بحث هذه المدونة الإلكترونية

مرات مشاهدة الصفحة في الشهر الماضي

الجمعة، 22 يوليو 2011

لا ننام والسلام -كاظم فنجان الحمامي

لا ننام والسلام


جريدة المستقبل العراقية في 20/7/2011

كاظم فنجان الحمامي

لسنا ممن يرون في النوم مضيعة للوقت, مثل العبقري الكبير (ليوناردو دافنشي), الذي كان يكتفي بالنوم عشرين دقيقة كل أربع ساعات, ولا مثل (نابليون بونابرت), الذي كان ينام أربع ساعات في اليوم وحسب, ولا من الذين يسهرون الليالي طلبا للمعالي, فنحن لا ننام والسلام.
ولسنا من الأقوام المستقرة, التي ترى في النوم محطة ليلية للاسترخاء, وفرصة لاستعادة طاقات البطاريات الحيوية في أجسامهم المتعبة, وإعادة شحنها معنوياً وبدنياً, كي يستيقظوا في الصباح الجميل, ويسعوا في مناكبها بعضلات قوية, وأرواح مفعمة بالنشاط, فنحن لا ننام والسلام.

ولسنا من أبناء مدينة (سالونيكا) اليونانية, المدينة التي لا تعرف النوم. ولا من أبناء (هونغ كونغ) الساهرة على أضواء القناديل, ولا من المدن الصاخبة التي لا ترقد بالليل, ولا تهدأ بالنهار كطوكيو, وبيروت, وباريس, والقاهرة, فنحن لا ننام والسلام.
ولسنا من النماذج البشرية الرقيقة, التي تخشى الكوابيس, وتنزعج من الأحلام المرعبة, ولا من الأقوام التي تخاف من العفاريت والجن, ولا من الأقوام التي يقلقها الأرق, فنحن لا ننام والسلام.
ولسنا من الجماعات التي تهوى السهر على ضوء القمر, ولا من رواد الملاهي الليلية, الذين ينامون النهار ويستيقظون حتى الصباح في الليالي الملاح, فنحن لا ننام والسلام.
ولسنا من الذين غادر الكرى جفونهم حزنا وكمدا على فراق الأحبة, فنحن نعيش خارج التغطية, غرباء في أوطاننا, تعساء في ديارنا منذ زمن بعيد, ونرزح خلف قضبان سجن كبير, ولا ننام بسلام.
ولسنا ممن يحرسون بيوتهم وممتلكاتهم في الليل, تحسبا لهجمات اللصوص والغزاة والحرامية, فنحن لا نملك من حطام الدنيا شيئا, ولصوصنا يسرقون في النهار, لكننا لا ننام والسلام.

ولسنا هنا بصدد الحديث عن رواية جديدة مكملة لرواية إحسان عبد القدوس (لا أنام), لكننا أردنا التلميح عن بعض فصول مأساتنا النابعة من واقعنا المر المعاش, بعد أن طار النعاس من عيوننا, وصرنا لا نعرف النوم بالليل ولا بالنهار, ولا ننام مثل بقية الكائنات من الجن والإنس في أقطار السماوات والأرض, ربما لأنهم يتفوقون علينا حضارياً في المعايير الكهربائية والأمبيرية والفولتية, وعندهم فائض كبير في الميغاواطات, فلا تتعجبوا ولا تندهشوا, فنحن لا نهجع ولا ننام, وانقطعت علاقتنا بالسرير والفراش, ونسينا شكل المخدة, وصارت عندنا مناعة ضد أقراص الفاليوم. .
أما إذا أردتم أن تعرفوا لماذا لا ننام ؟؟.

ليست هناك تعليقات: