الأحد، 23 يناير 2011

علامات الجحيم العراقي-حمزةالحسن




علامات الجحيم العراقي


من نحن؟ سؤال يلح بقوة هذه الأيام بعد ان صارت كل الطرق مغلقة. من نحن حقا وماذا نريد؟ اذا كنا لا نريد الحرب ولا نريد السلام، لا نريد المسالم، ولا نريد المقاوم، ولا الارهابي، ولا الخائن، ولا المنبطح، ولا الصامت ولا المتكلم، لا نريد الفاشية، ولا نريد التعددية، لا نريد الهدنة، ولا نريد الصمت، لا نريد الحوار، ولا نريد الموت، لا نريد الطائفية، ولا الحداثة، ولا نريد العودة للسلف الصالح، ولا ما بعد الحداثة.


من نحن حقا؟

اذا كان الذين في الطابق الثاني في الباص يضربون بأقدامهم على الذين في الطابق الأول، وهؤلاء يلعنون السائق، وهذا يلعن الجابي، ونقابة المحامين في المنصور لا تعترف بنقابة المحامين بكربلاء، وهذه ترفض الاعتراف بنقابة المحامين العرب التي بدورها ترفض محكمة العدل الدولية والقانون الدولي، والذين يسكنون في خطوط التماس الحربية في المنطقة الخضراء يرجمون الذين يسكنون في الصحراء الغربية، وهؤلاء يشكون بدورهم من سكان الضواحي الشرقية، ونقابة اطباء بغداد لا تعترف بنقابة اطباء البصرة، وكتاب الحداثة الجدد يرفضون الاعتراف بكتاب الكلاسيك، والجيل الشعري الثمانيني يكره الجيل الشعري الستيني، والذين يعيشون في القطب الشمالي يشاغبون على الذين يعيشون في القطب الجنوبي، وسواق علاوي الحلة يشكون من ظلم سواق كراج النهضة، والحرس الوطني لا يثق برجال الشرطة، وهؤلاء لا يحبون صالونات الحلاقة، واصحاب اللحى يكرهون أصحاب البنطال العصري، وأصحاب مطاعم الباب الشرقي يخافون من أصحاب المعاطف الثقيلة، وهؤلاء يخافون من الأباجي، والأقمار الصناعية، وأصحاب الهاتف الخلوي يخشون جماعة الرصد والاستخبارات، وهؤلاء يتهمون الميلشيات بالارهاب؟

ماذا نريد حقا؟

اذا كنا لا نريد الليبرالي ، ولا نريد العميل، ولا نريد الثوري، ولا نريد الشيوعي، ولا الاسلامي، ولا المنبطح، ولا نريد المتخاذل، ولا نريد المقاوم، ولا نريد المساوم، ولا نريد النائم، والغافل، والصامت، ولا المتكلم، ولا من يرتدي العقال، ولا من يرتدي الشروال، ولا من يلبس المايو، ولا من يلبس "صايه" تكفي لاخفاء الصحراء العربية؟


ماذا نريد حقا؟

لا نريد السيستاني، ولا بابا شنودة، ولا الفاتيكان، ولا أية مرجعية دينية أو ثقافية أو سياسية أو قانونية، ونرفض وصاية الحوزة، ونرفض وصاية المحكمة العليا، ونرفض وصاية الطقس والمطر والضباب، ولا نقبل بالعمامة، ولا نريد السروال، ونكره من يحف حاجبه، ونرفض من يحلق شاربه، ونكره الماشي والجالس والنائم والساكت، ولا نريد النقد، ولا نريد الاحتلال، ونرفض بيانات الحكومة، وبيانات غرف التشريح، ونكره كل الفضائيات، ولا نريد من يظهر عليها حليقا أو معمما أو أصلعا، ولا يسلم من يظهر خلف ستار ونصرخ به طوال الوقت" طلع وجهك"، ولا نريد الملثم، ونكره الصريح، ونسخر من الهادئ، ونشمت بمن يموت أو يذبح، وكل هذه المذابح وطوفان الدم ونخاف من كلمة تقال على أطراف الكرة الأرضية؟

ماذا نريد؟

العاشق متهم، والحاقد متهم، والثوري متهم، واللاثوري متهم، والميت متهم،والحمار متهم، والمثقف متهم، والمفخخ متهم، والهارب بجلده متهم، والباقي تحت القصف، وتحت الأحذية، وتحت الحر، وتحت اللصوص، وتحت المفخخات، وتحت الهاونات متهم ايضا؟

ماذا نريد حقا؟
لا نريد الليبرالية، ونكره الشيوعية، ونخاف من الاسلام، ونرفض الشرقية، ولا نريد الغربية، ونرفض الجامعة العربية، ومجلس الأمن الدولي، و هيئة الأمم المتحدة الشيطانية، و هيئة علماء المسلمين، ولا الحوزة الصامتة، ولا المتكلمة، ونهاجم من يدخل في العملية السياسية، ومن يخرج منها، ومن يبقى على الحافتين، ولا يسلم من الجلد اليومي من لم يسمع لا بهذه ولا بتلك؟


من نحن حقا؟

هل نحن كنيسة؟ عصابة؟ صيدلية؟ شربت زبيب؟ فرقة خشابة؟ مجموعة سطو مسلح؟ مجانين مصح عقلي؟ حكماء قبل زمانهم؟ عباقرة؟ قطاع طرق؟ مدلكين؟ فلاسفة؟ فرقة ردح؟ قساوسة؟ مطيرجية؟ حزب وطني؟ قومي؟ عملاء؟ شهداء؟


من نحن حقا؟


لا نريد القومي، ولا نريد الطائفي، ولا نريد الثوري، ولا نريد اللاثوري، ولا نريد المنعزل، ولا نريد العاقل، ولا نريد المجنون، ولا نريد المروَّض، ولا نريد المنقذ، ولا نريد الملثم، ولا نريد العابر، ولا نريد السكران، ولا نريد الاثول، ولا نريد المفكر، ولا الناصح، ولا الصديق ولا الرفيق ولا العدو ولا الجار ولا المجرور.

من نحن حقا؟

الذين يقبضون من الخليج يشهرون بالذين يقبضون من المحيط، وهؤلاء يشاغبون على الذين يقبضون من الحليف، لا نريد العمل مع الاحتلال، ولا مع المقاومة، ولا مع الارهاب، ولا مع الشيخ ضاري، ولا مع كوفي عنان، ونرفض عمر موسى، ونكره المصالحة الوطنية، ولا نريد تدخل الجامعة العربية، ولا نقبل بغير تدخل عزرائيل بديلا.

من نحن حقا؟

الذي يتكلم بالأنا متهم، والذي يتكلم بنحن متهم، والمغرد خارج السرب متهم، والمندمج في القطيع متهم، والأخرس يثير الريبة، والمعقد في المقهى أو المجلس او الندوة مشبوه، والذي يحب نفسه متورط، والذي يكرهها متورط، والذي يجهلها متوحل، والأبله متهم، والأطرش بالزفة متوحل، والخارج من صالون حلاقة هدف، والخارج من مسجد أو حسينية هدف، والخارج من ماخور هدف، والخارج من مقبرة هدف، والخارج من طوره هدف، والخارج من دينه هدف، والخارج من جلده هدف، والخارج من مقهى، من حدود، من كنيسة هدف.


من نحن حقا؟

الداخل الى العراق متورط، والخارج منه متورط، والناسي متورط، والمنسي متورط، والصاحي متورط، والمريض متورط، والعائد بعد منتصف الليل يغني" واثق الخطوة يمشي ملكا" يبحث عنه أهله في الصباح إما في مزبلة عامة أو مشرحة أو في قبو تعذيب.

المراة الجميلة مشروع قتل واغتصاب، وامام الجامع الذي لا نحبه مشروع قتل واغتصاب ايضا كما قال احدهم كان سجينا في سجن بعقوبة، ومقدم نشرة أخبار منتصف الليل مشروع غذاء لجرذان مزبلة كبرى اذا خطا خارج المحطة، والعروس الخارجة من صالون حلاقة مشروع خطف، والتكنوقراطي والاعلامي والطيار والراعي مشاريع موت مؤجل، ومن يتأخر في الحمام عليه ان يظل على اتصال دائم بالعائلة عن طريق الخلوي كل الوقت.

الذي ينام على السطح من الحر مشروع لهاون، والذي ينام في سرداب مشروع مداهمة، والذي لا ينام مشروع شك، والذي يحلم لحسابه الخاص مشروع مؤامرة، والذي يعيش في الضباب متهم، ومن يخرج منتصف الليل يبحث عن عقب سيجارة في الشارع مشروع ميت أو فرصة لقناص ضجر.

من نحن حقا؟

لا نقبل بصاحب المشروع الثقافي، ولا نقبل بصاحب مشروع الدواجن، ولا نريد صاحب المشروع السياحي، ولا الادبي، والفكري، ومن يعلن ان عنده مشروع انتحار ، من هذا الضيم، مهزوم.

الذي يبتسم لجندي محتل خائن، والذي يحتقره ارهابي، والذي يقاومه قاتل عند فريق، وبطل عند آخر، ومن يزرع عبوة ناسفة يعرقل العملية السياسية، ومن يطالب بالكهرباء يعطل مشروع الديمقراطية المتدرجة، ومن يزرع وردة في هذا الخراب مريض نفسيا، ومن يزرع فكرة مثمرة نرجسي، ومن يبول على جدار السفارة الامريكية بسب السكري مشروع جثة!

ليست هناك تعليقات: