الثلاثاء، 7 أغسطس 2012

ريموتات الحكم والتحكم جريدة المستقبل العراقي / بغداد 16/7/2012 -كاظم فنجان الحمامي


ريموتات الحكم والتحكم جريدة المستقبل العراقي / بغداد 16/7/2012 كاظم فنجان الحمامي لقد منحني الريموت كنترول مساحات واسعة لتنظيم القنوات الفضائية, وجعلني قادرا على ممارسة هوايتي الاستبدادية بإصدار أحكام التوقيف والتعطيل والحذف ضد القنوات, التي لا ارغب بمشاهدتها, ولا فرق عندي بين صولجان الحكم وجهاز التحكم, بعد أن أضحى الرسيفر مملكتي, وشاشته الملونة نافذتي التي اطل منها على القارات السبع, ولن يقدر السياسيون على اقتحام خلوتي المنزلية بعد الآن, ولن يتسببوا بإزعاجي بمواقفهم المتأرجحة, وتصريحاتهم المتناقضة, وبات من حقي الاستمتاع بسلطاتي التعسفية في حشد القنوات المفضلة بقائمة منفصلة, واحتجاز القنوات المملة, وتصنيفها خارج الترتيب العام, ولن يفلت جهاز التحكم من يدي حتى عند انقطاع التيار الكهربائي, فالتنازل عنه يعني التفريط بسلطتي التلفازية في البحث والتقييم والانتقاء والمشاهدة, فالترتيب الذي تندرج فيه المحطات المفضلة يعبر عن شخصيتي وهواياتي, ويحدد رغبتي في متابعة برامج القنوات الجغرافية والتاريخية والرياضية. . كنت من المدمنين على متابعة أخبار قنوات بعينها, لكنني اكتشفت إنها كانت عبارة عن أبواق مدسوسة, وواجهات مغشوشة, مهمتها الأولى تضليل الناس, وتشتيت أفكارهم بالأخبار الملفقة والأفلام المفبركة, فكان مصيرها الحذف والإهمال, ورحت ابحث برغبة جامحة عن القنوات الإخبارية المحايدة فلم اعثر عليها حتى الآن, ولم أجد قناة عربية محايدة, فمعظمها مشفرة ومجيرة لحساب الجهات التي مولتها ووجهتها, اما القنوات العراقية التي تبث برامجها من هنا أو من هناك فقد أصيبت كلها بحمى الأزمات السياسية المحلية, فتفاعلت مع الأحداث, وانقسمت في مواقفها الإعلامية, بين من يطالب بسحب الثقة, وبين من يطالب بتعزيز الثقة, فسئمت ضجيجها وصراخها, ولم اعد أصغي للمهاترات والتجاذبات والتنافرات, ثم ظهرت علينا نماذج متناظرة من المحللين والمحللات والناطقين والناطقات, ممن تخصصوا بإطلاق التصريحات المحبطة والتلميحات البليدة المعادة, ومن المفارقات العجيبة إنهم اختاروا الظهور في القنوات كلها بوقت واحد, وباتساق واحد, حتى يخيل إليك إنهم احتكروا الاستقطاب العمودي والأفقي في لواقط النايل سات والعرب سات, فكان لابد من التصدي لهم بجهاز التحكم, فحرمتهم من الظهور, وأخرجتهم من الترددات كلها, ولم اسمح لهم بالتسلل إلى ذاكرة الرسيفر. . توفي في شهر مايس الماضي المخترع الأمريكي (يوجين بولي) عن عمر يناهز 96 عاماً, الرجل الذي اخترع الريموت كنترول عام 1955, لقد منحنا (يوجين) قبل وفاته سلطات واسعة في التحكم عن بعد ببرامج التلفزيون, واختيار القنوات المريحة, والتحكم بأجهزة التبريد والتكييف, والتحكم بأفران المايكرو ويف, والسيطرة على الألعاب الالكترونية المنزلية, وفتح أبواب السيارة وأبواب الكراجات, وتشغيل المحركات وعدسات التصوير, وضبط الإنارة الخارجية والداخلية, والتحكم بالستائر والنوافذ, وتحديد درجات اللهب في المطابخ, وعدد دورات زعانف المراوح الكهربائية, فتعلمنا منه الاسترخاء والكسل. . وربما تتسع استخدامات أجهزة التحكم في يوم من الأيام لتشمل التفاصيل الدقيقة لحياتنا اليومية في ضوء الرؤية الخيالية, التي صورها لنا الممثل الأمريكي (آدم ساندلر) في فيلمه الكوميدي (كليك (Click, فقد حصل (آدم) على ريموت خارق يمنحه قدرة التحكم بنبرة صوت زوجته, وتصغير حجم رئيسه في الشركة, وحذف المواقف المزعجة من حياته, وتعطيل سيارة جاره, والتحكم بنتيجة مباريات كرة السلة, وأشياء أخرى تعبر عن رغباته المكبوتة بأسلوب هزلي ساخر, فاستهوتني الفكرة, وتمنيت أن نحصل على ريموتات حديثة لتسريع إيقاعات العملية السياسية والخروج من الأزمة الخانقة, وإنزال القصاص العادل بالمجرمين واللصوص والحرامية, والتخلص من الوصوليين والفاسدين, وتوفير الأمن والأمان, وضبط توقيتات القطع المبرمج للتيار الكهربائي, وتوحيد أيام الأعياد والعطل الدينية, وحذف النعرات الطائفية والتخلص منها, وتصفية الأجواء الوطنية وتحصينها وتنقيتها, بيد ان الحقيقة المرة توحي بوجود حزمات خفية من الريموتات الخارجية, التي ماانفكت تتحكم بحياتنا وتتلاعب بمصيرنا عن طريق تسللها من زوايا الاستقطاب الطائفي والعرقي لتعبث في مدارات التضليل والكذب والتلفيق. والله يستر من الجايات

ليست هناك تعليقات: