[ غروب ] لم تكن قد تعودت صناعة أشياء ذات قيمة.. إنها في الأربعين، ولم يشغلها الزمن، أو انها امرأة عاقر..ولم يكن ليخطر ببالها هذه الإشارات،الاوهي تتأمل أشعة الشمس من وراء زجاج النافذة، كانت الأشياء كلها مرتبة ونظيفة، لكن فكرة ما، راحت تتبلور لديها..كانت الساعة الثامنة صباحا، وهي في اجازة اعتيادية، وقد تناولت فطورها،وجلست في لحظة تامل لاتعرف نتائجها . لقد مات زوجها منذ عام تاركا لها ثروة وذكريات، لم تعد تشغلها.. بل لااحد شاهدها متذمرة وعندما كانوا يطلبون الزواج منها كانت تقول ان المرأة لاتتزوج اكثرمن مرة، وعندما كانوا يذكرونها بمواهبها القديمة كانت تجيد حسن التخلص بابتسامة موجزة وبكلمات إعتذار شفافة. في تلك اللحظة الصباحية، وعند اقتراب فصل البرد، شعرت بألم في صدرها.. لم تحدده، بل حتى انها لم تراجع طبيبها منذ رحيل زوجها، على الرغم من تكرر الثقل في قلبها، وهو احساس لم تعلن عنه لاخشية اتهامها بالوسواس، بل لأنها كانت تتجاوز تلك الحالة، فتشغل نفسها بأدق تفاصيل البيت،الذي كانت تعيش فيه شبه وحيدة..فالعلاقات الاجتماعية عندها شبه معدومة،كما إنها لم تعد تحتمل الدخول في حوارات، إلاانها لم تكن إنطوائية فالابتسامة المختزلة الشفافة لم تغادرها، وقيل إنها تغيرت بعد رحيل زوجها، لكنها لم تفقد آمالها غير المعلنة،وهي آمال لاهي، ولاسواها، يعرف شيئا عنها،إنها ضرب من الإغراء الداخلي بمواصلة الحياة، فهي لاتظهر عواطفها، أو تشكو، أو تتذمر،إنها، ولم تعلن ذلك لأحد، كانت لا تريد أن تشغل نفسها بصناعة أشياء ذات قيمة، لكن وهي تتنفس هواء الصباح، وتتأمل أشعة الشمس فوق الاشياء، كادت تعترف بأن نهاية حياتها قد أقتربت،لكنها لم تنبس بكلمة، وطردت شبح انها قد تكون مريضة، بأي مرض يثير الشبهات أو الأقاويل،وطردت من ذهنها أية أفكار حول الموت والحياة..كما لم تسمح لذاتها بالحديث عن أصوات داخلية، أو نوايا عدوانية من قبل الاخرين، كما لم تشعر بالاثم لاي عمل قامت به ، فقط كانت تحدق في أشعة الشمس حتى تلاشت معها وأختفت. [ مرآة ] قبل نصف قرن كانت المرآة التي يحدق فيها كبيرة ، وكان كلما تقدم فيه العمر، تميل المرآة الى التقلص، وهاهو، في صباح يوم بارد، جلس يحدق في مرآة صغيرة جدا، لم يكن يرى فيها شيئا. [ ظلال ] بينما كانا يتبادلان كلمات الاطراء أو الحب ، أمام نهر المدينة الكبير، كان كل منهما يردد في أعماقه.. لايكفي هذا.. وعندما حدق كل منهما في محيا الآخر، أدركا للحظة استحالة الكلام إلا أنهما كانا لا يحتملان الصمت. قالت: انت منقذي الوحيد.. ولن أبحث عن كائن آخر، قالت ذلك، وهي تعرف خفايا أعماقها، إنها لا تستطيع ان تعيش بعيداً عنه. قال: لا أختلف معك في شيء .. أنت نجمتي الوحيدة. وهو يعلم ، قال في نفسه، أنه من العبث البحث عن أمرأة أخرى . كانا في الخمسين أعزب وأرملة ، لكنها قالت: -انك مازالت تحب تلك الفتاة… -قبل ثلاثين سنة.. ودار بخلده انها الغيرة، فهي مازالت تحب زوجها وتردد أسمه، وهو أيضا مازال يتذكر، فتاته الوحيدة التي اختارت مكانها الخفي في ذاكرته… وبينما كانا يتكلمان في أشياء تنقذ الموقف من نهايته، سألت نفسها: ماذا لو عاد زوجي الى الحياة ، وجلس أمامي هنا ، أمام هذا النهر، حيث كنا نجلس، نراقب الأشجار وأشعة الشمس والعشاق .. ماذا لو عاد زوجي الآن؟ وسأل نفسه، بالصوت المكتوم نفسه: لو أنها معي، تلك الفتاة اليافعة ، تحدق في زرقة السماء، يوم كنا نجلس معا ونفكر في مستقبلنا.. إنها اختفت.. وشاركت حياتي أمرأة ثانية .. ليست بديلة .. لكني لا أستطيع أن أعيش بعيداً عنها. كان كل منهما يحدس ماكان يدور في أعماق الآخر .. الا ان القصة لابد ان تستمر ..وكانا يتأملان أمواج النهر .. همس فجأة : هذه هي قصة معظم البشر .. أجاب : واأسفاه . و عادا يحدقان في امواج النهر، ثمة صيادون في الضفاف البعيدة، وأشجار النخيل تترك ظلالها فوق الماء. كانت أشعة الشمس الذهبية تترك بريقاً رقيقاً شفافاً فوق أعالي الأشجار، وكان يجلس من حولهم مجموعة من العشاق الفتيان. حدقت في عينيه، بتوقد، وكانت تطلب منه مغادرة المكان ، كذلك حدق في عينيها ، دون أن يضعها بديلا لفتاته، ومضى معها بصمت . [وكان يتكلم] كان يتكلم .. لايعرف مع من .. ولا يريد أن يعرف مع من .. كان يتكلم بحرارة ، بتدفق، بدقة ، ولم يفق إلا بعد أن سمع من يقول له: -مع من تتكلم ؟ لم يكن يتكلم مع نفسه أو معها أو مع شخص محدد .. كان يتكلم مثلما فعل لسنوات طويلة ؟ قالت هامسة: -إنك تكلمت الى نساء كثيرات .. والى أصدقاء .. والى .. تكلمت وتكلمت .. كان يبكي ، لكنه رفع صوته: -لم أكن أنا الذي كان يتكلم .. -بل أنت .. يا لك من رجل صادق .. شفاف .. -لأنني أتكلم .. وحدق في عينيها ، في شعرها وقد غزاه الشيب ، في تجاعيد محياها ، في أصابعها النحيلة : قالت : -انها رحلتنا جميعا .. كلمني عن رحلتي … -حسنا .. وكان يتكلم .. لايعرف مع من .. والى من.. ولا كان يريد أن يعرف من كان يصغي إليه في هذه الدقيقة. [رسالة ] بعد أن أنجز كتابه عن مصائر المجتمعات ، ووضعه جانبا راح يطالع في رسالة موجهة إليه، قبل نصف قرن، كانت مكونة من عشرة أسطر، بسيطة، ولكنه لايعرف لماذا احتفظ بها ، طوال هذا الزمن.. ولما كان يعود إليها ، في كل يوم ، خلال العقد الأخير من حياته، ان لديه مئات الرسائل المماثلة ، إلا انه وضعها في صندوق قديم ، أعاد قراءة الرسالة ، مرة ثانية وثالثة . قال انها تكاد تكون بلا معنى ، ثم إنها تعود الى زمن بعيد، بل في الغالب، دار بخلده ، أن صاحبة الرسالة قد تكون في عداد الموتى، أو انها، في جانب آخر، لم تعد تتذكر حتى أسمه، ولاشهرته.. ولاما يعاني من أمراض الشيخوخة ، وقرأ بشغف " أحبك مثل نجمة.. مثل قطرة ندى فوق برعم مبلل بفضاءات هذا العالم ".. وقرأ ، بعد ان أشعل عود الثقاب ليدخن " لاتتركني .. فسأبقى أتعذب حتى آخر لحظة في حياتي ".. -لكن أين هي ؟.. وتساءل : من تكون؟ . اني في الواقع لا أحب الا هذه الرسالة ، هذه الكلمات الغامضة .. حسنا.. حمد الله إن لديّ رسالة تعيد لي الحياة .. فماذا كنت سأفعل ، وأعيش ، بدونها ؟. ولا أحد يعرف ، كم مرة طالعها ، قبل أن يعثروا عليه ميتاً، وهو يحدق في الكلمات . [حادث غير مثير] ما الذي أراد أن يقول لها " لست أنا المسؤول عن الحادث .." أم كان يريد التحدث عن العرس؟ كان يسير معها صامتاً ، متعباً، وشارد الذهن، ولم تكن ، هي تفكر في شيء، لقد قررت الا تجرح مشاعره ، وهي تعترف له باستحالة الارتباط ، فالعمر مضى .. لكنه قال لها : حسنا- إننا نتقدم.. أجل .. قالت بصوت حزين .. ولم تكمل ، شعرت انها لاتستطيع تركه، لا بالنسبة لها، بل له، فهي اجتازت محنتها.. وها هي لا تريد أن تتخلى عنه وهو يعيش محنة خلفتها هي له" الحب " كذلك دار بخلدها أنه لم يتخل عنها في أكثر الايام تعاسة، وضربت الارض برفق، كانت تراه شاحباً، شارد الذهن.. ما الذي حصل؟ سألته، فلم يخبرها بالجريمة التي وقعت لجاره.. قتل سبعة أسخاص دفعه واحدة.. ليس هذا فقط .. تمتم مع نفسه ، بل كانوا يتفسخون على مدى ثلاثة أيام قبل أكتشاف الحادث المروع.. بل أبتسم لها ، حسنا، ورفع صوته.. مالعمل – أحيانا أشعر إننا نسير الى المجهول .. ولم ينتظر ردها.. كان يتكلم معها بوعي غائب : الى مكان غامض بارد قليلاً.. بلا هواء .. بلا أصوات .. وسكت – ربما آفاق .. وجدها تتخلف عنه عدة خطوات..آه .. أين أنت؟ وكاد يعترف لها ان الاشياء تحدث تلقائيا .. دون تدخله، إنما توقف وشاهدها تتقدمه عدة خطوات " الى أين ؟" لقد شعر ان خللا ما، لايكمن في علاقتهما .. " إنما" وكان يريد ان يحمّل نفسه مالا تتحمل، لكن لماذا أهملت الجثث ثلاثة أيام كاملة؟ قالت بصوت هاديء: تبدو مثل المريض؟ وشرد ذهنه.. وعندما آفاق لم يرها تتقدم .. أو تتأخر.. كان يعرف من ذا الذي كان يسير معه، هي .. هي التي أحبها .. أم أي مخلوق آخر، يقوده الى الفضاء البعيد.
الخميس، 9 أغسطس 2012
غروب وقصص قصيرة جدا-عادل كامل
[ غروب ] لم تكن قد تعودت صناعة أشياء ذات قيمة.. إنها في الأربعين، ولم يشغلها الزمن، أو انها امرأة عاقر..ولم يكن ليخطر ببالها هذه الإشارات،الاوهي تتأمل أشعة الشمس من وراء زجاج النافذة، كانت الأشياء كلها مرتبة ونظيفة، لكن فكرة ما، راحت تتبلور لديها..كانت الساعة الثامنة صباحا، وهي في اجازة اعتيادية، وقد تناولت فطورها،وجلست في لحظة تامل لاتعرف نتائجها . لقد مات زوجها منذ عام تاركا لها ثروة وذكريات، لم تعد تشغلها.. بل لااحد شاهدها متذمرة وعندما كانوا يطلبون الزواج منها كانت تقول ان المرأة لاتتزوج اكثرمن مرة، وعندما كانوا يذكرونها بمواهبها القديمة كانت تجيد حسن التخلص بابتسامة موجزة وبكلمات إعتذار شفافة. في تلك اللحظة الصباحية، وعند اقتراب فصل البرد، شعرت بألم في صدرها.. لم تحدده، بل حتى انها لم تراجع طبيبها منذ رحيل زوجها، على الرغم من تكرر الثقل في قلبها، وهو احساس لم تعلن عنه لاخشية اتهامها بالوسواس، بل لأنها كانت تتجاوز تلك الحالة، فتشغل نفسها بأدق تفاصيل البيت،الذي كانت تعيش فيه شبه وحيدة..فالعلاقات الاجتماعية عندها شبه معدومة،كما إنها لم تعد تحتمل الدخول في حوارات، إلاانها لم تكن إنطوائية فالابتسامة المختزلة الشفافة لم تغادرها، وقيل إنها تغيرت بعد رحيل زوجها، لكنها لم تفقد آمالها غير المعلنة،وهي آمال لاهي، ولاسواها، يعرف شيئا عنها،إنها ضرب من الإغراء الداخلي بمواصلة الحياة، فهي لاتظهر عواطفها، أو تشكو، أو تتذمر،إنها، ولم تعلن ذلك لأحد، كانت لا تريد أن تشغل نفسها بصناعة أشياء ذات قيمة، لكن وهي تتنفس هواء الصباح، وتتأمل أشعة الشمس فوق الاشياء، كادت تعترف بأن نهاية حياتها قد أقتربت،لكنها لم تنبس بكلمة، وطردت شبح انها قد تكون مريضة، بأي مرض يثير الشبهات أو الأقاويل،وطردت من ذهنها أية أفكار حول الموت والحياة..كما لم تسمح لذاتها بالحديث عن أصوات داخلية، أو نوايا عدوانية من قبل الاخرين، كما لم تشعر بالاثم لاي عمل قامت به ، فقط كانت تحدق في أشعة الشمس حتى تلاشت معها وأختفت. [ مرآة ] قبل نصف قرن كانت المرآة التي يحدق فيها كبيرة ، وكان كلما تقدم فيه العمر، تميل المرآة الى التقلص، وهاهو، في صباح يوم بارد، جلس يحدق في مرآة صغيرة جدا، لم يكن يرى فيها شيئا. [ ظلال ] بينما كانا يتبادلان كلمات الاطراء أو الحب ، أمام نهر المدينة الكبير، كان كل منهما يردد في أعماقه.. لايكفي هذا.. وعندما حدق كل منهما في محيا الآخر، أدركا للحظة استحالة الكلام إلا أنهما كانا لا يحتملان الصمت. قالت: انت منقذي الوحيد.. ولن أبحث عن كائن آخر، قالت ذلك، وهي تعرف خفايا أعماقها، إنها لا تستطيع ان تعيش بعيداً عنه. قال: لا أختلف معك في شيء .. أنت نجمتي الوحيدة. وهو يعلم ، قال في نفسه، أنه من العبث البحث عن أمرأة أخرى . كانا في الخمسين أعزب وأرملة ، لكنها قالت: -انك مازالت تحب تلك الفتاة… -قبل ثلاثين سنة.. ودار بخلده انها الغيرة، فهي مازالت تحب زوجها وتردد أسمه، وهو أيضا مازال يتذكر، فتاته الوحيدة التي اختارت مكانها الخفي في ذاكرته… وبينما كانا يتكلمان في أشياء تنقذ الموقف من نهايته، سألت نفسها: ماذا لو عاد زوجي الى الحياة ، وجلس أمامي هنا ، أمام هذا النهر، حيث كنا نجلس، نراقب الأشجار وأشعة الشمس والعشاق .. ماذا لو عاد زوجي الآن؟ وسأل نفسه، بالصوت المكتوم نفسه: لو أنها معي، تلك الفتاة اليافعة ، تحدق في زرقة السماء، يوم كنا نجلس معا ونفكر في مستقبلنا.. إنها اختفت.. وشاركت حياتي أمرأة ثانية .. ليست بديلة .. لكني لا أستطيع أن أعيش بعيداً عنها. كان كل منهما يحدس ماكان يدور في أعماق الآخر .. الا ان القصة لابد ان تستمر ..وكانا يتأملان أمواج النهر .. همس فجأة : هذه هي قصة معظم البشر .. أجاب : واأسفاه . و عادا يحدقان في امواج النهر، ثمة صيادون في الضفاف البعيدة، وأشجار النخيل تترك ظلالها فوق الماء. كانت أشعة الشمس الذهبية تترك بريقاً رقيقاً شفافاً فوق أعالي الأشجار، وكان يجلس من حولهم مجموعة من العشاق الفتيان. حدقت في عينيه، بتوقد، وكانت تطلب منه مغادرة المكان ، كذلك حدق في عينيها ، دون أن يضعها بديلا لفتاته، ومضى معها بصمت . [وكان يتكلم] كان يتكلم .. لايعرف مع من .. ولا يريد أن يعرف مع من .. كان يتكلم بحرارة ، بتدفق، بدقة ، ولم يفق إلا بعد أن سمع من يقول له: -مع من تتكلم ؟ لم يكن يتكلم مع نفسه أو معها أو مع شخص محدد .. كان يتكلم مثلما فعل لسنوات طويلة ؟ قالت هامسة: -إنك تكلمت الى نساء كثيرات .. والى أصدقاء .. والى .. تكلمت وتكلمت .. كان يبكي ، لكنه رفع صوته: -لم أكن أنا الذي كان يتكلم .. -بل أنت .. يا لك من رجل صادق .. شفاف .. -لأنني أتكلم .. وحدق في عينيها ، في شعرها وقد غزاه الشيب ، في تجاعيد محياها ، في أصابعها النحيلة : قالت : -انها رحلتنا جميعا .. كلمني عن رحلتي … -حسنا .. وكان يتكلم .. لايعرف مع من .. والى من.. ولا كان يريد أن يعرف من كان يصغي إليه في هذه الدقيقة. [رسالة ] بعد أن أنجز كتابه عن مصائر المجتمعات ، ووضعه جانبا راح يطالع في رسالة موجهة إليه، قبل نصف قرن، كانت مكونة من عشرة أسطر، بسيطة، ولكنه لايعرف لماذا احتفظ بها ، طوال هذا الزمن.. ولما كان يعود إليها ، في كل يوم ، خلال العقد الأخير من حياته، ان لديه مئات الرسائل المماثلة ، إلا انه وضعها في صندوق قديم ، أعاد قراءة الرسالة ، مرة ثانية وثالثة . قال انها تكاد تكون بلا معنى ، ثم إنها تعود الى زمن بعيد، بل في الغالب، دار بخلده ، أن صاحبة الرسالة قد تكون في عداد الموتى، أو انها، في جانب آخر، لم تعد تتذكر حتى أسمه، ولاشهرته.. ولاما يعاني من أمراض الشيخوخة ، وقرأ بشغف " أحبك مثل نجمة.. مثل قطرة ندى فوق برعم مبلل بفضاءات هذا العالم ".. وقرأ ، بعد ان أشعل عود الثقاب ليدخن " لاتتركني .. فسأبقى أتعذب حتى آخر لحظة في حياتي ".. -لكن أين هي ؟.. وتساءل : من تكون؟ . اني في الواقع لا أحب الا هذه الرسالة ، هذه الكلمات الغامضة .. حسنا.. حمد الله إن لديّ رسالة تعيد لي الحياة .. فماذا كنت سأفعل ، وأعيش ، بدونها ؟. ولا أحد يعرف ، كم مرة طالعها ، قبل أن يعثروا عليه ميتاً، وهو يحدق في الكلمات . [حادث غير مثير] ما الذي أراد أن يقول لها " لست أنا المسؤول عن الحادث .." أم كان يريد التحدث عن العرس؟ كان يسير معها صامتاً ، متعباً، وشارد الذهن، ولم تكن ، هي تفكر في شيء، لقد قررت الا تجرح مشاعره ، وهي تعترف له باستحالة الارتباط ، فالعمر مضى .. لكنه قال لها : حسنا- إننا نتقدم.. أجل .. قالت بصوت حزين .. ولم تكمل ، شعرت انها لاتستطيع تركه، لا بالنسبة لها، بل له، فهي اجتازت محنتها.. وها هي لا تريد أن تتخلى عنه وهو يعيش محنة خلفتها هي له" الحب " كذلك دار بخلدها أنه لم يتخل عنها في أكثر الايام تعاسة، وضربت الارض برفق، كانت تراه شاحباً، شارد الذهن.. ما الذي حصل؟ سألته، فلم يخبرها بالجريمة التي وقعت لجاره.. قتل سبعة أسخاص دفعه واحدة.. ليس هذا فقط .. تمتم مع نفسه ، بل كانوا يتفسخون على مدى ثلاثة أيام قبل أكتشاف الحادث المروع.. بل أبتسم لها ، حسنا، ورفع صوته.. مالعمل – أحيانا أشعر إننا نسير الى المجهول .. ولم ينتظر ردها.. كان يتكلم معها بوعي غائب : الى مكان غامض بارد قليلاً.. بلا هواء .. بلا أصوات .. وسكت – ربما آفاق .. وجدها تتخلف عنه عدة خطوات..آه .. أين أنت؟ وكاد يعترف لها ان الاشياء تحدث تلقائيا .. دون تدخله، إنما توقف وشاهدها تتقدمه عدة خطوات " الى أين ؟" لقد شعر ان خللا ما، لايكمن في علاقتهما .. " إنما" وكان يريد ان يحمّل نفسه مالا تتحمل، لكن لماذا أهملت الجثث ثلاثة أيام كاملة؟ قالت بصوت هاديء: تبدو مثل المريض؟ وشرد ذهنه.. وعندما آفاق لم يرها تتقدم .. أو تتأخر.. كان يعرف من ذا الذي كان يسير معه، هي .. هي التي أحبها .. أم أي مخلوق آخر، يقوده الى الفضاء البعيد.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق