لقاء القمم في اغنية العيد
د. وريا عمر أمين
مع كل اطلالة عيد يطل علينا ناظم الغزالي بصوته الرقيق الملائكي و ادائه الرائع و هو يغني:
أي شيء في العيد أهدي اليكِ يـا ملاكي وكل شـــيء لـديك
أســــوارا أم دملجا من نضار لا أحب القيود في مـعـصميك
أم خمورا وليس في ألأرض خمر كالذي تسـكبين من عينيك
أم ورودا والورد أجمله عندي الذي قد نشـــقت مـن خديك
أم عقيقا كــمـــهجتي يتلـــظى والعقيق الثمين في شـــفتيكِ
ليس عندي شيء أعز من الروح وروحي مرهونة في يديكِ
حيث اقترنت هذه الاغنية بالعيد و اصبحت احدى سماته منذ اكثر من نصف قرن. وهي من كلمات الشاعر الغنائي (جبوري النجار) و الحان (ناظم نعيم) . يمثل هؤلاء قمة ما توصل اليه الفن الغنائي في العراق في القرن العشرين . هذه المقال احياء لذكراهم العطرة.
1 - جبوري النجار
جبوري النجار
جبوري النجار (1917 – 1976) اسمه جبار حسين ، ولد في منطقة الفلاحات في جانب الكرخ ببغداد. لقب بالنجار كونه يعمل في النجارة. ثم عمل في مدينة الكاظمية نجارا متجولا يدفع عربته مخترقا شوارعها وأزقتها بحثا عمن يحتاج اليه في أصلاح ما انكسر من ابواب أو قطعة أثاث. عمل لفترة موظفا في مديرية النشاطات الطلابية بجامعة بغداد.
كان شاعراً شعبياً مبدعا ترك وراءه بصمات فنية رائعة لم تنسها الاجيال على مر الازمان والعصور .وهو من اهم شعراء الاغنية البغدادية المعروفين في العراق في ثلاثينييات القرن الماضي وفي تأريخ الاغنية العراقية. بدأ يكتب الاغنية البغدادية الشعبية وعمره لم يتجاوز الثانية عشرة ، وقد غنى المطربون العراقيون المشاهير من اشعاره أجمل الاغاني التي امتازت بالجمال و الرقة و الاصالة و البساطة ، تتلاءم مع روح العصر.
يقول جبوري النجار في لقاء صحفي قبل وفاته : (اصبحت متخصصاً في نظم عشرة انواع من الشعر الشعبي وهي الابوذية و السويحلي و الموال و التايل و الدارمي والعتابة و نصوص الاغاني و المربعات و الركباني و الحداء )
ومن الجدير بالذكر ان المطربين ( شخير سلطان ، وناصر حكيم ، وعبد الامير الطويرجاوي ، وحسين المسبباوي ، وعباس المسيباوي ، وغريب ارحيمة ومسعود العمارتلي ، وحضيري ابو عزيز ، ومحمد عبود النجفي ) غنوا من نظم الشاعر جبوري النجار قبل تأسيس الاذاعة العراقية أي منذ كان الغناء في المقاهي.
وكتب لمطربي جيل الامس الجميل ( ناظم الغزالى و حضيري ابو عزيز وداخل حسن و وحيدة خليل و لميعة توفيق و زهور حسين و مائدة نزهت و غادة سالم) اجمل اغانيهم.
وقال في نفس اللقاء ( لقد احببت جميع المطربين ، ولكنني معجب كل الاعجاب بالمرحوم ناظم الغزالي وذلك لاتقانه اللغة العربية ، وصوته الشجي ، ولقد نظمت له اغلب اغانيه التي هي اليوم ثروة فنية من الاغنية العراقية المنتشرة في انحاء العالم.)
ومن الاغاني التي نظمها جبوري النجار لناظم الغزالي اغنية ( اي شىء في العيد اهدي اليك ياملاكي - سلمت الكلب بيدك طير وتاه عن وكره - ما ريد الغلوبي - ميحانة ميحانة غابت شمسنا الكمر ما جانه - طالعة من بيت ابوها - فوك النخل - يا ام العيون السود ما اجوزن انا - تصبح على خير - شرد اقدم لك هدية بعيد ميلادك يا حبي).
لقد لعب جبوري النجار دورا اساسيا في الشهرة والنجومية التي حصل عليها المطرب ناظم الغزالي في منتصف الخمسينات عندما وصلت شهرته للافاق في الاغاني التي سجلتها له شركة جقماقجي. ولعب دورا مهما رياديا في تطوير الفن الغنائي العراقي.
قال ابنه الكبير ستار عنه في لقاء صحفي ( كان الفنانون يزورون والدي وهم المطرب ناظم الغزالي وعباس جميل وهاشم الرجب ورضا علي وفي يوم من الايام جاءت المطربة زهور حسين الى بيتنا ولم تجد والدي وقلنا لها انه في مقهى منصور القريبة من بيتنا وذهبنا وجدت ابي يلعب الدومينو، وقال لها والدي:(عيني زهور شكو)، قالت له:( اريد تكتب لي اغنية جميلة) فكتب لها (خالة شكو شنو الخبر احجيلي، فدوة رحتلج ليش ما تكوليلي).
كان يتقاضى ثلاثة دنانير عن كل اغنية ثم اصبحت فيما بعد عشرة دنانير . اصبح والدي نائب رئيس جمعية الشعراء الشعبيين وعضو نقابة الفنانين العراقيين.
وقال: لم يكرم ابي ابد ولا عائلته ولم يزرنا اي فنان منذ 4 /10 /1976 وهو يوم وفاة والدي).
واخيراً لايسعنا الا ان نقول : رحم الله جبوري النجار الذي ترك وراءه ثروة فنية رائعة لم تنسها الاجيال على مر الازمان والعصور .
2 - ناظم نعيم
ناظم نعيم هو أحد عمالقة الفن العراقي ولد في 1/7/1925 في بغداد ، في عائلة فنية ، كان والده (نعيم سلمو) عازف كمان مقتدر عمل عازفاً ورئيساً في مختلف الفرق الموسيقية العراقية الرائدة، وكان عمّه (شاكر ) عازفاً للعود..بذلك نشأ ناظم نعيم منذ صغره في أجواء النغم كان فيها الوالد معلِّمه الأول.
عمل في دار الاذاعة العراقية كعازف للكمان عام 1943. ساهم وبشكل فاعل في تطوير فن اللحن البغدادي و كون مع الشاعر جبوري النجار والمطرب ناظم الغزالي و الموسيقار جميل بشير فرقة الموشحات باشراف الشيخ علي درويش و الموسيقار روحي الخماش.
و لولا ناظم نعيم لما تربع المطرب ناظم الغزالي بروائعه الفنية المتجددة على عرش الغناء ، حيث لحن له الغالبية العظمى من اغانيه. (اي شىء في العيد اهدي اليك ، يا أم العيون السود، أحبك ولا أريد أنساك، مروا عليّه الحلوين، سلمت الكلب بيدك، شرد اقدملك هدية، تصبح على خير، ريحة الورد ولون العنبر) وغيرها.
تزوج ناظم نعيم من المطربة نرجس شوقي وقدم لها بعض الالحان كما لحن لمطربات خمسينييات القرن الماضى، أحلام وهبي في اغنيات ( هاي من الله قسمتي ، عندي هدية للولف، الله الله من عيونك). و مائدة نزهت في اغانيها (الروح محتارة، عاشكين، يامسيرين البلم). و فؤاد سالم في (أعاتب والعتب سكتة)، وسعدي البياتي في (أنا بيدي جرحت ايدي). و عفيفة اسكندر في اغنيات (تعيش انت وتبقى ، هلك منعوك ، أدري بيك أدري). و نرجس شوقي في (عندي هدية للولف وردة)، و حضيري ابو عزيز في (ويل كلبي هالمصيبه شرد مني)، ونظيمة نسيم في (مو مني كل الصوج)، وانصاف منير في أغنيات (ليالي دجلة، أنا موبيدي، أهلي ما يرضون). و صلاح عبد الغفورفي أغنية ( حلوة يالبغدادية ) و غيرهم من عمالقة الفن الغنائي العراقي للقرن العشرين.
هذه الاغاني أدخلت البهجة إلى قلوب العراقيين بغض النظر عن طوائفهم وأعراقهم، إنها أعمال فنية خالدة من ألحان عملاق الفن العراقي الموسيقار الكبير ناظم نعيم الذي لا يزال و الحمد لله حي يرزق، يعيش مع زوجته وأولاده في مدينة فارمنتن هلز في ولاية ميشيغن الأمريكية منذ اثنتان و ثلاثون عاما حيث ارتحل إلى أميركا في عام 1982 ليستقر وعائلته في مشيغان، يمارس العزف بين الحين والآخر، بعيداً عن الأضواء، مستعيناً بالمطالعة والإستماع إلى الموسيقى، والحديث مع أصدقائه،
فتحية لهذا الصرح العراقي الكبير وامنياتنا له بالصحة والعمر المديد
3 - ناظم الغزالي
ناظم الغزالى (1921 – 1963) ولد في منطقة الحيدرخانة في بغداد يتيمًا، لأم فقيرة ضريرة تسكن في غرفة مع شقيقتها.و رغم ما كان يعانيه من ظروف قاسية و فقر مدقع تمكن من ان يكمل دراسته الابتدائية والمتوسطة، في مدرسة المأمونية. و بعد معاناة طويلة التحق بمعهد الفنون الجميلة قسم المسرح حيث تبناه فنان العراق الكبير رائد المسرح العراقي حقي الشبلي ، حين رأى فيه ممثلا واعدا يمتلك قدرات فنية عالية الا ان ظروفه المادية القاسية اجبرته على ترك الدراسة ليعمل مراقبا في مشروع الطحين بأمانة العاصمة
هذه الفترة، أكسبته طموحا غير محدود وعنادا وإصرارا على إكمال الطريق الذي اختاره رغم الصعاب التي واجهته، وجعلته يعود للمعهد يبذل قصارى جهده ليصعد سلم المجد.كان يمتاز عن زملائه بثقافته، تلك الثقافة التي ظهرت عام 1952عندما نشر سلسلة من المقالات في مجلة النديم تحت عنوان "أشهر المغنين العرب"، وظهرت أيضا في كتابه (طبقات العازفين و الموسيقيين من سنة 1900 - 1962) كما ميزه حفظه السريع وتقليده كل الأصوات والشخصيات، وجعلته طوال حياته حتى في أحلك الظروف لايتخلى عن بديهته الحاضرة ونكتته السريعة، وأناقته الملفتة للنظر
عاد ناظم الغزالي إلى معهد الفنون الجميلة لإكمال دراسته، ليأخذ حقي الشبلي بيده ثانية ويضمه إلى فرقة (الزبانية) ويشركه في مسرحية (مجنون ليلى) لأمير الشعراء أحمد شوقي في عام 1942، ولحَّن له فيها أول أغنية شدا بها صوته وسمعها جمهور عريض، أغنية "هلا هلا" التي دخل بها إلى الإذاعة، والتي حول على إثرها ناظم اتجاهه، تاركا التمثيل المسرحي ليتفرغ تماما للغناء،
تزوج الغزالي عام 1953 من الفنانة سليمة مراد التي كانت تكبره بعشرة سنوات وكانت رائدة المقام العراقي حيث تعلم الغزالي على يدها الكثير من المقامات، وكانا في كثير من الأحيان يقومان بإحياء حفلات مشتركة فتح آفاقاً واسعة لهما
يجمع جميع النقاد و المحللون و الفنانون على ان ناظم الغزالي نادر الشبه، وهو من أبرز الأمثلة لمغنٍّ يفرض غناءه وفنه وإمكانياته على عصره، وقد نفذ نتاجه الفني إلى جيل العقود التي عاشها في القرن العشرين والتي تلتها ولا يزال كذلك، محدثاً انعطافاً فنياً كبيراً في مسيرة الغناء
ومن اشهر أغانيه
أي شيء في العيد أهدي إليك يا ملاكي
أقول وقد ناحت بقربي حمامة
يا أم العيون السود ما جوزن أنا
فوق النخل فوق
خايف عليها ولهان بيها شامة ودكه بالحنك لو تنباع كنت اشتريها
أحبك وأحب الورد جوري
توفي الغزالي في أحدى فنادق بيروت صباح يوم الاربعاء المصادف 23 /10 / 1963وهو في عنفوان شبابه ووارى جثمانه الثرى في مقبرة الكرخ وترك وراءه ثروة فنية خالدة تفتخر بها الاجيال.
د.وريا عمر أمين
الاكاديمية الكردية
wariaamin@yahoo.com
د. وريا عمر أمين
مع كل اطلالة عيد يطل علينا ناظم الغزالي بصوته الرقيق الملائكي و ادائه الرائع و هو يغني:
أي شيء في العيد أهدي اليكِ يـا ملاكي وكل شـــيء لـديك
أســــوارا أم دملجا من نضار لا أحب القيود في مـعـصميك
أم خمورا وليس في ألأرض خمر كالذي تسـكبين من عينيك
أم ورودا والورد أجمله عندي الذي قد نشـــقت مـن خديك
أم عقيقا كــمـــهجتي يتلـــظى والعقيق الثمين في شـــفتيكِ
ليس عندي شيء أعز من الروح وروحي مرهونة في يديكِ
حيث اقترنت هذه الاغنية بالعيد و اصبحت احدى سماته منذ اكثر من نصف قرن. وهي من كلمات الشاعر الغنائي (جبوري النجار) و الحان (ناظم نعيم) . يمثل هؤلاء قمة ما توصل اليه الفن الغنائي في العراق في القرن العشرين . هذه المقال احياء لذكراهم العطرة.
1 - جبوري النجار
جبوري النجار
جبوري النجار (1917 – 1976) اسمه جبار حسين ، ولد في منطقة الفلاحات في جانب الكرخ ببغداد. لقب بالنجار كونه يعمل في النجارة. ثم عمل في مدينة الكاظمية نجارا متجولا يدفع عربته مخترقا شوارعها وأزقتها بحثا عمن يحتاج اليه في أصلاح ما انكسر من ابواب أو قطعة أثاث. عمل لفترة موظفا في مديرية النشاطات الطلابية بجامعة بغداد.
كان شاعراً شعبياً مبدعا ترك وراءه بصمات فنية رائعة لم تنسها الاجيال على مر الازمان والعصور .وهو من اهم شعراء الاغنية البغدادية المعروفين في العراق في ثلاثينييات القرن الماضي وفي تأريخ الاغنية العراقية. بدأ يكتب الاغنية البغدادية الشعبية وعمره لم يتجاوز الثانية عشرة ، وقد غنى المطربون العراقيون المشاهير من اشعاره أجمل الاغاني التي امتازت بالجمال و الرقة و الاصالة و البساطة ، تتلاءم مع روح العصر.
يقول جبوري النجار في لقاء صحفي قبل وفاته : (اصبحت متخصصاً في نظم عشرة انواع من الشعر الشعبي وهي الابوذية و السويحلي و الموال و التايل و الدارمي والعتابة و نصوص الاغاني و المربعات و الركباني و الحداء )
ومن الجدير بالذكر ان المطربين ( شخير سلطان ، وناصر حكيم ، وعبد الامير الطويرجاوي ، وحسين المسبباوي ، وعباس المسيباوي ، وغريب ارحيمة ومسعود العمارتلي ، وحضيري ابو عزيز ، ومحمد عبود النجفي ) غنوا من نظم الشاعر جبوري النجار قبل تأسيس الاذاعة العراقية أي منذ كان الغناء في المقاهي.
وكتب لمطربي جيل الامس الجميل ( ناظم الغزالى و حضيري ابو عزيز وداخل حسن و وحيدة خليل و لميعة توفيق و زهور حسين و مائدة نزهت و غادة سالم) اجمل اغانيهم.
وقال في نفس اللقاء ( لقد احببت جميع المطربين ، ولكنني معجب كل الاعجاب بالمرحوم ناظم الغزالي وذلك لاتقانه اللغة العربية ، وصوته الشجي ، ولقد نظمت له اغلب اغانيه التي هي اليوم ثروة فنية من الاغنية العراقية المنتشرة في انحاء العالم.)
ومن الاغاني التي نظمها جبوري النجار لناظم الغزالي اغنية ( اي شىء في العيد اهدي اليك ياملاكي - سلمت الكلب بيدك طير وتاه عن وكره - ما ريد الغلوبي - ميحانة ميحانة غابت شمسنا الكمر ما جانه - طالعة من بيت ابوها - فوك النخل - يا ام العيون السود ما اجوزن انا - تصبح على خير - شرد اقدم لك هدية بعيد ميلادك يا حبي).
لقد لعب جبوري النجار دورا اساسيا في الشهرة والنجومية التي حصل عليها المطرب ناظم الغزالي في منتصف الخمسينات عندما وصلت شهرته للافاق في الاغاني التي سجلتها له شركة جقماقجي. ولعب دورا مهما رياديا في تطوير الفن الغنائي العراقي.
قال ابنه الكبير ستار عنه في لقاء صحفي ( كان الفنانون يزورون والدي وهم المطرب ناظم الغزالي وعباس جميل وهاشم الرجب ورضا علي وفي يوم من الايام جاءت المطربة زهور حسين الى بيتنا ولم تجد والدي وقلنا لها انه في مقهى منصور القريبة من بيتنا وذهبنا وجدت ابي يلعب الدومينو، وقال لها والدي:(عيني زهور شكو)، قالت له:( اريد تكتب لي اغنية جميلة) فكتب لها (خالة شكو شنو الخبر احجيلي، فدوة رحتلج ليش ما تكوليلي).
كان يتقاضى ثلاثة دنانير عن كل اغنية ثم اصبحت فيما بعد عشرة دنانير . اصبح والدي نائب رئيس جمعية الشعراء الشعبيين وعضو نقابة الفنانين العراقيين.
وقال: لم يكرم ابي ابد ولا عائلته ولم يزرنا اي فنان منذ 4 /10 /1976 وهو يوم وفاة والدي).
واخيراً لايسعنا الا ان نقول : رحم الله جبوري النجار الذي ترك وراءه ثروة فنية رائعة لم تنسها الاجيال على مر الازمان والعصور .
2 - ناظم نعيم
ناظم نعيم هو أحد عمالقة الفن العراقي ولد في 1/7/1925 في بغداد ، في عائلة فنية ، كان والده (نعيم سلمو) عازف كمان مقتدر عمل عازفاً ورئيساً في مختلف الفرق الموسيقية العراقية الرائدة، وكان عمّه (شاكر ) عازفاً للعود..بذلك نشأ ناظم نعيم منذ صغره في أجواء النغم كان فيها الوالد معلِّمه الأول.
عمل في دار الاذاعة العراقية كعازف للكمان عام 1943. ساهم وبشكل فاعل في تطوير فن اللحن البغدادي و كون مع الشاعر جبوري النجار والمطرب ناظم الغزالي و الموسيقار جميل بشير فرقة الموشحات باشراف الشيخ علي درويش و الموسيقار روحي الخماش.
و لولا ناظم نعيم لما تربع المطرب ناظم الغزالي بروائعه الفنية المتجددة على عرش الغناء ، حيث لحن له الغالبية العظمى من اغانيه. (اي شىء في العيد اهدي اليك ، يا أم العيون السود، أحبك ولا أريد أنساك، مروا عليّه الحلوين، سلمت الكلب بيدك، شرد اقدملك هدية، تصبح على خير، ريحة الورد ولون العنبر) وغيرها.
تزوج ناظم نعيم من المطربة نرجس شوقي وقدم لها بعض الالحان كما لحن لمطربات خمسينييات القرن الماضى، أحلام وهبي في اغنيات ( هاي من الله قسمتي ، عندي هدية للولف، الله الله من عيونك). و مائدة نزهت في اغانيها (الروح محتارة، عاشكين، يامسيرين البلم). و فؤاد سالم في (أعاتب والعتب سكتة)، وسعدي البياتي في (أنا بيدي جرحت ايدي). و عفيفة اسكندر في اغنيات (تعيش انت وتبقى ، هلك منعوك ، أدري بيك أدري). و نرجس شوقي في (عندي هدية للولف وردة)، و حضيري ابو عزيز في (ويل كلبي هالمصيبه شرد مني)، ونظيمة نسيم في (مو مني كل الصوج)، وانصاف منير في أغنيات (ليالي دجلة، أنا موبيدي، أهلي ما يرضون). و صلاح عبد الغفورفي أغنية ( حلوة يالبغدادية ) و غيرهم من عمالقة الفن الغنائي العراقي للقرن العشرين.
هذه الاغاني أدخلت البهجة إلى قلوب العراقيين بغض النظر عن طوائفهم وأعراقهم، إنها أعمال فنية خالدة من ألحان عملاق الفن العراقي الموسيقار الكبير ناظم نعيم الذي لا يزال و الحمد لله حي يرزق، يعيش مع زوجته وأولاده في مدينة فارمنتن هلز في ولاية ميشيغن الأمريكية منذ اثنتان و ثلاثون عاما حيث ارتحل إلى أميركا في عام 1982 ليستقر وعائلته في مشيغان، يمارس العزف بين الحين والآخر، بعيداً عن الأضواء، مستعيناً بالمطالعة والإستماع إلى الموسيقى، والحديث مع أصدقائه،
فتحية لهذا الصرح العراقي الكبير وامنياتنا له بالصحة والعمر المديد
3 - ناظم الغزالي
ناظم الغزالى (1921 – 1963) ولد في منطقة الحيدرخانة في بغداد يتيمًا، لأم فقيرة ضريرة تسكن في غرفة مع شقيقتها.و رغم ما كان يعانيه من ظروف قاسية و فقر مدقع تمكن من ان يكمل دراسته الابتدائية والمتوسطة، في مدرسة المأمونية. و بعد معاناة طويلة التحق بمعهد الفنون الجميلة قسم المسرح حيث تبناه فنان العراق الكبير رائد المسرح العراقي حقي الشبلي ، حين رأى فيه ممثلا واعدا يمتلك قدرات فنية عالية الا ان ظروفه المادية القاسية اجبرته على ترك الدراسة ليعمل مراقبا في مشروع الطحين بأمانة العاصمة
هذه الفترة، أكسبته طموحا غير محدود وعنادا وإصرارا على إكمال الطريق الذي اختاره رغم الصعاب التي واجهته، وجعلته يعود للمعهد يبذل قصارى جهده ليصعد سلم المجد.كان يمتاز عن زملائه بثقافته، تلك الثقافة التي ظهرت عام 1952عندما نشر سلسلة من المقالات في مجلة النديم تحت عنوان "أشهر المغنين العرب"، وظهرت أيضا في كتابه (طبقات العازفين و الموسيقيين من سنة 1900 - 1962) كما ميزه حفظه السريع وتقليده كل الأصوات والشخصيات، وجعلته طوال حياته حتى في أحلك الظروف لايتخلى عن بديهته الحاضرة ونكتته السريعة، وأناقته الملفتة للنظر
عاد ناظم الغزالي إلى معهد الفنون الجميلة لإكمال دراسته، ليأخذ حقي الشبلي بيده ثانية ويضمه إلى فرقة (الزبانية) ويشركه في مسرحية (مجنون ليلى) لأمير الشعراء أحمد شوقي في عام 1942، ولحَّن له فيها أول أغنية شدا بها صوته وسمعها جمهور عريض، أغنية "هلا هلا" التي دخل بها إلى الإذاعة، والتي حول على إثرها ناظم اتجاهه، تاركا التمثيل المسرحي ليتفرغ تماما للغناء،
تزوج الغزالي عام 1953 من الفنانة سليمة مراد التي كانت تكبره بعشرة سنوات وكانت رائدة المقام العراقي حيث تعلم الغزالي على يدها الكثير من المقامات، وكانا في كثير من الأحيان يقومان بإحياء حفلات مشتركة فتح آفاقاً واسعة لهما
يجمع جميع النقاد و المحللون و الفنانون على ان ناظم الغزالي نادر الشبه، وهو من أبرز الأمثلة لمغنٍّ يفرض غناءه وفنه وإمكانياته على عصره، وقد نفذ نتاجه الفني إلى جيل العقود التي عاشها في القرن العشرين والتي تلتها ولا يزال كذلك، محدثاً انعطافاً فنياً كبيراً في مسيرة الغناء
ومن اشهر أغانيه
أي شيء في العيد أهدي إليك يا ملاكي
أقول وقد ناحت بقربي حمامة
يا أم العيون السود ما جوزن أنا
فوق النخل فوق
خايف عليها ولهان بيها شامة ودكه بالحنك لو تنباع كنت اشتريها
أحبك وأحب الورد جوري
توفي الغزالي في أحدى فنادق بيروت صباح يوم الاربعاء المصادف 23 /10 / 1963وهو في عنفوان شبابه ووارى جثمانه الثرى في مقبرة الكرخ وترك وراءه ثروة فنية خالدة تفتخر بها الاجيال.
د.وريا عمر أمين
الاكاديمية الكردية
wariaamin@yahoo.com
هناك تعليقان (2):
أحسنت أيها الأستاذ الدكتور, الباحث الرصين, فالساحة الفنية, أو البحثية منها بالذات, تعاني الفراغ الكبير في مجال البحث المتخصص في الفن الموسيقي العراقي عموما, وفي تراثه وموروثاته تحديدا, فعبارة "من التراث" التي تتذيل غالبية الأعمال العراقية الخالدة, تعبر عن القصور الكبير الذي يعاني منه البحث في هذا المجال, سواء من ناحية الريادة والإنتساب, وتحديدا الشعر والتلحين, وكأنها جميعا كيتيمة الدهر, لا صاحب لها, وهذا جعل الفن العراقي مشاعا, ودون توثيق, حتى أصبحنا نسمع روائع الفن العراقي بأصوات الأشقاء, وكثيرا ما باتت تنسب لغير مبدعيها, بذريعة أن لا كاتب أو ملحن لها.
وها انتم تؤكدون أن القامة العراقية الكبرى ناظم نعيم هو حي يرزق, أطال الله في عمره, كما أن الشاعر العملاق جبوري النجار, قد توفى قبل فترة ليست بالطويلة, فلم هذا الجحود غير المعلل, وأين أدوار الكليات والأكاديميات الموسيقية العراقية, وهي بمثابة "كونسرفاترات" عليها تقع مهمة توثيق الفن الموسيقي, أسوة بالفنون الجميلة الأخرى كالفنون التشكيلية مثلا, التي نرفع القبعة للباحثين والأساتذة في مجالها.
وقد كان الراحل الباحث الأستاذ عادل الهاشمي يقوم ببعض الدور, ومن بعده ساد الصمت القاتل, والسؤال هنا, ماهي المواضيع التي يجري البحث فيها والتي تخلص الى العشرات أو المئات من رسائل الماجستير وأطروحات الدكتوراة, اليس توثيق الموسيقى العراقية بمستحق لبعض الإهتمام من مشاريع هذه الشهادات العلمية البحثية العليا...
فبورك فيكم ايها الأستاذ الباحث, ونتمنى أن نرى منكم بحوثا أكثر تفصيلا وعمقا, فهذه الفرشة التي عرضتها على عجالة, يجب أن تكون باكورة لبحوث لاحقة معمقة وموثقة... فكثير من المواضيع والمسائل البحثية تحتاج الى إجابات ودراسة وبحث, وعلى سبيل المثال لا الحصر, اللغط الكثير حول كلمات أغنية فوق النخل, التي يراد تجريدها من خصوصيتها العراقية المتمثلة برمز النخلة, وبالتالي يمكن أن تنسب لغير المبدع العراقي, وقد سمعت أن ملحنها هو الرائد الموسيقي العراقي عثمان الموصلي.. مما يتطلب البحث المعمق والتوثيق فيه.
وقد نشرفت بنشر مقال متواضع في هذه الجزئية, وأنا لست متخصا, لكني كتبت مرجعا مهما في مناهج البحث العلمي, وموضوع البحث هنا في النهاية يرجع الى ذات الحقل العلمي... كما لاحظت أن الكثير من المدونات ذات الصلة, لا علم لها بكاتب قصيدة “يا قامة الرشأ المهفهف” وهو الشاعر الكبير السيد جعفر الحلي الحسيني...وعليه فإن هذه الأسماء الكبيرة وغيرها, تستحق أن تكون مشاريع لدراسات وبحوث أكاديمية, ولمستويات علمية عليا...
بورك فيكم مرة أخرى وبجهدكم الخالد....
دهيثم الحلي الحسيني.. باحث في الدراسات الإستراتيجية ومتخصص في التراث العلمي.
وم
إرسال تعليق