السبت، 30 أبريل 2011

للبيع !!! جنسية عراقية-حامد كعيد الجبوري

إضاءة
للبيع !!! جنسية عراقية
حامد كعيد الجبوري
بلاد ألفناها على غير رغبة
وقد يؤلف الشئ الذي ليس بالحسن
وتستعذب الأرض التي لا هواءها
ولا ماؤها عذب لكنها وطن
صفي الدين الحلي
قبل أيام خلت كتبت موضوعتين أحداهما ( من الجحيم الى الجحيم ) ، وأخرى ( من الهدم الى الهدم ) ، في كلتي الموضوعتان تحدثت عن ممارسات حزبية وسلطوية للقادم الجديد ، مقارنة مع المجتث البعث ، خلصت لنتيجة مفادها أن التغيير الذي حصل في العراق لم يكن ألا امتدادا لنظام قُبر ، قلت حينها أن لم يكن صدام حسين يستحق اللعن لأكثر من مرة في اليوم أثناء حكمه الوحشي ، فهو الآن يستحق منا اللعن بعدد مسبحة ( ام 101 ) نستعيرها من المتأسلمين الجدد ، وبمعدل مسبحة كاملة بعد كل وجبة أكل ، وملاحظة ان يكن اللعن بعد الطعام ، لكي لا نحرم شهية تناوله ، وسبب لعني لصدام هكذا لأنه السبب المباشر لوصول إمعات كثيرة ( لا تهش ولا تنش ) لمناصب وكراسي حيوية جدا ، وقد أكن مبالغا أن قلت أن الأمريكان يقدمون للبلد سواء رحل أم لم يرحل صدام حسين ، ولا أريد اليوم التحدث عن القرصنة السياسية ، والكعكة العراقية ، والأحزاب التي بدأت ( تفرِّخ ) أحزابا جديدة ، ولا التحدث عن البرلمان العراقي وكوارثه ، ولا الدستور العجول ومآخذه ، ولا الرئاسات الثلاثة ومنافعها ، ونوابها المثنى والثلاث والرباع ، ولا المحسوبية ، والعشائرية التي غذيت مرة أخرى لتنشط وينشط روادها معها ، ولا الحديث عن الخدمات وعدم وجودها ، ولا المائة يوم المحسوب لها ألف حساب من هنا وهناك ، ولا ، ولا ، ولا ، فكوارثنا التي نعيشها بظل هؤلاء لا تعد ولا تحصى ، ولكن هناك كارثة ستحل بنا قريبا ، أو قل حلت ولكن ببطء وبشكل تدريجي ، رموزها كتلا وأحزابا ، وحدانا وزرافات .
همس بأذني أحد أصدقائي بأن صديقنا ( فلان ) خرج أبنه ولم يعد لداره منذ فجر أمس ، ولأننا أصبح بديهيا لنا أن من يفقد هذه الأيام لا يمكن أن يعود لداره بسهولة ، لذا فضلنا عدم مهاتفة صديقنا ونرقب أخباره من بعيد ، مر اليوم الأول ، والثاني وصولا لليوم الرابع عشر وابن صديقنا خرج ولم يعد ، بدأ اليأس يدب لنا رويدا رويدا ، وقلنا أن الشاب سوف لن يعود ، وعلينا انتظار العثور على جثته ، وحكمنا هذا لمجريات كثيرة سابقة عشناها ونعيشها أولا ، وثانيا عودة أحد المفقودين الحليين لأهله بعد ثلاثة أيام ، إذن أين ذهب أو قل أختفي نجل صاحبنا الأوسط ، بعد هذه الأربعة عشر يوما رن هاتفي النقال ليعلن لي أحد أصدقائي بعودة أبن صديقنا الذي خطف ، على عجالة ركبت سيارتي وصحبت من هاتفني وذهبنا لنبارك لصديقنا عودة ولده ، استقبلنا الرجل بحفاوة وفرحة لا توصف ، دخل في الحديث مباشرة ليقول باختصار شديد ، فجرا هيأ ولده نفسه للسفر الى بغداد للتبضع ، أخذ معه 20 الف دولار ، أستوقف سيارة للأجرة وركبها ليذهب الى الكراج الموحد ، ما إن صعد للسيارة شهرت بوجهه مسدسات و ( خناجر ) ، من الركاب المختفون داخل سيارة الأجرة ، اليوم الأول أتصل الرجل بولده عن طريق الهاتف النقال ولم يفلح ، وهكذا بدأ فصل التفتيش وأخبار السلطات بذلك وبدون جدوى ، في اليوم العاشر وبعد يأس طويل طرقت بابه الساعة العاشرة ليلا ، رجل غريب دخل لداره مطالبا إياه ب 50 الف دولار ، ليست فدية لولده لكنها قرض على ولده ، قال صاحبنا لذلك الرجل ، طيب حينما يأتي ولدي تعال وخذها منه ، أجابه لا هيأها لي وستجد ولدك عندك ، إذن هذا هو الخاطف ، وقال مهددا من الأفضل لولدك عدم أخبار الشرطة ، وأن تصورت اني أتيت لوحدي فأنك واهم ، هناك في الشارع قبالة دارك سيارتان لنا ، ونحن لن نتصل بك عن طريق النقال بل نحضر لك بأوقات نختارها نحن ، يقول صاحبي درست الأمر وجها لبطن فوجدت أن لا خيار لي غير ذلك ، بعد يومين أتاني شخص أخر كما يقول صاحبي وقال ، هيأ لولدك 100 الف دولار وعرفنا انك من عائلة جيدة وأنت رجل مسالم فماذا تقول ، قال صاحبي وما هو الضمان لتسليمه لي ، قال الخاطف لا ضمان لك أبدا ولا خيار إلا واحدا فقط ، ( سلم بلم ) ، قلت له حاضر ، قال إذن غدا موعد التسليم والاستلام ، يقول صاحبي هيأت المبلغ كاملا وانتظرت مقدم ولدي مع خاطفيه ، مرت ساعات الليل الأولى ثقيلة ولم تطرق باب داري كما يقول ، الساعة الرابعة والنصف فجرا طرقت الباب طرقا خفيفا ، عرف صاحبي أن الخاطف أتى ، يقول فتحت باب الدار فإذا بسيارة وولدي يجلس في المقعد الخلفي محاطا بأزلام غي ملثمين ، قال هذه أمانتك ناولني أمانتي ، أنزلو ولدي وأعطيتهم المبلغ المقرر وغادروني في حينهم ، الغريب ان ولدي لم يعرفني ولم يكلمني بحرف أبدا ، سحبته من يده لداخل الدار فاستجاب طوعا ، نكلمه لا يرد علينا ، نسأله لا يجيب ، ذهبنا به الى بغداد في نفس اليوم وعرضناه على طبيب نعرفه ، قال الطبيب لهم أن الشاب أخذ جرعات من ( الهروين ) أو غيره ، لذا يتوجب عليكم متابعة حالته النفسية والصحية لاحقا .
لا أقول شيئا ولا أعلق بحديث ما لأننا بدولة القانون ، بل أحدث من يقرأ كلماتي هذه وأقول ، ( يرحم والديه اللي يعرض جناسينه العراقية للبيع ) ، ونعرف أنها لا تساوي ثمن ورقها ، ومع ذلك نمد أيدينا كما المتسولون ونقول لمن يقرأ كلماتنا ، ( مروتكم جدوا لنا من يمنحنا جنسية ما وحتى وأن كانت أسرائلية ) ، فاليهود ارحم علينا من أبناء جلدتنا ، بل من ديننا ، بل من مذاهبنا ، ألم يقل الله بكتابه العزيز ( ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا ) ، وأنا أخاطب الخالق قائلا له ، لا يا ربي أن أرضك غير واسعة فقد ضيقها علينا الحكام الجوف في كل الدنيا ، ناهيك يا رب أن عراقنا ضيقوه علينا فلا حق لنا ان نعيش في كردستان مثلا ، ولا في المحافظات التي تحمل هوية مذهبية معينة ، فلمن نشتكي أيها الرب العظيم ، للإضاءة ........... فقط .

ليست هناك تعليقات: