رماد وقصص
قصيرة أخرى
عادل كامل
[1] رماد
مكثت الحمامة تحوّم فوق الغابة، ترتفع قليلا
ً ثم تنخفض، فلا تجد مكانا ً تحط عليه. لقد رأت الأشجار تحولت إلى شبكات تماثل
الأسلاك الشائكة، فيما غطى الرماد الأرض..
فسألت الحمامة نفسها، قبل أن تتخذ قرارا ً: ما
الذنب الذي اقترفته كي ُتحرق غابتنا، وأعشاشنا، وأشجارنا؟
ـ
أهربي..، اهربي، اهربي.
بحثت عن مصدر الصوت فلم تجده. فدار بخلدها
إنها ربما أخطأت بالعودة، بحثا ً عن ذويها، وأهلها، وأفراد مجموعتها...
لكنها
سمعت صوتا ً آخر يخاطبها:
ـ لا تهربي!
تذكرت أن جدها قص عليها حكاية مماثلة: فبعد أن
حرقوا غابتنا، هربنا، وما أن خمدت النار..، حتى بدأنا بالتسلل والعودة.
ابتسمت، وهي مازالت تحوّم فوق الأرض الرمادية
وقد تحولت إلى تلال من الغبار، والأنقاض، والحفر...، فرفعت رأسها إلى السماء:
ـ
يا الهي أهدني إلى القرار الحكيم..
أصغت، وأصغت، فلم تجد ردا ً، أو جوابا ً...،
فضحكت:
ـ وهل باستطاعتي أن اتخذ أنا قرارا ً حكيما ً،
بعد أن لم يتركوا لنا سوى هذا الرماد؟
[2]
سعادة
ـ
ما هي اسعد اللحظات التي تكون بلغت فيها الذروة ..؟
ـ
هي اللحظات التي لا أجد فيها ضرورة للإجابة على سؤالك هذا!
ـ
وما هي أتعس لحظات حياتك؟
ـ
هي اللحظات التي اضطر للبحث عن أسئلتها!
[3]
مكيدة
بعد أن هبطت سفينة الفضاء المحملة بالقرود
على سطح كوكب لا تسكنه كائنات حية، قال كبير القرود يخاطبهم:
ـ والآن ابحثوا معي عن جرثومة التطور...، للقضاء
عليها! فمستقبلنا مرهون بمحوها واستئصالها من أجسادنا، ومن عقولنا!
ضحك احدهم وقال له بصوت مرح:
ـ ومن قال لك إن السيد دارون كان على صواب...؟
خاصة بعد أن أساء إلينا، ومنح بني البشر شرف الانتساب إلى جنسنا الوديع، الناعم،
الرقيق؟
ـ
صحيح...، مع ذلك، لا تتركوا جرثومة التطور أو التقدم أو التمدن تعمل لتخرب هذا
الكوكب الجميل الخالي من البشر، ومن الكائنات الحية الأخرى ...؟
ـ
سيدي، نحن لم نخش أن تكون خطة هربنا من الأرض، محض مكيدة دربها البشر...، ليس
للتخلص منا، بل لاستخدامنا في تدمير ما تبقى من الكواكب البريئة؟!
[4]
مسرات!
ـ
أسألك، يا سيدي، لِم َ نحن شعب يحتقر العمل، ويحتقر المعرفة، ويكره الابتكار، ولا
يعمل إلا للانحدار نحو ماضيه السحيق، ويرجع إلى عفن المستنقعات التي خرج منها...؟
ـ
لأننا شعب ولد ليوهم نفسه بالذهاب بعيدا ً عن ضرورات الكد، والشقاء، والبحث...،
لأننا أدركنا منذ البدء أن العاصفة ستهب ذات يوم فلا تترك أثرا ً إلا ومحته، ولا
علامة إلا وأزالتها، فلم الكد، ولم الشقاء، ولم البحث عن نهاية تقررت قبل
بدايتها...؟!
ـ آ
...، ومتى ستهب هذه العاصفة اللعينة؟
ـ
ولِم َ تتعجل حضورها أيها الأحمق...، ونحن نرفل بمسرات الأحلام الأبدية؟
[5]
ديمومة
ـ
إذا كانت كل الأشياء لا تدوم...، وهي محكومة بزوالها، قبل وجودها، فلماذا يتوجب
علينا الكد ليل نهار..، وتحمل ما لا يحتمل من الأوزار، والعذابات...، وكأننا وجدنا
للامساك بالذي لا يذهب إلا إلى المجهول؟
ـ
يا حمار...، لولا هذا الحلم، فمن ذا كان باستطاعته أن يعمل على ديمومة هذا الذي لا
يدوم!
[6]
انتظار
اجتمعت الفصائل، باختلاف أنواعها، بانتظار
رؤية جدهم العائد من المكان الذي لا عودة منه...، وقد مرت الأيام، الأسابيع،
الأشهر، السنوات، العقود، القرون، ومرت آلاف السنين، ولم يأت. ولكنهم لم يفقدوا الأمل
بعودته من المكان الذي لا عودة منه، لأن الجميع كان لا يرغب بعودته، بعد أن
ازدادوا قناعة بان كل منهم كان هو هذا الجد وقد عاد إليهم من المكان الذي لا عودة
منه.
[7]
مسرات
وهو يحتضر قال يخاطب أحفاده:
ـ
المصادفات السارة هي وحدها إن لم تخف قانونها فان القانون وعدمه سواء! ولهذا ـ يا
أحفادي ـ لا تنشغلوا بالبحث عن القانون، فالمصادفات السارة هي وحدها ليست بحاجة
إلى برهان، ولا إلى قانون! فمادمنا جميعا ً سنموت، فلا معنى للأسى، حتى لو أمضينا
حياتنا بأسرها في الجحيم!
[8]
حلم
بعد أن ولدته، وتعذبت في حمله، خاطب الحمل أمه
متذمرا ً:
ـ لِم َ ولدتني حملا ً وأنا كنت ارغب أن أولد
ذئبا ً، أو نمرا ً، أو حتى ثعلبا ً؟
ـ
وهل سمعت أن نعجة، مثلي، ولدت شيئا ً آخر؟
ـ آ
.....، هذه هي المعضلة، ولكن من ذا باستطاعته أن يجتث رغبتي بالحلم؟!
وابتعد
عنها متمتما ً:
ـ
فانا علي ّ أن أصبح ذئبا ً أو نمرا ً أو ثعلبا ً وإلا سأكون شريكا ً في تقويض
الحلم، بل في وأده، ودفنه قبل أن يتكون!
صاحت
النعجة تخاطب حملها:
ـ
أنت إذا ً من أنصار ديمومة الحرب...؟!
رفع رأسه قليلا ً ورد:
ـ المعضلة أن الحرب تعرف كيف تحافظ على ديمومتها،
إن ولدت ذئبا ً أو حملا ً، إن ولدت غزالا ً أو سبعا ً، إن ولدت أرنبا ً أو تمساحا
ً، مادام السراب يذهب ابعد من حدود
نهاياته، ومادام الشيطان وحده يبرهن، يوما ً بعد آخر، أن خططه وضعت في خدمة
الرب!
[9]
غواية
ـ آ
....، غريب أمر الحية...، سرقت عشبة الخلود من جلجامش، وصارت خالدة، ولكنها، مع
ذلك، ذهبت إلى حواء وأغوتها، وحواء بدورها أغوت ادم، ليطردوا من الجنة..،
لكنها، للآسف، لم تفلح بالقضاء على عدوها؟
ـ
ومن هو عدوها؟
ـ
اذهب وأسأل الحية التي لم تحصل إلا على
اللعنات، والشتائم، والأوزار! فهي وحدها ستخبرك لماذا لم تتب، ولماذا لم
تطلب الغفران، ولماذا لم تطلب التوبة؟!
[10]
أساطير
ـ
لِم َ أراك منشغلا ً بالأساطير... الخرافات، والأوهام...؟
ـ آ
...، لقد تعبت من رؤية مصانع تصدير الجثث، وتوزيعها، تعمل ليل نهار، وفي إنتاج المزيد من الضحايا...، وفي تدمير المزيد
من المدن، لا تكل، لا تهن، ولا تتوقف عن إنتاج الفائض من الابتكارات...، بالدهشة
والجاذبية والجمال؟
ـ
هذه هي الأساطير التي لا يمكن اجتثاثها أبدا
ً...!
ـ
نعم، حتى بعد زوالنا، فنائنا، واندثارنا، لأنها
وجدت تعمل بخطة لم تبح إلا بإعادتنا أقوى كي يبقى المشهد هذا مزدهرا ً
بالجثث، والدخان!
[11]
صاحب السعادة
بعد أن استولى البغل على الإسطبل، بانقلاب
مدبر، استدعى الخيول، وسألهم:
ـ
هل حقا ً أنا بلا أب...، أم أنا ابن الجميع؟
صاحت الأتان الواقفة بجواره:
ـ
ماذا تقول أيها الزعيم...، أنت ابني أنا، وأنا أمك...!
هز رأسه:
ـ
اعرف ذلك ...، ولكني بصدد معرفة من هو صاحب السعادة الأب السعيد!
ـ
أتبحث عن أصلك يا زعيم؟
ـ
لا ...، بل أنا بصدد محوه!
ـ
اختر واحدا ً من هؤلاء...، فانا نفسي لم يعد يعنيني من يكون...، فأنت الآن أب
الجميع، مثلما أنت والدهم الأوحد!
[12]
غواية
ـ
ما الذي كان سيحدث لو أن أمنا الأولى لم تقع بفخ الغواية...؟
ـ ليس هذا هو السؤال، يا حمار، بل: من أرسل تلك
الحية لتغويها؟
ـ
لا....، آ ...، السؤال، يا حمار، هو: هل كان أبونا أعمى؟
ـ
لا...، لا ...، وإلا هل كنت ستسأل أسئلة عقيمة خالية من المعنى؟
ـ
يا ....، حتى لو لم تكن هناك حية، وحتى لو لم تكن هناك حواء، ولم يكن هناك ادم...،
فان الغواية وحدها كانت تعرف كيف تؤدي عملها...
ـ
إذا ً.....، الكل أبرياء! ولكن ما جدوى براءتنا بعد أن صرنا نحن لا نأتي إلا بالآثام،
والذنوب، والخطايا؟
ـ
أكاد اجن...، يا صديقي: فلم تعد تعرف أيهما
كان السبب: الغواية أم حاملها، من أنبتها أو من عمل على ازدهارها...، ما دمنا
جميعا ً لا نمتلك إلا أن نكون ضحاياها!
[13]
جدل!
ـ
مهما عملت، أو لم تعمل، فأنت غير بريء...، لأنك لو لم تعمل شيئا ً فهذا يدل على
انك تركت الآثام تزدهر ...، وإن قمت بعمل ما
فهذا يعني انك عملت ضد طرف من الأطراف يدل على انك كنت مع جهة ضد جهة
أخرى...، ومع ذلك أنت غير مذنب!، لأنك لو لم تعمل شيئا ً فهذا أفضل دليل على انك
شاركت في ترك اللعبة تمضي إن كنت على الحياد فيها أو كنت في طرف من أطرافها. فأنت
مذنب لأنك بريء، وأنت بريء لأنك لم تقدر إلا أن تكون مذنبا ً!
ـ
وهل هذه ـ سيدي ـ خلاصة حكمتك؟
ـ
آه...، لو كانت لدي ّ ذرة حكمة لعرفت كيف أنجو منها! بدل أن أرى هذا القليل من
الضوء الذي أضاء لي أبدية الظلمات! ومع ذلك، فانا بريء بآثامي، مثلما آثامي وحدها
سمحت لي أن أتذوق مرارات البراءة، وشهدها!
[14]
وقت
ـ
انظر .. ليس له رأس ويصرخ...، والآخر، له رأس ولا ينبس ببنت شفة؟
ـ
ما الغريب في الأمر...، أنا ليس لدي جسد، وأطير، والآخر له جسد، ولكن لا يستطيع
حتى أن يدّب!
ـ
أين هي المشكلة إذا ً...؟
ـ لا توجد مشكلة، ولكن المطلوب أن تعثر عليها، كي تجد حلا ً
مناسبا ً لها!
ـ
ها...، المشكلة إن الرأس الذي مازال يصرخ صار غبارا ً...، وذاك الذي بلا جسد مازال
يتشبث بالبحث عن موقع خطاه..
ـ
لا تكترث...، إنها مسألة وقت...، فالذي لا وجود له يرقد بجوار من كان وجوده قد ذهب
ابعد منه!
[15] موقف
ـ أنا رأيته يخرج من القبر، ابتعد قليلا ً،
ثم اقترب منه، للاطمئنان بأنه لم يبتعد، ولم يخطأ..
صمت برهة وقال متابعا ً:
ـ
ثم راح يزيل اسمه المكتوب فوق الشاخص...، ولكنه وجد صعوبة، فاخرج فأسا ً وراح ينقر
بها فوق الصخرة، كانت صلدة، وكانت ضرباته، بدل أن تزيل الحروف وتمحوها، ترسخها،
وتعمقها، وتجعلها أكثر وضوحا ً!
ثم صمت أيضا ً، ليقول:
ـ نظر إلى اليسار، والى الأمام، والى اليمين،
والى الخلف...، فلم يجد أحدا ً يراقبه...، فعاد يضرب بقوة اشد حتى هدم الصخرة
وحولها إلى شظايا، آنذاك رفع رأسه إلى السماء، وقال ـ أنا سمعته قال ـ: الآن لا اشعر بالعار إني ولدت ومت، أو أني مت
كي أولد! فانا سأرقد في قبر لا يرقد فيه احد!
ورفع
صوته:
ـ
لكن جاره الميت، رفع رأسه وناداه: حتى الموت لم يروضك! فضحك وقال يخاطبه غاضبا ً: انهض، انهض وامح
اسمك، لعلك تمحو آثامك، يا نذل! فقال الآخر له: أنا واحد منهم...، فلِم َ أنا نذل؟
اقترب منه وقال هامسا ً: النذالة ليس أن تموت نذلا ً بل أن تدعها تشهد عليك. فأنت
لم تفعل شيئا ً ضدها في حياتك، ولا أنت اعترضت عليها بعد أن طمرت تحت هذا التراب!
[16]
دورة
بعد أن رأى المجزرة تجري أمامه، وقد تناثرت أشلاء
الجثث، وغطت الدماء الأرض، تراجع، بهدوء، وعاد إلى مغارته.
ـ ماذا
رأيت؟
ـ
الكل كان يقتل الكل.
ـ
وما الجديد في الأمر؟
ـ الكل كان يهتف انه دحر الآخر وأباده واجتثه من
الوجود ومحاه ولم يترك له اثر.
ـ
وما الجديد في الأمر؟
ـ
الكل أعلن انه حقق نصرا مؤزرا ً وحاسما ..
ـ
وما الجديد؟
ـ هذه هي المعضلة، لا جديد...، ولكن لا أنا ولا أنت باستطاعتنا أن نوقف تدفق هذا القديم
الجديد، ولا هذا الجديد المندرس.
ـ
وما الجديد؟
ـ إنني سأقطع رأسك..
ـ
وما الجديد؟
ـ
كي لا تسمعني، ولا تراني.
ـ
وما الجديد؟
ـ
كي لا أسمعك، ولا أراك.
ـ
وما الجديد؟
ـ
لا جديد...، لأن المجزرة لا تدعك تموت
فاهلك، ولا تدعني اهلك فتنجو...، فلا أنت كسبت كي اخسر، ولا أنا خسرت كي تنتصر!
[17]
تحول
ـ
سيدي، بحسب أوامرك: تمت ترقية الخراف إلى ذئاب...، وتم تحويل السباع إلى نعاج، وتم
إصدار أمر بمسخ القرود إلى بشر...، والبشر إلى عقارب وصراصير وبرغوث وضفادع!
صاح
القائد:
ـ
إلا البشر...، لا تدعهم ينعمون حتى بالسكن في المستنقعات!
ـ
أمرك.. سيدي، لن أتلاعب بعقولهم...، وسأدعهم يتنافسون ويتبارون بإقامة احتفالات
الموت، حتى ترجع غابتنا تنعم بالسلام، والطمأنينة، والصمت!
[18]
غياب
سألت
الحمامة جارتها:
ـ أراك
صامتة..؟
ـ على ماذا أنوح...، فلم يعد لدينا ما ننوح ونبكي
وناسف على فقدانه، وخسرانه..
ـ
ابتهجي إذا ً...؟
ـ ألا
ترين الجميع يحتفلون بآخر أيامهم فوق ارض هذه الحديقة.
ـ
وأين هي الحديقة كي تراني، وأين أنا كي أراها؟
[19]
الحقيقة
ـ
ما الاختلاف بين الوهم والحقيقة؟
سأل
المعلم تلميذه، فأجاب الأخير:
ـ الوهم هو الذي يقود إلى الحقيقة...،
والحقيقة هي التي لا تقود إلا إلى
الوهم...، لان كل منهما لا يستغني عن الآخر، مثل النهار لو عزلته عن الليل، فلا
احد باستطاعته سبر أغوار الظلمات!
ـ
وما الاختلاف بين الحقيقة والوهم، وليس بين الوهم والحقيقة..؟
ـ
لا توجد حدود فاصلة بينهما، سيدي، ولكن السؤال هو: أين موقعك منهما...؟ فإذا كنت
ترى الدنيا وهما ً فلا تظن انك عرفت الحقيقة، وإذا كنت تراها حقيقة فلا تظن أن
وهمك سيدوم إلا بحدود غيابها! وهذا هو الذي لا يمكن الاختلاف عليه، لديمومة هذا
الذي تراه يزول، ويندثر!
[20]
جهنم
طرق
الغراب باب جهنم، فسأله أمر الحرس:
ـ
ما الذي جاء بك، وماذا تريد؟
ـ
أريد أن اعترف!
فسأله
أمر الحرس:
ـ
وماذا فعلت كي تعترف؟
ـ
أنا لم ارتكب ذنبا ً، أو إثما ً، ولا معصية، حتى الآن...، ولكن من ذا يضمن لي أني
لن ارتكب فعلة أشنع من الذنب، والإثم، والمعصية...، آنذاك قد لا تسمحوا لي حتى
بدخول جهنم!
[21]
صراع
ـ
هل صحيح، سيدي، كما تقول: انه صراع بين الأكثر معرفة وبين الأقل معرفة، كالحاصل في
عالمنا اليوم...؟
ـ
لا...، بل هو صراع بين الذي لا يعرف إلا القليل..، وبين من لن يسمح له حتى بمعرفة
انه لا يستحق حتى هذا الأقل من القليل!
[22]
خجل
سأل
الضحية الجلاد:
ـ
ألا تخجل... وأنت تزهق روحي؟
ـ
لا! لأنك لو كنت عرفت الخجل، أصلا ً، لقضيت علي ّ قبل أن تواجهني بهذا السؤال!
[23]
استحقاق
ـ
يا صديقي، لماذا ترتكب الفحشاء، وتفسد، وتسفك دماء الأبرياء...، لماذا ترتكب
الموبقات، والخساسات، والدناءات...؟
ـ
يا صديقي، افعلها كي يستجيب الإله لتضرعاتي ويغفر لي، بدل أن يرسلني إلى الفردوس،
من غير استحقاق!
[24]
خطاب
ـ
لِم َ تملأ رأسك بالنفايات، والعفن، بدل أن تتركه صفحة بيضاء؟
ـ
سيدي، لقد طلبوا مني أن القي خطابا ً على الدواب، والبهائم!
[25]
المستقبل
سأل
القرد والدته:
ـ
هل صحيح إن أصلنا ينحدر عن هؤلاء الأشرار البشر...؟
ـ
لا ..، لا يا ولدي الطيب، بل أنا اخشي أن ينتهي مستقبلنا بمثل هذه الكارثة!
ـ
ولِم َ كارثة .. مادمنا جميعا ً انحدرنا من عفن سواحل المستنقعات ...، أليس
المستقبل، كما قال جدي، هو الماضي مؤجلا ً؟!
[26]
محنة
ـ
لِم َ تبول الثعالب على السبع الهرم؟
ـ آ
....، لو عرفت الرد...، لعرفت لماذا كلما اقتربت من الموت وجدت شيئا ً ما أغفلته
في الدنيا...
ـ
وهل ثمة ما يستحق فيها أغفلته حقا ً؟
ـ آ
...، لو عرفت الرد، لعرفت لماذا كلما أسرفت في الدنيا حلمت بالموت، فلا أنا عشت
بلا موت، ولا أنا مت بلا وهم!
[27]
رداءة
ـ
متى يحقق الأشرار نصرهم المبين...؟
ـ
عندما لا يجدون خسارة جديرة بالربح!
ـ
أليس هذا هو المستحيل؟
ـ
لو كان ما قلته صوابا ً لكانت العقول الجميلة قد كفت عن صناعة هذه الدناءات!
1/12/2016
Az4445363@gmail.com