الخميس، 21 أغسطس 2014

عبد الملك والأسلوب الجديد -عبد القادر حسن أمين



عبد الملك والأسلوب الجديد


عبد القادر حسن أمين


اختلف الكثيرون في عبد الملك، كل يرى فيه رأيا ً معينا ً: ففريق يعتقد ان عبد الملك مسخ مشوه متشابك المعالم، يستمد أجزاءه المتناثرة مما يقرأ لا من تجاربه الشخصية. وفريق آخر يرى ان النتاج العراقي القصصي كله ما خلا نتاج عبد الملك طبعا ً يجب ان يرمى بمياه دجلة أو يهمل إهمالا ً شنيعا ً، لأن منتجيها ليس بأدباء مطلقا ً!
بعد مجموعته "رسل الإنسانية" يبدأ عبد الملك في :نشيد الأرض" طورا ً جديدا ً، في الصورة والمضمون، فبعد ان كان يكثر من الازدواج ويستعير العبارات، التي رسخت في ذهنه من مطالعاته الأدبية اذا به هنا يتجه نحو أسلوب جديد، يقل فيه ترادف الجمل، وتتقلص الأخطاء، وتشيع العامية، يتكلفها تكلفا ً وهو يهدف إلى تلوين الأقصوصة بلون المحيط الذي يعايشه البطل. وهذا الأسلوب وان طفق يأخذ سمة معينة دالة عليه إلا ان القاريء يجد عسرا ً في متابعة ما يكتب القاص لانعدام السلاسة، ولاعتماده أيضا ً على حديث النفس وتداعي المعاني، إذ ْ قد يعدي هذا اللون من الأسلوب القاريء فيجد نفسه مدفوعا ً هو الآخر إلى فيض من الشعور بالرغم من إرادته...
ويصدم القاريء في "نشيد الأرض" ـ لأول وهلة قلة الحركة، فالإبطال فيه جامدون، يعيشون في عالم اللاوعي، يطلقون لخيالهم العنان يسبح في عوالم بعيدة أو قريبة، تتوالى الصور في أذهانهم متكاملة وغير متكاملة، وتتداعى الكلمات يجري بعضها وراء بعض من غير نظام ولا اتساق ولا ربط، ومن هنا هذا الإبهام الذي نجده في كتابات عبد الملك.
وأسلوب عبد الملك هو الأساس الأول في كيان أقاصيصه وهو تحليلي يستمد مادته من اللاوعي يتعمد تطعيمه بكلمات عامية وبأصوات مختلفة ليجر القاريء جرا ً إلى واقع أبطاله.
وجملة القول في عبد الملك انه قاص قد استطاع ان يقدم نماذج جيدة من فنه القصصي. ولكن ما نعرف من آثاره قليل جدا ً، اذا قيس بآثار قصاصي العرب، كما يستحسن كثيرا ً ان يرخي بعض الشيء من هذا الإرهاص النفسي والشد العصبي ليحل مكانه شيئا ً من الحركة والتوجيه، وبذلك ينقشع كثير من ضباب الغموض الذي يغلف آثاره، فيستطيع القاريء ان يجد غذاءه العقلي...




ليست هناك تعليقات: