الثلاثاء، 12 أكتوبر 2010

الناس على دين ملوكها-بقلم حامد كعيد الجبوري


إضاءة

الناس على دين ملوكها

حامد كعيد الجبوري

بعد الغزو – قناعتي هكذا – الإسلامي الغطاء لبلاد الفرس بقيادة سعد بن ابي وقاص ، وفتح العراق بمعركة القادسية ، وقتل قائد الجيش الفارسي ، واحتلال منطقة المدائن والتي تحتوي على طاق كسرى الشهير ، ودخول جيش الغزاة الأعراب لغنيمة – النهب - القصور والممتلكات الفارسية ، أسرت حينها أبنتا ( كسرى أنو شروان) ونهبت كل ممتلكات الدولة الفارسية ، ومن تلك المنهوبات قطيفة ( سجادة ) بطول 100 يارد وعرض 40 يارد ، مفروشة بإيوان كسرى كما يقول أبن أبي الحديد المعتزلي بكتابه شرح نهج البلاغة لعلي ( ع ) ، ومن المنهوبات أيضا تاج كسرى وأقراط نسائه وحلاهن والأحجار الكريمة غالية الثمن والنفيسة ، وسيوف وخناجر تعود لكسرى ، وحينما وضعت أمام سعد أبن أبي وقاص وزعها على جنده باستثناء القطيفة وحلي نساء كسرى وتاج عرشه وبنتا كسرى وخاطب الجند قائلا ، أتعف أنفسكم عنها ، قالوا له وما تصنع بها ، أجابهم أرسلها لأمير المؤمنين عمر ( رض ) ليرى رأيه فيها ، قالوا له أصنع ما شئت ، وفعلا هيئ لها الجمال لتحملها وخاصة القطيفة ، ويقول أبن أبي الحديد إنها وضعت على أكثر من عشرين جملا لحملها ، وحين وصولها للمدينة المنورة مساءا وإخبار أمير المؤمنين عمر ( رض ) بوصولها أخرج شرطته لحراستها ، وفي الصباح جلس لتوزيعها على المسلمين ، أبنتا كسرى أحداهن للحسين أبن علي ( ع ) ، والأخرى لعبد الله بن عمر ( رض ) ، والقطيفة مزقت بالسيوف ووزعت على المسلمين ، وقبل أن يوزع النفائس الصغيرة من أقراط وغيرها ومن ضمنها تاج كسرى ، نهض سراقة وقال لعمر أن التاج وأساور كسرى وهبه لي رسول الله ( ص ) ، ومعلوم أن ( سراقة ) كان يتبع – يقفو- الأثر ولا يخطئ ، وقصته مع الرسول الأعظم لها مورد آخر ، وهنا حدق عمر ( رض ) مليا بما وجده أمامه من حلي وغيرها مما خف وزنه وغلا ثمنه ، بمعنى أن المقاتل كان يستطيع سرقتها ولا يخبر أحدا بغنيمته ، وقال عمر ( رض ) وهو ينظر لجلاسه ، إن قوما أدوها لأمناء ، أجابه الجمع ممن حضر مجلسه ( عففت فعفت الرعية ) ، هذا ما أورده أبن أبي الحديد بشرحه .

ولو عكسنا ذلك لواقعنا الحالي واستشراء المرض الفتاك بدوائر الدولة العراقية من سرقة وهدر للمال العام بتعمد وغيره ، ومنح رخص وجولات التراخيص باجتهاد شخصي من قبل فلان وفلان ، ولو دققنا بشكل جدي بما رسمته منظمة الشفافية الدولية ، وحصول العراق بالمرتبة الثانية بالفساد الإداري والمالي ، وبظل هذه الشفافية المفرطة ، والفيسيفساء العراقية قليلة الوجود بل ندرته عالميا ، لعرفنا سبب تفشي هذه الرذيلة بدوائر دولتنا الجديدة ، ويمكن لنا استنتاج ما يدور ونعزوه لجملة أسباب منها ، أن المال السائب يعلم على السرقة ، وبما أن الكبير من الموظفين يسرق فأن الباب مفتوح على مصراعيه للصغير ليحذو حذو كبيره ، لأن الناس على دين ملوكها ، ولأن دولة رئيس الوزراء لا صلاحية إدارية ورقابية له إلا إعلاميا لمتابعة المفسدين بسبب المحاصصة التي أتت به كما أتت بالآخرين ، وتأكيد لقولنا أن رئيس الوزراء لا قدرة له على التدخل لتغيير رئيس اللجنة الأولمبية العراقية التي تدار من خارج الحدود ، فكيف سيتسنى له محاسبة المقصر والسارق وغيره ، للإضاءة ............فقط .

ليست هناك تعليقات: