الأعمال التركيبية (الانستاليشن) والملتيميديا فقط !
د.إحسان فتحي
ينظم متحف جوجينهايم الشهير في نيويورك معرضا للفن المعاصر في الشرق الأوسط خلال الفترة 29 نيسان- ابريل إلى 5 تشرين الأول- أكتوبر، تحت عنوان غريب هو" لكن العاصفة تهب من الجنة". والمسؤول (القيم – الكيوريتر) عن هذا المعرض هي ( سارة رضا ) المولودة في لندن 1979 والحاصلة على الماجستير في تاريخ الفن من جامعة لندن. ومن الواضح جدا بان هذه "القيمة" منحازة تماما لمجموعة من الفنانين الشباب، واغلبهم مقيم في دول غربية، الذين يتبنون ما يسمى بفن التركيب "الانستاليشن". ان قائمة المدعوين للمشاركة في هذا المعرض يبلغ عددهم 11 وكما يلي:
1- عباس اخفان 1977- إيران
2- قادر عطية 1970- جزائري فرنسي
3- ارجن جافوش أوغلو 1968- بلغاريا
4- ريم غني 1978- امريكية والدها هو الرئيس الأفغاني الحالي
5- ركني حائرزادة 1978- ايراني مقيم في دبي
6- سوزان حفونة 1965- مصرية مقيمة في ألمانيا
7- إيمان عيسى 1979- مصرية مقيمة في نيويورك
8- نادية كعبي 1978- تونسية روسية
9- محمد كاظم 1969- من الإمارات- دبي
10- احمد مطر 1979 – السعودية – جدة
11- ألاء يونس 1974 – الأردن
ليس هناك ما يمنع اختيار هؤلاء الفنانين الواعدين ولكنهم، مع تقديرنا الكامل لجهود الست سارة، لا يمثلون بأي حال من الأحوال " الفن المعاصر في الشرق الأوسط" لان هذا الاختيار المنحاز يمثل إجحافا كبيرا لعدد كبير من ابرز الفنانين في منطقتنا، وهم فنانون لهم تاريخ ومواقف فكرية مؤثرة لما جرى ويجري في هذه المنطقة. وتنحاز قائمة سارة إلى اتجاه فني واحد دون الاتجاهات الأخرى مما سيعطي انطباعا خاطئا ومختلا بالنسبة لزائري المعرض. وقد يكون هذا الاختيار مقصودا تماما من قبل إدارة هذا المتحف الذي يميل إلى الصرعات الشاذة وغير المألوفة حاله حال العدد الأكبر من المتاحف الغربية الآن. إن النسبة الأكبر من محاولات ما يسمى بفن التركيب لا تزال غير مقبولة او مستساغة عند اغلب الناس. وفي الواقع ان اغلب مثل هذه المحاولات تبعث على السخرية والسخط أحيانا. خذ على سبيل المثال "السرير الشخصي وأغراضه المبعثرة بعد فعل جنسي" للفنانة البريطانية القبرصية الجذور (تريسي أمين) والذي اشتراه شارلز ساعتشي (العراقي الأصل) بمبلغ 150 ألف باون في 1999 واعد غرفة خاصة له في بيته عرضه فيها، ثم بيع لاحقا بمبلغ مليوني ونصف باون إسترليني في مزاد كريستيز!
ولكن الحقيقة تقال بان مفهوم "الفن" تغير كثيرا وأصبحت الثقافة الغربية تستوعب أي محاولة مهما كانت عبثية أو نرجسية أو شاذة أو مستفزة أو إباحية، وبأي وسائل وأدوات ممكنة، تخطيطات،رسومات، ألوان،أفلام، مكائن، حطام، حبال،أحجار، طابوق، ملابس، معادن،أي شيء...الشرط هنا لبزوغ فنان ما هو" تبنيه" من قبل احد المقتنين الكبار أو الجالريات المؤثرة. لا يمكن لأي فنان، مهما كان متميزا ان يبرز إلى الساحة الفنية دون عملية "صناعة النجومية" . أصبح الفن بضاعة تجارية لها أسواق ومسوقين ومزادات عالمية معروفة...وظهر هناك فجأة فنانين شباب وأصبحوا نجوما "كبار" بين ليلة وضحاها. وفجأة أيضا ظهر هناك أجانب "خبراء" بالفن العربي أعمارهم في العشرينات! هم يختارون وهم يقررون الأسعار..يصعدون وينزلون.. ولا يميزون أحيانا حتى بين العمل الأصلي والمزيف. انه حقا وضع مزري يبعث على الشفقة.
* أستاذ العمارة وعضو الرابطة الدولية لنقاد الفن [الايكا]
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق