الأحد، 2 أغسطس 2015

في النقد القصصي- قراءة في "افتحوا الأبواب" لجبران الكرناوي-عبد الواحد كـــفيح

في النقد القصصي


  قراءة في "افتحوا الأبواب" لجبران الكرناوي


عبد الواحد كـــفيح   


جموعة القصصية "افتحوا الابواب" لجبران أبي مروان الكرناوي والتي صدرت عن منشورات همزة الوصل تتضمن 17 نصا. نصوص متألقة تغوص عميقا في عالم بكر ساحر، تحيل على نصوص حية لم نستطع بعد نسيانها أو إخراجها من الذاكرة.
عنوان المجموعة دعوة لفتح أبواب موصدة على أسرارها. في هذه القراءة العاشقة سأقوم تلبية لأمر الكاتب بفتح الأبواب المغلقة. غير أني أعترف بأنني لن أفتح الأبواب جميعها و لكن بعضها، كما أنني سوف لن أتطرق لدلالة صورة الغلاف (والذي صممه بالمناسبة الفنان مصطفى العرش) و لا لثقافة الأبواب و لا لفعل الأمر، و مع كل ذلك سأفتح الباب رقم (0) محاولا فيه وضع الأصبع، على عالم جميل، هو عالم البادية الساحر، الذي سحر صاحبنا و وشمه بوشمه الرائع في أكثر من نص.
كما أنني في هذا الباب(0)، لن أتعرض لما  حبلت به المجموعة القصصية من خصوبة في الرصيد اللغوي و إنما التوغل في ما صاحب كل النصوص من تماسك و صدق في المواقف القصصية.
و حيث أن الحكي و السرد، كلما تعلق الأمر، بمواقف طفولية و ذكرياتها الجميلة، إلا وكان صادقا و حميميا خال من كل تصنع لا يحتاج لبهارات زائدة ولا لمساحيق تجميلية. في الباب رقم صفر لن أدعي الإطلاع بدقة على مفاصيل و تمفصلات المجموعة القصصية ولكن مع ذلك سأفتح و إياكم:
الباب رقم1- لكن قبل فتح هذا الباب، اعترف مسبقا، أنني دققت بكل قوة، فوقفت في أكثر من نص من نصوص المجموعة على بدايات، ولا أقول مقدمات، بدايات نصوص تخالها بادئ الامر كأبواب موصدة في وجه القارئ، لكن ما  تلبث أن تفتح على مصراعيها، فيتدفق شلال الحكي هادئا ووديعا يحملك إلى عوالم مشتعلة مضاءة - و لو بالشموع - كما في نص "من وحي الهامش"و قد عمد الكاتب خلخلة البناء المعماري للسرد حيث في انتظار نهاية السرد تتولد المعاني وتتسلسل لتبدأ القصة  من جديد ويطول نفسها التصاعدي. و هكذا فإن كانت هذه المتوالية الهندسية في الحكي تطول فهي لا تستجدي الأفكار و المعاني، و إنما تأتيه منقادة، فيغزل، لنا منها، كل مرة، فراء دافئا نستلذ فيه بالعودة إلى إلى ذواتتنا التي تفر منا يوميا. فالعودة إلى الذاكرة، بكل ما تحمله من سحر الماضي الجميل، و كل ما تعلمناه و تلقيناه من عبر و مواعظ و تجارب حياتية، تجعلنا نعيش الواقع و الحقيقة معا. جاءت النصوص على هذا النحو تباعا كجوقة متناغمة فيها صدى الماضي ورائحته، يعلق عليها أحد الرواة "ما ألذ دفء حكايات الماضي"  بالصفحة 12 من قصة "جبان أوكول أوبان" كما في "نيني يا مومو،" أجرادة مالحة فين كنت سارحة"؟، العفريت النفريت في أحمد و العفريت وكذا فرفر يعلق و يدق الجرس. إلى غيرها من النصوص التي تسافر بنا على بساط من حكي ساحر لعالم الطفولة الآسر، و هكذا جاءت جمالية النصوص من هذه النوستالجيا و الحنين لنصوص تمتح وتستمد سحرها من زمن ولى، لكنها تتملص في آخر المطاف من الذاتي الضيق إلى  مجال  الواقع الجماعي الأرحب.           
الباب الثاني:
على مستوى السرد القصصي، فقد عمد الكاتب، وهذا أسلوب محبب، على تكسير الإيهام والتمرد على نمط السرد الكلاسيكي التقليدي الذي يوصف بحمار يسير الهوينى  في ظهيرة يوم قائظ . كسر الكرناوي على لسان أبطال قصصه، هذا الخط الأفقي الرتيب، بل فجر نسقه الكرونولوجي السردي المألوف، وجعلنا نحس أن شيئا ما يتحرك داخل النص بل يدعونا بطريقة أو أخرى إلى إعادة النظر في محطات الانطلاق التي لا تفضي، في آخر المطاف، إلا إلى محطات عادية ومألوفة ومعروفة، إذ نحن في حاجة إلى تكسير الثبات والرتابة والسكون، الذي عادة ما يستوطن القصة،
والدفع بها إلى عوالم عذراء مغايرة للوصول بها في آخر المطاف، إلى محطات مدهشة وغير مألوفة.  تماما كما تكسير الجدار الرابع في المسرح" قال شخص ما بداخلي لم لا يكون بالتناوب بيضا؟" لم أهتم بما قاله هذا المشاكس الذي بداخلي " ص 42 حسب قصة بيضة الثعبان.هذا علاوة على دعوة القارئ لمشاطرته بل توريطه في الحكي " بفطنة الجماعة تبدأ الحكاية وتنتهي الحكاية" ص 15 وفي ص 16 جاء على لسان السارد" لندرك سرد الحكاية فبفطنة الجماعة تبدأ الحكاية وتنتهي الحكاية" هذا شيء محبب للنفس، السرد داخل السرد والتشظي والمشاكسة لاستفاقة القارئ من غفوته، من سيطرة سلطة الخط السردي المستقيم: بداية وسط ونهاية، وجعله يعيش الأحداث ويشارك فيها كما عرفنا قديما في الروايات العالمية نذكر منها على سبيل المثال "جاك القدري" عند ديدرو وحديثا في  رواية "لعبة النسيان" وآخرين، لذا فقد جاءت نصوص المجموعة مفعمة بالحركة و الدينامية، تصدع بالأصوات والروائح. نصوص تكاد تعلن أنها نصوص موغلة في السباطة -من حيث أفكارها- لكنها تلتف حول الذات حالما يغوص القارئ اللبيب، عميقا في معانيها ،فتدرك أن عالمها ملغوم وكله ترميز..عالم مشفر يستدعي الانتباه والحيطة والحذر، خلافا لما يمكن أن نستنتجه من مواقف تؤدي بقارئها إلى السطحية والالتباس.
الباب الثالث:
 أتفق مع مقولة "إن الأدب لا يغير الواقع المرير الذي نعيشه، فالذي يغيره هو السياسة"، لكن الأدب عنصر من عناصر تحريك الواقع، ولذا فإن الأديب يجب أن يمشي على الأرض وهو شهيد كما يقول  المتصوفة، أي يجب أن يكون أكثر جرأة في التعبير عن هذا الواقع وتغييره، وإذا ما تحول إلى راصد و واصف للواقع يتحول أوتوماتيكيا إلى إعلامي وليس فنانا، فنلفي نصوص الكرناوي مفعمة بالقلق النفسي والحيرة الدائمين من خلال لاأدرية متكررةفي أكثر من قصة─ تخلق للقارئ مواقف محرجة وقلقة، ليفتح الأبواب الموصدة والمغلقة على خباياها، فيتوسل بالحلم والخيال والذاكرة ليكتشف ما خلفها من أسرار، لذا تراه  حائرا مضطربا، تتنازعه أفكار شتى  تتوق إلى المعرفة والاكتشاف، فتنصهر الذات القلقة إلى تساؤلات " لست أدري (ص )21 لست أدري (ص 61) لست أدري (ص 64) لست أدري (ص 66) أما الحلم فتتغدى عليه نصوص "أحلام صغيرة" (ص 61) وفي "الفم المسدود يدخله الدود" (ص 49) والصفحة (20) و ص (21) وهذا الباب الثالث أتركه مشرعا على مصراعيه للنقاش وطرح الأسئلة الحارقة، لأن رسالة الفنان كما يقول لوكاتش تكمن في طرح الأسئلة وإثارة المشكلات.
الباب الرابع:
وقد فتحته عنوة على ذكريات الجدة المعتقة في خوابي الذاكرة. كل جداتنا كانت لهن صناديقهن الخاصة، وما أدراك ما صناديق الجدة، إنه ذاك القمقم الذي لا يتجرأ على فتحه إلا هي، ففي قصة " لعنة الصندوق" أو لعنة الحكي كما يحلو لي ان أعنون هذا النص، الصندوق منبع وصنبور الحكي المتدفق الذي لا ينضب. رحل بنا الكرناوي ممتطيا صهوة الخيال، وخلفه انساق القراء، من قلعة السراغنة إلى برشيد إلى جمعية الهوارة إلى زاوية بلكرن. لم تترك له الجدة سوى هذا الصندوق المليء حتما بآلاف القصص والحكايا الساحرة، مليء بالسرد والحكي، فيتفنن الكرناوي في بلورة هذه الحكايا إلى أفكار يدافع عنها ويعيش منها و بها، لأن الكاتب - كما يحلو لي أن أردد دائما- يبتكر كل يوم قصة ليؤجل موته إلى ليلة أخرى إضافية كما جدتنا شهرزاد. ورث عن الجدة الحكي، كانت وصية الأب للراوي ب ص (44) "لعنة الصندوق" بأن يضع له مكانا خاصا بالقلب، وهكذا تأبط الكاتب مسوداته ودواته وقلمه وأقسم ألا يمتهن قط في حياته غير فن الحكي، تمنيت من كل قلبي أن أعرف سر خواء الصندوق إلا من أحمر الشفاه، وتلك لعنة أخرى أظنها لعنة العولمة والهامبورغر التي ستأتي لا محالة في المجموعة القصصية القادمة، كما أنه لم ينس نصيب الجد والذي أخرسه في( ص 40) و (41) " كان الجد لا يزال صامتا"  في قصة بيضة الثعبان.
الباب الخامس:
 تفصيح الدارج: بعملية حسابية سريعة يتبدى لنا ما مدى مناورات الكاتب، في تفصيح الدارج والإصرار على استعمال التعابير الدارجة المغربية والتي عادة ما تأتي لتلبية رغبة استناد الملفوظ لصاحبه، فإن الكرناوي استدعاها عن قصد في مواقع عديدة أظهرت سهولة استعمال الدارجة المغربية سردا وحوارا، منها على سبيل المثال: قرصنيي جيبي - فلان و فرتلان - الكراويل - رد إلي سباطي- سير على الله ادهن السير يسير" (دفن نصيبه من اللحم بداخل كسرة خبز ذات حاشية) جغم جغمته- رُدّ بالك" الخ ..
كما ان اختيار الأسماء،في اعتقادي، لم يأت اعتباطا بل كان في غاية الإتقان  حيث توصيف الذي لا يوصف وإعطاء كنيات وتوصيفات لشخصيات كان لابد لها من تميز عن سائر الشخصيات،  ونورد أمثلة على ذلك ك: منحوس / و مرزاقة /عزيزة/ جمعة/سراج / وبسمة / وبشْر/ / سعيد / مسعود/ تعسان
المجموعة القصصية افتحوا الأبواب جاءت ناضجة فنياً من حيث الأسلوب واللغة وتوظيف المفردات الموغلة في المعجم المغربي الأصيل، وطريقة السرد وكذلك في براعة الوصف .‏


قصة مشتركة-حوا سكاس و حمودي الكناني

قصة مشتركة


الشاطئ


حوا سكاس و حمودي الكناني  
لم يكن ينوي الانتظار طويلا عندما أحس بالضجر الذي بدأ يساوره مع كل دقيقة تمر، فراح يبحث عن مكان يتأمل فيه الساعة التي يتم فيها اللقاء. حزم كل شيء يمكنه من مداعبة المكان وأخذ يتمشى على مهل
رمال تتكسر عليها أشعة الشمس المائلة، نوارس تحلق هنا وهناك، تطلق صرخات حادة، صافية. البحر تداعبه نسيمات عليلة، فيتحرك ليتكور أمواجا تضرب بعضها البعض برفق، وتتحطم على شاطئ البحر متناثرة، تنتهي في مكان ليس ببعيد عنه، ففضل أن يمد قدميه ليحس بملاطفة الموج لهما.
انحنى قليلا يصغي إلى همس البحر، يلامس الأمواج المتكسرة تحت قدميه. مد نظرة طويلة نحو الأفق البعيد والسماء المتعانقة مع البحر، وساءل نفسه: ترى، هل ستوفي بوعدها له؟ هل ستأتي إلى الموعد المنشود؟ آم انه سيبقى ينتظرها ويتأمل لقاءها؟
إلى متى؟ إلى متى أنتظرك أيتها الجميلة الساكنة في قلبي منذ الأزل؟ يسأل نفسه مرارا وتكرارا دون أن يدرك الجواب. غيابها يعصف به في غمرة الشوق الذي يدب في عروقه، يجعله هائما في دوامة أفكاره وهواجسه، يبعثره كورقة متناثرة في أرض قاحلة، حزينة، ويكاد يغلبه اليأس.
انسدلت الدقائق كالساعات الثقيلة، البطيئة. حملق في السماء، فرآها  قد رسمت له حروف اسمها بألوان الغسق الجميل، ففكر في نفسه: من أي كوكب أتيتِ لتزرعي حبك في روحي بطيبتك، بنقائك وشفافيتك؟!في الأفق، انحنت الشمس إلى مغربها، وصبغت الكون بخيوطها السحرية الحمراء والصفراء الداكنة، شقّت طريقها نحو الليل، وأخذت العتمة تتسلل إلى كل الجوانب.  يا للخسارة! ها هو موعد آخر ينقضي دون أن تأتي.الخيبة تغلغلت في أعماقه مرة أخرى، والحزن اجتاح كيانه بينما كان يستقيم في وقفته ويهمّ بالذهاب.و فجأة...كاد لا يصدق ما ترى عيناه! إنها هناك.. في البعيد.. واقفة خلف الأشجار. لا بد أنها هي. يكاد يجزم بذلك، رغم أنه لم يلتق بها أبدا من قبل، ورغم أنها بعيدة. ولكنه أحس كأنه يعرفها جيدا، يعرفها بقلبه.
وقفت هناك ساكنة، مشرقة، متألقة. وبعد لحظات... تحركت نحوه بخطى بطيئة، مترددة. ريح خفيفة هبت وداعبت خصلات شعرها المتموجة، الطويلة، المشعة بانعكاسات الشمس الحمراء، الصفراء. وقفت قبالته، عيناها العسليتان، الجميلتان، ترمقانه بنظرة رقيقة، نقية.وقف يتأمل وجهها، حلّق في بحر عينيها، تذوّق طراوة شفتيها، وتحسّس نضارة وجنتيها بعينيه. أراد أن يمد يده إليها ليتأكد من حقيقتها... و لكنه بقي جامدا في مكانه، ولم يثن عنها عينا. انتظرتك طويلا.
- أعرف. أنا آسفة.
- المهم إنك هنا الآن.
أتظن أنها خطوة حكيمة؟
-ولِم كل هذا التردد؟
مدينتنا لا تجعلنا إلا مترددين... خائبين... ميتين.
- أحبك بعيدا عن مدينتنا التي أشبعتنا خيبة وقتلا وخرابا.
إذن، عليك أن تعرف شيئا.
قولي.
- ... سأرحل.
ماذا؟؟؟؟؟
أنت قلتها بلسانك. لم تعد هذه المدينة لنا. يجب أن أرحل.
إلى أين؟
لا أدري. إلى أي مكان يحسسني بذاتي. ربما لهذا ترددت كثيرا للقائك.
لا أتخيل أن تكوني بعيدة عني بعد كل ما كان بيننا.
ستنساني.
كيف أنساك وقد أصبحت الدم الذي يجري في عروقي وأنفاسي التي تتردد في صدري؟؟ لا ترحلي. دعيني أعيش قرب حسنك الفتان. لا تتركيني لوحدي هنا.
عليّ أن أرحل. أنا آسفة.
طوقته بنظرة أخيرة.. حزينة.. مودعة.. واستدارت للذهاب... للرحيل... للأبد.
أحسّ بالحزن الذي يداهم صدره، يجتاحه كالطوفان. كيف ترحل؟ ماذا سيفعل من دونها؟ كيف سيقضي لياليه دون أن يسمع صوتها الليلي،
 الهامس، الناعم كنسمة النقاء التي تلفح روحه وسط الخراب والصخب الذي يعيش فيه.
- انتظري!
ناداها بصوت عال، قلق، قبل أن تبتعد كثيرا.
توقفت... توجهت إليه.
ركض إليها... اقترب منها.
- خذيني معك. لا تتركيني هنا وحدي دون أمل ولا حلم.
مدت إليه يدها.
- تعال. دعنا نذهب إلى أي مكان يحترم إنسانيتنا، نجد فيه بعض الأمان، ونحقق فيه بعض الأحلام.
يدا بيد، ها هما الآن يبتعدان عن الشاطئ... عن اللا أمان... اللا معنى... ويرحلان... إلى حيث لا يدريان.


سلامات رفعة الجادرجي


مفلاح: "المناهج الحديثة أضرّت بالقراءة العربية للخطاب القرآني" -كامل الشيرازي

مفلاح: "المناهج الحديثة أضرّت بالقراءة العربية للخطاب القرآني"


كامل الشيرازي

ذهب الأكاديمي الجزائري البارز د/الحاج مفلاح إلى كون المناهج الحديثة أضرّت بالقراءة العربية للخطاب القرآني، متسائلا عما إذا كان منظّروا التيارات التفويضية والتأويلية والوسطية اعتقدوا ثم علّلوا، أم علّلوا ثم اعتقدوا؟
في كتابه "الخطاب القرآني وقضايا التأمل" الصادر حديثا، يلاحظ د/الحاج مفلاح من خلال دراسة معمّقة لتعاطي العرب مع النص القرآني، إنّ القراءة العربية الحديثة لم تستطع أن تكتسب استقلاليتها المنهجية في مجال تناولها للنص القرآني، ولم تقدر على تبيّن حدود قراءتها فانخرطت في نسق التنازلات لحساب المنهج وإضاعة هويّة القرآني.
ويلفت الباحث إلى أنّ المناهج الحديثة بمقدار ما تكون مفيدة ونافعة في حفز الفكر على التأمل والتجديد، وتنشيط الخيال الإنساني، وإثراء النصوص الأدبية بألوان من التداعيات الإبداعية، تكون وبالاً إذا نقلت من وظيفتها الإبداعية هذه لتكون أداة تقويلية أو تحريفية في النصوص الدينية أو القانونية.
ويستدل د/مفلاح بكون الجوهر الفكري للإجراءات الحداثية في معظمه لا يتفق مع العقيدة الإسلامية بل يعارضها عمداً في أحيان كثيرة، حتى وإن كان يقرّ بإمكانية الاستفادة من الإجراءات التحليلية الصرفة التي جاءت بها (البنيوية)، لكنه لا يستسغ خطية الفكر التأويلي العربي المعاصر المتأثر بالتأويلية الغربية.
وتوصّل الأكاديمي الجزائري إلى أنّ المدونات التفسيرية التي أنتجها الفكر الإسلامي اشتملت في مجموعها على أنماط قرائية متباينة المناهج والإجراءات التطبيقية، منها ما انضوى تحت مظلة القراءة الأثرية(التفسير بالنقل)، ومنها ما ولّى شطر القراءة اللغوية الصرفة، ومنها ما كان البرهان العقلي هو الآمر الناهي.
وفي تشريحه لظاهرة التأويل في الثقافة العربية الإسلامية، يرى مفلاح إنّها ارتبطت بالآية السابعة من آل عمران: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ۖ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ۗ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ۗ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ).
وفي منظور الباحث، فإنّ الآية المذكورة أدى الخوض في تفاصيلها، إلى انشطار الفكر الإسلامي، وبروز تيارات فكرية متباينة ومتصارحة حينا ومتصارعة في أحايين كثيرة، ويتعلق الأمر بتيار تفويضي تعاطى الخشية، وآخر تأويلي بجرأة، وثالث وسطي وقف يساند الأول بغير انغماس ويجاري الثاني بحذر والتماس، ما جعل مفلاح يتساءل إن كان الاعتقاد سابق عن التعليل أم العكس.
ويقدّر مفلاح بعدم جواز البدء بناصية التأويل منهجيا ومفاهيميا، ما لم تسبقه مرحلة التفسير، ويعزو ذلك إلى كون النصوص ليست كلها متساوية في درجة التأويل فهناك نصوص قابلة للتأويل وأخرى لا يدخلها التأويل لا من قريب ولا من بعيد؛ الشيء الذي أنتج انفراد القدامى على اختلاف اتجاهاتهم الفلسفية والمعرفية، في تعاملهم التأويلي للخطاب القرآني.
كما يبدي مفلاح قناعته أنّه رغم ما خلّفه الأسلاف من مصنفات تفسيرية، لا يزال الفكر الإسلامي المعاصر يعيش عالة عليها، حتى وإن كان يُؤخذ على بعضها من الوجهة المنهجية أنها وسمت على نية التأويل رغم انتماءها معياريا إلى العملية التفسيرية وسط تساؤل وجيه مفادُه: هل المفسرون كانوا يساوون بين مفهومي التفسير والتأويل على سياق واحد؟.
ووفق منهج وصفي تحليلي، بحث مفلاح في مصنفه النفيس، الخطاب القرآني كمفهوم /إجراء، ليتعقب ميزته ومستوياته، قبل أن يعرج على مصادر التأويل في الدراسات القرآنية، وما اكتنفها من ضوابط ومواقف وتموجهات، لينتهي إلى مقاربة الهرمونوطيقا وتطبيقاتها على الخطاب القرآني.
وذكر مفلاح أنّ الهرمينوطيقا نشأت في ظروف تميزت بالرغبة في الانفلات من طوق شروحات رجال الدين للكتاب المقدس، وصاحب هذا الانفلات اعتناق فكر التمرد، والتنادي بحرية ممارسة القراءة ورفض التفسير الواحد للنصوص، والبحث عن دلالات ومعاني جديدة للنص المقدس ترضي فضولهم، وتعزز ثقتهم به.

قوة الفن لا تقل عن قوة الحب- عبد الاله مجيد


قوة الفن لا تقل عن قوة الحب


  عبد الاله مجيد


 تقول دراسة جديدة ان الأعمال الفنية يمكن ان تمنح سعادة لا تقل عن سعادة العاشق الولهان بلقاء الحبيب بعد طول غياب.
وأُخضع افراد عينة مختبرية لتصوير نشاط الدماغ اثناء نظرهم الى سلسلة من 30 لوحة لفنانين عظام. وزادت الأعمال الفنية الأجمل بنظرهم تدفق الدم في جزء محدد من الدماغ بنسبة وصلت الى 10 في المئة أو ما يعادل تأثير النظر الى وجه الحبيب.
وكانت اقوى مشاعر السعادة لدى المشاركين في البحث ناجمة عن تأثير لوحات الفنان الانكليزي جون كونستابل والرسام الفرنسي انغريس الذي ينتمي الى المدرسة الكلاسيكية الجديدة والرسام الايطالي غيدو ريني الذي عاش في القرن السابع عشر.
وأدت اعمال من نتاج هيرونيموس بوش وهونور دومير والفنان الفلمنكي ماسيس الى أقل الزيادات في تدفق الدم لكونها أقبح الأعمال الفنية المستخدمة في البحث. وكانت اللوحات الأخرى التي عُرضت على افراد العينة للفنانين مونيه ورمبراند وليوناردو دافينشي وسيزان.
ونقلت صحيفة الديلي تلغراف عن البروفيسور سمير زكي من كلية لندن الجامعية حيث أجرى البحث ان الهدف هو رؤية ما يحدث في الدماغ حين ينظر المرء الى لوحات جميلة. وما أظهرته الدراسة ان نشاطا قويا يحدث في ذلك الجزء من الدماغ المرتبط بالمتعة حين ينظر المرء الى عمل فني سواء أكان منظرا طبيعيا أو حياة جامدة أو عملا تجريديا أو بورتريه.
وأُجري البحث على عشرات الأشخاص الذين تم اختيارهم عشوائيا ولكن معرفتهم الفنية بسيطة وبالتالي لا يتأثرون بالأذواق السائدة ورواج اسم الفنان.
وقال البروفيسور زكي ان البحث يسعى الى تقديم دليل علمي على ما كان معروفا منذ زمن طويل، وهو أن الأعمال الفنية الجميلة تمنح شعورا بالسعادة. ولكن ما لم يكن يعرفه العلماء حتى اجراء الدراسة هو قوة تأثير الفن في الدماغ.
وتعتبر الدراسة دليلا يؤكد ضرورة نشر الفن وتوفيره على اوسع نطاق ممكن للجمهور العام.

بابلو نيرودا مات مقتولاً -يوسف يلدا

بابلو نيرودا مات مقتولاً

يوسف يلدا

أكد الوزير التشيلي ماريو كاروسا أن إجراءات نبش قبر الرئيس سلفادور  ألليندي سوف تبدأ في 23 مايو/ آيار الحالي، لإخراج جثته وإخضاعها للفحص، بغية تحديد السبب الذي أدى الى وفاة رئيس جمهورية تشيلي منذ 1970 وحتى 1973، في قصر "لا مونيدا"، في ذات اليوم الذي إستلم آغوستو بينوشيت السلطة، إثر الإنقلاب الذي قاده في 11سبتمبر 1973.
وبعد مرور أيام قليلة على وفاة ألليندي، في 19 سبتمبر 1973 تحديداً، كان الشاعر الأكثر شهرة في تشيلي، بابلو نيرودا، قد نقل في سيارة إسعاف، من منزله في "إيسلا نيغرا"، وهي بلدة واقعة على بعد عدة كيلومترات من جنوب "فالبارائيسو"، الى مستشفى سانتا ماريا في سانتياغو، نتيجة إصابته بسرطان البروستات، وإعتلال صحته إثر الإنقلاب العسكري.
وإثر عمليات التفتيش والمداهمات المتكررة لمنزل نيرودا، قرر سفير المكسيك في تشيلي حجز غرفة للشاعر في مستشفى"سانتا ماريا"، ليس لتدهور صحته، بل لأن الطائرة التي كان رئيس المكسيك، لويس ايجيفيريّا، قد خصصها لإنقاذ حياة نيرودا من الموت على أيدي جنود الطغمة العسكرية  الجديدة، كانت ستقلع في يوم 24 سبتمبر الى المكسيك.
وفي طريقها الى المستشفى، كانت سيارة الإسعاف تقل، الى جانب الشاعر المريض، زوجته ماتيلدا أوريتيا، في الوقت الذي كانت تسير خلف سيارة الإسعاف، سيارة أخرى من نوع فيات 125 لونها أبيض، يقودها سائق الشاعر الخاص مانويل أرايا.
وفي 23 من سبتمبر كان نيرودا قد مات، بسبب مرض السرطان، حسب ما أفاد به الأطباء حينذاك. الآن، وبعد مرور 40 عاماً على تلك الأحداث، يعود سائق الشاعر الحاصل على جائزة نوبل للآداب ليؤكد على أن بابلو نيرودا مات مقتولاً من قبل عملاء الطغمة العسكرية. وقد ورد هذا التصريح خلال لقاء منشور، أجرته معه مجلة "بروسيسو" المكسيكية. وطبقاً لما أورده سائق الشاعر عن مجريات الأحداث في شريط فيديو، فأن نيرودا كان يتمتع بصحة جيدة، وقرر حينها الإقامة في المنفى، بالمكسيك، إبتداءاً من يوم 24 سبتمبر، أي قبل يوم من موته.
ويرى أرايا أن هناك من حقن الشاعر بمادة مميتة في معدته، وبأن زوجة نيرودا لم ترغب في إتخاذ إجراءات قانونية خوفاً من أن تفقد ممتلكاتها. وفي هذا الصدد يقول مانويل أرايا:" الأمر الوحيد الذي أدعو إليه هو التوصل الى الحقيقة. وهذه الحقيقة، بالنسبة لي هي أن موت نيرودا لم يكن طبيعياً، وإنما تم حقنه بمادة قاتلة. و ربما يكون أحد الأطباء التابعين لذات المستشفى قد قام بذلك. لأن نيرودا كان قد طلب منا أن نجلب له جميع مقتنياته. وكنا قد رتبنا كل شئ للمغادرة في الساعة العاشرة من صباح يوم 24 سبتمبر". ويضيف أرايا:" وفي الساعة الرابعة عصراً، كان أحد الأطباء قد دخل الى غرفة نيرودا وأعطاه الحقنة التي أودت بحياته، في الوقت الذي كنا قد ذهبنا لجلب مقتنياته. وعندما عدنا الى المستشفى، رأيت بأن هناك بعض الآثار لبقع حمراء على معدة الشاعر. وعندما توجهت الى الحمام لأغسل وجهي قليلاً، وإذا بطبيب يبعثني لشراء المعالج لوبوتان".
ولكن السائق كان قد تم توقيفه، وهو في طريقه لشراء ما طلب الطبيب منه لشراءه. ولم ير نفسه إلاّ وقد القي به في الملعب الوطني. وصادف أن يموت نيرودا في الساعة العاشرة مساءاً من ذلك اليوم، في حين كان سائقه لا يزال محجوزاً . وقبل أن يموت، هو الآخر، يتمنى أرايا السائق أن يكون هناك من بمستطاعه حلّ ذلك الغموض.
لكن، يبدو أن رواية أرايا لا تتطابق وأقوال أصدقاء وكتاب سيرة بابلو نيرودا حول أسباب موته، إبتداءاً من هيرنان لويولا، وحتى ديفيد جيدلووسكي. ويقول داريّو أوسيس، رئيس مكتبة مؤسسة نيرودا ، بأن نيرودا مات نتيجة إصابته بالسرطان، في حين يذكر خايمة كيسادا، مدير الحلقات الشعرية للمؤسسة، من دون أن يدعم أقوال السائق، بأنه ، الى جانب سوء حالته الصحية، فأن نيرودا كان قد تألم كثيراً بسبب ما أصاب تشيلي، الأمر الذي زاد من معاناته، وعجّل من موته.
وفي هذه الأيام يعمل، كل من الصحفي فرانسيسكو مارين، مراسل مجلة "بروسيسو" في تشيلي، ومانويل أرايا، السائق السابق لبابلو نيرودا، وبإصرار شديد، على نبش قبر الشاعر، وتحليل أسباب موته، كما هو الحال مع الرئيس سلفادور ألليندي، من أجل معرفة الحقيقة، ولو لمرة واحدة، فقط، والى الأبد.

حامد كعيد الجبوري - إضاءة / ( يا غريب الدار ) ، وجع أغنية عراقية !!!

Nobuyuki Tsujii - La Campanella - BBC Proms 2013  辻井伸行さん プロムス2013 アンコール


ان هذا العازف الشاب والمكفوف منذ الولادة في اليابان هو معجزة موسيقية
لا تصدق. انه الشاب نوبويوكي تسوجي الذي ولد اعمى في عام 1988 وهوليس فقط
عازف فوق التصديق بل انه ايضا ملحن عظيم.  عندما استمعت الى عزفه الخارق
في قاعة البرت هول  تملكني شعور رهيب بالحزن على ما نحن فيه من تخلف
وطائفية سمجة حتى النخاع وبين ماهو في العالم المتحضرمن اقصى درجات
الابداع في الفن نصيحة من القلب ان تستمع الى هذا العزف... اترك كل شىء
...اغمض عينيك واستعد لمعركة حقيقية مع الروح