الاثنين، 14 أبريل 2014

جلسة نقدية تشكيلية استذكارية عن الفنان رافع الناصري .. أحمد حسين -

جلسة نقدية تشكيلية استذكارية
عن الفنان رافع الناصري  ..
  أحمد حسين
   


      أقامت صالة نخلة للفنون التشكيلة وبرعاية وزارة الثقافة العراقية ضمن فعاليات بغداد عاصمة الثقافة العربية ، جلسة نقدية حوارية حول الفنان العراقي الراحل رافع الناصري وتجربته الفنية التي امتدت نصف قرن وأكثر ، في صباح يوم الثلاثاء المصادف 28 كانون الثاني من عام 2014 .. حيث قدمت في هذه الجلسة ثلاثة أوراق نقدية : الأولى كانت للفنان سالم الدباغ تحت عنوان (رافع الناصري الشرق البعيد والغرب) والورقة النقدية الأخرى للفنان والناقد التشكيلي عادل كامل والتي جاءت تحت عنوان (رافع الناصري ..الدهشة ولغزها) فيما جاءت الورقة النقدية الثالثة للفنان والناقد التشكيلي الدكتور شوقي الموسوي تحت عنوان (رافع الناصري .. تخصيب الذاكرة بين التجريد والتجريب) ... وقد تضمنت الجلسة بعض المداخلات والحوارات وبعض الاستذكارات عن الفنان .
     حيث ابتدأ الجلسة النقدية الفنان سالم الدباغ زميل الفنان الراحل قائلا : ((ان رافع الناصري قد مزج حضارة الشرق بالغرب بعد صهرها في بوتقة واحدة ليخرج اسلوباً واتجاها معاصرا في الشرق الاوسط وذلك بالاستفادة من المفردات التراثية والثقافية في بغداد مثل الحرف العربي .. مضيفا الى ان الفنان بدأ بالتجريد وانتهى به وان الفنان رافع الناصري كان أول من أسس فرع الكرافيك في العراق في معهد الفنون الجميلة عام 1974 والمفروض ان يكافىء الفنان بأن يتم تسمية قاعة الكرافيك في المعهد باسمه تثميناً ووفاءاً وتقديراً للفنان الراحل وايضا ان الراحل كان مدرساً ومعلما ناجحاً ورائعاً وفناناً كبيراً أضاف لحركة التشكيل في العراق الكثير من الإبداع .. لايمكن لنا ان نختصر سيرة الفنان رافع الناصري بجلسة واحدة لانها لاتكفي ...))
     فيما أكد الفنان والناقد التشكيلي عادل كامل في ورقته النقدية قائلاً : (( هو الآخر ، بدل ان يخفي لغز ولعه بالعناصر – التراب والماء والهواء والنار- ويحفر في مناطقها النائية كما فعل اسلافه سكان وادي الرافدين ، ومن بين عدد قليل من الأساتذة ، لم يفرط بقانون ان الإنسان يولد منفياً وعليه اما ان يغادره أو يتآلف معه أو يسكنه .. رافع الناصري اختار الاختيار الأصعب : بناء المنفى ولكن بمعنى الفردوس! فالفنان قاوم موته (في المنفى التي يولد الإنسان فيها قسراً) بأختيار براءة – جمالياً- جسدها في الفن ، فلا مأساة ولا رداءة ولا زوائد شغلت نصوصه الفنية ، لكن وهنا تكمن ذروة التجربة: الدهشة لان الزمن في الأخير  يعيد المسافة مثلما لا يكف المسافر عن تخطي الترات .. لقد عمل الفنان ببناء نصوصه وحدها ليست بحاجة الى المزيد من الشرح ، انها تأخذنا للسفر أبعد منها الى عناصرها والى محركاتها مع إضافة لايمكن إغفالها ألا وهي إنها لم تغادر وحدتها النائية (دينامية الولادة) فقد كرس رافع الناصري حياته للفن في المدن التي سكنها وسكنته (بغداد وعمان والمنامة) كي يقول : كان عليّ ان أروي –من غير كلمات- الجذر الأعمق للدهشة : ان براءة ما ربما أشد قسوة من الحياة ذاتها عليها الا تغيب)) .
     في حين كانت الورقة الثالثة للفنان والناقد التشكيلي الدكتور شوقي الموسوي قائلاً: ((ثمة نصوص تشكيلية جديدة في الحقل البصري العراقي ، تأسست على بنى تحتية عميقة فأصبحت بمثابة بنى فوقية تمتلك حضورها وجمالياتها وديمومتها بفعل جماليات التخصيب التي أعادت صياغة المرئيات داخل جوهرها وكأن الفنان العراقي قد اخترق موجوداته فسكن فيها . ففي التشكيل المعاصر في العراق وجد التخصيب حضوراً  له من خلال إعادة بناء النص بالنص نفسه ، ليصير جسداً واحداً ... فالفنان العراقي ماقبل وبعد الحروب المتكررة على البلاد ، قد أخرج مرئياته من حالة التشيؤ إلى حالة جديدة من حالات التناسل المعرفي والثقافي والجمالي مهتما بتخصيب أفكاره لصالح إنتاج حياة جديدة لها بفعل التعشيق بين الذاتي والمرئي باتجاه امتدادات بلا حافات .. وماتجارب الفنان رافع الناصري إلا دليلاً  وتأكيداً على تبني موضوعة التخصيب التي تنتج حياة ثانية للنص التشكيلي المفعم بجماليات التحديث والانتقاء والتجريب .. فتتمظهر أشكاله الجديدة التي أسطرة الواقع المحيط متمرحلة من الطبيعي إلى المجرد عبر تحولات الأسلوب المحتفل بالتصميم والتسطيح والتختيم والتركيب والتلصيق ، فتسهم في حضور ذاكرة البكر ضمن فضاءات مفتوحة تقبل التأويل وتحتفل بالتدويل والتخصيب .
     ان مسيرة الفنان الناصري زاخرة بالإبداع وفريدة بالطروحات كمثيلاتها لدى رواد الفن (جواد سليم – فائق حسن – شاكر حسن – سعد شاكر – محمد غني حكمت – نوري الراوي ..) ؛ حيث احتفلت تجارب الفنان بالكثير من الأفكار والتحولات والانزياحات وتداعيات الأمس عبر ثلاث مراحل ابتداءاً بمرحلته التأسيسية في تجربته الأولى في الصين عام 1959 ، المتمحورة حول جماليات التسطيح والتعبير التي جعلت من الفنان جزءاً من الطبيعة ومروراً بمرحلة القطيعة مع الشكل الطبيعي في تجربته في البرتغال عام 1967 التي احتفت بطاقات الحرف العربي وجماليات مدرسة بغداد للتصوير الإسلامي ، باتجاه هندسة المرئيات وصولاً الى تجاربه في السبعينيات في أوربا ومرحلة((الأفق)) وجمالياته الكونية والروحانية منتهياً بتجاربه الأخيرة عربياً التي أعلنت بيانها في تلاشي الأفق مسلطةً الضوء على تداخل الثنائيات وجعلها بجسد واحد بحثاً عن الخلاص في التصوف ..      ان تجربة الفنان رافع الناصري تعد من التجارب الفريدة والمميزة المتواشجة مع الكون واللون والصوت والضوء والصورة تمنحنا حياة وعطاء وتواصل مابعد الرحيل .
وفي ختام الجلسة النقدية أضيفت بعض المداخلات والحوارات من قبل السادة الحضور عن سيرة الفنان الفنية والاجتماعية والاكاديمية .


غالب المسعودي - غالب المسعودي .. الفنان الحقيقي والخروج عن التقليدي حاوره زهير الجبوري

الأحد، 13 أبريل 2014

قصص قصيرة جداً-عادل كامل

قصص قصيرة جداً


عادل كامل


مقدمة:
قال الجنيد:
     " فقد حكي عن الجنيد انه رأى رجلا ً مصلوبا ً وقد قطعت يداه ورجلاه ولسانه. وعندما استفسر عن سبب ذلك قيل له كان ديدنه السرقة فقطعت يده في السرقة الأولى والأخرى في الثانية، فثابر على السرقة برجليه فقطعتا على التوالي، فاخذ يسرق بلسانه فقطع لسانه، واستمر بالسرقة إلى ان آل به القضاء إلى القتل! آنذاك اقترب منه وقّبله، فقيل له:
ـ تقبل جسد لص مصلوب؟ّ!
ـ إنما أفعل ذلك لثباته!"
وقال الجنيد أيضا ً: " الصادق يتقلب في اليوم أربعين مرة والمرائي يثبت على حالة واحدة أربعين سنة!"
وقال ألنفرّي: " كل جزيئة في الكون موقف"
وقال محي الدين بن عربي: "لا يؤاخذ الجاهل بجهل، فإن جهله له وجه في العلم" وقال أيضا ً:" لا يصح الترادف في العالم، لأن الترادف تكرار وليس في الوجود تكرار"
وقال أبو علي الدقاق: " الإرادة لوعة في الفؤاد، ولدغة في القلب، وغرام في الضمير، وانزعاج في الباطن، ونيران تتأجج في القلوب"


22] مراقبة
ـ هل قرأت ما كتبه احدهم عنك وقال انك كنت تراقبه كي توشي به ..؟
ـ لو كان هذا بلا ذنوب لفعلت ذلك، أأراقب من ذهب ابعد من الإثم..؟
ـ لكنك كنت تستطيع محوه..؟
ـ أأمحو ممحوا ً، وأنا لم افعل ذلك إلا مع نفسي!
[23] المنفى
ـ ما الذي جئت تفعله في بلادنا..؟
ـ مع ان الأرض، كالسماء، والهواء، ليست لأحد، لكن هل حقا ً غادرت بلادي؟
[24] حلم
   تلمس جسده من الأعلى حتى أصابع قدميه، وتأكد انه لم يذهب إلى سريره، وانه لا يحلم. فهو، منذ أيام، لم يسمع صوت رصاصة، ولا دوي انفجار، ولا استغاثة، أو عياط ثكالى ...، إنما، دار بخلده، انه لا يمتلك قدرة إثبات انه على قيد الحياة، مما جعله يكتم استغاثة كادت تفسد عليه الحلم.
[25] ممرات
    "من الوهم إلى الحقيقة، أم من الحقيقة إلى الوهم، سيان، فانا قطعت المسافة التي كان عليها ان تضعني أمام .......، هذا البحر.
   مد أصابعه في الهواء، فرآها تمتد، وأبصر، فرأى بصره لا يرتد، وعندما تنفس عميقا ً، اكتشف انه فقد جسده، آنذاك لم يعد يتكلم، دار بخلده، لا معنى للمسافات مهما امتدت بين نهاياتها والمقدمات، ولا بين المطلق وهذا الصفر.
[26] عقد قران
ـ هل تعرف انك تجلس فوق الأرض التي جرت فوقها أقسى المعارك وأعنفها، وان الأرض ارتوت حتى أزهرت هذه الغابات، وهذه الورود...؟
ـ وهل هناك بلاد لم تسفك فوق أرضها الدماء..؟
ـ هناك، هناك، يا سيدي، البلاد التي مازالت الدماء تسفك فوق أرضها..!
ـ يحصل ذلك كي يخرج زرعها أقوى ..!
ـ آ .....، الآن فهمت لماذا المدن البيضاء، لا تموت، وكأن القدر لم يجد سواها لعقد قرانه معها!
     وكف عن الكلام، منشغلا ً بمراقبة حفل عقد قران ولده مع البنت التي تزينت بثمار الغابة، وبزنبقها. آنذاك آفاق، غير مكترث ان كان قد خرج من الأرض، أو انه في الطريق إليها.
[27] حرية
ـ أذهب فأنت طليق!
    فلم يجد أمامه إلا مساحة كلما تقدم فيها اتسعت، وامتدت. أسرع، وأسرع، وكلما أسرع وجدها تمتد، وتغويه بالإسراع، حتى لم يعد يمتلك قدرة إلا ان يسأل نفسه: هل حقا ً أنا طليق ..؟
   لم يعثر على إجابة. فقال مع نفسه: عندما كنت لا استطيع ان أتفوه بكلمة، لم أكن احلم بفضاء كهذا كلما تقدمت فيه اتسع، فقط كنت احلم ألا ادفن بمعزل عن أحلامي، إنما، هذه هي المحنة: إن تخليت عنها لم تتخل عنك، وإن تركتك، تجد نفسك تبحث عنها.
[28] رفيف
ـ اخبرني: كم هدمتم، قتلتم، كم اغتصبتم، سرقتم، وكم أفسدتم، كي تقولوا لنا إنكم فعلتم ذلك من اجلنا..؟
ـ قل لنا ماذا نفعل؟
ـ افعلوا ما شئتم
ـ لكن لا تقولوا أنكم فعلتم ذلك من اجل حريتنا.
ـ هل تتذكر ماذا فعلوا بنا..؟
ـ هم قتلوا، هدموا، افسدوا، فهل جئتم كي تكملوا ....؟
ـ ماذا تريد ان تقول؟
ـ أقول ....، أنا لست أكثر من بذرة دفنت، دفنت عميقا ً، كي تخرج، كي تخرج كما يخرج الزرع، آنذاك يكون لروحي أجنحة كالتي تراها تحّوم فوقنا، أنت لا تراها، وأنا لا انتظر منها إلا هذا الرفيف.
[29] حوار
  وأنا في الطريق، سمعت إحدى الجدات تسأل حفيدها: أتعرف متى يذهب الناس إلى العمل، وهم لا يذهبون إلا عندما تشرق الشمس، لماذا ..؟
  أجاب حفيدها مبتسما ً:
ـ وهل لدي ّ إجابة، فالشمس عندما تشرق، ولا تجد من يذهب إلى العمل، تحزن!
ـ جميل، والناس..؟
ـ والناس، عندما لا يذهبون إلى العمل، رغم وجود الشمس، فهم ليسوا إلا موتى!
ـ أحسنت، ولكن ماذا فهمت؟
ـ فهمت، فهمت، لم افهم شيئا ً!
ـ أحسنت!
فقال وهو يبتسم أيضا:
ـ لم اجب، وحصلت على الثناء، فماذا لو قلت ان الشمس لا تشرق إلا لتجد من يعمل، ومن لا يعمل فكأن الشمس لم تشرق قط!
[29] اللوح
       وهو يعالج بقايا ألواح طينية متصلبة، سأله زميله:
ـ هل وضعت يدك على السر..؟
   لو كان ثمة سر حقا ً لتحتم علي ّ الذهاب إلى مخفياته، من ثم إلى ما يريد الإفصاح عنه، والى عناصره، وما يتوارى فيها، كي أدرك، في نهاية المطاف، ان الأسرار هي الانشغال بها، وإعادة البحث في السؤال: ما الذي لم يدوّن، وما الذي كان عصيا ً على التدوّين.
قال لمساعده:
ـ بلغت الحرب ذروتها، ولم يبق منها سوى هذا الأثر. كائنات شبيهة بنا كان شعارها أيضا ً: النصر أو الموت!
   فقال مساعده بتندرك:
ـ والحرب بلغت ذروتها ...
ـ اللوح يحكي هذا تماما ً، فهل أخبركم بالسر؟
[30] سر
    وهو يمسك ببقايا عضوية تحجرت:
ـ الكائنات الأشد ضراوة، وقسوة، وصلابة، تغلبت على الكائنات الرخوة، فقضت عليها، ولم تخلف إلا هذه المتحجرات التي بين يدي ّ، هذه القواقع، وهذه الهياكل، لتبرهن كم كانت المواجهة شرسة، والتي لم تخلف إلا هذا الذي تراه..
ـ تُرى ما الذي سنتركه بعد رحيلنا ..؟
ـ ليس سوى إضافة مخلفات لا تروي شيئا ً يستحق الذكر. فقد كان الاشتباك عقيما ً، وجرى من غير رحمة، ليحول اصلب الكائنات إلى: غبار، والى رماد.
ـ لم تبق لنا، يا صديقي، أملا ً نتعكز عليه!
ـ هنا تحديدا ًتكمن الغواية؛ تخسر الكائنات حياتها كي تأتي أخرى تسلك الدرب نفسه، لأنها جميعا ً لم تذهب ابعد من ان تترك هذا المحو.
ـ وهذه الغابة التي ننقب فيها، ونجري بحوثنا فيها..؟
ـ هي وحدها تكتم السر الذي يحافظ على ديمومته.
[31] غواية
   خاطب النحات:
ـ كأنك تعيش في الماضي السحيق، حتى أصبحت مولعا ً بصناعة مجسمات صغيرة، وكأنك استخرجتها توا ً من أعماق الأرض: بقايا كائنات، شقوق، وتصدعات، وندب، و ..
ـ وهل باستطاعة الإنسان ان يترك سوى هذه المخلفات، التي بدورها، لا تمتلك إلا ان تتوارى، مندمجة بعضها بالبعض الآخر، مع العناصر، ومع مكوناته النائية..
ـ لكن عالمنا اليوم منشغل بالحفاظ على مصائرنا!
ـ ومن قال لك ان أسلافنا كانوا لا يمتلكون هذه الغواية؟
[32] إكليل
  بعد عقد قرانهما، طوق رأسيهما بإكليل من الورد، هامسا ً:
ـ افرحا. ولم يقل: وحده يذهب كأنه لم يأت ْ.
فقالت البنت:
ـ تعال شاركنا فرحنا، فأنت الأصل ..
ـ أنا ذهب زمن فرحي.
فقال الزوج الذي يقف بجوار زوجته:
ـ وهل للفرح زمن...؟
نظر العجوز إلى شريكة حياته، وقال لها.
ـ إذا ً لدينا القليل الذي علينا ألا نفقده.


 

مظفر النواب-من قصیدە: بالخمر و بالحزن فٶاد


عسل الورد الخامل ريقك
والنهدان أراجيف دفوف لألاء
اهتز كما يهتزان
أحد من الشفرة طبعي
ورقيق كالماء
أوسخ طين سيدتي ينبت فلا إن لقي الحب
وأطيب طين لا ينبت حين يساء
مسكون بالغربة
يجري الفيروز بأوردتي حزنا
هل تسمح سيدتي أنساب إلى جانبها
ليس علي سوى برد العمر رداء
دوريات الإخصاء تجوب الشارع
أغرب شيء ...
أي فم يفتح ...
فورا يجري التخدير ويخصى
ما هذا الصمت المتحرك بالشارع إلا إخصاء
جئتك من كل منافي العمر
أنام على نفسي من تعبي
ما عدت أزور فنارا
البحر تخرب
يحتاج البحر إلى إصلاح
والغرق الآن هو الميناء
مازلت على طاولة الحانة لست أعي
إلا ثملي بالكون
فالبعض على طاولة أخرى للسكر بدم المخلوقات
أنا .... هذي طاولتي
يقرؤني من يرغب حسب ثقافته في العشق
وقد يخطئ لا أستاء
يا من تسعل من كل مكان إلا حلقك
البرد شنيع وقضيت الليل تراقبني...


مظفر النواب

سأقول كلمتي وانصرف-د. بلقيس الدوسكي



سأقول كلمتي وانصرف


د. بلقيس الدوسكي
   الكل ليسوا معي. كل واحد منهم يريد ان يكون صاحب الكلمة العليا. وأنا ارفض ان أكون تابعا ً لأي واحد منهم، فانا اختلف معهم جميعا ً. إنهم أصحاب مآرب، ونوايا غير كريمة، وهذا لا ينسجم مع أفكاري، ورؤيتي، وفلسفة حياتي.
***
الأول: لقد كان فقيرا ً بائسا ً، وقد أصبح ثريا ً بسرعة مذهلة، ولابد ان نتقاسم معه هذه الثروة والعقارات، وإذا رفض يصبح قتله ضروريا ً.
الثاني: وأنا أحق منكم بالسيطرة على ثروته.
الثالث: بل تقاسموا عقاراته من البيوت والبساتين، وأنا الذي استلم ثروته.
هو: يا أصدقائي، في نهاية الأمر، سيقتل كل واحد منكم صاحبه طمعا ً في ثروة هذا الرجل الفقير الذي انعم الله عليه بهذا الرزق الحلال. فلماذا تنهبون أمواله أو تقتلوه، ألا تخافون الله...؟
الأول: إن لم تسكت، سنبدأ بقتلك قبل ان نقتله نسرق ثروته.
هو: بل سأتخلى عنكم ولن أسهم معكم في هذه الجريمة.
الثاني: إذا ً، ابتعد عنا، ولا توشي بنا، وسنعطيك بعض الغنائم.
هو: لا اطمع بأي شيء من السحت الحرام.
الثالث: إذا ً، اغرب عن وجهي، وأبقى على جوعك وفقرك!
***
    كان الرجل طيبا ً وكريما ً، وبدأ يكرم الفقراء ويغدق عليهم بما انعم الله عليه، فهو يتحسس معاناة الفقراء وكان واحدا ً منهم، فذهبت إلى خليفة الزمان وأخبرته بما يضمر البعض لهذا الرجل ويحاولون قتله وسرقة ثروته، فأمر الخليفة بعض رجاله لينصبوا للصوص كمينا ً بالقرب من بيت الرجل الكريم وإلقاء القبض عليهم.
***
الأول ـ مخاطبا الثاني ـ: لماذا لا نقتل ثالثنا ونتقاسم الثروة فيما بيننا...؟
الثاني: فكرة رائعة، ولكن من منا سيقتله...؟
الأول: أنا سأقتله.
     ثم طعنه من الخلف بخنجره فلفظ أنفاسه ثم القوا به في إحدى الحفر.
الثاني: تخلصنا منه (وقال مع نفسه)، سأقتل الأول أيضا ً.
هو: كنت أراقبهم عن بعد، وعلمت بما فعلوا بصاحبهما. وعندما وصلوا إلى بيت الثري، خرجوا عليهم حراس الخليفة والقوا القبض عليهم، ثم اقتربت منهم وقلت بهم:
هو: أقول لكم كلمتي الأخيرة، هذا جزاء من يتجاوز على قيم السماء، وقوانين الأرض، واعترفت أمام الخليفة بقتلهم لصاحبهم الثالث، واخذوا العقاب العادل.
الأول: ليتنا قتلناك.

هو: الم اقل لكم: سأقول كلمتي وانصرف! 

السبت، 12 أبريل 2014

صحبة الذئاب والأعراب-كاظم فنجان الحمامي

صحبة الذئاب والأعراب


كاظم فنجان الحمامي

قال العالم الفاهم صابر بن حيران. يأتي زمان على البلاد العربية تستأسد فيه الجرذان, فتخرج من جحورها العميقة, وتزأر مثلما تزأر السباع الضارية, فتطارد القطط والأرانب في الأسواق والسكك, وتحرمها من النوم في كهوف الواق واق, ثم يتآخى الأعراب مع الذئاب تحت ظلال أشجار الغرقد, فتتوحد كلمتهم عند حائط المبكى, وتتعاضد سيوفهم فوق تل أبيب, لترتبط في الخفاء بعلاقات سرية مع حراس أورشليم, وما أن تبزغ شمس السنوات الخداعات, بعد انفراط العقد الأول من قلادة الألفية الثالثة, حتى تتكشف الأسرار وترتفع رايات الخزي والعار, فيتبادلون الزيارات, ويعمقون العلاقات, ويكثفون المبادرات, ويفتحون السفارات, ويعقدون الصفقات, والثعلب فات فات وبذيلو سبع لفات.
حينئذ تلتصق دويلات الأعراب بذيل إسرائيل, فتصب جام غضبها على فقراء العرب, وتمارس ضدهم أبشع صنوف العقاب الجماعي الشامل, وتحرمهم من نعمة الأمن والأمان, في الوقت الذي تنعم فيه ضباع الهرمجدون بالهدوء والاستقرار وراحة البال.
يقول (نتنياهو) أن حلفائه الأعراب يقفون معه اليوم ضد فقراء العرب, وأنهم لن يتسامحوا مع من يفكر بإزعاج أورشليم, أو المساس بأمنها وسلامة مواطنيها. لا ريب أن ما يقوم به الأعراب من حروب طائفية, واشتباكات قبلية, تصب نتائجها كلها في مصلحة إسرائيل, بما يضمن سعادتها الدائمة, والويل كل الويل لمن يذكرها بسوء في خطبة الجمعة.
ويقول نتنياهو أيضاً: أن أصدقائه الأعراب تعهدوا له بحماية أسوار إسرائيل, وتطوعوا لضمان استقرارها, وأن الأيام القليلة القادمة ستشهد وقوفهم معها إلى آخر نفس, فما يقوم به الأعراب من دعم صريح للإرهاب, وتأجيج سافر للفتن الطائفية, يعد من التحولات الإستراتيجية, التي ستمزق فقراؤنا وتبعثرهم وتشتتهم, وتفتح عليهم بوابات الجحيم, وستؤدي حتما إلى تعزيز الحصانة الأمنية لإسرائيل والقوى الدولية المؤازرة لها.
لم تعد صحبة ذئاب صهيون مع ضفادع الأعراب من التكهنات السياسية الساذجة, ولا من أضغاث الكوابيس المزعجة, فقد حملت لنا الوقائع المشهودة متوالية هائلة من الحقائق الملموسة والأسرار المحبوسة, التي لا يمكننا تجاهلها أو إهمالها, خصوصا بعدما ظهرت مؤشراتها في برامج فضائيات التضليل والتطبيل, وبانت ملامحها في سيول الدماء الراعفة بين أخاديد الجبهات القتالية, المتفجرة فوق الأرض العربية من باب العزيزية إلى باب الزبير, ومن باب زويلة إلى باب المندب. لقد تعالت دقات نواقيس الخطر, وتعاظمت أصواتها المرعبة حتى أنعشت الضغائن القديمة, وأيقظت الفتن النائمة, فبعثتها من جديد بين (كابل) و(بابل), أما الذين لا يسمعونها فمن المحتمل أن يكونوا من الطرشان أو من المغفلين, أو ربما لا يقفون مثلنا في طريق بلدوزرات الخراب الجارف.
صحبة الذئاب والضباع نذير شؤم, وصفارات تحذيرية مخيفة تدوي في سمائنا, توحي لنا بوقوع المزيد من المصائب والويلات والنكبات.
والله يستر من الجايات

انتخابات الجمعية العلمية العراقية لجراحة الوجه والفكين والتي فاز برئاستها الاستاذ الدكتور رجاء كمونة








الجمعة، 11 أبريل 2014

قصص قصيرة جداً-عادل كامل

قصص قصيرة جداً


عادل كامل


مقدمة:
قال الجنيد:
     " فقد حكي عن الجنيد انه رأى رجلا ً مصلوبا ً وقد قطعت يداه ورجلاه ولسانه. وعندما استفسر عن سبب ذلك قيل له كان ديدنه السرقة فقطعت يده في السرقة الأولى والأخرى في الثانية، فثابر على السرقة برجليه فقطعتا على التوالي، فاخذ يسرق بلسانه فقطع لسانه، واستمر بالسرقة إلى ان آل به القضاء إلى القتل! آنذاك اقترب منه وقّبله، فقيل له:
ـ تقبل جسد لص مصلوب؟ّ!
ـ إنما أفعل ذلك لثباته!"
وقال الجنيد أيضا ً: " الصادق يتقلب في اليوم أربعين مرة والمرائي يثبت على حالة واحدة أربعين سنة!"
وقال ألنفرّي: " كل جزيئة في الكون موقف"
وقال محي الدين بن عربي: "لا يؤاخذ الجاهل بجهل، فإن جهله له وجه في العلم" وقال أيضا ً:" لا يصح الترادف في العالم، لأن الترادف تكرار وليس في الوجود تكرار"

وقال أبو علي الدقاق: " الإرادة لوعة في الفؤاد، ولدغة في القلب، وغرام في الضمير، وانزعاج في الباطن،
[14] اختيار
 ـ ماذا تريد ان تعرف..؟ استدرك وقال لنفسه: بل كان عليك ان تسأل نفسك: ماذا كان عليك ان لا تعرفه! متندرا ً أضاف: وهل كان لدي ّ قدرة ان اختار احدهما..؟ 
[15] غياب
    " لو لم تأت، ماذا كان سيحدث؟ ولو غادرت، ما الذي كان سيتغير..؟ آه، عندما تكون النهاية قد وضعت كي لا تكون لها إلا هذه المقدمات: تغادر، كي تأتي، وتأتي كي تغادر. إنها دوره شبيهة بالشمس، تشع، وتشع، وتشع كي تبلغ ذروتها، ولكن ليس إلا بالقانون الذي حدد لك اليوم الذي تغادر فيه، حيث المسافة التي لا خاتمة لها، لم تُدشن بعد، وأحيانا ً: لا تعرف انك غادرتها...."
[16] ومضات
  هنا، بجواري، فقراء بلون اللوز، والتين، والرمان، مثلما، هناك، في مدينتي، فقراء بلون التبن، والرمال، والرماد، آ ....ه، أيها اللصوص، لا جدوى من الحديث عن مجد الذهب، لأن أكثر المعادن صلابة، مثل جميع الثروات، هي الأخرى، تتوارى، كما لا احد يرى إلا ومضات الأثير.
[17] رؤية
ـ لا تدعني أراك. ولم يضف. كانت الرصاصة قد اخترقت جسده، واستقرت في مكان قاتل. لكنه كان لا يرد ان يعرف، وهو في مدينة نائية، من يكون القاتل، مع انه، دار بخلده، لم يمض حياته إلا بمحاذاة الجدران، منددا ً بدعاة العصبية، والعنف. إلا ان الآخر اقترب منه، وقال: أنا أريدك ان تعرفني، وتخبر إلهك باسمي!  فخطر بباله؛ هل ثمة ذنب يستوجب هذا الفعل؟ تاركا ً جسده يتدحرج فوق العشب، مبتعدا ً، كي لا تبقى ذكرى ما للأصوات ترن في الظلمات.
[18] محو
ـ كأنك تتحدث عن عداء متجّذر، لا أمل من استئصاله...، يكمن....، في الإنسان؟
أجاب صديقه:
ـ بل أتكلم عن ما هو ابعد من هذا الذي توقفت عنده. وأضاف بعد لحظة صمت:
ـ ليس عن الأمل، بل عن المحو. لأن الأول يقود إلى الأسى، فيما المحو، يا صديقي، يدع الدرب يذهب ابعد منا.
[19] صخرة
   لم يرفع من الساحل إلا صخرة بيضاء بدت له كبذرة جوز، أو حبة لوز، ثم أعادها إلى البحر. كان المطر يسقط بغزارة، والريح تعصف بشدة، عندما وجد أصابعه تبحث عن ثمرة الجوز، التي كانت محض صخرة بيضاء، كي يدفنها في رمال الساحل، لكن الأمواج جرفتها، فتوارت. دار بخلده، إنها لن تموت، لأنها ستحفر جذورها في القاع. وردد مع نفسه: إنها ليست صخرة، بل ما هي إلا احد أسرار هذا البحر.
[20] شقاء
   شاهد بضع فتيات يقمن بطلاء الجدران. كنّ يعملن بشغف، وهّن يعدن للبياض لونه الصافي، إنما لم يعد يرى لونا ً واحدا ً، بل، مثل كل فتاة، مجموعة متنوعة من الألوان، كباقة ورد. فانشغل يراقب إشعاعات ملأت المساحات أبعاد كلما حاول سبر أغوارها رآها تمنحه دهشة اكبر.
    إحداهن اقتربت منه، وخاطبته:
ـ منذ زمان وأنت تراقبنا.
ـ لا، لسن أنا من كان يراقب، بل هذا البياض بهرني حتى انه غدا يراقبني! فهو الذي جرجرني إليه، وأنا الآن أسيره!
ـ من تكون، أيها الحكيم..؟
ـ آ ......، لو كنت اعرف من أنا، لكنت اقل شقاء ً بهذا البياض..!
[21] جذور
   رأى طفلة تغرق في البحر، ذهب مهرولا ً باتجاهها وأعادها إلى الساحل. أقترب الناس منه:
ـ من أنت كي تمشي فوق الماء وتنقذ الغرقى ..؟
ـ أنا، أنا من البلاد التي كلما أشعلوا النيران فيها، وكلموا أوغلوا في سفك دماء أبنائها، تمد جذورها بعيدا ً في المصائر التي ستلد بعدنا.نيران تتأجج في القلوب"

الخميس، 10 أبريل 2014

اسطورة الاله أطلس (حامل قبة السماء ) -


اسطورة الاله أطلس (حامل قبة السماء )
أطلس اسم مشتق من أطلانتا وهو اسم لجزيرة أو قارة اسطورية دكر افلاطون انها غرقت في البحر، اخذت اسمها من اسم الشعب الذي يسكنها وهو شعب الأطلنط Atlantes الذي نجا من الغرق وعمّر شمال أفريقيا وهو سلف الشعب الليبي (الامازيغي) ثم نزح إلى مصر وبنى الأهرامات وبعضه اكتسح بلاد الإغريق : هكذا تقول الأسطورة الإغريقية مع أن أفلاطون يقول أن هذه الوقائع حقيقية وليست أسطورية، وأنه نقلها الإغريق عن كهنة مصر ...
في أسطورة أخرى أن أطلس هو ابن العملاق يافث Titan Japet والحورية كليميني Nymphe Clyméné شقيق بروميثيوس "سارق النار المقدسه " المحكموم عليه بأن يحمل السماء على كتفيه ويقال أيضا حكم عليه بحمل العالم على كتفيه وهو ما نراه في المنحوتات التي تحمل صوره
أما أساطير الإغريق حول أطلس فإنما تعكس مايحكى لهم عن عجائب بلاد المغرب، ومنها جبال أطلس الشامخة، وخاصة قمم أطلس الكبير التي تعانق قبة السماء، ولاترى أبدا في ذلك الزمان لأنها كانت مقر الثلوج الدائمة وتغطيها باستمرار سحب كثيفة ناتجة عن كثافة هذه الثلوج، والرحالة الذين يتحدثون عن معاينتهم للمنطقة وتسميته أمازيغية محضة
كما أن المحيط الأطلسي يربط أيضا باسم أطلس وجبال أطلس وجزيرة أطلنتيس المفقودة، كما أن القمر أطلس قد سمي نسبة لهذا الإله الذي برز في الميثولوجيا الإغريقية
تقول الاسطورة ..........كان أطلس من التياتن الذين وقفوا ضد زيوس وقد حكم عليه كبير الآلهة أن يقف في الغرب ، وان يظل حاملا الكرة الارضية على كتفه طوال الابدية
في الميثولوجيا هو كائن شديد العلو بحيث لايرى جزءه العلوي من الرأس سواء صيفا أو شتاء
أراحه هرقل بعض الوقت فى رحلة مهامه الاثنى عشر عندما حمل عنه قبة السماء في مقابل أن يذهب أطلس إلى حديقة الهسبريد ليحضر له ثلاث تفاحات ذهبية .
و الهيسبريد فهى حدائق كان يحرسهن حوريات الهيسبريد " حوريات الليل" قريبا من جبال اطلس الحالية و هى فى الجزء الغربى من العالم
و عندما عاد رفض اطلس ان يعود الى حمل قبة السماء بعد ان وجد من يحملها عنه ، و بما هرقل يتسم بالخدعة و الذكاء قرر ان يخدع اطلس فتساءل امامه انه لا يصدق انه قد قام بحمل قبة السماء و انه يشكك بقدرته ان يحملها مرة اخرى فانطلت الحيلة على اطلس فقرر ان يبرهن لهرقل انه يستطيع فعاد الى حمل قبة السماء عن هرقل و هكذا تحرر هرقل من حملها تاركا اطلس يستشيط غيظا
وهناك أسطورة تقول أن برسيوس ابن الإله زيوس زار أطلس ؛ فلم يرحب به ؛ فحوله برسيوس إلى صخرة ضخمة ، وأصبحت هذه الصخرة جبل أطلس في شمال غرب إفريقيا .
ولما كان اسم أطلس قد ارتبط بقبة السماء فقد اعتقد الناس في العصور الوسطى أن أطلس هوالذي علم الإنسان الفلك . ومازالت كتب الخرائط تسمي أطلس ؛ لأن صورته وهو يحمل قبة السماء على كتفيه استخدمها في القرن السادس عشر الخرائطي الهولندي ”جيرارد ميركيتور“ الذي يُنسب إليه تأسيس أول مدرسة خرائطية علمية على غلاف كتابه