الجمعة، 2 ديسمبر 2011
قصيدة الحسين للشاعر المصري احمد بخيت
أَسْمَاُؤنَا الّصحراءُ واسْمُكَ أخْضَرُ
أرني جِراحَك كلّ جرحٍ بَيْدرُ
يا حِنطةَ الفقراءِ يا نبع الرضا
يا صوتَنا والصمتُ ذئبٌ أحمرُ
يا ذبحَ هاجر يا انتحابةَ مريمٍ
يا دمعَ فاطمةَ الذي يَتحَدّرُ
إيٍهٍ أبا الشهداءِ وابنَ شهيدِهم
وأخا الشهيدِ كأن يومَك أعْصُرُ
جسدٌ من الذِّكْرِ الحكيمِ أديمُهُ
درعٌ على الدينِ القويمِ ومِغْفَرُ
عارٍ وتكسوه الدماءُ مهابةً
لا غمدَ يحوي السيفَ ساعةَ يُشْهَرُ
الأنبياءُ المرسلونَ إزاءَهُ
"والروحُ والملأُ الملائِكُ " حُضَّرُ
ومحمدٌ يُرخِي عليهِ رداءَهُ
ويقول: يا وَلَدَاه فُزتَ وأُخْسِروا
يا أظمأ الأنهارِ قَبلكَ لمْ تكُنْ
تَروي ظَما الدنيا وتظمأُ أنْهُرُ
لولا قضاءُ الله أن تظما له
لسعى إليك من الجنانِ الكوثرُ
يا عاريَ الأنوارِ مسلوبَ الرِّدا
بالنورِ لا بالثَوبِ طُهْرُكَ يُسْتَرُ
يا داميَ الأوصالِ لا قَبْرٌ لهُ
أفْدِيكَ إِنِّ الشَّمْسَ ليستْ تُقْبَرُ
طُلاّبُ موتك يا اَبْنَ بِنْتِ محمدٍ
خَرَجوا من الصحراءِ ثم تصحّروا
وكأن خيل الله لم تركض بهم
والسامرين بمكة لم يسمروا
وكأن برقًا ما أضاء ظلامهم
فمشَوا تجاه النور ثم استدبروا
وكأنما ارتدوا على أعقابهم
فأبوك أنت وهم جميعا خيبرُ
أوَلم يشمُّوا فيك عطرالمصطفى
كذبوا فعطر المصطفى لا يُنكَرُ
كلُّ القصائدِ فيك أمٌّ ثاكلٌ
في حِجْرِها طفلُ النبوةِ يُنحرُ
عريانةٌ حتى الفؤادِ قصيدتي
والشِّعْرُ بَيْنَ يَدَيّ أَشْعَثُ أَغْبَرُ
قلْ ليْ بمن ذا يَعدِلونك والذي
فطرَ الخلائقَ شسعُ نعلِك أطهرُ
شتانَ ما بين الثريا والثرى
بُعْدًا ويختصرُ المسافةَ خنجرُ
لولا قضاء الله لارتد الردى
عن حُر وجهِك باكيًا يستغفرُ
وَلَرَدَّ ذؤبانَ الفلاةِ ليوثُها
واحتز حمزةُ في الرؤوسِ وجعفرُ
ولذاد عنك أخوك أشجع من مشي
-إلا أبوك وجدُك المدثرُ-
ولكان أول من يرد رؤوسَهُم
للشام يعسوبُ الحقائقِ حيدرُ
والله لو لمحوا اللواءَ بكفِّهِ
لرأوا وطيسَ الحربِ كيف يُسعَّرُ
هو مَنْ علمتَ ويعلمونَ بلاءَهُ
وهو الفتى النبويُّ لا يتغيرُ
تمشي الملاحمُ تحتَ مَضْربِ سيفهِ
ووراء ضربتهِ يلوحُ المحشرُ
لو حارب الدنيا بكلِّ جيوشِها
تتقهقرُ الدنيا ولا يتقهقرُ
يأتي زمانٌ لا نجومَ ليهتدوا
يأتي زمانٌ لا غيومَ ليمطروا
يأتي زمانٌ ليس يعلم تائهٌ
هل فيكَ أم في قاتليكَ سيحشرُ؟
يأتي زمانٌ والمودةُ غربةٌ
والكُرْهُ بلدتُنا التي نستعمرُ
يأتي زمانٌ كلُّ شيء ٍزائفٌ
حتى اللِّحى العمياءُ وهي تُبصِّرُ
يأتي زمانٌ وابنُ آدمَ خُبزُهُ
دينٌ يدينُ به وفيه يُكفَّرُ
يأتي زمانٌ والكرامة سُبَّة
والعار فرعون الذي يتجبر
يأتي زمانٌ والسقوطُ وجاهةٌ
والناسُ مرعًى والرعاة الشُّمَّرُ
يأتي زمانٌ كل شيء ضده
الليلُ يُشْمِسُ والظهيرةُ تُقْمِرُ
يأتي زمانٌ لا زمانَ لأهلهِ
إلا رجال الله وهي تبشِّرُ
يأتي زمانٌ فالسلام على الذي
ذبحوه في الصحراء وهو يكبِّرُ
هذا ولائي يا ابن بنت محمد
أنت الشهادة والشهيد الأكبرُ
يدُ أُخْتِكَ الحَوراءِِ مسَّت جبهتي
فدماي تكبيرٌ وصوتي "المنبرُ"
كفي على جمرِ المودةِ قابضٌ
ودمي بحبِكُمُ الطَّهورِ مطهَّرُ
بايعت عن نجباءِ مصرَ جميعِهم
وأنا ابنُ وادي النيل واسْمي الأزهرُ
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
هناك تعليق واحد:
قوى جدا المقال الرائع والمميز
إرسال تعليق