الأربعاء، 17 فبراير 2016

جورج أورويل: لماذا أكتب؟

جورج أورويل: لماذا أكتب؟: خاص ( ثقافات ) منذ نعومة أظفاري، ربما منذ الخامسة أو السادسة من عمري، أدركت أنني عندما أكبر سأكون كاتباً، وبين السابعة عشرة والعشرين حاولت التخلي عن هذه الفكرة. فعلت ذلك وكأنني أعتدي على موهبتي الحقيقية، لكن أدركت، عاجلاً أو آجلاً أنني سأحقق حلم طفولتي وسأؤلف الكتب. كنت الطفل الأوسط لثلاثة أطفال، وكان الفارق بين طفل وآخر خمس سنوات،

الاثنين، 15 فبراير 2016

غالب المسعودي - زيارة الى شارع المتنبي

فنانون دون مأوى ..-نبراس هاشم

فنانون دون مأوى ..

   



نبراس هاشم

      قد نسمع الكثير من المفردات ولكنها لا تليق لأذهاننا واعني استيعابنا .. كيف هي الصورة في مخيلتي عندما اسمع فنان دون مأوى هل هي مزحه أم ماذا يعني بالمأوى .. يقصد هنا لا مكان للعمل وليس للعيش .. طيب كيف يعيش إن لم يمتلك موقع عمل .. هذا ما نراه في يومنا هذا بالحقيقة المؤسفة .. وكيف يكون العمل الفني يحمل البصمات والتقنيات المبتكرة المبدعة المنفردة إن لم يحمل السكينة والاسترخاء الذاتي .. وكيف عليه أن يقدم منجز فني وهو محبط حائر بمأواه في الوجود .. كيف تكتمل العملية الإبداعية دون ارتكاز معنوي .. يفكر البعض بإنشاء قاعات للفن التشكيلي فقط للإقامة المعارض .. دون السؤال كيف سيكون المنجز التشكيلي بالمستوى الموازي للمنجز الثقافي العالمي وهل سيضيف ثيمة ثقافيه للوسط التشكيلي الذي أكله التراب .. لا أودّ أن أكون ( شوبنهاوريه) كما يسميني البعض ولكن سأهز رأسي لأبعد أفكاري واستدعي ما يتأمله نيتشه والآخرون ... هل قام احد الفنانين ( المسؤولين) كيف يعيش من يحمل هوية فنان تشكيلي هل يملك زاوية من جدارين فقط لينزوي بإملاء قماشه بيضاء أو أكساء شيش حديد بالطين أو ترقيع سطح خشبي بحبر أو ما يقارب هذه الأفكار الكلاسيكية .. لقد فضل الكثير كلمة (( اللهم الله )) أو هذه ليست مسؤوليتنا ... واسمحوا لي وكذلك نحن لا نريدكم مسؤولين علينا .

وداعا عادل العطار-1936-2016


الأحد، 14 فبراير 2016

أختام*-عادل كامل

















أختام*


عادل كامل

[11] من الصخرة إلى الرأس: الدائرة ـ مثلثا ً
     قبل أن تأخذ السلطة علاماتها، كان الرمح، رأسه، قيد الاختبار. انه أداة الحفر عند الجسد: الرأس/ المثلث، عدا الأصل المحور عن الدائرة/ الصخرة/ القلب/ الكرة/ وقبضة اليد. انه ليس تحولا ً عفويا ً، جرى بمحض المصادفة، من الصخرة إلى المثلث، بل كان تدوينا ً لحقبة زمنية تحولت فيها أدوات الدفاع إلى أدوات: غزو. فالصخرة صقلت، كي تأخذ شكل الناب، نموذجا ً لرأس الشوكة، المنقار، فالعين في أصلها أداة استطلاع، وليست أداة قتل. على إنها ستبقى مزدوجة الأداء، كي تحافظ على مرونتها، وغايتها، ولغزها في الأخير.
    فما الذي حدث، وكأن سيناريو الموجودات يحدث ببرمجة لن تقبل الميلان: إن الأصابع راحت تصنع ـ إن لم اقل تجد كما كان يعثر ما يكل أنجلو على تماثيله مخبأة داخل الخامات ـ المثلث في الصخرة، وتستخرجه، حادا ً، كأنياب الذئب أو التمساح، ليؤدي الدور نفسه: دحر الآخر، كي تصبح الطريدة ضحية، وكي تتوارى في المثلث قواه الخفية.
   هكذا أصبحت السلطة هرما ً في مواجهة لا نهائية الصحراء، ولا نهائية الموت، وهكذا تحول القتل إلى: سلطة. فالهندسة عدلت العشوائية، ورأس الرمح، كالهرم، كلاهما ممر لعبور اللغز، تحديا ًبانتظار الذروة.

   ها أنا أعيد نحت المثلث، ولكن بمعنى أن المثلث يشهد دفنه، في مأوى مقيد، فهل استعرت ـ ضمنا ً ـ آليات عمل البذرة: لا يكمن لغز بعثها إلا بعد الدفن؟
    ولكن المثلث سيؤدي دور الصوت الجمعي، عندما يصيح هرما ً: لأن السلطة لم تعد رمزا ً للميت المبجل، الفرعون، كحاصل خبرات مركبة للطب، الفلسفة، الهندسة، والثروات، والقوة فحسب، بل تحديا ً للموت: علامة اكتملت بقصد تجاوز مفهوم سلاسل التحديات، كي يعادل الخلود نقيضه، باستحالة الفناء، ولكن بديمومة غير قابلة للدحض.
    ومع إن الهرم امتلك مقومات السلطة ومكوناتها، إلا أن الآخر ـ اللا ـ كل الذي بدا موتا ً أو فضاء ً أو زمنا ً ـ لن يدعه يتمتع إلا بمظهر المرور، مادام، في النهاية، يدخل في صميم عدمه.
   يا لرأس الرمح، الذي سكن الصخرة، أكان وسيلة لغاية، أم كان غاية استخدمت للمرور...، وقد أفضى إلى صناعة حكاية لم تدم أكثر من ديمومة صانعها، وقد سكن زوالها...؟
   أيا ً كان هذا الاختراع، وأسبابه، كالدواة قتل (من حافات أوراق النباتات الحادة إلى أسنان الذئاب، والى أسنان السلاحف، والجرذان، والبشر)، بوصفه رمزا ً للسلطة الهرمية، من الرأس إلى القاعدة، فانه سيعيد أداة الحفر، وهي أداة الكتابة أيضا ً، لإعادة دفن الملغز، داخل أشكاله، وعلاماته، من غير إضافات ذات شأن عدا التي تغذي ذهابه ابعد من حضوره الوجيز.


[12] فجوة
     كيف أستطيع أن أصل إلى نهاية أنا نفسي اعرف إنها بلا حافات...، بمعنى: ما القوة التي سمحت لي ـ وقد تحولت حجرتي إلى حبة رمل/ وإن عدد المجرات التي أراها اليوم هي أضعاف أضعاف حبات الرمال في سواحل محيطاتنا ـ أن أقع في غواية ما، واصدق ـ حتى لبرهة ـ إنها اللامبالاة الأجمل؟!
    هو ذا المشهد يكتمل: انك أما مع النهار ضد الليل، أو مع الليل ضد النهار، وليس لديك قدرة أخيار احدهما أو دحضه....؟ فانا أسير منفاي ـ مثلما الشكل أسير دوافعه وعناصره ـ وعندما لا امتلك إلا غواية اختيار هذا المنفى، وليس سواه، فان الاختيار ـ ذاته ـ ليس أخيارا ً، فأي سراب أغواني، ومنح أصابعي أن ترى ما لا يراه القلب، بعد أن تحولت الكلمات إلى حجابات، والى جدران معزولة داخل منفاها؟
   لقد أمضيت حياتي ابحث عن ملاذ...! فهل حقا ً أصبحت اصدق نفسي، بالسكن أم بالمتاهات...؟
[13] الفراغ ممتدا ً
   هناك مسافة ما (فجوة) بين ظهور الكلام ـ الكتابة، ونهايتهما: فجوة الكلام/ الكتابة التي اقترنت بالإنسان المخلوق الأرقى في الحفاظ على الجهد المبذول خارج وعيه ـ ووعيه طبعا ً، بمحاولة الحفاظ على كل ما يراه يذهب، مثلما ولد: منفيا ً وزائلا ً معا ً..؟ هذا هو ما أطلق عليه بالتاريخ، تصنيفاته، بحسب أدوات الإنتاج، ومنها: التصوّرات، المثل، الأفكار، والأنظمة الاجتماعية/ الثقافية، بمختلف صنوفها ـ وأشكالها.
    وها أنا أصل إلى الذروة: إنني لا امتلك حتى الحد الأدنى في دحض مثل هذا الاختيار، لكائن اشتبك في عراك مع الخارج، بحثا ً عن مأوى، لا امتلك حتى نفي قدري على النفي، فكيف أغري ـ اغوي ـ اخدع ـ إنني املك واحد بالمليار من الصدق؟
    وها أنا أصدع، اخدش، أشوش، مثل هذه القناعة، ومثل هذا الوهم، فأدرك إن هذه الحقبة لا تمتلك معيارا ً للحكم، وإن النسبية، برمتها، لا تختلف عن السراب، لكن الماء، في الأصل، تتوارى فيه أللغاز كلها، النائية إلا عبر وهمنا بالوصول إليها. لأن المشتغل في تفكيك الكتابة ـ الكلام،  لا يجد لغزا ً ما غير خاضع للتفكيك، كي تكون الخاتمة: إن شيئا ً ما وثب من حقبة ما قبل التاريخ ـ إلى حقبة ما بعده!
     يا لها من غواية اخترعت ممنوعاتها: تابواتها: ممنوع الموت، لكن ثمة مبررات لا تحصى للقتل. إنها حقبة الكتابة القائمة على إرادة لم يخترعها أحدا ً، بل استحدثها، وهي حقبة، قياسا ً بزمن الديناصورات أو السلاحف أو الحيتان أو الفيروسات، تعد، لحظة عبور من المجهول إلى ما هو ابعد منه.
   فما ـ هو ـ شأني بحياة أخرى لا علاقة لها بوجودي ـ بهذا الوعي ـ عندما لا امتلك إلا هذا الوهم: أما أن لا اقتل، وأما أن اقتل...؟!
     هل ثمة حضارة لا نجد في أسسها براءة لم تنتهك؟ أقول حضارة ـ وكان علي ّ أن أجد كلمة أخرى ـ  لأنها، تنتمي إلى الكتابة، تميزا ً، عن الأجناس ذاتها التي مصائرها قائمة على ديمومة كل هذا الذي لا ديمومة له.
    لم ْ نولد كي نؤسس حضارة، تلك قناعة فرويد، ولكن ماذا عن تاريخ التطور، عبر السياق ذاته، كي نرى، على نحو أدق، ما خلفته المعتقدات من مبررات لسفك الدماء، وبصياغة أقنعة تؤدي دوري الغواية/ التمويه، والخداع...؟
     ربما لا براءة لأحد إلا للذي لا وجود له في الأصل، وهذا ـ بحد ذاته ـ اعتراف  يؤكد استحالة وجود براءة أصلا ً! فعندما يغيب المعيار، ما معنى الحكم؟
    فهل استطيع التقدم في فراغ مشغول بمثل هذا العدم الممتد، وأنا كيان لغوي بين أنظمة لغوية بالكاد بدأت أفك الغاز دويها، وتصادماتها، السابقة على وجود (مجرتنا) و (مجموعتنا الشمسية) و (كوكبنا الأزرق)، وكياني ـ هذا الأقل من حبة رمل ـ في نهاية المطاف؟

[14] القلم
    على إن أداة الكتابة السومرية، كجزء لا يتجزأ من بنية الكتابة المسمارية، قبل 5 آلاف سنة، ترجعنا إلى عصور المغارات، وربما، بحسب الآثار الأقدم، إلى عصور أقدم. . فالقلم هو الأداة الأقدم لمشروع الانتقال من عصر الاقتصاد البري إلى عصر النار. وثبة دخلت فيها المعادن عنصرا ً للمشروع الذي مازالت تتوارى (غائياته)، إن كانت شبيهة بحدود تاريخ نوعنا، أو كلية، بما يخص الكل ـ باتجاه: استحالة تحديد غائياته.
   على إن أداة الكتابة ليست هبة؛ بل هي حصيلة اشتباك بالأيدي، وبالجسد، ضد الخطر المنظور، وصولا ً للعثور على مناطق اقل تعرضا للأذى، والتلف، والزوال: مناطق محصنة، لا مرئية، قائمة وراء الجدران، وكاتمة لأقدم فعاليات السر، والأسرار.
    كانت أداة الصيد، عمليا ً، قد استبدلت الطريدة بالإشارة، والصورة ـ بعناصرها الأولى: الخط/اللون ـ لبناء برنامجه السحري. فالفعل ليس مسليا ً إلا بحدود منحاه التوليدي: الهيمنة. فالرسومات الأولى ليست مشروعا ً فنيا ً، أو تعبيريا ً، أو جماليا ً إلا بوصفها تحديا ً للآخر، في مشروع الصراع ضد الغياب. فالجانب العملي حتم أن يذهب ابعد من الانتصار، على الضواري، وعنف الطبيعة، وضمنا ً، الجماعات البشرية في عراكها من اجل الموارد، والأرض.
   فتلك الأدوات الحادة، التي حفرت فوق العظام، والخامات الأخرى، وصولا ً إلى الطين، كانت شبيهة بالمسمار: رأس الحربة، الرمح، السكين...؛ أداة استبدلت تخصصها من القتل إلى النقش.   فهل تضمن ذلك خروجا ً عن الأصل، أم إخفاء ً له؟
    فإذا كانت تراتبية الأنظمة الجمعية، من القاعدة إلى القمة، لم تتغير إلا عبر أشكالها التمويهية (الأيديولوجية والافتراضية)، فان الكتابة لم تصر فنا ً مستقلا ً أو معزولا ً عن هذا البناء، بتعددية عوامل ديمومته، كصراع محكوم بزمن دورته، تاريخه، وليس نتيجة التصوّرات، الاحتمالات، والبناءات الشكلية.
   فهل ثمة كتابة من اجل الكتابة، تذهب ابعد من اقترانها بفلسفة: أبدية التحولات، لكنها واقعيا ً ليست خالصة. لأن الأشكال ليست قبلية حسب، بل لأنها تولد بنفيها. ولأن النسبية تدلنا على الاختلاف، فإنها لن تصبح مطلقا ً.
     فانا لا اعرف، ليس عدم معرفتي، بل أن أتوغل ـ كلما تعلمت وتقدمت في المعرفة ـ إن الذي اجهله وحده خارج أدواتي. فانا محكوم بعدم المعرفة، وما أنتجه ليس إلا درجة لن تقودني، بعملي الحثيث، إلا بما ينقلني من كائن أصله ينحدر من العفن، المجهريات، والاميبا ..الخ، ونظامه مازال مشفرا ً بالزواحف، والثدييات، فان كلماتي، ضمنا ً، تحجب عني رؤية هذا الذي أسعى لمعرفته. وحتى موتي، في هذا السياق، لن يستقل بذاته، ليس لأنه جزء من كل، بل لأن احتفاظي بهذا التوتر، علامة له.
    هكذا، ببساطة ستكون النقطة أول الدرب. وسيكون الألف، بتراكم النقاط، معيارا ً لباقي الحروف.

    فهل تخفي الكلمات، بنقاطها، حكاية الكائن الحي، وموته، أم أن هذا الذي لم يدمر، منذ تكون خلايا الخلق الأولى، يتحدث عن استجابة لتحديات شكلت لا إرادته المقّيدة بالكل، وليس بهذا الذي لا علاقة له بالتصورات ـ وعلاماتها، إن كانت مجسمات أو رسومات أو حروف أو فخار ....؟
   تحثنا العلوم؛ من الكيمياء إلى الفيزياء النووية، وتحثنا العلوم المثابرة على تحديد: اللا متوقع ـ والمكتشف توا ً، وعلوم البحث في اللا مرئيات، إلى عصر نهاية: الكتابة، ولكن ليس إلى عصر نهاية الحياة. ذلك لأن تطور الأدوات، يهدم الثوابت، مهما بدت محمية بنظامها الهرمي (ثروات/ أسلحة/ أيديولوجيات) فلا احد يمتلك قدرة ماذا سيقال عنا، مثلما لا نمتلك قدرة تحديد لغز نظام الخلية، ومعناها بمعزل عن نسبية أدواتنا، ومعاييرنا، في نهاية المطاف.
    فالأدوات البكر للنقش، الحفر، الحز، لم تغادر مشروعها بالحفاظ على كل ما نراه ينحدر، مع ماضيه، عندما استطيع أن أشاهد، ما لا يحصى من المجرات، وأنا لا امتلك إلا أن أغذي فضولي باليات أنظمتها. ألا  تتشكل لحظة التفّكر، والأمل في مشاهدة هذا الكل المرئي، بما يخفي من امتدادات، دحضا ً لقيود تاريخنا المشترك؛ من المجهريات إلى الزواحف، ومن الثدييات إلى قشرة أدمغتنا، برفقة باقي المكونات الحية، وإنها، في الأصل، لم تمنحنا إلا هذا الذي كلما توغلنا في مدياته ازداد جاذبية، وليس عجزا ً أو وهنا ً، في تنفيذه؟

[15]  اللا شعور ـ الوسط ـ الانجذاب
   على إن رأس الرمح، بين أدوات الصيد الأخرى، شبيه برأس الهرم، فوق الأرض، أو فوق الورقة، كلاهما لا يغادران حدودهما. إنما كل منهما هو جزء من الكل. فالسلطة لا تمتلك هويتها إلا بنظامها المكون من أجزاء، من الشكل إلى لا متناهياته. يضاف إليهما ـ مع آليات نظام المركز ـ سلطة الوسط، لدى الأنثى، في نوعنا.
    ثمة إشارة قد تكون صائبة: إن الاتصال الجنسي، وجها لوجه، غدا تحولاً،  كطفرة في الممارسة، بعد حقبة طويلة مبنية على الامتطاء.  فالنوع ـ هنا ـ يعدل مشروع المداهمة، نحو: التودد ـ الألفة: العناق.
     إنها حقبة وجيزة  ومازالت غير مستقلة عن نظامنا القديم، قدم تكون الخلايا الأولى، قبل ملياري سنة، في الأقل، مع ذلك ليس ثمة ذروة، بل صيرورة، وسلسلة من التحولات.
      ألا يأخذ الوسط معناه بصفته: سلطة..؟ سلطة امتداد ـ وديمومة، يتطابق فيها الشكل مع وظيفته، عبر الوسط كأعلى أخفى ذروته،  فيه، وكأسفل بلغ الوسط، فهو سلطة ستحافظ على وجودها، في مواجهة الاختراق. إلا  إنها سلطة غواية، وإثم.  فالمثلث لم يعد يثير فزعا ً، هنا، كي يكمل عمله كقناص يتتبع انجاز آليات عمله: لفت النظر، بشكله، برائحته، أو بملمسه، أو ربما بما يمثله من باثات، من ثم يؤدي دوره في مشروع: الإخصاب.
    ولعل دفاعات الأنثى، وإحساسها بالخطر، لا يكمن في الرأس، بل في الوسط، مما يتطلب ـ بلا شعور ـ آليات اتخاذ موقف الدفاع. وحتى عند اشتداد الرغبة، كجزء من إرادة حفظ النوع، فان الأنثى لا تبذر بمشروعها إلا لصالح لا وعيها ـ وهدم سلطتها ـ من اجل ديمومة نوعها.
   فها هو ذا: المثلث، وقد أخفى مقاصده، كما أخفاها الهرم، والسهم، كي يمارس طقسا ً للإرادة، إن كانت عمياء، أو أكثر إبصارا ً، أو خارج فعل المعنى ـ القلم والكتابة ـ كمسمار يؤدي دور الذكر فوق الورقة ـ أو في الأرض، أو في الجسد.
تأملات أثناء العمل ـ وقد سبق أن نشرت حلقات من التجربة تحت عنوان: اختما معاصرة.

شكيب كاظم سعودي.. في كتاب المرء يلقى عصا ترحاله..-مؤيد داود البصام

شكيب كاظم سعودي.. في كتاب المرء يلقى عصا ترحاله..


مؤيد داود البصام
حظي الوسط الثقافي العراقي ما بعد تكوين الدولة العراقية في بداية القرن العشرين، وظهور الجرائد والمجلات، وتعددها، بمجموعة من المثقفين والاكاديمين والأدباء، ما أطلق عليهم بالموسوعيين، فأولئك لم يكن عطائهم أحادي أنما تجد الكثيرين منهم، شاعرا ً وقاصا ً وناقدا ً...الخ، ويخوض في أكثر من نسق وموضوع أدبي وفني وفلسفي، وحتى المختصون منهم بنسق معين، تجده يلم بالأنساق الأخرى،  وأن لم يزاولها فهو عارف بإسرارها، وهي حالة تعبر عن استمرار الأسلوب أو النهج الذي كان حاضرا ً في الثقافة العربية والإسلامية للعصور المتقدمة، كالكندي والفارابي وابن سينا ..الخ  وإلى وقت قريب كنت تجد مثل هذه الشخصيات في عصرنا الحاضر، ومثالا ً وليس حصرا ً، على من لهم اختصاص ولكنه ملم بفروع أخرى، الشاعرة نازك الملائكة، ناقدة إلى جانب شغفها بالموسيقى، والفنان جواد سليم، وحبه للموسيقى وعزفه على آلة العود وكتابته الشعر، وهذه أمثلة بسيطة ولكن كان من هو أكثر إيغالا، مثل جبرا إبراهيم جبرا ,وإسماعيل محي الدين، والكرمي، وجلال الحنفي.وإحسان وفيق السامرائي...الخ، هي لم تكن هبة إلهية للعراقيين وحدهم، وإنما بقايا أثار الحضارات القديمة والأقرب حداثة بما كان فيها من بانوراميين أفذاذ في كافة أنحاء العالم، وأخذت هذه الإبداعات بالانحسار التدريجي، أمام موجة تخصص التخصص التي وضعتها مناهج الحداثة وما بعد الحداثة في النصف الثاني للقرن العشرين، ولكن ظل في العراق والوطن العربي من يتسمون بهذه السمة، ومنهم الناقد شكيب كاظم السعودي، فقد استثمر جهده المعرفي الموسوعي ليتحفنا بمجموعة كتب في الثقافة والتوثيق والتاريخي إلى جانب النقد الأدبي ،  وكتابه ( والمرء يلقي عصا ترحاله قراءات في كتابات ) الصادر عن دار فضاءات في عمان، ب168 صفحة من القطع المتوسط، جاء في ( 25 )   فصلا ومقدمة، وجاء  فصله الأول: جبران منشئا رومانسيا وليس سياسيا. يتحدث السعودي قي هذا المقال عن جبران الكاتب والفنان، وليس كما يراه من كتب في نقده لجبران، وينحاز السعودي لجبران الفنان والكاتب.وهكذا يتسلسل في الفصول الباقية، متخذا من العناوين الباب الذي يدخل فيه لا عطاء راية في  القضية أو الحادثة أو الشأن الثقافي، ومحاولا في بعضها تصحيح الخطأ إذا كان تاريخيا بناء على ما وصل إليه من خلال بحثه الدءوب للوصول إلى الحقيقة، أو أعطاء رأيه النقدي أذا كانت الموضوعة تخص الثقافة، فهو كتب عن موضوعات مختلفة ليس هناك لها وحدة موضوعية سوى وضع بعض الآراء أو الإحداث أو الكتابات على المحك وتحت المجهر، واستنتاج ما كتم وما ظهر، ووضع استنتاجاته وآراءه وأخطاء الكتاب  والرد حول المفاهيم التاريخية المخطئة، أو الحوادث التي كتب عنها من غير توثيق وإنما اعتمادا ً على الأقاويل والإشاعة، وهو في رده وضع التوثيق من المعلومة جهد المستطاع، لتصحيح ما وقع فيه الآخر من خطأ، وما أصاب المكتوب عنه من حيف، وهو عمل ليس من السهل الولوج فيه وفي دهاليزه المعتمة بعض الأحيان، وما كتبه الأستاذ شكيب في مقدمته، من إنه سوف يتخلى عن مزاولة هذا الفن من الكتابة، يعتبر بحق خسارة كبيرة للثقافة العربية والعراقية في هذا الوقت الذي تشيع فيه ثقافة الانترنيت، التي سهلت عمليات السرقة والانتحال، لعدم وجود الرقيب الذي كنا نجده حاضرا ً دائما ً، ولهذا يقول فيما كتب." هذا لون من ألوان الكتابة، لم يتوله إلا قلة من الكتاب، لان من يتولاه ويكتب فيه يصيبه شئ من وجع الرأس والنفس ، وبعض أذى لأننا جبلنا على كيل الثناء والمديح، ,أصبحت تلك ثقافة شائعة فينا، لكني آثرت الكتابة فيه – لا رغبة في إثارة الضغائن والخصومات، لكن بحثا ً عن الحقيقة أو ما أراه حقيقة، وجعلتها الهدف الذي أرنو. " المقدمة ص 9،  وإذ يكتب عن تجربة الروائي الجزائري محمد ديب، نجده في الفصل الثالث أو المقالة الثالثة إذ جاز لنا القول، يكتب ذكريات يونس الطائي الذي شهد اللحظات الأخيرة لعبد الكريم قاسم، وهكذا نجد أنفسنا نطالع مجموعة مقالات ودراسات مختلفة في شؤون وانساق متعددة في آن واحد بين دفتي الكتاب، تارة ينتقد وتارة يصحح، وتارة يطلعنا على تاريخ ما ضاع من حادثة من الحوادث، مما يجعله كتابا ً جامعا ً يستطيع القارئ من إيجاد موضوعه الذي يخصه أو يرتاح له، دون العناء في البحث بعدة كتب للوصول إلى المعلومة، فيه هذا الشكل من الإمتاع والمعرفة، والدخول إلى عوالم متعددة، كتبه بأسلوب السهل الممتنع، ليكون في متناول الطبقات كافة، من أعلى سلم الثقافة إلى أدناها، فلم يدخلنا في متاهات التقعر اللغوي، ولا وضع جملا ليبن قدراته، إنما كتبه بأسلوب يروق للجميع.   



قلق الكتابة.. اقتصاد التأليف

قلق الكتابة.. اقتصاد التأليف: استرعى انتباهي قبل أيام خبر في صحيفة «الإندبندنت» البريطانية عن كاتب بريطاني ينسحب من مهرجان أدبي تقيمه جامعة أكسفورد، وهو كاتب يتمتع بشعبية واسعة ومكانة رفيعة أهلته ليكون راعًيا لذلك المهرجان على مدى الخمسة أعوام الماضية. ما استرعى انتباهي كان السبب، فعلى غير المعتاد، لم يكن ذلك السبب خلاًفا فكرًيا أو أدبًيا أو قانونًيا، وإنما

السبت، 13 فبراير 2016

7 كتب في الفن من ألشفاهي إلى التدوين- عادل كامل

7 كتب في الفن
من ألشفاهي إلى التدوين



1 [ رافع الناصري/ النهر وأنا.. عشق على مر السنين] مجموعة كتاب
2ـ يا باسل الحزن ـ مؤيد داود البصام
3ـ [الفن الحديث] تأليف: ماريو امايا، ترجمة:د. نوري مصطفى بهجت.
4 ـ [ التصميم الكرافيكي ـ دراسة تحليلية] ـ معتز عناد غزوان.
5 ـ[تنمية التذوق الفني التشكيلي ـ دراسة تجريبية] د. ماضي حسن
6ـ [تناصات المرئي] د. جواد الزيدي.
7ـ [محطات بين الطب والفن] تحرير: معتز عناد غزوان.




عادل كامل
إشارة: 

    مادام التمييز بين مفهوم التقدم/ التطور، من ناحية، والتدهور/ الارتداد، من ناحية ثانية، خلال الألف وخمسمائة عام الماضية، شاخصة في الذاكرة، لكنها لم تقدر على محو عمل الموروثات الأقدم، خاصة في بيئات مكثت خاضعة للاقتصاد البري ـ البدائي ـ رغم نشوء مدن عربية كبرى، مثل: مكة، دمشق، الكوفة، البصرة، بغداد، القاهرة .. الخ، فان عوامل الانتقال من الصوت إلى الصورة، ومن ألشفاهي إلى الكتابة، هي الأخرى، لم تؤثر كثيرا ً في إرساء قوانين التقدم/ التطور، إزاء حقب الدوران والتراجع، وكأن حقائق التراكم ـ ومجموع الخبرات والثروات ـ قبض ريح! 
   وبإمكان المتلقي، المتابع، اليوم، أن يعيد قراءة حقيقة أن العرب، قبل الإسلام، دونوا/ نسجوا، المعلقات الشعرية بالذهب، بوصفها أقدم علامة عززت مكانتها بماضيها، وعملت على تترك المستقبل مفتوحا ً...، لأن الانتقال من الإشارة إلى النقش، ومن الصوت إلى الحرف، له دلالة العبور  من حقبة الرعي/ الفضاء المفتوح، إلى المدينة، الاستقرار، ومن التشتت إلى المركز/ التحضر ـ والحضارة. ولكن ـ بعد قرون ـ وخلال العقود الأخيرة، فان ظاهرة (الصوت/ والشفاهي/ حد الخطابات التحريضية) في الشوارع، وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، والفضائيات الأخذة بالزيادة بحسب خارطة الفوضى، والعشوائيات ..الخ، أعادتنا إلى عصر ما قبل المعلقات، حيث النص المدوّن، المعد للقراءة، بات خارج مجاله في عمليات البناء، إن كان تقدميا ً، أو مطالبا ً بالعودة إلى الأصول: أي إلى ما قبل عصر الكتابة/ وبواكير المعرفة.
   ولعل الصدمات مازالت تشتغل بقوة (الخلع) و (الهدم) و (التقويض) وكأن التقدم/ التطور، يتقاطع مع (الهوية) الايكولوجية/ المعرفية، حيث تؤكد بعض الإحصائيات، أن أمة (اقرأ) تراجعت، ليس قياسا ًبالأمم المعاصرة، وما لديها من فتوحات علمية، ومنجزات معرفية كبرى، بل بماضيها نفسه، في وادي النيل أو في وادي الرافدين، وقبعت في القاع.
    ولا غرابة أن هناك من يرى في هذا التراجع/والارتداد، نصرا ً مؤزرا ً في التخريب، الهدم، والعودة إلى البرية، والى محو كل اثر من آثار الخبرة، العمل، والمعرفة، أي إلى: الصفر، تقدما ً، ولكن إلى أين...؟
    ولأن النخب المعنية بالكتابة ـ القراءة والتدوين والمعرفة ـ هي الأخرى، تراجعت عن أداء دورها المشهود لها في أربعينيات القرن الماضي وخمسينياته انتهاء ً بالستينيات، ليس برغبتها، بعد أن أصبح وجودها (الجسدي/اليومي) مهددا ً، بل لأن التقدم في مجتمعاتها أصبح يمثل خطرا ً، مما سمح لعصر (الفوضى/ وخلط المفاهيم) أن يصدمنا بـ (معلقاته) السوداء، بل وان يتوغل في التفكيك، والتقسيم، واستبدال حقوق الإنسان، بالنهب، الاغتصاب، الاغتيال، التهجير، وتهديد الحياة ذاتها بالعودة إلى عدمها.
   إنها معضلة مصائر...، تزداد تعقيدا ً، بغياب (العقل) وتزداد استخفافا ً حتى بقوانين النبات، الحيوان، بمنح اللا شرعية أولويات تدفع بالمعرفة ـ بكل أشكالها ـ إلى خارج التاريخ.  فهل المنجزات التي حققها أساتذة الماضي، وعلماؤه، والمعلقات التي دونت بالذهب واحدة من ابرز علاماته، سيذهب مع دخان الحرائق، وغبارها...، أم أن الظلمات، مهما تراكمت، فلا مناص من إنها لا تقدر على سلب نظام البذرة من لغز انبعاثها...؟
في عام 2015، وفي بغداد، أن تصدر ستة كتب، في الحقل الفني، أرى إنها تستحق القراءة، أو بالأحرى: لفت الانتباه إلى ما فيها من إصرار على مقاومة الغياب، والارتداد، والتشبث بحياة تنتمي إلى الألفية الثالثة، وليس إلى عصر الأصوات، والى ما قبل التاريخ.

 لمتابعة المقال يرجى الضغط على الرابط ادناه  

http://www.4shared.com/account/home.jsp#dir=EwCcFc6N





أعمال "التحية" في الفن-د.إحسان فتحي








أعمال "التحية" في الفن

 
د.إحسان فتحي

أعزائي الفنانين العراقيين والأصدقاء في كل مكان
تحياتي.


على ضوء الجدل الواسع الذي سببته مقالتي عن بيع لوحة للفنان الراحل الكبير إسماعيل فتاح، وعن الالتباس الموجود عن مفهوم "فن التحية" أو ما يسمى بالانجليزية والفرنسية  ب( الهوماج) أود أن أبين ما يلي:
1-  ان العمل الذي تم بيعه في مزاد بونامز في اكتوبر 2025 بمبلغ يزيد قليلا على 200 ألف دولار لاسماعيل هو واحد من 3 أعمال "تحية" كان هو قد شارك بها مع الفنانين ضياء العزاوي ولورنا سليم في لندن عام 1989 كتحية لذكرى جواد سليم )راجع البوستر الملحق)
  
2-  ان اعمال "التحية" هو أسلوب معمول به كثيرا في الاوساط الفنية ويقوم به عادة الفنان رسم لوحة بنفس اسلوب وروحية الفنان المراد تحيته (يكون عادة متوفى) وبتوقيع الفنان "الحي" ودون وضع توقيع الفنان الاصلي عادة – راجع الصور الملحقة.  ان سبب الجدل حول عمل اسماعيل كان بسبب وجود توقيعين في ان واحد وحول السعر الذي يبدو انه كبيرا اذا ماقورن بالسعر الممكن ان يحققه عمل جواد الاصلي! فهل من المعقول ان يحقق العمل "التحياتي" اكثر من العمل الاصلي للفنان المتوفى؟ ويبدو ان الجواب : نعم ،ممكن!
  

3-  هناك اتجاهان في أعمال "التحية" الفنية سواء في الرسم او النحت او أي مجال فني اخر: اما ان يقلد الفنان عملا معروفا للفنان الاصلي الذي يكون متوفى عادة مع بعض الإضافات واللمسات الجديدة مع توقيعه وهذا شرط أساسي لأنه بخلاف ذلك سيرتقي العمل الى التزوير: او ان يرسم عملا جديدا كليا ولكن بنفس أسلوب وروحية الفنان الأصلي، وهذا أفضل كثيرا.
 
4-   عندما يكون الفنانان متوفيين، أي الفنان الأصلي والفنان الذي حياه بعمل فني، فيبدو ان "السوق" الفني هو الذي سيقرر ايا من العملين هو الاغلى، وهذه الحالة هي التي تنطبق على قضية عمل اسماعيل.
 

5-  ختاما، فان العمل الفني "التحياتي" هو تقليد جميل ونبيل شرط الالتزام بعدد من الضوابط الاساسية واهمها عدم تقليد توقيع الفنان الاصلي ووضعه في العمل الجديد.