الخميس، 22 ديسمبر 2011

موانئنا النفطية أولى بالمعروف-كاظم فنجان الحمامي


موانئنا النفطية أولى بالمعروف
جريدة المستقبل العراقية / بغداد في 21/12/2011
كاظم فنجان الحمامي
نحن عندما نتحدث عن الأولويات, التي يفترض أن نمنحها لموانئنا, فأننا ننطلق من المعطيات والأسس والأهداف السيادية والاقتصادية والملاحية, التي لا يتسع المقام هنا لاستعراضها كلها والتطرق إليها. .
كنا ومازلنا نذود بالدفاع عن منافذنا البحرية وممراتنا الملاحية, ونسعى لتوفير مستلزمات الرقي والتفوق والنهوض بمستوى الأداء نحو الأفضل, وبالقدر الذي يجعلنا نقف في مصاف الموانئ المتقدمة. .
وبناء عليه فأننا نرى أن التصريحات النفطية المعلنة في اجتماع مجلس الوزراء يوم السابع من حزيران عام 2011 ستعود بنا إلى الاتكال على الموانئ البديلة, والاعتماد عليها في تصدير النفط الخام, بدلا من تصديره عبر موانئنا العراقية, وستؤدي إلى هدر الأموال الطائلة لتغطية تكاليف المنشآت المينائية في العقبة واللاذقية, بدلا من صرف النزر اليسير منها في تغطية تكاليف بناء ميناء الفاو الكبير, أو صرفها في توسيع منصاتنا النفطية في خور العُمَّيَة وخور الخفقة. .
جاء في التصريحات انه في نية العراق تصدير أكثر من أربعة ملايين برميل يوميا من النفط الخام عن طريق الموانئ السورية والأردنية, لذا فأن الحد الأدنى من عمولات الترانزيت التي ستحققها الموانئ البديلة من الموارد المالية النظيفة, ستكون في أسوأ حالاتها أعلى مما تحققه الموانئ التجارية في العقبة وطرطوس واللاذقية من خدماتها المقدمة لسفن البضائع العامة المترددة عليها, فلو فرضنا ان عمولات الترانزيت التي سيدفعها العراق لسوريا أو للأردن هي دولار واحد فقط لكل برميل, فان تصدير أربعة ملايين برميل في اليوم الواحد سيحقق لتلك البلدان أربعة ملايين دولار يوميا, وبإجراء كشف حسابي بسيط, وكما مبين في أدناه, سنجد أنها ستجني (28) مليار دولار في حدود عشرين سنة:
1 dollar x 4 million barrel = 4 million $ / day
4 million $ x 360 day x 20 years =28.800 Billion $
ما يعني أننا سنفرط بهذا الكم الهائل من مواردنا المالية لتسديد عمولات الترانزيت وحدها, ناهيك عن المبالغ المترتبة على تكاليف إنشاء شبكات الأنابيب, ونصب محطات الضخ, وتكاليف تشغيلها وصيانتها, والتي لا تقل في أقل تقدير عن أربعين مليار دولار, فضلا عن احتمال تحمل العراق حصة كبيرة من تكاليف تطوير منصات التصدير في الموانئ السورية والأردنية, من أجل زيادة طاقتها التصديرية بما يتلاءم مع برامج العراق ومخططاته. .

وقد يضطر العراق لمساعدة البلدين وتمويل بناء موانئهما, أو توسيعها لكي تستوعب الزيادة المضافة إلى طاقتها التصديرية.
سبعون مليار دولار من المتوقع أن ندفعها لدول الجوار في غضون عشرين سنة عند تطبيقنا لسياسة تصدير النفط عبر الموانئ البديلة, في حين لا يتطلب منا إنشاء ميناء الفاو الكبير سوى عشر هذه المبالغ, وبالاتجاه الذي يضمن لنا بناء أرصفتنا المستقبلية العملاقة القادرة على استقبال أكثر من (100) سفينة عملاقة, وبمعدلات تصديرية أعلى بكثير من معدلات التصدير عبر الموانئ البديلة. .
وتجدر الإشارة هنا: أن سيطرة العراق على خطوط الأنابيب في شبكة التصدير الخارجية تنتهي عند الحدود العراقية, وتصبح منشآت التخزين والتحميل والعدادات تحت السيطرة السورية, أما في الأردن فالأمر يصبح أكثر تعقيدا لأن منصات التصدير ستقع تحت سيطرة الأردن من جهة, وتصبح في متناول السفن الحربية الإسرائيلية من جهة أخرى, فالنفط الخام في كل دولة من الدول يمر بثلاث مراحل: المرحلة الأولى وتتمثل بالإنتاج, الذي يقع تحت سيطرتنا, والمرحلة الثانية وتتمثل بالنقل عبر شبكة الأنابيب, التي نفقد سيطرتنا عليها بمجرد تخطيها الحواجز الحدودية, والمرحلة الثالثة وتتمثل بمنصات التصدير في الموانئ البديلة, والتي لا سلطة لنا عليها, وبالتالي فأننا سنخسر الكثير بسبب عدم قدرتنا على النهوض بواجبات الإشراف والمراقبة والتدقيق والرصد والمحاسبة في الموانئ البديلة.
بينما سيكون زمام الأمور كلها بأيدينا عند قيامنا بتصدير نفطنا عبر موانئنا الوطنية, أو عبر ميناء الفاو الكبير, الذي سيكون قادرا على تلبية احتياجات التصدير والنقل في المستقبل القريب والبعيد. .
ومن المؤكد انه سيكون قادرا على الوفاء بالتزامات وزارة النفط, التي تخطط لرفع سقف التصدير إلى (12) مليون برميل يوميا خلال السنوات الخمس القادمة, لذا فان تصدير أربعة ملايين برميل يوميا عبر الموانئ البديلة سيؤدي اقتطاع نسبة (40%) من حصة موانئنا والتنازل عنها لصالح دول الجوار, بحيث تكون تحت سيطرتها وبإشرافها. .
تبقى مسألة في غاية الأهمية, وهي: أن تصدير نسبة (40%) من نفطنا عبر الموانئ الأردنية والسورية المطلة على البحر الأبيض المتوسط, سيؤدي إلى زيادة الضخ من موانئ المتوسط, والذي تصدر منه كل الأقطار المطلة عليه, وبالتالي زيادة العرض لكميات النفط الخام, وانخفاض الأسعار, وتدهور الواردات العراقية.
مما لا ريب فيه أن الأوضاع الجغرافية الخاصة, التي تنفرد بها الموانئ العراقية المتقوقعة في الزاوية الشمالية الغربية من حوض الخليج العربي تلزمنا بتوفير أقصى درجات الدعم والإسناد لمنافذنا البحرية, الأمر الذي يستدعي عدم اللجوء إلى الموانئ البديلة التي ستزدهر وتنتعش على حساب موانئنا, ويستدعي عدم التفريط بموانئنا, فمشاريعنا المينائية أولى بالمعروف من غيرها. .
--

ليست هناك تعليقات: