الخميس، 12 مايو 2011
سعدي الحلي نكات وطرائف -بقلم: محمد علي محيي الدين
سعدي الحلي نكات وطرائف
بقلم: محمد علي محيي الدين
ولد الفنان الشعبي المعروف سعدي الحلي في مدينة الحلة كما ذكر قريبه الأستاذ رحيم الحلي في عكد الكرعين في محلة المهدية عام 1930 في ظروف عائلية قاسية حيث توفيت والدته وهو في سنواته الأولى تركته لدنياه الصعبة مع أخيه هاشم الذي يكبره بسنتين تزوج والده من امرأة بغدادية اسمها هندية التي اشترطت أن يكون أعزب ، وترك ولدّيه عند أقرباءه ، ولقرابته بأسرتي فهو ابن عم والدتي ، فقد عاش سنوات عديدة في بيتنا وعاش مع والدي حيث كانا في عمر متقارب وكان شقيقاً لوالدي في الرضاعة ، وفي سنوات صباه بدء الغناء ، وراح يغني أثناء عمله في صناعة الأسرة والأقفاص من جرائد النخيل ، في محل يطل على نهر الحلة في حي الجامعين ، وانتبه الى جمال صوته كل الذين استمعوا إليه ، وصار يغني في الأفراح والمناسبات ، انتبه إليه الشاعر محمد علي القصاب الذي أخذ بيديه وعلمه فن الأداء والأطوار وكتب له المواويل وأعطاه أغانيه الأولى ، وسجل أشرطته الأولى في تسجيلات أبو عامر في الحلة وكان شريط يخمري شريطه الأول ، وقد اختط له طوراً خاصا سمي الطور الملائي .
في أواخر الستينات سجل أغنيته الأولى في الإذاعة بعنوان أريدك دوم تدلل كلمات الشاعر محمد علي القصاب وهي استنساخ لحني من أغنية صباح فخري قدك المياس يا عمري، ثم أغنية يمتة الكاك ، أما الأغنية التي أطلقته الى عالم الشهرة كانت أغنية ليلة ويوم كلمات الشاعر كاظم الرويعي .
أما أخيه هاشم الذي كان يمتلك بدوره صوتاً شجياً حاول أن يتقدم الى برنامج ركن الهواة تقديم الراحل كمال عاكف ولكن لم يقدر أن يخطف أضواء الشهرة حيث غطت شهرة أخيه على إمكانية ظهوره ، ولم ينتبه أحدا الى جمال صوته فبقي مغموراً يغني وهو يدفع عربة الدهين في الحلة ، إضافة الى إن سعدي لم يساعده في توجهاته الفنية فقد كان يخشى من تطور قدرته الغنائية وشهرته ،وفي أواخر أيامه رأيته مريضا يمشي على عكازات ،
عرف عن الفنان الشعبي نكات كثيرة معظمها يدور في فلك خاص والكثير منها مما لا يكتب وإنما تداوله الناس في سمرهم وأوقات لهوهم ،وأغلب هذه النكات مما صاغته الذائقة الشعبية ولا مكان لها من الحقيقة ولكنها تعكس جانبا اجتماعيا يتحاشى الخوض فيه الكثيرون،وقد أحببت أن أدون نكاته السياسية التي تعبر عن مرحلة عاشها العراق،وهذه النكات رغم ما فيها تعبر خير تعبير عن روح السخرية الشعبية وكيفية استغلالها في المواجهة مع الظالمين ولعلها تنحوا في أهدافها الى ما تنحوا إليه النكات المأثورة عن قراقوش التي كانت بمثابة معارضة سياسية لحاكم ذاق منه الناس الأمرين،وهناك الكثير مما تجنبت إيراده لأنه من النوع المكشوف الذي يخدش الأسماع وتمجه الأذواق ولكنه في مجمله تعبير عن رفض لواقع مر عاشه العراقيون ويعبر بشكل أو آخر عن واقعية شعبية يحاول الكثيرون الابتعاد عنها غم أنها تشكل ظاهرة كبيرة لها أثرها في المجتمع العراقي،وكان الأولى تدوينها وتسجيلها والحفاظ عليها كما هو حال المؤرخين الذين سجلوا الكثير من الأخبار والحكايات التي تمثل هذا الجانب من حياة الناس وارى إن الواقعية تحتم جمع هذا التراث الضخم وتدوينه لأنه يمثل جزءا من واقع لا يمكن إنكاره أو تجاوزه لدارسي المجتمعات في حقبها التاريخية المختلفة.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق