِ
إلى القَمَرْ !

*امرأةٌ  من لهَبْ
يزدادُ أوارُهُ 
زرقةً  فاخضراراً
كلّما التهمَ جزءاً منكَ
بيدَ أنكَ مهما  تآكلتَ
لنْ تقولَ ؛
" يا نارُ كوني برداً ...." !


*امرأةٌ من صَهيل
أنْ تكونَ فارسَها
فمعنى ذلكَ
أنكَ اخترتَ
أن تمتطيَ
صَهوةَ
البرقِ والرعودْ !

*امرأةٌ من هديلْ
يُشجيكَ منها
أنكَ كلّمَا
عدتَ إلى المَنزلِ
وقد اعتصرتْ فؤادَكَ
همومٌ وهمومْ
ألفيتَها وهي تترنّمُ ؛
"علّموني على حبك "[1]

* امرأةٌ من ضباب
  على غفلةٍ
   يتكاثف أمام ناظريكَ
   فيُحجبُ أمامَ ناظريكَ
   رؤيةَ  أيَّ  شيءٍ
   حتى نفسَك !

* امرأةٌ من رُخام
   أحرى بكَ
   أن تستحضرَ مايكل انجلو
   ليُقَشّرَ عنه
   ما سيكونُ  تُحفتَه
  عندَها
   لن تكون ثمّةَ حاجةٌ
  لأن يصرُخَ فيه ؛
  انطُقْ  !

* امرأةٌ من أهواء
  تحنو عليكَ
  فتُزهِرُ في ذاتِكَ
  زَنابقُ البَهجةِ
  وتنفرُ
  فيمتلئُ قلبَكَ
  بالكَدَمات !

* امرأةٌ  من ريش
  ينمو بغزارةٍ
  في ساعديكَ
  حتى يغدوا
  جناحينِ عملاقينِ
  إلا أنّها دائبةٌ
  على تشذيبِهما
  بمِقص !

* امرأةٌ من أغلال
  تدخلُ في شرنقتِها
  بمحض اختياركَ
  فتترسّخ في ذهنكَ
  فكرةٌ سلبيةٌ جداً
 عن كلّ ما يمتُّ
  إلى الطيرانِ
  بصِلة  !



* امرأةٌ من دَلال
  صبيّةٌ وشهِيّةٌ ويانعة
  كأنها فاكهةٌ قُطِفتْ للتوِّ
  لا غرابةَ في أن يعروها
  الغنَجْ !
* امرأةٌ من زَبَدْ
  يعلو فوقَ موجِكَ
  فيُكبّلهُ
  حتّى ينقشعَ الغَمامُ
  ويعزِفَ الوتَرْ !
* امرأةٌ من قصَبَ
  النغمةُ الشجيّةّ
  التي تؤثرُكَ بها
  لو أُتيحَ للخيزرانِ
  أن يُصغي لها
  لعاش عمرَه التالي
 في حسرةٍ  ووكَمَدْ !





[1] * علّموني على حبك ؛ أغنية لفيروز

ليست هناك تعليقات: