تشكيل
الباب المفتوح...
وحدات اللوحة التشكيلية وخفاياها
جاسم عاصي
ينشغل النص ، مهما كان جنسه في مسألة مهمة تُشكّل صيرورته التي تُثير الحوار ؛ ألا وهي ماذا وراء كل هذا ...؟ هذا السؤال يُجيب عليه المنتِج للنص من خلال الحوار الدائر بين النص والمستقِبل له . وهي جدلية لا تقل أهميتها عن جدلية إقامة صُرح النص باعتباره معمار شهِد مراحل عديدة لإنتاجه . ولعل أهمها التأمل في ما هو ظاهر ، وكيفية عكس ماهو باطن . من هذا يكون ... التجريد مثلا ً يشكّل إقصاء لمظاهر المرئيات وخصائصها الجزئية والحسية (1) وهو خير تعبير عن خفايا النفس البشرية ، ذلك لأن المقدس ـ وكما أكد الموسوي ـ أو ـ اللامرئي ـ منذ القدم كان محور بحث شامل ، والذي دفع من حوله( الديانة والفن والأدب ) للتعلق برمز ما ورائي ، مخفي .. وبهذا يكون الجدل القائم بين الظواهر والأفكار ما يؤكد الأولوية المتحكمة بالإنتاج . فالأساطير التي تُسجل الوعي واللاوعي الإنساني في آن واحد .. يجري العمل من خلالهما على إزاحة هذا المفهوم أو الحراك ، من مبدأ الدفاع عن الصيرورة ثقافيا ً. وبهذا يمكن القول أنها ـ أي الأسطورة ـ باعتبارها واحدة من منظومات الفكر الأول ، اشتملت على حقائق يمكن أن تنكشف بوضوح إذا ما عرفنا كيف نفسرها ..(2) وبالتالي كيف نوظفها ، نحو قناع ثقافي الآن ، حيث شكّلت واحدا ً مركزياً لمظان المعرفة آنذاك ، ويتم ترحيل عناصرها على وفق جدلية الوجود واللاوجود ، والملائم أو غير الملائم ثقافيا ً ، فالثقافة ملك الأجيال المتعاقبة ، ويكون تداولها من باب مبدأ الحرية في الاستقبال والبث ، ناهيك عن تداولها من حيث إثبات الوجود وأحقيته . من هذا التأثر ينطلق المنتج ، سواء كان هذا التأثر بالأساطير أو جملة المفاهيم التي تُحدد مدارات تداول المعرفة ، على أساس تحقيق الثنائية في الوجود ( الأعلى وألأسفل ، السماء والأرض ، الروح والجسد الحسي المجسد والمخفي المتواري خلف الرموز والأشكال ) هذه الثنائيات تقود في النهاية إلى مستويين من النظرة ، تحددها نظرة واحدة جدلية هي ؛ المرئي واللامرئي . بمعنى ثمة سطح وآخر قاع . وهنالك مجسّد وآخر مُضمَر . وبهذا يمكن أن نحكم على حيوية النص أو عدمها من خلال غناه هذا . فالتجريد ، هو النظر إلى ما وراء الظواهر ، محاولين تأكيد رموز الظاهر ، على أنها دالات لما هو مخفي . من هذا يكون الضابط لفعل التجريد هو المتن الفكري ، الذي ينظر إلى كل مستويات المعرفة بموازين جدلية فاحصة ، وبالتالي يؤلف بينها ويوظفها بانضباط مبدئي معرفي . فالأسطورة مثلا ً هي متداول تتوفر عليه الأحداث والظواهر من خلال قنوات مجريات الواقعة ، لكن المهم في هذا هو كيفية اقتناصها لتحل كمكوّن معرفي وإنتاجي ، يُسهم في بلورة مفاهيم ذات مساس بالواقعى على شتى حراكاته وبناه .
على هذا الأساس يمكن فحص لوحات الدكتور الفنان ( شوقي الموسوي ) على أنها مجموعة رؤى متداخلة ، رائدها التجريب ، والتجريب للأشكال والبنى واحد من المجالات الحيوية التي يمارس من خلالها العمل على تحقيق الذات الإنسانية . فالفنان يخضع لضغط بيئي يخص النشأة ، ومعرفي يتعلق بكشف أسرار الأشياء والظواهر ، ذلك لأنه ومن خلال رسالتيه ( المرئي واللامرئي في الفن الإسلامي و جغرافية الجدل في الفكر والفلسفة والفن ) وجدناه يتحرك ضمن ضوابط فكرية واضحة ، وينحو باتجاه الحفر في ما هو مُضَمر في الموروث عبر اللوحة . فالذي جسده معرفيا ً وثقافيا ً في رسالتيه ومقالاته المنشورة التي تتناول الفن وحراكه من خلال رؤى المفاهيم والمتون الموروثة ، تكون محاولته هذه المرة لتأكيد ما هو متأمَلٌ فيه ، عاكسا ً آلية ذاتية لتوليف العناصر المشكّلة للنص ، مرورا ً بعناصر المعرفة عبر إدراك داخلها ومحركها الذاتي ، فالرموز عنده ما يؤكد هذا . إن لوحة الفنان ( شوقي الموسوي ) يتوجب النظر إليها من خلال قنوات عدة ، لأنها في الأساس تولدت من مثل هذه الدوافع والضواغط الإنتاجية .
البيئة والنشأة /
تشكّل البيئة في رسومات الفنان(شوقي الموسوي) مركزا ً. فهو وان اعتمد المخيّال في صوغ وحدات لوحته وبناها الشكلية والموضوعية ، إلا أنه يركن إلى الدلالة المنبثقة من خزينه المعرفي البيئي.ولعل أبرز ما يظهر على السطح من أشكال دالة على وفق مستويين : الأول /
بيئي بحت . بمعنى متعلق بالمستوى الريفي للمدينة . حيث نجد انعكاس خصائص البيئة على تشكلات لوحته ، تعكسها الألوان دون الدخول إلى التفاصيل . فالفنان يحاول أن يؤسطر اللون بإيجاد منطقة تفاعل بين الألوان المنبثقة أساسا ً من لون الشجر والنخيل والأزهار وحيوات بيئة الريف عموما ً وبين تصوراته لتأثيراتها ودلالاتها ، محاولا ً أن يخلق من اللون الأحمر كدالة على الشهادة كما في المثيولوجيا الإسلامية ، في إعطائه دلالة الأسطورة في كونه دالاً على التخصيب . وبهذا يولف بين متون التاريخ ، معتمداً جذراً مخصبا ً كرمز في شخصية الإله ( دموزي ـ تموز ) في الأساطير السومرية و( الحسين ) في المثيولوجيا الإسلامية . فالترعرع بين أحضان مدينة مسورة بالريف ، ومتمسكة بخاصية العطاء الاخصابي بين البيئتين المدينية والريفية ، شكّل وحدة تعبيرية من شأنها أن تتعامل مع الألوان على نحو يشي بالنظرة الأسطورية ، أي أنه يتمسك بما يمنحه المخيّال الفني من جواز التعامل مع وحدات البيئة على هذا النحو . إن الفنان يعمد إلى أسطره اللون على وفق تدرجه وإيقاعه .
والثاني /
مثيولوجي خالص . وهذا واضح من أسلوب التعامل مع الثوابت القدسية للمدينة ( كربلاء ) باعتبارها مدينة مزارات ، ومدينة تستقبل المتغيّر والمتبدل من خلال توافد الزوار ، وبالتالي تمارس في كل المواسم طقوس خاصة ، لا تشهدها المدن الأخرى . والفنان الذي ترعرع بين أحضانها وأثّرت فيه البيئة المحيطة ، بما شكّل محور إنتاجه الفني . لذا غدت هذه الشواهد والرموز تبحث عن حيزها الروحي والابستمولوجي في اللوحة من خلال شفرات وعلامات مؤكدة على هذا المنحى . الأمر الذي فعّل سطح اللوحة ، وقادنا على ما أكده الفنان باحثا ً فيه عبر مصطلح ( المرئي واللامرئي ) . ونحن إذ نجد مثل هذا التأثير الواضح في خلق حراك اللوحة .
إن تعامل الفنان مع وحدات البيئتين ، لم ينعكس بآلية أو سكونية تسجيلية ، بقدر ما مازج بين الرؤية الأسطورية ، والرؤية المشيولوجية ـ الدينية ـ ، الأمر الذي دفعه إلى تخليق النمط المتحرك والقابل للتفسير بسبب المعرفي الذي يُخصّب المنهج الفني .. وبما يشعره بأن طاقة الرؤية لايمكن أن تتجاوز فيض القياس ، إلا بالوصول عبر تبديات الألوان والإيقاعات التي تقترب من الموسيقى في شدة تآلفها وانسجامها ، وبما تبعثه من حراك نغمي لحظة النظر والمشاهدة . وهنا لابد من الذكر في أن هذا الحراك الدال على المعادل الفني ، يكون أكثر تأثيراً على الذات التي تستقبل اللوحة بكل تفاصيلها بمعرفة منتجة وفاحصة ومرتبطة أيضاً بمخيّال فني خالص . فالشكل واللاشكل ، الحلم والواقع ، يوصلان إلى ذروة الإحساس بالزمن ... (3) . وكما أكد الفنان (نوري الراوي) على قدرة التواشج مع الضوء في ميلودية لا تنفك أبداً عن ترديد أنغامها ، عبر صور وتعبيرات تتمرأى بصقيل سكون الماء ...(4) وهنا لابد من التأكيد على ما ذكره الفنان ( الراوي ) من أن الماء بسكونه ، وارتباطه بالتاريخ المثيولوجي للمدينة من خلال واقعة الطف والشهادة ، كوّن في لوحات ( شوقي ) إقنيماً يمكن أن نستشف خصائصه وتأثيراته من خلال ضربة الفرشاة ، التي تترك أثرها الطيفي الذي يتواصل بحركته مع جريان المياه ، وكأنه بذلك يحاول تحقيق معادلا ً تعويضيا ً عن مشهد العطش ،بإتباع إنارة السطح بانسياب الأزرق وخريره . فالبيئة والنشأة المتمثلة في خزين الذاكرة ، استطاعت أن تُشكّل مهيمنة معرفية . فالفنان يشتغل على اللاوعي الواعي . ذلك لأن التحولات الأبدية التي شهدتها المادة ـ بما فيها البيئة ـ خارج الوعي وداخله ، بحكم قانون لا علاقة له بالحرية أو الضرورة ، وإنما هو قانون متجانس بين الحدود ، كي يأخذ المشهد الجمالي في لحظة وجود وحدة الزمن . . (5)
من هذا كله يمكننا القول أن الفنان استطاع أن يتعامل مع الذاكرة الجمعية والفردية بإمكانية تنحو لعكس ما هو متمثل للواقع والتاريخ والفلسفة . وأرى أن رسوماته لا تنفصل عن أطروحاته في متون بحوثه ودراساته المعنية بالفن ، وبالأخص رسالتي الماجستير والدكتوراه ، حيث اهتمتا في هذا الضرب من المعرفة ، والمعرفة الاستقرائية لواقع تأثير التاريخ على الفن ، بكل تلك الإمكانيات التي يمتلكها التاريخ الأسطوري والمثيولوجي وفن العمارة الإسلامية وتعاشقها مع فن العمارة عند الشعوب الأخرى . وبهذا اكتسب الخاصية المعرفية التي أعانته في صياغة منهجه في الرسم .
التشكيلات والرموز /
لعل ما ذكره ( مارسيا إلياد ) في العود الأبدي ، واحياء ما اختزنه الإنسان في الذاكرة الفردية والجمعية ، شكّل الحنين الطاغي إلى البدايات ، وذلك بعودة الحيوية إلى الأسطورة من جديد . وهنا نجد أن الفنان وسواه من الفنانين يتعامل مع الموروث من باب التوظيف والإحياء لما هو دال ومؤكد على حيوية كل المُعينات للوحة . فإذا ما درب عليه النص الأدبي من توظيف لذلك لأسباب فنية وموضوعية ، فإن التشكيل يتعامل بحذر مع مثل هذه المتون في حالة التوظيف ، ذلك لأن التعبير باللوحة محدد بجملة آليات ، لعل الخط واللون والظل والضوء تشكّل المساحة التي بإمكان الفنان التحرك في مجالها . غير أن حدود هذه الآليات تنفتح من خلال الموهبة المدعومة بالمعرفة وسعة الرؤية ، بما يجعلها قادرة على توظيف الرموز والأيقونات بكيفيات متعددة ومتباينة . والفنان ( شوقي الموسوي ) يتعامل مع الرمز باعتباره الآلية التي تُجيد المعنى . فما زال المعنى يتخذ له حرية واسعة لكي يتجسد على السطح ، فأن ذلك يكفل حيوية الرمز . إذ من الملاحظ على لوحات الفنان أنها تتعامل مع الرموز باعتبارها سرديات ذات محمولات تتعلق بمجموع المعاني التي تُشكّل المعنى المراد عكسه في اللوحة . لذا نرى ثمة تقنية تشتغل من أجل هذا ، بحيث ينبثق الرمز بحيوية ذاتية ، ليشكّل له موضعاً في اللوحة . ومن الرموز التي يتعامل معها هي الرموز الأسطورية المنبثقة أساساً من رحم المدينة النشأة ومركزها اللون الأحمر رمز الفداء والاستشهاد . غير أن الفنان يأتي على هذا الرمز من منطلق الانفتاح على دلالات أخرى ، تتشاكل مع منطق الحياة وحركة الكون . أي إعطائه بعدا ً كونيا ً من خلال ربطه برمز الخصب ، فالدم هنا رمز قادر على التكيّف في الدلالة ، فهو المخصِّب والمعطِّل لكل عوامل موت الحياة من خلال رمز تجددها ، سيّما ما يعكسه من فعالية الألوان التي هي الأخرى معنية على مستويين : الأول بعلاقتها مع بعض ، وثانيهما تشكيلها لإيقونة ذاتية . وهذا مما يدفع بالحيوية التي تختزنها إلى تجميع الدلالات في دلالة واحدة . وهكذا فعل الفنان مع الخطوط والظل والضوء ، فجعلها أكثر قدرة على إشباع المجالات داخل اللوحة . وذلك بتحويل العتمة إلى فسحة من الضوء الذي يحث على ترسيخ الأمل ضمن الظواهر في الحياة . وفي هذا يعمد الفنان إلى استثمار عناصر الطبيعة لتشكّل رموزاً أخرى مضافة . وهذا يشير إلى جدلية العلاقة الأولى في تشكيل الكون ، وينّم عن طبيعة الصراع الأزلي الذي حفل فيه الوجود ، متمثلا ً في أحداث تناولتها كتب البحث والكتب المقدسة ، على أنها نوع من التاريخ ، غير أنها في خلاصتها تشكّل نوعاً من الرموز التي استقر عليه الوجود . ولعل تشكيل الكون في قصة الخليقة البالية ، وصراع قابيل وهابيل ، والطوفان وغيرها من ( أحداث ـ رموز ) التاريخ البشري الذي غدا عنواناً حيوياً ومجالاً للاستثمار وتحقيق الدلالة بما تضمره هذه الرموز من حيوية ونشاط التعبير عن المعنى العام . فصراع الأضداد مثلا ً قد توفرت عليه لوحة الفنان ، معتبرا ً المقولة التي تؤكد أن الفنان الذي لا يضبط الحركة داخل اللوحة يفقد مكوناتها . بمعنى أن الفنان هنا معني بمرونة ما يطرح ، بحيث يوفر الكيفية التي يتحرك من خلالها الرمز المنبثق من مرونة عناصر الطبيعة . إن إضفاء حيوية عناصر الطبيعة على اللوحة يعني هنا خلق نوع من الوشائج داخلها ، والمحددة بحرية التعبير ، أوما يُطلق عليه بحيوية الجدل المطلق الذي يتحكم ويسيّر الأشياء . خاصة الأزمنة والأمكنة داخل اللوحة ، فالفنان هنا ملزم بإتباع الرمز الذي يُحيله إلى مجموعة انتماءات لأيقونات مستلة من الحاضر والماضي والوقائع التاريخية بصياغات يتحكم فيها المخيّال الفني ، القادر على ضبط الحركة وأسس التوائم بين الرموز التي غدت بمثابة رموز أزلية ، كالألوان ودلالاتها ، والقباب والمنائر والعلّيات بشكل عام ودرجة قدسيتها , وهذا يسحبنا إلى أن نحدس ما تضمره اللوحة من الكيفية التي يتعامل بها الفنان مع رموز المكان مثلا ً ، بحيث يُحولها إلى أماكن فنية خالصة ، مبتعداً عن تفاصيلها الانطباعية ، والاكتفاء بعناصرها المعبّرة كالأبواب والشبابيك ، والأشكال الهندسية كالمثلث والدائرة والمربع والحروف ، والعمل على تكييف دلالاتها على وفق الزمان والمكان لتكون مثار الأسئلة من خلال المنظور المكتَشَف بالملاحظة . وهنا نجد أن الفنان يعمد إلى تحويل اللوحة إلى جدار لمدونة ينوي تسجيل تأملاته عليه . فالحروفية مثلا ً اختلفت في دلالتها المستخدمة عما كان الفنان ( شاكر حسن آل سعيد ) يعني بها ، واعتبار المدونة ـ الجدار ـ ذات بُعد صوفي مثيولوجي على وفق العلاقات القائمة بين الرموز ، سواء كانت حروفية أو أشكال أخرى . فالعلاقة هنا ذات حراك سردي يُعين الأشكال على بلورة نوع من الدراما في اللوحة . فالأشكال غير متنافرة ، بل يجمعها إيقاع موسيقي واضح ، يمكن أن نشخصه بالتوافق الهرموني من جهة ، ومن جهة أخرى بحيوية الموسيقى في اللوحة . فالصمت الذي يبدو على اللوحة باعتبارها جدار ، أصبحت ذات صوت عكست العلاقات بين الخطوط والألوان ، وعمل فيه عنصر التكثيف والاختزال والتجريد دورا ً في خلق التوازن داخل مكونات اللوحة . فجداري ( شاكر وشوقي ) يمتلكان حيوية التدوين من خلال إطلاق الأنثيالات والانطباعات بما يشكّل ذاكرة زاخرة بتقادم الزمن .
وهنا لابد من التأكيد على أن الفنان ( الموسوي ) خضع في تشكيل محتويات لوحته ـ جداره ـ على مكون موروث استله من البيئة كما ذكرنا ، في حين نجد ( آل سعيد ) قد شكّل جداره على وفق تأملات صوفية خالصة . ولا نُبعد ( الموسوي ) عن حسه الصوفي هنا ، بل نراه يتعامل مع المكوّن بروحانية خالصة تقترب من روحانيات ( آل سعيد ) . وفي مجال الرموز نجد أن الفنان يولي أهمية لرمز الهلال باعتباره رمزا للقمر ( الإله سين ) ، ودال على الخصب ، يُرفد ذلك باقترانه باللون الأخضر والأحمر الذي هو لون رداء ( النبي يوسف ، سرجون الأكدي ، والإله تموزي ) وهو دال على الخصب حسب ما تقوله الأسطورة .
من هذا نجد أن كل هذه الفعاليات في التعامل مع الرمز ، هي بنى سايكولوجية عند الفنان ، تدفعه إلى البحث عن اللامرئي في المرئي . فالفنان يفترض دائما ً أن هنالك ظاهر ومُضمَر ، مرئي ولا مرئي منظور وغير منظور . لذا كان بحثه الدائم في الأشكال والظواهر والرموز لها دليل على حيوية هذه النظرة الفلسفية المعتمدة على جدلية الوجود والمجسَدة في ثنائية الحياة والموت . وهو إنما لا يركن إلى الموت كظاهرة فناء بقدر ما يجعلها وينظر إليها على أنها ظاهرة بقاء وديمومة . وهنا لابد من التأكيد على أن الفنان لا يعتمد تبئيراً واحدا ً في اللوحة ، بل نلحظه يعتمد جملة تبئيرات في تشكيل المشهد العام .
الجسد كأيقونة /
يعتمد الفنان في بلورة صورة الجسد من رمز الشهادة حصرا ً ، وهذا التعامل أراه مجسَداً على وفق الخطاطة التالية :
ــ الحسين
الشهادة = الرمز + إخصاب ======
ــ دموزي
من هذا نرى أن الفنان يستحضر الجسد في اللوحة بشكل غير تقليدي ، وإنما بشكله التعبيري ، وعلى وفق ما تتطلبه الضرورة لتجسيد ما تدّخره الذاكرة من مشاهد ، متعاشقة مع المكون الفكري الفلسفي . فالجسد هنا ، يدخل من باب الاحتمال النصّي الذي يتوجب من خلاله التعبير وحل الإشكال في المشهد . كما وأنه نوع من الذاكرة التي تُعطي رمزها الدال على مركز وجود الأشياء والظواهر وطبيعتها . وهنا قد يكتفي الفنان بأجزاء من الجسد كالكف والقدم واليد والعين ، وبما يُضفي نشاطاً دالاً جديداً على محركات اللوحة .لكنه يترك ظلاله خلف اللوحة أو ضمن كادرها بشكل عام ، لكن هذا يجسد أيضاً معنى الشهادة أولاً ، ويضفي على المعنى حراكاً آخر معني بكل التشكلات الواقعية وتشوهات الحياة جرّاء الحروب ثانياً، وبما يوحي بندرة الاستقرار السايكولوجي للفرد والجماعة . من هذا يتجسد مظهر الجسد في مشاهد كثيرة على وفق نظرته التي لا تبتعد عن منطق التاريخ ومروياته . ولعل واقعة الطف واحدة من العلامات التي يبني عليها الفنان معمار معانية ، عاكساً كل سوداوية الواقع ، عبر قناع التاريخ هذا ، دون الاعتماد على التفاصيل أو التقليدية في الطرح . فرؤيته لكل هذا الخزين الذي يحييه المشهد الآني ، يعتمد الاختزال والتكثيف في ما يراه الفنان في التاريخ وحركته ، لا رؤيته حسب مكتشفات المروية التاريخية . والذي يُشير إلى ذلك ويعمّـقه ، هي الحركة الموسيقية التي عليها مكونات اللوحة ، بما يُضفي نوعا ً من السردية التي تُحرك الأشياء والمحتويات ، لا أن تضعها في قالب جاهز مؤطر . وهنا يبرز تأثير الوقائع ذات الخاصية القدسية على ذاكرة الفنان ، وبما يخلق بعداً أسطورياً في كل ما يراه ويتعامل معه . فالجسد في اللوحة يتخذ له رمز الإخصاب والديمومة والانبعاث ، وهو ما درجت عليه أساطير وادي الرافدين حصرا ً . إذ نلحظ أن التعامل مع الجسد لا يتم على وفق فضاء محدود وضيّق من الناحية الفكرية ، بقدر ما نجده يُطلق العنان للذاكرة المعرفية ، والذاكرة البيئية وذاكرة المرويات الخاصة والعامة ، أي الذاتية والموضوعية أي تشكيله ثقافياً باعتباره يمثل منظومة فكرية خالصة . فالجسد في هذا المجال متداول معرفي ، يجري التعامل معه كأي مصدر ثقافي آخر كالمكان والزمان ومفردات الكونية ، تضاف إليها الذكورة وخصائصها . ألأمر الذي يقودنا إلى أن نكون متوازنين في التعامل مع الجسد ، سيّما الأنثوي منه . وهذا ما وجدناه متمثلاً في تخطيطات الفنان بحيث شكّل مشهدا ً دالاً على الخصب ، على الرغم من تشظيه ، مبقياً العلامات الدالة على الخصب ماثلة كالأثداء والأفخاذ ، وبقية الرموز الأخرى المعينة في تجسيد دالة الجسد الأنثوي . أما في جانب الجسد الذكوري ، فأنه كثيرا ً ما نجده متشظياً ، متأثرا ً بواقعة الطف . وهي استجابة للمكوّن المحرّك ، وليس للممكن المروي فقط . بمعنى يكون الاختيار العفوي للرموز يتم عبر الأثر والتأثير ، واعتبار سطح اللوحة الفارغ قادر على خلق المحركات وليس مجسدا ً لها فقط . أي لا يلعب السطح عند الفنان استجابة لجوّانيته فحسب ، وإنما يعتمد التخاطر والاستجابة . فهو بمثابة المستقبل والباث في آن واحد . لذا نرى أن العفوية في وضع الرموز ، يستند إلى نوع من التحاور بين الجدار ـ السطح ـ وبين الذات والموضوع . وكلاهما لا يخضع إلاّ إلى العفوية المنطلقة من البُعد المعرفي ، سواء للواقع المعبّر عنه ، أو للمتن التاريخي الذي ما زال يشغل الفنان ويمده بالطاقات التعبيرية . وهنا لابد من الإشارة إلى أن التجريد للأشياء لم يأت هنا على شكل إيماءات في التعبير فحسب ، بل أنها مستويات من التعشيق بين الخطوط والألوان في كل تدرجاتها ، مع ثيمة الصورة التي يُراد تجسيدها في اللوحة . ولعل البُعد المثيولوجي أعان الفنان على أن تكون الأشكال والرموز ذات بنية متحركة ، وحيوية في الدلالة . سيّما ذلك التخاطر الذي يشي بنوع من سعة النظرة ، كتعاشق وتناظر المئذنة مع الصليب ، ثم تعاشق الرموز العديدة كالمثلث والمربع والدائرة والهلال ، لتأخذ دورها في التعبير عن مظان خفية ، لكن اتحادها ووجودها على وفق حركة اللوحة التي كثيرا ً ما ترتبط بالبعد الموسيقي المعبّر عن حركة الزمن . وهو ما عبّر عنه ( الراوي ) في استثارة المتضادات ، في التوفر على الصمت والصوت .(6) لوضع تشكيلات اللوحة في بُعدها الدرامي في التعبير ، أو بُعدها الملحمي ، لأن مكوناتها تستدعي بؤر التاريخ وحراك الواقع ، ومجموع العلامات الدالة على أبعاد تاريخية واسعة ، على الرغم من اختزال الفنان للسردية التاريخية وتحويلها إلى شفرات دالة يمكن جمعها في تبئير واحد . وفي ذلك تأكيد على ما ذكره الناقد ( عادل كامل ) (7) في كون الفنان لا يتخلى عن المعنى ، إلا بمنحه روح الموسيقى . وهذا يتصل بالطبع بالصمت و الصوت ، وحركة الداخل ، فهو يعمد إلى أن يُحيي تاريخ الأصوات بين جهاز السمع والصوت في فرضية فنية لا تنقطع عن القدرة الذاتية للفنان والطبيعة. إن البناء الدرامي للوحة ، أو ما يصطلح عليه البانوراما ، يتطلب محصلة رؤيوية للتاريخ ، ورؤية متفتحة تستند إلى معرفة ، بما يجعلها قادرة على خلق وشائج ، بين المشاهِد والظواهر ، سواء كانت هذه من عنديات التاريخ أو التأريخ التراجيدي ، أو أنها من رؤية الحاضر في كل إشكالاته .
إن تعامل الفنان مع الجسد بصورته التراجيدية يتشكل عبر مستويين ـ خاصة في تخطيطاته ـ . فهو بين التعبير عن الجسد المقموع ، الذي شكّل في الذاكرة والتاريخ رمزاً للتضحية . وهذا ما تقوم عليه نتاجاته كمؤثر في معظم لوحات الفنان . أو أنه يجسد الايروتيك الجسدي الأنثوي . غير أنه أيضاً يتعامل معه من باب رمز التخصيب . وهو ـ أي الجسد الأنوثوي ـ يعمل على كسر النمط الذي عليه شكل الواقع عبر تجسيد رموز الخصب كالأثداء والأفخاذ والبطن المنتفخة ، وهي رموز تستجيب لبعضها من أجل كسر الجمود وتصعيد الدلالة . أو كما ذكر الناقد ( عادل كامل ) .. التعبير عن حركة الداخل بين الموت والحياة ..(8) . ولعل تعاشق الرموز الأخرى مع الجسد الأنثوي ، دال على استكمال المشهد الذي يستجيب إلى الجوّاني عند الفنان ، وهي وجود الطير كعلامة على براءة الوجود وفطرته ، وحركة الخطوط الدائرية الدالة على حركة الزمن ، وبما يوحي بموسيقى تفيض على بانوراما اللوحة ، كاسرة الجمود المفترض من قبل المشاهِد . إن مجموع المؤثرات في اللوحة تستقبل الأسئلة الضمنية والمتوقعة ، وما ورود الرموز إلا استجابة تُقدم من خلالها العلة والمعلول ، السبب والنتيجة . وبالتالي تفتح آفاقاً واسعة ثرية من رموز المَشاهد والظواهر . وفي هذا نتوقف كثيرا ً ونحن نشاهد لوحات ( الموسوي ) في كونها لا تركن إلى السكون ، بقدر ما تتداخل مع حركة الطبيعة ، والحراك الموسيقي الكوني ، الذي تلعب فيه الخطوط والألوان دوراً أساسيا ً. وهذا جميعه يُساعد على ترك الانطباع الدال على سعة رؤية الفنان المجسِدة للتفاؤل على الرغم من سوداوية الواقعة في اللوحة . وفي لوحة ضمن تخطيطات الفنان يضع صورة الآلهة بديلا ً متعاشقاً مع صورة الجسد الأيروتيكي . وهذا المعادل أيضا ً يحقق نظرة الفنان إلى الجسد الأنثوي وقدسيته ، باعتباره يجسد رمز الخصب ويعطيه سعة مساهمة في كسر جمود الحياة وسكونيتها أو انحرافها . فالعقم مرادف للإخصاب . وهنا تكمن محاولة الفنان ؛ في كونه يعبّر عن هذا بالعلامات التي هي من أساسيات الفن . لذا فالجسد في منظوره فهو رمز للعطاء ، ومخصِّب للحياة . ومن خلال هذا يُعيد دورة ظهور ( دموزي ) في مواسم الخصب والنماء ، متماثلا ً مع ظهور ( الحسين ) في عاشوراء . فالفنان كثيراً ما يستعير من كلا المستويين الأسطوري والديني ، وبهذا لا يحصر تجربته في ممارسة الفن في حيز محدود ، بقدر ما يفتح المعرفة طريقاً للتعبير.
المستويات الأخرى في التعبير /
من الموضوعات التي اشتغل عليها الفنان في لوحاته ، إضافة إلى ما ذكرنا ؛ هي ثيمات ذكرناها أيضاً تتعلق بالرموز الموظَفة في الفن ، لكن من خصائص اشتغالات الفنان ، أنه يُغيّر من نظرته وممارسته مع هذا الرمز أو ذاك فجدلية النظرة والفحص والتلقي المعرفي ، تواكب مثيلها في ممارسة الفعل الفني التطبيقي ، انطلاقاً ليس من حساب إزاحة مؤثراته وخصائصه ، بقدر ما تنبع هذه الممارسة من الكيفية التي يتعامل بها مع مكونها . فهو ينظر إلى الرمز على وفق حركته وحيوية مجاله المعرفي والدلالي . لذا نجده يُغيّر من طبيعة تعاشق الرمز مع المراد التعبير عنه بالفن . وبهذا يحقق الكيفية التي تتم بها العلاقة بين المتضادات ، التي تشكّل عنصر الصراع الذي يراه الفنان من زاوية نظره . هذه المتضادات المؤطرة بمجموعة تشكلات ذات حركة دائمة ، متكررة ومغيّرة لفعل موقعها داخل اللوحة ، بما تنتج دلالة تدفع باتجاه التخلص من هذا التبئير الذي يُحدثه الصراع بين المتضادات التي تعبّر عن حيثيات الوجود المكاني والزماني . هذا الاشتداد يخلق نوعا من الانفراج المتمثل في الأبواب والشبابيك والبؤر الضوئية أو الخضراء . فإذا كان الشباك يمثل فسحة من التطلع ، فإن الباب يفضي لمتغيّر . أي يوصل الخارج بالداخل من باب الانفتاح على الأوسع . فالأبواب عتبات تؤدي إلى داخل أكثر استقراراً وثراء . ومعظم أبواب الفنان تمتلك نوعاً من الهيبة والقدسية ، لأنها تقترن بالضوء الوافر أو الأخضر اليانع والداكن . وكلاهما إشارات للتخصيب . أما في تعامله مع الرموز الاخرى كالقباب والمنائر والهلال ، فإنه يركن إليها ليحقق من خلالها تأثير العلّيات كما هي في المثيولوجيا والأديان القديمة والمعاصرة ، فالجبل والمذبح ، والزقورات تحولت على وفق النحت في الرمز إلى عليّات أخرى هي المآذن والقباب . وهذا يقودنا بطبيعة الحال إلى تأثيرات الأسطورة على الواقع ومن ثم على الفنان . هذا التأثير توفر عليه من مجال السعة في الدلالة والتعامل ، وبما يتوافق مع سحر الأسطورة والعودة إليها حسب رؤية ( إلياد ) في العود الأبدي . فالفنان هنا بعودته إلى المتن الأسطوري ، إنما يحايث مطلقها ، ويجاور نظرته للواقع زمانا ً ومكانا ً . وهذا يتجسد بحيوية الذاكرة الفردية التي تعتمد في كل الأحوال على الذاكرة الجمعية ، انطلاقاً من الطقسية ورموزها المجسَدة في اللوحات . ومنها على سبيل المثال ( الرماح ، واقيات الرؤوس عند الفرسان ، الهلال المثبت على الرايات ، الدرع عند الفارس ، السيف ، الخيام ) وغيرها . كل هذه الرموز لها علاقة بمتن الماضي ، يتعامل معها الفنان على أنها دالات أسطورية مؤثرة ، يركن إليها حين تكون جدلية الصراع وشدته موكولة بآلية تعبير من هذا النوع . وكما ذكرنا فأنها من متعلقات الذاكرة وتبدياتها ، حيث تتجسد بأشكال متباينة تتخذ لها موقعا ً على وفق المعنى المراد التعبير عنه . وهي في مجملها تشكيلات موسيقية ، لأنها حافظت على حركتها ودلالتها ، حيث بدت مثلا ً الأجساد ـ في التخطيطات ـ على وفق تدوير وتداخل لولبي يشي بالحركة الموسيقية التي تُنشّط ذهن المشاهِد ، محركة معارفه وانطباعاته من خلال المشاهَدة . وهي رموز لا تبتعد عن رموز الشهادة التي هي رموز الخصب . وفي هذا يتغيّر اللون الأحمر وتتبدل دلالاته حسب موقعه مع بقية الألوان وعلى وفق متغيّر المعنى وحركته داخل سردية اللوحة . من هذا نرى أن الجسد لا يستقر على حال . بمعنى أنه لم يكن بمثابة بورتريت ، بقدر ما يمتلك حيوية مضافة إلى حركة حيوات اللوحة . وتكون الحركة في معظمها دائرية ، تستكمل دورانها من خلال رموزها . في حين يبرز اللون كقوة مؤثرة ، بما يمتلكه من قوة في بعض اللوحات ، على الرغم من حيادية الألوان في لوحات(الموسوي) والتي تترك للمشاهِد هامشا ً للاستنتاج والرؤية من خارج اللوحة نحو داخلها ، بتلق جدلي واضح . فالتعاشق بين الألوان كان محايدا ً أيضا ً فقلما تتوفر اللوحة على لون صارخ يُطغي على الأخريات . وهذا ما أكسب الألوان مرونة وانفتاحاً دلاليا ً .وأرى أن العفوية المعرفية ، واحدة من الأسباب التي قادت الفنان إلى مثل هذه الصياغة .
وبمثل ما فعل في معظم اشتغالا ته ، فأنه أيضا ً حاول أن يُفرغ ما في ذاكرته على سطح اللوحة ، في ما يخص الرموز المتمثلة في الوجوه . فالأقنعة هي استعارات لدلالات ، حاول الفنان أن يمنحها بعداً تناصّياً مع وجوه التاريخ وبما ينسجم مع الثيمة المراد التعبير عنها . وإن بدت أقرب إلى تشوهات وجوه ( بيكاسو) في تخطيطاته . فالقناع تعبير مجازي يُراد به الحلول في التعبير عن حالات متباينة . وفي اشتغال ( الموسوي ) نجد أن القناع في تناصّاته ، يتخذ له ناصية مثيولوجية قدسية من خلال توارد الخواطر . وما مجموعة الأقنعة التي حصلت عليها متغيرات دلالية واضحة ، فقد كانت تُحافظ على ذاتيتها ، إلا أن وجه المقدس بدا واضحا ً كتماثل صورة السيد المسيح ورأس الحسين ، في تناصّ تاريخي مبحوث سلفا ً . ليس من باب التشابه في الملامح ، وإنما هو دالة على شدة المخيّال الفني في تلقي المشهد ، وتأثير الروحي على الجسدي ، وتشخيصه على وفق محتوى الذاكرة . وهكذا فعل الفنان في مجموع سرديات الأقنعة التي أراها نصا ً تشكيليا ً واحدة ، يُكمل كل قطعة ـ لوحة ـ ما سبقها ويوصلها بما يلحقها . وهذا فعل درامي جسّدته اللوحة التشكيلية على أبهى صورها .
ما نريد أن نضعه خلاصة إلى تشوفاتنا للوحات الفنان ( شوقي الموسوي ) في كونه من الفنانين الذين يستجيبون إلى الذاكرة المعرفية والكونية ، لتكون مادة ثراء للفن . والموسوي ـ كما رأيناه ـ في لوحاته ، استجاب لذاكرته التي هي ذاكرة المكان ذو القدسية المتمثل في مدينة ( كربلاء ) بما حفلت به عبر التاريخ القديم والمعاصر من مآثر وصور وحراك ، استحقت أن تكون مادة خصبة للإبداع . وفي هذا فعل الفنانون ومنهم
( جواد سليم ، محمد غني حكمت ، كاظم حيدر ، شاكر حسن آل سعيد ، فتاح الترك ) في كونهم استجابوا للمكون المعرفي الروحي الذي تربّوا عليه . كذلك تجسد ذلك بوضوح في لوحات الفنانين من كل الأجيال ومنهم الفنان الدكتور ( شوقي الموسوي ) .
--------------------------------------------------
هوامش /
1 ـ د. شوقي الموسوي / المرئي واللامرئي / رسالة دكتوراه .
2 ـ سيد القمني / الأسطورة والتراث / المركز المصري لبحوث الحضارة ـ القاهرة 1999 ص25ـ26
3 ـ نوري الراوي تصريح له في عام 2003 حول لوحات الفنان د. شوقي الموسوي .
4 ـ نفس المصدر .
5 ـ عادل كامل / جريدة العرب اللندنية العالمية 2001
6 ـ نفس المصدر أعلاه .
7 ـ مصدر سابق .
8 ـ نفس المصدر أعلاه .