فن الواقع
بين الماهية والوجود
(ليست الفلسفة خارجة عن العالم, كما ان الدماغ-وان لم يكن في المعدة-ليس خارجا عن الانسان)
كارل ماركس
ان الواقع يشير الى محاولات كثيرة على مر تاريخ الفلسفة للإجابة على سؤال أبدي –أيهما أسبق الماهية أم الوجود....؟-والذي صاحب الانسان منذ فجر وعيه مدفوعا برغبة دفينة لتقصي حقيقة وجوده, ولا يؤاخذ الانسان في ذلك لأنه يمارس حريته الكاملة من ناحية ابداعية ,وله ان يمنحها من الظلال ما يهدف الى استكمال وجوده ,وفي ظل هذا الجدل يمكن القول ان من الصعوبة تحديد ايهما المتقدم, من دون الانغماس في الذات ,بالرغم من سلبيتها احيانا, اذا اخذنا بالاعتبار ان الغالبية من الحضارات البدائية كانت تبحث عن اله ,وهي لا تعرف بوجوده, ونجدها مهتمة بمصيرها اكثر من اهتمامها بالتنشئة و تصل الزوبعة الى ذروتها, حين يأتي دور الميثولوجيا في تقييم الوضع لتجد حلا وسطا بين تاريخية النشأة(الكوزمولوجيا)وواقعية المصير(اسكاتولوجبا)باعتبارهما مسلمتان غير خاضعتين لاعتبارات زمنية, ولا يمكن البرهان عليهما ,وهما بالتالي ترجمة تدار من قبل العقل المسيطر لتلك المجموعة الاثنية ,وهو الذي يمسك بالمبادرة وله القول الفصل في الجدل ,معطلا اي فرصة للتقدم, وبذا تبقى هذه المجتمعات التي تحكمها الاسطورة راكدة لأنها لا تعمل باليات الفكر النقدي الحر, وهي تضمر العداء والشك لكل جديد وبالتالي تنثر بذور الشك حول العقل في كل امكانياته الابداعية. على اننا اذا اتخذنا البعد المناسب من كل الطروحات والاكتشافات التمهيدية لعصر الانسان الواعي لمحيطه, تبين لنا انها تحمل جميعا وبنسب مختلفة جدلية ازلية ما بين الوجود والماهية, ونجد الكثير منها ما هو منسوب الى العقيدة التي ادخلها البعض على وثائق سابقة واصبحت مسلمات في اطار لاهوتي, وهنا يكون الاهتمام بالنتائج ,لا على الاطار التاريخي الذي جرت بموجبه الحوادث ,والنتيجة تكون القراءة منقوصة ويصبح كل عمل جدي يصبو الى اعادة الاحداث الى نصابها بمثابة اغراء بالارتداد(المعتزلة.........الى احمد القبانجي). يعرفنا المفهوم الاول ,ان الماهية رغم ارتباطها بالوجود لكن لها اسبقية كيانية كونها خلاصة المشيئة الالاهية أو المثال, وهي مصاحبة للقديم, أما المفهوم الثاني اي الوجودية فهي مرتبطة بالموجود بما هو موجود رغم ان للوجود ماهية, وفي ظل هكذا جدل يصعب استخلاص الاجابة التي تشكل صميم الكتابة, وفي ضوء نشاط العصر وخضم المواجهات ندرك ان الحس العقلي لدى الاسلاف كان في بدايته كونهم لم يعلنوا اي تجديد للتاريخ القديم في ظل اضطراب كوني ولم تكن تعنيهم النظرة الشمولية للعالم و هو البعد الاساسي للكون. ان ادوات المعرفة متاحة للعقل وان التجربة الانسانية لا يمكن تفريقها الى ذات وموضوع ,بل تكون وعيا مندمجا تختلط فيها المشاعر وتتداعى من خلالها الحواجز, اي ان هناك حالة من الوجود يندمج فيه الوعي بالواقع, ينشا عنه ذات خلاقة مفعمة بالحرية, وهذا ما طرحته المادية التاريخية الديالكتيكية اذ ليس الوجود ساكن, بل وجودا ديناميكيا يتيح الاساس لكل وجود ,ويضفي الوحدة على الكون, وهو ايجابي دوما ويضيء التطورات التي تنبثق من الاشياء, ليس منفصلا عن واقعه الكلي ولكنه يختلف تبعا لأنشطته الفاعلة, وإزاء هذه الخلفية نجد ان الدين كان هدفه مساعدة الانسان في الارتفاع عن القيود التي تفرضها عليه الطبيعة في ظل وعيه و ضمن اطار زماني محدد, إلا ان هذا الادراك اصبح ممكنا من خلال النشاط العلمي والابداعي ,وهو ادراك للوجود ومعرفة, وهذا ما لاتتيحه الميتافيزيقيا, حيث ستؤدي الى انغماس مكثف يستغرق العمر كله في البحث عن وظيفة للروح, وعندها تنشا المعاناة اذ ترتبط العوامل الموضوعية بمثال منفصل بحكم تشكله ,,وقد تتعرض هويته للتهديد من خلال التغيرات التي تتحكم في العالم. ان الجدل الذي افترضه هنا خاص بالمذاهب الفلسفية المتباينة ويطبق مبادئ المنطق والتفكير العقلاني, من جانب ومن جانب آخر هو ادراك وممارسة اللاتشبث ,لان وظيفة الفلسفة هي ان تفضي بالمرء الى الادراك ويتجاوز بها النظرة احادية الجانب, وهي عملية استبصار يتم فهمه بشكل صحيح ,ويتم استخدامه بحكمة, والاستدلال والاستنتاج هو ما يميز النظريات العلمية والفلسفية, غير ان محاولة اظهار الحقيقة بالاعتماد على مفاهيم تناقض الضرورة المنطقية ولا تسخر العقلانية لكل حلقات الاتصال والارتباطات المفترضة للواقع, وذلك باعتبارها ذات شمولية كونية تحيط بما كان وسيكون رغم تشبثها بالحكمة الاولى المنقرضة ,إذ أنها تفتقر الى الحجج والبراهين, وان وجهة نظرها موضع تمحيص ,وكثيرا ما تنطلق مثل هذه الدعوات عندما يكون هناك تردي اخلاقي واسع النطاق, تتظاهر بإصلاح الحال, وتتجه الى قدرة مطلقة تنظم كلا من الطبيعة والبشر ,وعندما تحين محاولة اظهار الحقيقة اعتمادا على مفاهيمها لا يمكن الدفاع عنها لأنها اقل ايضاحا واكثر مراوغة. الا ان الانسان حينما ينظر الى طبيعته الانسانية, وأنى يكون اسمى من الانسانية مصدرا للمبادئ, و يبحث من خلال وجدانه النقي عن اعراف الحياة هي التي ستتيح له السعادة والخير.
(ليست الفلسفة خارجة عن العالم, كما ان الدماغ-وان لم يكن في المعدة-ليس خارجا عن الانسان)
كارل ماركس
ان الواقع يشير الى محاولات كثيرة على مر تاريخ الفلسفة للإجابة على سؤال أبدي –أيهما أسبق الماهية أم الوجود....؟-والذي صاحب الانسان منذ فجر وعيه مدفوعا برغبة دفينة لتقصي حقيقة وجوده, ولا يؤاخذ الانسان في ذلك لأنه يمارس حريته الكاملة من ناحية ابداعية ,وله ان يمنحها من الظلال ما يهدف الى استكمال وجوده ,وفي ظل هذا الجدل يمكن القول ان من الصعوبة تحديد ايهما المتقدم, من دون الانغماس في الذات ,بالرغم من سلبيتها احيانا, اذا اخذنا بالاعتبار ان الغالبية من الحضارات البدائية كانت تبحث عن اله ,وهي لا تعرف بوجوده, ونجدها مهتمة بمصيرها اكثر من اهتمامها بالتنشئة و تصل الزوبعة الى ذروتها, حين يأتي دور الميثولوجيا في تقييم الوضع لتجد حلا وسطا بين تاريخية النشأة(الكوزمولوجيا)وواقعية المصير(اسكاتولوجبا)باعتبارهما مسلمتان غير خاضعتين لاعتبارات زمنية, ولا يمكن البرهان عليهما ,وهما بالتالي ترجمة تدار من قبل العقل المسيطر لتلك المجموعة الاثنية ,وهو الذي يمسك بالمبادرة وله القول الفصل في الجدل ,معطلا اي فرصة للتقدم, وبذا تبقى هذه المجتمعات التي تحكمها الاسطورة راكدة لأنها لا تعمل باليات الفكر النقدي الحر, وهي تضمر العداء والشك لكل جديد وبالتالي تنثر بذور الشك حول العقل في كل امكانياته الابداعية. على اننا اذا اتخذنا البعد المناسب من كل الطروحات والاكتشافات التمهيدية لعصر الانسان الواعي لمحيطه, تبين لنا انها تحمل جميعا وبنسب مختلفة جدلية ازلية ما بين الوجود والماهية, ونجد الكثير منها ما هو منسوب الى العقيدة التي ادخلها البعض على وثائق سابقة واصبحت مسلمات في اطار لاهوتي, وهنا يكون الاهتمام بالنتائج ,لا على الاطار التاريخي الذي جرت بموجبه الحوادث ,والنتيجة تكون القراءة منقوصة ويصبح كل عمل جدي يصبو الى اعادة الاحداث الى نصابها بمثابة اغراء بالارتداد(المعتزلة.........الى احمد القبانجي). يعرفنا المفهوم الاول ,ان الماهية رغم ارتباطها بالوجود لكن لها اسبقية كيانية كونها خلاصة المشيئة الالاهية أو المثال, وهي مصاحبة للقديم, أما المفهوم الثاني اي الوجودية فهي مرتبطة بالموجود بما هو موجود رغم ان للوجود ماهية, وفي ظل هكذا جدل يصعب استخلاص الاجابة التي تشكل صميم الكتابة, وفي ضوء نشاط العصر وخضم المواجهات ندرك ان الحس العقلي لدى الاسلاف كان في بدايته كونهم لم يعلنوا اي تجديد للتاريخ القديم في ظل اضطراب كوني ولم تكن تعنيهم النظرة الشمولية للعالم و هو البعد الاساسي للكون. ان ادوات المعرفة متاحة للعقل وان التجربة الانسانية لا يمكن تفريقها الى ذات وموضوع ,بل تكون وعيا مندمجا تختلط فيها المشاعر وتتداعى من خلالها الحواجز, اي ان هناك حالة من الوجود يندمج فيه الوعي بالواقع, ينشا عنه ذات خلاقة مفعمة بالحرية, وهذا ما طرحته المادية التاريخية الديالكتيكية اذ ليس الوجود ساكن, بل وجودا ديناميكيا يتيح الاساس لكل وجود ,ويضفي الوحدة على الكون, وهو ايجابي دوما ويضيء التطورات التي تنبثق من الاشياء, ليس منفصلا عن واقعه الكلي ولكنه يختلف تبعا لأنشطته الفاعلة, وإزاء هذه الخلفية نجد ان الدين كان هدفه مساعدة الانسان في الارتفاع عن القيود التي تفرضها عليه الطبيعة في ظل وعيه و ضمن اطار زماني محدد, إلا ان هذا الادراك اصبح ممكنا من خلال النشاط العلمي والابداعي ,وهو ادراك للوجود ومعرفة, وهذا ما لاتتيحه الميتافيزيقيا, حيث ستؤدي الى انغماس مكثف يستغرق العمر كله في البحث عن وظيفة للروح, وعندها تنشا المعاناة اذ ترتبط العوامل الموضوعية بمثال منفصل بحكم تشكله ,,وقد تتعرض هويته للتهديد من خلال التغيرات التي تتحكم في العالم. ان الجدل الذي افترضه هنا خاص بالمذاهب الفلسفية المتباينة ويطبق مبادئ المنطق والتفكير العقلاني, من جانب ومن جانب آخر هو ادراك وممارسة اللاتشبث ,لان وظيفة الفلسفة هي ان تفضي بالمرء الى الادراك ويتجاوز بها النظرة احادية الجانب, وهي عملية استبصار يتم فهمه بشكل صحيح ,ويتم استخدامه بحكمة, والاستدلال والاستنتاج هو ما يميز النظريات العلمية والفلسفية, غير ان محاولة اظهار الحقيقة بالاعتماد على مفاهيم تناقض الضرورة المنطقية ولا تسخر العقلانية لكل حلقات الاتصال والارتباطات المفترضة للواقع, وذلك باعتبارها ذات شمولية كونية تحيط بما كان وسيكون رغم تشبثها بالحكمة الاولى المنقرضة ,إذ أنها تفتقر الى الحجج والبراهين, وان وجهة نظرها موضع تمحيص ,وكثيرا ما تنطلق مثل هذه الدعوات عندما يكون هناك تردي اخلاقي واسع النطاق, تتظاهر بإصلاح الحال, وتتجه الى قدرة مطلقة تنظم كلا من الطبيعة والبشر ,وعندما تحين محاولة اظهار الحقيقة اعتمادا على مفاهيمها لا يمكن الدفاع عنها لأنها اقل ايضاحا واكثر مراوغة. الا ان الانسان حينما ينظر الى طبيعته الانسانية, وأنى يكون اسمى من الانسانية مصدرا للمبادئ, و يبحث من خلال وجدانه النقي عن اعراف الحياة هي التي ستتيح له السعادة والخير.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق