الخميس، 30 مايو 2013

قصة قصيرة -عاشقان- عادل كامل


قصة قصيرة

عاشقان


عادل كامل

     رن الهاتف..رفع السماعة..وراح يصغي:
-         ]أعرف أنك الآن بلا عمل: الساعة الواحدة..الموظفون في هذا الوقت يشكون الضجر..إليس كذلك؟
دعني أثرثر:
      صديقي أنت لا تعرفني قط. لم ترني ابداً لا في الماضي البعيد ولا في الماضي القريب..أنا أعرفك..أعرف متى تستيقظ..ومتى تذهب إلى دائرتك..وأين تذهب بعد الدوام..هناك حانة صغيرة تذهب إليها. الحانة الصغير تلك أهم من الأشياء كلها. أنا أتكلم بصدق معك لآني أحبك. أجل امرأة ما تحب رجلاً..الأمر بسيط وعفوي ومشحون بالعاطفة البيضاء. أكيد: العاطفة البيضاء التي لم تلوث بعد..وكم أود أن تبقى هذه العاطفة صافية وبلا حدود. أنا اعرف أنك ستذهب إلى الحانة وتجلس هناك حتى الساع الخامسة عصراً، المهم أنني أعرف عمق حزنك، أنا حزينة بعض الشيء..فأنا تعرفت عليك في المستشفى. كان مرضك حقيقياً على الرغم من الأكاذيب التي أثيرت حوله. كنت مريضاً وكدت تموت في أية لحظة. أنا كنت أقل مرضاً.
        على كل، لم تفكر قط بأنقاذ نفسك. كنت تحب الأحزان البيضاء، مثلي، وغير متمسك بشيء مهم في هذه الحياة. بالمناسبة: أنا أعرف السيدة أمك..أمك وزوجتك..وشقيقاتك..أي أعرف النساء اللائي تعيش معهن. النساء. هل نسيت أنك قلت قبل عامين: لا أعظم من المرأة، أنا أعرف أنك تحاول التخلص من أساك بالحب على أنك أحببت الأوهام..أحببت كي تتخلص من الخوف..من الفراغ..من الألم .. ولم تحب كي تتعرف على الأبدية الأخيرة.. أنا مثلك في أشياء لا تحصى لكنك لا تعرف ماذا تريد..لا تقاطعني أرجوك.. أعرف أنك تعرقت الآن.. ورجف جسدك.. وتود أن تطير مثل عصفور.. وأعرف أنك لا تود أن تصغي إلي ّ.. أعرف ..لكنني ضجرة بعض الشيء .. بل جداً..أنك الوحيد الذي يعرف ما يفعل الضجر في النفس. في القمة الداخلية عندما تفلت من أرادة المرء. لا..الآن أشعر ببعض السعادة ولكن لماذا أنت؟ .. هذه مشكلتي طبعاً..لماذا انت بين ملايين الرجال؟. هذا عذابي أنا في الأخير. وأنا سعيدة بهذا العذاب، من يعلم؟ لا أعرف. ربما أنا أزداد عذاباً كلما أزددت سعادة. يقال أن العذابات المشتركة تقود إلى سعادات متماثلة..كلا..لا علاقة لي بالنظريات، فأنا فتاة بسيطة..فلاحة، وأخيراً موظفة..لا تضجر مني أيها السيد..فانا اللحظة كدت أنهي المكالمة وأقول:
     لا معنى لهذا كله. لا أقول أنا وحيدة وأنت رجل وحيد..أليس كذلك؟ فلم لا تتحدث بطلاقة. عذراً: لم لا تصغي لي أولاً..كي أستمع إليك بعد ذلك؟ هل تعلم أني أود الأستماع لصوتك العذب بحزن أزلي..أليست تلك جملتك؟  
    لا أسئلة ولا أجابات فانا أعرف أنك مريض وغير مريض..تشكو من التعب وأنت تتمتع بقوة خيالية.
    لا تضحك. أكتف بالأبتسامة. فعل أمر. ولكوني أحبك أقول: كان عليك أن تعيش منذ زمن بعيد..أي ستقول كان..لا، أنا لا أحب الحديث عن الرماد. أنا أحب أن أتكلم عن الحديقة التي تورق في الروح..ترى هل تعرقت مجدداً أم ضجرت؟ يقال أنك مثلي تجيد الكلام..ويقال أنك مثلي تجيد الأصغاء. حسناً..أبداً من جديدة: أنا أعرف ما لا تعرفه عن نفسك..أعرفك أنت..أنت الأبعد..وأنت المستحيل.. والمشكلة أتني أعرفك وأنت لا تعرفني. فأنا أعرف أنك تحب الموسيقى..وتستمع إليها في آخر الليل عندما تكون وحيداً..وفي تلك اللحظات لا تقوم بأي عمل كان..تصغي وتتأمل وتخرج إلى الحديقة، ثم تذهب إلى سرير النوم، معها، مع من تحب..أما أنا فأكون قد أنهيت فاصل الأستماع إلى الموسيقا..كي أنام مع أحلامي. أنت لديك أحلام كبرى..مثلي تماماً لكني لا أود أن أموت. أنت قلت: المرأة سيدة الأحلام، وأنا أكرر: الحياة تمضي. بالتأكيد أنك تود أن تعرف من أكون..هل أنا حقيقة أم هناك لعبة..بل ستتساءل: أهذا وهم؟ حمداً للرب أنك من الرجال الذين لا يعرفون الشك مثلي، لا أعرف هذا قط..لآني مازلت في مقتبل العمر..ثم ها أنت تسمع، وكدت أقول ترى..صوتي عبر الأسلاك: وأنا سأتكلم وأتكلم حتى اللحظة التي تغلق فيها الخط..وأعتقد أنك لن تفعل ذلك..سأتكلم..فأنا ضجرة قليلاً أو كثيراً..على أني أود أن تبقى هكذا تستمع لصوتي وهو يزداد قسوة..وليونة..مرونة وحلاوة..صوتي الذي لا أمتلك ما يفوقه جمالاً، يفوق لون شعري العسلي. لا تضحك. الرجال يحبون لون شعر المرأة قبل عينيها..أنا أعرف أنك تعذبت بسبب الجسد، يا صديقي الأعز، وتعذبت بالروح أيضاً..لا تضحك. اعرف أنك فكرت بهذه المزحة كلها. بل تساءلت: من يدفع ثمن المكالمة الطويلة؟ بل قلت: يالها من مزحة ثقيلة. للحق أنا جربت الأتصال بأشخاص لا أعرفهم..لكنهم، في الغالب كانوا يودون التعرف عليّ حالاً. أما أنت، أنت الوحيد..أنت..فلا تفكر إلا بحدائق الروح..ولهذا أزجي لك هذا الخطاب..هذا الكلام الذي لا أريد نهاية له. سيدي. أعرف أنك الآن تنتظر أن تذهب إلى حانتك الخالدة.. لا للقاء الناس..بل لأحتساء كأس من البيرة المثلجة..لكنك هناك في أعماقك تود أن تهرب..تفر.. ترى لماذا لا تهرب إلي..أعتقد أني عطلت الخط..وشغلته..ثم أن الجميع غادروا الدائرة..أنه لفضل عظيم أن تجد من يصغي لك في هذه الايام. بالمناسبة وأنا سعيدة أنك مازلت تستمع إلي ّ. سأذهب كي أراك هناك..هناك..هناك، وداعاً[ .
    وأغالقت الخط، على أن الرجل أو لنقل السيد رئيس القسم، كان قد ترك الهاتف وغادر منذ البدء ولم يصغ لأية كلمة قط، على أنه كان يجلس في حانته الصغيرة مع عدد من الأصدقاء عندما أقتربت منه فناة جميلة بهرت أنظار الجميع وقالت له:
-         هل تسمح أن أحدثك قليلاً؟
    نهض وجلس معها. تعرق. خجل. ترى ماذا سيقولون عنه، بل كيف سيعالج الموقف، تساءل ثم أصغى لها..
-         هل كنت واضحة معك؟
رعب، لقد حدس توا أنها هي..هي التي لم يحتمل سماع صوتها أو حتى التعرف عليها..وها هي أمامه.
-         أكيد ..
وتلعثم .. ثم أضاف:
-         بالمناسبة..كنت أصغي إلى عشرة أصوات في آن واحد..قالت حالاً:
-         أعرف فوضاك..كان يود أن يهرب إلى أي مكان، إلى الشارع أو الى البيت بدل هذا الحوار الذي هزه..لكنها قالت:
-         أنت رجل خجول جداً..
-         ماذا أفعل؟
-         آه .. حسناً هذا عظيم..
    سكتت ثم سألته حالاً:
-         لماذا أنت هكذا؟
    أجاب ببرود:
-         أنا هكذا ..
    فقالت: يبدو أنك..معذرة..لابد أن تذهب إلى المستشفى.
   قال : هذا أكيد.. الأسبوع القادم..أنا قلت لأمي وشقيقاتي وزوجتي..أني مريض..نعم في الحقيقة لابد أن أذهب إلى أي مكان..
-         كلا .. بل إلى المستشفى..
-         ولماذا إلى المستشفى؟
-         لآني سأرقد فيها، الأسبوع القادم.
-         آه فهمت، الآن فهمت.
    ثم أضاف بهدوءوبلا خجل:
-         هيا ننهض.أنا لا أحتمل البقاء في هذا المكان.
    قالت صارخة:
-         أنهض.
    ورفعت صوتها:
-         أنهض.
    ثم قيل بعد ايام أنهما رقدا في مستشفى الأمراض النفسية..وماتا هناك، بهدوء. وفي رواية ثانية أنهما أفترقا حالاً. ولم يعد يعرف أحدهما الآخر، وفي وراية ثالثة أنهما لم يذهبا إلى المستشفى بل ذهبا إلى النهر، وغرقا هناك..وفي رواية رابعة أنهما عاشا سوية في دار السيد رئيس القسم، حياة سعيدة. لكن الحقيقة مازالت غامضة وستبقى هكذا.
  17\4\1987



الاثنين، 27 مايو 2013

خبراء في هندسة الطسّات -كاظم فنجان الحمامي



خبراء في هندسة الطسّات

جريدة المستقبل العراقي

كاظم فنجان الحمامي

(الطسّات) ومفردها (طسّة) واحدة من المعرقلات المرورية المبتكرة, التي انتشرت هذه الأيام في طرقنا وشوارعنا المحلية, وشاع استعمالها على نطاق واسع إلى جانب الحواجز الكونكريتية والمصدات الأمنية المنتشرة في عموم المدن العراقية, حتى صارت من الملامح الأساسية لمقتربات المدارس والطرق والجسور ونقاط التفتيش ومراكز الشرطة والمؤسسات الحساسة والأزقة الداخلية المؤدية إلى مقار المسؤولين ومساكنهم. .
فالطسّات وتعني باللغة العربية الفصحى (المطبات) لها قاموسها الخاص في التطبيقات الهندسية العشوائية, ولها خصائصها العجيبة في تحطيم المركبات والعجلات الحديثة, ولها الدور الفاعل في إخراج القديمة منها من الخدمة, بيد أن المثير للدهشة انه لا يوجد شارع واحد في العراق لم تشوهه الطسّات, ولا يوجد زقاق واحد ليس فيه أكثر من طسّة, ولم تسلم منها حتى المنطقة الخضراء وتفرعاتها وساحاتها, وصار من المألوف رؤيتها داخل المحرمات الجامعية, وبين ردهات المستشفيات وصالاتها, ومن المرجح إنها أصبحت من التضاريس الجيولوجية الثابتة في ملاعب كرة القدم بشهادة نجوم نوادي الدرجة الأولى والثانية, الذين أبدوا تذمرهم مرارا وتكرارا من تكاثر الطسّات والمطبات في ملاعبنا المحلية, وعلى وجه التحديد بين خشبات المرمى وخط الجزاء, ويقال إنها السبب المباشر لمعظم الكرات الطائشة, التي سددها (؟؟؟؟؟). .

تصنيفاتها وتاريخها
تصنف الطسّات في العراق إلى أصناف متباينة في الأطوال والأحجام والألوان والغايات والاستعمالات, وتدخل من ضمنها الحفر والتشققات والأنفاق الصغيرة والحجارة المبعثرة على الطريق والإطارات المعطوبة المتروكة وسط الشارع, فالطسّات عندنا أما أن تكون صناعية أو طبيعية, وأما أن تكون مزدوجة أو منفردة, أو تكون ثابتة أو مؤقتة, أو تكون مرئية أو غير مرئية, أو تكون مرتفعة أو منخفضة, أو طولية أو عرضية, أو مغمورة بالماء أو جافة أو ممتلئة بالقمامة أو مغطاة بالقناني الزجاجية المهشمة, أما المستفيد الأول من ضحايا الطسّات فهم (البنچـرچـية) و(السمكرية) و(الحدادين) وأصحاب ورش صيانة السيارات والدراجات. .
يقول خبراء الطسّات إنها من الأخطار المرغوبة في العراق, لكنها ليست عراقية الأصل, ويشاع إنها ولدت في الولايات المتحدة الأمريكية, وذلك في ضوء ما ذكرته صحيفة نيويورك تايمز بعددها الصادر في السابع من حزيران (يونيو) عام 1906 انها استعملت أول مرة في مدينة (تشاذامChatham) في ولاية نيو جيرسي, وكانت بارتفاع خمس بوصات, ثم طورها العالم الأمريكي (آرثر هولي كومبتون) عام 1953, وهو من الحاصلين على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1927, واستطاعت مختبرات النقل والطرق البريطانية أن تدخل عليها بعض التعديلات عام 1973. .

الطسّات الصناعية
انتشرت المطبات الصناعية بشكل عشوائي ملفت للنظر, وكانت لها سلبياتها ونتائجها التشويهية والاستفزازية, وكانت طرفا مباشرا في تكرر وقوع حوادث السير, لكنها ظلت في نظر عامة الناس, شر لابد منه, وخير لا غنى منه في خضم ما تواجهه شوارعنا من غارات المتهورين والطائشين, الذين لا يحترمون النظام ولا يعبئون براحة الناس وسلامتهم. .
لم تصنع المطبات الصناعية إلا للأغراض التي تفيد قائد المركبة, وتحمي عامة الناس, وتقيهم شرور السرعات الفائقة, ويعدها البعض من أهم مستلزمات السيطرة المرورية, لكنها تكون في معظم الحالات متناقضة مع أهدافها من حيث الحجم والموقع, فبعضها يعجز عن درء الخطر, والبعض الآخر يقف عائقا بوجه حركة سير المركبات, من دون أن تراعي الجهات المعنية النواحي الفنية والتخطيطية والأمنية في ضوء المواصفات والمعايير الهندسية المحددة, ومن دون أن تدرس البدائل المناسبة. .
يطلقون عليها بالانجليزي (عثرات الطريق Street Bumps), ويطلقون عليها أحيانا: (مهدئة المرور Traffic Clamping), أو (Road Humps) وتعني: حدب الطريق, (Hump) تعني: (سنام), ولها مسميات أخرى حول العالم, ففي جامايكا يسمونها (الشرطي النائم Sleeping Policeman), ويسمونها في نيوزلندا (كاسرة السرعة Speed Breaker), أو (الحواجز المرنة Judder Bar), أو (المنحدرات Ramps), وتصنع من اللدائن البلاستيكية المعادة, أو من المواد الفولاذية, وربما كان العراق هو البلد الوحيد الذي جمع المطبات المستوردة من جميع المصادر بغض النظر عن أحجامها وأطوالها, ولم تقتصر استعمالاتها عندنا على الأنواع الشائعة, بل تجاوزناها نحو استعمال معظم المواد المستهلكة والتالفة كالإطارات المعطوبة, والحبال المسروقة من السفن, والأنابيب الصدئة والكتل الحجرية, والبراميل المثقوبة. . . .

الطسّات العشوائية المحلية
السائر في شوارع مدينة البصرة وطرقها يكتشف ان معظم الطرق المعبدة حديثا, إن لم تكن كلها, قد تعرضت للتخريب والعبث, وتشوهت صورتها بالأخاديد المحفورة, والتلال الإسفلتية الصغيرة التي قطعت الطريق, وربما يشاهد الناس وهم يدلقون البنزين أو الكيروسين على قارعة الطريق, ويضرمون النيران في المواد الإسفلتية السريعة الاشتعال بقصد إضافة طسّة جديد إلى الطسّات القديمة, بيد أن الملفت للنظر هو ظاهرة الطسّات المصنوعة من الحبال الغليظة المجلوبة من السفن والمراكب البحرية, ولسنا مغالين إذا قلنا إن حجم الحبال البحرية المنتشرة في شوارع البصرة الآن يضاهي حجم الموجود منها في الأسواق, حتى يظن المتجول ان السفن الراسية على أرصفة موانئنا تبرعت كلها بحبالها وأسلاكها وإرمتها وأشرعتها, ووزعتها على الأحياء السكنية, لتتحول فيما بعد إلى طسّات مبتكرة لم تخطر على بال الجن الأزرق. .
أشد ما يوجهه قادة المركبات هو صعوبة العبور فوق تلك الحبال الملتوية على قارعة الطريق, وكأنها حيات استوائية متمردة خرجت من جوف الأرض لتلتهم المركبات وتقطع الطريق عليها, أو تجبرها على السير بسرعات سلحفاتية. .
حينما نسير في شوارعنا نحس إن الجهات المعنية بجماليتها وصيانتها لم تعد تمارس واجباتها الرسمية المنوطة بها, وكأنها طلقت شوارعنا طلاقا خلعيا لا رجعة فيه, فينفطر قلبك من منظر الشقوق والأخاديد والأنفاق التي حفرها الناس في الشوارع الجديدة, فتحولت إلى كمائن غير مرئية, حتى بات من المألوف رؤية خبراء الطسّات وهم ينفذون مشاريعهم العشوائية والارتجالية لخلق طسّة صغيرة في الطريق المار قرب منازلهم. .
وبنظرة سريعة تطرح هذه الأسئلة نفسها: ترى من سمح لهؤلاء بتشويه صورة مدننا وشوارعنا ؟, ومن سمح لهم بتخريبها وتدميرها بهذه الأساليب البدائية المزعجة ؟, ومن سمح لهم بإلحاق الضرر بالسيارات والدراجات وأصحاب المقاعد المدولبة وعربات بيع الغاز المضغوط ؟, ومن هو المسؤول عن تفاقم ظاهرة الحبال البحرية القاطعة لشوارعنا.  . .

 أين الضوابط ؟؟.
نرى انه من المفيد أن تتولى الجهات المعنية مراقبة الشوارع, وتفقد مواقع المطبات بهدف التحقق من توفر الضوابط والمعايير المرورية في المواقف النظامية والعشوائية, وحبذا لو تكرمت برفع المطبات من الشوارع الشريانية الرئيسة, ولا بأس من وضع لافتات تحديد السرعات في الأماكن المخصصة لها, وأن يصار إلى وضعها في التقاطعات غير المحكومة بإشارات ضوئية, وإصدار الغرامات المالية بحق الذين انتهكوا جمالية الشوارع, والتصدي لظاهرة تكاثر المطبات غير النظامية التي يقيمها المواطنون أمام دورهم ومحلاتهم وما تسببه من أضرار جسيمة لأصحاب السيارات. كتفكك الصواميل المثبتة لأجزاء السيارات, وكسر أحد النوابض الرئيسة أو إتلافها, وحدوث اعوجاج في القنطرة الأمامية الطولية أو العرضية الخلفية, وتلف قواعد المحرك, أو صندوق التروس, وانحراف زوايا اتزان السيارة, وتحطم الراديتور, أو أحد أجزائها السفلية القريبة من الصدمات. .
ختاما نقول لما كان الغرض الرئيس من وضع المطبات هو تحذير سائق المركبة بأهمية التوقف, أو تخفيف السرعة, أو تغيير الاتجاه, أو لتهدئة الحركة المرورية والسيطرة عليها, أو لأغراض أخرى تتعلق بالسلامة العامة, فإنها يجب أن توضع في المواقع الصحيحة حيث تتطلب الحاجة وجودها فعلاً, على أن تلفت انتباه السائق, وتعطيه الوقت الكافي لتخفيف السرعة قبل الوصول إلى موقع المطب, ويتعين هنا استعمال الخطوط التحذيرية اللافتة للانتباه, والعلامات الأرضية العاكسة قبل الوصول إلى موقع المطب, وهي غير موجودة أصلاً في شوارعنا الداخلية, وأن لا يترك الحبل على الغارب لخبراء هندسة الطسّات الذين تمادوا في تخريب شوارعنا وتشويه صورتها. . .
-- 

الحلة واسطنبول وقاسمهما المشترك !!!!-حامد كعيد الجبوري


إضاءة
الحلة واسطنبول وقاسمهما المشترك !!!!
حامد كعيد الجبوري
  يقول البسطاء من الناس وبسبب ما نمر به من تردي وتراجع بأننا ( خطية ) لا نستحق أن يفعل بنا هكذا ، وربما أتطابق مع رأي هؤلاء البسطاء الكبار ، وتأكيدا وعذرا لمن قال ( كيف ما تكونوا يولى عليكم ) ، في كل سفرة اذهب بها لخارج محافظة بابل ينتابني شعور غريب ، وبخاصة أن كنت خارج العراق ، أعاتب بداخلي من بذر بذرتي وخلقت في الحلة أو العراق ، بلاد لا نستحق أن تحبنا أو نحبها ، وربما أن رأيي هذا ينطلق من التراكمات والتشوهات غير الأصيلة التي مرت علينا وعشنا داخل هذه البلاد – الحلة او العراق - التي يقول عنها صفيها الحلي ( بلاد ألفناها على غير رغبة / وقد يؤلف الشئ الذي ليس بالحسن  ) ، عدت من زيارة الى مدينة اسطنبول التركية قبل أيام ،  واسطنبول تعداد سكانها ( 35 ) مليون نسمة بقدر نفوس العراق ، وتشكل أكثر من ثلث سكان تركيا البالغ 85 مليون بشر ، والحلة يقسمها شطها لنصفين ، واسطنبول يقسمها خليج ( البسفور ) لنصفين أيضا ، والبسفور قنال طبيعي يربط البحر الأسود ببحر مرمرة  ، واسطنبول نصف أوربي ونصف أسيوي  يتسابق النصفان أيهما الأجمل وأيهما يقدم خدمته أفضل للمواطنين ، ولأن تركيا ليس لها نقمة النفط التي حلت على بلدان العرب الأعراب لذا تستورده من الدول النفطية لتسير المركبات والطائرات واستخدامات أخرى ، ناهيك عن قلة استخدامه في المنازل مستعيضين بدلا عنه بالطاقة الكهربائية ، الطباخات كهربائية ، التدفئة والتبريد كهربائيا ، المترو كهربائي ، الترام كهربائي ، شبكة القطارات كهربائية ، ومن أجمل ما رأيت هي العبارات الكهربائية أيضا ، تنقل المئات بل الآلاف من سكان اسطنبول من جانب لآخر ،  وربما تتسع العبارة لأكثر من خمسين عجلة صغيرة أو كبيرة ، تصور نفسك موظفا تعمل بالجانب الآسيوي وسكنك في الجانب الأوربي ، ما عليك إلا أن قطع تذكرة من عداد آلي  وتعبر للجانب الآخر لقاء أجر رمزي ووقت لا يستغرق 15 عشر دقيقة ، حكومة تحترم مواطنيها بكل أجناسهم وأعراقهم ودياناتهم ، لم أجد شرطيا للمرور ، لم أشاهد ثكنة عسكرية ولا شخصا عسكريا ، ويقال أن الشرطة بزي مدني ، لم أجد سيطرة واحدة تحمل جهازا لكشف ( الطرشي ، والريفدور ) ، لم نفتح حقيبة بمطار ( آتاتورك ) العملاق ذهابا وإيابا بفضل أجهزة كشف متطورة جدا كالأجهزة التي تعاقدت عليها حكومتنا الوطنية مع بريطانيا ، وسجن بسبب تلك الصفقة تاجر بريطاني ، ولازلنا نتبجح بأنها من أفضل وأحسن المناشئ البريطانية متسترين على مجموعة سراق يركضون ليل نهار لقرصنة القاصات الحكومية ووضعها بقاصات حزبية أسلامية وعلمانية أمينة جدا ، لا أتحدث عن الشوارع ونظافتها ، ولا الحدائق وورودها ، ولا الأماكن التراثية والاهتمام بها ، ولا الجسر المعلق العملاق الذي يعبر البسفور ليربط آسيا بأوربا  ، ولا البيوت التراثية التي يهتم بها عمدة اسطنبول ، ولا أن اسطنبول مركزا سياحيا وثقافيا و ليست عاصمة لتركيا  ، أقول أن كل ما يحدث بتركيا بميزانية تقل عن نصف ميزانية العراق ، ألم أقل بدءاً بأننا شعب ( خطية ) ، وسأكون ثرثارا كحلاق القراءة الخلدونية وأقول ( لعن الله السياسة والسياسيين ، والعلمانية والمتأسلمين ، والسراق و ( الحراميين ) ، والشرق والغرب أجمعين ) ، وليعيش أصحاب الكروش الجوفاء ، ولتسقط شعوب العالم الثالث كافة ، للإضاءة فقط .  



السبت، 25 مايو 2013

سبع قصص قصيرة جدا ً- عادل كامل


سبع قصص قصيرة جدا ً


عادل كامل

بحث

ـ لا تبحث عن الشيء الذي لا وجود له!
ـ وهل كنت ابحث كي أجدك، أم فقدك كي ابحث عنك!

اعتراف
ـ وجها ًلوجه، أخبرك، انك لم تبق أحدا ً لم تكذب عليه: على الناس بلا استثناء، وعلينا جميعا ً، وعلى الله، وعلى نفسك ...
   ابتسم الآخر وقال هامسا ً، قبل ان يتوارى:
ـ هذا ما تعلمته منك: الصدق!
ـ إنما سأبقى أتتبع خطاك، أينما ذهبت، فدوري لم ينته بعد. سأرافقك، كظلك، كالصدى يدلني عليك، كي أتسلل إلى مناطقك التي ... لم...، ولن تصل إليها.
ـ ها أنا ادعك، للمرة الأولى، تدرك انك لن تفتح الباب التي لا وجود لها. فانا وأنت، مثل الموت الذي يمتد عبر الولادات، ومثل الحياة التي لانهاية لها.
ـ فانا ـ إذا ً ـ لم اكذب على احد، لا على الله، ولا على نفسي، ولا عليك.  فانا شهدت موتي قبل ان أولد، وسأبقى أولد بعد موتي.
ومضات
ـ انظر، انظر إلى تلك الومضات...، هل تراها؟
ـ أراها، أراها تمتد خارج مدى بصري، وارها بلا حافات، ولا حدود لها.
ـ إنها، في يوم ما، كانت مجرات.
ـ لكن هذه الحقيقة لا تبعث في ّ المسرة، أو الرضا!
ـ ومن طلب منك ان تشفى!
أصوات
ـ عندما كنت تستطيع ان تصرخ، لم يكن صوتك يذهب ابعد من انفك...، فهل باستطاعة صمتك ـ الآن ـ ان يذهب ابعد من ذلك...؟
    لم يجب، فقد دار بخلده، انه لم يكن منشغلا ً بخلاصه، فقد كان منشغلا ً بأمر آخر، كان يمضي الوقت وهو يصغي إلى الحدود التي عبرها الصمت؛ صمتهم، أما الآن، فانه ـ قال من غير ان يفتح فمه ـ لا يمتلك قدرة الامتناع عن صد أصواتهم، وقد انهالت عليه من الجهات كلها.
أطياف
   كما لم تغب عن ذاكرته مشاهد الإمساك بالرجل، في ذات مرة، وتمزيقه، وتحول جسده إلى أجزاء متناثرة، غطت الأرض، وتلاشت، كأنها لم تحدث، قبل ساعات، ولم يكن الرجل، الذي توارى، وغاب، وحده صمام الآمان. لم تغب المشاهد المتتالية، وهو يستعرضها، الشبيهة بأطياف أو لا مرئيات انبثقت أمامه: رجال قدر لهم إدارة اللعبة، بما كانوا يتمتعون بها من سلطات فوق بشرية. ثم، بعد ساعات، من غيابهم، تزحف كتل رمادية، متفرقة، ومتراصة، مدججة بالأسلحة، في مواجهات، فتشتعل النيران، وترتفع أعمدة الدخان ملونة، ومن غير ألوان.
   أوقف الجهاز، محدقا ً في الفراغ: رجال، لعقود، يمسكون بهذا الذي غدا ساحة حرب. فجأة، كي يجهل من يقتل من...، ومن يهدم بيت من ...، من ...، ليسمع، في صمت الليل، من يطرق الباب، وينادينه من وراء الباب الخشبي:
ـ أنا هنا، أيها العجوز..
    من يكون هذا ..؟ سأل نفسه، وهو يفتح الباب، وحدق باستغراب، بل بشرود، في محيا  الآخر:
ـ من أنت ..؟
ـ أنا، أنا، أن هو أنت...، أنا هو الولد الخجول الذي كرست حياتك كي تبني له بيتا ً صغيرا ً يموت فيه، وليس ان تخرج كي تبحث عن عدو ...
لم يدعه يكمل:
ـ وهل جئت لهذا السبب، بعد ان غبت عني سنوات طويلة...؟
ـ جئت أساعدك على الموت!
  يساعدني؟ ذلك لأنه، استعاد اللحظة التي شاهد فيها كيف أطاحوا بالرجل، وتناثر، كأنه تمثال تحول إلى أجزاء، وشظايا، وهو يحدق فيه، يأمل ان يراه، وهو يلوّح له بوردة بيضاء، ولكنهم لم يتركوا شيئا ً من جسده.
ـ وما هذا الذي تحمله..؟
ـ احمل الوردة البيضاء التي كنت تود ان تقذف بها...؛ الوردة التي تركتها تسقط، ولم تقدر أصابعك الإمساك بها، أنا هو من التقطها من الشارع، منذ سنوات بعيدة، بعيدة جدا ً، وهي التي احتفظ بها، كي أعيدها إليك.
ـ لك أم لي ...؟
      تمتم العجوز مع نفسه، وقد أعاد تشغيل الفيديو، متتبعا ً رؤية مشاهد أخرى لرجل شارد، يهرب، يبحث عن ممر...،بعد ان وجد جسده  محاصرا ً من الجهات كافة.
ـ لك ولي!
   ومن غير إرادة، وبشرود، رفع أصابعه، فوجدها لا تقدر على حمل الوردة، فتركها تسقط على بعد مسافة سنتمترات، بين محياه وبين الشاشة.
مسافة
   وهو يفكر بإطلاق رصاصة في رأسه، أعاد قراءة الكلمات التي دوّنها، كوصية:
ـ" هذه الممرات التي توغلت فيها، وحدها أصبحت منفذا ً لك، إن تقدمت أو تراجعت، فأنت لم تخترها، ولا هي اختارتك، إنما لا مناص انك أصبحت جزءا ً منها، وتلك هي حريتك. ألم ْ أخبرك، عندما كنا في المنفى، ان اللا حرية هي تحديدا ً حريتنا، وانك محكوم بشروطها، التي غدت، بالتداول، شروطك، فانك عشت كي تبلغ هذا الإدراك: إستحالة الفرار منه. وجود طالما تخيلت مدى توغله فيك، وتوغلك فيه، فالهواء عندما ينعدم، ولا تجده، تكون قد عثرت على أثره، حاضرا ً كشبح تراه أينما ذهبت، وافقت، فهو كوّن اختيارك الذي لم تختره، كانعدام الصوت وقد أصبح هو صوتك الوحيد. لا عزلة أبدا ً وأنت تتوغل فيها بجوار ما لا يحصى من الذين لا يختلفون عنك، كميت بين موتى، وكمجذوم بين مجذومين، في مدفن سابق على وجودك،  طالما تعثرت في دروبه تارة، وطالما هرولت في مخفياته تارة أخرى، لكنك أبدا ً لست إلا الممر كلما حاولت مغادرته توغلت فيه، كالمرآة التي حاولت ان تمحوها من حياتك لتجدها قد تحولت إلى باب، والى طريق، والى منفى. ألم ْ أخبرك، منذ البدء، انك كلما بحثت عن ذاتك ازدادت استحالة عنك، وان العكس، كما أخبرتك، ليس إلا وهما ً آخر كنت تتبع أصداءه، فلا أنت هو الصوت، ولا أنت هو الصدى، ولا أنت هو من غاب، ولا أنت هو من سيولد. أنت هو الصفر وما عليك ان تفرح لكسب، أو تحزن لخسارة، فأنت هو الإقامة، وأنت هو فجوتها؛ ليس لديك إلا ان تراقب كيف تؤدي دورك، وتتفرج عليه، وأنت ترى الفراغات علامتك في العبور. ذلك لأنك لم تخلق كي تصل، إلا كي تتعثر بغيابك وبما هو في حدود هذا الغياب..."
   إلا انه ترك أصابعه تتحرك بتلقائية، كأنها بلا كثافة، من غير لون، وخالية من الحرارة، بلا ملمس، تتقدمه، فراح يمشي خلفها، من غير أسئلة، لأنه لم يعد يسأل نفسه، أهي التي كانت تجرجر رأسيه، وجسده، وإرادته، أم انه تركها تنفصل عنه، من غير ان يود ان يرى أكانت المسافة آخذه بالاتساع، أم بلغت الصفر.
شهادة
     بعد نصف قرن، قرر ان يزور قريته. فتجول في شوارعها، وفي أزقتها، فلم يثير وجوده انتباه احد، ولم يجد، هو الآخر، ما يثيره. كل هذا ـ دار بخلده ـ لا علاقة له بالماضي. إنما استعاد الصورة الأخيرة التي رسخت في ذاكرته: مقبرة القرية..فاتجه إليها، بحسب خارطة لم تمح أدق تفاصيلها في ذاكرته، وتوقف تحت الشجرة الوحيدة التي كان قد خاطبها، قبل ان يلوذ فارا ً، من القرية، ويغادر البلاد. جلس بجوارها، بذهن شارد، إنما أصغى إلى صوت خفيض خاطبه:
ـ  "لم يعد احد من اهلك، أو رفاقك، أو صحبك، على قيد الحياة، فمن نجا، بعد تلك المذبحة، توارى...، ومن مكث، مات كمدا ً. فهل جئت كي ترقد في المكان الذي ولدت فيه، أم انه هو الذي طلبك ...؟"
     لم يجد الكلمات التي يرد بها، لأنه بعد ان بحث عن فمه وجده غائبا ً، فراح يصغي إلى الصوت مرة ثانية:
ـ " أم لأنك لم تعثر على مأوى ترقد فيه ...؟"
    كانت المقبرة تمتد بعيدا ً في الأفق، من غير نهاية لحدودها. وعندما عثر على فمه، لم يعثر على الكلمات. وعندما عثر على الكلمات، لم يعثر على فمه. فأصغى:
ـ " صحيح، كنت أنت الشاهد الوحيد على ما حدث، ولكن ما معنى ان تدلي بشهادتك، أيها العجوز، بعد مرور هذه السنين ...؟"
ـ" نعم، أنا كنت الشاهد الوحيد على ما حدث، بعد ان اقتلعوا الأشجار، وتركوني كميت لا يستحق حتى الدفن"
 ـ"ولكن هل تريد ان تعرف شيئا ً...؟"
ـ " نعم"
ـ " ان أرواح الضحايا مازالت تخرج فجرا ً، وترفرف، بعد ان وجدت سكنها في هذه الأرض!"
ـ "    "
     لم يجد فمه كي ينطق بالكلمات التي ملأته. وعندما عثر عليه وجدها قد غابت. فأصغى:
ـ " إنها سكنت أرضها، ولم تغادر..." فرفع صوته:
ـ " أراها لم تغادرني أيضا ً..."
ـ " نعم"
ـ " ولكن ما معنى ان أدلي بهذه الشهادة...؟"
     للمرة الأولى لم يجد مبررا ً لمغادرة قريته، والعودة إلى البلاد البعيدة التي أمضى حياته فيها، فقد رأى المقبرة تمتد، وتمتد، وتمتد حتى شاهد احد الأزقة يتسع لخطاه، فسار فيه، متجها ً إلى بيته القديم، ثم رأى، خلفه، نوافذ بيوت، ونسوة، وأطفال يلعبون...، وشاهد، في الأفق، مساحات بيضاء، وأخرى خضراء. فشرد ذهنه، وهو يرى زمنا ً غاب، ولا اثر له سوى شجرة كبيرة، وجد لها بابا ً فدخله، فكاد يعثر على فمه لينطق به، لولا ان الشجرة أغلقته، وسمعها تخاطبه بصوت خفيض: حبيبتك التي كنت تهرول خلفها، مازالت تبحث عنك، فقد تم دفنها، هنا، في ّ، وهي التي طلبتك، لأنها، في كل موسم، كانت تورق، وترفرف، بانتظار عودتك.."
ـ " ها أنا أكون قد أدليت بشهادتي أخيرا ً..."
ـ " الم ْ اقل لك، ان الحرب لم تنته... وفرارك لم يكن هزيمة.."
ـ " ولكنه ليس نصرا ً.."
ـ " ذلك لأن روحك وحدها ستبقى ترفرف عند الفجر، ولن تتوارى مهما اشتدت عتمة الليل، فأنت الآن أكملت سفرك، وما عليك إلا ان تترك أجنحتك للطيران، ترفرف، مع هؤلاء الذين سكنوا ذاكرتك في هذه الأرض"