الأحد، 27 ديسمبر 2015

نضال الأشقر ومُني واصف وماجدة الرومي... صور مبدعات موشاة بالفضة وردة تزرع في السماء مع همسة كل امرأة- مؤيد داود البصام




نضال الأشقر ومُني واصف وماجدة الرومي... صور مبدعات موشاة بالفضة
وردة تزرع في السماء مع همسة كل امرأة


     مؤيد داود البصام


ما هو السر في الشعلة التي تتأجج باستمرار؟ فأي طاقة هي التي تحرك هذه الديناميكية، وتجعلها دائمة التوهج، إذا لم تكن مرتبطة بمزود لا ينضب يحملها علي الاستمرار والبقاء، إنها الطاقة التي تتجدد في داخل النفس البشرية، كلما أستوقفها ألم إنساني، أو مشاركة حميمية لوجع ما، الطاقة المتأصلة في النفس البشرية في كل زمان ومكان، لا تحتاج لتأجيج لأنها تتحرك من تلقائها، بمشاعر خارجة عن إرادة الفرد، الحلم الذي يراودها أن تكون البشرية عائلة واحدة، والإنسان حر سيد نفسه، ينتمي إلي الذين يقفون في صف المقهورين والمضطهدين أينما كانوا، نداً في مقابل صف من لا يملكون الحس الإنساني والمشاعر المتعاطفة مع المظلومين ضد الظالمين. هذه هي روح الإبداع بأنساقه، الذي يحمل الوجع الإنساني ويناضل من اجل قهره، تحركه المشاعر الإنسانية التي تتلبس الكائن فيغدوا من فرط حساسيته، مثل الطفل في انفعالاته، حتى لتحس انك أمام أطفال وليس أمام عمالقة خرج من بين أيديهم وأفواههم وعقولهم أعظم الإنتاج البشري وأخلده، ان عظمة المبدعين الحقيقيين والذين خلدتهم أعمالهم، هي تلك المشاعر الانسانية المفرطة في الحساسية، والتي لاتنظر لأي مكسب سوي التعبير عن مشاعرها اللحظوية تجاه الحدث، تجاه الألم الانساني في كل زمان ومكان، و صوت (انتجونا)، يدوي في الارجاء يقض مضاجع الطغاة والظالمين " ولدت لأحب لا لأبغض "، انه المعني الانساني الذي يحمله المبدع في داخله، يتقن ممارسة الحب ولايعرف البغضاء والحقد، ولا أريد ان اتخذ المطربة الرائعة فيروز مثالا، لان ما كتب عنها يغطي ما للقول مجددا عنها، ولكن للفت النظر كمثال لنقطة مهمة في أداءها، انها عندما تنطق الكلمات ذات الاثارة والمعبرة عن المشاعر والاحاسيس، فان جسمها ينتفض وكأنها تخرج الكلمات بهذا الدفع الضاغط، حيث تهبط يديها بلا شعور الي ما تحت خصرها، ومع انطلاق الكلمات، ترتفع بيديها وبرفع جسدها الي اعلي كانها تستخرج روحها مع الكلمات، تريد ان تطير، بينما تتمثل عند كوكب الشرق في الحركة الشبه دائرية التي تقسمها ما بين اليسار واليمين وهزة الرأس وشد الكفين، وكانها تعصر الروح لاخراج الكلمات، وهو ما سنجده يتكرر بصور متوازية اومختلفة فيمن سنكتب عنهن، انه التعبير عن اقصي درجات التوافق بين الحسي والروحي.

ما أوجه التشابه في الأداء؟ هل المقارنة تفي بالغرض لاكتشاف الحقيقة؟ قد تكون المقارنة احد الطرق للوصول الي الحالة، ولكنها ليس كل شيْ، فالملاحظة التي اوردناها عن الرائعة فيروز وام كلثوم، ممكن ان نجدها في أداء الراحل ناظم الغزالي او عبد الحليم حافظ بصورة واخري كما سبق القول، او عندما كان الراحل محمد مهدي الجواهري يلقي شعره، او عندما يلقي الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد، او الشاعر مظفر النواب، وهناك امثلة كثيرة لاحصر لها في الوطن العربي لشعراء ومغنين وفنانين وممثلين، تنطبق عليهم هذه الحقيقة، ولكن هل هذا الرأي ينطبق عندما نتحدث عن ثلاث رائعات، بصمن باصواتهن وحركاتهن وسكناتهن، علي الفنون السمعية والمرئية، ليس في واقعهن المحلي بل تجاوزن محيطهن الي مداه الواسع عربيا وعالميا، وهنا نجد المفارقة، أن الراحل عبد الحليم حافظ كان بنفس الانفعالية في الاداء ويغرق في الاداء ويذوب مع الكلمات، بينما نجد اعظم الملحنين العرب محمد عبد الوهاب، كانت انفعالاته هادئة، ولا يتكلف مشقة الانفعال وتنساب الكلمات بتلقائية وسلاسة، وياتي السؤال، اين يكمن السر في هذه النقطة؟ .
ولسنا الان بمعرض الاجابة السريعة علي هذه النقطة، حتي نستوفي، ما اردنا ان نقوله، في اوجه التشابه في انفعالية الاداء بين المبدعات اللواتي اخذناهن مثالا علي صدق المشاعر، الذي جعل منهن قمما اينما وصل صوتهن او وقفن علي خشبة المسرح او ظهرن علي شاشة التلفاز، الفنانات نضال الاشقر وماجده الرومي ومني واصف، قمم وضعن بصماتهن في المسرح وفي الغناء، بصوتهن وادائهن الذي أبهر السامع والرائي، وعندما نتحدث عن كل واحدة منهن بخصائصها، فكانما نتحدث عن الأخريات .

نضال الاشقر.. وصوتها المعجون بالعسجد..

فهل تمتاز نضال الاشقر ببحة صوتها وتوناتها العالية، ذات النبرة الموسيقية المتعددة التونات؟ من دون ان تكون لهذه الحنجرة مثيلا؟ وللحق أن هناك مثل هذه الحنجرة الكثير، ولكن اني لهم هذا الايمان المترسخ بقضية الانسان، لتخرج الكلمات من القلب، بكل انحناءاته وتقلصاته، فتسمو الكلمات ويتعالي الجمال في اعمق معانيه، انه السحر الذي تعبر به حتي لكأنك تخر من وقفتك دهشة للكلمات من اين لها هذا السحر والجمال، انها تستخرج مكنونات النفس البشرية فتضيع في الانسجام الذي تحدثه فيك، الحركة، وتعبير الوجه، انه التعالي الذي تبثه، بين الاداء في حركة اليد والجسد وتعابير الوجه وانطلاق الكلمات، تختلط الاحاسيس بين الحس الرومانسي الشاعري الذي يوحيه رخامة الصوت، والبث الثوري لانطلاق الكلمة، الذي يجعل السامع تتجسد لديه الاحاسيس بشكلها المعمق كما اراد لها الكاتب او الشاعر، وتبتعد عن كونها كلمات مكتوبة او حروف منضودة، انما مشاعر متاصلة تصل بقوة اقناعها من خلال الصوت والحركة وجمال اللحن وابداع الخالق في تركيب هذه القيم الجمالية بتناسق مبهر، فتغرق بين لحن الكلمات وبسالة الحركة التي تمجد علو الانسان وشموخه، انها تحملك علي الارتفاع والسمو، تستخرج الكلمات بعمق احاسيسها التي انصبت من أعماق واغوار النفس الانسانية، التي تعيش الحب بكل جلاله لتمجيد الانسان والشجر والجماد وكل ما هو جميل، وهذه المشتركات تجدها تتكررعندما تسمع وتري الفنانة ماجده الرومي، اوتري المبدعة مني واصف.                       .

منى واصف وماجدة الرومي   والحميمية..   
الفنانة ماجدة الرومي بكل طابعها الدرامي، وهي تندمج بيديها وحركة جسدها، وزغللة عينيها وتعابير وجهها، تصل في لحظة النشوة الي فقدان السيطرة علي أجزاء الجسد، وتغدق تعابير وجهها صور الانتشاء والانسجام والذوبان بالكلمات، التي تخرج عن المألوف، وكأنها تحتار في اختيار الطريق الذي تخرجُ به هذه المشاعر، فتتحرك بتناقضٍ يصل الي حد التوهان، بهذا السمو الروحي الذي يسعي له المريد بالمجاهدة للوصول الي لحظة التجلي والتوحد، تنشر اطياف لكلمات تختلف مخارج حروفها عن مالوف ما نسمع، ان لحظة النشوة والذوبان التي تصاحب ماجدة وهي تنطق الكلمات، تجعلها كانها للتو تتذوق حلاوة ما تقول، وليس ما عملت عليه منذ لحظة اطلاعها علي النص والبروفات، فهو الزمن غير المحسوب للحظة التذوق والانتشاء، فاي كبرياء وسمو تحملها وهي تطوح بيديها وكانها تحارب جيوشا فتنزلق السيوف والرماح من بينهما، وليس أمامنا الا ما لخصت هذه الحالة بكلمات، في كيفية اندماج الكل بالجزء والجزء بالكل، ما عبرت عنه اعظم من ابتدع الرقص التعبيري في القرن العشرين، الراقصة الامريكية ايزادورا دنكان، 1878 ــ 1927، بقولها " المشهد هو أنا، لا تقولوا هو حالة نفسية، بل قولوا هو حركة نفس، أندفاعة نفس، انفجارة نفس، انني ارقص حركات روحي "، من مذكرات دنكان التي ترجمها الراحل حافظ الدروبي . انها حالة السمو التي تتحدث عنها في انطلاقة الروح في التعبير عن المكنونات الداخلية، حينما تتحرر الروح من قيود الجسد، وكذلك جسد هذه الحالة التعبيرية الخلاقة لسمو الروح وانطلاقتها، الراقص الروسي الاسطورة رودلف نورييف، 1938 ــ 1993، وهو نفس الاحساس والانطباع الذي تخلقه لنا الفنانة مني واصف، عندما تقف علي خشبة المسرح او أمام الكاميرا.

                                                  مني  واصف وحلم الشموخ..

أي اداء تقدمه هذه المبدعة واي كبرياء وشموخ، ينطلق في تعابير وجهها وحركة يديها وصلابة جسدها، حتي عندما تبكي، ففي بكائها كبرياء وكرامة المقهور الذي لايملك امكانية الرد، ولكنه لا ينحني لمذليه، في كل مشاهدها التي قدمتها في لقطات البكاء، هناك كبرياء وعزة نفس، وليس خضوع واذلال، انها تمثل روح الشموخ والعظمة، وليس شكل الذل والهوان، وهنا مكمن عظمة الاداء الذي تنسجه بقوة صوتها ورسوخ حركتها التي تمنحك طابع التحدي والسمو والشموخ، لما قرأناه عن المرأة المناضلة والفارسة، والجزء المهم في حياتها الاجتماعية والفكرية، المرأة العربية في حركتها الواقعية والاجتماعية والفكرية عبر العصور،] وهذا لايعني حصر الفكرة بطابعها القومي، ولكن ما قدمته من اعمال صورت المرأة العربية في عصورها من الخنساء ولحد الان [، انها تمنح البناء الدرامي للشخصية ابهي صورة، اذا كان دورا تاريخيا او اجتماعيا، لاتحس فيه تلك الميوعة، التي تخذل الممثل لعدم ادراكه وغوره في معرفة البناء الدرامي للشخصية المنوط به تمثيلها ضمن الجو العام، انها تمثل حالة الانسجام، وكأنما الدور هي وهي الدور، فلا يمكنك الا ان تنسجم مع انسجامها وتكسر الحاجز الذي بينك وبينها، بان ماتراه حقيقة وليس تمثيل. ان الجهد المفعم بتصوير الحالة واعادتها الي البناء العام للنص، هو ما تؤديه مني واصف وكأنها خلقت له.
فماذا يسع السامع والرآئي، الا ان يدرك الحلم الذي يتجسد علي ارض الواقع، ليتمثل حلمه، عندما نقف لاحتساب الرؤية والانصات، سندرك ان نشيد الانشاد الذي تتلوه نضال الاشقر بسحب الكلمات والالحان من الاعلي الي الاسفل، تقابلها مني واصف التي تبني قاعدة صلدة البناء لرفع الصورة والكلمات من الاسفل الي الاعلي، وتجتمع الصور والكلمات بين السماء والارض، عندما تشدو ماجدة الرومي، وكأن العالم يخلق من جديد، ويبقي أن ابداع المثال الذي اتخذناه نموذجا، هو الذي يحسسنا بانسانيتنا ويدخلنا في المتاهة بين الواقع والحلم، والرؤية والفنتازيا، ومرده عندما يكون الصدق في المنطلق هو الدافع الاساس الذي يلتزم به المبدع، يصدر هذا الابداع الرائع، وما يأتي بعده تحصيل حاصل.

4 قصص قصيرة جدا ً-عادل كامل





4 قصص قصيرة جدا ً


عادل كامل
[1] حزن

   سأل صاحب الحمار حماره، عندما احرن:
ـ أتفضل أن أجعلك وليمة لكلابي الجائعة، أم تعود إلى رشدك، وتمشي؟
بعد صمت طويل، رد الحمار:
ـ المشكلة أني لو مشيت، فعلي أن احمل ما لا يحتمل حتى تحين ساعة موتي...، من ثم  سترسلني إلى كلابك أيضا ً، لهذا أنا سأكون سعيدا ً لو فعلتها الآن، كي لا أراك، ولا أرى كلابك، ولا أفكر برؤية وجهي هذا القبيح! فقال له:
ـ لن أحقق لك هذه السعادة، مادمت عنيدا ً!
ضحك الحمار بشدة حتى سقط فوق الأرض:
ـ من منا الحمار، يا سيدي، أنا أم أنت؟
ـ ماذا قلت؟
ـ لقد تعلمت منك الغباء، فأنت تكرمني، بعد أداء عملي الشاق، بإرسالي طعاما ً إلى كلابك الشرسة، بينما كنت أريدك أن لا ترسل أحدا ً آخر غيري، ولكن المصيبة وجدت كي تبقى مصيبة، وإلا لكانت الحياة قد بلغت ذروتها، وصارت تعمل كما تفكر!
ـ حمار وتفكر...؟
ـ ولكن ماذا عن مصيبتك، إنسان ولا يفكر!


[2] نزف
   كتمت الحمامة فزعها وهي تراهم يفترسون شريكها الذي كان ـ قبل لحظات ـ يقف بجوارها، فوق غصن، في أعلى الشجرة. فراحت تبحث عن ملاذ لها حتى وجدت الأرض قد اكتظت بالوحوش الغريبة، وقد ارتدت أقنعة الدببة، والتماسيح، والصقور...، فسعت للعثور على ممر، أو شق، أو فجوة للفرار، فلم تجد...، فرأت غيمة سوداء تقترب منها، فاستنجدت بها، وهي مازالت ترى شريكها يتوزع جسده بين الفكوك، ويتمزق بين أنيابها ومخالبها، فرفعت صوتها مستنجدة:
ـ النجدة...، النجدة، أيتها الغيمة ...؟
وأضافت:
ـ خلصيني أرجوك فانا سأموت..
اقتربت الغيمة قليلا ً منها، وقالت لها، وهي تبحث عن حل لمساعدتها:
ـ وماذا افعل لك...، وأنا نفسي ابحث عن ملاذ!
فعادت الحمامة تتضرع:
ـ سيمزقون جسدي من غير رحمة!
فقالت الغيمة بعد تفكير:
ـ لا تضطربي...! فكل ما استطيع قوله لك: اهدئي، تجلدي، اصبري، وتظاهري بالموت! لعل نصرهم بافتراس شريكك العزيز يعمي بصائرهم فتتخلصين منهم.
   ولكن الحمامة التي صدمت بالرد، شاهدت الغيمة تحولت إلى زخات من المطر الغزير، أنزلته فوق الحديقة، فاختفى الضوء، وساد الظلام، آنذاك  أدركت الحمامة إنها نجت، إنما شعرت، في اللحظة نفسها، إنها قد تكون نجت من الموت، لكنها لم تكن تعرف من ذا سيوقف نزف قلبها الجريح!

[3] لماذا؟
    بعد أن أدى التحية، اقترب المساعد من قائده، وقال:
ـ سيدي...، تم القضاء على البعوض، فقد هدمنا مستعمراتهم، كما تم تخريب بيوت الصراصير، وتمزيق شملهم، مثلما أنزلنا ضربات قاصمة بالفئران، والديدان، والحشرات، والبراغيث، ومازلنا نطارد فلولهم المنهزمة، سيدي!
هز القائد رأسه وقال لمساعده:
ـ أحسنتم...، فلا مفاوضات، لا مصالحة، لا هدنة...، ولا رحمة بكل الخارجين على القانون!
ـ أمرك، سيدي.
   لكن القائد راح يخاطب نفسه:
ـ آ ...، لو عرفت ما الجدوى من وجود هذه المخلوقات الوضيعة، فما أن نعمل على اجتثاثها، ومحوها، حتى نراها تتشبث بالعثور على وسائل مستحدثة للمقاومة؟! آ .....، لو اعرف لماذا هذه المخلوقات الوضيعة خُلقت؟
     اقترب المساعد الذي سمع الكلام، من قائده، وقال هامسا ً بصوت مرتجف:
ـ سيدي...، أنا نفسي سمعت قائد البرغوث، وقائد الفئران، وقائد البعوض، يقولون وأنا اسحق رؤوسهم سحقا ً من غير شفقة، أو رحمة: آ ...، لو عرفنا ما الفائدة من وجود هذه الكلاب الشريرة...، ولماذا خُلقت؟!



[4] حمل
   سأل الحمل أمه وهو يرى النور للمرة الأولى:
ـ كنت أظن انك ِ، يا رمز الرحمة، ستدركين الدرس...، فبعد أن ذبحوا آباءنا، أجدادنا، وأسلافنا...، انك ستكفين عن الحمل، والولادة، ولا تأتين بنا للذبح!
   ضحكت النعجة بمشاعر آلية:
ـ أنت قد لا تعرف ماذا كان سيحصل لو لم ْ افعل....، فهناك ما لا يحصى من النعاج، يحملون، وينجبون ما لا يحصى من الحملان.....، فالعلماء استبدلوا عمليات الإنجاب بالتخلص من أسلافك وأجدادك وآباؤك أيضا ً...، بالوسائل الجديدة، حتى لو مكثنا من غير ذكور...! ولكننا ـ مع ذلك ـ نأمل أن يسترجعوا رشدهم، هؤلاء الأشرار، ذات يوم، وهذا هو آخر أمل لنا بالنجاة، لنرجع عذارى نرعى في البراري، ونتنزه طلقاء في المزارع... ؛ الخرفان مع النعاج، محتفلين بذريتنا ولكن ليس للذبح!
23/12/2015

الخميس، 24 ديسمبر 2015

غالب المسعودي - آيس كريم(قصة سُريالية)

آيس كريم(قصة سُريالية)-د. غالب المسعودي

آيس كريم(قصة سُريالية)
د. غالب المسعودي

كنت صغيرا اعمل في مطبخ ملهى ليلي لأصحاب النفوذ ,اسهر ليلي لأصبح في المدرسة ,لم تكن بعيدة عن محل عملي, اننا, انا والملهى والمطبخ وغسالة الصحون في وحدة جغرافية واحدة ,المدرسة تبعد عنا اشبار ,اصحو صباحا ,ملابس المدرسة هي ملابس العمل, وعدونا في المدرسة ان يعطونا كسوة معونة الشتاء, قررت ان اذهب للمدرسة بإرث ثيابي ,علما ان ملابسي كلها رثة, طلبت من رئيس الطباخين ان يعيرني ملابس جديدة كي اقضي تلك  الليلة في مطبخ الملهى فقط ولهذا اليوم, لأني ابلغت ,انه سيحضر ضيف مهم ,وهذا الضيف سيكرمني ان اعددت له طبق ايس كريم مما يشتهيه ,سالت اصحابي ومن لهم خبرة في استقبال مثل هذا الضيف ,اخبروني انه لا يحبه تقليديا, يشتهيه اكثر عندما يكون مغطي بالشوكولاتة, ان يكون مرتفعا عن قاعدة الماعون, ان لا يكون عريضا, يصعب على فمه التقاطه ,يشبه منارة المسجد ويتحمل اسلاك الضغط العالي, واجهت نفسي, انا صانع صغير ان فشلت محاولتي سأبحث عن عمل ليلي في ملهى ثان ,وان شغلت خيالي قد افوز بجائزة من هذا الضيف المهم, احضرت مواد صنع الايس كريم من ثلاجة المطبخ عملت بكل ما اوتيت من خبرة ,صنعت تمثالا يشبه مردوخ, متعالي له عين واحدة, سكبت عصير الشوكولاتة فوقه ,اصبح يشبه قضيبا افريقيا منتشي في السماء, جاء النادل .........!هل احضرت ما اوصيت به.....؟ قلت نعم, سحبت الطبق من بطن الثلاجة, احمرّت عينا النادل صرخ بأعلى صوته....! هل هو ايس كريم....؟ تريد ان يبطش بنا الضيف الهام ,حاول ان يضرب وجهي بلكمة انسحبت تحت الطاولة لم يصبني بأذى, لحظتها حضر الضيف المهم كان يتفقد ما يعد له من الطعام, سمع صراخ النادل, استفهم منه ,قال لي ما اعددت لي ,ناولته طبق الايس كريم, أحتضنه بفرح غامر, خاطب النادل قل له ان يعد واحدا اخر, ناولني عدة قطع نقدية, خرج النادل خائبا وانا مبتسم, امضيت ليلي بصنع مردوخ اخر ,اكملته وضعته بالثلاجة, اخذ التعب مأخذه, نمت...! حلمت كأنني اطفو فوق ماء اسن رائحة البول تزكم انفي ,كائنات لا اعرف جنسها تغطس تصعد تطبل, يضيق الافق ,تسلقت فوق يدي حرباء صغيرة, استلذذت بملامحها ,ذيلها مقطوع اسنانها مشققة ,لونها سرمدي غاطس في الافق, تتباكى مع خاصرتي, وضعتها فوق راسي استكملت سبعون عاما مما تعدون, ذيلها نمى الى اخره بيضتها صخرة نمت على عنقي, بدأت اغطس في الوحل تحت ثقلها ,اسعفني تحملي, جرذان بيض وسود تنمو تحت كاحلي ,اجرّب  الغيم من تدخل ملامحها ,اطفال ينزحون من الهموم الى الهموم, فراشات سوداء تظلل افئدتهم, المشهد مرتبك ,عقارب ترش فوق راسي الماء, عصافير تضحك, مسامير تغني, ماذا حدث هل فقدت الارض جنسيتها ام بطاقتها التموينية ,ارتسم فوق جبيني شفق يسخر من النوم, سحب طبق الايس كريم من الثلاجة, ضغطه بهدوء ومعرفة في مؤخرة الطيف المهم, انتشى ضيفنا, زار كل الاراضي القدسية, عند العرب واليهود, اعلى سبابته في الهواء تجشا اولا ثم ابتلع ريقه, شرب حفنة ماء مقطر, صرخ مليء حنجرته ,الموت للاستعمار, الله اكبر ........!كانت صرخة مدوية صحوت على اثرها من حلمي, لم استلم معونة الشتاء وصلت في الدرس الرابع ,طلب مني المدير ان اجلب ولي امري, ولي امري في الملهى الليلي اما الراقصة او الطبال, فضلت الراقصة لعلها تهز كرامته بغنجها واحصل على الصفح من لدن عميل كريم.

الأربعاء، 23 ديسمبر 2015

وداعا علاء الشبلي


قصص قصيرة جدا ً 7×7-عادل كامل

قصص قصيرة جدا ً


7×7

عادل كامل



[1]الحمل والغراب
سأل الغراب الحمل:
ـ لِم َ لم ْ تعد خائفا ً...؟
فأجاب بلا مبالاة:
ـ لم يبقوا أحدا ً من القطيع...، فهل أنوح واشتكي كي يسمعني الراعي ويزداد طربا ً، وبهجة، ألا يكفي إنني لم اعد أفكر حتى بالإصغاء إلى صوتي؟!

[2] صمت
ـ ما هي أحوالك...؟
  مكثت الغزال، بعد أن ابتلعها التمساح، لا ترد على تساؤلاته، ليس لأنها أدركت إنها لن تخرج، كما دخلت، بل لأن التمساح ذاته سينشغل متربصا ً بثور تائه، أو بغزال أخرى أضلت الدرب!

[3] سؤال
    بعد أن افترس السبع أشباله، الواحد بعد الآخر، شاهد اللبوة تقترب منه، لعلها تغويه...، فقال لها:
ـ الآن أنا اجهل من منا أكثر اقترافا ً للذنوب؟

[4] عماء
    سمع الثور القصاب يخاطب السكين:
ـ من منا الأعمى...؟
أجاب الثور:
ـ لا أنت..، ولا هي...، ولا أنا أيضا ً!
صدم القصاب بالجواب، فسأل الثور:
ـ من إذا ً...؟
قال الثور، وهو يخور شارد الذهن، وينزف دما ً اسود:
ـ آ ...، لو كنت اعرف!
فسأله القصاب باستغراب:
ـ وماذا لو كنت عرفت...؟
    لم يجد الثور إلا جوابا ً واحدا ً:
ـ لكنت قتلت نفسي قبل أن تعذبني بسكينك العمياء!
   قالت السكين حالا ً، وهي تفطس من الضحك:
ـ هذه هي العدالة...؛ لا احد منا ارتكب الإثم...، هذه هي العدالة...؛ لا احد منا يستطيع أن يكون بريئا ً قط!

[5] كرامة
   سأل البغل الشاة التي ولدت حملا ً توا ً:
ـ من منا أفضل درجة من الآخر...؟
قالت بثقة:
ـ أنت!
فسألها متعجبا ً:
ـ ولكني لم أحبل كي ألد حملا ً جميلا ً حتى لو أرسلوه إلى المسلخ...، فأنت ِ ـ يا سيدتي ـ أفضل درجة مني...
ـ آ ...، أيها البغل السعيد...، كيف تقول هذا، وأنت أفضل منا درجات...، لأنك تمضي حياتك الطويلة من غير شكوى، ومن غير تذمر، عدا...، أحيانا ً، عندما يمسون كرامتك، آنذاك تلقي بجسدك إلى الوادي!
ضحك البغل بصوت شفاف:
ـ الآن أدركت إن احدنا صار اقل درجة من الآخر...! فأنت لا يؤنبك ضميرك بالحبل والولادة...، ولا أنا أجد خلاصي إلا عندما تداس كرامتي!

[6] استحالة
قالت الحمامة تخاطب البلبل بعد أن فتحت له باب القفص:
ـ أيها الأسير...، آن لك أن تتحرر، وتتمتع بالطيران ..!
ابتعد البلبل عن الباب المشرع، منزويا ً في احد زوايا القفص، وقال لها:
ـ صحيح سأحلق في الفضاء...، وأتمتع بالحرية..، ولكن من اجل أن امنحهم متعة مطاردتي، وصيدي، وربما ـ في هذه المرة ـ لن أنجو من رصاصات الموت، حتى لو صعدت إلى السماء السابعة!

[7] لا تتردد
     عندما مد إصبعه ليضغط على نابض الحزام الناسف، شاهد الغزلان والطيور والأسماك تتجمهر من حوله، تسأله:
ـ أستاذ...، بعد أن تفجر جسدك، هل ستصعد أرواحنا معك إلى السماء؟
أجاب الحمل:
ـ هذا أفضل من البقاء هنا تتعفنون في هذه الحديقة!
   ولكنه تردد في الضغط، وتفجير جسده، فسحب إصبعه، كي يسمع الجميع يصرخون بصوت واحد:
ـ افعلها، افعلها، افعلها...، في الأقل، لن نبقى نستنشق هذا العفن، أو نموت ألف ألف مرة في اليوم الواحد، فأنت لن تموت بعد هذا اليوم، ولا نحن سنطلب الرحمة!
13/12/2015
Az4445363@gmail.com



الاثنين، 21 ديسمبر 2015

شعراء بلا قصائد روائيون بلا روايات--*خيري منصور


شعراء بلا قصائد روائيون بلا روايات
*خيري منصور


في غياب النقد الذي يعادله حضور الممالأة والمقايضات والحكّ المتبادل، فقدت الكتابة وفي مقدمتها الشعر الكثير من هيبتها التقليدية، فهي خارج اهتمام الدولة إلا بقدر ما هي موظّفة لصالح الميديا، أو لاستكمال مهرجانات تهدف إلى حجب الفساد الثقافي، والأنيميا التي أفقدت مهنة الكتابة مناعتها.
لهذا لا يتردد أي فرد في إطلاق اسم الشعر أو الرواية على ما يكتب، حتى لو كان مجرد هذيان، وهو لن يعدم من يصفق له تماما، كما أن الأحمق الذي تحدثت عنه سيمون دي بوفوار في كتابها «واقع الفكر اليميني» يجد من هو أشد حمقا ليطري أخطاءه بانتظار رد الجميل على هذيان وأخطاء أخرى.
في ستينيات القرن الماضي بلغ التجريب ذروته في الشعر والتنظير للثورات، والتمرد على موروث استمد شرعية استمراره من مجرد التكرار والحصانة ضد النقد. وكانت الحركة النقدية في العالم العربي موازية لتيارات شعرية بالغة الحيوية، وكان لدى الحالمين بالألقاب درجة تحول دون اندفاعهم إلى ما يجهلون، لكن ما أن انحسر النقد الجاد وتوارى خلف متابعات صحافية عابرة تجتر بضع عبارات مستعملة حول كل النصوص، حتى اتسع الهامش لمن يعتقدون أنهم أول من كتبوا أو رسموا أو غنوا، ثم جاءت العولمة بمحاصيلها التكنولوجية ليصبح كل شيء مباحا ومتاحا ليس على طريقة ديستويفسكي والدلالة الميتافيزيقية لعبارته الشهيرة، بل على طريقة: قُل ما تشاء، وسمه ما تشاء ولا تنتظر صداه، وساهمت ظاهرة الغموض التي صاحبت الشعر الحديث منذ بواكيره في تقديم ذرائع لمن لا يفرقون بين غموض الفحم وغموض الماس المتلألئ.
وكان كتاب ويليام امبسون «سبعة أنماط من الغموض» بمثابة فك اشتباك مزمن بين الغموض والإبهام، فالغموض عمق وإيحاء واستبطان. أما الإبهام فهو ناتج عن عجز في أدوات الكتابة وبالتحديد الشعر، وعلى سبيل المثال استوقفت عبارة للشاعر إليوت نقادا من طراز ماثيسن بسبب قابليتها لعدة تأويلات، وهي البوابات الحارة، فهي ذات إيحاءات جنسية، كما أنها قد تعني ما تبقى من أطلال وبوابات لحروب قديمة، وربما لهذا السبب اضطر إليوت إلى إضافة ملحق بهوامش كثيرة لقصيدته «الأرض اليباب».
ما أعنيه بشعراء بلا قصائد ذلك النمط الطارئ من سلالة شعرية رضعت اللون الأخضر من الحبر أو دهان الجدران وليس من العشب، فهي مضادة لكل ما هو عضوي، واشبه بمستحضرات تجميل لغوية وبلاغية يكفي قليل من الماء أو العرق أو الشمس لإزالتها وافتضاح ما كانت تخفيه من ندوب، وهناك شعراء لا نجد لديهم، رغم وفرة إنتاجهم قصيدة متكاملة العناصر والمعمار الفني، لأنها تفتقر إلى الرؤيا والاستبصار ومن هنا نمت ظاهرة جديدة هي البعارة، والبعارة كما يعرفها الفلاحون هي التقاط ما تبقى تحت الشجر من ثمار، سواء سقطت من تلقاء ذاتها لعدم مقاومة جاذبية الأرض، أو عفّ عنها الفلاحون، وحصيلة البعارة غير متجانسة على الإطلاق تماما كما هي البعارة الشعرية التي تسطو على مفردة هنا أو صورة هناك من قصائد استحقت تصنيفها شعرا.
وهنا أتذكر ما قاله يوجين يفتشينكو ذات يوم وهو، أن الشاعر في نهاية المطاف هو حاصل جمع قصائده ولا شيء آخر، ورغم أن يفتشينكو اشتهر بقراءة قصائده مسرحيا وبأداء صوتي وحركي، لكن تشبّث العربي بالألقاب حتى لو كانت مجرد قبعات أو أقنعة يصرفه عن مراجعة ما ينجز، وإذا كانت هذه الإصابة قد بلغت ساسة وجنرالات أصبح لبعضهم سبعة ألقاب على الأقل، فإن جذر الظاهرة أدبي وشعري بامتياز، لهذا تم تصنيف شعراء وكتاب في خانات، منها الكبير والأكبر، وكأن هناك شعراء صغارا، وتسبب هذا الانتحاء اللغوي في تصنيف الشعر ذاته إلى صغير وكبير، والحقيقة أنه إما أن يكون شعرا أو لا شيء على الإطلاق، لأنه عندئذ سيفقد أيضا خاصية النثر. إن ما سماه نقادنا القدامى وقع الحافر على الحافر وما أطلق عليه النقد الحديث التنّاص يحتاج إلى تسمية ثالثة، قد تكون السّطو أو البعارة أو برادة الحديد أو غبار الذهب المتطاير منه أثناء صقله.
ثلاثة عوامل ساهمت في جعل الكتابة الحائط الأوطأ والهامش المهمل هي تفشّي الأمية بكل تجلياتها الأبجدية والمعرفية والجمالية، وسلالة الإنترنت التي جعلت البعض يصافحون أنفسهم أو يقبّلونها في المرايا، بحيث أصبح حتى الشعر مشمولا بعادات غير علنية. إن زمنا ترصع فيه الأوسمة صدور جنرالات تتلخص سيرتهم العسكرية في ست هزائم على الأقل علينا أن لا ندهش فيه من شعراء بلا قصائد وروائيين بلا روايات وأوطان بلا مواطنين ومهاجرين بلا أنصار.
وما قلناه عن شعراء بلا قصائد ينطبق على روائيين بلا روايات، لأن كثيرا مما يصدر عن دور نشر بلا تقاليد، هو مجرد بوح أفقي ونثر وظيفي، وقد لا يصل إلى دون كيشوت لسرفانتس لأن من بدهيات الرواية وتعريفاتها أنها ملحمة البرجوازية، كما قال لوكاتش، وإسقاط الأقنعة وإطراح الحياء كما قال البيريس، وأخيرا هي فن اللاامتثال المضاد للقطعنة كما قال كامو .
لقد أدت البطالة النقدية إلى ازدهار في مواسم الكتابة، خصوصا لدى من لا يقرأون غير أنفسهم، وما أعنيه بالقراءة هنا ليس الكتب، بل استقراء الواقع والطبيعة والعلاقات الإنسانية. ومن الطريف أن شحة الديمقراطية في العالم العربي أصابت الروائي بالعدوى، فهو طاغية ينطق نيابة عن شخوصه وقد يجرهم إلى الهلاك لعجزه عن التحكم في مسار مصائرهم.
إن واقعا أصبح المبتدأ فيه بلا خبر والفاعل مفعولا به لا بأس أن يكون من إفرازاته شعراء بلا قصائد وروائيون بلا روايات!
________
*القدس العربي


التاريخ : 2015/12/18 11:08:19

الأربعاء، 16 ديسمبر 2015

إرهاب في مالي(قصة سُريالية)-د. غالب المسعودي

إرهاب في مالي(قصة سُريالية)
د. غالب المسعودي
ارسلت لي زوجتي فلم قصير من اليوتيوب عن طريقة سريعة لتقشير الرمان, تعرفني احب عصير الرمان, خلال متابعتي للفلم وجدته طويلا وانا اقشر خلال وقت المتابعة ,تبعتها بموسيقى هادئة اسلمتني الى نوم هادئ, غطست عموديا في حلمي واجهتني في القاع صخرة , ملساء تضيء, عليها علامات تحكم, كأنها شاشة لمس ,كانت قريبة من مقدمة راسي لا مست جبيني بخفة, انقلبت  الاشارات والصور الى صفحة فيس بوك ,الخانة الاخبارية, المحادثات مستمرة رغم تعثر الهدنة, احد المسؤولين يصل, زيارة مفاجئة ,المليشيات لا تلتزم بالهدنة, تحاصر, مواجهات حادة ,لكن المحلل العسكري قال انها هي من مستلزمات تعميق الحوار, قبل ان اغطس الى حلمي شبعت جدا من التحاليل الطبية, لذا فضلت ان اتابع قناتي المفضلة, على قمر قنوات الدواب, لكن للأسف ,كانت الدواب تنقل اسلحة ,يزودهم بها اهل الخير, مررت يدي على الخيار الثاني, لعلي اعثر قناة موسيقية ,الحقيقة عثرت على عدة قنوات, اكثرها حزينة ,بينها  اروع موسيقى هادئة وحزينة , انا متلبس بالحزن, اذن لأبحث عن موسيقى تساعدني على الطفو فوق الماء, نتائج البحث تشير الى موسيقى رسالة من تحت الماء ,حاولت ان اشغل مكبر الصوت, وصلني المقطع انك تغرق.... تغرق.........! اقفلت تلفازي في القاع ,هل ادخن...؟ قالت لي سيكاري انا مشتعلة فوق الماء, هناك الكثير من المعتقلين مثلك يراقبونني, ان كنت تستطيع العودة الى سطح الماء ستشم اول نفس من مؤخرتي, مؤخرتي الان مهملة المعتقلون كلهم تحت الماء ,منهم وزراء حاليون واخرون سابقون, انها لعبة قذرة ,الكل غطس في المستنقع ,حدد خيارك انا اطفو فوق الماء, حتى وان كان آسنا ....؟لا اعرف اتجاهي حتى ان عفن الماء تخلى عني..........! بائع الاسماك يجر عربته يبيع اسماكا ميتة, عربات الباعة المتجولين تحاصر اجزائي بأصوات مكبرات , يسيرون بلا هداية ,جائعون انفاسهم تغرق في مصيبتهم ,كلهم عاطلون عن العمل, هم متفقون على انهم عاطلون وجائعون ,لكنهم لا يختلفون في مذاق السوشي الذي اذهلهم بمذاقه المر ,يتطلعون الى مشاريع مشتركة مثل تعزيز السياحة الفضائية في العام المقبل داخل جزر مالي, ومحاربة الارهاب في المريخ, فك الارتباط بين عيد جلوس الملك والنظام الاشتراكي , وذلك بإعلان تحالف جديد يحوي على مركز ادارة واستعلام متطور, بين هذه الفوضى حزمت امري  وامتعتي ,هناك خط احمر اجلته الى القصة القادمة, علي ان ادافع عن الشرعية , صرخ الحاضرون رافعين ايديهم بعلامة نقطة نظام, نحن لا نسمح بتشويه القيم الاسلامية في هذا الجو المترب, غطست الى صخرتي الالكترونية وجدتها منفتحة على الحوار, المذيعة وجهها منقسم الى نصفين ,الاسفل عليه ابتسامة الموناليزا, الاعلى علية غضب درا كيولا ,علامة مغص كتابية بينهما ,حاولت ان اقلب القنوات ,لم افلح الصورة نفسها, صوت المخرج بين الكواليس عال جدا, ذيعي الخبر, انك تستمرين في المعاندة, تؤشر على جزئها الوسطي, اضطر المخرج ان يذيع الخبر تحت فقرة عاجل, عملية ارهابية في مالي, يبدو انها كانت تعاني من الام  تؤثر على جزئها الاسفل ,ترددت كثيرا في لفظ اسمه بالكلمات الدارجة, عاقبها المخرج , كما عاقبتها الطبيعة, كانت تعتقد ان حملها سيستمر كي توقعه بحبائلها, لذا كان وجهها ينتصف التعبير ,فرقعات فقاعات هوائية طفوت على حلمي وانا اعاني من مشكلة الارهاب في مالي.

قصة قصيرة الثعلب في المغارة- عادل كامل

قصة قصيرة

الثعلب في المغارة











"
أنت تتكلم، إذن أنت تحاول أن تقول غير ما تقول، أن تقول غير نفسك، غير الأشياء التي تتحدث عنها."
عبد الله القصيمي


عادل كامل
ـ أنا لا أتحدث عن اختلافات بيني وبينك!
   وشرد ذهنه، للحظات، متابعا ً:
ـ بل بيني وبيني...، فانا لست أنا الذي تعرفه! حتى إنني لم اعد اعرف من أكون...، بل وحتى لا أريد ان امتلك تصوّرا ً لأكون عليه.
    توارى الثعلب في المغارة، وقد أغلق بابها، بعد ان طلب من مساعديه، وحرسه الخاص، محو كل اثر دال عليها.
  كانت المغارة مستطيلة، مثل قفص، مظلمة، وباردة، وقد وجد لذّة بسبب نعومة التراب، ممتزجة بالصمت.
ـ فأنا لا أشبه نفسي...
    فلم تكن ثمة مرآة، أو ضوء، أو صدى:
ـ اخبرني ـ أيها التراب ـ من أكون...؟
بشرود سمع من يقول له:
ـ أنت هو أنت!
أجاب ساخرا ً:
ـ اعرف أنا هو أنا، مثلما اعرف: أنا لست ـ هو ـ أنا...، فهل تغويني بلعبة لا يسترها قناع...؟
ـ آ ....، أصبحت تفكر، أيها الثعلب، يا سعادة المدير، بعد سنوات طويلة أمضيتها تصول وتجول...، تأمر وتنهي، تعاقب وتعفو، تنذر...و ..
ـ أفكر؟
   ودار بخلده انه ربما يكون قد هرم، أو جنّ، أو أصيب بالداء الذي لم يسلم منه احد، لا النمل ولا الحشرات، لا الفئران ولا القرود، لا الحجر ولا الشجر!
ـ أو بالأحرى لا معنى لوجودي من غير وجودهم!
سمع صداه، فأجاب:
ـ لكن ما الذي جنيته منهم، وما الذي حصلت عليه، سوى الشقاء، والأذى، والألم؟
ـ ها، ها، من أشقى من، ومن أذى من...؟
   راح يحدق في العتمة، ويحفر فيها:
ـ ماذا غير ذلك، فانا أيضا ً كنت أدافع عن وجودي.
ـ ولكنهم كانوا يستغيثون، ويطلبون الرحمة، فلم تترك ظلما ً لم توزعه بعدل عليهم، تارة، ولم تترك عدلا ً لم تسلبه منهم تارة أخرى. كانوا يمكرون فكنت تفرط بمكرك حتى أصبح أعظمهم مكرا ً.
أفاق:
ـ هنا، في هذه المغارة، أنا ـ هو ـ من طلب هذه المحاكمة!
   لم يجد ردا ً. ولا صدى. فراح يتلمس التراب بأصابع مرتجفة، كان باردا ً، ومازال ناعما ً، تاركا ً رأسه ينحني إلى الأسفل، بعد ان فقد قواه:
   وسأل نفسه بشرود:
ـ والآن ماذا افعل لو خرجت...؟ هل ساجد الصراصير تحولت إلى بلابل، أو الضباع غيرت طبائعها، أو الذئاب تخلت عن أنيابها، أو الصقور تنازلت عن مخالبها، أو العقارب تحولت إلى حمامات..، وأنا فشلت في ترويض ثور هائج، أو إخماد غضب خنزير..؟
ـ لم يعد لوجودك، معنا، معنى...، يا سيدي!
ـ سيدك؟ وقد أصبحت بلا حول ولا قوة، فمن أنت...؟
   لم يسمع ردا ً.
ـ فانا هو السبب إذا ً...؟ بالأحرى السبب هو أنا. فانا لست السبب حسب، لأن الأسباب هي التي صنعتني، وكانت سابقة لوجودي، حتى ان الجميع قالوا لي: لا تنظر إلى الخلف!
   شم رائحة الببغاء ـ مستشارته ـ فرفع رأسه:
ـ أنا لم اطلب منك الحضور.
ـ هذا هو عطري...، كم مرة تغزلت به، وقلت لي: طالما أسكرني!
ـ اعرف...، ولكني طلبت منهم ان أدفن كما يُدفن الموتى...، فلماذا هذا العطر؟
ـ هذا هو جزاء أعمالك، سيدي.
   ارتج جسده: من يهزأ بي، حتى إني لا امتلك إلا ان أرى الظلمات، وقد طوقتني من الجهات كلها.
   وسأل نفسه:
ـ الم ْ اطلب منهم حرقي، وذر رمادي فوق أجنحة الحديقة وزرائبها..؟
ـ لا ...، كنت تخاف من النار، وتخاف من الريح، وتخاف من الماء.
قال مذعورا ً:
ـ  حتى ان خزائني امتلأت بالخوف....، فصرت أخاف منها. أخاف من المجد، وأخاف من السلطة، وأخاف من النعيم، وأخاف من الخلود..، وأخيرا ً أصبحت أخاف من الخوف! فالأسد قال لي: يا سيدي، عندما أشيخ تبول الفئران علي ّ...، والفيل قال ان النمل سيلهو به عند الهرم. أما أنا فقلت: لا تدع أحدا ً يراك والحشرات تلهو بجسدك، والذباب يطن فوق رأسك.
   أغلق فمه، لبرهة، مصغيا ً لذبذبات كانت تأتيه عبر ذرات التراب:
ـ على من ينقلبون ...، وأنا بنفسي تخليت عن نفسي! أنا كرهتها، ليس من شدة إعجابي بها، بل بغضا ً لها.
سمع من يهمس في آذنه:
ـ لعبادتك لها، حتى صارت وثنك،  تجهل ان كانت هي أنت، أم أنت صرت خالدا ً، أيها الدكتاتور الطاغية!
فسأل نفسه بخوف:
ـ أكنت طاغية، أكنت دكتاتورا ً...؟
  لم يجد ردا ً، ولا صدى:
ـ إذا كان الكل على صواب، إذا ً  فالكل على وهم!
   ودار بخلده: لا معنى للتراجع، فانا اخترت ان اذهب إلى الموت بنفسي.
ورفع صوته:
ـ الم ْ اطلب منك ذلك؟
قال الموت:
ـ لا!
ـ ماذا قلت، أتنكر، أم تناور، أم تتسلى بمصيري؟
ـ ما ـ هو ـ برهانك انك تخليت عن السلطة، وعن المجد؟
ـ الم ْ اطلب من حرسي الخاص، وفرقي السرية، والتنظيم اللامرئي، صناعة هذه المغارة، هذا المدفن،  في هذا الموقع المجهول...، الم ْ اطلب منهم ان لا يعلنوا ذلك...، لأحد، وان أتوارى، بهدوء، بشفافية، والى الأبد؟
ـ من ْ من تسخر، وأنا اعرف ان الذي يتكلم فيك، ليس هو أنت، الذي تتخيل انك تصغي إليه...، لأنك مهما عملت لن تحصل على الذي ليس هو لك !
ـ طلبت الموت؟
ـ لأنك لم تطلب إلا ذاتك!
ـ وهل باستطاعتي ان أتخلى عنها، كي أكون الذي ابحث عنه...؟
ـ وهل بحثت حقا ً عن الذي لم تجده...، أم انك وجدت الذي عملت كي لا تفقده...؟
ـ ها أنا ..، لا اطلب إلا الموت.
ـ لن تجده.
ـ ها أنا حصلت عليه!
ـ لكنك لم تمت بعد، وإن كنت بعداد الموت، بل بعداد من لم يولد بعد!
ـ اخبرني ...، الم تكن الحياة هي أعلى درجات الموت، وإن الموت هو ذروتها؟ الم اقل ذات مرة ان الصمت هو أعلى درجات العويل، وان العبودية ما هي إلا ذروة الانعتاق، والحرية؟
ـ ها...، كأنك لا تريد ان تخسر هزائمك أيها الثعلب العنيد؟
ـ سأسألك، ببساطة، ماذا تريد مني؟
    لم يجد صدى أو ردا ً.
ـ حتى الموت الذي هربت منه، حتى الموت الذي ذهبت بنفسي إليه...، حتى هذا الموت له طبائعنا، وصار مناورا ً، وماكرا ً، كهذا الشعب!
  عاد يسمع:
ـ انهض.
ـ لا اقدر ان افعل.
ـ فانا سأدلك على الدرب، ألا ترغب أن تذهب إلى الفردوس؟
ـ لا! من قال لك أني كنت ابحث عن جزاء لا استحقه، وهل يجزى  مثلي ـ من غير عمل ـ وهو الذي خلق من وحل هذه المستنقعات...؟
ـ لا تجدف...، ألا تخاف...، فكل كلمة ستشهد عليك، وكل فاصل صمت ما هو إلا وزر، أم ترغب ان اخرج إلى الحديقة...، واطلب من شعبك ان يراك، ويرى ما أنت عليه؟
ـ لا، لا، افعل كل ما ترغب ان تفعله، عدا ان يراني شعبي وأنا في المغارة!
   ماذا قلت؟ دار بخلده، انه ـ ربما ـ فقد المنطق، وغدا يرى نهايته سابقة على يوم ولدته أمه في البرية، في يوم بارد، وتركته وحيدا ً في الدغل! لحظتها رأى الشمس ترسل أشعتها ممتزجة بالغبار، فسمع دويا ً، وضجيجا ً، واستنشق دخانا ً، حتى كاد يختنق، فحملته أمه إلى المغارة، وكانت ضيقة، لا تتسع إلا له، بعد ان لاذ الجميع بالبحث عن ارض آمنة.
أفاق:
ـ ثم وجدت جسدي داخل قفص، فماذا افعل...، سألت نفسي، فأجابت: كن مثل أسلافك. ها ..ها، فذهبت وتدربت عندهم، ليل نهار، حتى انتهت رحلتي...، إلى الحديقة، ثم ها أنا في المغارة. فطلبت الراحة، فاستعصت علي ّ، أبت، تكبرت، تجبرت، كي أذل، ثم جاء الموت ليقودني إلى المكان الذي هربت منه.
   هامسا ً راح يخاطب التراب:
ـ ماذا لو أطعت الموت...، وذهبت معه، فقد لا أموت؟
ـ ها، ها، ها أنت، أيها القائد، استعدت رشدك، وعرفت من هو أنت!
ـ ومن أنا...؟
ـ من غير جهد، ومن غير كد، ومن غير شقاء، ومن غير عمل.....، فمن تكون؟
ـ لا تسكت...، بح لي بالسر.
ـ وأبوح لك بالسر من غير ان انتزعه منك!
ـ وماذا يبقى لدي ّ...؟
ـ مجدك الذي حصلت عليه.
ـ لكني تخليت عنه.
ـ تقصد ...، هو الذي تخلى عنك؟
ـ لا فارق....، كبير بينهما، إن تخلى عني أو تخليت عنه، فانا أصبحت مديرا ً أوحدا ً، وزعيما ً...
ـ للسيرك؟
ـ نعم...، فقد حولت الأسد إلى لاعب امهر على الحبال، النمر صار يرقص كالنعامة، الدب يلعب كما تلعب القرود، وأنا هو من أنهى عصر الفتنة، وأوقف سفك الدماء، وأنا هو من اصدر قرارات المصاهرة، والمؤانسة، والمصالحة، فاستحدثت النوع التاسع، بعد تعديل المراحل السابقة، وإعادة برمجتها، برؤية كلية الاتساع، والمرونة، فصار الحمل يتنزه مع ابن أوى، والغزلان ترعى مع الذئاب، وصارت العصافير تمشي مع الفيلة، والضفادع، والماعز، والجاموس...، أشقاء بالدم، والأصل، والاستحداث...، الم ْ الغ ْ أجهزة التنصت، والمراقبة، ورفت الحواجز والأسوار، ومحوت سلطة المراقب فوق المراقبين، وحرمت التنابذ بالألقاب، والإشارات، فالجنس التاسع يستمد نشوته ولغزه من الفضاءات الكونية، لا يموت ولا يولد، ونقيت المدونات من الشوائب، ومن الأوساخ، وطهرت الحدائق من القاذورات، والعلل، والمجاعات، والخوف، هل تغفل إنني أنا هو من غسل الأسفار من الأصوات، وصارت الأقفاص فائضة، فتم هدمها، بعد ان صهرنا كل عتيق، فاعلنا العيد السرمدي الذي لا يعقبه هلاك، وحرمّنا آثام البغضاء...، الم ْ اجتث الكراهية، وأنظف جينات فقدان الهوية من أوحالها، والهرم من قاعدته، وسمحت للخلايا ان تقاوم ترهلها، وبلادتها، وقلت: من يظلم من...، بعد ان عانقت البحار الصحارى، والسماء بنجومها الأرض، وصار الليل يتجول طليقا ً مع النهار، والجور مع العدل، وصارت الظلمات دليلا ً للعميان في عرس الأنوار، والمباهج...
قال الموت بثقة:
ـ الآن بات من المستحيل ان أدلك على المكان الذي لا منفذ للخروج منه!
ـ آ ....، أنا أيضا ًطالما طربت للمحنة...؛ فتارة تبدو بلا حدود، وتارة تنغلق علينا، كما تفعل الرحمة بنا وهي تمد بعمرنا لنرى كم الظلمات شفافة، وكم الجور جميل!
ـ أصبحت تتحدث كأنك مازلت مديرا ً..؟
   ترك رأسه يتمرغ في وحل المغارة، فالجدران اتسعت، مستنشقا ً رائحة عطنة، رائحة جثث متفسخة، فدار رأسه، وفشل في رفعه، فتركه يغوص، ويغوص، ويغوص.
ـ كفى ...، كفى، فإذا كان قصدك ان تعاقبني..، فلا احد غيري المعاقب...، وهذا لا يليق بك ان تفعله، فانا عندما كنت أعاقب، كنت أنفذ العدالة، ولكن إذا كنت تريد لمعاقبتك لي ان يكون لها معنى...، فلا تدع أحدا ً يرى ما تفعله بي...، لأنها بلا أسباب، ولا مغزى لنتائجها! والآن بدأ الهواء يشح، وينفد، فلا غاية من معاقبتك لي إلا ان تشبع نزعتك بالارتواء من السراب! فمن أنا ـ يا سيدي ـ كي تذلني، ولا تشبع من إذلالي؟  أم ان لغز اللعبة يكمل حلقاتها كي تمتد...، كي تسأل الفريسة مفترسها: ماذا فعلت؟ فيقول الصياد: اذهبي وابحثي عن الذي أمرني...؟
   حدق في الظلام، فراى ما لا يحصى من الذرات مضاءة تحيط به من الجهات كافة: الجهات التي حكمها:
ـ كأنني ولدت ...، في هذه المغارة، في هذه الحديقة، توا ً! كي أشقى واشقي، أذل وأذل، أعاقب وأعاقب، وفي الأخير لا انتظر إلا من يحملني إلى العدم!
وأضاف يخاطب لا احد، بعد ان بدأ بالغياب:  
ـ  لم اعد اسمع صوتي..، ولا صوتي له رنين داخل رأسي، وراسي تحول إلى ومضات، ذرات، والى أجزاء متناثرة، فإذا لم أمت ـ الآن ـ  بهدوء، فلتذهب الحديقة، ومن فيها، إلى الجحيم.
4/12/2015


عن مهنة الكتابة/ إيزابيل الليندي

*ترجمة: توفيق البوركي

خاص ثقافات


الكتابة بالنّسبة لي محاولة يائسة لأحفظ الذّاكرة من النّسيان، فأنا سأظّل شريدة إلى الأبد. وعلى أرصفة الطّرق تبقى الذّكريات مثل قطع ملابسي الممزّقة. بمقدار ما أمشي تنفكّ عنّي جذوري الأصليّة. فأنا أكتب حتّى لا أندحر أمام النّسيان ولأُغذّي هذه الجذور المتعريّة وقد أضحت الآن مكشوفة للهواء.
-1-
مهنتي مهنة صبر وصمت ووحدة، فأحفادي الذين ينظرون إليّ ولساعات لا تنتهي وأنا أمام الحاسوب يعتقدون أنّني في عقاب. لِم أقوم بذلك؟ لا أدري… إنها وظيفة عضوية مثل النّوم والأمومة. أن أحكي وأحكي… إنّه الشّيء الوحيد الذي أريد القيام به. عليّ أن أُبدع قليلاً، لأنّ الحياة أروع من أي خيال سخيف تفرزه مخيّلتي. في أفضل الحالات فالكتابة تحاول أن تكون صوت من لا صوت له أو أن تكون صوت الذين تم إسكاتهم، لكن عندما أقوم بذلك فأنا لا أُمثّل أحداً ولا أقدّم رسالة ولا أفسّر أسرار الكون، بكلّ بساطة أحاول أن أحكي أحاديث ذات صبغة خاصّة، سعياً منّي ألاّ أنسى المرح والحنان، العنصرين الضّروريين لكي أمنح الحياة للشّخصيات.
أنا محظوظة لأنّني أنتمي لأسرة غريبة الأطوار، فكثير من المجانين هم من يشكِّلون سلالتنا الطّريفة. هؤلاء المجانين أوحوا إليّ كتابة جلّ رواياتي تقريباً، روايات استغنيت فيها عن الخيال، لأنّ في وُجودهم لن أحتاج إليه أبداً، ففيهم كلّ مكوّنات الواقعيّة السّحرية.

وُلدت كُتبي نتيجة عاطفة دفينة لازمتني زمناً طويلاً. فالحنين لتشيلي دفعني إلى كتابة رواية "منزل الأرواح" التي أردت من خلالها، وأنا في المنفى، أن أعيد بناء الوطن الذي أفسده انقلاب 1973، أن أُحيي موتاه وأجمع مُشتّتِيه. كنت في كاراكاس مثل غيري من آلاف المهاجرين واللاّجئين والمنفيّين، حين توصّلت في 8 يناير من العام 1981 من العاصمة سانتياغو بنبأ حزين أُخبِرت فيه أن جدّي، ذلك الشّيخ الرّائع الذي سيكمل حينذاك عامه المائة، يحتضر. 

في تلك اللّيلة وضعت الآلة الكاتبة في المطبخ وبدأت كتابة رسالة إلى ذلك الجدّ الأسطوري. كانت رسالة روحية، رغم أنّه لن يقرأها أبداً. كتبت جملتها الأولى وأنا في حالة غيبوبة، وقبل أن أستعيد قدرتي على الإدراك كنت قد كتبت: وصل "برّاباس" إلى الأسرة عبر البحر. من هو برّاباس وما علاقته برسالة الوداع التي أكتبها لجدّي؟ رغم أنّني لم أعرف لماذا، ولكن وبثقة الجاهل، فقد تابعت الكتابة بلا توقّف ولا راحة، في كل ليلة ودون أن أحسّ بأنّني أبدل مجهوداً كبيراً، كما لو أنّ هناك أصواتاً خفيّة تهمس لي بالقصّة؛ وبانتهاء العام تجمّعت لديّ 500 صفحة فوق طاولة المطبخ. وهكذا وُلِدت رواية "منزل الأرواح"، فمجيء برّاباس عبر البحر قد غيّر قدري، ولا شيء عاد كما كان بعد أن كتبت تلك الجملة. هذه الرّواية دفعت بي إلى عالم الأدب وبلا رجعة. الإحساس العميق بالغضب والسّخط على الدّيكتاتوريات التّي خرّبت، ودمّرت قارّتنا في عقد السّبعينيات الرّهيب كانت وراء كتابة روايتي الثّانية: "عن الحب والظّلال". 

في تلك الصّفحات أردت أن أجد المفقودين وأدفن بقاياهم بكرامة وأبكي لأجلهم. ركّزت الرّواية، التي أضفيت عليها صبغة الخبر الصحفي، على الجريمة السّياسية. خلال الانقلاب سنة 1973، كان الآلاف من الأشخاص قد ماتوا أو اختفوا في الشيلي، بينهم خمس عشرة مزارعاً من بلدة لُونكين على بعد 50 كيلومتراً عن العاصمة سانتياغو. 

وقد تم تحويل الرّوايتين معاً إلى فيلمين سينمائيين، كانا بحقّ أفضل بكثير مما كتبت.
أما روايتي الثّالثة "إيبا لونا" ومجموعتي القصصية "حكايا إيبا لونا"، فكانا كتابين نسائيين جعلاني متأكدة أن لا أحد كان سيُطيقهما لولا الحسّ الشهواني والساخر للكاريبي. أما تأثير فنزويلا، ذلك البلد الأخضر والسعيد حيث عشت طيلة ثلاثة عشر عاماً، فقد أنقدهما من أن يكونا مجرد منشورات تحرّرية.

-2-
وُلدْتُ في مجتمع متقشّف، اختلطت فيه جينات المهاجرين القشتاليّين والباسكيّين بدماء الهنود القاتمة، وشدّة وعورة سلاسل جبال الأنديز مع عواصف المحيط الهادي، مما منحنا نحن الشيليين مزاجاً رصيناً وحذراً لكنّه أحياناً يكون فظّاً وخشناً، نأخذ كلّ شيء على محمل الجدّ ولا شيء يُخِيفنا غير احتمال أن نكون مثيرين للضّحك. في فنزويلا تحرّرت من هذا الخوف وغيره من الأوهام، تعلّمت الغناء والرّقص والضّحك من نفسي، فالمرح اعتاد أن يكون سلاحاً فعّالاً. لهذا تطرّقت في رواية "إيبا لونا" و "حكايا إيبا لونا" إلى الحركة النّسائية بشيء من الظّرافة مما أزعج بعض متعصّبات الحرس القديم، فاتّهمنني بالخيانة.
في الأيام الأخيرة، فقد مفهوم المتعصّبة النّسائية اعتباره وقيمته، ورأيت كثيراً من النّساء يتراجعن وهن خائفات عند سماعه. بالله عليكم، لا تحسبوا أنّهن لا يُحببن الرّجال ولا يحلقن سيقانهنّ، فانا أعلن وبكل فخر أني كذلك. منذ أيّام الشّباب استوعبت أوجه الاختلاف والتشابه بين الجنسين وازدواجية المعايير الأخلاقية التي أضرّت بالنّساء كثيراً، كما أني أدركت أن المجتمع الذّكوري هو المُهيمن على ثقافتنا، لقد تحرّيت عن كلّ شيء: التقاليد والأسطورة وثقافة العائلة والدّين والعلم، وكلّ ما يزاوله الرّجال. أعتقد أن الإحساس بالأنوثة هو ما يجعل أغلب النساء في وضع مريح. بالنّسبة لي، فقد استغرقت أربعة عقود لأتقبّل وضعيتي كأنثى، فيما قبل كنت أريد أن أكون رجلا: من فضلكم ليس هذا حقداً فرويدياً. فمن يستطيع أن يحقد على تلك الذّيل الصغير والمُتقلّب الأطوار؟ 
في سن الخامسة والأربعين، كنت قد تطلّقت حديثاً من زوجي الذي تحمّلني بصبر وأناة لأزيد من ربع قرن. وبينما كنت أتجوّل في كاليفورنيا، حدث أن تصادفت مع وليام غوردون، آخر عزاب سان فرانسيسكو الغير المثليّين، هذا الرّجل أضفى سروراً على حياتي وأوحى لي تأليف كتابي الخامس: "الخطة اللاّنهائيّة". بعد صدور الكتاب انتابني الخوف لأنّه لا يحتوي شيئا من الرمزية أو البطولة، كان شبقياً وشهوانياً خالصاً. عندما تعرّفت على وليام كنت أنام وحدي ولوقت طويل، رأيته لأسبوعين أو ثلاثة، فقد سَقطتُ عليه من أعلى مثل إعصار، وقبل أن أصل إليه لأنّه كان متزّوجاً، لم يتبقّ لي إلا الاستيلاء على قصّة حياته لأكتب رواية عن كاليفورنيا.
-3-
في سنة 1991، بالضّبط بعد أن قدّمت في مدريد كتابي "الخطة اللاّنهائيّة"، حدث أن أصيبت ابنتي باولا بالبورفيرّيا ودخلت في غيبوبة. هذا المرض ليس مرضاً قاتلاً، لكن حظّ باولا كان عاثراً. في وحدة العناية المركّزة، وبسبب قلّة الرّعاية، أصيبت ابنتي بجلطة دماغية عنيفة. خمسة أشهر بطيئة مرّت وهي في المستشفى، جعلتني أتقبّل ما قد حدث. أخيراً تسلّمت باولا وهي في حالة غيبوبة نباتية مستمرة، فأخذناها إلى منزلنا بكاليفورنيا حيث سأتعهّدها بالرّعاية مع باقي أفراد العائلة.

ماتت باولا بين ذراعيّ في صبيحة السّادس من كانون الأول عام 1992. كان ذلك أقسى ما تعرّضت إليه في حياتي، بعد رحيلها عمّ المنزل فراغ كبير نغصّ عليّ حياتي. لم افهم لِم لَمْ نمُت سويّة. حينئذ جاءت أمّي ومعها الخلاص ممّا أنا فيه: علينا ألا نتمنّى الموت، لأنّه قادم في جميع الأحوال، فالتحدّي هو الحياة… وضَعتْ على الطاولة، إلى جانب دفاتري الصّفراء، مائة وتسعين رسالة كتبتُها لها خلال ذلك العام، حكيتُ لها فيها، شيئا فشيئا، عن المرض الذي دمّر ابنتي، وقالت لي: إيزابيل، خذي، اقرئي ورتّبي كلّ هذا، لتفهمي أن الموت كان هو الخلاص الوحيد لباولا. قمت بما طلبتْه منّي رويداً رويداً، وجملة جملة، ودمعة دمعة، لقد وُلد كتابٌ آخر والذي سميته: "باولا"؛ لم يكن رواية لكنّه عبارة عن ذكريات عارية، كتبتها من أجل ابنتي كتعويذة لأتغلّب على الموت. انه ليس كتاباً حزيناً، بل احتفال بالحياة وبالقدر البوهيمي لعائلتنا. جدّتي تقول بأنّ الموت غير موجود وأنّنا نموت عندما ينسانا الآخرون. إذن فما دمت أنا أعيش فباولا تعيش معي. أليس هذا هو القصْد من وراء الكتابة؟ أن تقهر النسيان.

-4-
الروايات التي أكتبها لا أحملها في ذهني، وإنّما تنمو في أحشائي ولا أختار مواضيعها وإنّما هي من تختارني، كلّ عملي يكمن في أن أخصّص الوقت الكافي والهدوء ونظاماً للكتابة، لكي تظهر الشّخصيات بشكل تامّ وتتحدث عن نفسها؛ فأنا لا أختلقها، إنّها مخلوقات توجد في بُعْد آخر، وتنتظر فقط من يجلبها إلى عالمنا. وبالتالي فأنا لست سوى أداة، كالمذياع مثلاً، فإذا استطعت أن أضبط التردّد بدقّة، فربما ستظهر هذه الشّخصيات وتحكي لي عن حياتها.

في الثّامن من كانون الثّاني من كلّ عام، عندما أبدا كتاباً جديداً، أُقيم حفلة سرّية لاستحضار أرواح العمل والإلهام، ثم أضع أصابعي على لوحة المفاتيح، وأدع جملة الانطلاق تُكتب لوحدها كما لو أنّني في غيبوبة، تماماً كما حصل مع برّاباس، الذي جاء عبر البحر في رواية "منزل الأرواح". 

ليست لدي خُطّة، ولا أدري ما الذي سيحدث، تلك الجملة هي التي تفتح لي الباب لأتطلّع، وبخجل، إلى عالم آخر. وفي الأشهر المقبلة سأكتشف ذلك العالم كلمة بكلمة. في البداية تكون الشّخصيات غير واضحة المعالم، غير أنها تعلن عن نفسها رويداً رويدً، كلّ فرد بنبرته الخاصّة وسيرة حياته ومزاجه ومهاراته وعظمته، إنّها شخصيات حقيقيّة ومستقلّة، وإذا تدخّلت لاحتوائها والسيطرة عليها فسيكون ذلك غير ذي جدوى؛ فالقصّة تنفتح بتؤدة وأناة، حتى تصل في آخر المطاف إلى كشف مكنوناتها الدّفينة.

ومع ذلك، فهذا لم يحدث بعد وفاة ابنتي، إذ ولا شخصيّة جاءت لتطرق بابي، فاعتقدت أن منبع القصص- والذي كان معينه على ما يبدو لا ينضب - قد جفّ واضمحّل.

مرّت ثلاث سنوات ولم أستطع كتابة قصص خيالية، آنذاك تذكرت بأنني صحفيّة، وإذا ما أُعطي لي موضوع ما مع مهلة زمنية للتقصّي والبحث، فباستطاعتي أن أكتب عن أيِّ شيء كيف ما كان. تسلّمت أحد المواضيع البعيدة كل البعد عن الآلام والأحزان وانتهيت إلى كتابة "أفروديت" وهي ذاكرة للحواسّ. إنها كتاب عن الشّراهة والشّهوانية، عن الطّبخ والحُبّ. هذا الموضوع الذي استلزم التطرّق إليه نوعاً من المزاح والسّخرية، انتزعني من حالة الكآبة والانقباض الذي كنت أعيشهما، فعُدتُ إلى جسدي وإلى الرّغبة في الحياة وكتابة الخيال.
في الثامن من كانون الثاني عام 1998، بدأت رواية "ابنة الحظ"، وكان موضوعها هو الحرّية. فالبطلة الشابة إليزا سومرس، أبحرت في العام 1849 من ميناء مدينة بالباراييسّو باتجاه كاليفورنيا، لاهثة وراء حبيبها الذي غادر منذ شهرين، وبحكم نشأتها الأرستقراطية، فقد أُجْبِرت في كاليفورنيا على استبدال لباسها بآخر رجالي والخروج لغزو عالم ذكوري معتمدة على سلاح الشّجاعة دون غيره. وخلال مسيرتها لسنوات ساعية وراء ذلك الحبيب المنزلق اكتسبت إليزا شيئا ثميناً كما الحبّ: اكتسبت الحرّية.
عندما أنهيت تلك الرواية كتب لي بعض القرّاء بأنهم يودّون معرفة المزيد عن الشّخصيات، فافترضت أن النّهاية المفتوحة التي وضعتها للكتاب لم ترُقْهُم، وهكذا في العام 2000 كتبت رواية "صورة عتيقة"، هذه الرّواية ليست جزءاً ثانياً لسابقتها، لأنها تتيح إمكانية قراءتها بشكل مستقلّ رغم أنها أخذت من الرّواية الأولى بعض الشّخصيات.
تحكي الرواية قصة أُرورا ديل باييّ حفيدة إليزا سومرس، التي وُلدت بالحيّ الصّيني بسان فرانسيسكو، والتي عانت في طفولتها من صدمة فقدت على إثرها ذاكرتها في السّنوات الماضيّة؛ فتبنّتها جدّتها لأبيها حتّى لحظة هجرتها من كاليفورنيا إلى الشيلي على عكس ما قامت به إليزا سومرس.
جرت أحداث الرّواية بداية، في فترة من أهمّ الفترات في تاريخ الشيلي أواخر ثلاثينيات القرن التّاسع عشر، في ذاك الوقت مرّت البلاد بحروب وثورة دموية. أعتقد أنّه حينئذ تمّ إنشاء المجلس الوطني. تيمة هذه الرّواية هي الذّاكرة، التيمة الأساسيّة في حياتي والمتكرّرة في جلّ أعمالي.
في هذا الكتاب أخذت كذلك بعض الشّخصيات من روايتي الأولى "منزل الأرواح"، مُشكّلة بذلك ثلاثية وهي: "ابنة الحظ" و"صورة عتيقة" وأخيرا "منزل الأرواح". 
أحدث كتبي الآن هي "مدينة البهائم"* *، قصّة عن المغامرات وعن السّحر الموجود في الأمازون، أتمنّى هذه المرّة أن يكون قرّائي من الأطفال والشّباب، فبعد أن كتبت روايتين تاريخيّتين طويلتين، فأنا بحاجة لأنْ أستعيد مرح الطّفولة. أليست الكتابة للصغار إذن شيئاً جميلاً؟ لَمْ أتسلّى قطّ بالكتابة كما أفعل الآن، وأتمنّى أنْ تعود شخصيّات "مدينة البهائم" لمرافقتي في كتب ومغامرات أخرى. 

-5-
كلّ الأحداث والأشخاص الذين عرفتهم في حياتي هم مصدر إلهامي الوحيد، لهذا أحاول العيش بشغف وأن أتعرّض لجميع الأهواء دون خوف من الآلام التي لا مناصّ منها، فتجارب اليوم، هي في الغد ذكريات، هي الماضي الذي يُنسّم وجودي. إذا تطلّعت إلى حياة مستقرّة فلن أستطيع الكتابة، وماذا سأكتب؟ ذاكرتي ذاكرة المغامرة والحبّ والألم والفراق والغناء والدّموع. عندما أنظر إلى الخلف يتملّكني انطباع بأنني بطلة ميلودراما، لكن يمكن أن يكون ذلك غير صحيح: فقد خانتني المخيّلة. أمضي عدّة ساعات وأنا وحيدة وصامتة فيتلاشى الواقع من أمامي وأنتهي إلى سماع أصوات ورؤية أشباح وأختلق نفسي بنفسي. أوقعني الزّمن في شراكه ثمّ بدأ دورانه، لقد عشت ما يكفي لأرى العلاقة بين الأحداث والتحقّق من أنّ الدوائر مغلقة، لذا أخطو بحذر شديد، لأنّ ما حدث معي يستوجب أنّ كلّ حركة وكلّ كلمة وكلّ قصد له أهمّية في التشكيل النّهائي للوجود. ربّما فالزّمن لا يمضي، وأننا نحن من يعبُره. ربما يكون الفضاء مليئاً بهيئات من جميع الحقب، كما تقول جدّتي. فكلّ ما حصل وسيحصل يتعايشان معاً في حاضر أبدي. باختصار: أعتقد أن كلّ شيء ممكن.
الآن وقد وصلت إلى سنّ محترمة. فإنني أنظر بابتسامة إلى الماضي وأترقب الموت بفضول كبير، فلا شيء يحرّرك أكثر كالتّقدم في العمر... والألم. ليست لديّ خطط ولا تخوّفات ولا أشعرُ حتّى بالنّدم: فأنا أستطيع أنْ أكتُب بحرّية تامّة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* * رواية "مدينة البهائم" صدرت سنة 2002، وقد ألّفت بعدها الكاتبة حوالي 12 عمل روائي، كان آخرها رواية "العاشق الياباني" التي صدرت أواخر شهر مايو الماضي. (المترجم).