بحث هذه المدونة الإلكترونية

مرات مشاهدة الصفحة في الشهر الماضي

الاثنين، 25 أغسطس 2014

رؤساؤنا بين التخوت والتابوت-كاظم فنجان الحمامي

رؤساؤنا بين التخوت والتابوت


كاظم فنجان الحمامي

أما التخوت أو التابوت. هذا هو المبدأ الذي تمسك به الرؤساء العرب منذ القرن الماضي، والنهج الذي سار عليه الملوك والأمراء، فكان التسلط على رقاب الناس دينهم وديدنهم منذ العصر الأموي وحتى عصرنا الدموي.
التخوت: ومفردها (تخت)، هو الاسم العراقي الدارج لسدة الحكم، وهو الكرسي والأريكة والعرش والمنبر الخشبي المخصص للرئاسة والرياسة، فالتهافت على التخوت والتشبث بها حتى الرمق الأخير خصلة عربية متأصلة في نفوس حكامنا على مر العصور والدهور. لم يستثن التاريخ منها سوى الرئيس الراحل عبد الرحمن محمد عارف في العراق وعبد الرحمن سوار الذهب في السودان.
لقد وصل بعض الرؤساء إلى أرذل المراحل الذهنية والجسدية، وبلغوا من العمر عتيا، ففقدوا القدرة على النطق والمشي، بل فقدوا ذاكرتهم ووقعوا تحت رحمة أمراض العجز والشيخوخة، وتحولت قصورهم ومنتجعاتهم إلى صيدليات وردهات ومشافي صحية، لكنهم لم يفكروا بترك السلطة ولم يخطر ببالهم التنازل عنها لغيرهم.
سجل بعض الرؤساء العرب أرقاماً قياسية في الدكتاتورية بكل أبعادها الطغيانية والاستبدادية والتعنتية، وكانوا سبباً مباشراً في تردي أحوالنا وضياع مستقبلنا. فجلبوا لنا المصائب والويلات والنكبات، لكنهم لم يفكروا بالتنحي والتراجع، فكانت المقابر بانتظارهم، وكان الموت الطبيعي أو المدبر هو الخاتمة المتوقعة لهؤلاء، وكانت التوابيت هي الوسائط التي نقلتهم من القصور إلى القبور.
لا ريب أننا أكثر الشعوب تداولاً وتقديساً لمصطلحات (القائد الضرورة)، و(الزعيم الأوحد)، و(الرئيس الفذ)، و(الملك المفدى)، و(الأمير المُلهم). وما إلى ذلك من النعوت والألقاب، من مثل فخامته وجلالته وعظمته ومعاليه وسموه. في الوقت الذي تحررت فيه أقطار الأرض من قيود الدكتاتوريات البغيضة، وقفزت شعوبها نحو محطات الحرية والديمقراطية بألوانها الشفافة وتحولاتها المرنة، بينما قام رؤساؤنا بالالتفاف على الديمقراطية، فتنافسوا في الانتخابات مع أنفسهم وفازوا بنسبة 100%، وكأنهم ملائكة هبطوا علينا من فضاءات العفة والنزاهة والورع والتقوى، فالتصقوا بتخوت الحكم والتسلط، على الرغم من علمهم المسبق بحتمية الاستقرار في التوابيت التي تنتظرهم عندما تحين آجالهم وتخمد أنفاسهم حتى لو كانوا في بروج مشيدة.
نحن الآن في طليعة البلدان القابعة في كهوف الفساد والتخلف، وفي طليعة البلدان التي مزقتها خناجر الطائفية، وهشمتها عبواتها الناسفة، وتكاثرت فيها الميليشيات المسلحة، والخلايا الإرهابية، حتى ضاع الخيط والعصفور في متوالية التخوت والتابوت.

ليست هناك تعليقات: