الأربعاء، 20 أكتوبر 2010

الجواهري في اي طرطرا.......تطرطري-رواء الجصاني




الجواهري في : "أي طرطرا ... تطرطري"
رواء الجصاني
jawahiricent@yahoo.com
في عام 1946 ينشر الجواهري قصيدته الذائعة الصيت "أي طرطرا ... تطرطري" في أجواء احتقان سياسي واجتماعي متعاظم في البلاد، قد يقارنه البعض بسوء، او بحسن نية، مع كثير من الوقائع التي يعيشها عراق اليوم... وكأن التاريخ يعيد نفسه بعد أزيد من ستين عاماً...
أي طرطرا ، تطرطري .. تقدمي ، تأخري
تشيعي ، تسنني .. تهودي ، تنصري
تكردي ، تعربي .. تهاتري بالعنصر
تعممي ، تبرنطي .. تعقلي ، تسدري
تزيدي ، تزبدي .. تعنزي ، تشمري
في زمن الذرّ إلى بداوة تقهقري
وان كان المقطع السابق تناول تورية ً ومباشرة ً شخصيات البلاد المؤثرة آنذاك، ونال منها في مناح سياسية معلومة، يعود الجواهري في سياق القصيدة ذات الأكثر من ثمانين بيتاً ، لينتقد الأوضاع الاجتماعية والمدنية وغيرها، وبشكل قاس ٍ لحدود بعيدة... ولربما تسود هنا ومن جديد مقولة: ما أشبه الليلة بالبارحة في الكثير من الشجون، والشؤون العراقية ... وتباً للمتسببين :
أي طرطرا تطرطري .. وهللي ، وكبري
وطبلي لكل من يُخزي الفتى ، وزمري
وعطري قاذورة ، وبالمديح بخري
والبسي الغبي والاحمق ، ثوب عبقر
وافرغي على المخانيث دروع عنتر
طولي على "كسرى"، ولا تُعنيّ بتاج "قيصر"
... شامخة شموخ قرن الثور بين البقرِ
وبحسب ما ندعي، ومعنا غزير من المتابعين ، فان الرائية الجواهرية هذه قد حظيت بجماهيرية لا حدود لها، وحتى عند النخب السياسية التي عنتها أبيات القصيد فراحت امثلة على ألسن الناس، وكأنها تنطق باسمهم، وتكشف احوالهم، وأوضاع البلاد السائدة حينئذ ٍ، بكل التفاصيل والعناوين... ولم يضاهها في الشعبية والانتشار، كما نزعم ثانية، سوى تنويمة الجياع التي نظمها الشاعر الخالد عام 1951 والتي فيها الكثير من الموحيات والمتشابهات مع "طرطريته" الشهيرة:
نامي جياعَ الشَّعْـبِ نامي ، حَرَسَتْكِ آلِهـة ُالطَّعـامِ
نامي فـإنْ لم تشبَعِـي مِنْ يَقْظـةٍ فمِنَ المنـامِ
نامي على زُبَدِ الوعـود يُدَافُ في عَسَل ِ الكلامِ
نامي تَزُرْكِ عرائسُ الأحلامِ فـي جُـنْحِ الظـلامِ
تَتَنَوَّري قُـرْصَ الرغيـفِ كَـدَوْرةِ البدرِ التمـامِ
نامي تَصِحّي! نِعْمَ نَـوْمُ المرءِ في الكُـرَبِ الجِسَامِ
نامي إلى يَــوْمِ النشورِ ويـومَ يُـؤْذََنُ بالقِيَـامِ
نامـي على المستنقعـاتِ تَمُوجُ باللُّجَج ِ الطَّوامِي
نامي على نَغَمِ البَعُوضِ كـأنَّـهُ سَجْعُ الحَمَامِ
وعلى ما نرى أيضاً فان ديوان الجواهري العامر لا يشمل كثيراً على مثل تيّنك الفريدتين، وان جاءت أبيات بعض القصائد الأخرى، حاملة بهذا القدر أو ذاك من السخرية الجادة الكثير والمؤثر... ومن بينها في "عبادة الشر" (عام 1933) ومطلعها: دعْ النبلَ للعاجز ِ القـُـعدد ، وما اسطعتَ من مغنم ٍ فازددِ ... أو تلكم الموجهة إلى الملاكم الدولي الأشهر في حينه، أواسط السبعينات، محمد علي كلاي وخاطبه فيها قائلاً: شِسْعٌ لنعلك كل مَوهبة، وفداء زندِك كل موهوبِ ...
وللمزيد، نوثق هنا، إلى ان رائية طرطرا الشهيرة قد جاءت على وزن القصيدة الدبدبية القديمة المعروفة "أي دبدبي، تدبدبى ... أنا عليّ المغربي"... وعلى ما ندري فثمة أبيات عديدة أخرى في "طرطرية "الجواهري حُجبت عن النشر، في ديوانه على الأقل، لأنها شملت أسماء صريحة، لعدد من القادة والزعماء السياسيين آنذاك، وقد عرف بعضهم بها، فتوسط، وترجى، بعدم النشر... وقد استجاب الشاعر لذلك بعد مماطلات، مقصودة على ما نعتقد...
... وختاماً ، دعونا نستمع سوية لمقطع ثالث وأخير من "اي طرطرا" الجواهرية ، وفيها ، وكالعادة ،من العبر ، ما يفيض :
اي طرطرا سيري على نهجهُم والاثر ِ
تقلبي تقلب الدهر، بشتى الغير ِ
تصرفي كما تشائين ، ولا تعتذري
لمن ؟! أ َللناس !! وهم حثالة في سقر
ام للقوانين؟ ... وما جاءت بغير الهذر
ام للضمير، والضمير صنع هذا البشر
لمن؟ أ للتاريخ؟ وهو في يد المحّبر
ام للمقاييس اقتضاهن اختلاف النظر؟
.. أن اخا طرطر من كل المقاييس ، بري


ملف صوتي عبر الرابط التالي
http://www.iraqhurr.org/audio/audio/283952.html

مع تحيات مركز الجواهري في براغ

الأربعاء، 13 أكتوبر 2010

لوردة صغيرة زرقاء-الشاعر عبد الجبار عباس-تخطيط غالب المسعودي


لوردة صغيرة زرقاء.....
من نال منها لمحة ظل الى الابد....
اسيرها التائه في وعورة الشعاب
يخالها تلوح في ضفائر الشجر
او رقصة الشعاع فوق صفحة النهر.....
حتى اذا ما مد للقطاف يد
عادت له بجفنة السراب....................
شاخت غصون غابة الحجر
وغاب جيل اثر جيل اثرجيل..................
ولم تزل تلوح في المنام او في قدح الشراب
باسمة بخصرها النحيل
صبية ناهدة كانها القدر

الشاعر عبد الجبار عباس
من ديوان اشواك الوردة الزرقاء

الثلاثاء، 12 أكتوبر 2010

رسالة من شالا-نص شالا


رسالة من شالا
تهب رائحة الخريف.....فتستيقظ في روحي مشاعر شتى
حنين طاغ,ووحدة قاتلة,
اتمنى لو اني نورسة فاحلق عاليا......
وبلا حدود,لو ان لي يختا وسط البحر الامس موجه بحنين
لو ان لي نافذة اطل منها على وطني لكن هيهات(اناروحي حمامة مفرفحة وبالكن حاصرهه الجلب)

شالا

الفية الولد الخجول-عادل كامل-العشر السابع-تقديم مدني صالح



العشر السابع



[1]
قلبي كلمات .. كلمات .. إنما قارات من صمت.
[2]
أنا الآن احرس الليل .. فيما زنابق خجلي .. غادرتني.
[3]
وحدهم مثلي .. الموتى .. لا ينطقون ..
إذ ْ وحدهم يولدون قبل الفجر.
[4]
احرس الريح .. فيما قلبي .. خالٍ من الحروب .
[5]
كوخي في الفضاء .. فلماذا اسأل الريح : أين غيومي؟
[6]
لا تعرف الرمال إلا غزالها الجريح ..
وأنا لم ْ اعرف
أكثر من مسافة غابت بين المسافات.

[7]
فطوري قليل من الخوف .. وصيامي أحلام ..
عيدي لا مبالاة .. كذلك رأسي يحتفل بالمجازر.

[8]
بعض حدائقي سجون .. لكن جميع سجوني حدائق.
[9]
أحرس موتى ..
مثلما الريح تحرس زنابقها الخجولة.
[10]
أقول: من أدلك الطريق: من أضاعك الطريق .؟
أقول: هو ذا الطريق !
[11]
لدىّ ليل ينام مع الملائكة .. ولدىّ جراح لا تساومني.
[12]
لدىّ خوذة لا تتحدث عن الحرب .. وفي كوخي شهيد لا يتحدث عن السلام.
[13]
روحي تتحدث عن الأسلحة .. فيما أصابعي
تكتب تاريخ الماء.
[14]
يذهبون حيث كلماتي .. مثلي .. تتجدد بلا مبالاة أزهى.
[15]
معي أسلحة حزينة .. إنما انحنت لها الشموس.
[16]
في آخر الليل .. أو في أول الفجر .. الموتى .. مثلي .. لا يتذمرون.
[17]
اذهب إلى كواكب بعيدة .. أحيانا .. فلماذا تتساءل: أين كنت ؟
[18]
هنا أنا دائماً .. معي سكاكين لا تنحني.
[19]
أحيانا لا اعرف كيف أقول:
السنابل كفت عن صداقتها للشمس.
[20]
لا مواسم للموت .. جميعها مواسم غزال
جريح.

[21]
الريح لا تتكلم .. إنما لن تسرق أحلامك.

[22]
كفت .. بعد الحروب .. المعادن عن البكاء .. مثلي: ابتسم بلا أوامر.
[23]
الليل غادرني بلا أعذار .. إنما عند الفجر .. ساومني على الخلود.
[24]
احدنا سيغادر ظله .. لست أنا .. لا أنت .. إنما احدنا سيغادر ظله.
[25]
شهدائي لملموني .. وأخذوني إلى السلام.
[26]
إنها انحناءات تسبق الوعود .. واأسفاه
انها وعود تسبق الانحناءات.
[27]
هذا الصوت .. عند الفجر .. اعرفه .. إنما صوتي كان ينام فوق العشب.

[28]
لماذا انحنت الصحراء .. ذات مرة .. لغزال جريح؟
[29]
لدىّ .. بلا أعذار .. موتى لا يعرفون من أضاع أضرحتهم.
[30]
مثلي .. بعض العصافير .. لا تعرف لماذا تغني؟
[31]
دائماً لا أتساءل: ولكن ماذا تقول الريح
عندما أكف عن الإجابات ؟
[32]
اعرف: لا قبر لي .. إنما كواكبي كثيرة .. وأصابعي حدائق.
[33]
نطقت بعض جراح الأرض .. المستقبل ينشد ماضيه، فيما جراحي .. تتجول بين الكواكب.
[34]
ملاك جريح .. مثلي .. يرقد بلا مبالاة .. فوق السكاكين.
[35]
لا تأتيك الكلمات مثلما يأتوك الضيوف
ولا يأتوك الغرباء .. مثلما يغادرك الصمت.
[36]
بعض أفراحي سيوف حزينة .. وبعض غزلاني
ولائم للعابرين.
[37]
تذكر انك أغنية ينشدها المجهول.
[38]
في كوخي أنبياء جرحى .. ذئاب جائعة .. وولد سرقوا أعياده.
[39]
في دمائي بعض فاكهة مرة .. وبعض آلهة.. لا اعرف لماذا يرقصون.
[40]
بعض خجلي سرقته مني الشمس
إنما
من أضاع هذا العالم ؟
[41]
فيما أصابعي تتوقد .. بعض النجوم تسرق ظلامي.
[42]
في هذا الليل .. خوذتي حزينة .. وجسدي لا يكف عن البكاء.
(43)
لدىّ ملائكة .. أنا لدىّ أعداء ظرفاء أيضا.
[44]
لست نبياً .. لكن أصابعي لا تغريني بالصمت.
[45]
هذا بعض كلام الأرض .. وهذا بعض كلامي
ترى من سرق زاد الأرض .. ومن أعطاني كلامي.
[46]
لا لغة بعد اليوم .. جراحي تنطق.
[47]
وكأن .. وكأن الأرض تستدير لاستقامتي.
[48]
من أنت .. أنا هنا .. أنا هنا .. لا أتحدث إلا مع الشمس.
[49]
لنحتفل: دعنا من شعوب لا تعرف الرقص
لنحتفل: دعنا من أشجار لا تتكلم.
[50]
إذا دعاك المجهول إليه .. لا تسرق إلا أوسمته
ولا توزعها إلا على الشهداء.
[51]
هل شاهدتم جبلاً يتجول في الوادي ..
أنا رأيت .. عشاقا ً بلا رسالات.
[52]
إذا دعتك الأشجار إليها .. آنذاك تعلم الصمت.
[53]
كلانا مملكة من لؤلؤ .. كلانا مهاجر غريق ..
كلانا اسمه ضاع في الطريق.
[54]
في مقلتي جبل جريح .. وفيالق من عشاق موتى.
[55]
دخلت القصيدة قلبي ولم تخرج .. مثلما الأضرحة غادرتني ولم تعد.
[56]
وهذا أمير لا نعرف أسرق البراري .. أم جاءنا بالرمال ..
وهذا أمير لا نعرف .. أمطرود من الجنة .. أم جاءنا بقليل من الأوهام
وهذا أمير لا نعرف .. أيسرق زادنا .. أم يمنحنا السلام.
[57]
ما زالوا يتساءلون من أنت .. فيما الشمس ترقد عند قدميك.
[58]
جميعاً إلى المنفى .. ما دامت الملائكة أعلنت العصيان.
[59]
وكأن السيوف صنعت من دمائي
لا كأنها سرقت بعض غبار الشمس.
[60]
كلانا وحيد .. الشمس في مغيبها .. وأنا في الشروق.
[61]
أوصيكم: لا تذهبوا إلى غابة صريحة
أوصيكم: لا تتحدثوا مع عاشق جريح.
[62]
كواكب ما أثقلها
عندي .. وعندي .. أينما ذهبت أجد أعراس ومسرات.
[63]
كلانا في ضريح .. مثلما الشمس لا تبصر بعيداً.
[64]
إذا ذهبت اتركني .. إذا جئت لا تدعني وحيداً.
[65]
عندي سنبلة تتكلم .. وبضع بلابل لا تتحدث عن شيء.
[66]
لِمَ تغار النجمة مني .. وأنا بعض ظلام ..
وأنا بعض ظلال .. وأنا بعض زنابق .



[67]
دع .. دع .. دع .. الموسيقى لا تخاف.
[68]
أهداني كواكبه وتركتني وحيداً.
[69]
لا تعرف من أين يأتون .. لا تعرف أين يذهبون
مثلما أفراحي لا تعرف ماذا تفعل ؟
[70]
عندي شموس لا تحصى أشعتها ..
إنما عندي عتمة لا أريد أن تكسر نوافذها.
[71]
أتجرح أصابعي الفجر .. فيما أنا .. ربما الريح تأتيني بقليل من الأحلام.
[72]
بعض خجلي مسروق من الشمس .. إنما لماذا سرق الليل أضرحتي؟


[73]
سكاكيني في خنادقها لا تكف عن العراك.
[74]
أعالج صحوي بالسكر .. وأعالج سكري بالهوى .. وأعالج أوهامي بالنياشين.
[75]
لِمَ يتدخل الليل في شؤوني .. فانا ليس لدىّ
إلا سرير قديم.
[76]
في الريح أرى وجه حبيبي
وفي حبيبي دعوني أضيع.
[78]
هو ذا الفجر .. الجميع نيام .. عدا عصفور لا يعرف ذلك.
[79]
واسرق خيطا من الفجر عله ينجيني .. فيما الشموس أثقلتها شموسي.
[80]
لا أحب فجراً يجرح فراشة .. ولا أحب زنبقة تموت معي.
[81]
لِمَ السماء تسرق زرقة عيني .. فيما لدى كنوز من الأسرار؟
[82]
عصفور مات في الفجر .. عصفور مات يغني .. مثلي في الفجر.
[83]
أسرق صفائي من الجنون .. واسرق بعض أحلامي من الموتى.
[84]
مثل الريح أعود إلى غابتي . أعود إلى غابة بلا غزلان.
[85]
لِمَ تتشاجر العصافير والفجر لم يجرح بعد؟
[86]
اعرف أني سأنهض من قبر في الريح ..
إنما لا اعرف لماذا الريح تنحني.
[87]
ليس هذا بعض خيال .. بل هذا سكر مستعار من الصحو.
[88]
وهذا فجر ينـزف مثلي .. قلائد لعروس ستولد ذات يوم.

[89]
لا تسرق جرحي مني .. دعه يتكلم.
[90]
أقول هذه ليست قصائد .. إنما الشعر آخر كلمات الموتى.
[91]
إنما لماذا لم يأت الليل .. والفجر معي جريح.
[92]
مخيمات .. مخيمات .. مخيمات .. إنما لا تسكنها البلابل
مخيمات .. مخيمات .. مخيمات .. إنما تسكنها أصابع متناثرة.
[93]
ولدىّ رأس جميل .. لكنه في متحف.
[94]
ماذا تريد مني .. وأنت تبحث عني بين يدي ّ ؟
[95]
اسكت أيها الفجر
عظام حبيبي نائمة
اسكت أنا قيد الاستيقاظ.
[96]
ويسرق الليل بعض عتمتي
هكذا يتجاهل أني وهبته النهار.
[97]
لست مهجرياً .. بل أنا بعض شظايا أمة.
[98]
ولست ، مرة ثانية .. صخرة في حرب ..
بل أنا شظايا بلابل.
[99]
طلبوني الليلة إلى الموت .. قلت هذه مسرتي
لكنهم أعطوني بعض ما تركته من زاد.
[100]
لا تقل البلابل ماذا قالت .. قل مثلي:
لا تتركها تصمت.

الناس على دين ملوكها-بقلم حامد كعيد الجبوري


إضاءة

الناس على دين ملوكها

حامد كعيد الجبوري

بعد الغزو – قناعتي هكذا – الإسلامي الغطاء لبلاد الفرس بقيادة سعد بن ابي وقاص ، وفتح العراق بمعركة القادسية ، وقتل قائد الجيش الفارسي ، واحتلال منطقة المدائن والتي تحتوي على طاق كسرى الشهير ، ودخول جيش الغزاة الأعراب لغنيمة – النهب - القصور والممتلكات الفارسية ، أسرت حينها أبنتا ( كسرى أنو شروان) ونهبت كل ممتلكات الدولة الفارسية ، ومن تلك المنهوبات قطيفة ( سجادة ) بطول 100 يارد وعرض 40 يارد ، مفروشة بإيوان كسرى كما يقول أبن أبي الحديد المعتزلي بكتابه شرح نهج البلاغة لعلي ( ع ) ، ومن المنهوبات أيضا تاج كسرى وأقراط نسائه وحلاهن والأحجار الكريمة غالية الثمن والنفيسة ، وسيوف وخناجر تعود لكسرى ، وحينما وضعت أمام سعد أبن أبي وقاص وزعها على جنده باستثناء القطيفة وحلي نساء كسرى وتاج عرشه وبنتا كسرى وخاطب الجند قائلا ، أتعف أنفسكم عنها ، قالوا له وما تصنع بها ، أجابهم أرسلها لأمير المؤمنين عمر ( رض ) ليرى رأيه فيها ، قالوا له أصنع ما شئت ، وفعلا هيئ لها الجمال لتحملها وخاصة القطيفة ، ويقول أبن أبي الحديد إنها وضعت على أكثر من عشرين جملا لحملها ، وحين وصولها للمدينة المنورة مساءا وإخبار أمير المؤمنين عمر ( رض ) بوصولها أخرج شرطته لحراستها ، وفي الصباح جلس لتوزيعها على المسلمين ، أبنتا كسرى أحداهن للحسين أبن علي ( ع ) ، والأخرى لعبد الله بن عمر ( رض ) ، والقطيفة مزقت بالسيوف ووزعت على المسلمين ، وقبل أن يوزع النفائس الصغيرة من أقراط وغيرها ومن ضمنها تاج كسرى ، نهض سراقة وقال لعمر أن التاج وأساور كسرى وهبه لي رسول الله ( ص ) ، ومعلوم أن ( سراقة ) كان يتبع – يقفو- الأثر ولا يخطئ ، وقصته مع الرسول الأعظم لها مورد آخر ، وهنا حدق عمر ( رض ) مليا بما وجده أمامه من حلي وغيرها مما خف وزنه وغلا ثمنه ، بمعنى أن المقاتل كان يستطيع سرقتها ولا يخبر أحدا بغنيمته ، وقال عمر ( رض ) وهو ينظر لجلاسه ، إن قوما أدوها لأمناء ، أجابه الجمع ممن حضر مجلسه ( عففت فعفت الرعية ) ، هذا ما أورده أبن أبي الحديد بشرحه .

ولو عكسنا ذلك لواقعنا الحالي واستشراء المرض الفتاك بدوائر الدولة العراقية من سرقة وهدر للمال العام بتعمد وغيره ، ومنح رخص وجولات التراخيص باجتهاد شخصي من قبل فلان وفلان ، ولو دققنا بشكل جدي بما رسمته منظمة الشفافية الدولية ، وحصول العراق بالمرتبة الثانية بالفساد الإداري والمالي ، وبظل هذه الشفافية المفرطة ، والفيسيفساء العراقية قليلة الوجود بل ندرته عالميا ، لعرفنا سبب تفشي هذه الرذيلة بدوائر دولتنا الجديدة ، ويمكن لنا استنتاج ما يدور ونعزوه لجملة أسباب منها ، أن المال السائب يعلم على السرقة ، وبما أن الكبير من الموظفين يسرق فأن الباب مفتوح على مصراعيه للصغير ليحذو حذو كبيره ، لأن الناس على دين ملوكها ، ولأن دولة رئيس الوزراء لا صلاحية إدارية ورقابية له إلا إعلاميا لمتابعة المفسدين بسبب المحاصصة التي أتت به كما أتت بالآخرين ، وتأكيد لقولنا أن رئيس الوزراء لا قدرة له على التدخل لتغيير رئيس اللجنة الأولمبية العراقية التي تدار من خارج الحدود ، فكيف سيتسنى له محاسبة المقصر والسارق وغيره ، للإضاءة ............فقط .

الفنان التشكيلي غالب المسعودي-حاوره خضير الزيدي


الفنان التشكيلي الدكتور غالب المسعودي: اسعى الى تحرير العقل الثاني! اجرى الحوار: خضير الزيدي كيف تتجذر الرموز الكونية داخل اعماق الانسان وهل للوحة التعبيرية او التجريدية ان تعمق فكرة الموت والحياة والعدم داخل سطحها التصويري. من يستطيع ان يوظف انثيالات كهذه ووجدان كهذا وكهذا تشظي سوى انامل الفنان المبدع ربما وجدنا فنانا مثل الدكتور غالب المسعودي يسير بنا الى ذلك الطريق دون ان نلتفت الى الوراء واذا كان (الامام) مسرحا لحركة ومشهد فان طريق الوراء يبدو للانسان صوتا متعمقا يحاول ان يعيد انكسار الطبيعة الى شكلها الاول الى براءتها الاولى. الفنان غالب المسعودي يعمق فكرة الانسان والحرية وربما يبدو هذا الحوار للمتلقي انه تشكيل للوحة اخرى ولكن هو جذوة عالية في طريق ذاكرة الانسانية الهاربة من صوت الدبابات والطائرات التي تملأ السماء. لكي يهيمن الزمن على لوحته ونظرته وربما وجوده المثال الاعلى للجمال هو اللوحة المثال الابقى لكيان الانسان هو التشكيل الحقيقة المتبقية من رموز عالم الانسان هو تكوين اللوحة وسطحها التصويري. * انت تقترب من التجريد وهناك ارتباط وثيق لك به هل هو تمجيد لفكرة الروح وعالم الاساطير او هو سر للمغامرة والاقتراب من فضاء الحرية؟ -في الحقيقة انا فنان تجريدي وهذه كانت نصيحة استاذي الكبير الفنان جميل حمودي عندما زارني في معرضي الثاني والذي افتتحه بيديه الكريمتين وقال لي مساحتك هي التجريد لانه تمجيد لعالم الفكر وعالم الروح وهو الحرية بعينها لان التجريد هو اعمق منطقة في الفكر وهي كما في لغة الفلسفة هي لغة كل الاشكال لانها تصنع الجمال الكامن في النفس وهي بنية متقدمة نحو الافق اللامتناهي فالازهار تتفتح من البراعم وهذا نهوض من الموت الى الولادة. * اشكال اللوحات تختلف لديك من طبيعة الى اخرى ولكن روحيتها واحدة فهل تعيد فيها تشكيل نواة الروح او هي انزلاق يتحول من لوحة الى اخرى؟ في مجال العمل الفني الروح واحدة والانزلاق مسألة حتمية لكنها ككرة الثلج كلما انزلقت على السفح البارد ازداد حجمها وتاتي الروح لتحملها الى القمة كما يحمل سيزيف صخرته لتبدأ رحلة اخرى من المشاق وهي التي تمثل بؤرة الروح وعندها تبدا رحلة اخرى من جديد لان الفنان عندما يصعد الى القمة سينزلق الى مهاوي الردي فالبصمات فوق الواح الطين كلها تحكي مراحل الوعي والصراع لصالح فضاءات مازالت تمتلك سحرها الابعد. *تبدو اجزاء اللوحة لديك في انتماء وجودي لم تزل توظف المشهد الحياتي بصيغة الاقنعة، يا ترى متى يتم الكشف عن الوجه الحقيقي لروح اللوحة؟ من منا لايسير بلا قناع فالاقنعة حقيقة وجودية واحيانا يطغي قناع فتراه هو الوجود باسره واللوحة لاتستعير الاقنعة كما هو في المسرح لانها الروح الحقيقية لما يعتمل داخل الفنان وهي تمثل الفنان بروحه وتمثل الوجود بصياغته المعلنة اذ انه ليس هناك تناقض من ناحية وجودية بين العمل الفني وروح الفنان. *تكويناتك تثير في داخل المتلقي اسئلة وجودية هل تشعرك هذه اللعبة بحضور الخيال والذاكرة وتراكمات اللاشعور؟ ان اول اهداف الفن منذ عصور سحيقة في القديم هو اثارة الاسئلة فالفنان في عصر الصيد كان عندما يرسم حيوانا كان يثير الاسئلة لدى ساكني الكهوف هل هذا هو الحيوان الذي نراه او هو رمز الحيوان الذي سيصطادونه وهذا بالطبع مرتبط من الناحية الوجودية باستمرار حياة الجماعة وكله مرتبط بالمتخيل والذاكرة وانا اسمي اللاشعور هو العقل الثاني والذي يمارس وظائفه بعيداً عن الانا الاعلى وله برنامجه الخاص ويمكن ان يستعمل الحواس لصالحه وبالتالي يبني تراكماته الخاصة، فانا اسعى الى تحرير العقل الثاني من رقابة العقل الاول او الوصول الى نوع من الانسجام بينهما لبلوغ الغاية وهي الجمال الحر في انسيابه البليغ في تعبيريته. *في تجسيداتك التحام لوني كأنه (مكون جمالي) يترك في المتلقي دهشة.. هل هناك من سر في جسد اللوحة تريد ان تجعله دائما في خفاء؟ هو السر والذي يجب ان يبقى في خفاء والسر هو الشفرة التي ازرعها في جسد اللوحة وهو الدهشة التي تصدم قارئ النص وهوالتحام في مكونات العمل، وعلاقة الجزء بالكل وعلاقة الكل بالمكونات، انا لااختفي خلف جسد اللوحة بل هو الجمال الذي يناور داخل روحي من اجل اضفاء الشرعية على المنجز، اللوحة اتصورها كمقطوعة موسيقية مفرداتها لاتترجم الى اي لغة لكن بمجملها تؤلف عالما من الانسجام يتناغم مع احساسات المتلقي ومع عالمي الذاتي. *هل في المستقبل القريب نكتشف فيك روح النحات مثلا وايماءة الممثل وفكرة المجسد وربما نكتشف فيك فكرة الفيلسوف؟ ان فكرة الفيلسوف تتلخص في اعادة صياغة فكرة الاشياء اذ كان مساعدو هيفاستوس (الذي يشع في النار) جن من مارج من نار ابرزهم السيقلوب الذين كانوا يساعدون في اذكاء الكبير عند بركان اثينا ومما يذكر ان هؤلاء السيقلوب هم الذين خفوا لشد ازر زيوس في صراعه ضد الجبابرة وهم الذين زودوه بالرعد والصاعقة والبرق وكان لهم دور في تطور الحضارة، لذا كان على الفنان ان يؤكد في تجربته على الرؤية الحضارية القادرة على كشف العلاقات والروابط التي يعجز عن ادراكها الذهن العادي وهذا لايتحقق الا بالانتباه الى حيوية الفن وخطورة دوره في بناء الحضارة ولكي نحصل على ذلك لابد من اعطاء الفن دوره الحقيقي، الفن المعتمد على الاصالة والمرجعية... الفن الخالق لاسطورته الحالية. *مَن مِن الاسماء التشكيلية تؤول اليه في المشهد التشكيلي العراقي؟ ها انت ايها الفنان تتوحد من خلال كل سنوات العذاب من اي المسافات تجيء العواطف وانت تحمل ذلك على راحة يديك عارية يسكنها تصوف من نوع خاص يتعانق الخوف مع الرغبة ليصبح كيانا واحدا لاتستطيع ان تهزه الريح واذا كان الصمت ابلغ وسيلة للتعبير عن غليان الروح وانينها فان في تكميم الصمت لهو المانع من تشظي الجسد الذي الم به الالم وقبل كل ذلك التركيز الداخلي والروحي حيث المملكة الحقيقية للحرية فالصمت اعلى مراحل صياح الانبياء

الجمعة، 8 أكتوبر 2010

اطلالة على ديوان الشاعر المبدع حامد كعيد الجبوري(ضمير ابيض) بقلم عبد اللطيف الربيعي



إطلالة على ديوان الشاعر المبدع حامد كعيد الجبوري
( ضمير أبيض )
عبد اللطيف الربيعي
إن الأدب حب وجهاد وصدق في معاملة النفس والحياة ، حيث قناعة الأديب المثقف بأن ما هو حسنُ وخيّر لا يستحيل تحقيقه ، وان الشعر لا يقوّم كيانه إلا بلغة تشكل تشكيلا خاصاً ، حيث يستعير توجهه من خصوبة اللغة وازدهارها وحتى تصل القصيدة يجب أن يقدمها الشاعر في تنقلات مدهشة مؤطرة بالثقافة وهكذا كانت القصيدة المكتوبة في ديوان الشاعر المميز حامد كعيد الجبوري الذي يحمل عنوان ( ضمير أبيض ) الصادر عام 2010 م .
كتب الشاعر حامد الجبوري بحق صديقه الشاعر المغترب رياض النعماني قصيدة بعنوان ضمير أبيض نقرأ منها
وكحت عين
باكت ثوب عمرك زمت النهدين
وبضحكة غنج تشبر طولك النعناع
وغسلت بالنهر دشداشة الغربه
الهذاك الصوب عبرت
عينها المشحوف
والصفصاف ظلها
والبلابل بيت
فكم هو جميل هذا التشكيل الصوري الذي أضفى حركة قريبة للنفس ، وفي قصيدة ( فرفحتلك ) يتألق الشاعر في رسم جملها الشعرية ،
ويا حبيبي الدهر
ناصب للصبر ويّاي موده
وكمت أشم كل طيف منك
وأنت سارح
العمر شئ نسبي فعمرك بقدر ما تشعر والحب يتنقل بحرية لا توقفه القوافي ( هوه الخمسين )
ممحله الروح ينهش بالكلب عاكول ... صيهود الليالي ويرحل أهلالي
دريض والعمر يزحف على الخمسين ... وتحذر من هوى الخمسين جتالي
في قصيدة تبا للسياسة يضرب على أوتار القلوب ليذكرها بنشيد الوطنية
أمير الغيره يسرج مهرة النوماس ... مثل عبد الكريم الحبته الفقره
................................( عمر ) قاد الصحابه أبحكمته وفكره
لو ( حيدر علي ) يملكله بس الثوب ... من كد ما يركعه ملت الإبره
نرفض كل كراسي أمريكه تصنعها ... كرسينه جريد وبيدنه أنجره
وينجح الشاعر حامد الجبوري في مجاراة الرمز العراقي مظفر النواب بقصيدة أيام المزبن
شو طلع سوياط العنب .... من أمس كاضي أمنظف
أيام المزبن كضن ........ دكضن يا أيام اللف
ويجاري أيضا قصيدة الجواهري الكبير طرطره
يا هو التسأله يدعي ... جايب شهادة دكتره
دكتور والله أشهد إلك ... من المريدي أمزوره
وطفولة الشاعر الجبوري تشده لأصدقائه من كل الأديان والمذاهب ، إنها الطفولة البريئة يحركها الأمل القادم ،
أوكف أبنص العكد
وأصيح حد ينكطع صوتي
إجانه العيد
كعدوا إجانه العيد
وفي قصيدة صبر مفطوم أجاد بصياغة جملها الشعرية فجاءت مبهرة للجميع
فراكين المحطه وصاح بيها الريل ... ويا ريل اليجيب العمر ويرده
أشكد شايل ترافه يا نبع بربين ... يميل من الطراوه وينكسر عضده
نحلة عسل آنه ع الورد تعتاش ... وأنت من الجدم حد راسك الورده
في قصيدة ضيف فقره التي كتب عنها أكثر من ناقد لأنها متعددة الدلالات وكتبت بحق الشاعر الراحل محمد الغريب العراقي الأصيل كما يسميه الجبوري
من يمره الليل ضيف
يفرش إتراب القوافي
ويلتحف ثوب السماء
أيضيفه بسماط القصيدة
وكل شطر ينزف دماء
ويقدم الفرات دعوة لحامد الجبوري ليرضع منه الدفء فيشبعه شعرا وحنينا
وأعتنيتك يا الفرات
وكورت روحي أبسواجيك حمامه
يالفرات وما سمعنه بوجه ضيفك
نشف ما يك
ويكتب الجبوري عن مدينته الحلة قصيدة فخر وحب
الحله موطن علم منبع للعراق ... الحله للينتسب إلها أتعله
والنواعير أبحضن ميها تبات ... أمديرمه الشفتين عين أمكحله
ولحامد الجبوري هتاف واضح جلي ، لا للتفرقة لا للعنف لا للطائفية لا للاحتلال ، سلاحه القلم فيصرخ محرضا وداعيا بقصيدة أركب ع الصعاب
ألوي أقيودك وعض النواجذ ... وعلى أعيون الجبان أتضيك وسعه
صاعود المجد ميلكط أنجوم ... يجيب الشمس للدنيه أعله ضلعه
أمي يا ملهمتي كيف لي أن لا أصلي من أجلك ، ولا أن أحبك ، وهل يمكنني أن أطير بعيدا عنك عندما غنيت لي أجمل تراتيلك وأنا في حضنك وبسمائك الصافية
يا نسمة فجر والدنيه كيظ الكيظ ... يا مكسر الفي أتفيض بالحنه
تمنيت الشفاف أتصير بالرجلين ... أبوس أتراب بيتج وأكتحل منه
لقد إستطاع الشاعر المبدع حامد كعيد الجبوري بديوانه البكر ضمير أبيض أن يتمثل طاقات الخيال الشعبي ببعديه الفلكلوري والميثولوجيا ، فأعتنى بوضوح بعنصر الزمن والمكان ذي الارتباط الوثيق بعنصر الزمان فكانت الحبكة والشخصية والصورة والمونولوج دعائم لقصائد ديوانه ( ضمير أبيض )

الأربعاء، 6 أكتوبر 2010

مات طالب السوداني....الضحك شحيح الان-نص علي السوداني



مات طالب السوداني .. الضحك شحيح الآن
علي السوداني
البارحة فرشت مائدتي متأخراَ ، واحداَ وحيداَ مستوحداَ مستوحشاَ . وجه نؤاس يكاد يزرف قلبي . ايمان تستعيد تنويمة وحيدة خليل " دللّول يلولد يبني دللّول " ونؤاس الليلة ، يكحل جفنه الغمض . ليلتك تتكوّم فوق طاولتك كما جنازة مؤجلة . لكن ثمة دهشات الهية بديعة . رسالة تلفونية مكرورة تغريك بنظّارة طبية مجانية ان أشتريت أختها بفلوس . المسألة لا تخلو من تلغيز ودوخة ستؤدي حتماَ الى ضحكة ببلاش . ثمة متسع من ليلك يا فتى . سيكون المفتتح فيروزياَ رقيقاَ طائراَ كجنح فراشة ، والمنتهى دامياَ مقلّى فوق حنجرة سلمان المنكوب . المنظر يقبض الروح . زرعة صفراء مكسور ظهرها ، مشتولة في سندانة . عواء كلب وحيد . الليلة تؤثث بالتراتب . مانشيت تلفزيوني مشمور خارج كرزات العائلة : مات طالب السوداني بالسكتة القاضية . مرّ المانشيت سريعاَ كجرذ نازل من رازونة طين . حتى اللحظة ، لم يكن النبأ الوامض يقيناَ . كان عليّ أن أقرأ من جديد وأنطر . ربما هذه واحدة من قفشات طالب . مانشيتات عن الحكومة والرئيس والوحدة الوطنية وفوائد القهوة وثقب الأوزون وفتى أسمر جديد خرج من ظهر مايكل جاكسون ، ثم النبأ اليقين الذي جاء هذه المرة ، واضحاَ ومشعاَ وقوياَ . طالب هو صديقي وكان اقترح عليّ قبل ثماني عشرة سنة ، أن أقيم حفلة توقيع كتابي الأول ، فوق دكة عالية تنزرع عند باب سوق مريدي المشهور . أنا أحب طالب السوداني واحب شعره وصعلكته وتوقيعاته الموجعة ، وهو يستأهل مني الليلة مرثية عظيمة لم تكتب من قبل . سأنظف مائدتي وأطهّرها وأعطرها بالذكر وبالذكرى ، وأرمي كأس العرق في سطل الزبل وأسوّد البياض بموجع الكلام . حتى الآن ، لا حرف أفتتح به المعلّقة . على المراثي ان تكون موجعة ووقورة ، لكنني كلما أعدت تلاوة وتجويد مانشيت موت طالب ، متّ من الضحك عليّ وعليه وعلى البلاد التي جارت علينا . مرة ، قال كاظم الحجاج في واحدة من فلتاته البديعات ، أن عارضات الأزياء الناحلات ، لم يكلّفن الرب طيناَ كثيراَ . شكراَ كاظم عزيزي . لقد عاونتني في فك باب العصيان ، وطالب - مثله مثلهنّ - لم يكلف الله الجميل الكريم ، طينا كثيراَ . كان كومة عظام في كيس متنقّل . قمت على حيلي وشلت بيميني زجاجة العرق وبشمالي وشالة الكأس . سأبدأ فوراَ بتبديل المشهد . طالب يستاهل . صيوان فاتحة عملاق وسمّاعات رصاصية معوّجة وقوّالة نائحة تصيح : يا شيّال تابوته ، خلّه يمر بعياله . المانشيت المدهش يدور ، والتلفزيون يصير جنازة ، لكن المرثية لم تكن مؤلمة كما أشتهيت . ثمة قهقهات أرضية من حسن النواب ونصيف الناصري وضياء سالم ومنذر عبد الحر وحسين الصعلوك وسلام الأسود وحمزة الحلفي . مرثية كمال سبتي كانت أجمل وأحلى من مرثية طالب السوداني . طالب سيزعل . عياله سيزعلون . الناس كلها ستزعل عليّ ، لذا سأعيد تأثيث المرأى . مفردة المرأى ، أحسن من مفردة المشهد . سأزرع بطل العرق في خاصرة المائدة . سأترس الكأس صرفاَ وسكّاَ . سأيمم وجهي شطر وجه الولد نؤاس . سأكتب قصيدة . قصيدة نثر كما خططت . المسألة سهلة . سأفكك المكتوب وأطش الحروف وأسيّب النهايات . سأستعين ب " يو تيوب " جنازة ناظم الغزالي و " اني ليحزنني أن تذهبوا به " وسأقول لحمزة الحسن : لا يا صاحبي ، ليس لديّ منديل بكاء فائضا . سيفرح طالب وسيشتري لي وصلة أرض عند مدفنه . طالب كائن شاعر شاطر طيب ضحّاك . لقد خدع صاحب دكة المغسل ، ودسّ بجيب كفنه كمشة دنانير ، وهناك ، سيصنع لي مائدة مذهلة وتراتيل من دفتر " طز " !!

السبت، 2 أكتوبر 2010

الفية الولد الخجول-العشر السادس-عادل كامل-تقديم مدني صالح




العشر السادس


[1]
فاكهتي الليلة تدعوني إلى الصيام ( يا أيها الحصار)
فيما المنقرضات .. مثل الكواكب ، تخفق في قلبي.
[2]
بأعلى الأصوات سأدعوكم إلى الصمت.
[3]
لديكم أعراسكم .. لديكم مواليدكم .. لدىّ
جسد يشاكس الجسد.
[4]
منذ زمن بعيد انحنيت .. بلا مبالاة .. لكوكب
اسمه كلمات.
[5]
ليس لأسرار الحب أسرار .. إنما الجسد حزين
والشجرة ضاعت بين الأشجار
والجرح كف عن الكلام .
[6]
تنحني الأشواك حيث تنهض الشمس
مثلما .. واأسفاه .. نفسي تنحدر إلى الغروب.
[7]
جراحي تحتفل الليلة: لا قيامة لا ميلاد
جراحي تغني الليلة: لا موت لا انبعاث
جراحي تكتب الليلة: لا صمت لا كلام.
[8]
أيها الولد المشاكس ماذا فعلتْ
لتنحني لك السكاكين؟
[9]
مثلي لا تعرف : أهذه موسيقى ميلاد .. أم طقطقة عظام ..
مثلي لا تعرف : أهذه موسيقى عشاق أم همسات وشاة.
[10]
كلمات تدلني أن النسوة الجميلات لا يعرفنّ الموت
فيما هّن .. دائماً .. يسّرن بمحاذاة المنفى.
[11]
مثلي لا تعرف الحجارة كتمان الأسرار
فانا لدى قلائد
وقليل من رماد يغطي عظامي.

[12]
روحي مشاكسة وجسدي عنيد ..
إنما في مقلتي عشاق سيولدون.
[13]
لا موت لا حياة .. إذ ْ الحجارة تتكلم
والليل لا يتتبع خطاه.
[14]
وسيعود المحارب ذات يوم إلى الحدائق
وإنما أيضا .. لن يأسف على حروب مؤجلة.
[15]
أنت تهب البحر للشعراء
أنا أهب الملائكة بعض المناديل.
[16]
أين يذهبّن النسوة العاشقات
فيما المنفى باتساع الأرض ؟
[17]
هبط عليّ ملاك يدعوني إلى الصمت
إنما روحي تزدهر بجياع ظرفاء.
[18]
ليس لدينا كلام ممنوع
ليس لدينا أسرار
لدينا ولد يجرجر ’أماله إلى المجهول.
[19]
أسلحتي : غيوم .. أصابع .. حصى
أسلحتي : جسد يشاكسني
أسلحتي : رياح تنثر كلماتي حيث لا أريد.
[20]
آدم علمنا الكلام .. والخطيئة .. أعلمكم:
الكلمات علمتنا لا آدم .. هناك
عشاق في الصحراء .
[21]
ليس هناك إلا غرقى في مقلتي
وبعض أشلاء جريح ضاع في القبائل .
[22]
جرحي يغرد أيضا .. مثل بلابل بلا أصوات.

[23]
دعهم يسرقون كنوزك .. إنما لا تدع القلب يضطرب.
[24]
اكتب : الصمت آخر كلام الأنبياء.
[25]
حكماء مروا من هنا : هالو .. هالو
كان الرب بانتظار إجراء الحساب.
[26]
ليس لديّ عذارى أو احتفالات
لدى أشياء لا اعرف ماذا افعل بها
ولدى أشياء لا تعرف ماذا تفعل بي.
[27]
كلانا نورس .. في البراري .. أو في مدن الدخان.
[28]
غادرتني جراحي . إنما تركت لي هذا الكوخ بلا اصداء .
[29]
أتساءل : البحر ازرق صافٍ مثلي فلماذا غادر ذاكرته
ومثلي : لماذا يريد استعادتها ؟
[30]
انحنت أعالي الروح .. هذه المرة ، مثلي
لغيوم لا تأتي إلا بالجفاف.
[31]
روحي مثل وثن نسي تاريخ ميلاده.
[32]
لكني أحيانا ابحث عن أعياد ادخلها بلا مبالاة.
[33]
تأتى العتمة وتذهب .. تترك أحيانا مطراً وأحيانا
كلمات تستجدي الكلمات.
[34]
شيخوختي تترنح فوق ورقة
هذا هو أنا .. حصاد يحمل رائحة المواسم كلها.
[35]
أينما اذهب معي كلماتي .. أحيانا أعطيها للمارة
وفي الغالب يسرقها العشاق مني.


[36]
لا مأوى لدىّ .. إلا كلمة .. إنما لدي أيضا
فضاءات.
[37]
ما الشعر إن لم يكن أفراح عصافير مشاكسة.
[38]
فيلق مشاكس .. هنا .. في روحي
استقر بلا استئذان.
[39]
يقال لي إنهم أعادوا لي براءتي ..
فما معنى هذه الأصوات ؟
[40]
كلانا جريح – أنا والمعادن .. بامتداد الآفاق.
[41]
لدىّ صخور تتكلم .. بينما أنا في المنفى وحيد.
[42]
قديسون يتنـزهون في روحي .. فيما أنا
الملم عزلتي للإقامة.
[43]
لدى دخان .. وصمت .. وبعض أسلحة كفت عن الأحلام.
[44]
أحيانا اصطحب ظلي في نزهة
إنما دائماً اتركه خارج دائرة الضوء.
[45]
هذه الوعود .. مثل هذا الرماد .. مثلي نياشين اضطراب.
[46]
على م َ تساومني القبائل .. وليس لدىّ إلا رماد.
[47]
لا أصدق الريح التي تأتي بالغيوم
ولا اصدق نفسي إلا عندما أراها لا تنثر الورد
فوق الوعود.
[48]
إنها رياح متعبة .. مثلي .. تسير إلى الحقول
بينما أنا أسير بمحاذاة المنعطفات.
[49]
وهل للزنبقة قبر ..
مثلما للكلمات أضرحة لا تكف عن العواء.
[50]
أسرقت صحوي من ليلي .. واسرق ميلادي من موتي القديم .
[51]
كلانا ذئب .. الضحية .. والوليد.
[52]
اخذ الموت منا أقل مما أخذت الأفراح
إذ ْ الذئاب غادرت ظلال حملانها.
[53]
لدىّ سكين .. إنما لدىّ مالا تحصى من الجراح.
[54]
جرحي سرقه الليل
بصري أهديته إلى النهار
لهذا تراني أعود إلى البراءة.
[55]
طلبت وردة .. فأعطوني حدائق
طلبت قطرة ماء .. أعطوني البحار
إنما أعطوني بسعة القبر: كلمات.
فقلت: أريد الأرض.
[56]
أريد أن أتتكلم .. هذا هو بعض صمتي.
[57]
أنا وحيد مثل رابية .. أتوزع بين أسلحة جميلة !
[58]
لا استعير سلامي من الحرب
ولا خبزي من العصافير
لدىّ أصابع اعرف كيف اجعلها تتكلم
وأهرامات تفتح لي أبوابها عند الحاجة.
[59]
منذ دهر لم اذهب إلى نفسي
بينما يومياً
أرى الشعراء يقرأون قصائدهم للريح.
[60]
البلابل لم تطلق النار
إنها كانت تغرد
إنما المارة سرقوا غابتها.
[61]
بعيداً .. بعيداً .. بعيداً عن غيمة لا تعرف الكلام
أقول :
شاهدت غيمة تنحني بلا أعذار.
[62]
الليلة استعير سكري من كروم يافعة وسط حقولي الجريحة.
[63]
من شدة خجله تعلم الرقص .. والكلام .. مثلي
في احتفال الدخان.
[64]
لدىّ غيمة تسقيني البراءة
وعصافير تأتيني بالفجر
وبعض أفكار التراب.
[65]
بعض كلامي يُسرك إذا ذهب إلى الصمت
وبعض صمتي يُسرك إذا ذهبت إلى الكلام.
[66]
كفى يا بلبل .. أأنا الذي أسكرك .. أم لأنك بلا
غابات – مثلي –تغرد – هذا الخجل الأليف.
[67]
هذه الكلمات بعض سلامي
وهذه العبارات مثل صمتي الأخير.
[68]
لدى مرآة أحاور فيها خجلي
ولدى جراح لا تكف عن مؤانستي.
[69]
انه العابد رأى الوثن مهشماً
فيما كنت أمتلك غيوماً تنـزف غرباء.
[70]
بعض أسرار المدن تنام معي .. فيما كلي يرقد في الجحيم.
[71]
أسلحة تستعير قسوتها من الملائكة
فيما روحي تشهد حصاد العصافير.


[72]
هذه الشموس لا ترسل أنبياء .. أو ملائكة
هذه الشموس .. مثلي .. تبحث عن طريق.
[73]
أين سنغادر .. إذا أتيت
أين سنقيم إذا لم تأت ؟
[74]
اللهم لا تبعث فيّ المسرات .. جراحي ندية
وروحي مثقلة بالبراءات.
[75]
دع الليل غافٍ .. مثلي .. كلانا مثقل بالأفراح.

[76]
وحيد مع ترابي أولد ووحيد معه أموت.

[77]
دع ليلي غافٍ .. فجسدي بلور .. وروحي أثقلتها
الأعراس.
[78]
خذ أعيادي .. أعراسي .. أفراحي
خذ ما تشاء
إلا جسدي الحزين.
[79]
لديكم حقول من الذهب والأنبياء ..
لدى فقط .. حقل من الأوهام.
[80]
أأشاكس نفسي أم أصالحها ..
بينما العواصف تدعوني إلى ولائم التراب.
[81]
بعض مسراتي مخاوف .. وبعض مخاوفي مسرات.
[82]
قلبي سفينة ركابها غرقى .. وابتهالات نذور.
[83]
لي خوف اذهب إليه عند المسرة
ولي موت يحميني من سهام العابرين.

[84]
في كوخي نجمة .. تهبط .. أعطيها .. زادي .. وارحل.
[85]
تتكون روحي من براري . ومن خوف جميل.
[86]
ماذا تريدون من هذا الولد الخجول
هذا الذي انحنى للإمطار .. وانشغل بصمت الأصوات
[87]
سأرقد فوق العشب .. مثل طفل سرقوا مقلتيه.
[88]
بمحاذاة روحي عويل .. إنما هناك دائماً بلابل تغرد.
[89]
اكتب : أنا قارة من الاضطراب .. وولد يوزع صوته للعصافير.
[90]
ينحني الصمت أيضا .. فيما أنا اجمّع أوهامي.
[91]
هذه الطيور ماذا تريد من كلمات لا تعرف الطيران.
[92]
هذا الصوت لا يفزع الموتى .. صوت المطر .. والرصاص .. لكنه يهشم روحي .
[93]
في عامه المجهول .. بلغ سن الموت .. فلماذا تحتفل الأضرحة بأعياده المنسية .
[94]
ماذا تريد الشموس مني أنا الذي بلا ظلال .
[95]
هذه بعض الرموز : حشائش .. عناكب: مسرات .. وانهار لكنها أبدا ًليست إلا علامات.
[96]
أينما اذهب أجد جراحي تغني.
[97]
سأنحني لشموس تذهب إلى عتمتها
مثلما قط لم أوش برموز أحلامي.
[98]
ينحني لأزمنة لم تولد .. ويستفيق لأزمنة لن تولد.

[99]
أنا بقايا قصائد .. أنا بقايا رما ..د
أنا تراب مؤجل.
[100]
بين الأسلحة القتيلة
هناك أصابعي لا تريد أن تذهب إلى النوم .

الجمعة، 1 أكتوبر 2010

طاوة جلجامش ومطبخ رئيس الحكومة-بقلم علي السوداني


طاوة جلجامش ومطبخ رئيس الحكومة
علي السوداني
وهذه واقعة موثّقة موثوقة ثقة ، كانت وقعت في بلاد ما بين القهرين ، وهي واقعة ظريفة لطيفة جذابة ذات أجراس تجلجل وخواصر ترقص وأرداف تأكل العقل وتطيّر القلب وتحفز المخيال حتى منتهى القصد والمآل . والحكاية - سادتي الرجال وسيداتي النسوان - كانت أشهرت قبل ليال قليلات وكان مقدراَ لها أن تقلب الدنيا ، لكنها غطّيت بلحاف ثقيل وأنباء منفرة تتسايل كما مستحلب دبق فوق أمسيات وظهيرات الناس الحارّة ، وتدور حول معمعة ومنطحة ولادة حكومة . عندنا سفير في أمريكا اسمه سمير وكنيته الصميدعي قال ، أن أعمامنا الأمريكان الرحماء قد سلّمونا آلافاَ مؤلفة من قطع آثار عراقية منهوبة - الأرجح هو ان الحرامية كانوا من جنود وجنديات الهمج الأمريكان ومن تبعهم ، لأن غالبيتهم تتحدر من أبناء ملاجىء وأوكار شذوذ ومنغلة وبؤس ودكاكين مافيا - وقد تم شحن الصناديق المكتومة والمعلّمة وشديدة الوضوح نحو سمائها وولاداتها الأولى ببلاد ما بين الضيمين . بعد شهور مشهرة صدر فرمان آثاري بعرض المسروقات في جامخانات وعلى أرفف ودكك المتحف العراقي المشهور والمزروعة بنايته حتى اللحظة شرق كراج علاوي الحلة وعربانات الفشافيش المبهّرة بكرخ بغداد العباسية . في هذه الأيام والليالي ، فاحت وقبّت رائحة شك وريبة وخديعة ودسيسة ونهيبة ، من أفواه وزراء ونواب ومدراء وحراس منهم أميرة وقحطان وقيس ، تناقضوا وتضادوا وتناطحوا حول صينية دسمة مفقودة قوامها ستمائة وثلاث وثلاثون قطعة أثرية مؤكدة ، فأرسلوا الى السفير سمير العائش بأرض واشنطن ، كي يستأنسوا برأيه ويستفهموا من فهمه ، فأجابهم الرجل اجابة شافية وافية كافية بعدد المشحونات وواسطة النقل . بعدها بليلة ويوم قال جنرال أمريكي مشهور دائح الآن ودائخ في مستنقع أفغانستان ، اسمه باتريوس : ان الآثار الرافدينية كان تم نقلها غير منقوصة ببطن طائرته الخصوصية صوب منطقة بغداد الخضراء . بعيد ليلة ويوم وساعة - لسعدي الحلي البديع أغنية عذبة اسمها ليلة ويوم - من رسالة باتريوس المانعة الجامعة ، تشاطرت وتشطرت الحكومة البغدادية واعلنت عثورها على الصناديق والكراتين المفقودة في مكان اختلف الرواة الثقاة وتنابزوا وتشاتموا حول تسميته ، فمنهم من قال هو مطبخ من متبوعات رئيس الحكومة وقال آخر انه مخزن يتبع نفس الأطيان ، كانت الصناديق قد دسّت وحشرت فيه " خطأ " صحبة أدوات مطبخية منها القدور والطناجر الشبيهة بأخياتها المستعملات في طبيخ وشوربة شارع الموكب أيام حزن رعية بابل على فقد ديموزي ومصيبة عشتار والخواشيق التي تشبه ملاعق سومر والجفاجير والطاوات التي واحدتهن تشبه الطاوة التي كان جلجامش يقلي بوساطتها البيض والطماطة والباذنجان ، والمسبحات مثيلات المعلّقات بجيد الملكة الراحلة شبعاد ، والجطلات والسكاكين والتختات والطباخات ام سبع عيون الشبيهة بطباخات أور وما حولها ، وعلب وعصّارات ومصاصات مايونيز وصاص وكاتشب ومطحونات ثوم ودارسين وهيل وبابونّج وما الى ذلك من مطيّبات ومشهّيات ومغريات كان الراحل العظيم آشور بانيبال مغرماَ بفرشها وطشّها فوق مائدة عظماء ضيوف وضيفات مغارب الأرض ومطالع شمسها ، وتلك - وحقي وحقكم - تسويغات وتفسيرات وتأويلات تكفي وتسد وتغلق باب القيل والقال ، وتزرع الحكومة بواد غير ذي شبهة وعتب وعيب . أما مخلص وزبدة الحكي ، فهو أن ما عاد أو أعيد من آثار انما جاء في باب ترقيع وترميم شقوق الفضيحة العظمى ، وان الباقية من المسروقات في أمريكا الوغدة وأسرائيل وبيت أبي ناجي ، لهي أزيد وأعظم من العائدات ، وفي ختمة مكتوبي هذا ، أتوسل الى رعية وادي الرافدين أن تنزل سبّاباتها وتكف عن شتم الحكومة والتشكيك في طهارة وعفة المطبخ الذي نامت فيه الآثار المضمومة ، ودارت على حولين متصلين !!