الاثنين، 30 أبريل 2012

قصة قصيرة-الذراع-عادل كامل

قصة قصيرة الذراع
إلى: يوسف الصائغ بعد قليل من الطرقات، فتح ( ص ) الباب، ليجد ثلاثة يرتدون الملابس الزرقاء وقد ارتسمت على أفواههم ابتسامة موحدة، وكاد لا يميز أيا ً منهم عن الآخر في الطول واللون والشكل عامة .. فبادرهم بالسؤال : ـ " هل تفتشون عن أحد ؟ " قالوا : ـ " كلا " أطمأن نسبيا ً ، فتشجع قائلا ً : ـ " تفضلوا .. أنني .. " قالوا بصيغة سؤال : ـ " الم ْ تفقد ذراعك ؟ " كان يعرف أنه فقد ذراعه منذ زمن بعيد .. فقال : ـ " هذا أكيد ! " وكاد يحدثهم عن السبب لولا أنه قرر ألا يورط نفسه في كلمة زائدة قد تؤدي به إلى ما لا يحمد عقباه . فقالوا : ـ " لقد عثرنا عليها " . صرخ بصوت مذعور، بصوت مخنوق : ـ " عظيم " . بيد أنه أضاف بصوت مرتجف : ـ " هل هذا أكيد ؟ " ـ " طبعا ً .. طبعا ً .. وهل لديك شك ؟ " ـ " أبدا ً .. وما الداعي للشك؟ " قال : ـ " لكنني لست بحاجة إليها " ذلك لأنه، قال بصوت مسموع، قد ألف حياته من غير ذراع .. بل أنه لا يريد أن تعود اليه ابدا ً : ذلك لأنه لم يرد أن ترجع فترجع بسببها ذكريات قديمة بالغة الاسى . ـ " لقد .. " وتلعثم متابعا ً : ـ " وما حاجتي إليها، بعد هذه السنوات ؟! " نظروا نظرة ثاقبة واحدة فشعر أن جسده يرتخي، يرتجف، وهو يسنده إلى الجدار.. كان يرى ثلاثة أشباح في شبح واحد : صفر .. لون ترابي مبيض .. مسود .. فيزداد زرقة فجأة .. ثم يعود لون التراب .." ترى ما الذي يمكن أن أقوله ؟" كذلك دار بخلده أنه لن يفسد حياته الهادئة بأعتراض . فقال : ـ " أشكركم .. إنني أشكركم .. " قالوا : ـ " على م َ تشكرنا ؟ " أجاب وهو يكتم صرخات كاد تغادره : ـ " على ... " وتلعثم مرة ثانية . لكنهم سألوه : ـ " إذا ً فقدت ذراعك ..؟ " ـ " نعم .. لا .. نعم لا .. " قالوا بصوت مرتفع وموحد: ـ " حدد ! " قال بعد تعاقب شهيق وزفير شديدين محاولا ً الحفاظ على الثبات في وقفته : ـ " إنني .. لا .. لا .. لا أعترض " صمتوا ثم قالوا في الحال: ـ " خذ " أمسك برزمة صغيرة .. ولم يعد يرى أيا ً منهم .. وعندما دخل إلى البيت جلس يستعيد قواه .. ولا يعرف متى آفاق من الاغماءة عندما فتح الرزمة ليجد فيها ثمة عظما ً واحدا ً مثلوما ً من الوسط والاطراف . مجلة اليمامة السعودية / العدد 890 / 1406 للهجرة

الشعر الشعبـي فـي الوجـدان العراقــي قراءة في قصيدة مظفر النواب ( الريل وحمد ) بقلم : فارس حامد عبد الكريم wlmailhtml:/mc/compose?to=farisalajrish@maktoob.com الشعر الشعبي لحن عميق الحزن ينبعث من عمق الوجدان العراقـي ، وهو الآه الوطنية في صورة قصيدة ولحن يعبران عن الضمير الشعبي العراقي النقي .. وكان الشعر الشعبي وما برح يغرد بالحب والالم وجفاء الحبيب والغربة والوطن .. وعلاقة الشعر الشعبي بالوطن علاقة الجذر بالأرض .. علاقة لا تجد فكاكاً في الحياة او بعد الموت، فالعلاقة روحية وسرمدية .. فالجذر باق في اية حال كانت عليها الارض رمز الوطن والوطنية. مظفر النواب في اسطورته ( الريل وحمد ) يمزج بين الحقيقة والمجاز .. بين الواقع والرمز..كانت محاورة مظفر للريل ( القطـار ) وجدانية تتراوح بين الرقة والشدة . الا ان الريل يبقى سائراً ولا يقف كما يتمنى قلب مظفر النواب .او ما حاولت روحه ان تدركه.. لان اهل الهوى ( امجيمين ) يعيق صدأ العشق القديم المتجدد دوماً حركتهم ولان القطار يسير مسرعاً على سكة .. والسكة من حديد .. فلم يكن هناك من امل للاستجابة .. رغم اوامر مظفر التواب احياناً وتوسلاته احياناَ اخرى… إن مأسي العراق والعراقيين التاريخية المزمنة كانت بحاجة إلى شاعر مثل مظفر النواب ومثل عريان السيد خلف فضلاً عن الجواهري والسياب ونازك الملائكة وشعراء اخرين مبدعين ،وكانت بحاجة ايضاً الى مطربين مثل حضيري ابو عزيز وداخل حسن وصولاً الى ياس خضر وحسين نعمة وجيل الشباب الذي عاصرهما ، ليكونوا قصيدة واغنية حزينة لتلك المآسي وضماداً لجراحها الغائرة في عمق الوجدان العراقي. يقول مظفر النواب عن الريل وحمد (..وقد كتبت هذه القصيدة ولم يكن يدور في ذهني اني سأطبعها في يوم ما، او انها ستنتشر هكذا، وتثير كل هذا الاهتمام، كتبتها لانني شعرت بها، شكلت لي بهجة داخلية، غناء وجدانياً، وكنت اكتبها في ظروف خاصة واضعاً القلم والورقة تحت وسادتي ناهضاً ليلاً لأدون بعض المقاطع في الظلمة ثم أنام. كتبت هذه القصيدة عام 1956 وأكملتها عام 1958، ….. لقد فتحت الريل وحمد بمفرداتها المتداولة بين الناس أبواباً جديدة أمام القصيدة العامية. ومن العوامل التي أثرت في كتابتها ممارستي للرسم، والأجواء العائلية المشبعة بالموسيقى -كان والدي يعزف على العود، ووالدتي على البيانو والأجواء الكربلائية. كل هذه العوامل لعبت دورها في بناء القصيدة، وتشكيل عالم مختلف في الريل وحمد عن غيره في القصائد العامية الأخرى..) (1) لا شك ان الالهام والعبقرية يأتيان هكذا ، شيئأ ما في داخلك يوقظك من نومك ، شيئاً يريد ان يولد ويظهر للعالم الخارجي ولا يدعك تنام حتى تنحته من الحلم والوجدان. كانت محاورة مظفر للريل ( القطـار ) وجدانية تتراوح بين الرقة والشدة .وجدان ابن الريف وعشقه الرومانسي بلغة ووجدان الشاعر كما يريد هو ان يرسم صورته من بما تتضمنه من الوان وصور وموسيقى وهكذا تبدأ الحكاية السرمدية(2): ( مرّينه بيكم حمد , واحنه ابقطار الليل واسمعنه , دك اكهوه … وشمينه ريحة هيل يا ريل … صيح ابقهر … صيحة عشك , يا ريل هودر هواهم , ولك , حدر السنابل كطه ) اذاً اللوحة تُرسم هكذا .. رائحة القهوة والهيل في ذاكرة الحبيبة تتعاصر مع مرور الريل بمضارب الحبيب ( حمد ) فيرتقي الحب بعنفوانه وذاكرته المريرة الى الصياح بحزن ممزوج بالالم ( ابقهر )، وللعشق صراخ بلغة الصمت يتمنى مظفر النواب (على لسان الحبيبة) في دواخله ان يجسده الريل بصرخاته المعهودة … صراخ بلغة الريل .لا بلغة الصمت .كان هناك تناغم من نوع ما ، فصرخة القهر العراقي المكتوم تاريخياً لا توازيها الا صرخة الريل . الا ان روح حمد تنادي من بعيد على ( ابو محابس شذر) ويترجى الريل الا يحث الخطى مسرعاً بالفراق والهجر، كما كان الحب الذي في خاطره يوماً ما ، وان يسير بدلال ( ابغنج ) ، فالهوى في القلب باق ( بعد ما مات ) فنراه يقول : ( يا بو محابس شذر , يلشاد خزامات يا ريل بللّه .. ابغنج من تجزي بام شامات ولا تمشي .. مشية هجر … كلبي.. بعد ما مات وهودر هواهم ولك حدر السنابل كطه ) الا ان الريل يبقى سائراً ولا يقف كما يتمنى قلب حمد .او ما حاولت روحه ان تدركه.. لان اهل الهوى (امجيمين ) يعيق صدأ العشق القديم المتجدد دوماً حركتهم ولان القطار يسير على سكة .. والسكة من حديد … .فلم يكن هناك من امل للاستجابة والتوافق.. رغم اوامر (مظفر التواب) الحدية احياناً وتوسلاته احياناَ اخرى: ( جيزي المحطة.. بحزن .. وونين .. يفراكين ما ونسونه ,ابعشكهم… موعيب تتونسين ؟ يا ريل جيّم حزن… اهل الهوى امجيمين وهودر هواهم ولك حدر السنابل كطه ) الا ان طول البعاد والفراق زرع الشك في قلب المعشوقة ، فتراها تظن الظنون وتعبـر عن خيبـة الأمـل ( ياريل طلعوا دغش) ، فالسنابل وهمية ما هي الا (دغش) والعشق مجرد ( كذبة ) وجرح الانتظار الذي طال العمر كله لم يضمده الحبيب بالحرارة والشوق وعندها تغني بحزن على طريقة مظفر النواب: ( يا ريل طلعوا دغش… والعشق جذابي دك بيّه كل العمر… ما يطفه عطابي تتوالف ويه الدرب وترابك .. ترابي وهودر هواهم ولك.. حدر السنابل كطه ) ولكن المعشوقة تدرك بقلبها ما لا يدركه الريل والناس اجمعين .فلا يناسبها في هذه الحياة غير حمد ( ما لوكن لغيره ) وتحكي للريل متذكرة ايام الطفولة حينما كانوا يلعبون سوياً لعبة القفز التي يمارسها الاطفال عادة في مدن وقرى العراق ( يا ريل باول زغرنه… لعبنه طفيره.) ، وان ( الدغش ) وان وجد بين السنابل فانه يتواجد طائر ( الكطة ) ايضاً كصفة جمال لكل جميل ، فتراها تعود نادمة وقد هزها الشوق لتقول: ( آنه ارد الوك الحمد .. ما لوكن لغيره يجفّلني برد الصبح .. وتلجلج الليره يا ريل باول زغرنه… لعبنه طفيره وهودر هواهم ولك .. حدر السنابل كطه ) وفي قمة اشواقها ، ترسم صورة ملونة لحمد، بريشة مظفر النواب السريالية، صورة تجمع بين الفضة والعرس والنركيلة والشذر ، وترجو من الريل ان يخفف من سيره ( ثكل يبويه )، فالبرد وحده من احتضن الجسد وغاب دفء الحب والحبيب (كضبة دفو , يا نهد ، لملمك … برد الصبح ) ( ويرجنك فراكين الهوه … يا سرح) فتذهب بخيالها الى القول كأن حمد .. : ( جن حمد…. فضة عرس جن حمد نركيله مدكك بي الشذر ومشلّه اشليله يا ريل…. ثكل يبويه.. وخل أناغي بحزن منغه… ويحن الكطه كضبة دفو , يا نهد لملمك … برد الصبح ويرجنك فراكين الهوه … يا سرح ) الا ان الريل يستمر في صراخه ، فتهيج الجروح ويفز الكطه من احلامه وقد يهرب ، فترجوه باسلوب النهي الا يفعل : ( يا ريل…. لا.. لا تفزّزهن تهيج الجرح خليهن يهودرن.. حدر الحراير كطه جن كذلتك… والشمس… والهوة… هلهوله شلايل برسيم… والبرسيم إله سوله واذري ذهب يا مشط يلخلك…اشطوله ! بطول الشعر … ) الا ان الحب الذي ملأ العيون ضحكات وحكايات لا يدوم كما يبدو: ( والهوى البارد…. ينيم الكطه تو العيون امتلن …. ضحجات … وسواليف ونهودي زمّن… والطيور الزغيره… تزيف ) الا ان الريل يمضي وتجرف مياه النهر الحب الذي فقد مجاديفه ، فنراها تقول بحسرة : ( يا ريل … سيّس هوانه وما إله مجاذيف وهودر هواهم ولك… حدر السنابل كطه ) ومظفر النواب الذي طاردته السلطات في كل مكان وزمان ، رمز من رموز العراق الحديث ونهرا لا ينضب يجود بالعطاء المتميز ، فقد نظم الشعر بالفصحى بنوعيها العمودي والحر ونظم كذلك قصائدالشعر الشعبي ولم يفارقه الابداع في كلاهما. اما بعد … فان لقصيدة ( الريل وحمد ) قراءات مختلفة ، وهذه هي سمة العمل الابداعي ،لا تجد له قراءة واحدة وقد تتطور قراءته مع الزمن ليساير الفهم السائد للأمور حتى في عصور لاحقة .وهكذا قيل ان العمل الابداعي ونتاج العبقرية يبقى خالداً على مدى الدهر ، وهكذا خلدت المعلقات ولم تستطع الدهور المتعاقبة ان ( تاكل عليها وتشرب ) (3) او ان تنال من روعتها وعنفوانها الاول . وعن الشعر الشعبي يقول مظفر النواب (أما العامية فهي مثل الطين المختمر. في أول زيارة لي لأهوار جنوب العراق شعرت بذلك، الهور مائي وطيني وطبيعته إنسيابية والماء فيه يتشكل، كذلك الطين، بأشكال عدة وأيضاً يجب التعامل مع العامية بمحبة حتى يتشكل هذا الطين مثلما نريد.). وعلى هذا النحو قرأت قصيدة الريل وحمد قراءة سياسية من قبل بعض النقاد، مبررين ذلك بالقول ان الفلاح لا يتحدث بهكذا لغة وان النواب اراد ان يقول شيئاً اخر بلغة الرمز. (4) ……………………………………… الهوامش: 1ـ تصريح مظفر النواب ، جريدة الشرق الأوسط – لندن ، العدد رقم 7640، الجمعة 29 أكتوبر 1999. 2ـ يعرب كثير من اصدقائي في الوطن العربي عن اعجابهم بقصيدة ( الريل وحمد ) الا انهم وكما يقولون لا يفهمون معاني بعض كلماتها لانها باللهجة الشعبية ، وعلى هذا جعلت من هذا المقال قراءة في القصيدة ، تتضمن المعاني بين سطوره. 3 ـ تقول العرب عن الشيء الذي فات أوانه ( اكل الدهر عليه وشرب ) ، فان اكلت وشربت على شيء لم يبق منه شيء. 4ـ حول القراءات الاخرى للقصيدة، انظر: الشرق الاوسط ـ المصدر السابق. وكذلك انظر: جواد الحسن ، الحوار المتمدن ، العدد 2100 في 15/11/2007. وانظر كذلك : صافي ناز كاظم ، الشرق الاوسط، العدد 10148 ،الاحد 10 سبتمبر 2006.

الجمعة، 27 أبريل 2012

أضاءة ( حليب الصخَل ) !!! حامد كعيد الجبوري

أضاءة ( حليب الصخَل ) !!!
حامد كعيد الجبوري بدءا لمن لا يعرف من هو ( الصخل ) لأنها مفردة عراقية وذلك يستوجب التوضيح ، ( الصخل ) هو ( العنز ) ذكر ( العنزة ) في اللغة العربية ، وهكذا يسمونه في الكثير من بلدان العرب ، الظاهر أن التخلف والأمية والجهل هما القاسم المشترك لسياسيِّ أيامنا النحس والمكدرة في العراق حصرا ، وفي بلدان العالم الثالث عموما ، وكل ساسة العالم بما فيهم ساسة البلدان المتخلفة تحاول جاهدة رفع المستوى الثقافي لدى شعوبها إلا في العراق ، فالساسة العراقيون رضي الله عنهم وأرضاهم يريدون لهذا الشعب البقاء على تخلفه ليحصدوا أصواتهم وكراسيهم ومنافعهم الشخصية من خلال هذا التخلف ، حدثني من أثق به أن حاجا عراقيا لبيت الله الحرام يسأل حاجا آخر مثله قائلا له وهما يطوفان حول الكعبة الشريفة لأداء مناسك حجهم ، قال لصاحبه ( بروح أبوك هو هذا الكبر ؟ ) ، أجابه الآخر ( أي قبر تعني ؟ ) ، رد السائل قائلا ( مو الله مدفون هنا ؟ ) ، أجاب الآخر بعصبية واضحة ( ليش هو الله يموت ، وحتى لو يموت وين يكفي هذا الكبر ) ، بمثل هذه العقليات تسلق ( شعيط ومعيط ) لسدة الكراسي السنية والشيعية وحتى العلمانية كما يقول الشاعر الكبير موفق محمد ، قبل سنين كنت أسخر من أحد التجار الذي يبحث عند مربي الدجاج عن ( ديك ) يبيض ، قلت له وهل الديك يبيض ؟ ، قال لا ولكن يحدث أن أحد ( الديكة ) ولتشوه بجيناته الوراثية يبيض ، قلت وما تفعل ببيضته ؟ ، قال أنه يأخذها لأحد السحرة ويقرأ عليها بعضا من تعاويذه لقاء مبلغ كبير من المال ، قلت وما تصنع بها ؟ ، أجابني أنها تجلب لي الرزق الوفير ، قلت له أنك أغنى تاجر أعرفه ألا يكفيك ذلك ؟ ، قال زيادة في الخير والمال ، هززت يدي أمامه مستهجنا قوله وفعلته ومعتقده الخرافي ، اليوم تذكرت صاحب البيضة بسبب ما نقل لي عن خرافة لا تصدق ، تحدث أحدهم بأن أحد أولياء الله قد زاره بمنامه قائلا له ، أذهب غدا الى المدينة ...ن ... وهناك تاجر يبيع الماشية أسمه .... وأشتري منه ( الصخل ) الكبير ذو اللون الذهبي وقرنه الأيمن مكسورا بأي ثمن يطلبه ، وفعلا بكَرَ صاحبنا القديس وذهب حيث أمره ولي الله وفعلا وجد ضالته عند التاجر كما يزعم ، وتاجر الماشية بداخله يريد أن يبيع ذلك ( الصخل ) لأن الجزارين لا يذبحونه بسبب ( زفرة لحمه ) ، ومثل هكذا ( صخل ) لا يستخدم إلا للتلقيح الجنسي ، وفعلا تمت الصفقة وجلب صاحبنا ( صخله ) ونفذ ما أمره ولي الله زائر المنام ، أشيع بعد أيام أن صاحبنا يملك ( صخلا ) ينتج كل يوم قدحا واحدا من الحليب ، واستكمالا قيل أن لهذا الحليب قدرة على أن يشفي مرضى ضغط الدم ومرضى السكري تحديدا ، ولأن الكثير من العراقيين مصابون بهذه الأمراض لذا أصبح بيت صاحبنا مزارا ومقصدا لهؤلاء المرضى ، كل فجر يتجمهر الناس أما باب دار صاحبنا ويخرج عليهم بقدح من الحليب الطازج ويقسمه بأقداح الشاي ليصبح أربعة أقداح صغيرة يبيع كل قدح ب 100 إلف دينار عراقي ، ( ومن هل المال ، حمل جمال ) ، للإضاءة ....فقط .

غالب المسعودي - الالوهة المؤنثة واللذة المحرمة

بين الماضي والحاضر-حامد كعيد الجبوري

إضاءة بين الماضي والحاضر( صدام )!! يبعث من جديد ؟ حامد كعيد الجبوري للجمال وجوه مختلفة وعديدة ، والقبح ليس له إلا وجها واحدا ، الديمقراطية لها أوجها عديدة ، وللدكتاتورية وجه واحد ، العيش بسلام وأمن بوجه واحد ، والقتل ليس من معطياته إلا الموت ، الطيب – العطر – له أكثر من رائحة تتسامى لتكن هي الأذكى ، والرائحة الكريهة النتنة ليس لها إلا ما يشبهها بنتانتها ، كل هذه التداخلات بسبب حديث تذكرته للطاغية ( صدام حسين ) وهو يزور أحدى المدارس الابتدائية ويلتقي بفلذات أكبادنا الطلاب ، قال لهم صحيح أن الفاكهة ( الموز ) غير متوفرة في أسواقنا المحلية بسبب الحصار الجائر الذي فرض على عراقنا ، وحسنا فعل من حاصرنا ليمنعها ويحرّمها على أطفالنا ، هذه الفاكهة التي تحبونها تسبب لكم - الأطفال - بشكل خاص تسوس الأسنان ، وهنا صفق مدير المدرسة ومعلموها للحكمة التي بشّر بها قائدهم الضرورة ، وكثيرة مثل هكذا تنظيرات طلع بها علينا قائدنا الضرورة الملحة والمُمَلحة ، اليوم بعد التغيير الذي أخذ من عمر الزمن ومن أعمارنا تسع سنين عجاف ونحن نرفل بخير لا يعرفه إلا من عاش معنا ولنا ، أغرقت أسواقنا بما لذ وطاب من بضاعة استهلاكية منتهية الصلاحية والرداءة ، دواء للمرضى من مصادر لا وجود لها على الساحات العالمية ، ناهيك عن عدم صلاحيتها وفاعليتها بالعلاج ، أستورد التجار وخارج الضوابط العالمية والعراقية المعتمدة كل نفايات دول العالم من السيارات سيئة الصنع والمصدر ، والحديث بخصوص الفواكه والخضر لا يصدق ولا يعقل في ما نجده في السوق العراقي ، وبدأت الحكومة ولا أقول الدولة تخطو نحو تحجيم الاستيراد وحسنا تفعل كما نظن ، ولكن بدأت بما يخص المواطن وطعام الفقراء فقط ، وتركت الانسيابية والتسيب بكل مفاصل التجارة من سلع وسيارات وأدوية ترفض دخولها لبلدانها ( موزمبيق وأرتيريا ) ، والغريب يخرج على الناس مصرحا لنا بما تدفق به عقل وزارة الزراعة ليقول (( نعلم أن سعر ( كيلوغرام ) الطماطم وصل لأكثر من ( 2500 ) دينار عراقي ، ونقول للمواطن أمتنع عن الطماطم لشهر واحد وسوف تجد الطماطم المحلية تملأ الأسواق )) ، ما أشبه اليوم بالبارحة ، وما أشبه مليار ونصف دولار أمريكي يصرف على قمة عربية لم تجلب للعراق سوى التناحر والتصريحات الفجة من هنا وهناك ، ولا ننسى تلك القصور التي أسماها صدامنا العظيم والمعظم بقصور الشعب ، كما خضراء الشعب المقدسة والمبجلة ، للإضاءة .... فقط .

دعارة الأطفال في البصرة: «انهم طيبو القلب-البصرة - سليم الوزان

دعارة الأطفال في البصرة: «انهم طيبو القلب يحبونني ويجلبون لي الهدايا والسجائر»
كان ناجي في الثانية عشرة من عمره عندما اتجه للعمل حمالا في أسواق البصرة. معوزاً دون أب أو راع يحميه ، سرقته حياة الشارع إلى التدخين وإدمان الأقراص المخدّرة. بعدها بثلاث سنوات انجرف إلى بيع جسده.يدخّن ناجي بشراهة وتبدو نظراته زائغة وهو يسحب عربته الحديد الثقيلة لنقل بضاعة المتسوقين إلى أقرب كراج للسيارات بالعشّار، مركز محافظة البصرة.لم يكترث كثيراً بالسؤال عن سبب انخراطه في بيع جسده، فهو لا يعي شيئاً عن الاستغلال الجنسي أو مصطلحات من هذا النوع. كان يكتفي بابتسامة عريضة قائلا: «حبيبي.. أنا أولا أحصل على المال لأعيش، ومن ثم أحصل على المتعة والوناسة». بحسب فهم ناجي فإن الأشخاص الذين يمارسون الجنس معه «عطوفون وكرماء». ويتابع «انهم طيبو القلب يحبوني ويجلبون لي الملابس والهدايا، والسجائر في بعض الأحيان».ويعيل هذا الطفل ثلاثة أخوة يصغرونه سنّا وأماً فقدت زوجها في حرب 2003. وهو يترك عائلته أياماً لا يسأل عنه أحد. يقول ساخرا «أعود إليهم ومعي نقود ترضيهم وتغلق أفواههم». أكثر من صورة لناجي تجدها تتكرر في أنحاء متفرقة من المحافظة الجنوبية التي اجتذبت ما يناهز المليون نازح من المحافظات الأخرى خلال السنوات القليلة الماضية. أطفال بثياب رثة ووجوه متسخة ينتشرون في أسواق البصرة، يمتهنون أبسط الأعمال وأرذلها.»أبو الجاف» ينادي أحمد على زميله ناجي، وكأنه رجل مكتمل النضوج. أحمد لا يتعاطى «الكبسلة»، لكنه أيضا يعرض جسده الهزيل مقابل خمسة دولارات أو عشرة.يلقب أحمد في السوق - وهو في الرابعة عشرة من عمره- بـ «أبو شهاب»، وينحدر من عائلة جرى تهجيرها من محافظة بابل في 2006 خلال الصراع الطائفي الدموي الذي اندلع بين الشيعة والسنة. «بعد وفاة والدي وجدت نفسي مع عربتي هنا»، بدأ أحمد الكلام عن نفسه، متابعا «لم يتحمل أحد من أقاربنا مسؤوليتنا لذا تركت المدرسة لأعمل حمالا في السوق». يعيش أحمد مع والدته في «الحواسم». تلك المناطق أشبه بأحياء صفيح تحيط المدينة وتضم خليطاً غريباً من العائلات المسحوقة والنازحة من المحافظات الأخرى والمهجّرين جراء الصراع الطائفي. الأهالي يسمون أحزمة البؤس تلك بالحواسم كاشتقاق شعبي تهكمي من حرب 2003 التي دعاها صدام بمعركة الحسم. هكذا بات وصف «الحواسم» يطلق على كل شيء غير قانوني.ومع حالة الانفلات الأمني وسيطرة الميليشيات المسلحة على المدينة بين 2003 و2008 تفاقمت أوضاع هذه الأحياء سوءً، وما زالت الى الآن رغم الاستقرار النسبي تفرخ جيوشاً من الصغار الذين لا يهمهم سوى الحصول على قدر من المال بأي وسيلة. يقول أحمد الذي يبدو عليه الاضطراب والتردد «منزلنا مكون من غرفة واحدة في بيت مشترك مع ثلاث عائلات أخرى»، ويضيف أن أمه تأمره بالعمل كل يوم. «إذا لم أجلب نقودا أنام في الطريق». المتجول في سوق العشار المركزي يعثر بسهولة على رفاق ناجي وأحمد. عشرات من الأطفال الحمالين وباعة أكياس النايلون والمتسولين يتقاتلون على بقايا الطعام والهبات. وإزاء ضعف الأجسام الظاهر وأعمارهم الصغيرة ينقلب هؤلاء في كثير من الأحيان إلى أشخاص خطرين أو عدائيين. أحمد مثلا الذي يبدو انطوائيا وخجولا يخفي تحت ثيابه سكيناً ذا قبضة جلدية. ويبرر ذلك بالقول «يزاحمني بعض الأولاد على مكاني في السوق، وأضطر لمواجهة شباب يكبرونني بالسن، كما أن التحرك في الليل خطر».في أزقة الأسواق تلاحق أحمد وسواه من الأطفال النظرات المريبة والألفاظ المشينة. غير أنه حسب قوله لا يكترث. «مهنة الحمالة لا توفر مردوداً ثابتاً بينما تطالبني أمي بالمال يومياً»، يعلّق. وعلى حد قوله كون علاقات حميمة مع بعض تجار السوق. «هناك رجل يأخذني معه فأبيت معه ليلة أو اثنتين، وفي بعض الأوقات يتركني مع أصدقائه». مضيفا بأن هذا التاجر أصبح «صديقاً للعائلة». وفقا للقانون العراقي تصل عقوبة مستغل الأطفال جنسياً إلى الإعدام أحيانا لكنها قلما تطبق فعليا. أما الطفل فلا عقوبة بحقه إلا في حال ارتكابه جنحة فيودع في ما يسمى بمدرسة إصلاح الفتيان.ورغم تشدد القانون إلا أن الصغار غير محميون، يقول المحامي طارق الابرسيم، «فالشرطة لا تقوم بدورها في مراقبة ظاهرة الاستغلال الجنسي والقوانين لا تطبق». خطة محافظة البصرة في تشكيل قوة من الشرطة المجتمعية على غرار بغداد ومحافظات أخرى للحد من هكذا ظواهر باءت بالفشل. إذ جرى إيقاف عمل الشرطة المجتمعية في آذار (مارس) الماضي بعد وقت قصير من افتتاح أول مركز لها في قضاء الزبير، بسبب اعتراض أعضاء مجلس المحافظة عند طرح الملف على التصويت. ويناط بالشرطة المجتمعية التابعة لوزارة الداخلية متابعة مشكلات الأحياء مع المخاتير والوجهاء ورؤساء العشائر، والتحري عن العابثين بالأمن، ووضع حد لحالات العنف المنتشرة، وهي تعرّف نفسها «وسيطا بين أجهزة الأمن وشرائح المجتمع».وبحسب تجار في سوق العشّار، فإن مستغلي الأطفال معروفون في المنطقة ومن السهل تعقب أثرهم. ويقول (طالب. م) وهو صاحب محل لبيع الألبان أن «لا أحد منا يرغب بالتدخل مخافة منهم والحكومة لا تتدخل هي الأخرى».ويضيف أن «بعض هؤلاء يأتي على دراجات نارية أو في سيارات حديثة وهم أشخاص خطرون جداً يستدرجون الصغار ساعات الظهيرة أو المساء إلى أماكن خاصة ليمارسوا معهم اللواط كما يستغلونهم في الدعارة والسرقة وتعاطي المخدرات». ويشير هذا التاجر إلى أصحاب متاجر آخرين مشهورين في السوق باعتدائهم على الأطفال. «انهم يتفاخرون في جلساتهم الخاصة بعدد الأطفال الذي اعتدوا على براءتهم». لكن المحامي طارق الابريسم يشير إلى أن الكثير من قضايا استغلال الاطفال تحل عشائرياً وبمعزل عن الحكومة. في قضاء الزبير مثلا، الذي يبعد 20 كلم عن مركز البصرة، اكتشف قبل أيام أمر أحد مغتصبي الأطفال، لكن القضية جرى حلها عشائرياً بترحيل الجاني من المنطقة وإرغامه على دفع «الفصل» وهو مبلغ من المال تحدده عشيرة الضحية.فضلا عن الدور الأمني، تغيب برامج الرعاية الاجتماعية لسد حاجة أسر أولئك الاطفال ما يجبرهم على الدخول في علاقات عمل مبكرة وخطرة. فراتب الرعاية الاجتماعية للأسرة المكونة من خمسة أشخاص لا يزيد على 120 ألف دينار (حوالي 100 دولار شهرياً)، وهو مبلغ وصفه وزير العمل والشؤون الاجتماعية نصار الربيعي في معرض انتقاده لموازنة عام 2012 بأنه «يمثل انتهاكا صارخا لقدسية كرامة الانسان العراقي».وكانت الوزارة ضمن ما يسمى «استراتيجية التخفيف من الفقر» حددت الحد الادنى لدخل للعائلة العراقية المكونة من خمسة أشخاص في ظل التضخم الموجود بـ 400 الف دينار عراقي، وهو رقم بعيد جدا عن ما تتقاضاه أسرتي أحمد وناجي. ولا يمكن الكشف عن أعداد الصبية العاملين في الأسواق الذين يتعرضون للاستغلال الجنسي، فأغلبهم يتحاشون التطرق للموضوع، كما أنهم يخضعون لأشخاص يفرضون عليهم التزام الصمت لكن الظاهرة تنتشر بشكل مكثف وفق متابعين في المناطق التي تعرضت للتهجير القسري.واظهرت دراسة تعود للعام 2008 أعدتها منظمة حقوق انسان عراقية ان 72 بالمئة من أطفال الأسر المهجرة في مدينة الناصرية القريبة من البصرة يمارسون أعمالا لا تتناسب مع أعمارهم، مثل تنظيف الشوارع والحمالة، ويمضي بعضهم أكثر من سبع ساعات عمل بشكل متواصل دو راحة. وشملت الدراسة التي أعدتها منظمة الأمل العراقية 411 أسرة لديها 1243 طفلا، وقالت ان هناك منهم من يمارس أفعالا انحرافية مثل بيع العقاقير المخدرة والدعارة. ويقول سامي تومان الناشط في حقوق الانسان، «الأمر لا يختلف كثيرا في البصرة رغم ان مدينتنا هي الأغنى في الموارد والنفط والتجارة البحرية على مستوى العراق». بالنسبة لهذا الناشط، فإن ظاهرة استغلال الأطفال هي وليدة أوضاع غير طبيعية مرّ بها المجتمع العراقي خلال العقود الثلاثة الماضية. ويضيف تومان في هذا الصدد أن «هؤلاء الأطفال لا يمتلكون حق الاعتراض على واقعهم وظروفهم الأسرية وهم ضحايا لمجتمع مفكك ومحطم حكم عليهم بأن تتوقف حياتهم قبل أن تبدأ». ناجي الذي لا يجيد القراءة والكتابة يعبّر بطريقة أخرى عن ذلك: «لا أفكر في يوم غد. أفكر فقط كيف بامكاني ان أمضي يومي هذا»، يقول، ويمضي جارّا عربته في السوق باحثا عن زبون ينتهك ما تبقى لديه من طفولة.

الثلاثاء، 24 أبريل 2012

الإتحاد العام للأدباء والكتاب العراقيين / بابل-يضيّف الكاتب ( محمد علي محي الدين )




الإتحاد العام للأدباء والكتاب العراقيين / بابل
يضيّف الكاتب ( محمد علي محي الدين )
حامد كعيد الجبوري
مساء يوم الخميس 19 / 4 / 2012 م وعلى قاعة الشهيد ( قاسم عبد الأمير عجام ) ضيّف الإتحاد العام للأدباء والكتاب العراقيين / بابل الباحث والكاتب والشاعر محمد علي محي الدين ) ، تحدث بدءا مدير الجلسة ( حامد كعيد الجبوري ) عن السيرة الذاتية للباحث ( محي الدين ) ، ومحي الدين ولد عام 1950 في محافظة بابل / القاسم ودرس في مدارسها ، وبسبب الظروف الأقتصادية وعوامل أخرى اضطر لترك الدراسة الإعدادية وانصرف للتثقيف الذاتي والدراسة الخارجية ، وتربية أسرته وأداء رسالته الأبوية ، وقد بدأ في سن مبكرة بكتابة خواطر شعرية رأى بعضها النور من خلال نشره في بعض الصحف والمجلات ، و لقي تشجيعا كبيرا من عمه المرحوم الدكتور ( عبد الرزاق محيي الدين ) على الكتابة والنشر في الصحف والمجلات وكان يسدد خطواته بما يبدي من تشجيع ومتابعة ومراجعة لبعض ما يكتب ، وقام رحمه الله بتوجيهه لقراءة كتب البلاغة فكان لها تأثيرها على التجويد في الكتابة وتجنب المزالق المختلفة ، وكانت الصحف والمجلات في العراق تصدر بأشراف الدولة ورقابتها ، وهيمن عليها المقربون من السلطة فكان ينشر نتاجه الأدبي في مجلة التراث الشعبي وأفاق عربية ، وأذيعت بعض القصائد من البرامج التي تقدم من الإذاعة العراقية ، وتوقف عن الكتابة بعد سنة 1978 بسبب الظروف التي مر بها العراق ، وبدأ بعد هذه السنة بالتوجه للدراسات الشعبية ، فكتب آلاف الصفحات في التراث الشعبي العراقي وجمع ميدانيا الكثير من الفنون الشعرية الشعبية ك( الدارمي والموال والأبوذية) ، وجمع الكثير مما يتعلق بالعادات والتقاليد الشعبية ، ثم بوبها في كتب منفصلة تناولت شتى المعارف الشعبية ولم ينشر شيئا منها في المجلات بسبب الظروف التي تمر بها البلاد ، فتكون من ذلك نتاجا ثرا كبيرا قام بعد فترة بطباعتها ، بعد سقوط النظام بدأ في نشر هذا النتاج في الصحف والمجلات العراقية ، وبدأ يشارك بالنشاط الثقافي والمهرجانات والمؤتمرات بعد الانفتاح الكبير الذي رافق التغيير ، وأسهم بشكل فاعل في النشاط السياسي والمجتمعي والكتابة عن الهم العراقي ، ونشر مئات المقالات في الصحف والمجلات العراقية ، منها الصباح والمدى وطريق الشعب والفيحاء والحوار والبينة والاتحاد والأهالي والفتح والمؤتمر والشرارة والشباب الجديد وغيرها .
وتحدث الدكتور ( صباح نوري المرزوك ) عن المنجز الذي حققه ( محي الدين ) وعن مؤلفاته وهي :
المؤلفات المطبوعة:
1- كاظم الجاسم ودوره في الحركة الوطنية / دار الفرات للثقافة والإعلام في الحلة 2011 م
2- أضواء على عملية الهروب من سجن الحلة / دار الفرات للثقافة والإعلام في الحلة 2011م
3- دليل الشعراء الشعبيين في الحلة ج1/ دار الفرات للثقافة والإعلام في الحلة 2011م
4- رجال في ذاكرة الوطن / دار الفرات للثقافة والإعلام في الحلة 2011 م
5- الدارمي أو غزل البنات / دراسة فنية لفن معروف من فنون الأدب الشعبي
6- كتب في الميزان / دار الفرات للثقافة والإعلام في الحلة 2011 م
7- في الأفق الأدبي/ دار الفرات للثقافة والإعلام في الحلة 2012 م مجموعة دراسات أدبية تناول فيها شاعر الشعب محمد صالح بحر العلوم وقصيدته أين حقي
8- ديوان المثاني :يحتوى على أكثر من 200 رباعية
9- واقع المرأة في عراق ما بعد التغيير / بالمشاركة / صدر عن مؤسسة الحوار المتمدن 2008 م
وله كتب معدة للطب وهي :
1- حكايات أبي زاهد جزآن
2- ديوان أغاني القافلة شعر شعبي يحتوي على أكثر من 60 قصيدة تناولت مختلف الأغراض.
3- دفاعا عن 14 تموز/ كتاب ضم بين دفتيه مجموعة من الدراسات التي تناولت ثورة 14 تموز/1958
4- في الموروث الشعبي/ دراسات وبحوث في الأدب الشعبي والفولكلور العراقي نشرت في الصحف والمجلات العراقية.
5- آراء ومواقف في العلمانية واليسار
6- بعد الرحيل . ما قيل أو كتب عن الدكتور عبد الرزاق محيي الدين بعد وفاته.
7- مقالات في الشأن العراقي
8- الديمقراطية والانتخابات في العراق
9- الدين والمجتمع
10- آراء ومواقف / سلسلة مقالات ثبت فيها مواقفه حيال بعض المنعطفات الحادة في العراق وبين فيها موقفه منها.
حصاد العمر/ تناول فيها سيرة المناضل الشيوعي عبد الجبار علي أحد أبطال معركة أهوار الغموكة
11 _ محطات في حياة المناضل معن جواد

12 - الأبوذية.. فن عراقي أصيل
وتحدث الشاعر جبار الكواز رئيس الإتحاد فرع بابل عن ما أثاره كتاب ( أضواء على الهروب من سجن الحلة ) ، معتبرا هذا المنجز المنصف والموثق لحادثة الهروب من سجن الحلة الدكتاتوري مرجعا تاريخيا لمن يريد الخوض والكتابة بهذا المضمار ، وتحدث عن التداخلات والمماحكة التي رافقت نشر هذا الكتاب ، وما قيل من فلان وآخر بسبب تسليط الضوء على جزء وترك الجزء الكبير الذي نفذ هذه العملية البطولية .
حضر الجلسة الرفيق ( علي إبراهيم ) عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي ، وحشد كبير من المثقفين والإعلاميين والسياسيين .
ومحمد علي محي الدين عضو الإتحاد العام للأدباء والكتاب العراقيين ، وعضو المكتب التنفيذي للإتحاد العام للشعراء الشعبيين في العراق .

الاثنين، 23 أبريل 2012

نافذة النسيان مجموعة شعرية جديدة للشاعر د.حيدر كريم الجابري


عن دار الراية البيضاء -العراق بغداد ودار البيضاء بيروت لبنان صدرت مجموعة شعرية جديدة للشاعر د.حيدر كريم الجابري بعنوان نافذة النسيان ضمت المجموعة مجوعة من القصائد تتناول تجربة مريرة للشاعر مع المرأة والحياة وتجاربه وعلاقاته الحياتية وجاء في مقدمة المجموعة اعتذار يقول فيه(فاجعلها من نفسك حيثما حات او حيثما تشاء) وهو اعتراف الشاعر بمرارة اللوعة وهو يكتبها شعرا.

السبت، 21 أبريل 2012

قصة قصيرة-قصة ذئب-عادل كامل


قصة قصيرة

قصة ذئب
عادل كامل
بلا مبالاة، إنما بإعتداده المعروف . كان الذئب يضرب الارض الرخوة، ارض الغابة المعشوشبة، بعد ان ابتلع . في بحثه عن الطعام حملا صغيرا دفعة واحده كان الذئب في منتصف العمر . ويمتلك غرورا جعل شراسته مثار رعب لحيوانات الغابة والبرية وحتى المناطق التي لم يرها أو يسمع بها . حتى قيل أن اشرس الكلاب كانت تهاب مواجهته أو الاشتباك معه. بل بلغ الامر . حسب الرواة . أو تلك الكلاب. ذات الاصل النبيل . كانت تسمح له باختطاف حمل أو خروف وكأنها لم تر أو تسمع أو تحس أو تحدس بوجوده.
على أن الذئب الذي فرض سيطرته بين الذئاب في الغابة وأطرافها وفي البراري لم يكن مكترثا للكمائن التي كانت تنصب له من قبل الرعاة أو باقي الحيوانات.. أو أن يفكر في شيخوخته التي ستتيح لذئب آخر. أو حتى للكلاب التي سمحت له بتلك السيطرة وذلك النفوذ على مدى سنوات . من الثأر والانتقام .

لقد كان يسير بلا إكتراث . متمهلا، متباطئا . يحدق بعينين لؤلؤيتين ذابلتين . ويتوقف قليلا . كأنه يستمتع بشم رائحة عطر بعض الاعشاب أو الورود . مصغيا بهدوء . لأصوات طيور الغابة تأتيه من الجهات المختلفة. أصوات جعلته يتذكر ما حدث قبل وقت قصير عندما ابتلع حملا صغيرا بأكمله. دفعه واحدة . كم كان لذيذا، طريا، ناعما، رقيقا.
وهز رأسه زيادة في المباهاة، والاطمئنان والمرح والمسرة التي جعلته، بلا إرادة منه ينظر الى السماء . وينظر الى نهايات الأشجار .. والسيقان .. والعشب .. ثم تحرك .. وتوقف، كأنه يبحث عن ظل أو مكان ينام فيه ويستريح بعض الوقت، خاصة انه طالما يشعر بالفرح الغامر الذي كان يجعله يعيش هذه الحالة . لكنه لسبب ما أسرع قليلا في المشي . وهو يحدق في الطيور تارة، وفي الأشجار تارة أخرى . هكذا توغل في الطريق، من دون مكان محدد يروم بلوغه .. وقد جعله هذا لكسله أو لثقل جسده أو لإحساسه بحركة الحمل داخل جوفه. آلا يسرع في المشي . وأن يتقدم خطوة أثر خطوة، لاينظر الى الخلف، بل ولا ينظر الى الامام، على الرغم من أنه يتمتع ببصر فاق بصر الذئاب والصقور أيضاً .. الا أنه ربما بسبب عادته، رقد فوق العشب تحت ظلال شجرة تين .
وقيل ان الذئب، ذا الفراء الأبيض المشوب بلون الرماد الصافي، كان يمتلك معرفة بأعدائه، من الأجناس كافة، معرفة تامة، بلا ضرورة لإبقاء إحدى عينيه مفتوحة، كما تفعل الذئاب عادة .. بل قيل انه كان، بطريقة ما، يتلافى أعداء المستقبل، ليس بإهمالهم، أو نكران وجودهم الحتمي، بل لأنه استمتع بما فيه الكفاية على مدى سنوات الفتوة والنضج لدرجة لا معنى فيها للقلق منهم . كما قيل انه كان يمتلك قدرة اختيار أحلامه التي يستمتع بها استمتاعا فائقا يندر ان عاشه احد سكان الغابة من أسد أو نمر أو طير، فقد كان ينتقي تلك الرحلات والسعادات والاسفار ولذائذ الخيالات السحرية .. وكانت هذه الامور مثار أحاديث الكلاب التي لم تبح بها للخراف والحملان أو للرعاة .. بل لم تعترف لأحد ان الذئب كان قد هددها بأنه سيفترس الكلاب وهو غاف في الغابة، بل انه سيقتل الرعاة أنفسهم .
ولم يغفل الذئب أو يخشى . وهو يحس بطراوة العشب تحت ظلال شجرة التين، ان تكون نهايته وشيكة أو أكيدة، فقد كان قد حسمها تماما، إلا أنه كان يحذر الرياح ويضجر من تعكر صفو السماء، وأيام الشتاء الملبدة بالغيوم، والبرد الذي يجبره على البقاء مختفيا عن الانظار .. وهذا ما حصل في هذه اللحظات، إذْ هبتّ الريح، وتلبدت السماء بالغيوم الرمادية الداكنة بعض الشيء، فأختفت أشعة الشمس، مما جعله، في أحلامه في الأقل، مضطرب المزاج نسبيا .
لكنه نهض واخذ يمشي متمهلا يحدق شزرا في الطريق كانت أعالي الأشجار تتمايل .. والريح مشبعة بالبرودة .. آنذاك توقف قليلا، ثم أسرع في الجري، حتى بلغ نهاية الغابة . توقف محدقا في أفق الصحراء الممتد الى البعيد، شاعرا في هذه المرة ان مجده كله على وشك الزوال . ولا يعرف بالضبط كيف وجد نفسه محاصرا بثلاثة رعاة يصوبون فوهات بنادقهم نحوه، رفع رأسه بهدوء وبلا خوف أو ذعر ونظر في فوهات البنادق الثلاث المصوبة نحو رأسه مباشرة، لم ينسحب .. ولم يتقدم .. بل رفع رأسه وسألهم بهدوء .
- "هل تبحثون عن احد ؟" .
قال الاول
- "نبحث عنك "
تساءل بلا مبالاة :
- "عني .. عني أنا بالذات ؟ "
قال الثاني :
- "نعم .. عنك انت ايها الذئب ".
لقد شعر أنهم غير قادرين على عمل شيء .. فقلوبهم مضطربة النبض .. كما لاحظ إرتجاف أصابعهم وهي على زناد البنادق، لهذا سألهم :
-"ولكني ماذا فعلت كي تبحثون عني أيها الرعاة ..؟"
قال الثالث بصوت غاضب أزعجه قليلا :
-" لأنك ابتلعت حملي الصغير المسكين ".
أجاب الذئب سريعا :
-"حملك .. فقط .. غريب !"
وتراجع الذئب قليلا الى الوراء .. ثم تابع .
-" لحظة من فضلكم أيها السادة الرعاة .. فأنا لن اهرب .. انتم من فضلكم أيها السادة الرعاة .. فأنا لن اهرب .. انتم تعرفون ذلك .. وتعرفون أني لم اهرب في أي يوم من الأيام .. ولكني أود ان أحقق رغبة واحدة في آخر يوم من أيام حياتي في هذه الغابة .. فأنا أود ان أتناول قليلا من الماء .."
بعد صمت قصير قالوا بصوت خفيض
-"حسنا "
تراجع قليلا حيث كان ثمة نبع ماء خلف تل رملي يحجب عنه رؤيتهم.. بالفعل لم يكن قد فكر بالقرار .. بل شرب الماء حتى ارتوى.. كان ماء باردا منعشا .. آنذاك راح يحدث الحمل الذي في جوفه .
-" اسمع ياصديقي العزيز .. أنت تعرفني منذ زمن بعيد .. وتعرف أني أنا سيد هذه الغابة وسيد هذه البرية وتعرف أني كنت أنقذكم من الأعداء . على مدى سنوات .. وكنتم أنتم تقدرون ذلك .. أما الآن، فأقول لك أيها الحمل الصغير، ان الأعداء لا يريدون إلا الشر بك وبي وبهذه الغابة ".
قاطعه الحمل .. لكن الذئب لم يسمح له بالمتابعة.. أكمل الذئب :
-" ولهذا ليس عليك ان تقول إلا كلمة واحدة .. أنهم سيسألونك هل فعلت شرا فقل لهم كلا أبدا، ثم إنني كما تعلم وتعلم كل كلاب الدنيا عشت وسأموت من أجلكم ومن اجل سعادتكم .. والآن بلل لسانك بالماء فانا شربته من أجلك .. وبعد ان نتخلص من هؤلاء الرعاة الحمقى سأتناول من أجلك بعض العشب والحشائش الخضر أفهمت أيها الحمل الوديع كلماتي ؟"
ولم ينتبه الذئب الى كلمات الحمل .. ثمة عادة تعرفها الكلاب منذ سنوات ان الذئب لم يكن يصغي إلا الى تلك الأصوات التي لا ينطق بها أحد، كما كان يستمد قوته من أحلام اعدائه النائمين . لهذا عاد الذئب الى مكانه الاول، رافعا رأسه ينظر في الوجوه بلا رغبة في أيذائها .. ثم سألهم بهدوء . كأنه يراهم للمرة الاولى :
-" لماذا تريدون قتلي ..؟"
قالوا :
-" لأنك ابتلعت حملا وديعا من قطيعنا .."
فقال وهو يبتسم بحزم المنتصرين :
-" وماذا تقولون لو لم أكن أنا فعلت ذلك أيها السادة الرعاة في هذه البرية الكبيرة ..؟ "
قال الأول
-" لانفعل شيئا .."
لكن الرجل الثاني اعترض فورا ..
-" أنت غير صادق .. لأنك ابتلعت حملنا قبل قليل .. وانا رأيتك تفعل ذلك ".
فسأله الذئب :
-" هل شاهدتني أنت .. أي أنت بالذات ..؟ "
-"نعم .."
-"حسنا .. هل لديك شهود .."
فقال الراعي وهو يرتجف :
-"كانت الكلاب نائمة للأسف !"
فقال الذئب يخاطبه :
-"حسنا .. ليس لديك شهود .. وأنا لا أثق بما قلت .. لهذا لدي حل واحد يكشف عن الحقيقة .. صاحوا دفعة واحدة :
- "ما هو ..؟"
فقال بحزم وثقة طالما كانت تربك المقابل :
-" إقتربوا مني .. لاتخافوا .. اإقتربوا وأسالوا هل هناك .. في جوفي هذا .. حملكم الصغير المفقود.. أم ليس هناك سوى الماء وبعض الاعشاب التي تناولتها في صباح هذا اليوم .. إقتربوا قبل أن أغير رأيي أيها الرعاة .. "
أخذوا يتهامسون بينهم برهة من الزمن .. ثم اقتربوا من الذئب .. وقالوا بصوت واحد :
-" هل أبتلعك الذئب يا حملنا العزيز ؟"
فجاء صوت الحمل هادئا :
-" كلا .. لم يبتلعني الذئب "
فقال لهم بصوت منصتر :
-" الذئب، كما قلت لكم، لايكذب .."

جريدة الثورة البغدادية /1996

الجمعة، 20 أبريل 2012

الحداثة تتجاوز عبثية سيزيف-د. غالب المسعودي





الحداثة تتجاوز عبثية سيزيف

د. غالب المسعودي

الى الصحفي الرائع احمد عبد الحسين.

من الميثولوجيات الاغريقية اسطورة سيزيف والذي حكمت عليه الالهة برفع صخرة الى قمة جبل, انه يقوم بمهمة لن تنتهي ولكنه يكافح وهو يعلم انه سيكلل بالفشل , وعلى المرء ان يتصور سيزيف سعيدا وهو يعلم ان كيانه كله مكرس من اجل لا شيء, ويقوم بمهمة لاتنتهي,وهنا يبرز التحدي بسؤال ملغم, هل الحداثة تمثل عبثية الانسان.....؟

وحسب رأي غيورغي كاتشيف, الذي يرجع اصول الحداثة الاوربية الجديدة, والتي ادت الى نمط معاصر من الادب, الى تخوم القرنين الثامن عشر والتاسع عشر ,وهذه ترجع الى اواسط الالف الاول الميلادي ,اي من موروث قومي يتطور قبل عصر النهضة ,على قرابة الف عام .وعليه لا يمكن فهم عصر النهضة الا باعتباره نفيا مضمونيا لما كان قائما من قبل. وهكذا تكون النزعة الى الحداثة والتي يجب ان تطابق حزمة من الحاجات غير قابلة للتبديل ,وان الدوغماتية تنبعث داخل العالم اللافلسفي, وليس داخل الكيان المعرفي, والاستحصال يبقى داخل حدود, وهذه اشكالية عبر العصور, و التوسط بين الذات والظرف الموضوعي, يربح اللغة تنويرا ,على اعتبار ان كل شيء منجز والذي يعني بنفس الوقت ان لا شيء منجز, وبالتالي يزيح الاثقال العقلية والمركزية من النظرة الشكوكية الى هيمنة القوى الميتافيزيقية على جوهر ذات الانسان الجاهل, عندما يكون مجردا وموضوعا سلبيا ,وهو يزيح صفات الذات النشطة الى الوراء, على الرغم من توق الذات الى تطابقها واقعيا مع الحقائق المعروفة, وهنا يخيم جو من الوثوق بنقاء النشاط الجمعي الذي لا يتميز بأبداع و تحدث الازمات ويبدأ التأويل, والتأويل لا يحل الازمة بل يعقدها ,لان الاخفاق في رسم اوضاع جديدة يعبر عن ازمة الذات, وهكذا, تبرز هنا النتيجة الحتمية لازمة الذات, وهي عدم القدرة على التجديد وان الاصرار هو مقابل للعدمية ,و اي اعتراض ضخم ينافي الصيرورة الكونية, مع تداخل هذه التقنية تنحدر مسيرة الجاهل والمستذل في صوغ المرويات ,وما الحداثة بفعل قابل للفحص العقلاني لكي تحسم النهاية ,والموت له كلمة النهاية في مستقبل البشر, وان بناء الاشكال الجديدة وتحديث البنية لا يمنحنا الاستقلال ,وقد لا يفضي الى التجاوز بوجود محيط أنثروبولوجي يستنزف مكونات العقل ويغلق دائريا تطلعات الانسان بواسطة انتشار فعالية المركز واهمال فعالية الحافة, وما دام الموت هو حتمية ثقيلة فأنه يجعل كل مشروع انساني عقيما ,رغم ثقل التحديات وعمليات الهدم المستمرة ,لان صدمة عدم العودة تمنع التركيب وتمحو الاجراءات الاساسية في تحصيل النتيجة, وهذه ثنائية مرت عصور طويلة على نضجها وان ما لا يدرك بعصور طويلة لا يمكن ادراكه بأزمنة قصيرة, والرغبة القائمة على التقليد و ان كان غير مفتوح على المستقبل وهويواجه رفضا منهجيا وهذا امر طبيعي, ومنطقي , هكذا يصبح المعنى فارغا ضمن اطار الثقافات الانسانية المعاصرة , والضحية يظل معرضا للهفوات ولو عفويا, وان مفهوم الانتشار اصبح احد اهم سمات ثقافتنا المعاصرة وذلك بالتأثر والتأثير واستخدام عناصر الاستعارة والاستقلالية المنفتحة, لكن الفكر الطقوسي لا يزال يعمل على تكرار الاواليات المؤسسة, وهنا لا بد له ان يستعمل شيء من العنف, او بعض اشكاله والتي ترتبط اساسا بالأزمة التضحوية اكثر من ارتباطها بالمنقذ للجماعة, وهذا يرجع الى زمن تكون فيه الازمنة مشوشة ولم تكن الالهة قد امتصت العنف بشكل قرباني بعد,والضحية الاسطورية تكون دائما من الفرق الضائعة وبشكل يرضي السلطة, وهكذا تمارس التراجيديا فعلتها باستخفاف ويكون سيزيف ضحية الهة الاولمب ,وهو حامل اسطوري ومعرفي ينفتح في مختلف المراحل في فضاء الحياة ,عندما تكون الثقافة متوارثة من الخطيئة الاصلية, فان اصل الكون سيكون خطيئة محايثة ,وبالتالي تستمر الذرائعيات تمسرح ذاتها وان الحداثة وما بعدها ما هي الا غواية وتلغيم الجسد بما هو شهوي, ينقل العدوى وهذه احدى خاصيات العقل العصابي لأنه يطابق التوليف الجنساني مع وهم معقلن, وزخم علاماتي يمتاز بالجمود اللامتناهي, لكن الحداثة في الواقع فعل مركب لها سمة الحبكة و تشكل ملحمة تنجز معناها, وهذا العالم موسوعة معارف قبل كل شيء.

الخميس، 19 أبريل 2012

معرض شخصي جديد للفنان كامل حسين



الخميس التاسع عشر من نيسان २०१२ افتتح في احدى قاعات الفنون التشكيلية في مدينة الحلة المعرض الشخصي للفنان كامل حسين بحضور بهي من نخبة من الجمهور الحلي واساتذة وطلاب كلية الفنون الجميلة في بابل ويبدو ان الفنان على اعتاب مرحلة جديدة في تجربته التشكيلية الا ان الملفت للنظر هي التسمية بانه معرض غير شخصي هل هي براءة من التجربة ام احالة..........؟ والثاني هو الحضور النسوي هل نسيت الانثى ذائقتها التشكيلية ام ماذا جرى........؟

الثلاثاء، 17 أبريل 2012

دار بابل للثقافات والفنون والآداب تحتفي بالفنانة-ثائرة شمعون البازي -حامد كعيد الجبوري


دار بابل للثقافات والفنون والآداب تحتفي بالفنانة
( ثائرة شمعون البازي )
حامد كعيد الجبوري
مساء السبت 14 / 4 / 2012 م لبت الفنانة التشكيلية والشاعرة والإعلامية وصاحبة امتياز موقع فراديس العراق ( ثائرة شمعون البازي ) دعوة الإتحاد العام للشعراء الشعبيين في بابل ، والذي استضافها في دار بابل للثقافات والفنون والآداب بأمسية جميلة وبجمع نوعي أجمل ، وتحدثت الفنانة ( البازي ) عن تجربتها الفنية التي امتدت لثلاثة عقود من الزمن ، وثائرة البازي فنانة عراقية هاجرت من العراق هربا من النظام السابق ليستقر بها المطاف بمملكة السويد ، وهناك في هذه الأصقاع البعيدة كرست فرشاتها وقلمها لفضح النظام الشمولي الذي عاث فسادا بعراقها التي أحبت ، وبعد التغيير لم تجد لها الفرصة المواتية لتعود لأحضان بلدها الذي مزقته الطائفية السياسية والأطماع الشخصية ، ولتجد عراقها ببحر من المآسي والموت والدمار والتهجير والتفرد بالسلطة وصنع القرار ، في عام 1998 م غادرت الفنانة ( البازي ) العراق وهي تحمل شهادة المركز القومي للحاسبات الإلكترونية ، وموظفة على ملاك شركة التأمين العراقية ، وهناك في غربتها أكملت تحصيلها العلمي وحصلت على شهادة الماجستير وبتخصص تشكيل الفن من جامعة ( نورشوبينك ) السويدية ، وشاركت الفنانة البازي بمعارض كثيرة بمملكة السويد وبمعرض فردي وبمعارض مشتركة مع فنانين ( سويدين ) وفنانين عراقيين يشاطرونها غربتها وهو يحملون الفن العراقي ليطلع عليه أبناء الجالية العراقية في مملكة السويد ، وليتعرف المواطن السويدي عن المنجز الفني العراقي الحديث ، وللفنانة ( البازي ) مساهمات إنسانية من خلال ترأسها كمديرة لجمعية ( أكد ) العراقية ، ولها مساهمات فنية ومعارض مشتركة مع فنانين سويدين وعراقيين ، ومعرض مع طلبة الجامعة ل( ينشوبينيك ) السويدية ، وليس ذلك وحسب بل شاركت بمعارض فنية ساهمت فيها دولة السويد لتجوب المعارض الفنية السويدية العراقية في دول العالم المختلفة ، ولم يفت الفنانة ( البازي ) أن تجلب معها فنانون سويديون لتصحبهم عبر أهوار مدينة الناصرية ، وأعمال الفنانة ( البازي ) التشكيلية تتنقل بين الألوان الزيتية والمائية والإكرليك والفحم والعمل بالسيراميك والسيراميك البارد والموزاييك والبرونز ، والزجاج والحفر على الخشب والطبع والرسم على القماش ، وآخر ما عملته الفنانة البازي هي أعداد وصناعة الأفلام القصيرة التي تتحدث عن الضجيج والحركة والهدوء وهذا العمل الفني عرض في الجامعات السويدية وهو باللغة السويدبة ، ولها أفلام أخرى تتحدث فيها شعرا من نظمها أو من نظم شعراء عراقيون تتحدث به ومن خلاله عن المأساة العراقية أبان العهد الصدامي المجتث ، وما أصاب العراق بعد التغيير عام 2003 م ، وخلال الأمسية المقامة للفنانة ( البازي ) تسائل البعض لمَّ يستضيف الشعراء الشعبيون فنانة تشكيلية ولم يستضيفها الفنانون التشكيليون ، استأذنت الفنانة من مدير الجلسة لتجيب هي عن هذا التساؤل فقالت ، ( أن العلاقة الأخوية التي جمعتها مع الشاعر حامد كعيد الجبوري كانت السبب الأول ولعدم استطاعتي أن أرفض كرم دعوته وتلبيتها ، وثانيا أنا شاعرة وأكتب الشعر بمقاييسي الخاصة ، وثالثا أن الحضور المثقف من شعراء وأدباء وفنانون وإعلاميون كان حريا أن يتعرف على منجزي ، ثم أن الشعر الشعبي أيضا له وسيلته الخاصة بإيصال معاناة الناس كما للفرشاة دورها بذلك ) ، ويجدر الإشارة أن الفنانة ( ثائرة البازي ) تمتلك موقعا الكترونيا أطلقت عليه ( فراديس العراق ) ، وقد غطت فضائية الفيحاء وراديو العراق الحر وراديوا إذاعة جمهورية العراق وجريدة الفيحاء هذه الاحتفالية التكريمية ، .

الجمعة، 13 أبريل 2012

الشعائر والرموز من الارواحية الى الاسطورة

الشعائر والرموز من الارواحية الى الاسطورة
د.غالب المسعودي
بالرغم من تراجع المعتقدات الاسطورية, تراجعا هائلا في المجتمعات الحديثة الا انها في الشرق لا تزال تهيكل المخيال الجمعي للانسان المعاصر,رغم ان علم الفلك والفيزياء قد كشف سر خلق الكون, وان علوم ماقبل التاريخ وعلم البيولوجيا قد اثبت ان الحياة قد تطورت في المحيط البدئي, منذ اكثر من اربعة بلايين من السنين, لكن حضور الراسب الاسطوري ,والذي يرمز الى زمن البدايات يشكل عبادة صوفية للماضي,عندما كان الانسان في بدايات تطور وعيه ومحاولات تجاوزه رتبة الانسجام مع محيطه المضطرب. ومحاولاته في البحث عن تفسير للظواهر الطبيعية,كعودة الفصول وتفاوتها ومواجهة الكوارث وتحدياتها, ظل يجتر نفسه, وتصور ان المحيط البيئي الذي يعيش فيه تلفه الارواح ,وارواح الالهة خصوصا ,من الحجر الى الشجر, ولما لم يقنعه ذلك, تحول الى الاحيائية, والتي يتوهم فيها انه على صلة بالاسلاف, على اعتبار ان الاسلاف عندما يموتون ينتقلون الى السماء وذلك بتحولهم الى ارواح صافية, وهم يمتلكون قوة هائلة ,وان كل نشاط انساني لا يباركه الاسلاف يفقد معناه, وهذا بحد ذاته رق نفسي ,بل ربما عصاب استحواذي, يدفع الضحية الى تحقيقه عبثيا او كارثيا في احيان كثيرة,وذلك بعدم استخدام الوعي وهوالمعطل اصلا بمفهوم ان السلف اعرف بمصالح الاحياء من الاحياء انفسهم, وقد يتخذ طقسا سورياليا او دعابة سوداء, وهذه الاكثر نجاحا في المجتمعات الشرقية ومعيار النجاح هو وضع محدد عندما يتكاثر عدد الحاملين لهذه السمات ويقل عدد من يمتلكون وعيا متقدما من وجهة نظر تفدمية, وهنا تكون كلمة الابداع رغم غناها المعنوي بلا معنى, و لايمكن ربطها بافعال الناس ولا بتجربتهم الانسانية, بل ولا تلقى اي قيمة من خلال الاستدلال ,لانها لا تشكل نسقا مع النموذج القديم والمتوارث ,وفي احالة للموضوع الى علم الانثربولوجيا الاجتماعية نجد ان النظرية تبدأ عند الانسان من البسيط الى المركب, وهنا يغدو التناقظ واضحا بين حالة المعرفة المتقدمة والسلوكيات الاجتماعية المتعارفة ,والتي تبدأمن صلة القرابة وعلى فترات محدودة الى الروابط البيئية والاقتصادية داخل مجتمع ما تسوده تقاليد ثقافية لها نفوذها الاجتماعي وهي المسماة بالعرف ,يعززه تراث تليد يؤمن لهم مستقبلا تاريخي غير مشكوك في ارجحيته ,رغم الاخفقات الكثيرة, وهذه الاخفاقات ترجع الى قوى عالمية وبيئية واجتماعية تتهم بمحاولة اعادة صياغة التراث وتحجيمه ,وهي تركز على حساباتها , وهذا يبدو نوع من الاعتراض الهوسي,اذ انه يجب ان يكون هناك فارق بين الوعي بموضوع والموضوع نفسه, وهذه هي مفارقة حلمية على مستوى الواقع و الحلم وموضوع الحلم,والانسان البدائي كان لا يفرق بين الحلم وموضوع الحلم من ناحية واقعية ويعتقد ان ما جرى في حلمه له ابعاد واقعية, وهذه هي حال الذين يعيشون خارج طبيعة العالم, رغم اننا لاننكر ان هناك ارتباط سببي واحيانا ان هناك مصادفة حسية قد تتجاوز الادراك المالوف.وهنا اود التنبيه الى ان الممارسات السحرية القديمة لم تعد ,كافية فالحياة الجديدة تستدعي ركائز جديدة وان المفاصل المهترئة عليها الانسحاب داخل قوقعة الاسطورة , وان الافكار الخاصة بحضارة ما ,من دمى الالهة الى جميع الفنون الرفيعة يمكن معرفتها في عصرنا الحاضر, كونها تمهيد طبيعي لنشوء حضارتنا المعاصرة, والتي يجب ان لا ينمو بداخلها الا ما هو طبيعي ومنسجم مع عصره, ومن حسن الحظ رغم وجود مصاعب الا ان معرفتنا بالمكان تمكننا من تتبع تطورات الطقوس في اطوارها المختلفة,اذ يستمر الموتى في حياتهم الارضية في مكان اخر وعلى الاحفاد خدمتهم, والسؤال كيف نضع في الميزان خمسمائة الف سنة من حياة شبه حيوانية ومن التجوال والاقامة في الكهوف, وعلينا الان ان نحملها على ظهر سقراط وافلاطون, ونحن نعرف ان المليون سنة التي مضت على وجود البشر كانت نوع من الضياع لانهاية له وكان تعبيرا عن عجزه عن مواجهة قوى الطبيعة, وحينما اكتشف الانسان بذكائه التنظيم الاجتماعي عندها بدأت المغامرة الكبرى وأجرى كشف حساب استثمر فيها الشعائر والطقوس البدائية قبل ان تضمحل, بارجاعها الى الماورائيات من اجل استثمارها اقتصاديا وتشكيل الثروة والسيطرة على مصادرها دون ان يضع الانسان في موقعه كونيا , بل في مواجهة مع الكون بموقف يجمع البشر ولا يساوي بينهم في ظل سلطة مطلقة ودون توضيح, واذا كان علينا ان نعرف مصيرنا, يجب ان نصون قناعتنا كافراد منفصلين عن تاريخ العالم ,وكل ماض هو دراما لاتعرف الاعادة, اذ لا يمكننا الحضور شخصيا ومشاهدة الممثلين وان حقيقة ما يترك هي مشاهد سريعة الزوال وما يبقيها متجانسة هو تكرار السرد لتجاوز اخفاقات المعنى, ويبعد الشكوك وان كانت بلا ترتيب وهكذا تشكل هدفا نفعيا دينيا وهو موضع الاهتمام الوحيد واقناع الاتباع

الأربعاء، 11 أبريل 2012

مدن الزي الموحد- كاظم فنجان الحمامي

مدن الزي الموحد

كل المدن العراقية من طينة واحدة

واللون البيجي سيد الألوان الترابية في الجنوب والوسط



جريدة المستقبل العراقي / بغداد / في 10/4/2012



كاظم فنجان الحمامي



لا توجد في الكون كله قرية تشبه قرية أخرى من حيث الملامح العمرانية, ومن حيث المكونات البيئية والعناصر المادية العامة, فلكل قرية هويتها الموقعية والجغرافية والحضارية والديموغرافية, وهكذا تتباين القرى (غير الزراعية) في أشكال بيوتها وأسواقها, وفي تصاميم واجهاتها ومداخلها ومخارجها, تماما مثلما تتباين بصمات الإبهام في سجلات الأحوال المدنية, ولا يمكن العثور على التطابق بين الأحياء السكانية في البلد الواحد إلا في العراق فهو البلد الوحيد, الذي تتطابق فيه مواصفات المناطق السكانية خارج مراكز المحافظات, وعلى وجه الخصوص من جنوب بغداد إلى الفاو,

وربما يتعذر على المرء رصد الفوارق بين قرى محافظة ذي قار وقرى محافظة واسط, أو قرى ميسان, فالفوارق تكاد تكون معدومة, وهكذا الحال بالنسبة للأحياء السكنية في ديالى وبابل والبصرة والمثنى والقادسية, كلها متناظرة بطريقة تبعث على الدهشة والطرافة, وتتشابه في كل شيء ابتداء من الطرق والشوارع المغطاة بالرمال والأتربة, إلى طريقة توزيع الأعمدة الناقلة للطاقة الكهربائية, مرورا ببرك المياه الآسنة المنتشرة في الساحات والأزقة, حتى إن مكبات القمامة (أعزكم الله) تكاد تكون نفسها من حيث التراكم والتعفن والانتشار, فما تجده في (البطحة) خارج مركز محافظة المثنى, تجده في (الغراف) خارج مركز ذي قار, وتجده في (المجر) خارج مركز ميسان, وتجده في (الفاو) خارج مركز البصرة, فالزي الموحد باللون البيجي, أو (الخاكي), أو الترابي, أو الرملي, أو (الطيني) هو الزي الذي ارتدته المدن والقرى العراقية الوسطية والجنوبية والغربية,

وهو العلامة الفارقة لها في كل مواسم العصر الجلكاني, الذي توحدت فيه مجاري الصرف الصحي, فتوقفت عن الجريان في (بدرة وجصان) وتشعبت في (الشعيبة), واختنقت بدخان مدينة (الشعلة) ببغداد, وأصيبت بكولسترون الأطيان في النعمانية بالكوت, والتهبت مجاريها في الرميثة, وانسدت في سدة الهندية, وتعطلت في حي (أور) في الناصرية, حتى يخيل إليك إن المدن العراقية تنتظم في مصفوفة سكانية تتكرر فيها المشاهد واللقطات بطريقة رقمية تبعث على القرف, وخير مثال على ذلك: هذه الصور التي التقطناها من دون أن نشير إلى اسم القرية, تاركين حرية التعرف عليها لمن يرغب في خوض هذه الامتحان الصعب, إذ يتعذر معرفة فيما إذا كانت هذه اللقطات أخذت في مدينة (الزبير) بالبصرة, أم في مدينة (الصالحية) بالناصرية, أم في (أبي غرق) ببابل, أم في (الحي) بواسط, أم في الحي العسكري بالنجف, أم في (صبخة العرب), و(العالية) بالبصرة, أم في حي (الغدير) بكربلاء, أم في حي (الشهداء) في الفلوجة, أو الحي الصناعي هناك, أم في أحياء بغداد مثل: (العبيدي), و(سبع البور), و(الفضيلية), و(النهروان), و(الكمالية), ومنطقة (الشيشان) الواقعة في نهاية حي (الشعب) ؟؟, كلها سواء في اللون (الأملح الترابي) الطاغي على جدران البيوت, أو في أشكالها البائسة, أو في الأصوات المنبعثة من المولدات الكهربائية, أو في تشابكات الأسلاك في كل الاتجاهات, أو في الغبار المتطاير, أو في سحب الدخان الأسود, أو في نوعية المطبات (الطسّات), أو في مشاريع الحفر, التي مزقت جسد كل مدينة بالطول والعرض, فوحّدتها مع بعضها البعض, حتى إن الكراجات, والمدارس, ومراكز الشرطة, والعيادات الطبية, ومقرات المجالس البلدية, وساحات كرة القدم, ومحطات تعبئة الوقود تشابهت إلى حد بعيد, وكأنها صنعت في قوالب متماثلة في معامل الجمود والإهمال. .

ومن المفارقات العجيبة نذكر: ان حي (الجمهورية) في النجف يكاد يكون صورة طبق الأصل من حي (الجمهورية) في البصرة, من حيت التركيبة المتداخلة, والجدران المتشققة, والأسلاك المتقاطعة, والأزقة القذرة, ومن حيث التجاوزات العشوائية التي تكاثرت بعد تفشي ظاهرة (الحواسم). .

تتكرر صورة الأسواق التابعة للأحياء السكنية الموحدة, حيث يلهو الذباب نفسه, وتنبعث الروائح نفسها, فالواجهات تعكس صورة واحدة متكررة, وكذا العربات التي تجرها الحمير, والعربات الآلية (الستوات). .

تتراكم خلف كل دكان أكداس من الصناديق الفارغة, والأكياس البلاستيكية, والمغلفات الورقية الممزقة, والبضاعة التالفة المرمية منذ أسابيع في الزوايا الرطبة, فتتحول في الليل إلى ولائم مباحة للكلاب السائبة (المستنسخة), والقطط الضالة, والجرذان المحصنة جينيا ضد كل أنواع المبيدات الكونية. .

ولابد لنا من الاعتراف بالنتائج المحبطة, التي سجلتها عندنا ثقافة النظافة, حتى بلغت أدنى معدلاتها بين الناس, وربما وصلت إلى ما دون الصفر بمقياس جامعة (Yale) الامريكية, بنشرتها البيئية السنوية, والتي اعتمدت في إصدارها على مجموعة من المؤشرات, تتضمن قياس مستويات تلوث المدن في الماء والهواء والمناخ والحقول والغابات والثروة السمكية والمستشفيات وأنظمة الصرف الصحي. الخ. .

يعزا قيام هذه المناطق السكنية المتشابهة المتناظرة إلى البيئة العمرانية المتدهورة في العراق, وهي بطبيعة الحال بيئة فقيرة متخلفة تنقصها الخدمات الصحية والخدمات البلدية, وتتسم بالقبح العمراني, وتشكل خطرا على المجتمع العراقي برمته لوجود فوارق كبيرة بين مدنه المتخلفة وبين مدن البلدان المجاورة له, فعلى الرغم من تجاور البيئة السكانية العراقية مع البيئة السكانية السعودية أو الكويتية أو الأردنية أو الإيرانية أو التركية إلا إن السمات المشتركة باتت في غاية التنافر, فتعمقت الهوة بيننا وبين المدن الخليجية, التي صارت تختال بجمالها ونقاوتها ونظافتها وبهائها وهدوئها وجاذبيتها وعذوبتها ومواكبتها لأحدث المستجدات العمرانية حتى تفوقت علينا في كل شيء, اما نحن فلم يعد ورائنا وراء. . .

السبت، 7 أبريل 2012

من يسعف أدباء البصرة ؟؟- كاظم فنجان الحمامي







من يسعف أدباء البصرة ؟؟



جريدة المستقبل العراقي / بغداد / في 5/4/2012

كاظم فنجان الحمامي



الأديب والشاعر البصري الكبير حسين عبد اللطيف، هذا الاسم الكبير اللامع في عالم الفكر والإبداع, صاحب القصائد الجميلة, وصاحب الكلمة الحرة الصادقة المعبرة, صاحب الصمت والوقار, صرعه مرض السكري, ولم يستطع السير بقدمه المهددة بالبتر, لم يطلب مني الكتابة عنه لاستعطاف أحد, ولم يطلب من غيري الذود عنه, فهو شديد الحساسية, واكبر من كل المسميات, ولا يرتجي خيرا من الذين خذلوا قبله السياب وتركوه وحيدا في مشواره الأخير, فرافقه المطر, يشيعه إلى محطات الحسن البصري, خذلوا السعيدي (عطا), والسعيدي (يعرب), واضطهدوا الأحمدي (كاظم), وتنكروا لعبد الرزاق حسين. .

أكمل حسين عبد اللطيف عقوبته الشاقة في القرى البعيدة والضواحي النائية من دون أن يتذمر من تنقلاته اليومية المرهقة بين مدارس القصب والبردي في ظلمات الأهوار والمستنقعات الجنوبية, عاش متعففا في البصرة من دراهم راتبه التقاعدي الشحيح من دون أن يتزلف لأحد, لأنه لم يكن من أصحاب الوجوه السبعة. .

تسلح بالصمت والصبر تحت وطأة الانقلابات المتعاقبة, ونكبات الحروب المتوالية, كان شاهدا على الأنهار النازفة من جسد ذات الوشامين, لكنه ظل رافضا للعنف والقتل والإلغاء, ورافضا لحروب الآلهة, ورافضا جنون الطوائف والمذاهب, ورافضا التحزب والتعصب والظلم. .

يرقد اليوم على فراش المرض, في مواجهة جيوش السكري, التي تسللت إلى أطراف قدمه, ومما يزيد الألم في حالة هذا المفكر الصابر, إن المؤسسات الثقافية العراقية لا تريد (على ما يبدو) أن تمد له يد العون, وربما لا تدري بما آلت إليه أحواله الصحية, في حين لاذت منظمات المجتمع المدني بالصمت المطبق وكأن رعاية الأدباء والشعراء لا تعنيها وليست من واجباتها. .

المشكلة ان شاعرنا ينتمي إلى فئة منعزلة من المثقفين, من الذين لا يعرفون كيف تجمع الأموال, ولا يعرفون كيف تدخر الدراهم, ولا يجيدون أساليب (اللغف), ولطالما اعترف السياب في غربته بفشله بجمع المال, فقال:

مازلت احسب يا نقود, أعدكن وأستزيد

مازلت أنقص, يا نقود, بكنّ من مدد اغترابي

مازلت أوقد بالتماعتكن نافذتي وبابي

وا حسرتاه متى أعود إلى العراق

وهل يعود من كان تعوزه النقود ؟

وكيف تدخر النقود ؟

مات السياب في المرافئ البعيد في اليوم الذي قررت فيه (مصلحة الموانئ العراقية) إجبار أسرته على إخلاء داره في المعقل, فحملوا نعشه في طريق يؤدي إلى مقبرة الحسن البصري في يوم ممطر, وعادت أسرته إلى (جيكور) في طريق آخر, فأرسلت مفاتيح الدار الحكومية إلى (المصلحة). .

يرقد اليوم حسين عبد اللطيف, وعطا السعيدي على فراش المرض, غير قادرين على تدبر تكاليف العلاج, ويقبع الأديب الكبير عبد الرزاق حسين في صومعته القديمة في أزقة حي (الخليلية) بالبصرة, غير قادر على تحسين أوضاعه المعيشية البائسة, ويعتكف الأستاذ إحسان وفيق السامرائي ببيته القديم في العباسية, غير قادر على تدبير تكاليف طباعة مخطوطاته الأدبية, في حين يقف العراق اليوم بقوته النفطية العظيمة خارج التغطية. .

في العراق لا يهم أن تكون مفكرا مرموقا, ولا أديبا بارعا حتى تلقى الرعاية والعناية, المهم أولا أن تكون منتميا للكيانات الحزبية المسيطرة على مصادر القوة والسلطة والمال, وليس المهم ما تحمله من عبقرية ومواهب ومهارات وقدرات أدبية أو علمية حتى تنعم بالعيش الرغيد, المهم كيف تستفيد من ذكائك في التسلل الى المناصب العليا والمراتب الرفيعة, وليس المهم أن تكون صادقا في تعاملك مع الناس, مستقيما في سلوكك الاجتماعي, حريصا على مستقبل بلدك, المهم أن تجيد التملق والتزلف, وإلا بماذا تفسرون اختفاء الكاتب (عبد الحسين الغراوي) من شقته الكئيبة في العشار ؟, وكيف غادرنا القاص الكبير (محمود عبد الوهاب) ؟, وبماذا تفسرون الأوضاع المزرية لأدباء البصرة ؟, وبماذا تفسرون هذا الفقر المدقع الذي يطاردهم اليوم, ويضيق عليهم الخناق ؟؟. .

عاش (محمود عبد الوهاب) وحيدا في شقته بقرية (مناوي باشا), لم يجد من يلجأ إليهم في أيامه الأخيرة بعد الثمانين, غير القاص الكبير (محمد خضير), والكاتب الملهم (جاسم العايف), كان في أمس الحاجة إلى من يعتني به في شيخوخته, فاختار بيت (العايف). .

اعتنت به الحاجة (أم وضاح) زوجة (العايف), فوفرت له هذه المرأة البصراوية الأصيلة العناية والرعاية على الرغم من ضعفها وعجزها, مكث عندهم بضعة أيام, ثم غادرهم في رحلته الأخيرة إلى المستشفى التعليمي في الخورة, حيث فارق الحياة على ضفاف شط العرب, تاركا وراءه عصاه التي يتكأ عليها, وقصيدة ختامية, طبعها له الشاعر البصري (كاظم اللايذ), كانت بعنوان (الحب في زمن العافية). .

في البصرة يعيش تجار الخردة والسكراب في أرقى المنتجعات والفلل, ويختفي أدباؤها بالطريقة, التي رحل فيها آخر رجال الموهيكانز, أو يموتون وحدهم ليلتحقوا بقافلة مالك بن الريب. .

يرقد (حسين عبد اللطيف) في بيت مؤجر في حي العباس من ضواحي (الحيانية), وينام (السعيدي عطا) في كوخه القديم قرب مكبات القمامة في (الحيانية) أيضا, بينما يجلس عبد الرزاق حسين على حصيرة البردي في درابين (الخليلية).

فهل صارت (الحيانية) و(الخليلية) هي المنافي الأخيرة لأدباء البصرة ومثقفيها ؟؟, وهل أعلنت البصرة رسميا تخليها عن أدبائها ومفكريها, وأبدت اهتمامها بذوي القبعات البرتقالية من العاملين في شركات الاستثمار النفطي, ومن الباحثين عن أنهار المال في حقول الذهب الأسود ؟؟. .

غالب المسعودي - النشيء كونيات وثقافة السلطة

البروفسور الذي نطق- عادل كامل



قصة قصيرة

البروفسور الذي نطق
عادل كامل
لم تمض مدة طويلة على رحيل البروفسور ل.ل..لكن مدينتنا شيدت له أكبر تمثال في قلبها . كان هذا التمثال مثار الإعجاب والدهشة ..فقد كان الأجداد يتحدثون عن رحلاته في آخر الليل، وكيف كان يتكلم، وانه شارك في معارك النجوم .للحق لم يثرني هذا التمثال الغريب ..ولكن أسطورة البروفسور ل.ل التي تجاوزت المعقول جعلتني أفكر في الآراء العجيبة التي وضعها . حدث لي هذا في عام القضاء على التلوث، وهو من أشهر الأعوام التي لا يعرف أحد قيمتها مثلما يعرفها الآباء، قبل الموت الجماعي وبعد تحرير الطاقات من نير المخاوف الغامضة، وللحق لاعلاقة لهذا كله بما أود أن أدلي به أنني شخصيا من أكثر الناس لامبالاة، إلا ان أفكار هذا الرجل، التي سحرتني على مدى نصف قرن من حياتي، جعلتني اتوقف طويلا امام النصب النحتي الشامخ، حتى انني في ليلة شديدة التوهج حسبت ان التمثال سيغادر مدينتنا ويجعلنا ننسى العالم القديم، عالم التلوث الذي اودى بحياة السكان . فجاة وجدت التمثال يطاردني، يحاصرني، يفزعني .. ومن شدة خوفي وخجلي كنت لااريد البوح بما حدث لي، ان سكان العالم الجديد، هم حسب الكتب التي لديّ أشد قسوة من المراحل السابقة فكتمت هذا السر .ولكن هل أستطيع أن اصمت في اعماق أعماق نفسي؟ في البدء أفلحت..إلا ان عالم التأثيرات الغامضة أودى بي في تلك الليلة أي الليلة التي اكتب فيها هذه الوصية الى التلوث العجيب.
فقد حدثت البروفسور شخصيا، وابديت امتعاضي له لتدخله في شؤوني الشخصية على الاقل.. أستغرب كثيرا وكشف عن طيبة غير معقولة .
انني شخصيا لم أحدثه عن مخترعاته العجيبة، كصناعة الذهب من الهواء، أو اختراع الأنظمة قبل حاجتها..أو عن إنتقال الانسان من أي كوكب الى ابعد كوكب بوساطة الضوء.. أو الاصغاء الى شخص في الماضي البعيد أو في المستقبل الذي لن ياتي..أو الاكتفاء بالصمت كغذاء يلغي الحاجات الفسلجية ..أو حرية ان يجمد الانسان نفسه عدة قرون ليستيقظ في الزمن الذي يشاء ..او عن رفاهية العقل بعيدا عن اغراءات الجنس والشهوة التي كانت من أعظم مصادر التلوث..
إنني لم احدثه عن هذا لان الرجل فعل مافعل ورحل ..ولم أحدثه عن أي شيء بسبب حياتي التي امتدت عدة قرون..فأنا، في الواقع، شبح من كائناته، كما اني قد لا اكون إلا فكرة من عمله الغزير.. إلا اني رحت أحدق فيه، في تلك الليلة، وهو يجلس في غرفتي، أمامي تماما، وجها لوجه، وهو يبكي ..لكي أسأله:
-"أيها البروفسور ماذا تريد مني..؟"
فقال:
-"ماذا تريدون أنتم مني ؟"
شعرت بالعذاب القديم؛ عذاب المخلوقات التي تتنفس التلوث وتموت في الحروب وتعاني من المجاعات، وتهددها الشيخوخة، لقد أحسست بمعنى اللا معاني وكان الرجل يعرف مالا أعرفه من أفكار لا أعرف كيف هبطت في عتمة روحي .
فجأة قال:
-"ها أنت تذكرني بأعظم حقب الإنسان !"
صرخت :
-"الانسان .. أي انسان تتحدث عنه ياصديقي؟"
لم يتكلم، كان يحدق فيّ بعينين خجولين إلا أني تابعت الصراخ :
-"من هو هذا الانسان الذي تتكلم عنه؟ الانسان الذي لايموت ولايخاف ولايحب ولا .. أم أنت تتكلم عن نجاحك بتحويل جميع الحيوانات فوق هذا الكوكب والكواكب الاخرى الى بشر يمتلكون التحكم باسرارهم ؟ أم أنت تتحدث عن الانسان الذي استغنى عن أحلامه .. وو .."
قاطعني .. وكان صوته يشبه أصوات الموتى القدماء :
ـ "ابدا .. إلا أني أحدثك بعد أن تم تحويلي الى تمثال.. إنني شخصيا لا أعرف كيف حدث ذلك .. بل لا أعرف ماذا تريدون مني " .
وتركته يتكلم .. البروفسور لايعرف كيف حدث ذلك .. غريب .. وتركته يتكلم .. وأنا اصغي بشرود ذهن :
-"كنت أريد أن أخلص نفسي من الالم .. وكنت لا أريد إلا أن أهرب من الانسان.. لقد أغلقت أبوابي ونوافذي ومت وحيدا .. وحيدا تماما .. ولا أتذكر ان أحدا بكى عليّ، أو ان التراب ساعدني على الاحلام لقد هجرت نفسي وتحولت الى مخلوق مفقود، الى حجارة داخل حجارة ".
ولا أعرف لماذا سألته، أو بالاحرى قاطعته :
-"ولكن لماذا شيدنا لك هذا التمثال؟"
قال :
-"هو ذا السؤال.."
ولهذا ..رفع صوته مقاطعا ..
-" لهذا جئت اليك .. جئت اليك لتهدم هذا التمثال "
فرفعت صوتي ايضا :
-" هل بمقدوري أن أفعل ذلك ..؟"
-"أجل ".
في تلك الليلة ذهبت الى قلب المدينة ووقفت أمام التمثال، كان المارة يلتقطون الصور التذكارية . كانوا كما شعرت، بلا أهداف، ليس لديهم أي ماض ٍ .. إنهم يتحركون .. يتحركون .. بل كانوا، جميعا حسب خبرتي على مدى قرون يتحركون من أجل ان يتحركوا، لم أصغ لبكاء طفل .. وليس ثمة عذاب فتعلمت جيدا وعميقا هذا السر الذي حولهم الى مخلوقات ليست بحاجة الى الجحيم . سر أن لا تتذكر .. وسر أن تغيب .. وسر ان تموت كأنك تولد توا ً.
في هذه اللحظات تأملت التمثال .. وهدمته .. وعدت الى بيتي .
أستقبلني البرفسور، وقدم لي يده، وقادني الى غرفتي، وقدم لي القهوة .. وراح يحدثني عن حياته .. طفولته الشقية .. وعزلته .. وموته ..
فقلت له بهدوء :
- "الآن .. عليك أن تغادر .. اليس كذلك؟" . قبل أن أنهي جملتي كان البرفسور ل.ل . قد اختفى ..
ولكن في تلك اللحظات، فتحت الباب، وكان أمامي حشد كبير من الناس .. حشد لا أعرف لماذا جاء .. وكيف .. ثم بدأ الحشد بانجاز مهمتهم .. فقد نقلوني بعربة .. عربة كبيرة .. كبيرة جدا.. وكنت اسمع الاصوات .. وأرى المدينة .. ثم بعدذلك، كنت أحمل . أفكك، وأفكك، ثم يعاد تكويني .. ولم أشعر قط بشيء ما إلا عندما أصبحت التمثال، التمثال الذي كنت أراه منذ ولدت .