الخميس، 29 أكتوبر 2015

قصص قصيرة جدا ً-عادل كامل




9 قصص قصيرة جدا ً




عادل كامل
[1] جرح
    كان العاشق الشاب بانتظار حبيبته، في الحديقة، عندما امتدت يده وقطفت وردة بيضاء.. فخاطبت الوردة الشاب:
ـ  لِم َ فعلت هذا...؟
رد بلا تردد:
ـ كي اهديها إلى من أحب!
فقالت بأسى عميق، وهي تحتضر:
ـ ولكنك تركت حبيبي وحيدا ً...، بين الورود، ثم ما معنى أن تهدي حبيبتك وردة قتلها قلبك، قبل أن تجهز عليها بأصابعك..؟


[2] ديمومة

قالت البقرة للثور:
ـ دعنا نتوقف عن الإنجاب...، فمدير هذه المزرعة لم يبق عجلا ً إلا وأرسله إلى المسلخ...، فانا لم اعد احتمل أن أرى ذرتي تسمن، كي تذبح!
فسألها الثور:
ـ ماذا نفعل...، وليس لدينا ما نفعله، غير الإنجاب، أو أن يرسلونا إلى الموت؟
ـ لنهرب من هذه المزرعة، ونعود إلى الغابة، أو نجد ملاذا ً في البرية!
ضحك الثور:
ـ هناك السباع، التماسيح، النمور، الفهود، وهناك الذئاب والكلاب ...، فإن لم ننج من البشر فمن ينقذنا من أنياب تلك المفترسات...؟
هزت رأسها، وتمتمت بأسى عميق:
ـ الغريب إن مصائر البشر لا تقل بشاعة عن مصائرنا....؛ فها هم يقتلون بعضهم البعض الآخر، وها هي أشلاء أجسادهم صارت طعاما ً للضواري والطيور...
فقال لها بفزع:
ـ الحق أقول لك: لا هم افلحوا بعقد سلام دائم، ما بينهم، ولا نحن توقفنا عن إنجاب الضحايا، طعاما ً لهم! ثم من ذا ـ أخيرا ً ـ سيضع حلا ً للمعضلة ـ ما بينهم وبيننا ـ وكأن نهايتها وضعت قبل أن تكون لها هذه المقدمات!


[3] فضاء
    وجدت السمكة جسدها الصغير يرتفع قليلا ً في الهواء، بعد أن فلتت من فكي السمكة الكبيرة التي أجهزت على رفيقاتها في السرب. لم يدم فرحها إلا برهة وهي تجد نورسا ً بمنقاره يلتقط جسدها، ويرتفع به عاليا ً في الفضاء، آنذاك أدركت إنها إذا كانت نجت من السمكة الكبيرة، في المرة الأولى، فإنها، في المرة الثانية، لن تعود إلى الماء.
 
[4] حزن
ـ اعرف انك، أيها الغراب، لم تشترك في الجريمة، وانك لم تكن محرضا ً عليها...، ولكن اخبرني من علمك مهنة الدفن؟
ـ لو لم افعلها، فان القاتل لن يحتمل رؤية ضحيته أمامه إلى الأبد!
ـ إذا ً.....، ها أنت تجعلني اشك....؟
ـ بماذا..؟
ـ انك غير بري ء من الهمسات، والإشاعات...، وان لك علاقة ما بما حدث..؟
ـ أنا علمته أن يتستر على فعلته...، وهذا كل ما حصل.
ـ وصارت لديك مهنة؟
ـ أجل...، لأنه ـ هو ـ الذي أرغمني أن أتعلمها، وإلا لماذا لم استبدل لوني بلون آخر؟

[5] لافتة
    قرأت الحمامة كلمات دوّنت فوق لافتة علقت توا ً، فراحت تنشد بصوت حزين جذب انتباه الصقر الذي كان يراقب، فقال لها:
ـ لماذا تولولين، وتنوحين....؟
ـ الم ْ تقرأ...ما دوّن في هذه اللافتة..؟
   ضحك الصقر:
ـ ومن سمح للصمت أن يبلغ ذروته...؟!
فقالت الحمامة بحزن اشد:
ـ فأنا لن افتح فمي بعد اليوم!
ـ ولكن هل استطيع أنا أن أغلق فمي إلى الأبد؟


[6] النملة والفيل
 خاطبت النملة الفيل، وهو يوشك أن يسحقها:
ـ كن حذرا ً... فهل أنت أعمى...؟
ـ آ .....، لو كانت العدالة تساوي بين النملة والفيل.... لكانت الحياة اقل قسوة، واقل جورا ً!
ـ لكني لم افهم قصدك؟
فقال الفيل ضاحكا ً:
ـ  لو كنت أتمتع بعقلك، وحكمتك، لما تم اسري، ووضعي في هذه الحديقة، وجعلوني ارقص فوق الحبال!

[7] الحرب
   اقترب الحمل من والدته وسألها:
ـ يقولون إن الحرب ستقع قريبا ً، وستخرب حديقتنا...؟
  فقالت له بلامبالاة:
ـ لا تكترث، يا ولدي، فأنت لن تراها إن وقعت أو لم تقع!

[8] الحمامة والغراب
    سألت الحمامة الغراب:
ـ لماذا صوتك حزين، ولماذا ترتدي السواد...؟
ـ يقولون إنني كنت شاهدت الجريمة...، واني علمت القاتل كيف يتستر عليها...؟
ـ آ ....، يتركون الجاني، ويلاحقون الشاهد؟
   فقال الغراب للحمامة التي كفت عن الهديل:
ـ  اقسم لك إن الحكاية ناقصة....، لأنني شاهدت الضحية ينهض، وينتقم، وان الحكاية لم تنته...؛ فلا القاتل اكتفى بالنصر...، ولا ضحيته رضت بالهزيمة!
ـ آ ...، الآن عرفت لِم َ أنت حزين، ولِم َ رداءك بلون الليل!

[9] لون
    قال العجل الذي ولد أعمى يسأل أمه:
ـ ما ـ هو ـ لون النهار.
لم تجب. فسألها:
ـ وهل لظلام الليل لون مختلف...؟
لم تجب أيضا ً. فسألها بلا مبالاة:
ـ تقصدين...، إنني لن أنجو من الذبح، إن كنت مبصرا ً أو كنت ولدت أعمى، فاحدهما قصير المدى، سريع الزوال، والآخر سيمتد بعيدا ً، إلى ما لا نهاية!
22/10/2019

ليست هناك تعليقات: