الأربعاء، 31 أكتوبر 2012

شعب لا يحب التنظيم والنظم-كاظم فنجان الحمامي

شعب لا يحب التنظيم والنظم جريدة المستقبل العراقي كاظم فنجان الحمامي اغلب الظن إننا من أكثر شعوب كوكب الأرض امتعاضا من لفظة (نظام), ومن أكثر الناس بغضا لكل ما ينتمي إلى التنظيم ويرتبط بالنظام, ننفث حقدنا على كل الأنظمة, نواصل شن غاراتنا الكاسحة عليها, نقلب الدنيا ونقعدها تحت مبرر النيل من النظام, لا نميز بين ما يضر وبين ما ينفع, أسئنا التعامل مع مفهوم (النظام), وأمعن رجال الدولة وأبواقهم الإعلامية منذ خمسينيات القرن الماضي في تشويه صورة هذه الكلمة, حتى أفرغوها من محتواها اللغوي والفكري والتطبيقي واللساني, وانتهت صلاحيتها منذ عقود, وسقطت من قاموسنا اليومي المتداول, وصارت في نظرنا (اكسباير). نكره لفظة (النظام) منذ طفولتنا, لأنها ارتبطت في أذهاننا بكل ما هو مشين ومعيب ومخجل ومزعج ومخيف وفاشل ومقرف, هذا يحذرنا من الأنظمة الرجعية ومؤامراتها, ويوصينا بنبذ النظام الشمولي, وآخر يشرح لنا مساوئ النظام الرأسمالي, ويبين لنا عيوب النظام الاشتراكي, مجاميع من أنصار النظام السائد يتظاهرون ضد أتباع النظام البائد, وفي كل مرحلة من مراحل الحياة المتجددة هناك سائد وبائد, فكل من عليها فان, ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام. . ينتقدون نظام توزيع الطاقة الكهربائية, يعترضون على نظام البطاقة التموينية, ينزعجون من نظام التدرج الوظيفي ونظام الإحالة إلى التقاعد, هذا يتهجم على نظام الدولة الفلانية ويقول إنها إرهابية, وذلك يسخر من فساد نظام الدولة الفلتانية, صحف تنتقد القائمين على نظام الانتخابات وتتهمهم بالتزوير, وفضائيات تشرح سوء نظام الري وتنعته بالتقصير, هذا نظام فاشي, وذلك نظام نازي, ونظام متخلف, ونظام جائر, ونظام مستعمر, ونظام متكبر, ونظام قمعي, ومتجبر, والنظام المستبد, والنظام القهري, والنظام التعسفي, وهكذا استهلكنا هذه المفردة في التعبير عن المواقف المعادية للإنسانية, فاشمأززنا منها, ونبذناها ورجمناها. ولم نعد نذكرها إلا عند الإشارة إلى الأوضاع السلطوية السيئة, وغاب عن أذهاننا إن النظام هو العمود الفقري للدولة, إن استقام نظامها استقامت, وإن انكسر نظامها انكسرت وزالت, ونسينا أن الله جلت قدرته, خلق هذا النظام الكوني العملاق, بآفاقه الواسعة, وأنواعه الكثيرة، وأقسامه المتعددة، وحركته الدائبة, وحوادثه المتكررة, وسخر له أدق الأنظمة, ومنها النظام الشمسي, الذي ينتمي إليه كوكبنا, ولجسم الإنسان آلاف الأنظمة البالغة الدقة, منها نظام التنفس ونظام الهضم والنظام العصبي, وللمحيطات أنظمتها, وفيها نظام المد والجزر, والنباتات لها نظام التمثيل النباتي, والحياة تسير وفق نظام في غاية الدقة والإعجاز, فالدنيا برمتها قائمة على نظام معلوم وتوقيت مفهوم, اما نحن فمازلنا نمقت التنظيم والأنظمة, ونميل إلى الفوضى والعبث, حتى برعنا بارتكاب الحماقات المتكررة. يمثل النظام في الكون والحياة ضرورة لا يمكن أن تستقيم الحياة بدونها, وما نراه من تطور ورقي في العالم المتقدم, ما هو إلا نتاج للأنظمة والقوانين والسنن والشرائع والأعراف الإنسانية السائدة لديها, وبما يخدم مصلحتها ومصلحة شعوبها, من خلال الإصرار على تطبيق تلك الأنظمة, وتوفير الحماية لها, وصيانتها من العبث, وبالتالي ضمان هيبة الدولة وعزتها ورفعتها, فنظام الدولة هو روحها ومنهجها وهدفها النهائي, ويفترض بالنظام أن يحمي الإنسان ويخدمه ويضمن له سعادته ومستقبله, ويصون حقوقه, ويذود عنه. في اليابان (مثلا) يعزى تفوق الدولة إلى قوة نظامها, الذي رفعته إلى منزلة مقدسة, ومنحته ثقتها المطلقة, هم يحترمون النظام ويقدسونه, ونحن نحتقره ونمقته, ونصب جام غضبنا على من يسعى لتطبيقه, هم يخططون وينظمون, ونحن نتخبط ونتنطط ونخيط ونخربط, هم يتقدمون ونحن نتراجع, هم الأمة التي قهرت الظلام, ونحن الأمة التي قهرت النظام. . نقطة نظام النظام الديمقراطي العربي: نظام من أنظمة الحكم يبيح لنا الاعتراض على سياسة الحكومة, ويبيح لها تجاهل اعتراضنا. . . . --

ليست هناك تعليقات: