بحث هذه المدونة الإلكترونية

مرات مشاهدة الصفحة في الشهر الماضي

الأربعاء، 5 يناير 2011

د.غالب المسعودي-حاوره عبد علي حمد الجنابي





مبدعون
غالب المسعودي.. الطبيب المتعدد المواهب
أجرى الحوار
عبد علي حمد الجنابي


--------------------------------------------------------------------------------


رائد من الأوائل في طب وجراحة الفكين والأسنان ، طبيب خرج على المألوف الطبي ، والخروج له محاذيره وتداعياته التي غالبا ما تكون سلبية ، وغالب المسعودي الذي غالب عدة مواهب ، توغل فيها وغاص بعمقها فأصبح متميزا في كل تلك المواهب حتى صار يشار اليه بالبنان ، والرسم واحدة من تلك المواهب التي تعامل معها باندفاع وفاعلية منذ نعومة أظفاره وهو تلميذ في الصف الأول الابتدائي عندما أثارت إحدى لوحاته دهشة معلم الرسم الذي قرر إشراكه بمعرض النشاط المدرسي .
صحتك إلتقت الفنان الدكتور غالب المسعودي في داره الفارهة التي ضاقت ذرعا بمئات اللوحات الفنية والمؤلفات والكتب والمنحوتات ذات القيمة الفنية العالية ، وشتى الفنون الأدبية والثقافية التي يصعب حصرها.
كيف تأتى لك معرفة كل هذه المواهب وممارستها؟
- لأن فهمي للإنسان ليس كما يفهمه غيري ، فالانسان خارج حالته البيولوجية منبع للعطاء والبناء والابداع والفكر وليس هناك مساومة لفهمي له.
- هل ان الدراسة الواسعة والقراءة المستمرة والمتنوعة صقلت شخصيتك بهذا المستوى؟
- ليس ذلك بالضرورة ، واني لم أكن مطالعا جيدا لما في بطون الكتب ، ولم أكن باحثا في دهاليزها. - وغير الرسم ماذا عن مواهبك ونشاطاتك الأخرى؟
- اللغة والخط العربي ، وفي اللغة وجدت لغة الضاد بأنقى حالاتها في فترة ما بين عصر الجاهلية وعصر صدر الاسلام ثم بدأت النقاوة بالهبوط والانكسار تدريجيا في العصر الأموي والعباسي وصولا الى تاريخنا الحديث والمعاصر .
- والخط ، هل غازلته يوما؟
- انا من عشاق الخط ولكنني لست كلاسيكيا وأنجزت عدة مخطوطات في الخط العربي.
- هل مارست الخط بشكل معلن؟
- انا مستمر بممارسة الخط حيث وجدت ابن البواب قد أجاد وحامد الأمدي قد أرسى دعائم الخط ثم هاشم البغدادي الذي وضع لمساته ليكون بذلك سيد الخطاطين العرب.
- متى تعلمت الخط ؟
- تعلمته وانا تلميذ في الابتدائية حيث أتقنت خط الرقعة ثم تدربت على الأنواع الأخرى وأجدت في النسخ والإجازة والثلث.
- هل ترى نفسك كخطاط مع مدرسة هاشم البغدادي؟
- كانت بداية انطلاقي من هذه المدرسة واستطعت ان أجانس بين الفن التشكيلي والقواعد إذ نجحت بفضل الله بإنشاء مدرسة فنية جديدة أسميتها مدرسة (حروفية التحدي) وهي عبارة عن جمع فني بين الخط والتشكيل والرسم والكتابة ، وهي بمثابة تلاقح ما بين الحروف المسمارية والحروف العربية المعروفة وقد أصبحت مدرستي متداولة عالميا بفضل شبكة الإنترنت ومن خلال أحد مواقعي ، ومن خلال هذه المدرسة استطيع القول بأنني تمكنت من كسر القواعد التقليدية المتبعة والخروج بالحرف الى فضاء جديد أكثر ندية حيث يكون للحرف دورا بارزا ومكملا للوحة تجريدية كانت او انطباعية على حد سواء.
- وماذا عن تذوقك للخط ؟
- في الواقع تراني عندما أسير أركز بالنظر على ما مكتوب ومخطوط في الأزقة والشوارع والأسواق والأبنية العامة لأمرين أولهما دقة وجمالية وهندسة ورسم الحرف والأخر معنى المخطوطة .
- هل هنالك مصاعب تواجهك أثناء رسم لوحة تعبيرية .
- ليس هنالك صعوبة محددة لأنني أدخل اللوحة من أصعب أماكنها، وعندما أجتازها لا يبقى سوى المناطق اليسيرة.
- يقال ان النحت من أصعب الفنون ، كيف تراه أنت؟
- النحت ليس صعبا ، لكنه يتطلب بعض الجهود العضلية كالطرق والنقر والحك وما الى ذلك. لكن الصعوبة تكمن في اختيار الألوان فهي من أدق الأمور الفنية والتي يمكن ان تغير كثيرا في معنى اللوحة مثلا :لوحة تشكيلية اللون الأصفر فيها بقدر حبة الحمص فلو لم أضعه في لتغير معنى اللوحة بالكامل .
وعند مشاهدتنا لعدد من اللوحات كان واضحا عليها بروز المعالم المسمارية التي ظهرت جليا في الكثير من اللوحات ذات الأسلوب البابلي وكان استخدام اللون بشكل بانورامي بارز وبأسلوب نحتي أخاذ.
- حضور بابل في لوحاتك يدفعنا بالسؤال عن ماذا تعني لك بابل؟
- بابل أنجزت حضارة للدنيا بكل تفاصيلها ومضامينها حيث اشتغل البابليون بالتدوين والكتابة اللتان هما روح التاريخ والثقافة ثم شرّعوا القوانين فكانت مسلة حمورابي خير شاهد على التدوين الحضاري للقانون ، وفي بابل أبتكرت وسائل كثيرة للطب والصيدلة والفن المعماري المتمثل بالقصور والمعابد ونحتوا أسد بابل بأسلوب رصين صمد بوجه أعتى الضروف وأقساها وعلى مدى آلاف السنين .
ثم اختفى الدكتور غالب المسعودي فجأة ، وبعد برهة وجيزة عاد حاملا معه مجسم نحتي صغير لأسد بابل تتمثل فيه الدقة والروعة والجمال والإبداع وحتى قاعدتع المستطيلة المائلة كان قد زينها بحروف مدرسة (حروفية التحدي) وهي قصيدة رائعة يمكنك قراءتها رغم ميولها المسمارية ..
وأجول بنظري في باحة الدار الممتلئة بما يخلب اللب من ابداعات وأكياس لا تسعها الدار من آلاف المقالات الصحفية ومئات اللوحات وعشرات المؤلفات والكتب وعشرات القطع النحتية وأعمال فنية أخرى كثيرة تستفزك ان تستفسر عنها .
- كل ما رأيته واطلعت عليه من أعمال ونتاجات مضافا اليه دوامك الرسمي اليومي في المستشفى وعملك في العيادة المسائية وانجاز اعمالك الأخرىووقت راحتك ، كيف تقسم ساعات يومك وسط هذا الخضم ؟ وهل هنالك أزمة وقت تعيشها لأنجاز كل تلك المفردات اليومية؟
- لم أمر أبدا بأزمة وقت حيث قمت منذ أيام حياتي الطلابية وحتى أصبحت طبيبا بترشيد وقتي واستثماره بشكل محسوب .
- ومع ذلك فأعمالك تتطلب متسعا من الوقت لإنجازها لا يكفيه وقت الانسان الاعتيادي. - هذا صحيح ، لكنني أنام من اليوم الواحد ذو الأربع وعشرين ساعة ثلاثة ساعات فقط والأحدى وعشرون ساعة المتبقية تتوزع بشكل انسيابي بين الدوام والعيادة المسائية وأعمالي التي أمارسها، حيث انني على قناعة تامة بأن ثلاثة ساعات نوم كافية لإعادة وتنشيط خلايا الجسم البشري للإحدى وعشرين ساعة المتبقية.
- وماذا أنجزت على الصعيد الطبي الذي هو مهنتك الأساسية؟
- انا الآن الرائد الأول في اختصاصي في محافظة بابل، حيث نلت شهادة البورد في طب وجراحة الفكين والأسنان ، ولم يحصل عليها أي طبيب في بابل من حيث الريادة.
- هذه الأعمال والفنون بكافة تنويعاتها لا تخلو من حس موسيقي مرهف.
- نعم انا عازف موسيقي ، وعلى صعيد الموسيقى في التاريخ، فالبابليون برعوا بذلك والعراق قديما وحديثا بلد الموسيقى الجميلة وبلد الألحان والملحنين ، ولعل أبرزها تلك التي صيغت في ستينات وسبعينات القرن الماضي ، وتلك الفترة بحق هي فترة العصر الذهبي لمدرسة الغناء العراقي الأصيل .
ويضيف الدكتور المسعودي قائلا : باكورة الإبداع الموسيقي هو الملحن العراقي أذكر منهم أصحاب الريادة عباس جميل ورضا علي وفاروق هلال وغيرهم ولعل أكثرهم وقعا على النفس كان ذلك الشاب (في وقتها) الاستاذ الملحن كوكب حمزة الذي أجاد في موسيقاه ولحن للعديد من المبدعين الرواد مثل فؤاد سالم وحسين نعمة وسعدون جابر وفاضل عواد ومائدة نزهت ورياض أحمد وغيرهم وهؤلاء هم أركان تاريخ الغناء العراقي المعاصر ولكن للأسف فالمبدع العراقي طورد وهجّـر وحكم عليه بلإعدام غيابيا، وبقيت الساحة الإبداعية فارغة .
- ما آخر أعمالك؟
- ليس لي عمل أخير ما دامت هنالك شمس وفرات وإرث حضاري ونخيل .
- من من المبدعين وضعوا بصمتهم في ذاكرة المسعودي ؟
- بإختصار المتنبي والجواهري إثنان لا يقهران ،ومن النحاتين والادباء جواد سليم ،علي جواد الطاهر، جبار الكواز ، وغيرهم.
- ما جديدك الأدبي؟
- أصدرت ثلاثة دواوين شعرية هي: قصائد حب الى ايساكيلا ، فصول الى ننماخ ، عندليب من الجنائن المعلقة.، بالاضافة الى قصائد شعرية مترجمة الى الإنكليزية فضلا عن مرستي (حروفية التحدي) ومدرستي أقرب الى التجريد التعبيري.

ليست هناك تعليقات: