الجمعة، 25 مارس 2016

كيتا باردول ... ترميم المكان-علي رشيد






كيتا باردول ... ترميم المكان


علي رشيد

أعادت أعمال الفنانة والمعمارية الهولندية كيتا باردول التركيبية الأخيرة تأثيث المكان من خلال تدوير إنتاج خامته ، وبنهج مبتكر وأليف . حيث تستعيد المفردة صياغتها البصرية ، وبمعالجات تتيح للمادة ( الخشب ) إلى توسيع دلالتها وهي تفهرس الفكرة ، بعد أن تتجرّد من عناصرها التزينية لتحرضنا على النظر إلى قياسات جديدة لمحيطنا وهو مشغولا ببوح تعبيريي معتمدا على حيادية المادة ، وعفوية الأداء .






مجموعة من أعمال نفذت بمادة الخشب ، وبعض المهملات لتشكّل كيانات تنصيبية تعتمد على حيّزها الفضائي ( الطبيعة ) دون أن تحجب سعته ، أو تربك بداءته . الفنانة باردول ترى أن الطبيعة أشبه بالنص . نص لايمكن العبث بأحباره ، أو كينونته . لكن يمكننا فنيا إعادة قراءته بمنطوق فني لايسيء إلى قيمة ، أو يشوه كيانه . بل سيشكل العمل الفني توازن يحفظ للطبيعة عفتها ، و يستجلي خصوصيتها .


 


شكّلت هذه التنصيبات شفرة تشير إلى ما يلامس حياة الكائن وعزلته ، وبالقدر نفسه رمّمت المكان من وحشته عبر تأملات بصرية تبوح لنا حضورا في المشهد الذي يختزل اليومي بمنظومة الاسئلة التي تحاصرنا . ربما كان الخراب ، واللايقين أكثرنا حضورا وهما يتلبسان روح المادة منسلخة من كيانها لتتحول إلى بقايا تشير إلى حضور تلاشى ، أوكما لو أنها أطلال هجرتها الحياة لتتآكل بغربتها .


 


تتوزع الأعمال بين أشكال عمودية بمظهر جياكوميتي يبدو تمثيلا لقلق الفرد وهشاشته ، وهاجسه الوجودي ، وبين كتل تتموضع بشكل متواتر في فضاء تكون الطبيعة حاضنة لها . كتل تبدو وكأنها هجرة للمكان ، أو أمتعة يتعذّر الإمساك بتفاصيلها أو جهتها .

تخرجت كيتا باردول"Gitta Pardoel" من جامعة دلفت للعمارة عام 1991، وحصلت على درجة الماجستير بالعمارة، وكذلك درست الفن في أكاديمية "أوترخت" في هولندا، وتحصلت على الماجستير بالفن والعمارة من جامعة ليستير في بريطانيا، وتلبرغ في هولندا. واشتغلت في العديد من المنشآت والمكاتب الهندسية، ونفذت العديد من الإنشاءات، مازجة تصاميمها الهندسية بقياس الفن ومخيلته. تمارس، حاليا، التدريس أستاذة لمادة الفن، والتصميم البيئي، والعمارة في أكاديمية الفنون في تلبرغ، وكذلك في الأكاديمية الملكية للفنون في لاهاي. شاركت في العديد من المعارض الفردية والمشتركة، وفي بلدان عدة منها إيطاليا، وهولندا ،قطر ، ألمانيا ، الأرجنتين، اسبانيا ، السويد، وغيرها من البلدان .



*علي رشيد شاعر وتشكيلي من مواليد 1957 كربلاء درس الفن في معهد الفنون الجميلة - بغداد و أكاديمية الفنون الملكية – لاهاي -;- حاصل على شهادة الماجستير من جامعة ليستر/ بريطانيا وغرناطة / أسبانيا . يعمل في النص والتشكيل على مشروعه الذي مارسه منذ بداية الثمانينيات والذي أسماه -;- تدوين الذاكرة .أقام العديد من المعارض في العديد من الدول العربية والأوربية منها العراق ، الجزائر، ليبيا ، فلندا ،الدنمارك ، النرويج ، بلجيكا ، وهولندا حيث يقيم أصدر الكتب التالية :أضحية رمزية لمعارك الله – كتاب تخطيطات الغياب – كتاب يدوي بنسخة واحدة لقصيدة مرسومة خرائط مدبوغة بالذعر – مجموعة شعرية ذاكرة الصهيل – مجموعة شعرية لديه العديد من المخطوطات المعدة للطبع

ليست هناك تعليقات: