ألفية الولد الخجول
عادل كامل
تقديم: مدني صالح
في (( ألفية الولد الخجول ))
(( اقترب .. اقترب .. اقترب
واقترب كي لا أراك )) يقول لك الولد الخجول في ألفيته الجميلة على استحياء … وهذا كلام يذكرك بكلام الجنيد ،
ويذكرك بكلام البسطامي ،
ويذكرك بكلام ابن عربي ،
ويذكرك بكلام الحلاج ،
ويذكرك بشطحات الصوفية ،
ويذكرك بشطحات السورياليين كلما تعطلت لغة الكلام ورؤوس
الأصابع والعيون ،
ويذكرك بكلام من كلام ميخائيل نعيمة وبكلام من كلام .. جبران خليل جبران وبكلام من كلام جورج جردق في أحد أبيات قصيدته
و (( اقترب .. اقترب .. اقترب
واقترب كي لا أراك )) ..
كلام فيه حقائق فيزياء الضوء بقدر ما فيه من حقائق فيزياء النفس .. ومن شدة الوضوح غموض .. وتكون بؤرة انعدام الرؤية من شدة البعد كما تكون من شدة القرب .. على ان قرب الدار ليس بنافع إذا كان من تهواه ليس بذي ود ..
و (( اقترب ..
اقترب ..
اقترب ..
واقترب كي لا أراك ))
ولو كانت العبارة (( واقترب كي أراك )) لما كان فيها شطح ، ولما كان فيها تصوف ، ولما كان فيها شعر يجمع حقائق فيزياء الضوء وفيزياء الأبصار وفيزياء وفيزياء الرؤية بعين الرأس وبعين القلب وبالعين التي في رؤوس الأصابع وبالأخرى التي بعين الشفتين في عبارة واحدة تذكرك بالمتصوفة العشاق الفقراء المعاميد الذين إذا تهامسوا لا يصيحون في دعوتهم إلى الصمت إلا بأعلى الأصوات .. ويصيح (( الولد الخجول )) ..
(( بأعلى الأصوات سأدعوكم إلى الصمت ))
ليبرر السكوت بان الصمت أعلى مراحل صياح الأنبياء ..
(( اكتب : الصمت أخر كلام الأنبياء )) ويعرف (( الولد الخجول )) الشعر تعريفاً يقبله منه النابهون جميعاً بلا استثناء فيقول :
(( ما الشعر ان لم يكن أفراح عصافير مشاكسة ؟ ))
وتقرأ في (( ألفية الولد الخجول )) أشياء كثيرة جميلة وكلها من الجديد الأصيل المبتكر .. وتقرأ هذا الابتهال :
(( اللّهم لا تجعلني ثقلاً على أحد ..
وتقرأ أشياء عن الوهم بين الذهبين ، وأشياء عن الذهب بين الوهمين فتقرأ :
((لديكم مناجم من ذهب
ولدي مناجم من أوهام
فأي المنجمين اكثر وهماً ؟؟ )) ..
وليس لدى الولد الخجول من محنة إلا البحث عن لا مبالاة جميلة .. واقرأ أحفظها عبارة جميلة :
(( ليس لدي محنة
إلا البحث عن لا مبالاة أجمل ))
ولا يستظل الولد الخجول إلا بنفسه في عصور البحث عن لا مبالاة جميلة :
ستظل بنفسي في الليل بظلال
ولا تتلاشى عند انطفاء الأنوار
واستظل بنفسي إذا طلع الليل
واستظل بنفسي إذا غاب النهار )) .
وانك يجب ان تصفق – أثناء البحث عن لا مبالاة جميلة – لسوريالية طلوع الليل وغياب النهار ما دام الضوء والنفس وظلها أمرا واحداً في ظلمات أنوار النفس .
وتقرأ .. وتقرأ .. وتقرأ في (( ألفية الولد الخجول )) هذه الفقرات الباذخة في المحراب السوريالي الصوفي البهيج :
(( ما الإنسان إلا هدف في المرمى )) ..
و :
(( لم يبك الطفل الخجول إلا عندما سرقت الريح طائرته .. وأنا لم أبك إلا عندما سرق الصمت كلماتي )) ..
و:
(( أكل هذا الرعد كي نستيقظ
أم كي نكف عن الأحلام )) ..
و :
(( أتستجدي الشمس من الليل نورها
والليل فجر خجول )) ..
و :
(( أنهن نسوة يتحدثن عن آت
عن راحل غريق
أنهن نسوة يتحدثن أبداً عن ميت بلا ضريح عن آت لا يجيء
عن راحل لا يعود )) ..
(( شمعة اثر شمعة تتوقد انطفاءات الروح ومن الذي يذهب التفسير بجماله سؤال الولد الخجول :
(( لماذا تطلقون النار على كوكب لا ينزف إلا الضوء ؟؟ ))
وشكراً للرسام القاص الروائي الناقد الشاعر عادل كامل الذي أتاح لي فرصة التقليب في كتابه (( ألفية الولد الخجول )) قبل الطبع .
واللهم اجعلها بشرى لا تجعلها دراسة .. واللهم اجعله تبشيراً لا تجعله نقداً .. وضيقوا على عادل كامل في أبواب الصحافة وأفسحوا له في أبواب الرسم والقصة والرواية والنقد والشعر والأدب .
مدني صالح/ جريدة القادسية ـ بغداد 1988
العشر الأول
[1]
لي يد حزينة .. ورأس في الفضاء
ولي أصابع عثرت عليها ترقص فوق الأعشاب.
[2]
ابيض ! ليس كذلك قلبي
لكنه بلون الغيوم.
[3]
أنا واحد من سكان كوكب قيد الاستيقاظ.
[4]
كلانا نجمة .. البرق غادر .. البرق عاد
إنما كلانا كتمان.
[5]
فقراء يتناثرون فوق الأوراق
فقراء يتنزهون بين السطور.
[6]
اذهب نحو الشمس .. إنما فقط الأسئلة
مثل غيوم .. تسرقني .. ثم .. في لحظة ما،
في كل لحظة .. اذهب إلى الشمس بهذه الكلمات.
[7]
هم إذن وزعوني للغيوم
مثلما أبدا أصابعي للفضاء.
[8]
لي عين تسمع .. ولي حدائق
ولي أيضا أساطير .. لكن من طين .
[9]
لي بعدد سكان الأرض .. جدران .. مدافن .. حدائق
لي تماثيل بعدد سكان الأرض
ولي كلمة واحدة أيضا : اغفر لكم.
[10]
لا لست شجرة .. لا لست غصنا
لا لست ثمرة .. إنما أنا ولد خجول.
[11]
ثمة في البعيد يد تهمس
وأشجار تتنـزه بمحاذاة الروح
وهناك يد تسافر فوق القلب.
[12]
متناثرة زنابق يقظتي .. مثلما أنا في الأحلام.
[13]
لا تحصى كنوزي :
تفاحة في السماء .. عشب في الرمال
وعصفور في الفجر يعلمني الغناء.
[14]
هذا الماء إذا ً يشتعل
وها أنا في كوخي أتعلم الانطفاء.
[15]
عندي قليل من الرماد .. قليل من الدخان
واقل من ذلك أحلام تتجول .
[16]
غيمة، هو ذا صوتي إذا ً: غيمة، مثلي، هو ذا صوتها!
[17]
ما العشب إن لم يكن خوذة في متحف ؟
ما الإنسان إن لم يكن هدفا في المرمى ؟
ما أنا إن لم أكن أصابع من هواء !
[18]
أية عصور تليدة تصنع موائدها لي ..؟
ومن أي زمان تأتي الأصوات
تحوّم وتغيب .. فيما أنا مثل مدفن أنمو في وردة
لن أتقدم .. لن أتراجع : تاركا رفيف روحي للغبار.
[19]
بعد قرون
لك حق الاستئذان : كيف، في عصر الأفران، إذا ً
أن الأسلحة، أيضا ً، مع العصافير ترقد
مثلما هممنا تشحذ بالسكاكين
ومثلما البلابل قلدت ، دون كلل ، أصوات الموتى
وهم يصعدون إلى النسيان.
[20]
ناولتني صخرة معطفها واختفت
أما أنا قلا اعرف ماذا أعطي العشاق؟
[21]
إنها زنبقة لم يرها احد قط : إنها الحياة.
[22]
هبطت من خشبتي .. تنـزهت
ثمة حدائق من فولاذ
بحار مسورة وآلات
آنذاك عدت فلم أجد خشبتي.
[23]
أعطتني الريح خوذة
أعطتني الطرقات سروالا
أعطاني البحر رداءً
أعطتني الصحراء رمحا
أعطاني الوادي كسرة خوف
ثم قالوا لي : اذهب إلى السماء.
[24]
شاهدت الذكرى تنحني .. تنحني .. تنحني
شاهدت الأضرحة تهرب .. تهرب .. تهرب
شاهدت العشاق يموتون في قلبي.
[25]
أهداني الجمال خجله فتهت.
[26]
ليس بالضبط .. إذا ً .. هو الرعد
بل بعض صيف .. مثلي
يقف على أعتاب الصواعق.
[27]
نار سمعتها تبكي .. أسلحة تنادي الريح بالاحتماء
صحراء تخلع نطفتها فيما أنا فقط
أنادي شحاذا للرفقة.
[28]
فيما مضى لؤلؤة عادت إلى البحر
فيما مضى كان البحر مدفنها
اليوم لي سؤال : ما الذي تفعله الغيوم
إذ ْ
لا لؤلؤة .. ولا مدافن.
[29]
سمعت .. أعلى .. أعلى من صوت النار
نباح .. بالأحرى نداء غزال
عجبا .. تساءلت : ما زادها في هذا الزمن السحيق؟ .
[30]
لأي فصل .. بالأحرى منذ متى الأرض
مثل حمامة .. مثلي .. تحصي الفصول قلائدها
تنثرها منسية فوق الأعشاب ؟
[31]
حذار .. هذه الغزلان لم تأت ْ من المصانع
إنما هي كالسيوف الذاهبة إلى الحدائق
تطلق النار عبثا نحو الغرباء.
[32]
بعدد الأصابع .. حسنا .. نجوتم
إنما النشيد .. هذه المرة .. للجميع
تلك ستنهض
وفيما هذا يحدث تختفي المسرات
إنما النشيد .. مثلما لا نعرف
يتكلل بالغار.
[33]
من ذا بلا استئذان سرق عرسي
من ذا أبدا وهبني الأحلام.
[34]
مذ كانت الغيوم تحاذي روحي
كنت أصغي لنداء ما آت مع الريح
فافتح قلبي للمسرات .
[35]
لم يبك الطفل الخجول إلا عندما سرقت الريح طائرته
إنما .. مثلك لم ابك قط إلا عندما سرقت الريح كلماتي .
[36]
بعض عرس .. بعض غزال
وبعض من هذا البعض
يجعلني على قيد الحياة .
[37]
كنوزي التي هناك وزعتها على الكواكب
كنوزي التي هنا ليست سوى ماء وبلابل
ضياء وحنفة رماد.
[38]
ما سر أن تكون شجرتي خجولة
ما سر بكاء السيف عند السلام
ما سر غيمة لا تأتي إلا بالمجاعات
ما سر جرحي ينـزف بلا ارتواء !
خوذتي من لؤلؤ .. سيفي من شمس
أسلحتي من زنابق .. لذا انحنيت للحبيبة في حديقة السماء.
[40]
أمم تتنـزه .. أخرى مهجورة .. قارات منسية
أخرى لم تفق بعد
فقط أنا هنا الكاهن والغزال والموت.
[41]
نبي يسال آخر
شيطان عن شيء ما يبحث
أمير مثلهما
مثل معدن يبكي عند عتبةٍ ما
فقط هناك وردة لم تسأل ما سرها .
[42]
لك مثلما أبدا لي كوكب يتنـزه
إنما أنا دائما قليل التجوال.
[43]
عندي رطب وغابة من دموع
عندي كتب .. صمت كهنة .. وعندي أيضا يد أضعها فوق كوكبي وأموت .
[44]
ثمة حدائق حزينة
وثمة أبدا وردة مثلي تتنـزه في العصور
هنا عندي خبز آلهة
فناء ملائكة .. دخان .. ووصايا معابد
هنا عندي أيضا .. أصابع موزعة بين الشعوب.
[46]
ذات مرة ، قبل الميلاد .. قبل أن أرى الفقراء
قبل أن تشتبك الأنوار بالكلمات
حملت أمتعتي وذهبت إلى نفسي.
[47]
غيمة هبطت في حقلي
أخرى هربت
ثالثة حملتني معها وذهبت.
[48]
هو ذا البحر يرشدني إلى وليمة النصر
الغابة نادت أشلائي للاستحمام
فيما الشمس طلبت أن نتقاسم النور
أما أنا فذهبت إلى البرية باحثا عن أمير
أدله على هذه الولائم.
(49)
آلهة تصنع فولاذا
أشجار توزع النار
بحار تحارب البحار
فيما أنا وحدي استجدي
الأحلام.
[50]
أمس .. في أزمنة الرماد
واليوم .. بين البلور
قلبي ينحني أيها العالم المتسع للحروب.
[51]
اسماك النار تذهب بعيدا في المصانع
عصافير تغرد في الحقول
وليس هناك خلف التاريخ .. في روحي
إلا قداس يتوقد رمادا.
[52]
الليلة صنعت ولائم من قلائد من كواكب
وبعد .. من بحار وعشاق
وبعد .. من نفسي ولائم للطيور.
[53]
ما الذي لا اسميه هو أنت
هناك .. لك
ما الذي في الظل أضاء
ليس أنا
إنها بلا أعذار أسباب مواقد
والأبواب مشرعة وتراتيل.
[54]
سرقوا يدك
سرقوا بلا استئذان قلبك
سرقوا هكذا اسمك
لكن أغنيتك لن تنسى في العصور .
[55]
كم قارة في العالم : ألف .. ألف ألف .. ألف ألف ألف
إنما أنا لا أحصى !
[56]
دع عنك – قلت – ما تبقى من عصور الفولاذ
سعادتك – هنا – مثلما وردة لا تنظر إلى الوراء .
[57]
مدافن مزدحمة بالعشاق / من قبل / لا لن ترقد الغيمة
في الوادي / نحن / المنابع / الأسرار / لا ظل لنا أبدا /
عند قدوم المواسم / باتساع الجحيم / ذاك الذي لا يرتوي.
[58]
مكدسون .. على عدد العصور والمدافن
يأتون إنما أنا أغادر وحيدا .
[59]
وحدي لا امجد المعادن
وحدي امجد الريح
مثلما الريح تذهب ولا تأتى.
[60]
أصابع قليلة تناثرت فوق الكتاب .. فقط
منذ قرون .. لا اعرف من أضاع كتابه
ولمن تلك الأصابع تعود ؟
[61]
مر من أمامي حمل يبحث عن ذئب
وحمامة تبحث عن سر
وشجرة عن نار
فارتديت ردائي وخرجت ابحث عن
خلاص.
[62]
إن كنت تقطف وردة
أو تطلق النار على غزال
أنا هنا أراك.
[63]
هذا الضريح اسكنه عند الحاجة
إنما مدافنك الذهبية ذات الأبراج
المنشدة صمتها
فإنها عند الحاجة لا تبحث عنك !
[64]
ليس هذا موسم حصاد الروح
قالت الشجرة : إنما المأوى للعصافير
وثمة بين أغصاني منازل للبلابل
فلماذا إذا ً يصوّبون نحوي أبدا .. رصاصات!
[65]
السماء سألتني : ما هذا الذي تصنعه أصابعك ؟
لم اجب .. إنما لماذا تتساءل السماء ؟
[66]
أزلية هي الوعود .. إنما أيها الغريب :
لا تضع حتى حلما فوق هذا البرعم
أزلية هي المدافن .. إنما احملني إلى غيمة
أو دع النجوم تحملني إلى البعيد.
[67]
وردة كفت عن الأسئلة
حمامة حملت ظلها إلى البعيد
إنما من ذا يأتيني بالرجاء .
[68]
سرقوا الكف إنما الأحلام تفتح نوافذ الريح .
[69]
اهو صدى عشاق أم لحن موتى
هذه الخواتم .. هذا الضجيج
أم أن بعض اضطراب روحي صار كلمات ؟
[70]
في البعيد .. في البعيد .. أنا هناك .. مثلما في القريب
في القريب .. هناك أنا
أزمنة تتبادل .. وأخرى للحوار لا تستجيب .
[71]
مرة ثانية .. اجمع أشلائي .. واذهب إلى الحدائق .
(72)
لكم جميل هذا المدفن .. إنما .. واأسفاه .. ليس لأحد
واأسفاه .. ولا حتى لي !
[73]
أسترقد هذه المعادن معي :
كيف سأنحني – إذا ً – في القداس
أم أن هذا – أيضا – محض نسيان ؟
[74]
هذا البحر يوزع الحلوى .. هذا الرمل يتنـزه مع العشاق
هذا البرق في الغيمة يطردني من .. كوخ الفقراء .
[75]
الآن فقط انحني للأشواك .. كأني أتذكر
لم
الزنابق أكثر رأفة بالصخور؟
[76]
ما الإنسان إلا هدف في المرمى …
[77]
بعد أن انطفأت جمرات الموت .. لا اعرف
من كان منا يتتبع ظل الآخر ؟
[78]
أتصدق أنت الذي لم تولد بعد
أن وردة واحدة لم تهرب .. من حرائق ..
أنت أشعلتها.
[79]
أكل هذا الرعد لكي استيقظ
أم لكي اكف عن الأحلام .
[80]
اجلس بين شجيرات ألجوري
هذا كوخي
غصن يناولني الحلم وآخر يدثرني بالسلام
فيما هناك .. هذه الليلة (1/3/1988)
بعض ظلام في منازل العشاق .
[81]
ابيض مثل فجر خجول
أنا …
ألا يكفي هذا ؟
[82]
بلون ما .. عندي .. رسمت لوحة : كلمات عشاق
فقراء وأسرى وأمراء
ثم تركتهم للريح.
[83]
عندي .. لا تحصى ..رعشة برد وبعض رماد ..
تلك كنوزي .. فماذا يريد مني الليل ؟
[84]
ما أبهى بريق هذه المدافن .. إنما ليست
إلا لغرباء يتراكمون فوق غرباء.
[85]
بين مدن الفولاذ ثمة غابات وبحار
وثمة أبدا ضحية تبحث عن ضحية.
[86]
عندي أصابع متناثرة فوق الورق
ولديّ حديقة تعرف ما أقول
عصفور يؤنسني فجرا .. وذكرى صحراء
وعندي كسرة حلم .. بعض دخان
إنما فجأة وجدت حولي أسلحة ونار
أوسمة وحصار.
[87]
لا اعرف: أأنا وحيد في الغابة
لا اعرف
أم الغابة متاهة أدغال..؟
[88]
من ذا أضاء للمتاهة هذا النهار:
من ذا يتساءل : ماذا تفعل العتمة في القلب..؟
[89]
هما يتبادلان الأدوار: تارة يمتد البحر إلى المنفى
وتارة المنفى بين يديك
أينما تذهب لا تجد إلا من غادرته
إنما البحر لا يبوح إلا بهذه الأسرار:
إنهما يتبادلان الأدوار أبدا ً
[90]
ماذا دونّت غير المحو
ماذا محوت غير الكتابة: أيها الولد الخجول: الوردة أضاعت جلجامش
وأنت أضاعك الموت.
[91]
كثير من الخوف عندي .. إنما أصابعي
تعلمني
بعض الشجاعة .
[92]
أتغادر مأوى الخوف .. أم ..
تكتب آخر صرخات ميلاد بالقسوة لهذا الملاك ؟
[93]
أبدا .. لا هنا .. لا هناك .. لا أنت .. لا أنا
فيما المدافن .. أبدا .. هنا وهناك
[94]
غرباء يسكنون الروح
لكني أولهم.
[95]
ترى ماذا تفعل نجمة بين أصابعي
وأنا
أتناثر داخلها ؟
[96]
أعطاني الليل خوذته وقال لي:
احتفظ بها ليوم لا يأتي.
[97]
ليس لقلبي حدائق ليمون .. أو كواكب خجلي
لقلبي أضرحة
حدائق .. فضاءات
وسجون.
[98]
لم كانت الشمس .. لا كوخ لها ولا جداول
ولم كانت ساريتها .. مثلي ..
كلما ارتفعت استفاقت حروب.
[99]
أكل هذه الشموس .. عند كوخي .. ترّتل
حسنا ..
سأحمل حروبي واذهب إلى السلام .
[100]
في الطرقات مارة يتحدثون عن سقراط
- هو ذا الساحر
- هو ذا المعتوه
- هو ذا العاشق
في الطرقات سقراط أضاع ظله !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق