الأحد، 31 مارس 2013

غالب المسعودي - تدجين الثقافة ورعب المكان

الحملة الوطنية العليا لهدر المال العام !!!-حامد كعيد الجبوري


إضاءة
الحملة الوطنية العليا لهدر المال العام !!!

حامد كعيد الجبوري
حمدا لله أن التغيير الذي حصل عام 2003م قد غيّر كل شئ في العراق ، النظام الشمولي الدكتاتوري الى نظام ديمقراطي تعددي مستورد ، حزب فاشستي قائد واحد الى أحزاب متعددة الهويات والجنسيات والولاء ، قائد ضروريٌ قاتل ومجرم واحد الى قواد وميليشيات مدججة بسلاح الطائفية والدمار لا حصر ولا عد لها  ، لص واحد يستأثر بخزينة العراق بكاملها ، ومن حقه ذلك لأنه حاز رقابنا وعراقنا بدبابة عسكرية , ولأننا كنا نهزِّجُ له ونقول عراق القائد ( صدام حسين ، وهذا القائد قائدنه يا نور العين ، منه وبينه ومن عدنه صدام حسين ) ، الى مجموعة أتوا على ظهر دبابة أمريكية مستأجرة لصالحهم ليتحكموا في البلاد والعباد ، قائد ضروري واحد يجوب العراق بأفواج حمايته وأجهزته القمعية ، ويضطرنا ويجبرنا على متابعته قسرا بفضائية واحدة ، الى مجموعة من الرموز الوطنية العراقية تسكن الخضراء ولا تغادرها خوفا من الإرهاب الذي زرعوه في عراق لا يعرف الإرهاب ، وتترك الشعب ولا تتفقد ( ثلاجاته ) و( تنانير خبزه ) ، تغيّر كل شئ وحتى النظم والثوابت الأخلاقية والمجتمعية ،  تصوروا أن التغيير طال الأمثال الشعبية لأنها لم تعد تصلح لواقع عراقي جديد ، المثل الشعبي الذي يقول ( المال السايب يعلم على السرقة  ) ، وبقدرة ثقافية عربية كردية تركمانية ، وقوة طائفية شيعية سنية وطوائف وأديان أخرى ، استطعنا أن نستبدل ذلك المثل المتخلف الرجعي القديم الى مثل ديمقراطي يواكب الحضارة والمسيرة التقدمية لأحزاب دينية وعلمانية مجتمعة على بناء العراق من الأعلى الى الأسفل ، المثل غيّر الى ( لنسيِّب المال ليجذب الفقراء من الساسة والمسئولين ليستطيعوا أن يحسّنوا أحوالهم المالية لسرقته وليلحقوا بالركب العالمي العربي العراقي الشريف ) ، سأورد مثلا واحدا لا غير ، مع علمي أنكم – القراء – جميعا تمتلكون أمثلة أكثر مما أتحدث به ، محافظة بابل ، محافظها مهندس استشاري ، ونوابه ومعاونوه من حملة الشهادات العلمية والعملية ، مجلس محافظة بابل يظم بين جوانبه من حملة الشهادات ومدراء سابقون لدوائر حكومية ، أكثر من مهندس مدني مختص ، وكل هذه ( الهلم ) والشهادات يمرر ولا أعرف لمصلحة من ، مشاريع لا تستحق أن يصرف عليها دينار عراقي واحد ، وسأعزز موضوعي بصورة لما أريد قوله ، شارع في أحد أحياء مدينة الحلة ، وأحياء أخرى كما علمت ، الشارع أنشأ وعبّد  بالقار ( الأسفلتي ) عام 2005 م ، ومعلوم أن المقاولة والمقاول وغيره أخذ حصته بل غنيمته ووزع ما تبقى على من منحه تلك المقاولة هبة لوجه ذلك المسئول، وتقربا لله تعالى على نعمة الخير الحرام الذي أنزله لجيوبهم الخاوية  ، ومعلوم كيف تُسلم وتستلم تلك المقاولات دون أشراف ودون رقابة وحساب هندسي لأسباب يعرفها الله ومن أختص بعلمه من أصحاب الرتب والمنح والهدايا ، لا يزال الشارع موجودا وأكثر من - ( طسة ) -حفرة عالمية فيه بل قل مئات ، ووصلت العقلية العراقية الملهمة بتفكيرها أن تستبدل الرصيف ( الكونكريتي ) برصيف ( كونكريتي ) غيره  ، فيا للعجب العجاب ، يقول دولة رئيس مجلس وزرائنا ائتوني بدليل أثبات على فساد مالي لنقيم الحد على مرتكبه ، وقلت يومها لدولته عبر إضاءة سابقة أن يستورد لنا ( طاقية أخفاء ) لنكتشف ونحاسب السراق ، فيا دولة رئيس الوزراء ، ويا سادة برلمانيون ، ويا أصحاب الفخامة والمعالي من الرؤساء والوزراء ، أمامكم دليل بسيط فأن لم يكن فسادا ماليا فهو هدر مبرمج للمال العام ، يستحق المقصر ان يودع السجون لأجله ، أليس من حقنا أن ندلكم على عيوب مقصودة ، والأغرب من كل ذلك أن هؤلاء جميعهم قد رشحوا أنفسهم لخوض انتخاب مجلس المحافظة مجددا  ، والى كل حلي وعراقي أقول ( من هذا الخراب الكل عراقي أنكول ، باطل ثم باطل تنتخب مسئول ) ، للإضاءة .... فقط .

الخميس، 28 مارس 2013

بنك الأعضاء=قصة قصيرة-عادل كامل



قصة قصيرة
بنك الأعضاء
عادل كامل
     لم أر في حياتي مساءً عذباً كالذي بدأ ونحن في الوادي، حدث ذلك في الصيف الماضي. كنا في رحلة، نتمتع بإجازة بعيداً عن مشاق العمل..أنا وثلاثة من الأصدقاء. كنا في عمر واحد، ومن جيل واحد، نميل إلى المرح رغم أننا كنا نشكو من كآبات حقيقية وأخرى وهمية..بيد أن الإنسان، بعد سن الأربعين، لا يمتلك بيسر قدرة الموازنة بين المرح والأحزان المفاجئة. لذا تراه كما حدث لنا ونحن نشهد اختفاء آخر شعاع محمر للشمس وراء الجبال الشاهقة، ميالا للتحرر من نفسه. يا لها من لحظة انفجار، تلك، عندما قال صالح، لغطس في الماء. ذلك لأننا، بشرود محبب وخفي، عدنا إلى الطفولة. قال صالح، حذار من الغرق. لكننا كنا نعلم أن ذلك مجرد مزاح..فهل يحدث أن يغرق الإنسان في قدح ماء؟ كانت مزحة ومضت..بعدها رحنا نستحم بملابسنا. لم يفكر أي منا بالبلل..بالأشياء التي ستتلف. كنا في سن الطفولة. وعندما صرخ صالح مرة ثانية بأن ماء الوادي قد يجرف أياً منا، رحنا نزداد لهواً، صخباً. ما أجمل ذلك المساء ونحن نوقف تيار الزمن..نتحدى أمواج مياه الوادي، تحت الأشجار الخضراء الداكنة، والسكون يحيط بنا من الجهات كلها، ونحن نعود إلى زمن سحيق، بلا ذاكرة، نلهو كما كنا نفعل في الماضي، عندما تعلمنا السباحة، ثم فجأة كبرنا ولم نعد نذهب إلى النهر، ولم نعد نسمح لأطفالنا بالذهاب إلى النهر خشية الموت غرقاً. لقد قال علي، وهو يضرب بيده اليمنى الماء، أنه يخاف النار. رباه لماذا يجرنا الحديث عن الأشياء دائماً إلى موضوعات الخوف. كلا. قلت أنا لا أخاف من النار ولا من الماء ولا من تسلق الجبال. أنا لا أخاف حتى من الموت. إنما صرخ نهاد، نهاد الوديع العذب مثل ذلك الماء، بأن علينا أن نسكت. حسناً. ساد الصمت كأننا حدسنا عدوا يتربص بنا. ثم قال بصوت ناعس:

-        علينا إلا نسرف في اللهو ..

     ذهبت كلماته أدارج الرياح. كنا نريد أن ننسى المدينة، ننسى بغداد..ننسى طوابق دائرتنا العتيدة، ننسى صخب العجلات وضوضاء المقاهي وغبار الشوارع. كنا نريد الإمساك بشيء يفلت منا..أو بشيء ما نريد الإمساك به. أننا في أجازة وليس في عملنا ما يخدش حتى الماء. فلماذا نقنن حتى اللعب؟ قالها علي، وضرب الماء بقوة.
     كان المصباح الوحيد الذي يضيء المكان يرسل أشعته إلى مسافة تدلنا على خيمتنا، التي سنعود إليها، بعد ساعة، لنواصل سهرنا. كان هذا هو اليوم الأخير من الرحلة..وكنا لا نريد أن ينتهي زمن المرح.. وقت اللعب الذي أعاد إلينا الكثير من حيوية الشباب..المزيد من الأفكار الحيوية..
    لكن نهاد رفع صوته، وهو ينهض، وكان، كما ظهر لي في الأقل، غير قادر على مقاومة تيار الماء:
-        إلا تعلمون، أيه الأصدقاء، ذلك الوعد الذي ...
     وتلعثم، كأن أثار السكر بدأت تفقده سيطرته على الكلام..مع ذلك أسترسل:
-        ألم نتعهد بالتبرع بكل ما تمتلكه إذا ما حدث لنا..لنا.
     ولم يتكلم. توقفنا عن اللهو. ساد الجميع الذهول. كان كل منا، عبر ثانية فقط، يحدق في نهاد، أما هو فقال مرتجفاً، وكان يترنح:
-        أنا لا أريد أن أتبرع بجسدي.
     للمرة الأولى أصدم..وكأن رصاصة اخترقت جسدي واستقرت فيه. فقد تذكرت، مثلما تذكر الجميع، تلك السيدة الصحفية التي زارتنا في دائرتنا، وتحدثت عن الإنسانية، عندما قاطعها نهاد وقال أنه يرجوها أن تختصر..وتقول ما تريد. قالت للجميع أن هناك بشراً يتعذبون بسبب فقدان أجزاء من أجسادهم..وأنتم تعرفون ذلك. قالت ذلك ونحن ننصت، بلا مبالاة أولاً. ثم قالت أن الإنسانية، ليست إلا المثل التي تغدو واقعية تماماً. فماذا لو تبرع أي منا، عندما يصاب بحادث، ويفارق الحياة، بعينيه، أو بكبده..أو بقلبه..كانت تتكلم بطلاقة..مثل قصاب يشرح لحم خروفه إلى قطع، وهو يتحدث عن فلم جميل. ثم قالت أنها حصلت على أسماء كثيرة..أطباء..فنانين..مهندسين..نعم. وقالت أن المسألة لا تتعارض مع الدين. فالله عندما يحييناً يوم القيامة يستطيع أن يعثر على الأعضاء التي سنتبرع بها مثلما يستطيع، كما تعلمون أيها الأصدقاء، أن ينتزعها من أمعاء الديدان ومن التراب. اذا ً ليس ثمة ما يخيف أو يرعب. صمتت لحظة وانطلقت تتكلم بتحرر وبلا تردد بعد أن ملأ الصمت وربما الرعب أعماقنا:
-        ثم أن أيا منا إذا تبرع بعينه فقد يكون هو الذي وهذا يعني أنه ما زال على قيد الحياة.
     صراخ أحدهم:
-        إذا ً أنت تبحثين عن بنك حقيقي لبقايا الموتى ..
     أجابت بهدوء:
-        أيها العزيز..لِمَ نحرم الآخرين من الأشياء التي لا تعود نافعة لنا. لِمَ الأنانية.
     قال نفسه:
-        من قال أن الموتى أنانيون؟
-   عظيم..أنت إنسان عظيم حقاً..وشهم..وتدرك مسؤوليتك في الحياة وما بعد الحياة..لدرجة أنني فكرت ماذا لو كنت أنت، أنت نفسك، بحاجة إلى كلية وتجدها حالاً..فهناك من تبرع بها إليك، هائل..أني أثّمن فيك الروح العالية..وسأنشر صورتك مع حوار يؤكد مدى تفهمك لحقائق الإنسان..
     للحق، لجمته فسكت موافقاً. بعد ذلك، فجأة، نهض نهاد وقال:
-        أكتب أسمي أيضاً.
     بيد أنه، على الرغم من خجله، أضاف:
-   أرجو أن يتأكدوا من موتي أولاً..أرجو أن تكتبي هذا..فهناك..هناك..يحدث بعض الخلط بين الميت والحي..كما لابد أن نحدد هل الميت من يتوقف قلبه أو دماغه..
     ابتسمت، وأردفت بطلاقة:
-   أننا نعمل على وفق نظام الدولة. وليس هذا البنك أهلياً..هناك أطباء وثلاجات وأجهزة وعلماء..
     قاطعها صالح:
-        أنا أيضاً..لكني لا أتبرع بأنفي!
     فقلت أنا:
-        وهل تفيدكم العظام؟
-   أيها الأستاذ..سنستفيد من كل شيء..العلم يتطور..والبشرية لابد أن يسودها قانون التعاون الاجتماعي والمسؤوليات الجادة.
     ثم سألتني:
-        أكتب أسمك؟
     قلت أن العملية ظريفة في الحالات كلها..ودار بخلدي أني مادمت لا أستطيع أن أدافع عن نفسي فلماذا أبدوا قوياً..ثم لم لا يستفيدون من أصابعي..أو من عظام الفك الأسفل..قلت:
-        نعم.
     لكم كان ذلك المساء عذباً، عندما لم يدر بخلد أي منا أن نهاداً سيبكي، بعد أن أفقده الخمر وعيه وتوازنه..يصرخ فينا:
-   لا أريد أن أوزع جسدي..لماذا..لماذا أوزعه هنا وهناك..ثم ماذا سيدفنون في القبر..كلا..لا أريد أن أموت..
     وترنح، فاقداً السيطرة على نفسه..وكان يبتعد عنا، ببطء شديد، وهو يصرخ، حيث كنا نحدق في محياه الشاحب..نحدق في حركة فمه:
-        لماذا وافقت على فكرة مجنونة..
     وغاب عنا نهاد..جرفه الماء..صرخ صالح:
-        جرفه ماء الشلال..حذار..هيا لنهبط إلى الأسفل.
   لكم كان ذلك المساء جميلاً لو لم يمت نهاد..لو لم نره محطماً، وقد سال دمه ممتزجاً بالماء..كانت عظام جسده مسحوقة..كأن أحجاراً سقطت فوقها..وجلده ممزقاً..قال علي بأسى عميق لا يخلو من السخرية، فقد كان الخمر ما يزال يدور في رؤوسنا، كما في رأسه:
-        أنه تبرع بجسده إلى الأرض.
     بعد إجراءات أولية بسيطة كنا نجلس في السيارة..ولم يحصل ذلك بسهولة..فقد رفضوا، في المستشفى، تسليم الجثة..قالوا أننا نستطيع تسلمها غداً، قالوا أنها عملية طبيعية وضرورية. ولم تجد كلماتنا معهم. حتى أن الطبيب أبتسم بفم مفتوح عندما قلنا له بأن نهاداً كان قد تبرع بجسده للبنك، وأن علينا أن نوصله بالسرعة الممكنة قبل أن تموت الأشياء التي يريدونها. رفض.
     أما نحن فكنا نتجادل..أنعود إلى بغداد أم تنتظر حتى صباح اليوم التالي. أنا قلت ننتظر. لكنهما، صالح وعماد، أصرا على إلا نبقى لأسباب مبهمة ، أو غير مقنعة.
      حسناً. قلت لصالح:
-        لا تسرع.
-        نعم. عندما أتعب سيحل علي محلي.
     كانت ما تزال لدينا كميات من الخمر، والنبيذ، والويسكي..أنا فضلت شرب العرق..ومن القنينة مباشرة..فقد كنت أتصور أنني أنا الذي جرفني الماء بجسدي نحو الأعماق السحيقة. أنا الذي سقط مع ماء الشلال. شربت. كان صالح يقود السيارة بسرعة معتدلة. فجأة صحت :
-        لا تسرع.
     أجاب:
-        لا تخف..
     وأضاف بصوت لا يخلو من السخرية والمرح:
-        لن نتبرع بأجسادنا لهذا البنك اللعين.
     قال علي:
-   لا تحدثونا عن هذا البنك. أنا أفضل أن نتحدث عن بنوك المال..بالمناسبة، أيها السكير الجالس في الخلف..كم جمعت؟
     أجبت بحزن، بعد أن سكبت كمية من الخمر داخل جوفي:
-        مليار دينار..
-        لا تسخر..أنك ولد بخيل.
-        أجل.
     وشربت. قال صالح:
-   أنا أفّضل أن تتحول هذه البنوك إلى بنوك أهلية..ويخصصون رواتب للذين يتبرعون بأجسادهم..
-        أغراء..
     وأضاف علي:
-        لكن المسألة إنسانية يا صالح..إنسانية تماماً ولا علاقة لها بالربح والخسارة.
     لا أعرف لماذا أسرع صالح..إلا أن علي خاطبني:
-        هل تخاف أن تكون زائدتك الدودية عند فتاة جميلة؟
-        أسكت.
     شربت. ويبدو أني لم أعد أتذكر إلا كلمات نهاد..نهاد..وذلك المساء العذب الذي لن يتكرر في حياتي أبداً.
     ناداني صالح:
-        سكرت جيداً..بعضنا لا يتحمل الصدمات..ثم أنك تعاني من الكآبة أصلاً..
     تمتمت بصعوبة:
-        كان..لا..يريد..أن يفقد..حياته..
     صرخ علي:
-        عظيم..هذا هو السؤال: عندما نموت هل تتبرع بالجسد أم بالروح؟
     أعتقد أن صالح أجاب، بأن المسألة أننا لا نريد أن نتبرع بالحياة.
     عندما أفقت، في اليوم الثالث، قال لي الطبيب:
-        هل تعرفني؟
-        أجل..أنت هو السيد الطبيب..
-        هذا رائع.
     يبدو أن صحتي بدأت تتحسن على نحو غريب..إذ غادرت المستشفى، بعد عشرة أيام، وكنت أعرف أنني الوحيد، يا للرعب، الوحيد الذي ينتظر اللحظة التي سأتبرع فيها بجسدي، كاملاً..والوحيد الذي لم ينس، أنه لم ير، أبداً، وفي حياته، مثل ذلك المساء العذب..!

1987      

الجمعة، 22 مارس 2013

غالب المسعودي - الجينالوجيا وثقافة الاستبداد

( هواي الصوِّر وشويه الحياطين )حامد كعيد الجبوري


إضاءة
( هواي الصوِّر وشويه الحياطين )
حامد كعيد الجبوري
         من يتسنى له التجوال بين المحافظات العراقية تبهره ، بل تصدمه كثرة الصور والشعارات و( البوسترات ) التي لم تترك مجالا إلا ووضعت فيه ، ويجتهد المرشحون لمخالفة قرارات المفوضية العليا للانتخابات متجاوزون حدود الصلاحيات الممنوحة لهم ، فذلك المرشح يستخدم نفوذه وعنوانه الوظيفي  لاستدرار عطف الناخب الجاهل ، وذلك يضع صورا لرموز سياسية أو دينية غير رموز قائمته ، وآخر يستخدم جدران الدوائر الحكومية لوضع ملصقاته عليها ، وحقيقة الأمر أن مجالس المحافظات حلقة فارغة إضافية لا نفع لها في الوقت الحالي ، وأملك أكثر من دليل استنتجته من أحاديث كثيرة لسياسيين مختلفين فكرا وعمرا وتجربة ، في حديث لدولة رئيس الوزراء مع وفد تجاري صناعي حلي  برمجت له النائبة ( حنان الفتلاوي ) ، قال سيادته بما معناه أن دور مجالس المحافظات دورا هامشيا في الوقت الحاضر ، لعدم بلورة فكرة المجالس لدى النخب السياسية بشكل منطقي مدروس ، وقال أن مجالس المحافظات بوضعها الحالي تشكل عبئا على ميزانيات تلك المحافظات العراقية ، ويقول النائب الكردي ( محمود عثمان ) أنا مع إلغاء مجالس المحافظات في الوقت الحاضر لعدم أهلية أشخاص تلك المجالس أولا ، ولأنهم يستنفذون ميزانية المحافظات ثانيا ، وخلق صراعات طائفية وعرقية وحزبية في نسيج المحافظات التي يعملون فيها ، وحدثني السيد ( صباح علاوي ) نائب رئيس مجلس محافظة بابل قائلا أن أغلب أعضاء مجلس المحافظة لا يملكون الخبرة العملية ، ولا التجربة السياسية ، ولا الخلفية الثقافية لتؤهلهم لشغل منصب عضو مجلس محافظة ، ويقول أن حسابات مجلس محافظة بابل جاءه بصك مالي لمبلغ جيد بعد أن ذهب موفدا من قبل المجلس لزيارة أحد الدول ، علما أن الدعوة جاءت من تلك الدولة ، والخدمات الفندقية وملحقاتها مقدمة من تلك الدولة ، إضافة لتذاكر السفر ، ويقول السيد ( علاوي )  أن استلامي لذلك المبلغ يعد حراما من الجهة الشرعية لأني لم أنفق من مالي الخاص أي مبلغ يذكر ، ويقول أيضا أن من يحصي زيارات أعضاء وعضوات مجلس المحافظة يجد العجب العجاب ،وكما هو معمول به استلمت المبلغ ، وأوفدت لا حقا و بنفس الطريقة لدول عديدة أخرى كأعضاء المجلس الآخرين ، ونحن كعراقيين نقول لو افترضنا أن لا راتب ولا سيارة ولا سفرات سياحية لأعضاء مجلس المحافظة فكم سيكن عدد المرشحين لشغل عضوية تلك المجالس ؟ ، وأهم من كل ذلك ما هي مشاريع المرشحون الجدد ؟  ، وما هو برنامجهم الانتخابي ؟ ، ربما الكثير منهم رشح نفسه مع قائمة لا يؤمن بشعاراتها والمهم عنده الوصول الى المغانم والمكاسب التي يسيل لها اللعاب  ، أسئلة وهموم نضعها أمام الساسة والبرلمانيين وأبناء شعبنا العراقي ونقول ، هل سيتحقق أحلام الفقراء والمعوزون بهذا البلد الغني ؟ ، وهل سنرى اليوم الذي يسحب ويحاسب  فيه المختلسين علنا للقضاء ؟ ، أجوبة نتركها للقادم الأسود من أيامنا الكالحة ، للإضاءة ......... فقط .      

الثلاثاء، 19 مارس 2013

مختصون يكشفون خطراً امريكياً على العراق يستمر لأربعة ملايين سنة

اشر عدد من الخبراء والمختصين مخاطر المخلفات الحربية وتأثيرها على الاجيال القادمة في ندوة عقدتها منظمة البيت الكوردي.

وحاضر في الندوة التي عقدت في مؤسسة شفق للثقافة والاعلام للكورد الفيليين في بغداد كل من مثنى محمود شاكر، التدريسي في جامعة بغداد، امين سر جمعية الامراض المشتركة العراقية، وآيسن كمال التدريسية في كلية التمريض، والعضو في عدة منظمات صحية، وحضر الندوة جمهور ممن المتابعين.
وابتدأت الندوة التي تزامن انعقادها مع فاجعة مدينة حلبجة، التي قصفت بالاسلحة الكيمياوية، بعرض صور الفاجعة من قبل ايسن كمال التي تحدثت عن  الدمار الذي سببته القصف للجنس البشري وكانت بمنزلة الابادة الجماعية، مبينة "تأثير ذلك القصف على الاجيال اللاحقة للمدينة المنكوبة".
بعد ذلك القى مثنى محمود شاكر محاضرة عن مخاطر المخلفات الحربية مشيراً بالارقام الى فداحة الكارثة التي لحقت بالعراق من جراء الحروب، وقال "يوجد الآن 35 الف طن من اليورانيوم المنضب على ارض العراق، وليس مثلما تقول الجهات الامريكية من ان الرقم هو 5 الاف طن فقط".
مبينا ان "الامريكان كانوا قد طلبوا من عدة شركات امريكية وعالمية تنظيف 311 موقعا ملوثا باليورانيوم تنتشر في كثير من مناطق العراق لاسيما في النجف والبادية الشمالية".
وتطرق شاكر بالشرح الى تعريف التلوث الاشعاعي والآلية التي يؤثر بها عنصر اليورانيوم على البيئة والانسان منوها، على التغيرات الفيزيائية التي تحدث في الجسم وتؤدي الى الاصابة بالسرطان"، مبيناً أن "اليورانيوم يبقى في الارض لمدة 4 ملايين سنة".
واضاف شاكر "خلال حرب الخليج الاولى القيت 300 طن من قذائف اليورانيوم ثم ارتفعت الى 1100 طن ثم وصل الرقم  الى 2200 طن استعملت في عام 2003"، مشيرا الى ان المخاطر التي تمخضت عن ذلك على صعيد العراق هي "انخفاض نسبة المواليد الذكور قياسا الى الاناث وتشوهات خلقية، اضافة لظهور اعراض انفلونزا جديدة خاصة بالعراق".
وتابع، "عثرنا على حاويات يورانيوم كثيرة جدا في مناطق جنوب العراق وقرب الحدود العراقية الإيرانية والسعودية واماكن مجازر حيوانات تعرضت للتجارب في مناطق عدة"، مردفاً "برأيي الشخصي ان الامريكان استخدمونا كتجارب".
واكد شاكر على ان "اجراءات وزارة البيئة للتخلص من المخلفات لم تؤد الى نتيجة"، منوها على ان "الدول الصناعية تعالج المخلفات النووية بوضعها في حاويات كونكريتية بسمك 1 متر وترسلها الى الدول الفقيرة لقاء اموال كنفايات نووية".
واضاف ان تكاليف التخلص من المواد النووية في العراق تكلف عدة مليارات من الدولارات ولكن صحة المواطن والاجيال اللاحقة هي اغلى من هذه المبالغ، مبينا ان من اساليب التخلص من ذلك هي "الطمر النووي للمخلفات الحربية بردمها بعمق 10 امتار في اماكن خرسانية سميكة كما تجرف الابنية المصابة وتطمر ايضا بالعمق ذاته".
وتحدثت آيسن كمال عن العلاقة بين الانسان والبيئة مبينة، ان "التفاعل اذا لم يك صحيحا فان الانسان يتعرض الى مشكلات خطيرة"، منوهة على ان "واجب الدولة توفير الصحة للانسان ومهمتها الآن ان توفر الصحة له في بيئة مشبعة باليورانيوم وان هناك قلة بالعناية الصحية في المستشفيات العراقية".
واكدت آيسن على ان العراق "تعرض الى ما لم يتعرض له اي بلد مجاور لاسيما في مجال الامومة والطفولة"، مبينة، ان "ما القي على العراق في عام 1991 من المواد المشعة يعادل 7 قذائف نووية لاسيما في جنوبي العراق".
واشارت الى ان "الاصابات بالسرطان وحالات الوفاة الناجمة عن ذلك ارتفعت بين عامي 1991 و2000 بنحو 19 مرة، وبعد عام 2003 تضاعفت الارقام 4 ـ 6 مرات عن النسب السابقة"، مبينة، ان السكان "يستعملون حاويات ملوثة بموقع التويثة، فيما سجلنا 30 موقعا تعرض الى الاشعاع او وجدت فيه اسلحة متروكة في السماوة و في البصرة رصدنا 8 مواقع ملوثة في بقايا الدبابات والناقلات الملوثة".
واضافت، انه "في محافظة ذي قار زادت نسبة القراءة بعد 2003 فيما يتعلق بالاشعاعات 60 مرة كما زادت السرطانات"، مردفة، ان "في السماوة كتائب مدفعية للجيش العراقي جرى تدميرها بقصف جوي بقذائف اليورانيوم المنضب وكذك في نينوى".

الخميس، 14 مارس 2013

أبيع الصوت-حامد كعيد الجبوري


أبيع الصوت
حامد كعيد الجبوري
يا هو  اليشتري آنه أبيع الصوت ..أصيّح بالمزاد أبخلك دلاله
أبيع أبطكه ناكص صوت ما مغشوش.. اليملك للسلع يتحكم بماله
لتكلي حرام وراي مدري أمنين ..المدري ما يجوع ويبحش زباله
أبنص لحاف أبيعه ب(كارت موبايل )..أمبارك للشراه وحللّه وشاله
مو مره أبيعه الكلمن أحتاجه ..أشما يدفع نقبله أشيخطر أباله
ما يفرق نبيع أسلامي علماني ..وأحلف بالجذب قرآن وكباله
ما أنتخب غيره وصوتي أله مضمون .المهم يترس شليلي ويصعد هلاله
ولا أقبل نصيحة ممتلي وشبعان ..النصايح ما تفيد الجايعه أعياله
لحك وأشتري لنعزل الدكان ..تازه أصواتنه ومنبيعك أفضاله
لتكلي حرام الدين والأخلاق ... أشو باعوا وطن محد نطق لاله
***
عشر سنين مرت والزمن ما دار ... مو طاح الصنم وأنداس  تمثاله
عشر سنين مرت بيدنه الغربيل ... ولا حصوة التكف بعيون غرباله
ولا قائد تحزم يعمر المهدوم ... بس يبني الحزب و يترّس أسلاله
ولا قائد أتحزم للضحايه الثار ... والخنجر يشوفه أبجيب جتاله
مسكين الوطن كصوا أجناحه أبليل ... مجتوف أبقفص ودموعه هماله
يباوع بالوجوه يصيح يا شعلان ... يا شيخ المراجل غيرته عكاله
شك ثوب الجفن وأتنخه بالطيبين ... وشيّم للعراق الهور وجباله
وينك يا وسيع الراي يابو الجون ... أنصت للغناوي ونوح مواله
سنينتها البعض عالذبح والتهجير .. وناس الفرهدت للعيط والتاله
وبعض أتشردت دكت أبواب الغير ... وناس أعله الونين أمهدله هداله
وناس أعله الأمل تنطر سماهه تجود .. تصلي على الرسول وضنوته وآله
جِزعتنه التقية والصبر مسموم .. المكوار أنكسر وأنباعت الفاله
أم الشعر بارت فازن الكرعات ...والسيد تنحه وسادت حثاله
نجر حسرة ندم عضينه للأبهام .. وفرزنه الحجي والقيل والقاله
المؤمن من جحر ما يلدغ مرتين ..ميغشنه الحجي ومفضوحه أفعاله
نعوف الحجي اليوجع ننطر الصندوك ... ونقره الممحي ذكره ونعرف رجاله
وترد فرحة أهلنه والعراق يعود .. يفك باب المضيف وينصب دلاله
يصيح براسي صوت ومقتنع بالصوت ... اليحب شعبه وعراقه صوتي يحلاله
....


السبت، 9 مارس 2013

إضاءة -( من لم يمت بالسيف مات بقندره ) -حامد كعيد الجبوري



إضاءة
( من لم يمت بالسيف مات بقندره )
حامد كعيد الجبوري
     في عصر التكنولوجيا والعولمة ظهرت ثقافات جديدة قد تعد طارئة ، وربما بمرور السنين ستصبح ثقافة أساسية لبعض المجتمعات ، ومن هذه الثقافات الجديدة إضافة للثقافة الفنية والموسيقية ، وثقافة الأندية الرياضية ( الأسبانية ) ، هي ( الثقافة الحذائية ) ، والثقافة ( الحذائية ) ستتبناها حتما شركات عالمية لصنع الأحذية كشركة ( fan Hansen  ) ، أو شركة ( Bata  ) لتسريع وتعجيل بيع أحذيتها لتجني الأرباح المقررة لتلك الشركات ، والغريب أن ( ثقافة الأحذية ) تتبناها شريحتان مهمتان من شرائح المجتمعات المتحضرة ، الشريحة الأولى السوقة والعوام الذين لم يحصلوا على نصيبهم من التربية الأسرية ، و التعليم بكافة مراحله ، والشريحة الثانية هي شريحة السياسيون المثقفون بلغة ( القنادر ) ، وأملك أكثر من دليل كيف أستخدم الحذاء من قبل ساسة بارزين ، ( خروشوف ) رئيس الوزراء السوفيتي الذي خلع حذاءه وطرق به على الطاولة ليلفت انتباه الساسة لحديثه  عام 1960 م أثناء انعقاد دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة ، لذا منح لقبا عالميا ابتدعه رواد المقاهي العامة ، ولُعّابِ ( الدومينو والطاولي ) وهم يتشاتمون فيما بينهم بسبب موت ( الدو شيش ) وهذا اللقب هو ( شيخ الحذائّين )  ويقال أن حذاء خروشوف أصبح أشهر وأثمن حذاء على وجه البسيطة ، وحذاء أخر لم يصب الرئيس الأمريكي ( بوش الابن ) لأن الرامي – الزيدي -  لم يحسن أداء ضربة الجزاء الأولى  ، فأضطر لرمي ( التك - الفردة  ) الأخرى ، ولم يصب هدفه أيضا لأن ال ( بوش ) هذا كان مراوغا ماهرا ، وحادثة ( قندرية )  أخرى وقعت ب ( كافتريا ) أو قل مقهى البرلمان العراقي ، بطلتها البرلمانية عالية نصيف ، والبرلماني سلمان الجميلي ، لا علاقة لي بكيف ولم ومتى وأين لما حصل ، وعلاقتي بهذه الثقافة الحذائية التي سنت أخيرا ، وأعترف أني خاطبت الزعيم الراحل الشهيد عبد الكريم قاسم مؤخرا بقصيدة أردت منه استعمال حذاءه  واعترضت بها عليه بعد أن أطلق رسالته الإنسانية وقال ( عفا الله عما سلف ) ، كما نبهه لذلك شاعر العرب الأكبر الجواهري الذي قال ( فضيق الحبل وأشدد في خناقهم ) ، وأنا قلت للزعيم رحمه الله بأبيات شعبية منها
عفا الله ما سلف خنجرهم المسموم ..... أنذبح بيها النطقها وشعبه التعذب
دواهم تحت رجلك واضح ومعروف ... وبس هذا الدوه ومن طبه لا تعجب
سؤل أحد البرلمانيين بعد ملحمة بوش الحذائية ماذا يقيّم الموقف ؟ ، فأجاب ( أسألوا الحذائين ) ، وسؤل نفس البرلماني عن واقعة الجميلي ( البابوجية ) فقال ( حسنا فعلت عالية لأن الجميلي يستحق  الحذاء ) ،للإضاءة ........... فقط .