الاثنين، 20 أكتوبر 2014

أنكيدو..................أسعد البصري


أنكيدو... حرٌّ طليقٌ وحيدٌ قويٌّ لكن البراري موحشة ، تعالي طوقيني بحبلك وأعيديني إلى بيتكِ ، قصّي أظافري
وشعري و أطعميني و أرضعيني و نوّميني . وفي الصباح ألق عليَّ برداءٍ مِن صنعك ومن رائحتكِ وآمنحيني إسماً أخرج به إلى 
الناس و أعود به إليك .هذه اليد المفتولة العضلات إسمها الحرمان وهي تمسك بقلبي ، لكنها... تتراجع أمامك و تخشاكِ
كما تخشى الذئابُ النار . وكنتُ سأصرخُ تعاليْ لولا أنّ هذه اليدْ القويّة تخنقني . أنكيدو لا أسئلة عنده ، ولا طمعاً 
بالخلود ، أنكيدو يبحث عن رائحتكِ وحبلكِ السرّيّ الذي يربطه بالأرض ويمنحه
الطمأنينة . تعالي لأتمتّع بمجدك، أو لا تأتي لأتمتّع بعذابي . أنكيدو والبراري و أسواركِ . يا للرّوعة ويا لضياعي
...
هل تعرفين لماذا أكتب بشكل جيِّد ، ؟؟؟ لأنني أقسو على نفسي و أسيء الظنَّ بالقاريء . القاريء عدوٌّ يكره الكاتب
ولا يقرأ إلا مُرغماً . أعتقد أنه لن يصبر عليّ لأتنفّس و أطيل و أفصل ، أعتقد أن عليَّ أن أقول ما أريد 
قوله بسرعة واختصار و أنا ألهث . فلا وقت ، لا وقت القاريء - عدوِّي سيمل ويرمي بكلامي بعيدا عن نظره
صدقيني إذا حياتي تتوقف هكذا ، في اللحظة واليوم والمكان
لماذا جئتِ في اللحظة واليوم والمكان ؟؟ لأن أحداً جاء بكِ
ولأنّ حياتكِ توقفتْ أيضاً
...
أعطني سبباً معقولاً في هذا الوجود المُطْبِق يفسر لي
لماذا أنا لا أعانقك الآن ؟ لماذا لا أسجن يدك في يدي
ولا أخلط مائي بمائك ، ولا أجمع نفسي وأبعثرها فوقك ؟
لا يوجد سبب ....إنه فقط هكذا لأن العذاب مفيد لداء القلب
لا يوجد سبب للعذاب لأنه لا يوجد سبب للسعادة 
فقط لأن الله مفيد للشيطان ، ولأن الشيطان مفيد لله 
يبقى البشر ضحية أنفسهم ، أنت وحيد إملأ وقتك بالعمل تحصل على المال
أنت وحيد وتعبت من العمل أنفق المال في المتعة والبحث عن آمرأة .
لهذا يحطم الغرب الإنسان والعائلة حتى تظل وحيداً لتعمل أكثر وتنفق أكثر ، لأنك
لا تفتأ تبحث وتجد وتنفصل عن المرأة . وهذا كله إنفاق و نفقة ونفق و عبودية . 
لم أبحث عنك لكنك هنا ، وأنا أحبك ، لم أنفق عليك قرشاً لأنني
لا أملكه أصلاً لكنك هنا ترفرفين كفجرٍ فوق مدرسة ...
أنكيدو أباد نفسهُ ، أنكيدو أباد البراري
أنكيدو يمشّطُ شعرهُ بأصابعكِ ، أنكيدو يربطُ نفسه بضفائركِ ،
أنكيدو تسقطُ دودةٌ مِنْ أنفه ، دودةٌ أكلتْ قلبكِ
أسعد البصري

الأحد، 19 أكتوبر 2014

يحيى القيسي *-ثقافات


يحيى القيسي *
ثقافات



المشهد البائس سياسياً في كثير من المدن العربية اليوم، والمنشغل عسكرياً أيضاً في معارك هنا وهناك، لا تجد له الأثر الكبير والتفاعل الحقيقي مع المثقف القابع في شرنقة عجيبة، أو يكتفي بالتعليقات الهامشية بمقال هنا أو هناك، أو بأحاديث جانبية في حانة أو مقهى، وربما فكر فقط بنشر صورة مكررة أو اجترار ما يقوله العوام على صفحته "الفيس بوك" .

ثمة معارك طاحنة مع قوى ظلامية تريد إرجاع المشهد الحضاري العربي إلى العصر الحجري، أو فرض رؤيتها المشوشة والضيقة عن الإسلام، ثمة ذبح من الوريد إلى الوريد، واغتصاب، وتدمير متواصل، وثمة أيضاً ضخ إعلامي، وتجييش في الخفاء لمثل هذه الفئات في المجتمع التي لا تحتفي بالحياة، ولا تنتصر للإنسانية، ولكن المثقف لا يزال صوته ضعيفاً أو على الأغلب لا صوت له .
فيما مضى كانت الأمة مثل الجسد الواحد تنشغل بقضها وقضيضها بمصاب أي دولة أخرى، وكان صوت المثقفين فيها عالياً، لكن هذا لم يعد يحدث فحتى في الدولة الواحدة نفسها لم يعد هناك نوع من التضامن أو الاتفاق على مسائل مصيرية، أو على فكر ناظم لحياة الناس على مستوى الدولة نفسها على الأقل، كما أن سلطة المثقف تلاشت تقريباً، وانقسم أغلب المثقفين بين حائر وخائر .

قسم كبير منهم فقد الأمل من الدولة نفسها ومن الناس أيضاً، وهذا القسم ذو خلفيات يسارية أو قومية على الأغلب وعانى الأمرين في سنوات شبابه، ولكنه فقد وهج المقاومة حتى لو طرق المحتل باب داره، فقد تم اقصاؤه وخذلانه في الوقت من "الجماهير"، وبالتالي غدا متلحفاً بماضيه التليد، لا يتجاوز خطابه أيام الستينات، وقسم آخر من النوع اللامبالي، وينتظر دائماً حلولاً سحرية لما يجري، ويتعامل مع نفسه كمثقف حرفي، أي يجيد التعامل مع الثقافة ومصطلحاتها ويعرف مساربها وأسرارها كمهنة تدر الدخل، وبالتالي يؤدي دوره في هذا الحقل بأقل الخسائر، ومن دون أن يكون له رأي حقيقي، وغالباً ما تكون كتاباته مائية أي لا طعم فيها ولا لون ولا رائحة ولا موقف أيضاً من أي شيء، وقسم ثالث غارق في تفاصيل أدبية أو فنية دقيقة، وغائب عما يجري حوله، وربما لا ينتبه للحريق المحيط ببيته إلا إذا وصل إليه فعلاً واكتوى بناره، فلا مانع عند هذا النوع الثالث من عقد ندوة عن تجنيس القصة القصيرة جداً، أو قضاء ساعات طويلة من الجدل في أن الرواية ديوان العرب أم الشعر؟ وما هي شرعية قصيدة النثر؟ وأصوات الطائرات من حوله تطغى على صوت مكبرات الصوت والنقاشات البيزنطية مع الكثير من القهوة والسجائر .

النوع الرابع قد يكون واحداً من هؤلاء لكنه يمتلك فروسيته، ولم يرهن ضميره للشيطان، وبالتالي يشارك في معركة التنوير بطريقته، ويعلو صوته دفاعاً عن الحق والمستضعفين، الحق الذي ليس بعده الا الضلال، وهو الذي ينتصر لمقصد الوجود البشري على الأرض أي إعمارها ونشر الخير وثقافة السلام في ربوعها، وعدم الاقصاء والتطرف ومحاكمة البشر لأفكارهم، وهؤلاء للأسف قلة، لكن صوتهم قد يكون مؤثراً، لأنهم يؤمنون بما يفعلون، ولأن طاقة النور في النهاية لها فرسانها، وينبغي أن تأخذ دورها طال الزمن أم قصر .

كان غوبلز وزير الثقافة الهتلري يقبض على مسدسه كلما سمع كلمة "مثقف"، ولو أتى في زماننا هذا وشاهد مثقفينا العرب لاكتفى بالقهقهة أو ربما البكاء على زمن ذهبي أصبح في طيات النسيان .


_______
*روائي وإعلامي أردني ورئيس تحرير ثقافات/عن الخليج الثقافي

الاستراتيجيات العشرة للتحكم بالشعوب -_البروفيسور نعوم تشومسكي_


الاستراتيجيات العشرة للتحكم بالشعوب
_البروفيسور نعوم تشومسكي_
2011
(1) استراتيجيّة الإلهاء: هذه الاستراتيجيّة عنصر أساسي في التحكّم بالمجتمعات، وهي تتمثل في تحويل انتباه الرّأي العام عن المشاكل الهامّة والتغييرات التي تقرّرها النّخب السياسية والإقتصاديّة، ويتمّ ذلك عبر وابل متواصل من الإلهاءات والمعلومات التافهة. استراتيجيّة الإلهاء ضروريّة أيضا لمنع العامة من الإهتمام بالمعارف الضروريّة في ميادين مثل العلوم، الاقتصاد، علم النفس، بيولوجيا الأعصاب و علم الحواسيب. "حافظ على تشتّت اهتمامات العامة، بعيدا عن المشاكل الاجتماعية الحقيقية، واجعل هذه الاهتمامات موجهة نحو مواضيع ليست ذات أهمية حقيقيّة. اجعل الشعب منشغلا، منشغلا، منشغلا، دون أن يكون له أي وقت للتفكير، وحتى يعود للضيعة مع بقيّة الحيوانات." (مقتطف من كتاب أسلحة صامتة لحروب هادئة)
(2) ابتكر المشاكل ... ثم قدّم الحلول: هذه الطريقة تسمّى أيضا "المشكل - ردّة الفعل - الحل". في الأول نبتكر مشكلا أو "موقفا" متوقــَعا لنثير ردّة فعل معيّنة من قبل الشعب، و حتى يطالب هذاالأخير بالإجراءات التي نريده أن يقبل بها. مثلا: ترك العنف الحضري يتنامى، أو تنظيم تفجيرات دامية، حتى يطالب الشعب بقوانين أمنية على حساب حرّيته، أو: ابتكار أزمة مالية حتى يتمّ تقبّل التراجع على مستوى الحقوق الإجتماعية وتردّي الخدمات العمومية كشرّ لا بدّ منه.
(3) استراتيجيّة التدرّج: لكي يتم قبول اجراء غير مقبول، يكفي أن يتمّ تطبيقه بصفة تدريجيّة، مثل أطياف اللون الواحد (من الفاتح إلى الغامق)، على فترة تدوم 10 سنوات. وقد تم اعتماد هذه الطريقة لفرض الظروف السوسيو-اقتصاديّة الجديدة بين الثمانينات والتسعينات من القرن السابق: بطالة شاملة، هشاشة، مرونة، تعاقد خارجي ورواتب لا تضمن العيش الكريم، وهي تغييرات كانت ستؤدّي إلى ثورة لو تمّ تطبيقها دفعة واحدة.
(4) استراتيجيّة المؤجّــَـل: وهي طريقة أخرى يتم الإلتجاء إليها من أجل اكساب القرارات المكروهة القبول وحتّى يتمّ تقديمها كدواء "مؤلم ولكنّه ضروري"، ويكون ذلك بكسب موافقة الشعب في الحاضر على تطبيق شيء ما في المستقبل. قبول تضحية مستقبلية يكون دائما أسهل من قبول تضحية حينيّة. أوّلا لأن المجهود لن يتم بذله في الحين، وثانيا لأن الشعب له دائما ميل لأن يأمل بسذاجة أن "كل شيء سيكون أفضل في الغد"، وأنّه سيكون بإمكانه تفادي التّضحية المطلوبة في المستقبل. وأخيرا، يترك كلّ هذا الوقت للشعب حتى يتعوّد على فكرة التغيير ويقبلها باستسلام عندما يحين أوانها.
(5) مخاطبة الشعب كمجموعة أطفال صغار: تستعمل غالبية الإعلانات الموجّهة لعامّة الشعب خطابا وحججا وشخصيات ونبرة ذات طابع طفولي، وكثيرا ما تقترب من مستوى التخلّف الذهني، وكأن المشاهد طفل صغير أو معوّق ذهنيّا. كلّما حاولنا مغالطة المشاهد، كلما زاد اعتمادنا على تلك النبرة. لماذا؟ "إذا خاطبنا شخصا كما لو كان طفلا في سن الثانية عشر، فستكون لدى هذا الشخص إجابة أو ردّة فعل مجرّدة من الحسّ النقدي بنفس الدرجة التي ستكون عليها ردّة فعل أو إجابة الطفل ذي الإثني عشر عاما." (مقتطف من كتاب أسلحة صامتة لحروب هادئة)
(6) استثارة العاطفة بدل الفكر: استثارة العاطفة هي تقنية كلاسيكية تُستعمل لتعطيل التّحليل المنطقي، وبالتالي الحسّ النقدي للأشخاص. كما أنّ استعمال المفردات العاطفيّة يسمح بالمرور للاّوعي حتّى يتمّ زرعه بأفكار، رغبات، مخاوف، نزعات، أو سلوكيّات.
(7) إبقاء الشّعب في حالة جهل وحماقة: العمل بطريقة يكون خلالها الشعب غير قادر على استيعاب التكنولوجيات والطّرق المستعملة للتحكّم به واستعباده. "يجب أن تكون نوعيّة التّعليم المقدّم للطبقات السّفلى هي النوعيّة الأفقر، بطريقة تبقى إثرها الهوّة المعرفيّة التي تعزل الطّبقات السّفلى عن العليا غير مفهومة من قبل الطّبقات السّفلى" (مقتطف من كتاب أسلحة صامتة لحروب هادئة)
(8) تشجيع الشّعب على استحسان الرّداءة: تشجيع الشّعب على أن يجد أنّه من "الرّائع" أن يكون غبيّا، همجيّا و جاهلا
(9) تعويض التمرّد بالإحساس بالذنب: جعل الفرد يظنّ أنّه المسؤول الوحيد عن تعاسته، وأن سبب مسؤوليّته تلك هو نقص في ذكائه وقدراته أو مجهوداته. وهكذا، عوض أن يثور على النّظام الإقتصادي، يقوم بامتهان نفسه ويحس بالذنب، وهو ما يولّد دولة اكتئابيّة يكون أحد آثارها الإنغلاق وتعطيل التحرّك. ودون تحرّك لا وجود للثورة!
(10) معرفة الأفراد أكثر ممّا يعرفون أنفسهم: خلال الخمسين سنة الفارطة، حفرت التطوّرات العلميّة المذهلة هوّة لا تزال تتّسع بين المعارف العامّة وتلك التي تحتكرها وتستعملها النّخب الحاكمة. فبفضل علوم الأحياء، بيولوجيا الأعصاب وعلم النّفس التّطبيقي، توصّل "النّظام" إلى معرفة متقدّمة للكائن البشري، على الصّعيدين الفيزيائي والنّفسي. أصبح هذا "النّظام" قادرا على معرفة الفرد المتوسّط أكثر ممّا يعرف نفسه، وهذا يعني أنّ النظام - في أغلب الحالات - يملك سلطة على الأفراد أكثر من تلك التي يملكونها على أنفسهم.

تخطيطات وسومريات على ورق البردي للفنان غالب المسعودي من وحي الانثى

ذهبيات كما قبب الصالحين-لوحات غالب المسعودي

حروفيات-حروفية التحدي لوحات غالب المسعودي

السبت، 18 أكتوبر 2014

يوم الغذاء العالمي -16 تشرين الأول-د. وريا عمر أمين



يوم الغذاء العالمي -16 تشرين الأول











نامي جياع الشعب نامي
حرستك الهة الطعام
الجواهري

د. وريا عمر أمين

       يصادف السادس عشر من تشرين الاول من كل عام يوم الغذاء العالمي ، وهو التاريخ الذي اعتمدته منظمة الغذاء العالمية للاحتفال بيوم الغذاء العالمي الذي تأسس خلال الدورة العشرين لمؤتمر منظمة الأغذية والزراعة عن طريق الدول الأعضاء في المنظمة في تشرين الثاني 1945. وقد صادقت الجمعية العامة عام 1980 على قرار للاحتفال بهذا اليوم آخذة بعين الاعتبار حقيقة أن ( الغذاء يشكل متطلب لبقاء ورفاهية الإنسانية، كما انه يعتبر ضرورة ملحة لها  (القرار35/70 ، بتاريخ 5 كانون الأول 1980.
 منذ ذلك الحين يحتفل به كل عام في أكثر من 150 بلدا لغرض رفع الوعي بالقضايا المتعلقة بالفقر والجوع  ويهدف إلى توعيةِ الناس بمعاناةِ الجياع وناقصي الغذاء في العالم .
          هناك عوامل و اسباب متعددة  لحدوث المجاعات  كالحروب و الظروف السياسية المتطرفة والحكومات الفاسدة و الزيادة السكانية البشرية و التقلبات المناخية الطبيعية .
 



        وحسب احصائيات منظمة الغذاء هنالك حوالى نصف مليار طفلٍ جائعٍ حول العالم يموتون موتا بطيئا من الجوع،  وأكثرُ من مليارِ شخصٍ على مدارِ الكرةِ الأرضيةِ  لا يحصلونَ على القدرِ الكافي من الغذاء ، تصارعُ من أجلِ البقاء من أجلِ حفنةٍ من طعامٍ تضمنُ لها الحياة لساعاتٍ قليلةٍ.
       يعتبر قضية انعدام الأمن الغذائي في صدارة اهتمام المجتمع الدولي حتى يتسنى احترام أبسط حقوق الانسان وهو الحق في الغذاء.  وةمنذ عام 1981، اعتمد يوم الأغذية العالمي موضوعا مختلفا لكل عام. وتدور معظم المواضيع حول الزراعة لأن الاستثمار في الزراعة فقط  سيغير هذا الوضع.  وهي القوة الاساسية الدافعة في اقتصاديات العديد من البلدان النامية .



 


      يهدف الشعار الرسمي ليوم الأغذية العالمي الذي تعلن عنه منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة في بداية كل عام الى تحديد الموضوع الذي ينبغي التركيز عليه عبر نشاطات يوم الأغذية العالمي ، كما يساعد في زيادة و تعميق فهم المشاكل والحلول التي تطرحها حملة القضاء على الجوع.
     أختير موضوع يوم الأغذية العالمي لعام 2014 – الزراعة الأسرية: "إشباع العالم ورعاية الكوكب" للإعلاء من شأن الزراعة الأسرية والمزارعين من أصحاب الحيازات الصغيرة. وهو يركّز انتباه العالم على الدور البارز للزراعة الأسرية في القضاء على الجوع والفقر وتوفير الأمن الغذائي والتغذية وتحسين سبل العيش.


إشارة ذات صلة [1]



من يصنع الفقراء .. ومن يصنع الإرهاب..؟

    السؤال الذي يستحق تكراره من غير ملل: ما هي علاقة الإرهاب بالفقر، وما هي علاقته بتراجع التعليم وزيادة أعداد غير المتعلمين، وما ـ هي ـ هذه العلاقة، وهل البلدان الأكثر تقدما ً في التعليم، والتي عالجت مشكلات الفقر، ومشكلات البطالة، أكثر تمتعا ً بالأمن، والسلم المجتمعي، وفي رؤيتها للحاضر، وببناء مستقبلها..؟
   الإرهاب، عمليا ً، ليس نتيجة صناعة متقدمة، مثلما ليس هو ظاهرة عفوية، أو محض مصادفة، فحسب، بل هو علامة لعصر شديد التعقيد، زاخر بالعنف، والتصادمات، والأحزان...
   فإذا كان العنف، منذ أقدم الأزمنة، ظاهرة لم يتم التخلص منها، أو وضع حد لها، فان (الإرهاب) المعاصر، ومع الثورات التقنية الحديثة، أصبح يعمل عمل (الأشباح)، ويتحرك خارج حدود الرقابات، بل وضدها أيضا ً. انه غدا سلطة، تتحدى السلطات الشرعية، وفي كثير من الأمثلة، يتجاوز القوانين، والأعراف، والحدود.
    فإذا كانت صناعة (الإرهاب) ليست عفوية، وليست مصادفة، من ناحية، وإذا كان الإرهاب قد تجاوز أشكال العنف التقليدية، وتجاوزه لأبسط حق من حقوق الإنسان، ألا وهو حق الحياة، من ناحية ثانية، فلماذا وجد استجابة ـ بشكل ما من الأشكال ـ في المناطق التي الأشد تمتعا ً بالفقر، والتي تزدهر فيها أعداد غير المتعلمين، ولفترات زمنية غير قصيرة، كما في بلدان العالم الثالث، على سبيل المثال...؟
    صحيح، هناك نشاطات إرهابية في كل مدن العالم؛ من موسكو إلى بوستن، ومن مدريد إلى لندن، ولكن عندما يتحول (الإرهاب) إلى ظاهرة يومية، يذهب ضحيتها آلاف الأبرياء، فان أية مواجهة للحد من نشاطاته التدميرية، لا معنى لها، من غير معالجة  البيئات الحاضنة له، والمروجة، والتي قد لا تجد في الموت إلا خلاصا ً، لأسباب موضوعية، وواقعية أيضا ً، حيث تدعم الإرهاب، أو تقف معه، أو لا تعمل على دحره، عندما تشعر أنها معاقبة من لدن مجتمعاتها، وحكوماتها، وأنها قد تجد في المواجهات المباشرة خلاصها الوحيد...
      الأمر الذي يدعو ـ في تكرار هذا السؤال ـ إلى قراءة  شاملة للتعليم، وللذين يعيشون تحت خط الفقر، ومنحهم فرصهم الحقيقية لدعم السلام، والحياة الكريمة...، آنذاك سيكون رد الفعل العام، للملايين، قوة حقيقية لن تسمح للإرهاب ان يمضي في تدمير الحضارات، والمجتمعات، والملايين من الأبرياء، عندما تأخذ المعرفة دورها، وعندما تتراجع نسب الفقراء، وعندما يتحول الوعي الشعبي إلى أداة تعيد للحضارة موقعها في وضع حد لصانعي الإرهاب، وتحد من ازدهار صانعي الكوارث، والحروب، والخراب.
إشارة ذات صلة [2]

140 مليون عربي تحت خط الفقر

أظهر تقرير صدر الأحد عن الجامعة العربية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن 140 مليون عربي يعيشون تحت خط الفقر، وأن معدل البطالة بين الشباب في الدول العربية هو الأعلى في العالم.

فقد أوضح التقرير أن 40% من سكان الدول العربية أي 140 مليونا يعيشون تحت خط الفقر، وأنه لم يكن هناك أي انخفاض في معدلات الفقر بالمنطقة العربية على مدى السنوات العشرين الماضية.

وأضاف أن معدل البطالة بين الشباب في معظم الدول العربية تفوق أكثر من 50% وهي العليا في العالم.

وذكر التقرير أن التحدي الماثل أمام الدول العربية هو توفير 51 مليون فرصة عمل جديدة في السنوات العشر المقبلة التي لن تسهم في تقليل نسبة البطالة لكنها ستسهم في منع زيادتها.

وتمت صياغة التقرير قبل انعقاد قمة العالم في سبتمبر/أيلول العام القادم للاحتفال بالذكرى السنوية العاشرة لاعتماد أهداف الألفية عندما تعهد زعماء العالم للحد من الفقر والجوع بحلول العام 2015.




حسين الموزاني الثقافة والهوية الوطنية-مقدمة لكتاب يصدر قريبا عن منشورات الجمل

حسين الموزاني
الثقافة والهوية الوطنية


مقدمة لكتاب يصدر قريبا عن منشورات الجمل


حسين الموزاني



عندما وصلت إلى بيروت في الثامن من أيلول عام 1978 لم أكن أعلم قطّ بأنّ رحلتي هذه، أو إقامتي خارج العراق ستستغرق أكثر من ثلاثين عاماً، فأيّ رحلة هذه وأي بلاد تلك التي غادرتها بلا رجعة، ولا أمل في الرجوع! وأودّ أن أوضح هنا بأنني تآلفت مع منفاي منذ زمن بعيد ورضيت به داراً وبديلاً لوطني، واقتنعت بأنني بتّ الآن يتيم الوطن، بعد أن كنت يتيم الأب فحسب. فأنا الذي لا وطن له، بعد أن سلبه منيّ أبناء وطني  عنوةً، وليس قوات الاحتلال. وأقول هذا الكلام لكي تتضح الأمور منذ البداية، لأنني رجل معروف بصراحتي، ولم يعد هنا ما يستأهل الإخفاء بعد أن أصبحت الأسرار والنوايا كلّها مكشوفة. وكما عودتنا أغانينا التي كنّا نسخر منها في سنوات شبابنا فإن الغريب يكون أكثر رحمة عادةً من الأهل، فالأهل هم عادةً من يحرم ويظلم ويرتكب الجرم بحقّ أقرب الناس إليه. وأرغب أيضاً وقبل أنّ أدخل في صلب الموضوع، وهو التعرّض إلى ما كنت أحلم به وأنشده من بلدي وما آل إليه وضعه في الوقت الراهن، أرغب في التأكيد على أنّ ما يشهده العراق حالياً هو ليس أكثر من تنويع جزئيّ، لكنه سيء لنظام صدّام البعثي المقبور،  وأعوانه الذين مازالوا يقررون مصير البلاد، سواءً عن طريق الإرهاب أو المشاركة "بفضلةِ" الحكم التي تركها المحتل لأعوانه ومسانديه. وأقول هذا الكلام عن دراية وليس تعنتاً أو ضغينةً على أحد، مثلما قد يظنّ البعض. إذ أنني، شأني شأن الكثير من المنفيين، وجدت في التاريخ العراقي ملاذاً كبيراً، وفسحةً للتأمل. فعلمني هذا التاريخ بأنّ صدّام حسين هو الرمز المنطقي الدقيق لطبيعة الحكم والحاكم في العراق، وأنّ ما نراه في التاريخ وما نراه اليوم في الحاضر ما هو إلا تنويع أو "تجلّ" صداميّ لهذا الرمز الثابت منذ نشوء الدولة الإسلامية في العراق قبل ألف وأربعمئة عام.

 وبهذا المعنى فإن ليس هناك فرق جوهريّ بين الأنظمة الإسلامية التي حكمت العراق ونظام صدّام حسين الذي حكم العراق بحدّ السيف، بل ليس هناك فرق حتى في تحقيق الأغراض والمنافع المادية. ويكفي أن نلقى نظرة  قصيرة إلى مطلع التاريخ الإسلامي لنكتشف بأنّ حاكماً عراقياً اشتهر بالعدالة وهو عليّ بن أبي طالب لم يشذّ إطلاقاً عن اتباع سياسة المهادنة وإقصاء الخصوم المنافسين ومحاربتهم وحتى إبادتهم بلا رحمة. ومنذ أوّل انقلاب إسلامي حدث في سقيفة بني ساعدة والذي أخضع فيه "البعثيون الأوائل" من أمثال أبي بكر وعمر وعثمان وأضرابهم، أخضعوا المتمرّد عليّ على القبول بالأمر الواقع، فرضي صاغراً حتى آل إليه الحكم، ليعمل السيف بخصومه السياسيين. ويذكر لنا الرواة بأن الناس بايعوا أبا بكر ليخلف محمّد النبي، واستثبتوا للبيعة، ولم يتخلّف إلا عليّ والزبير بن العوّام، و"اخترطَ الزبير سيفه وقال : لا أغمده حتّى يُبايُع عليٌّ، فبلغ ذلك أبا بكر وعمر، فقال عمر : خُذُوا سيف الزبير، فاضربوا به الحجر. قال فانطلق إليهم عمر، فجاء بهما [أي عليّاً والزبير] تبعاً، وقال لتبايعانِ وأنتما طائعان، أو لتبايعانِ وأنتما كارهان! فبايعا"، (الطبري جـ3 ص 203.(
 وكلّ ما قيل لنا من أساطير عن اختلاف طبيعة عليّ بن طالب عن غيره من الحكّام العراقيين هو محض افتراء لا غرض له سوى تسفيه عقول الناس وابتزازهم واستغلالهم وسرقة أموالهم، وبالأخص الفقراء منهم، لأنّ ليس هناك أكثر استعداداً للتضحية من الناس الفقراء، وكذلك ليس هناك أسهل من استغلالهم.
وشاءت "الصدفة" أو الضغينة أن يقتل الزبير بن العوّام هذا في موقعة "الجمل" إلى جانب عشرة آلاف قتيل آخر، نصفهم من أصحاب عليّ والنصف الآخر من أصحاب عائشة بنت أبي بكر. ومع ذلك فقد أقام عليّ الصلاة على القتلى من خصومه لأنه رأى فيهم الكثير من العبّاد المجتهدين ومن أبطال المسلمين وأحبارهم، وندب موتاهم، تماماً مثلما كان يفعل صدّام حسين بعد كلّ مجزرة يرتكبها هو وأعضاء حزبه. وقد جاهر عليّ بن أبي طالب شخصيّاً بعدائه السافر للعراقيين عندما قال: لقد ملئتم قلبي قيحاً يا أهل العراق! لأنه أراد أن يجعلهم طوع يديه، فلم يرضخوا له فصار يحاربهم ويؤكد هذا الرأي عدد القتلى في المجازر التي وقعت في عهده هذه الحقيقة مثل موقعتي "النهر" و"عين التمر" وحرب "صفيّن".

 ولم يختلف الأمر كثيراً مع الحاكم الإغريقيّ المستبّد الإسكندر المقدوني الذي أعرب علناً عن كراهيته للعراقيين واستعان بمرشده الروحيّ، الفيلسوف أرسطو، لكي يضع له ولهم حلاً، وإلا فإنه فسيقطف رؤوسهم فرداً فرداً.. بيد أنّ أرسطو أعاده إلى صوابه بالقول إنّ قطف الرؤوس لن ينفع شيئاً، لأنها ستنمو من جديد ما دامت التربة مهيأةً لذلك، وإنّه لا يرى حلاّ سوى المزاوجة والمصاهرة بين الجنود الإغريق والنساء العراقيات. ومن يشكك في هذه الحقائق البديهية فما عليه إلا أن يلقى نظرة على الواقع العراقيّ الراهن أو طبيعة الحكم في إيران، حيث استولى غلاة "التشيّع وحبّ الإمام عليّ" على مقاليد الحكم ليظهروا حقدهم على البشرية جمعاء ويحولوا الدين إلى أيديولوجية دموية وذات صبغة فارسية عنصرية تعتاش على القتل والحرب والدسيسة والاغتيال السياسي.

فهل تغيّر شيء في طبيعة الحاكم السياسي العراقي منذ فجر التاريخ، والشقّ الإسلامي منه خاصةً، وإلى يومنا هذا؟
يمكن الإجابة عن ذلك بنعم، لأنّ الكثير من الأمور تغيّرت نحو الأسوأ في الواقع،  وأصبحت أشدّ خطراً أكثر مما كانت عليه في زمن عليّ بن طالب الذي صارت جرائم الطغمة الحاكمة في إيران ترتكب باسمه. ونرى هذه الظاهرة المقيتة تنشر في العراق حالياً، وطننا الأم، الذي استباحه المعممون الشيعة والسنة على السواء، ليلتحق بهم المعممون الأكراد الذين لا يقلّون خبثاً وطمعاً وتعطشاً للانتقام عن الساسة الآخرين. لكن الغريب في أمر العمامة الشيعية الجديدة التي تدعي حبّ الإمام علي وآل بيت النبيّ والتمسّك بعدالتهم والتحلّي بأخلاقهم وزهدهم هو أنها أجادت اللعب على الحبال الإيرانية والأمريكية على السواء، ما يعدّ في العرف الفقهيّ السياسيّ بدعةً عجيبة؛ هذا إذا ما استثنينا ممالأة وزير آخر خلفاء بني العبّاس المستعصم، ابن العلقمي، للاحتلال المغولي لعاصمة الخلافة العبّاسية بغدادَ.
وإذا ما تأملنا جيّداً حاكماً عراقياً معاصراً حظي إلى حد بعيد بتعاطف العراقيين وحبّهم ونعني به الزعيم عبد الكريم قاسم والذي يعدّ من حيث أصوله العرقية والدينية حاكماً عراقياً مثالياً، فسنجد بأنه بدأ حكمه بمجزرة قصر الزهور الرهيبة التي لا تختلف مبدئياً عن مجزرة كربلاء، لأنها كانت تهدف إلى القضاء النهائي على العائلة المالكة وقطع نسلها مثلما فعلت موقعة كربلاء بذريّة النبيّ محمّد. ووقع في فترة حكمة التي لم تتجاوز الأربعة أعوام ونصف العام حدثان دمويان هما واقعة الموصل المتمثلة بحركة الشوّاف ومجزرة كركوك الدموية. إذن حتّى هذا الحاكم "العادل" الطيّب القلب لم يتورع عن استخدام أساليب التصفية والإبادة الجماعية التي عرف بها الحكام العراقي منذ فجر الإسلام. و من مفارقات الدهر هو أنّ الإمام عليّ قتل وهو يصليّ في المسجد الأعظم وفي صبيحة يوم الجمعة، وقتل عبد الكريم قاسم صائماً في شهر رمضان بعد أن تعرّض للإهانة الشديدة، وأعدم صدّام حسين في أوّل أيّام "عيد الأضحى“. ولعلّ هذه الأحداث تبدو وكأنها جاءت بمحض الصدفة، ولم يكن مخططاً لها، وهذا خطأ في تقديريّ، إنما يعود ذلك بالدرجة الأولى إلى طبيعة الصراع على السلطة السياسية وإلى أسلوب الحكم الشرقي الاستبدادي الذي يرفع راية الإسلام وسيفه لتصفية الخصوم السياسيين.
ومن الخطأ كذلك الاعتقاد بأن المرء يتعلّم من التاريخ، فليس هناك في الواقع من يستلهم العبر من التاريخ، إنما فقط عبر تجاربه وآلامه ونكباته الشخصية، وإلا لاستفادت الطغمة المعممة "الحاكمة" التي نصبّها الاحتلال لتقوم بذبح أبناء البلد وتهجير من بقي منهم ونهب ثرواتهم وتمزيق وطنهم دون أن يطرف لها جفن، نعم، لاستفادت من تجارب الطغاة السابقين من صدّام وأمثاله!
وبالطبع أنني لم أتعرض إلى هذه النماذج من الحكّام السياسيين لغرض الطعن بهم، لأنني غير مهتم بأمرهم، وما يمهني في المقام الأول هو مصلحة العراقيين المحكومين، أي أبناء الشعب البسطاء الذين كانت مصالحهم تُخضع بالقوّة إلى مصلحة الحاكم المستبد. وقد سارت الأمور على المنوال منذ أربعة عشر قرناً وكأننا مازلنا نحيا في زمن أبي بكر وعثمان وعمر وعليّ مجسدين بشخصيّة صدام والخميني وأضرابهما. وليس هناك من حاكم رحيم يجعل مصلحة العراقيين فوق مصلحته فيفضل الاستقالة والاعتزال على استخدام العنف لتثبيت أركان الحكم. وفي هذا السياق فنحن لا نجافي الحقيقة إذا قلنا إنّ التاريخ السياسي العراقي شهد حكاماً متنورين، وإن كان عددهم قليلاً، حاولوا أن يكونوا عادلين فنجح بعضهم وفشل البعض الآخر.
لكنّ نموذج الخليفة المأمون أو داوود باشا أو حتى عبد الكريم قاسم، المعتدل نوعاً ما، أو النزيه ماديّاً على الأقل إذا ما قارناه بالحكّام العراقيين الجدد من أصحاب العمائم، نعم، إنّ هذا النموذج يصبح شائعاً، بل إننا بقينا على حالنا إلى يومنا هذا، خاضعين إلى قوانين الخليفة المتوكل على حدّ قول المفكّر المصري نصر حامد أبو زيد.

والآن أعود إلى صلب الموضوع وهو تلك الأحلام الصبيانية البريئة التي حملتها، ومازلت أحمل الكثير منها، عن بلدي وأهلي ومدينتي بغداد ومعالمها الثقافية التي اندثرت. ومنذ تلك اللحظة التي غادرت فيها بلدي للمرّة الأولى متوجهاً إلى بيروت التي كانت قد تخطت للتو الحقبة الأعنف من الحرب الأهلية، انتابني إحساس غريب وهو أن رحلتي ربما ستكون طويلة، ولم أتوقع قطّ بأنها ستدوم ستةً ثلاثين عاماً، أضحى فيها بلدي أطلالاً وحطاماً. وكان الهاجس الذي تمكن منّي هو أنني لم استطع أن أفعل شيئاً لوطني سوى أن أحيي ذكراه دائماً مثلما أحيي ذكرى والدي الذي غادر الحياة عندما كنت صبيّاً صغيراً. ولم يدر في ذهني يوماً بأنني كنت أحمل كلّ هذا الحبّ لبلدي الذي يتّمني مرتين، مرّة بفقدان أبي  وأخرى بفقدانه هو الأبّ الأكبر. وربما أعانني هذا الحبّ على الاستمرار ومواصلة العمل والكتابة، فتغلبت على جميع الصعوبات التي واجهتني، وبت مؤمناً بان الحبّ يجعل الإنسان فتياً وقويّاً أبد الدهر. فضلاً عن أنّ الحبّ نفسه لا يكلّف شيئاً سوى دحر الضغينة في الأعماق وقطع السبيل على التفكير الخبيث حتى في خلايا الدماغ. وإن كنت أردد أحياناً تلك العبارة التي تنسب إلى كارل ماركس ومفادها أن التفكير عملية مقدسة حتّى لو دارت في ذهن قاطع طريق، لكنني قطعت الطريق فعلاً على أفكار الانتقام والتشفيّ والأحقاد، بما في ذلك الأحقاد الشخصية. وأقمت علاقة طردية مع بلدي الذي أصبحت أوضاعه في تتدهور باستمرار بعد أن تسلّم صدّام حسين مقاليد الحكم. وترسخت قناعتي بأنني إذا كنت أحسب أفضل من صدام وأضرابه فلا يكفي أن أكون أفضل منه قليلاً أو كثيراً، بل يجب أن أكون مغايراً له في كلّ شيء، فليس هناك صحّة في الحياة الخاطئة، على حدّ تعبير الفيلسوف الألماني "تيودور أدورنو“. فعليّ إذن أن أبحث في ذهني عن الخطأ، وإذا ما قبضت على نفسي متلبساً بفكرة انتقامية فإنني أسارع فوراً إلى معالجتها واجتثاثها من الجذور. وصحيح أنني لست قديساً ولا طهرانياً، لكنني كنت ومازلت عراقيّاً معارضاً ومعزولاً، وسأضع صفاتي الأخلاقية كلّها موضع الشكّ إن فكرت في الطريقة ذاتها التي فكّر فيها صدّام والساسة العراقيون كلّهم. وعلى العكس من ذلك فقد كان حبّي لبلدي وأهلي وأبناء شعبي يتضاعف يوماً بعد آخر وصار يمدني بالقوّة والأمل كما لو أنني كنت المسؤول الأخلاقي الوحيد عن حاضره ومستقبله. وكما أنني أخترت أشدّ الطرق صعوبةً وأكثرها بعداً عن التأثير السريع، وهو طريق الأدب والفنّ. لذلك حاولت أن أجعل من الأدب معادلاً موضوعياً لبلدي المدَمّر والمغيّب، دون أن أعمد إلى استخدام الأدب السياسي المباشر، إنما تمسكت طوال الوقت بالمقومات الجمالية والفنيّة للعمل الإبداعي، فألقيت على كاهلي مهمة تعويض فقدان الوطن عن طريق الإبداع، إلى جانب مهمة المراقبة الحثيثة للذات ونوازعها واستطراداتها.
وعلى الرغم من أنني أصبت الآن بحالة كبيرة من اليأس، لكنني لا أود أن ينسحب ذلك آلياً على الآخرين، لأنني مقتنع تماماً بأنّ التغيير الإيجابي لا يصنعه إلا القلائل، أمّا الكارثة فيساهم في صنعها الكثيرون. فضلاً عن أن ثمار التغيير الإيجابية لا يجنيها من غرسها، إنما الآخرون دائماً، المنتفعون والانتهازيون، كيفما اتفق وضعهم وخلقهم. وهذا لا يعنني بأنني كنت أسعى دائماً إلى خلق نخبة ثقافية تتمايز عن الآخرين، بل لأنني كنت واثقاً من أن التغيير الإيجابي المنشود لا يصنعه إلا القلائل. فكلّ مبدع هو في نهاية المطاف مساهم إيجابي في عملية التغيير، وكلّ تغيير بلا إبداع هو تغيير سلبي لا محالة. لذا كنت أشعر بسعادة غامرة كلّما سمعت بإنجاز قدمه عراقي، أو عراقية، بل كنت أشعر بالفخر والاعتزاز وكأنني أنا الذي صنعت هذا الإنجاز. فهذه المنجزات والإبداعات هي التي تمدني بالقوّة والصلابة الروحية التي أقاوم بها مخاطر المنفى.  ويحضرني هنا مقطع للشاعر الألمانيّ، التشيكيّ المولد، راينر ماريا ريلكه والذي جاء فيه: "يا لهذا العالم الذي نشيده، فينهار، ثم نشيّده ثانيةً فننهارُ نحن". والعراق بالنسبة لي هو ذلك الإرث الإنساني التاريخيّ الكبير الذي أصبح ملكاً للإنسانية جمعاء وجزءاً من خزينها الثقافي والحضاري. وكم قرأت عن كتّاب عالميين تأثروا بالأدب والثقافة العراقيين. وليس هناك بلد على حدّ علمي، اقترن اسمه بالثقافة والحضارة الإنسانيتين مثل العراق. ووفقاً لذلك فإن انتمائي إلى هذا البلد هو انتماء ثقافيّ بالدرجة الأولى، وليس انتماءً دينياً أو سياسياً، لأن الدين لا وطن له ولا شعب ولا حدود. إذن لا فرق دينياً بين الناس، وليس هناك مسلم صيني وهندي وعراقي ومغربي وأمريكي، إنما هناك مواطن صينيّ وهنديّ وعراقيّ ومغربيّ، وهذا الصفة هي صفة ثقافية وليست دينية وطائفية وعرقية، فأنا على سبيل المثال عراقي بالمفهوم التاريخيّ والجغرافيّ الثقافيّ، وليس بالمفهوم الدينيّ، ولهذا السبب فإنّ تأثري وإيماني بالنصوص السومرية والأكدية والبابلية والآشورية هو أكثر من إيماني بالكتب السماوية جميعها.

فهويتي هوية ثقافية، وهي النسيج الجامع لكلّ أطياف المجتمع العراقي وطوائفه. فليس هناك وطن اسمه العراق دون الثقافة العراقية الضاربة في أعماق التاريخ. فهذا البلد أقيم أصلاً على أسس ثقافية، وأيّ حرف أو تحريف لهذه الأسس، أو دكّها من قبل أي طرف أو جهة، يعني موت العراق فعلاً. ومع ذلك نرى أن معظم العراقيين غافلون عن هذه الحقيقة البسيطة، على الرغم من المآسي العديدة التي شهدها العديد من مبدعيه، وفي مقدمتهم معروف عبد الغني الرصافي الذي انتهى به المطاف في دار متواضعة بمحلة الأعظمية حيث وفاته، بعد أن قطعت عنه حكومة نوري السعيد الراتب التقاعدي الذي بلغ ثلاثين ديناراً بعدما أخذ يهاجم نوري السعيد وسلطة الاحتلال الإنجليزي، الأمر الذي اضطره إلى بيع السجائر في المقهى الذي كان يرتاده. وكذلك الأمر مع بدر شاكر السيّاب الذي أصبحت مأساته كابوساً أبدياً يقضّ مضاجع العراقيين، وانتهاءً برحيل خيرة الكتّاب والفنانين والشعراء العراقيين، والعرب أيضاً، منفيين ومعوزين، وقد أسقطت عن بعضهم الجنسية العراقية - وكأن العراق بطاقة هوية يمنحها الطاغية لمن يشاء - ومنهم بلند الحيدري ومحمّد مهدي الجواهري وعبد الوهاب البياتي وشمران الياسري ورافع الناصري ومنذر حلمي وعوني كرومي وشريف الربيعي وتحرير السماوي ونازك الملائكة وسركون بولص وكمال سبتي والأبّ يوسف سعيد وجان دمّو وأنور الغسّاني وهادي العلوي وغائب طعمة فرمان ونجيب المانع وصالح كاظم وسلمان شكر وغيرهم. ويعود هذا الإجحاف والتنكّر للمبدعين إلى عدم إدراك أهمية الثقافة في تربية الشعب وتنمية قدراته العقلية والنفسية، واعتبار المثقّف شخصاً غريب الأطوار، طفيلياً أو متقلباً، وربما معقّد اجتماعيّاً. ولعلّ بعض هذه الصفات تنطبق على بعض المثقفين العراقيين، لكنها لا تبرر بالتأكيد سياسة القطيعة والنكران التي تعرض لها هؤلاء الكتّاب والفنانين. ومما لا شكّ فيه أيضاً هو أن أمزجة المثقفين العراقيين المتقلبة وولائهم المتغير ومعاداة بعضهم البعض ترجع إلى عملية التكيّف مع طبيعة بعض أطياف الشعب العراقي المتقلبة وأنظمته الفاسدة منذ نشوئه مجدداً في زمن الاستعمار البريطاني الأوّل.
وكنت أحلم في عراق جديد، منيع وقويّ من حيث المبدأ، لكن قوته يجب أن يكون مصدرها الشعب المتفتح والمتعلّم، وتكون الحريّة عمادها والتنوّع العرقيّ والثقافي رافدها المتجدد والدائم. وكنت أحلم في عراق ثريّ ماديّاً وروحيّاً، يوظّف أمواله من أجل ضمان مستقبل أبنائه وبناته، ولا يجعل منهم متسولين مشردين مثلما فعلت الأنظمة الأخيرة المتعاقبة، ولاسيما النظام الإسلامي الحالي الذي لا يختلف قيد أنملة عن نظام القاعدة أو طالبان، إن لم يكن أسوأ منهما. وكنت أحلم في إتاحة الحريّات العامة، بل بأكبر قدر ممكن من الحريّات الفرديّة، لكي تتفتح مواهب العراقيين المقموعة والمصادرة. وحلمت أيضاً في نظام ديمقراطي برلمانيّ يقوم على خدمة المواطنين قولاً وفعلاً، وليس على دستور وعلم كسيحين طائفيين، من صنع الجهلة المعممين وتحت وصاية الاحتلال. ونحن لدينا تجارب واسعة في هذا الميدان وقديمة قدم العراق نفسه. لكننا نكتفي هنا بما كتبه الشاعر  معروف عبد الغني الرصافي في "الرسالة العراقية" عن انحطاط أخلاق الساسة العراقيين ولامبالاتهم  وعمالتهم للأجنبي قائلاً:"إنّك إذا اطلعت على هذه الحديقة العراقية رأيتها مملوءة بالأشواك التي بينها شيء يسير من الأزهار. ذلك لأنّ الحديقة كانت في بدء الأمر من غرس يد الإنكليز في أيّام الاحتلال. ولمّا كان فساد الأخلاق متفشياً في العراق أيضاً بالوراثة من الدولة البائدة وكانت المصلحة الاحتلالية تقتضي غرس هذه الحديثة على أي وجه كان، غرسها قادة الجيش المحتل ولم يراعوا في غرسها إلا مصلحتهم؛ فانتقوا أزهاراً هي بالنسبة إلى مصلحة البلاد لم تكن إلا أشواكاً. ثمّ جاءت الثورة العراقية، فألفوا بعدها حكومة عراقية ووسعوا هذه الحديقة ذات الأزهار الإنكليزية فانقلبت أزهارها الإنكليزية إلى أشواك عراقية" (الرسالة العراقية، منشورات الجمل، ص٥٩(
ويبدو أنّ من الصعب الآن تقويم الأسس الخاطئة التي أقيم عليها العراق الحديث بلداً ودولةً ونظاماً في مطلع العشرينات من القرن الماضي. لاسيما بعد انهيار مقومات الحياة كلّها، وذلك على الرغم من جميع الطاقات والثروات الطبيعية والبشرية والمساحة الجغرافية الهائلة التي وهبت لهذا البلد وبسخاء تام، والتي أساء الساسة ورجال الدين - وبعض من المثقفين حتّى - استغلالها والاستفادة منها. وبذلك أخفق العراق تماماً في التحوّل من بلد وليد إلى دولة حديثة وذات ثقافة حرّة ورصينة.

كاتب عراقي، برلين
halmozany@gmail.com







كولن ولسون يكتب عن فاضل العزاوي:-"آخر الملائكة" رواية عن قرون من ثقافة العراق


كولن ولسون يكتب عن فاضل العزاوي:
"آخر الملائكة" رواية عن قرون من ثقافة العراق


ما يعرفه معظمنا عن العراق يبدأ مع الغزو الذي قادته الولايات المتحدة الأميركية في العام 2003. كل صورنا الذهنية عن هذه البلاد هي عن سجن أبو غريب، العنف الطائفي والأفلام الإخبارية التي تنقل صور أولئك المصابين في تفجيرات القنابل. "آخر الملائكة" تتيح لنا أن نعيش أجواء عراق مختلف عن كل ذلك.

تدور أحداث الرواية في بداية الخمسينات في حي إسمه جقور في مدينة كركوك التي يتميز المجتمع فيها بالتعددية الثقافية: هناك نلتقي عربا وتركمانا وأكرادا وبدويين وغجرا، فضلا عن شخص من أصول إفريقية. معطم الأبطال مسلمون، على الرغم من أن العديدين منهم لا يقصرون في احتساء الكحول. المسيحيون واليهود حاضرون أيضا، ولكن في الغالب على هامش الأحداث.

ولسكان محلة جقور حصتهم أيضا من الأشباح والموتى الأحياء والملائكة الصغيرة المتنكرة. ثم هناك الإنكليز الذين يديرون صناعة النفط المحلية، وسلوكهم على العموم شاذ وغريب على السكان. وأبطال الرواية يحملون وجهات نظر سياسية مختلفة ــ كان من السهل على الشرطة السرية التعرف على الشيوعيين المحليين لإمتلاكهم جميعا شوارب كثة، تقليدا لشارب ستالين. وفي مشهد آخر نلتقي في حفل ديني شبحا ينتقد من وجهة نظر إسلامية الرئيس المصري جمال عبدالناصر.

معظم الكتاب مصمم على أساس كونه كوميديا إجتماعية تدور بصورة خاصة حول عبثية سلوك النخبة في مدينة صغيرة. على سبيل المثال، ثمة فكاهة تتركز على الملالي، تكاد تقترب من طريقة تناول "الأب تيد" في نقد القسس ("الأب تيد" كوميديا تلفزيونية بريطانية شعبية إشتهرت في التسعينات، تدور حول حياة ثلاثة قسس يعيشون في جزيرة نائية). ومع ذلك فإن للكتاب طريقته اللولبية بعض الشيء في التحدي الذي يمكن أن تقدمه الرواية كجنس أدبي. الكوميديا تلقي بظلالها هنا على مشاهد الصراعات الإجتماعية لتمهد الطريق لحكايات عن عالم روحاني آخر.

في نقطة معينة مثلا يتناهى الى أسماع الناس في الحي أن شركة النفط التي يسيطر عليها الإنكليز تخطط لشق طريق يخترق المقبرة، فينفجرالأهالي في مظاهرات غاضبة، مما يؤدي الى إطلاق الشرطة السرية النار عليهم فيقتل حلاق يدفن بعد تشييع شعبي هائل لجثمانه. في الليلة التالية تقع المعجزة. ينفتح ضريح الحلاق ليتدفق منه عمود ضوء يعشي الأبصار ويرى الناس الميت يرتفع الى السماء في طريقه الى الفردوس، على ظهر البراق،الفرس الخاصة بالنبي، ثم يعقب ذلك ظهور طيور أبابيل سحرية في السماء تلقي بحجارة من سجيل على الشرطة الذين يلوذون بالفرار.
تتغير نبرة الكتاب في الفصول الأخيرة، حيث يقدم الكاتب وصفا لإنقلاب 1958 الذي أدى الى تشكيل الجمهورية العراقية. في النهاية يخرج بطل الرواية الشاب الى المنفى ثم يعود ثانية الى المدينة بعد سنين طويلة.

من خلال ذلك يرجع بنا مرة أخرى الى الحاضر. ترينا رواية "آخر الملائكة" أكثر من أي عمل آخر قرونا من الثقافة العراقية المتجذرة عميقا في القدم. إن موشورها اللوني المتغير (كلايدوسكوب) الذي تلتقي فيه كل العناصر يعكس صدى الغنى والتعقيد الذي يمتلكه ذلك المجتمع.
إنها رواية رائعة بحد ذاتها، كما سيجد فيها الكثير من القراء الإلهام لمواصلة الكفاح من أجل وضع نهاية للحرب.  

                                                     كولن ولسون عن "سوشيالست ريفيو"
                                                           عدد أيلول (سبتمبر) 2007
Al-Azzawi.Fadhil@t-online.de

جائزة نوبل الدموية- د. وريا عمر أمين

جائزة نوبل الدموية









                                                       د. وريا عمر أمين

       تتجه أنظار العالم في هذه الأيام إلى السويد حيث يتم إعلان أسماء الفائزين بجوائز نوبل في مجالات الفيزياء والكيمياء والطب والأدب والاقتصاد و السلام . ويستقطب الإعلان عن جوائز نوبل كل عام اهتماماً واسعاً نظراً لأهمية الجائزة عالمياً باعتبارها أرقى جائزة يمكن الحصول عليها في هذه المجالات.
.الفريد نوبل (1833 – 1896) كان مهندسا و مخترعا و كيميائيا سويديا . اخترع الديناميت سنة 1867. وهي مادة تدميرية شديدة الانفجار يستخدم في إحداث التفجيرات الهائلة في المناجم و مقالع الحجارة و لشق القنوات و الطرق .و لكن و مع الأسف الشديد استخدم أيضا في الحروب للتدمير الشامل و القتل الجماعي و سبب الكثير من الكوارث للبشرية جمعاء.
     في عام 1888 توفي لودفيج شقيق ألفرد نوبل أثناء زيارة إلى مدينة (كان) الفرنسية ونشرت صحيفة فرنسية   نعيا لألفرد نوبل عن طريق الخطأ، مستهلا بجملة "مات تاجر الموت" و أضافت، "الدكتور ألفرد نوبل، الذي أصبح ثريا من خلال إيجاد طرق لقتل المزيد من الناس أسرع من أي وقت مضى، توفي بالأمس."
      شعر نوبل بخيبة أمل مما قرأه و ارتابه القلق بشأن ذكراه بعد موته بنظر الناس. وأدرك بان البشرية سوف تعاني الويل و إلى الأبد بسبب اختراعه هذا.. أصيب بالاكتئاب و الشعور بالذنب الشديد.
      وفي 27 تشرين الثاني 1895و تعويضا لما ارتكبه من ذنب و إثم بحق البشرية، وقع نوبل وصيته الأخيرة مكرسا الجزء الأكبر من تركته التي بلغت مئات الملايين من الدولارات لتأسيس جوائز نوبل تمنح سنويا لمن يقدم خدمات جليلة للإنسانية و يبعد شبح الحروب دون تميز جنس الفائز.



        تمنح الثلاثة الجوائز الأولى في العلوم الطبيعية و الكيمياء و العلوم الطبية أو علم وظائف الانسجة وتمنح الجائزة الرابعة للأعمال الأدبية والجائزة الخامسة تمنح للشخص أو المجتمع الذي يقوم بأكبر خدمة للسلام الدولي، كالحد من الجيوش، أو اخماد الحروب وحل النزاعات الدولية و في إنشاء أو تعزيز مؤتمرات السلام.
وفي عام 1968، قام البنك السويدي باستحداث جائزة نوبل للعلوم الاقتصادية.
    مُنحت أول جائزة نوبل عام 1901 للفيزيائي فيلهلم كونراد رونتجن، الذي اكتشف الأشعة السينية التي تستخدم كل يوم في مراكز الرعاية الصحية حول العالم. وخلال 113 سنة الماضية و حتى العام 2013,   منحت 856 جائزة نوبل لعلماء وكتاب وسياسيين واقتصاديين وباحثين وغيرهم ممن حققوا انجازات أو اكتشافات ذات أهمية عظيمة في مجالاتهم ، كان توزيعها (791 رجلا و 44 امرأة و 21 منظمة).  ويذكر أن قيمة جائزة نوبل تبلغ 1.5 مليون دولار، أو 1.1 مليون يورو، بالإضافة إلى ميداليات فخر وشهادات يتسلمها الفائزون من يد ملك السويد في احتفال رسمي ضخم تقام في ستكهولم يوم 10 كانون الأول ، هو يوم وفاة  الفريد نوبل ،.من كل عام بعد أن تُعلن أسماء الفائزين في شهر تشرين الأول من العام نفسه من قِبل اللجان المختلفة والمعنية في تحديد الفائزين .أما جائزة نوبل للسلام فتُقدم في أوسلو، عاصمة النرويج، في اليوم نفسه.
من غرائب جائزة نوبل
1 - لماذا لم يحصل اديسون على النوبل
       يـُعـَد توماس إديسون (1847 – 1931) امريكي ، اكثر المخترعين إنتاجا في التاريخ ، ويمتلك (1093) براءة اختراع أمريكية تحمل اسمه، فضلا عن العديد من براءات الاختراع في وفرنسا و ألمانيا. كان له العديد من الاختراعات في مجال الاتصالات على وجه الخصوص. كان لها أثرا كبيرا على البشرية حول العالم، مثل  جهاز الفونوغراف وآلة التصوير السينمائي و المصباح الكهربائي المتوهج ومسجل الاقتراع الآلي والبطارية الكهربائية للسيارة والطاقة الكهربائية ومسجل الموسيقى والصور المتحرك وغيرها الكثير.
      في عام 1915 رشح كل من (توماس أديسون) و (نيكولاي تيسلة) الذي كان عالما كبيرا مرموقا له اكثر من 300 براءة اختراع،  لنيل جائزة نوبل. الغريب ان اية واحدة منهما لم يحصل على الجائزة.علما ان اديسون كان يستحق 100 جائزة نوبل وليست واحدة. لماذا لم يحصل اديسون على الجائزة ؟ سؤال و الى الان لا جواب له  بالرغم من مرور(99) عاما على ذلك.
2 -  غاندي و جائزة نوبل
في السنوات  1937 – 1938 -1939 – 1947  وفي عام   1948 و قبل ايام من مقتله، لنيل جائزة نوبل في السلام. مع ذلك لم يشمل بها بالرغم من كونه اعظم داعية سلام في التاريخ. سؤال كبير و محير.
3 -  عائلة من ثلاثة افراد ،  حصدت  اربعة جوائز نوبل.
      ماري سكلودوفسكا كوري)  1867 - 1934) عالمة فيزياء وكيمياء بولندية المولد . اكتسبت الجنسية الفرنسية .عرفت بأحاثها في مجال النشاط الإشعاعي. وهي أول امرأة تحصل على جائزة نوبل والوحيدة التي حصلت عليها مرتين وفي مجالين مختلفين ، مرة في الفيزياء وأخرى في الكيمياء حيث اكتشفت مع زوجها بيار كوري عنصري البولونيوم والراديوم وحصلا مشاركةً على جائزة نوبل عام 1903  في الفيزياء، كما حصلت على جائزة نوبل في الكيمياء عام 1911 بمفردها، وفي عام 1935 فازت ابنتهما إيرين جوليو-كوري  أيضًا  على جائزة نوبل في الكيمياء.بذلك حصدت هذه العائلة المتكونة من ثلاث افراد ..اربعة جوائز نوبل.        
4 -  الذين رفضوا جائزة نوبل.
الذين رفضوا جائزة نوبل هم ثلاثة على امتداد تاريخ جائزة نوبل.
 الكاتب الايرلندي الساخر جورج برنارد شو اول من رفضها عام 1925. قال عنه (ان جائزة نوبل تشبه طوق النجاة الذي يلقى لشخص بعد ان يكون ذلك الشخص قد وصل الى الشاطىء). كما سخر من مؤسس الجائزة الفريد نوبل الذي جمع ثروة طائلة بسبب اختراعه الديناميت قائلا (انني اغفر لنوبل انه اخترع الديناميت و لكنني لا اغفر له انه انشأ جائزة نوبل).
الكاتب الثاني الذي رفض الجائزة هو الشاعر و الروائي الروسي بوريس باسترناك صاحب رواية «دكتور زيفاغو» الشهيرة، والتي كانت سببا رئيسيا في منحه الجائزة عام 1958، وكانت اسباب رفضه الجائزة مختلفة تماما عن اسباب برنارد شو، فمن المعروف على نطاق واسع انه رفضها بسبب ضغط السلطات السوفياتية.
وظلت هذه الرواية ممنوعة من النشر في الاتحاد السوفياتي حتى وصول ميخائيل غورباتشوف الى الحكم عام 1988، الذي سمح بنشرها في ظل سياسة البريسترويكا.
    وقد يكون باسترناك من الكتاب القلة، او في الحقيقة هو الكاتب الوحيد الذي فاز بجائزة نوبل عن رواية واحدة، كما ذكرت لجنة الجائزة حينها «ان سبب منح باسترناك الجائزة يتمثل في القيمة الفنية لرواية دكتور زيفاغو».
الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر هو الفائز الثالث للجائزة الذي رفضها  عام 1964. وكان رفضه منسجما تماما مع افكاره الوجودية التي كان يدعو اليها.حيث كان يرفض دائما التكريم بسبب من عنده و اخلاصه لنفسه و لافكاره.
5 – سرقة جائزة نوبل.
      تعرضت جائزة نوبل للسلام لعام 1934 للسرقة أثناء عملية سطو في مدينة نيوكاسل شمال شرقي   إنجلترا . عندما استهدف اللصوص، مقر عمدة المدينة، الذي وصلوا إليه عبر نفق يوجد بأسفل المبنى الكبير وسرقوا منه مجموعة من المقتنيات الأثرية. وكان من بين الأشياء المسروقة "ميدالية مصنوعة من الذهب لجائزة نوبل للسلام لعام 1934"،  التي منحت لآرثر هندرسون، وزير خارجية بريطانيا قبيل الحرب العالمية الثانية، جزاء له على جهوده الدبلوماسية التي كانت تهدف إلى تخفيف التوتر والسباق المحموم الذي كان جاريا نحو التسلح في أوروبا.
 6 – بيع  جوائز نوبل
          بيعت إحدى جوائز نوبل للسلام، يعود تاريخها إلى عام 1936، في أحد المزادات بمدينة بالتيمور الأميركية، بمليون و16 ألف دولار أميركي.هذه هي ثاني جوائز نوبل للسلام التي يتم عرضها للبيع، بعد أن كانت جائزة أخرى يعود تاريخها إلى عام 1903 قد بيعت في عام 1985 مقابل 17 ألف دولار. وتعود الجائزة المباعة أخيرا إلى وزير الخارجية الأرجنتيني، "كارلوس سافيدرا لاماس"، الذي كان أول شخص من أميركا اللاتينية ينال هذا التكريم عام 1936.

7 - هتلر تم ترشيحه لنيل جائزة نوبل للسلام في عام 1939م.
8 - جوزيف ستالين تم ترشيحه لجائزة نوبل للسلام مرتين مرة في 1945م و مرة في 1948م على الرغم من ان نظامه قتل اكثر من ثلاثة ملايين شخص.
9 - تشرشل فاز بجايزة نوبل في الأدب عام 1953وهو لم يكتب في حياته اي عمل أدبي سوى مذكراته فقط التي لا تعد من الأعمال الأدبية التي يمنح عليها جائزة بحجم نوبل.  الغريب ان تشرشل حصل على الجائزة  في الوقت الذي كان يوقع على امر البدء بانتاج القنبلة الهيدروجينية.