عبدالملك نوري - عمق الرؤية وغنى المادة
موسى كريدي
منذ الخطوة الأولى ظل عبد الملك نوري بمدّ القصة القصيرة بدم ٍ جديد مقتربا ً كثيرا ً من دائرة الفن القصصي ولحظات الصدق. ومنذ ذلك الوقت يمكن القول ان القصة انتقلت على يديه من (الحسي) إلى(الرؤيؤي) ومن (الخطابي) إلى (الشعري) دون تخل ٍ عن احتمالات الواقع وموحياته.
كان يريد، جهد إمكانه، ان يتجاوز مواصفات (السرد) المعلن، و(الحوار) الجاهز، و (البناء) القصصي التقليدي إلى ما هو مطلق نحو خلق (ثيمات) جديدة يحتويها نمط أدبي من القصص قد يوهم بإغرابه وانحراف المخيلة.
لكن هذا لم يكن ليُرضي (طموح) عبد الملك نوري ونزعته الى (نمط) و (تجاوز) اكبر في إيجاد (نموذج) يختزل كل ّ المراحل التي سبقت تجربته ليكون مدخلا ً عميق الدلالة إلى أفق فن ٍ عال ٍفي (التكنيك) خارق، مدهش، بالضرورة لا يؤلف (إضافات) بل (فتوحات) في عالم القصة.
غير ان الرجل لم يخط بشيء من هذا (الطموح)
فاثر الانكفاء..
وانقطع إلى الحلم ..
ولم ينقطع الزمان، عن الجريان.
ان كاتبا ً في (عالم صغير) كعالمنا يستطيع ان يكون معاصرا ً دع ْ عنك شاهدا ً لعصره بيد انه غير مستطيع، وقف الزمن عند مفترق اذ ليس ثمة لعبة، او موهبة، فحسب، بل هناك تاريخ وتقاليد وأسئلة وقبل ذلك حرية مخيلة تستتبع، دون ريب، القدرة على (إيجاد) نمط متفرد من القص قد نتجاوزه (نحن) يوم نصير (نحن) في مناخ غير مدجن وتملك من حرية الخيال ما يمكننا من تفجير الكامن من (الطاقة).
لم يقف الزمان ولا يمكن إيقافه.
لكن عبد الملك نوري وقف عند مجموعتين قصصيتين (نشيد الأرض) و(ذيول الخريف) وبضع مسرحيات لم تنل ْ ما تستحقه من أضاءه. وعلى الرغم من ذلك كان نتاجه عموما ً يحتفظ بنكهته، وخصائصه، وان عمق رؤيته، وغنى مادته سيظلان خطين، يجعلاننا، نوقف طويلا ً لنقول مل ّ الفم: كان عبد الملك نوري إبّان خمسينات هذا القرن رائدا ً بحق لفن القصة القصيرة الجديدة في العراق وليس هذا بقليل.
****
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق