في النحت العراقي الحديث
محمد الحسني
جذور تبتكر علاماتها المعاصرة
عادل كامل
مع إن الرعيل الأول من رواد النحت في العراق، تلقوا دراساتهم، في أوربا(1) عندما كانت (الحداثة) الأوربية قد بلغت ذروتها، ممهدة لحقبة ما بعدها، عندما بدأ العالم يتحول إلى مجموعة: أسواق، والى قرى صغيرة، إلا أن خلاصة جهود هذا الرعيل ( فتحي صفوت/ جواد سليم/ خالد الرحال/ عبد الرحمن الكيلاني/ محمد غني حكمت/ إسماعيل فتاح/ صالح القره غولي..الخ) كان يواجه مآزق لا تخص (الهوية) الثقافية/ الفنية، أو ما يرتبط بالذاكرة ومشفراتها، متحفها، والآثار الايكولوجية المتداخلة بعمل المخفيات فحسب، بل بالمنجز النحتي بوصفه متضمنا ً نظاما ً مزدوجا ً بين الاكتشاف من ناحية التنقيب، الحفر، البحث، والابتكار والاختراع أو الاستحداث إزاء عالم دخل في حقبة ما بعد التصنيع، حيث الدلالات لم تعد تمتلك نسقها الكلاسي، التقليدي، إزاء التحديات، والمتغيرات(2)، بل في التحول الحتمي المؤكد للثقافات، والفنون المصنعة، من ناحية ثانية.(3)
وإذا كانت كلمات الفنان محمد الحسني، في أول لقاء لي معه، عام 1970، وأنا انتقل من دراسة الفن في معهد الفنون، إلى أكاديمية الفنون الجميلة، تناقش المعضلات التي ستحافظ على ديناميتها، حتى بعد أن استحوذت انساق (الحداثة) على مساحة لم تترك للواقعيات، إلا هامشا ً ثانويا ً، فانا أتذكر أن أستاذ النحت ـ بعد الفراغ الذي تركه جواد سليم، وغياب خالد الرحال بعيدا ً عن الوطن ـ لم يكن متصلبا ً، أو أحاديا ً في تبني تيار من التيارات، أو الانحياز إلى أسلوب بوصفه خلاصة أخيرة، بل على العكس، كان أكثر تأملا ً للمسارات غير المرئية للتحول من الثوابت نحو هدمها، بغية منحها نزعتها الابتكارية، والمتجددة، ومدركا ً مدى تداخل المؤثرات في صياغة العلامات الفنية ـ المستحدثة.
كان محمد الحسني قليل الكلام، يمكن مقارنته بالأستاذ فائق حسن، إلا إن كلماته ـ الشبيهة بكلمات فائق حسن وصالح القره غولي، تتوخى معناها باستبصار يستقصي مكوناتها في حداثة الفن، وفك ألغازه بتفكيك بنيات العصر ما بعد الصناعي ـ الغربي/ الأوربي ـ إزاء بلاده التي مازالت أسيرة أنظمة لم تجتز عصرها الزراعي، حتى وان غذتها باستيراد السلع الحديثة، فالصعوبة لا تكمن في المنجز الفني/ النحتي، بمعزل عن البيئات الاجتماعية/ الثقافية فحسب، بل بالعثور على علاقة تسمح للفن أن لا يكون سطحا ًـ بمعنى بنية فوقية كالأصوات، والشعارات ـ بل جزءا ً محركا ً للإسهام ببناء تصوّرات متقدمة، مقارنة بما يحدث في العالم الحديث.
فقد كان يؤكد إن الحضارات القديمة، ومنها التي ظهرت في سومر، وأكد، وبابل، وآشور..الخ، قد اجتازت عصور الاقتصاد (البري/ البدائي) نحو: تأسيس المدن المكونة من تنوع سكاني، استنادا ً إلى وجود وثائق لغوية تحتوي على أكثر من لغة، وإنها منحت الفن ـ فن النحت تحديدا ًـ مكانة رمزية ـ روحية، ذات علاقة متكاملة مع فن المعمار، البناء، حيث الآثار تدل على مدى التقدم (المعرفي/ التقني/ الفكري) لوحدة التصوّرات، بالتطبيقات العملية. كان الأستاذ محمد الحسني يدرك ـ مع ابرز ممثلي جيله ـ صعوبة ردم الفجوات التي تعرضت لها حضارة وادي الرافدين، ليس بنهاية العصر الأشوري، بل بالانقطاع ـ شبه التام ـ عن الحضارات السابقة: البابلية: الاكدية/ والسومرية...، وهو انقطاع لم يترك للمدن إلا أن تتحول إلى شواهد ـ شواخص دالة على أزمنة بانتظار الحفر، والتنقيب، والاكتشاف...، وان مهمة ترميم (الذاكرة) ومنحها عملها المتوازن مع الحداثات، سيشكل عملية معرفية ـ تستدعي التجريب ـ لا تقوم على محاكاة علامات الماضي، للحفاظ على الشخصية، ولا تقوم على استنساخ حداثات أوربا، لمواكبة روح العصر، وبرامجه الشديدة التعقيد، فحسب، بل للإسهام بالحفاظ على الهوية بوصفها استحداثا ً لصهر المؤثرات والروافد ومنحها هويتها العامة ـ إلى جانب خصائص النحات، ودوره في المنجز الفني ـ الجمالي.(4)
وقبل أن تتبلور سمات مجسماته، بعد عودته من الدراسة في فرنسا (البوزار)، ومشاركته عضوا ً مؤسسا ً في جماعة بغداد للفن الحديث، منذ 1951، كانت ثمة عقبات حقيقية لا تخص فن النحت، أو فن الرسم، بل عدم الوضوح بمحاكاتها حد الاستنساخ، فلم يكن ميسرا ً بلورة رؤية أسلوبية للرسم خارج تأثيرات بيكاسو، والأمر لا يختلف في مجال النحت، حيث كان جايكومتي، وهنري مور على نحو أوسع، قد فرضا هيمنة حفرت تأثيراتها عميقا ً في النحت العالمي الحديث، ولم يكن تجنبهما يحصل إلا بإعادة إنتاج قراءة للهوية تسمح بإنشاء تجارب مجاورة، من ثم العمل على قراءة متجددة للمفاهيم وتطبيقاتها. وإذا كان محمد الحسني أكثر حذرا ً في محاكاة مور، فانه كان يدرك أن نحاتا ً كلاسيا ً ـ كهنري مور ـ ذاته، كان قد ابتكر قراءات للنحت في أصوله القديمة، مما سمح لمحمد الحسني أن يحفر في تلك المرجعيات، ومنها الرافدينية، للحداثات ـ وما بعدها.
على أن المفهوم العام لجماعة بغداد، القائم على جدلية العصر ـ وموروثات الأزمنة السابقة، أي: المعاصرة والتراث، لم تكن متزمتة، ومتشددة، بل منحت أعضاء جماعة بغداد الحرية ذاتها للنحات وهو يحافظ على تجريبيته، وهي مغايرة لمعنى: الخطأ والصواب، بقراءة مفهوم (الفن)، وإعادة إنتاجه وفق حداثة لا تلغي واقعيتها الحديثة، ذات العلاقة بالمجتمع، البيئة، ودور الفن (الطليعي) بالتحولات الثقافية لمجتمعه إزاء ما يحدث في العالم.
كانت النصوص النحتية لمحمد الحسني تستدعي ديناميتها من رؤاه داخل مجتمع يباشر بإنشاء معالم مرحلة تتكامل فيها الروافد، بعيدا ً عن الأحادية، والجمود. فلم يختر الفنان التجريد، لا بدافع محاكاة التيارات الأوربية الطليعية، كالتكعيبية، أو المستقبلية، بل سمح لها أن تنصهر بأشكاله المستمدة من تأملاته للنحت العراقي القديم ـ ما دام النحت، في هذا السياق، شديد الصلة بالمدينة (معمارها/ شوارعها/ متنزهاتها/ ومؤسساتها المختلفة)، بالدرجة الأولى، وفي الوقت نفسه، لم يختر أن يكون واقعيا ً تقليديا ً أيضا ً. لقد صهر ـ كجواد سليم ـ مكونات تجربته بعفوية صاغها بمهارة نحات درس في المعهد العالي للفنون في فرنسا، وتلقى خبرات تأهله لموقع أن يشغل موقع أستاذ النحت في أكاديمية الفنون الجميلة ببغداد، إلى جانب عبد الرحمن الكيلاني، محمد غني حكمت، وصالح القره غولي، وإسماعيل فتاح...، والعفوية ـ هنا ـ أتاحت له أن يمنح نماذجه الفنية (رسم/ نحت) الكثير من شخصيته، ذات الطابع التأملي، رغم تميزه بشغف التعرف على ما كان يحدث، بعد الحرب العالمية الثانية، من صراعات تحولت إلى هيمنة الحرب الباردة، برؤية منحت فنه قدرة اكبر على دمج الذاتي بالموضوعي، والعام بالخاص.(5)
فقبل أن ينجز سلسلة من التماثيل للنساء أو للرجال، اشتغل بالعثور على علاقة إبداعية بين الأعماق/ الداخل، وما يوازيها من رموز وعلامات منفذة بأسلوب لا يتضمن الشرح، أو الوضوح الفائض، بل بجسور تجدد الانتقال من أشكاله (الأنثوية) بحركاتها المختزلة نحو موضوعاته المستمدة من الأعماق، لأنه طالما عمل على إزاحة القشور، والأقنعة، كي يتيح للمتلقي الذهاب إلى المناطق النائية، أو المسكوت عنها. فالنحات كان يحقق مفهومه للحداثة الوطنية بالحفاظ على كل ما يلخص مكانة الإنسان بوصفه مبتكرا ً، وصانعا ً امهرا ً، وليس آلة صماء، أو منشغلا ً بالتكرار، كي يكون اتباعيا ً ويغلق روح المغامرة، والاستحداث. فانا أتذكر انه طالما أكد بان الانسياق خلف الأشكال يتطلب معرفة شمولية لمفهوم المدينة ـ وتجددها، وان الأسلوب، بحد ذاته، يحقق نموه طالما الفنان امتلك ثقافة مبصرة، جدلية، بما يحدث من متغيرات، لأن مفهومه للنحت مكث يجدد عمل الجسور اللا مرئية مع ما أنشأته الأزمنة الذهبية، أو في حلقاتها المتقدمة، حيث النحت شكل أسا ً من أسسها، فالكتابة، التشريع، واختراع الأدوات أو الأدوات المنتجة للأدوات، كان موازيا ً ـ ومكملا ً ـ لروح العمارة، والبناء، منذ فجر السلالات في سومر.(6
ولكن هذا لا يتجانس مع التكرار، أو الانسحاب إلى الماضي، أو البكاء عند أطلاله، بل التقاط تلك الأسس، الومضات، والوثبات الروحية وقد صاغت معناها بعلامات ستؤدي دور الآلهة الأم: المولدة، بوصفها صاغت أقدم مؤسسة للتصنيع ـ الإنتاج. وربما ـ وللأسف لم يخطر ببالي أن اسأل الأستاذ محمد الحسني حول مدى قراءته لدور الأم بما تمثله كأقدم نظام مؤسساتي يتجانس مع أكثرها حداثة: واقصد به: روح الإنتاج وليس آليته الميكانيكية ـ كان انحيازه ببناء نماذجه للنسق الأنثوي ـ بالمعنى وبالأشكال ذات المرونة والانسيابية ـ شكل سمة أكدت انحيازه لقضايا الحرية لأنها قائمة على أسس: التوليد ـ وليس الهدم، أسس: تغذية دوافع العمل الإنتاجي الذي بدوره عزز أعراف العدالة وتطبيقاتها، من ناحية النظام الاجتماعي العام، والجمالي على صعيد الرهافة، والأبعاد الجمالية.
فلو أجرينا حذفا ً ـ وإضافات ـ لمنحوتاته، ونظرنا إليها بحذف الزمن، لظهر انه اشتغل على تتبع مسارات الحركة المولدة للحركة، التي كانت تتميز بأقدم علاقة ليس لجسد المرأة، بل للخصب، بما شكله من مكونات قامت عليها أسس الحضارات: أي الانتقال من المحاكاة والنسق الآلي إلى: الاستحداث، وفتح منافذ غير قابلة للارتداد. فالصلة بين الفن/ الثقافة، والتنمية، تأتي ضمن عمليات الابتكار واستحداث العلامات بمكوناتها البصرية والرمزية والتعبيرية وقدراتها على إعادة صياغة الأشكال، وصلتها بالواقع، بخيال يمنح النحت روح المدينة ـ التي ولد فيها الحسني/ بغداد ـ وليس خرابها، أو علاماتها الاثارية.
إننا إزاء أقدم مضمون يعيد للآلهة الأم مكانتها، طالما المدن لا تتجدد، إلا عبر إعادة برامج تشكل الصناعة فيها لغة/أدوات توازي التطور في الحياة، وتقدمها. وما دام تحرر المرأة لن يحصل بقرار صادر عن مراكز (ذكورية)، في عصر نهاية الحداثة، وسيادة نسق ثقافات ما بعد التصنيع، وأثرها ـ ضمن سيادة العولمة وقسوتها ـ بسيادة عصر الاستهلاك، وسيادة عصر البضائع، الأشياء، فان التحرر العام سيستقي أصوله من المجتمع وهو يكّون ـ يصنّع ـ هويته، بالأسس التي تمنح المدينة هويتها.
والنحات محمد الحسني لم يغفل إن الأفكار لا معنى لها، إن لم تجد شفافية في التطبيق، فانه ترك لا شعوره يؤدي دوره ببناء نماذجه المستقاة من أكثر الموضوعات دينامية. فالمرأة لم تصر رمزا ً للحرية، مادامت ـ في العالم بأسره وفي العالم الذي مازال يواجه عقبات بالتحول نحو التصنيع ـ فحسب، بل إشكالية مكثت تستدعي قراءات رائدة، ليس على مستوى الفن، بل عبر التحولات المجتمعية ذاتها. والأستاذ الحسني، وهو يعمل بمنظور (الخيال) ودوره الطليعي، لم يجد رمزا ً مولدا ً للأشكال البصرية المستقاة من تاريخ (عالمي) للمرأة، أدق من معناه وقد أعاد بناءه من غير إسراف في (التقنية) بل بمراعاة خاماته، بغالبيتها المنتقاة من الخشب، للتعبير جماليا ً عن جدلية العلاقة بين: الاختراع ـ والتنفيذ.(7)
ولأن استخدام الصب بالبرونز، في عراق الخمسينات والستينات، (8) عامة، كان عقبة، كاستخدام خامات الحجر، والرخام، فانا أرى انه ـ ليس لهذا السبب ـ قد انحاز للنحت بمادة الخشب، بما تمثله هذه الخامة من صلة بالأرض ـ الأم ـ وما تهبه، لا شعوريا ً، من قدرات تعبيرية قد لا تتحقق بالحجر ، أو بالمعادن ..، لكن نماذجه النحتية ـ بالخامات الأخرى ـ لن تختلف كثيرا ً بما أنجزه من مرونة، ودينامية. فالنحات، في سياق آخر، لم يسمح لمنجزه الفني بالتطرف، أو باختيار الواقعية التقليدية، مثلا ً، بل حافظ على انجاز ما كان يدور في ذهنه من رؤى، وتصورات، لها صلة برؤية جماعة بغداد للفن الحديث، وهي تجذب إليها الأكثر اهتماما ً ببناء أصول للأنساق الحديثة، التي لا وجود لها، منذ قرون طويلة. فخلال سنوات (62 ـ 69) أقام أربعة معارض شخصية للنحت، مؤكدا ً أن دوره (الفني) لم يعد صانعا ً للسلع (الفنية)، بحسب الأنساق التصنيعية للفن ـ لتيارات ما بعد الحداثة ودخولها في عالم العولمة، بل الإبداع ضمن جيل اكتسب ريادته باستحداث علامات ستشكل (هوية) النحت الحديث في العراق. فالي جانب خالد الرحال، المعني كثيرا ً بالمرأة، ومكانتها كأولوية لأية نهضة تعمل على التحديث، هناك محمد غني حكمت الذي لم تغادره موضوعاتها حتى آخر لحظات حياته، وهو الحلم المقترن برمزية المدينة والارتقاء بها نحو: استحداثها وفق توازنات لا تعزلها عن جذورها ولا تتركها تحدق في المجهول، كما أن المعاصرة لا يمكنها أن تتحقق من غير غوص في الايكولوجيا، بمعناها الشامل، بدل إهمالها، أو تركها جانبا ً، كان محمد الحسني واحدا ً من جيل تضافرت عنده عوامل تأسيس الفن (الريادي) الحديث، غير التقليدي، أو المستعار، وقد شكل مناخا ً، مع تجارب عبد الرحمن الكيلاني، إسماعيل فتاح، صالح القره غولي، الوكيل، عيدان الشيخلي، ميران السعدي، وصادق ربيع، قاعدة لزمن قادم تتنوع فيه الأساليب، وطرق المعالجة، ولكنها ستؤكد إنها حافظت على بلورة اتجاه عام تبنته جماعة بغداد للفن الحديث: إن الابتكار لا ينشأ إلا بقراءات للقوانين الأكثر دينامية، في فهم مسارات الفنون عبر الحضارات القديمة، وعبر تجددها، في فترات الازدهار، أو في مراحل التدهور، والانحطاط، ليس بالحفاظ على علامات مستعادة من كنوز المتحف القديم، وليس بمحاكاة أكثر التجارب غرابة، عزلة، تطرفا ً وفنتازيا، في الحداثات وما أعقبها من انتشار للتيارات المواكبة لفوضى الأسواق، وعولمتها، بل الحفاظ على ما يعيد صياغته الفنان إزاء عالم تتسارع فيه (المعايير)، وتتغير، وهو ما اشتغل عليه جيل الرواد، بخصوصية عمل تجاوزت نظام (الفن) للفن، نحو الفن بوصفه معرفة مجتمعية تعمل على ترسيخ نزعة البناء، وصياغتها بدوافع يأخذ الفن مساحته الحقيقية فيها. فالمدينة ـ بغداد ـ لم تعد تاريخا ً سرديا ً للمخفيات، أو أطلالا ً، بل: مشروعا ً يصير الفن فيه علامة للتجدد ـ والابتكار، وهو الذي منح تجربة النحات الرائد محمد الحسني دورا ً تجاوز حدود الحقبة الزمنية، نحو معالجات جمالية كانت الآلهة الأم ـ المعاصرة ـ رمزا ً للدينامية ـ والابتكار.
1ـ الفنان والكاتب نزار سليم، في كتابه "الفن العراقي المعاصر ـ الكتاب الأول ـ فن التصوير" هو من وصف الجيل الأول، بالأوائل؛ الجيل الذي تلقى معارفه الفنية في الدولة العثمانية، قبل نهاية الحرب العالمية الأولى، ومعظمهم من الرسامين، ولهذا فان الرعيل الأول من النحاتين، هم من أسهم بنشاء التجارب الأولى في هذا المجال.
2 ـ قسم توفلر، في كتبه "صدمة المستقبل" و "الموجة الثالثة" و " تحولات السلطة" و "خرائط المستقبل" ..الخ، الحقب التاريخية إلى: زراعية، صناعية، والى ما بعد الصناعية، أي الرقمية، لافتا ً النظر إلى تدشينات العولمة، وأثرها في تحول الحضارات، وتصادماتها.
3 ـ د. إبراهيم الحيدري "عولمة الثقافة وثقافة التصنيع" موقع: الحوار المتمدن ـ 2016
4 ـ في مقاله "الفن الحديث في العراق" يكتب الأستاذ جبرا إبراهيم جبرا: "تتألف "جماعة بغداد للفن الحديث" من رسامين ونحاتين، لكل ّ ٍ أسلوبه المعين، ولكنهم يتفقون في استلهام الجو العراقي لتنمية هذا الأسلوب. فهم يريدون تصوير الناس في شكل جديد، يحدده إدراكهم وملاحظتهم لحياة هذا البلد الذي ازدهرت فيه حضارات كثيرة واندثرت ثم ازدهرت من جديد" الحرية والطوفان ـ ص 219 ـ 220 والمقال كتب عام: 1957
5 ـ وإذا كان محمد الحسني ـ كمعظم النحاتين العراقيين ـ قد اشتهر بالمنجز النحتي، فان تجاربه المبكرة في حقل فن الرسم ـ منذ أربعينيات القرن الماضي وخمسينياته ـ لها امتيازها، وخصوصيتها، فإلى جانب تجارب الرسم عند جواد سليم، وخالد الرحال، وإسماعيل فتاح، ومحمد غني حكمت، أكدت نزعته التعبيرية ـ الرمزية، عن معالجات تكمل أسلوبه في النحت. فالعناصر التشكيلية للرسم، بخصائصها التقليدية، تلقي المزيد من الضوء على المناطق ذاتها التي حققها في النحت، وبما يؤكد أن العلاقة بينهما ليست حديثة، وليست قديمة قدم تماثيل الآلهة الأم، فحسب، بل لأن تداخل الفنون، في الغالب، يوسع من أفق التجريب، ويقود لتخطي تكرار النماذج الفنية، بمنح عناصر الرسم، بعدا ً لم يستغن النحات عنه، في استكمال الرؤية، واغنائها بأبعاد جمالية ـ ورمزية، وواقعية حديثة (مستحدثة بإضافات تحافظ على تقاليدها المتعارف عليها) في نهاية المطاف. انظر: شوكت الربيعي: " لوحات وأفكار" ص103 وما بعدها.
6 ـ يؤكد الأستاذ س.ن. كريمر في كتابه "هنا بدأ التاريخ ـ حول الأصالة في حضارة وادي الرافدين" إن هذه الحضارة استندت، كي تكتسب الريادة، إلى إنها أنشأت: أول مدرسة في العالم/ وأول حكم ديمقراطي/ وأول إصلاحات اقتصادية واجتماعية/ وأول قانون/ وأول كتاب في الصيدلة/ وأول تقويم زراعي/ وأول فردوس/وأول أغنية حب ...الخ
7 ـ مع إنني اتفق مع رأي الفنان مكي حسين بـ ندرة " مادة الخشب اعتمدها كل النحاتين في العراق وذلك لتوفر هذه المادة ولسهولة انجاز العمل النحتي فيها , كذلك أمكانية اقتناء هذه الأعمال ولم تكن هناك بدائل أخرى .المرمر والحجر العراقي لم يكن من السهل الحصول عليهما في بغداد مثلا وليس هناك أنواع جيدة صالحة لعمل النحت ونادرا ما استخدمت هذه المواد " إلا أن اختيار الحسني، بل ومعظم رفاقه، لا يخفي اقترانه بموضوع المرأة، بما يمتلكه الخشب من مرونة، ورمزية، للتعبير عن مفهوم: دينامية الحياة. ولو قرأنا أعمال النحات مكي حسين، فإنها ستقترن بخامات غير خامة الخشب، أي خامة البرونز، حيث انشغل بموضوعات الحرية، والوطن، في مرحلة لم يكن محمد الحسني يعاني منها، لأن الوطن لم يكن قد تعرض للويلات ـ والكوارث. انظر موقع: صوت اليسار العراقي.
8 ـ يسرد النحات مكي حسين، ردا ً على تصريحات للنحات محمد غني حكمت، قصة نشوء التجارب الأولى في صب البرونز في ستينيات القرن الماضي، دالة على ريادة هؤلاء الفنانين، وهم يؤسسون علاماتهم الفنية. انظر موقع: صوت اليسار العراقي ـ وهي صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين. مقال بعنوان " تاريخ سباكة التماثيل البرونزية في العراق" لمكي حسين ، 2010
المصادر
1 ـ جبرا إبراهيم جبرا: "الحرية والطوفان" المؤسسة العربية للدراسات والنشر ـ بيروت الطبعة الثانية ـ 1979 "الفن الحديث في العراق"
2 ـ جبرا إبراهيم جبرا: "الفن العراقي المعاصر" بغداد ـ وزارة الإعلام ـ 1972
3 ـ نزار سليم: "الفن المعاصر في العراق ـ الكتاب الأول ـ فن التصوير. الجمهورية العراقية ـ وزارة الإعلام ـ 1977
4 ـ شوكت الربيعي: "لوحات وأفكار" الجمهورية العراقية ـ وزارة الإعلام ـ 1976
5 ـ س. ن. كريمر "هنا بدأ التاريخ ـ حول الأصالة في حضارة وادي الرافدين" ترجمة: ناجية ألمراني، سلسلة الموسوعة الصغيرة ـ 77 وزارة الثقافة والإعلام ـ بغداد 1980
6 ـ من اجل بغداد أجمل ـ التماثيل والأنصاب. إصدار:أمانة العاصمة. إعداد: فروق بطرس ـ بغداد 1977
7 ـ دليل الفنانين العراقيين. وزارة الإعلام ـ بغداد، إعداد: جميل حمودي ـ 1973
8 ـ معرض السنتين العربي الأول. وزارة الإعلام ـ بغداد 1974
9 ـ [ الحركة التشكيلية المعاصرة في العراق ـ مرحلة الرواد] عادل كامل. وزارة الثقافة والإعلام ـ بغداد 1980 ـ محمد الحسني ص198 ـ 199
• سيرة
ـ ولد في بغداد عام 1925
ـ تخرج في المدرسة العليا للفنون (البوزار) باريس عام 1958
ـ عضو مؤسس في جماعة بغداد للفن الحديث ـ 1951وشارك في معارضها.
ـ عضو في نقابة وجمعية الفنانين التشكيليين العراقيين.
ـ أقام معارض شخصية لأعماله الفنية عام: 62/64/65/69
ـ له أعمال منجزة: النافورة الدوارة في شارع أبي نؤاس/ تمثال الكندي في متنزه الوحدة/ عذاب المسيح في كنيسة القديس توما.
ـ شارك في المعارض المشتركة داخل العراق وخارجه.
ـ غادر العراق إلى فرنسا ومازالت يعيش فيها.