الخميس، 2 أبريل 2015

ملحمة جلجامش سين ليقي اونيني اللوح الرابع : الرحلة الى غابة الأرز-ترجمها الى الإنجليزية أندرو آر جورج 1999 ترجمها عن الإنجليزية الى العربية د أنور غني الموسوي 2015



ملحمة جلجامش
سين ليقي اونيني
اللوح الرابع : الرحلة الى غابة الأرز

ترجمها الى الإنجليزية أندرو آر جورج 1999
ترجمها عن الإنجليزية الى العربية  د أنور غني الموسوي  2015
النسخة النموذجية لملحمة جلجامش البابلية ( هو الذي رأى العمق)

في عشرين فرسخا  كسرا  خبزا
و في ثلاثين فرسخا  أقاما مخيّما
خمسين فرسخا قطعا في اليوم
في اليوم الثالث ، قطعا ما يعادل مسيرة شهر و نصف
إقتربا من جبل  ( لبنان )
حيال الشمس وجدا نبعاً
وضعا ماء عذباً في ....
تسلّق جلجامش الى قمّة الجبل
نحو التل نثر دقيقاً كقربان
 أيّها الجبل إحمل لي حلماً ، دعني أرى علامة .
عَمِل إنكيدو لجلجامش بيت إله الحلم
جعل باباً في مدخله لأجل التهوية
و في حلقة رسمها ، جعله يستلقي
و سقط مستلقياً يحرس عند المدخل
جلجامش وضع حنكه على ركبتيه
 داهمه النوم ، الذي يداهم الناس
في منتصف الليل وصل نهاية نومه
استيقظ و تكلّم الى صديقه
يا صديقي ،ألم تنادي عليّ؟  لماذا أنا استيقظت ؟
ألم تلمسني ؟   لماذا انا فزع ؟
ألم يمرّ بي الإله؟ لماذا جسدي بارد ؟
صديقي ، لقد رأيت حلماً .
الرؤيا التي رأيتها مبهمة تماماً
في وادي الجبل ....
الجبل سقط  فوق ...
بعدها نحن ...
من وُلد في البريّة يعرف كيف يعطي النصيحة .
إنكيدو تكلّم الى صديقه ، و فسّر حلمه .
صديقي ، حلمك بشرى حسنة
الرؤيا عزيزة و تبشرنا بالخير .
صديقي ، الجبل الذي رأيته ليس خمبابا
نحن سنتمكّن من خمبابا و سنقتله
 سنطيح بجثّته في ساحة القتال
و في صباح الغد سنرى علامة حسنة من إله الشمس

في عشرين فرسخا  كسرا  خبزا
و في ثلاثين فرسخا  أقاما مخيّما
خمسين فرسخا قطعا في اليوم
في اليوم الثالث ، قطعا ما يعادل مسيرة شهر و نصف
إقتربا من جبل  ( لبنان )
حيال الشمس وجدا نبعاً
وضعا ماء عذباً في ....
تسلّق جلجامش الى قمّة الجبل
نحو التل نثر دقيقاً كقربانً
 أيّها الجبل إحمل لي حلماً ، دعني أرى علامة .
عَمِل إنكيدو لجلجامش بيت إله الحلم
جعل باباً في مدخله لأجل التهوية
و في حلقة رسمها ، جعله يستلقي
و سقط مستلقياً يحرس عند المدخل
جلجامش وضع حنكه على ركبتيه
 داهمه النوم ، الذي يداهم الناس
في منتصف الليل وصل نهاية نومه
استيقظ و تكلّم الى صديقه
يا صديقي ،ألم تنادي عليّ؟  لماذا أنا استيقظت ؟
ألم تلمسني ؟   لماذا انا فزع ؟
ألم يمرّ بي الإله؟ لماذا جسدي بارد ؟
صديقي ، لقد رأيت رؤيا ثانية  .
رؤياي الثانية فاقت الأولى
في حلمي ، يا صديقي ، الجبل ...
لقد ألقى بي الى الأسفل ، و أمسك بقدميّ
أصبح النور أكثر شدّة  ، و ظهر رجل
انّه الأجمل في الأرض ، جماله ...
من أسفل الجبل اجتذبني
أعطاني ماء لأشرب ، و هدَأ روعي
و على الأرض وضع قدميّ
إنكيدو تكلّم إليه
قائلاً لجلجامش
صديقي ، نحن سوف ..... ـ ، إنّه مختلف تماماً
خمبابا .... ،  ليس الجبل
إنّه مختلف تماماً
تعال ، و ازح عنك الخوف


في عشرين فرسخا  كسرا  خبزا
و في ثلاثين فرسخا  أقاما مخيّما
خمسين فرسخا قطعا في اليوم
في اليوم الثالث ، قطعا ما يعادل مسيرة شهر و نصف
إقتربا من جبل  ( لبنان )
حيال الشمس وجدا نبعاً
وضعا ماء عذباً في ....
تسلّق جلجامش الى قمّة الجبل
نحو التل نثر دقيقاً كقربانً
 أيّها الجبل إحمل لي حلماً ، دعني أرى علامة .
عَمِل إنكيدو لجلجامش بيت إله الحلم
جعل باباً في مدخله لأجل التهوية
و في حلقة رسمها ، جعله يستلقي
و سقط مستلقياً يحرس عند المدخل
جلجامش وضع حنكه على ركبتيه
 داهمه النوم ، الذي يداهم الناس
في منتصف الليل وصل نهاية نومه
استيقظ و تكلّم الى صديقه
يا صديقي ،ألم تنادي عليّ؟  لماذا أنا استيقظت ؟
ألم تلمسني ؟   لماذا انا فزع ؟
ألم يمرّ بي الإله؟ لماذا جسدي بارد ؟
صديقي ، لقد رأيت رؤيا ثالثة  .
الرؤيا التي رأيتها مبهمة تماماً
السماء تبكي بصوت عال ، و الأرض تدمدم
النهار طُمِس ، و الظلمة تصاعدت
وكان هناك وميض برق ، و نار تتأجّج
اللهيب  مضطرم ، و الموت منهمر
.... و وميض النار تأجّج بعيداً ....
حيث إستحال الى رماد
أنت ولدت في البريّة ، أيمكننا ان نسمع نصيحتك ؟
مصغياّ الى كلمات صديقه
فسّر إنكيدو الحلم ، قائلا لجلجامش
صديقي ، حلمك بشارة حسنة ، إنّها رسالة
كلما اقتربنا يا صديقي من الغابة
ستتوالى الاحلام  ، و المعركة ستصبح وشيكة
سنرى الهالة المشعّة للبعل
لخمبابا ، الذي في افكارك تخشاه كثيراً
أمسك قرونه كثور تصرعه
و اطح برأسه الى الاسفل بكل قوتك
الرجل الكبير الذي رأيته هو إلهك القويّ
إنّه من أنجبك ، المقدّس لُكَلباندا

في عشرين فرسخا  كسرا  خبزا
و في ثلاثين فرسخا  أقاما مخيّما
خمسين فرسخا قطعا في اليوم
في اليوم الثالث ، قطعا ما يعادل مسيرة شهر و نصف
إقتربا من جبل  ( لبنان )
حيال الشمس وجدا نبعاً
وضعا ماء عذباً في ....
تسلّق جلجامش الى قمّة الجبل
نحو التل نثر دقيقاً كقربانً
 أيّها الجبل احمل لي حلماً ، دعني أرى علامة .
عَمِل إنكيدو لجلجامش بيت إله الحلم
جعل باباً في مدخله لأجل التهوية
و في حلقة رسمها ، جعله يستلقي
و سقط مستلقياً يحرس عند المدخل
جلجامش وضع حنكه على ركبتيه
 داهمه النوم ، الذي يداهم الناس
في منتصف الليل وصل نهاية نومه
استيقظ و تكلّم الى صديقه
يا صديقي ،ألم تنادي عليّ؟  لماذا أنا استيقظت ؟
ألم تلمسني ؟   لماذا انا فزع ؟
ألم يمرّ بي الإله؟ لماذا جسدي بارد ؟
صديقي ، لقد رأيت رؤيا رابعة .
انها تفوق احلامي الثلاثة السابقة
لقد رأيت طائر الرعد في السماء
إنّه مرتفع كغيمة ، يحلّق فوقنا
لقد كان ... ،  كان مظهره بشعاً
فمه اللهب ، و نَفَسه الموت
وكان هناك أيضا رجل ، غريب الهيئة
كان .... ، و وقف هناك في حلمي .
لقد طوق جناحيه ، و أمسك بيدي
لقد اطاح به أرضا أمامي ...
فوقه ....
لقد رأيتَ طائر الرعد في السماء
مرتفعا كغيمة ، يحلّق فوقنا
كان ... ، و كان مظهره بشعا
فمه اللهب ، و نفسه الموت
أنت  ستخشى سناءه المرعب
أنا سوف .... قدمه ، و أجعلك تنهض
الرجل الذي رأيته إنّ العظيم شَمَش
صديقي ، ميمون هو حلمك
..... هذا ......
خمبابا مثل ....
سوف نكون أكثر ضراوة  ..... عليه
..... ، سنقف فوقه
و في صباح الغد سنى علامة حسنة من إله الشمس
في عشرين فرسخا  كسرا  خبزا
و في ثلاثين فرسخا  أقاما مخيّما
خمسين فرسخا قطعا في اليوم
في اليوم الثالث ، قطعا ما يعادل مسيرة شهر و نصف
إقتربا من جبل  ( لبنان )
حيال الشمس وجدا نبعاً
وضعا ماء عذباً في ....
تسلّق جلجامش الى قمّة الجبل
نحو التل نثر دقيقاً كقربانً
 أيّها الجبل إحمل لي حلماً ، دعني أرى علامة .
عَمِل إنكيدو لجلجامش بيت إله الحلم
جعل باباً في مدخله لأجل التهوية
و في حلقة رسمها ، جعله يستلقي
و سقط مستلقياً يحرس عند المدخل
جلجامش وضع حنكه على ركبتيه
 داهمه النوم ، الذي يداهم الناس
في منتصف الليل وصل نهاية نومه
استيقظ و تكلّم الى صديقه
يا صديقي ،ألم تنادي عليّ؟  لماذا أنا استيقظت ؟
ألم تلمسني ؟   لماذا انا فزع ؟
ألم يمرّ بي الإله؟ لماذا جسدي بارد ؟
صديقي ، لقد رأيت رؤيا خامسة .
يا صديقي لقد رأيت حلما
كم هو مشؤوم ، كم هو محزن  ، كم هو مبهم
وجدتني محتجزا من قبل ثور من البريّة
مثلما يشقّ الأرض بصوته العالي
غيوم من الغبار تتصاعد عاليا في السماء
و أنا ، أمامه ، أعلّم نفسي الإقدام
أخذ يحتجز ، ..... طوّق ذراعيّ
لقد حررني .... بقوّة
وجنتي .....
لقد أعطاني من قربته ماء لأشرب
البعل ، يا صديقي ، الذي سنواجهه
ليس ثورا بريّاً ، إنًه مختلف تماماً
الثور الذي رأيته هو شَمَش المشرق
إنّه سيشدً على أيدينا في الأوقات الصعبة
الشخص الذي أعطاك ماء من قربته
إنّه إلهك ، الذي يرعاك ، السماوي لُكَلباندا
نحن يجب ان نتحلّى بالقوة ، و نعمل شيئا فريداً
البطولة التي لا مثيل لها على وجه الأرض
.....
.....
لماذا ، يا صديقي ، دموعك تنساب ؟
يا سليل أوروك
الآن قف ....
جلجامش الملك ، سليل أوروك
شَمَش سمع ما تحدّث به
أصدر من بعيد ، من السماء صرخة
أسرعوا ، قفوا بوجهه ، خمبابا يجب الا يدخل غابته
يجب الا يدخل الأجمة ، يجب الا ....
يجب الا يلتحف بالعباءات السبعة
واحدة هو ملتحف بها ، و ستة منزوعة
هما...
كثور بريّ شرس ، القرون معقوفة ....
لقد جأر مرّة ، بصوت مليء بالذعر
حارس الغابة يجأر
كان خمبابا يرعد كإله العاصفة
.....
.....
إنكيدو فتح فمه ليتكلّم
قائلا لجلجامش
نزل....
ذراعاي تصلّبتا...
جلجامش فتح فمه ليتكلّم
قائلا لإنكيدو
لماذا يا صديقي يجب أن نتكلّم كالضعفاء؟
ألسنا من قطع كل هذه الجبال ؟
أليس ... امامنا
قبل أن نرجع ...
صديقي الخبير في النزال
الذي .... المعركة
انت... و انت تخشى
ليكون لصراخك دويّ كالطبل
دع التصلب يغادر ذراعيك ، و الوهن ركبتيك
خذ يدي يا صديقي ، و علينا ان نذهب معا
دع افكارك تكون في المعركة
انسَ الموت و انشد الحياة .
الرجل الحذر ...
دعه ، الذي يمشي اولا ، يحمي نفسه  ، و يحافظ على سلامة رفيقه
هكذا يصنعا اسما خالدا على مرّ الايام
بعد مسافة  .... وصل الإثنان
قطعا كلامهما و توقّفا

Tablet IV. The Journey to the Forest of Cedar
 .
[At twenty] leagues they broke bread,
[at] thirty leagues they pitched camp:
[fifty] leagues they travelled in the course of a day,
by the third day [a march] of a month and a half;
nearer they drew to Mount Lebanon.
[F acing the sun they] dug [a well,] IV 5
[they put fresh water in ... ]
[Gilgamesh climbed to the top of the mountain,]
[to the hill he poured out an offering of flour:]
['0 mountain, bring me a dream, so I see a good sign!']
[Enkidu made for Gilgamesh a House of the Dream God,] IV 10
[he fixed a door in its doorway to keep out the weather.]
[In the circle he had drawn he made him lie down,]
[and falling flat like a net lay himself in the doorway.]
[Gilgamesh rested his chin on his knees,]
[sleep fell upon him, that spills over people.] IV 15
[In the middle of the night he reached his sleep's end,]
[he rose and spoke to his friend:]
['My friend, did you not call me? Why have I wakened?]
[Did you not touch me? Why am I startled?]
[Did a god not pass by? Why is my flesh frozen numb?] IV 20
[My friend, I have had the first dream!]
31 I. The Standard Version, Tablet IV
'[The] dream that I had [was an utter confusion:]
[in] a mountain valley ..... .
[The mountain] fell down on top of ...... ,
[then] we like ......... '
[The one] born in the [wild knew how to give counsel,]
Enkidu spoke to his friend, [gave his dream meaning:]
'My friend, [your] dream is a good omen,
the dream is precious [and bodes us well.]
IV 25
'My friend, the mountain you saw [could not be Humbaba:] IV 30
[we] shall capture Humbaba, [him] we [shall slay,]
we shall [cast down] his corpse on the field of battle.
And next morning [we shall see a good] sign [from the Sun
God.]'
At twenty leagues they broke [bread,]
at thirty leagues they pitched [camp:] IV 35
fifty leagues they travelled in the course of [a day,]
by the third day a march of [a month and] a half;
nearer they drew to Mount [Lebanon.]
5 'At twenty leagues they broke bread'.
Facing the sun they dug a well,
[they put fresh] water [in ... ]
Gilgamesh climbed to the top [of the mountain,] IV 40
[to the hill] he poured out an offering of flour:
'0 mountain, bring me a dream, [so I see a good sign!]'
32 THE EPIC OF GILGAMESH
Enkidu made for [Gilgamesh a House of the Dream God,]
[he fixed a door in its doorway to keep out the weather.]
[In the circle he had drawn he made him lie down,] IV 45
[and falling flat like a net lay himself in the doorway.]
[Gilgamesh rested his chin on his knees,]
[sleep fell upon him, that spills over people.]
[In the middle of the night he reached his sleep's end,]
[he rose and spoke to his friend:] IV 50
['My friend, did you not call me? Why have I wakened?]
[Did you not touch me? Why am I startled?]
[Did a god not pass by? Why is my flesh frozen numb?]
[My friend, I have had the second dream!'] IV 54
Gilgamesh's relation of his second dream has not survived in Tablet IV, but the
gap can be filled by a paraphrase of an earlier version of the epic which comes
from the Hittite capital, Hattusa, and dates to the Middle Babylonian period:
'My second dream sur [passes ] the first.
In my dream, my friend, a mountain ... ,
it threw me down, it held me by my feet ...
The brightness grew more intense. A man [appeared,]
the comeliest in the land, his beauty ...
[From] beneath the mountain he pulled me out and ...
He gave me water to drink and my heart grew [calm.]
[On] the ground he set [my] feet.'
Enkidu [spoke] to him,
[saying] to Gilgamesh:
'My friend, we shall ... , he is different altogether.
::-Humbaba ... is not the mountain,
he is different altogether ...
Come, cast aside [ your] fear ... '
The text of Tablet IV resumes:
33 I. The Standard V ersion, Tablet IV
[At twenty leagues they broke bread,]
[at thirty leagues they pitched camp:] IV 80
[fifty leagues they travelled in the course of a day,]
[by the third day a march of a month and a half;]
[nearer they drew to Mount Lebanon.]
[Facing the sun they dug a well,]
[they put fresh water in] ...
[Gilgamesh climbed to the top of] the mountain, IV 85
[to the] hill [he poured out an offering of flour:]
'[0 mountain], bring me a dream, so I see [a good sign!]'
[Enkidu] made for [Gilgamesh a] House of the Dream God,
[he fixed] a door in its doorway to keep out the weather.
[In the circle he had] drawn he made him lie down, IV 90
[and falling flat] like a net lay himself in the doorway.
Gilgamesh rested his chin on his knees,
sleep fell upon him, that spills over people.
[In the] middle of the night he reached his sleep's end,
he rose and spoke to his friend: IV 95
'My friend, did you not call me? Why have I wakened?
Did you not touch me? Why am I startled?
Did a god not pass by? Why is my flesh frozen numb?
My friend, I have had the third dream!
'The dream that I had was an utter confusion: IV 100
heaven cried aloud, while earth did rumble.
The day grew still, darkness came forth,
there was a flash of lightning, fire broke out.
'[The flames] flared up, death rained down .
. . . and the flashes of fire went out, IV 105
[where] it had fallen turned into cinders.
[ You were] born in the wild, can we take counsel?'
THE EPIC OF GILGAMESH
[Having heard the words of his friend,]
Enkidu gave the dream meaning, saying to Gilgamesh:
'[My friend,] your dream is a good omen, fine is [its
message.]' IV 109
The rest of Enkidu's explanation of the third dream is lost, but this lacuna in
Tablet IV can be filled in part from the Old Babylonian school tablet from
Nippur:
'We draw, my friend, ever nearer the forest, OB Ni I
the dreams are close, the battle soon.
You will see the radiant auras of the god,
of *Humbaba, whom in your thoughts you fear so much.
'Locking horns like a bull you will batter him, OB Ni 5
and force his head down with your strength.
The old man you saw is your powerful god,
the one who begot you, divine Lugalbanda.'
The text of Tablet IV becomes available again:
[At twenty] leagues they [broke bread,]
[at thirty] leagues they pitched [camp:]
[fifty] leagues they travelled [in the course of a day,]
by the third [day a march] of a month and a half;
nearer they drew to Mount Lebanon.
[F acing] the sun they dug [a well,]
they put [fresh water] in ...
Gilgamesh [climbed] to the top [of the mountain,]
to the [hill he poured] out an offering [of flour.]
['0 mountain, bring me a] dream, [so I see a good sign!]'
[Enkidu made for Gilgamesh a House of the Dream God,]
[he fixed a door in its doorway to keep out the weather.]
[In the circle he had drawn he made him lie down,]
[and falling flat like a net lay himself in the doorway.]
IV 120
IV 125
IV 130
35 I. The Standard Version, Tablet IV
[Gilgamesh rested his chin on his knees,]
[sleep fell upon him, that spills over people.]
[In the middle of the night he reached his sleep's end,]
[he rose and spoke to his friend:]
['My friend, did you not call me? Why have I wakened?]
[Did you not touch me? Why am I startled?]
[Did a god not pass by? Why is my flesh frozen numb?]
[My friend, I have had the fourth dream!']
IV 135
IV 140
The details of the fourth dream and its explanation are not well preserved in
Tablet IV, but the Old Babylonian tablet from Nippur supplies a more complete
version of the text:
'My friend, I have had the fourth,
it surpasses my other three dreams!
I saw a Thunderbird in the sky,
up it rose like a cloud, soaring above us.
'It was a ... , its visage distorted,
its mouth was fire, its breath was death.
[There was also a] man, he was strange of form,
he ... and stood there in my dream.
'[He bound] its wings and took hold of my arm,
...... he cast it down [before] me,
......... upon it.'
After a short lacuna, Enkidu explains the dream:
, [ You saw a Thunderbird in the sky,]
[up] it [rose like a] cloud, soaring above us.
'It was a ... , its visage distorted,
its mouth was fire, its breath was death.
You will fear its awesome splendour,
I shall ... its foot and let you arise!
'The man you saw was mighty Shamash ... '
OB Ni 10
OB Ni IS
OB Ni 20'
OB Ni 25'
THE EPIC OF GILGAMESH
The text of Tablet IV resumes, though badly broken:
'[My friend, favourable is] your dream ...... , IV 155
• ..... this ..... .
. . . Humbaba like ...... ,
• .. will be kindled ... upon [him.]
'We shall bring about his ... , we shall bind his wings,
• . . . . .... we shall . . . IV 160
His ...... , we shall stand upon him.
[And next] morning we shall [see] a good sign from the Sun
God.'
[At twenty leagues] they broke bread,
[at thirty leagues] they pitched camp:
[fifty leagues they] travelled in the course [of a day.] IV 165
[F acing the sun] they dug a [well,]
they put [fresh water] in ...
Gilgamesh [climbed] to the top [of the mountain,]
to [the hill he] poured out an offering of [flour.]
'[0 mountain, bring me] a dream, [so I see a good] sign!' IV 170
Enkidu [made] for [Gilgamesh a House of the Dream God,]
he fixed [a door in its doorway to keep out the weather.]
In the circle [he had drawn he made him lie down,]
[and falling] flat [like a net] lay [himself in the doorway.]
[Gilgamesh] rested his [chin on his knees,] IV 175
[sleep fell] upon [him, that spills over people.]
[In the middle of the night he reached his sleep's end,]
[he rose and spoke to his friend:]
['My friend, did you not call me? Why have I wakened?]
[Did you not touch me? Why am I startled?] IV ISO
[Did a god not pass by? Why is my flesh frozen numb?]
[My friend, I have had the fifth dream!']
37 I. The Standard Version, Tablet IV
Lacuna. Another account of one of the dreams and Enkidu's explanation of it
survives in an Old Babylonian tablet from Tell Harmal, ancient Shaduppum:
'My friend, 1 had a dream:
how ominous it was, how desolate, how unclear!
'I had taken me hold of a bull from the wild:
as it clove the ground with its bellows,
the clouds of dust it raised thrust deep in the sky,
and I, in front of it, leaned myself forward.
'Taking hold of ...... enclosed my arms .
. . . he extricated [me] ... by force . ..
My cheek ... , my ... ,
[he gave] me water [to drink] from his waterskin.'
'The [god,] my friend, we are going against,
he's not the wild bull, he's different altogether.
The wild bull you saw was shining Shamash,
he will grasp our hands in time of peril.
'The one who gave you water to drink from his skin
was your god who respects you, divine Lugalbanda.
We shall join forces and do something unique,
a feat that never has been in the land!'
When the text of Tablet IV resumes, the heroes have almost reached the Forest
of Cedar, and Enkidu is giving Gilgamesh courage:
'[Why, my friend, do your tears] flow? IV I95
[0 offshoot sprung from] Uruk's midst, ...
. . . now stand and ... ,
Gilgamesh [the king,] offshoot sprung from Uruk's midst, ... '
[Shamash] heard what he had spoken,
[straight] away [from the sky there cried out] a voice: IV 200
'Hurry, stand against him! Humbaba must not [enter his forest,]
[he must not] go down to the grove, he must not ... !
THE EPIC OF GILGAMESH
'He [must not] wrap himself in his seven cloaks ... !
[One] he is wrapped in, six he has shed.'
They ........... .
like a fierce wild bull, horns locked ...
He bellowed once, a bellow full of terror,
the guardian of the forests was bellowing,
Humbaba was [thundering] like the God of the Storm.
A long lacuna intervenes, then:
[Enkidu] opened his [mouth] to speak,
[saying to Gilgamesh:]
, ... have come down ...... ,
• ..... and [my arms] grow stiff!'
[Gilgamesh] opened his mouth to speak,
saying [to Enkidu:]
'[Why,] my friend, do we [speak] like weaklings?
[Was it not we] crossed all of the mountains?
'[Did not] . . . . . . . . . before us?
Before we withdraw ..... .
My [friend,] experienced in combat,
who ... battle ..... .
'You ... and you fear not ... ,
IV 205
IV 210
IV 239
IV 245
• .. like a dervish, and change. . . IV 250
Let [your shout] resound [like] a kettle drum,
let the stiffness leave your arms, the tremors [your knees!]
'T ake my hand, friend, and we shall go [on] together,
[let] your thoughts dwell on combat!
Forget death and [seek] life! IV 255
• ..... the careful man.
39 I. The Standard Version, Tablet V
"'[Let him who] goes first be on guard for himself and bring his
comrade to safety!"
It is they made a name [for days] long in the future!'
[At the] distant . .. the two of them arrived,
[they ceased] their talking and came to a halt.


الأربعاء، 1 أبريل 2015

غالب المسعودي - ألقمرُ عالياً في السماء (قصة سُريالية)

ملحمة جلجامش سين ليقي اونيني اللوح الخامس : القتال مع خمبابا-ترجمها الى الإنجليزية أندرو آر جورج 1999 ترجمها عن الإنجليزية الى العربية د. أنور غني الموسوي 2015


ملحمة جلجامش
سين ليقي اونيني
اللوح الخامس : القتال مع خمبابا
ترجمها الى الإنجليزية أندرو آر جورج 1999
ترجمها عن الإنجليزية الى العربية  د. أنور غني الموسوي  2015
النسخة النموذجية البابلية لملحمة جلجامش ( هو الذي رأى العمق)


وقفا هناك متعجبين عند الغابة
يحدّقان في الأرز السامق
يحدّقان في مدخل الغابة
 حيث خمبابا ذهب و جاء ، فكان له هناك أثر ٌ
الدرب كانت مستقيمة ، و الطريق سالكة
لقد شاهدا جبل الأرز ، عرش الألهة
في وجه الجبل ، يكثر الأرز بوفرة
كان ظله لطيفا ، و مليء بالبهجة
كثيفاً و متشابكاً كان الشوك
.... أرز ، أشجار البلوكّو ....
فوراً الخناجر .....
من أغمادها
الفؤوس كانت ممسوحة
بلطة و خنجر في ....
واحد ....
استرقا . ...
خمبابا ....
جلجامش فتح فاه ليتكلّم
قائلاً لإنكيدو
ماذا ؟ با صديقي ...
لأجل إنليل.....
إنكيدو فتح فاه ليتكلّم
قائلا لجلجامش
صديقي ، إنّ خمبابا ...
واحد لواحد ...
كسائين ، إلا أنّه ...
رغم شدّة المنحدر ، إستطاع إثنان التغلب على ذلك
إثنان .......
حبل بثلاث طيات لا يقطع
حتى الأسد العظيم يستطيع الاثنان التغلّب عليه
نحن وصلنا الى مكان لا يجب للانسان ان يبلغه
دعنا نضع أسلحتنا في طريق خمبابا
إنكيدو  أوضح ذلك لصديقه
إنّ خمبابا هجمة عاصفة
كإله العاصفة سيطرحنا أرضا
( وبعد نقص في اللوح الخامس يظهر البطلان وجها لوجه مع خمبابا)
خمبابا فتح فاه ليتكلّم
قائلا لجلجامش
( دع المغقلين يأخذون نصيحةً ، جلجامش مع المتوحّش الغليظ )
لماذا أتيت الى هنا ؟
تعال ، إنكيدو ، أنت ـ كفرخ سمكة ،  الذي لا يعرف أبا
يافع كسلحفات ، لم يرضع حليب أمّ
في شبابك رأيتك ، لكنّي لم أقترب منك
هل .... ملأت بطني
الأن بخيانة أتيت بجلجامش
و تقف هنا يا إنكيدو كعدو غريب
أنا سأنتزع حلقوم جلجامش
سأطمع لحمه للطيور الكاسرة و النسور المفترسة .
جلجامش فتح فاه قائلا لإنكيدو
ملامح خمبابا قد تغيّرت
و رغم إنّا تجاسرنا و أتينا الى عرينه للتغلّب عليه
الا ان فؤادي لن..... بسرعة ....
إنكيدو فتح فاه
قائلا لجلجامش
لماذا يا صديقي تتحدّث كالضعيف
بكلماتك الضعيفة هذه أنت تجعلني كئيبا
الأن يا صديقي ، ليس أمامنا الا مهمّة واحدة
النحاس قد صبّ في القالب
لنضرم النار ساعة ، و .... الجمر لساعة .
لتبعث بالطوفان لأجل أن تصدّع جلده
لا ترجع الى الوراء و لا تتقهقر
إجعل ضربتك قويّة
*
ضرب بقوّة الأرض ، و توجّهَ بوجهه قدما
عند اقدامهم تشقّقت الأرض
لقد خطّموا بصراعهم جبال سيريون و لبنان
الغيوم البيضاء أصبحت سوداء
أمطرت عليهم موتاً كسديمٍ
شَمَش هيَّجَ ريحا عاصفة هوجاء على خمبابا
ريح جنوبيّة ،  ريح شماليّة ،  ريح شرقيّة ، و ريح غربيّة
اعصار ، تيفون ، زوبعة ، عاصفة
ريح الشرّ ، ريح الغاب ، ريح هوجاء ، تورنادو
ارتفعت ثلاثين ريحاً ،حتى اظلمّ وجه خمبابا
فلا يستطيع أن يهجم الى الأمام ، و لا أن يرفس الى الخلف .
بعدها نالت أسلحة جلجامش من خمبابا
في استعطاف طالبا للحياة ، قال خمبابا لجلجامش
أنت فتيّ جدا يا جلجامش ، أمّك ولدتك فقط
الا أنّ الحقيقة أنّك ابن البقرة البريّة نِنسُن
بأمر شَمَش  أنت سوّيّت الجبال
يا سليل أوروك ، جلجامش الملك
...يا جلجامش ، الرجل الميت لا يستطيع ...
.... حيّاً لأجل مَلِكه
إبقِ على حياتي يا جلجامش
دعني أبقى هنا لأجلك في غابة الأرز
الأشجار ككثيرين ستكون طوع أمرك
و سأحاميك ...
الأشجار ستشعر بالفخر أنّها ستكون من سراياك
إنكيدو فتح فمه ليتكلّم
 قائلا لجلجامش
لا تصغ يا صديقي لكلمات خمبابا
لا تستجب لإستراحمه
خمبابا فتح فمه ليتكلّم
قائلا لإنكيدو
أنت خبير في طرقات غابتي
و أيضا تعرف كلّ فنون الكلام
يتوجّب عليّ أن التقطك ، و اجعلك تتدلّى من شجيرة في طريق الغابة .
و سأطعم جسدك للطيور الكاسرة ، و النسور المفترسة .
الآن يا إنكيدو ، إطلاق سراحي يقع على عاتقك
قل لجلجامش أن يبقي على حياتي
إنكيدو فتح فاه لتيكلّم
قائلا لجلجامش
صديقي ، خمبابا هو من يحمي غابة الأرز
اجهز عليه ، و اسلبه قوّته
خمبابا هو من يحمي غابة الأرز
أجهز عليه ، و اسلبه قوّته
قبل أن يسمع إنليل المبجّل بما نفعل
الإلهة العظيمة ستتحدّث عنّا بغضب
إنليل في نيبرو ، و شَمَش في لارسا
سجّل ذكراً خالداً لا يمحى
كيف أنّ جلجامش صرع المفترس خمبابا
خمبابا سمع ما قاله إنكيدو
رفع رأسه و .....
خمبابا فتح فاه ليتكلّم
قائلا لإنكيدو
أنت تجلس أمامه كراعي غنم
كأجير عنده تنفذ أوامره
الآن إنكيدو ، على عاتقك يقع إطلاق سراحي
اطلب من جلجامش أن يبقي على حياتي
إنكيدو فتح فاه
قائلا لجلجامش
خمبابا هو من يحمي غابة الأرز
أجهز عليه ، و اسلبه قوّته
قبل أن يسمع إنليل المبجّل بما نفعل
الإلهة العظيمة ستتحدّث عنّا بغضب
إنليل في نيبرو ، و شَمَش في لارسا
سجّل ذكراً خالداً لا يمحى
كيف أنّ جلجامش صرع المفترس خمبابا
خمبابا سمع ... فلعنهما بمرارة
(( ليت أنّ أيّا منهما لا يطول به العمر
، و لا أحد  يواري جثمان إنكيدو غير جلجامش   ))
إنكيدو فتح فمه ليتكلّم
قائلاً لجلجامش
صديقي ، أنا اتحدّث اليك وانت لا تصغي
بينما هذه اللعنات....
دع تلك اللعنات ترجع الى فمه
جلجامش سمع كلمات صديقه
فاستلّ خنجره
 و طعنه في عنقه
إنكيدو ... بينما هو انتزع رئتيه
منبثق ....
من الرأس ، أخذ الانياب كغنيمة
المطر انهمر على الجبال بغزارة
... انهمر على الجبال بغزارة
إنكيدة فتح فاه ليتكلّم
قائلا لجلجامش
صديقي نحن قد أطحنا بشجر الارز الباسق
الذي يناطح السماء
ساصنع باباً ، ستة  خيزرانات ارتفاعه ، وخيزرانتان عرضه
وذراع سمكه
ركائزه و قمته و قاعدته كلها ستكون  قطعة واحدة .
*
( و بعد نقص في اللوح)
*
ربطا الطوف ببعضها ، و وضعا عليها الأرز
إنكيدو كان مدير الدفّة
و جلجامش حَمَل رأس خمبابا .

(انتهى اللوح الخامس )

ثقافات || الغرائِبيّ وسُلطة الذاكرة

الثلاثاء، 31 مارس 2015

ملحمة جلجامش سين ليقي اونيني اللوح السادس : عشتار و الثور السماوي-ترجمها الى الإنجليزية أندرو آر جورج 1999 ترجمها عن الإنجليزية الى العربية د. أنور غني الموسوي 2015


ملحمة جلجامش
سين ليقي اونيني
اللوح السادس : عشتار و الثور السماوي
ترجمها الى الإنجليزية أندرو آر جورج 1999
ترجمها عن الإنجليزية الى العربية  د. أنور غني الموسوي  2015
النسخة النموذجية البابلية لملحمة جلجامش ( هو الذي رأى العمق)


 غسل جلجامش شعره المتلبّد ، و نظّف أداوته
و أسدل شعره على قفاه
طرح عنه ثيابه المتسخة و أرتدى ثوباً نظيفاً
اتشح بعباءة شدّها حوله بنطاق
بعدها وضع جلجامش تاجه على رأسه
الى جمال ججامش نظرت السيّدة عشتار  بتوق
((تعال جلجامش ، كن عريسي ))
إمنحني فاكهتك ، هيا إمنحني .
لتكن زوجي و أكون زوجتك .
دعني أحملك على مركبة  من اللّازورد و الذهب
عجلاتها من الذهب و قرونها من الكهرمان
يقودها أسود و بغال كبيرة
أدخل بيتك وسط شذى الأرز العطر
حالما تدحل بيتك
سيقبّل قدميك المدخل و الدكّة
الملوك و البلدان و النبلاء سينحنون أمامك
خيرات الجبل و الوديان ستجلب اليك كجزية
عنزاتك ستحمل ثلاثا ، و نعاجك ستحمل توأماً
حمارك في حمله سيفوق كل بغل
و حصانك سيعدو بالمركبة ببهاء
لا ثور سيعادل ثيرانك في الحقل
جلجامش فتح فاه ليتكلّم
مخاطبا السيّدة عشتار
و أنا إن اتخذتك زوجة
البدن و اللباس ...
من أين سيأتيني طعامي  و رزقي ؟
هل ستطعميني الخبر المعمول للآله ،
و هل ستسقيني الشراب المعمول للملك ؟
من الذي سيتخذك زوجة ؟
أنت الصقيع الذي لم يجمّد ثلجاً
أنت الباب التي لا تصدّ ريحاً
أنت القصر الذي يصرع ... الأبطال
أنت فيل ... رحله
أنت قير يلوّث يد حامله
أنت قربة تقطع يد حاملها
أنت حجر يضعف به البناء
أنت الكبش الذي يحطّم الجدران للعدو
أنت النعل التي تقرص رجل صاحبها
أيّ عريس لك بقي الى الأبد؟
أي جندي شجاع من جندك قد صعد الى السماء ؟
تعالي ، أقصّ عليك حكاية عشّاقك
.... ذراعه
دُموزي ، حبيب صباك
عام بعد عام  ، في رثائك قضيت عليه
لقد عشقت طائر الألّالّو المرقّط
لكنّك اسقطتيه أرضا و كسرتي جناحه
الآن هو في الغابات يبكي و يقول ( جناحي)
لقد أحببت الأسد كامل القوّة
لكنّك حفرت له سبع حفر و سبع
لقد أحببت الحصان ، المشهور في الحلبة
لكنّك جعلت مصيره السوط و الجلد
وجعلت مصيره العدو سبعة فراسخ
و جعلتيه يشرب الماء العكر
و قضيتي على سيليلي أمّه لبكائها الدائم
لقد أحببت راعي الغنم ،
الذي حمل اليك الخبز المخمّر الحار
و نحر الجداء لك كل يوم
لقد ضربتيه و مسخته ذئباً
الآن الرعاة يطردونه بعيدا
و كلابه صارت تعضّ ساقيه
لقد عشقت إشُلّانو  ، بستانيّ أبيك
الذي حمل اليك التمر في سلّة
و يوميا يجعل مائدتك مليئة
أنت نظرت اليه و ذهبت للقائه
(( يا إشُلّانو  الحبيب دعنا نتذوّق رجولتك
مدّ يدك الى مفاتني ))
لكنّ إشُلّانو قال لك :
((أنا ؟ ما حاجتك بي ))
ألم تخبز أمّي بعد ؟  و لم آكل .
لآكل من خبز الخيانة و الإهانة
ولأجعل السمّار فقط ما يغطيني في الشتاء ؟
حينما سمعتِ ما قال
ضربتيه و جعلتيه قزماً
لقد أجلستيه وسط بستانه
لا يستطيع النهوض و لا التحوّل
هل عليك ان تحبّيني أيضا و تعامليني هكذا .
الإلهة عشتار سمعت هذه الكلمات
صعدت الى السماء غاضبة
ذهبت باكية الى آنو ، أبيها
أمام آنتو أمّها  سال دمعها
يا أبي ،  مرارا و تكرارا لا زال جلجامش يزدريني
يخبرني قصّة السمعة السيئة
السمعة السيئة عني و الإهانة ايضا
آنو فتح فاه ليتكلّم
مخاطبا السيدة عشتار
  لا تكوني أنت من أثار الملك جلجامش
لذلك أخبر بقصة السمعة السيئة
السمعة السيئة عنك و الإهانة ايضا
عشتار فتحت فاها للتكلّم
قائلة لأبيها آنو
(( أبي ، أرجوك هب لي ثور السماء
بذلك أستطيع أن أقتل جلجامش في عقر داره
إن لم تعطني ثور السماء
فأسحطّم بوّابة العالم السفلي و أفتحها على الأرض
الى العالم سأحرّر العبيد المكبّلين
سأجعل الميت يفني الحي
سأجعل الموتى يفوقون الأحياء عددا
آنو فتح فاه
مخاطبا السيّدة عشتار
إذا أردت ثور السماء
فدعي ألأرملة في أوروك تجمع تبن سبع سنين
 و دعي فلاح أوروك ينمّي عشب سبع سنين
عشتار فتحت فمها
قائلة لأبيها آنو
.... قد جمعتُ سلفاً
.... قد نمّيتُ سلفاً
الأرملة في أوروك جمعت تبن سبع سنين
و الفلاح قد نمّى عشب سبع سنين
بغضب هذا الثور سآخذ بثأري
آنو سمع كلمات عشتار هذه
و وضع رشاء الثور السماوي في يدها
نزلت عشتار به الى الأرض
حينما وصل أرض أوروك
جفّف الغابات و الخيزران و المستنقعات
اتجه الى النهر ، أنزل ماءه سبع أذرع
بخوار واحد ثور السماء صنع حفرة
سقط فيها مئة رجل من أوروك
و حينما خار ثانية صنع حفرة أخرى
سقط فيها مئتا رجل من أوروك
في المرّة الثالثة صنع حفرة
سقط فيها إنكيدو الى خصره
لكنّه وثب و أمسك الثور من قرنه
فرشق الثور وجهه برغائه
و بخصلة ذيله ...
إنكدو فتح فمه لتكلّم
قائلا لجلجامس صديقه
صديقي ، أنا قد اختبرت بأس الثور
فعلمت أين قوّته و غايته
دعني اختبر بأسه ثانية
سأكون خلفه
وسـأقيّده بذيله
سأضع قدمي على ساقه من الخلف
بعدها أنت كجزّار شجاع و ماهر
بين قرنه و منحره اطعنه بسكينك
إنكيدو بسرعة صار خلف الثور
قيّده بذنبه
وضع قدمه على ساقه من الخلف
....
بعدها جلجامش كجزّر شجاع و ماهر
بين قرنه و منحره طعنه بسكينه
بعد أن أجهزا على ثور السماء
إستخرجا قلبه و وضعاه أمام شَمَش
و إنحنيا في حضرة إله الشمس
بعدها جلس الإثنان معا
عشتار ذهبت عند سور أوروك
تنوح و تدعوا بالويل
متحسّرة ، جلجامش الذي سخر مني قد  قتل ثور السماء
إنكيدو سمع كلمات عشتار
فاتنزع ورك الثور و رمى به الى ناحيتها
((إن أنا ظفرت بك سأفعل بك مثل ما فعلت به
سأربط ذراعيك بأحشائه ))
عشتار جمعت كل جارية و بغيّ
و حول ورك الثور السماوي أقامت شعائر الحداد
جلجامش استدعى جميع الحدادين و الحرفيين
حجم قرون الثور أذهل الحرفيين
ثلاثون منّا كان كل قرن
و منان ثخن غلافهما
و ستة أكرار كانت سعتهما
لقد قدّمها الى الهه لوكالبندا ، لتكون دهنا للمسح
فأخذها لتعلّق في حجرته
 ثمّ غسلا أيديهما في نهر الفرات
أخذ كل منهما بيد صاحبه في العودة
و بينما هما في مركبتهما  في طرقات أوروك
أحتشد الناس للنظر اليهما
جلجامش قال كلمة الى  وصيفات قصره
(( من  الأمجد بين الرجال ؟
من  الأبهى بين أقرانه ؟ ))
((جلجامش هو الأمجد بين الرجال
جلجامش هو الأبهى بين أقرانه))
أقام جلجامش حفلا في قصره
في الليل نام البطلان و استراحا في فراشهما
و بينما إنكدو نائم رأى حلما
إنكيدو صحى ليقصّ حلمه
قائلا لصديقه
&&&&&&&&&&
انتهى اللوح السادس
و يأتي بعده اللوح السابع : موت إنكيدو

الاثنين، 30 مارس 2015

ملحمة جلجامش سين ليقي اونيني اللوح السابع : موت إنكيدو -ترجمها الى الإنجليزية أندرو آر جورج 1999 ترجمها عن الإنجليزية الى العربية د. أنور غني الموسوي 2015

ملحمة جلجامش
سين ليقي اونيني
اللوح السابع  : موت إنكيدو
ترجمها الى الإنجليزية أندرو آر جورج 1999
ترجمها عن الإنجليزية الى العربية  د. أنور غني الموسوي  2015
النسخة النموذجية البابلية لملحمة جلجامش ( هو الذي رأى العمق)

( قال إنكيدو)
صديقي لماذا  الآلهة العظيمة  في إجتماع ؟
( ما يلي هذا البيت مفقود ، لكن هناك قطعة نثرية تذكر ما حصل تعتمد على لوح قديم )
(إنكدو أخذ يكلّم جلجامش : يا أخي ، لقد رأيت هذه الليلة رؤيا غريبة . الآلهة آنو ، إنليل ، إيا ـ و السماوي شَمَش ، قد عقدوا إجتماعاً. ولقد تحدّث آنو  الى  إنليل قائلا  ( هذا  لأنّهما قتلا الثور السماوي ، و قتلا خمبابا الذي كان يحرس الجبال المكتظة بالأرز ) . لذلك قال آنو ( من بين الاثنين دع أحدهما يموت ) . فقال إنليل ( دع إنكيدو يموت لكن لا تدع جلجامش يموت). فأخذ السماوي شَمَش يردّ على البطل إنليل ( ألم يكن بكلمتك قد استطاعا قتل الثور السماوي و أيضا خمبابا ؟ و الآن على  إنكيدو البريء أن يموت ؟  غضب إنليل بوجه السماوي شَمَش قائلا له ( ألم تكن كالشريك معهما تماشيهما كلَ يوم  ؟ )  .
إنكيدو إستلقى قبل جلجامش ، دمعه سال كالنهر ، يا أخي ، الأعزّ اليّ  هو أخي ، إنّهم لن يتركوني أقوم مرّة أخرى لأجل أخي ، بين الأموات سوف أكون ، و عتبة الموت سأجتاز ، لن أستطيع أن أنظر ثانية الى أخي .
( يستأنف اللوح السابع مع هذيان لإنكيدو)
إنكيدو رفع عينيه صوب الباب
تكلّم مع الباب وكأنّها إنسان
أيّتها الباب الخشبيّة التي لا شعور  لها
لقد فهمت ذلك بأنّك لا إحساس  لك .
قطعت عشرين فرسخاّ بحثا عنكِ ، عن الشجرة الأفضل
الى أن وجدت – في الغابة –  شجرة أرز طويلة .
شجرتك ليس لها مثيل في غابة الأرز
ستّ قصبات إرتفاعك ، قصبتان عرضك ، و ذراعٌ سمكك
قمّتك و قاعدتك قطعة واحدة
أنا صمّمتك ، أنا حملتك ، أنا أمسكتك في نيبّور
لو كنت أعلم أيتها الباب أنّ هذا سيكون جزائي منك
لو كنت أعلم انّ هذا سيكون مكافأتك لي
لكنت رفعت فأسي ، و هشّمتك
و لكنتُ جعلتِك عائمة كطوّافة الى إبابّارا
الى  إبابّارا ، معبد شَمَش  لكنت حملتك
و لكنتُ نصبتُ الأرز في بوّابة إبابّارا
و لكنت نصبت على مدخله تمثالا ضخما لطائر الرعد و ثور
في مدخلك لكنت و ضعت ....
و لكتت .... مدينة .... شَمَش
و في أوروك ....
لأنّ شَمَش قد سمع ما قلت
و في زمن المحنة اعطاني سلاحا
 و الآن أيّتها الباب ، أنا من صمّمك و من حملك
هل أستطيع الآن أن اهّشَمك ، هل بإمكاني الآن تمزيقك .
ربّما يأتي بعدي ملكّ يحمل البغض تجاهك
او .... أن يضعك  في مكان لا يراك فيه أحد
ربّما سيزيل إسمي و يكتب عليك إسمه .
 بينما جلجامش يسمع لكلماتك إنكيدو صديقه ، فاضت عيناه بالدموع من دون إرادة .
جلجامش فتح فاه ليتكلّم
قائلاً لإنكيدو
صديقي .... في .... فائق
أنت من امتلك الفهم و الحكمة  ، أتجدّف هكذا ؟
لماذا يا صديقي يتكلّم قلبك بتجديف ؟
الرؤيا كانت غريبة  ، تثير القلق
شفاهك بالحمّى تطنطن كذبابة
الخشية كبيرة ، كان الحلم غريبا .
الحِداد هو ما تترك الآلهة لمن يبقى حيّا
 الحلم يترك حزناً لمن يبقى حيّا
الى الآلهة العظيمة أنا سأتوسّل بتضرّع
دعني أقصد شَمَش ، سأناشد إلهك
في حضورك سأصلّي الى آنو أبي الآلهة
عسى أنّ مرشدي إنليل يسمع صلاتي في حضورك
عسى أنّ يجد تضرّعي عطفاً من إيا
سأعمل لكِ تمثالاً من ذهب بحجم عظيم جدا ...............
.......
( قال إنكيدو)
صديقي لا تعط فضّة ، و لا ذهبا ، و لا ....
كلمة إنليل ليست ك ....
ما أمَرَ به لن يُغَيّر
ما يعيّنه ، لن يغيّره
صديقي لقد كُتِب قدري
الناس يذهبون الى قدرهم قبل الأوان
وعند أوّل بصيص للفجر
إنكيدو رفع رأسه ، يندب نفسه لشَمَش
تحت أشعّة الشمس كانت دموعه تجري
أنا أناشدك يا شَمَش لأجل حياتي الغالية
 حالي كصياد
هو ما منعني ان أكون عظيما كصديقي
فالصيّاد ليس عظيما كصديقه
كسبه قليل و وارده ضئيل
ربّما كانت قسمته سيئة في حضرتك
البيت الذي يدخله ، تخرج  منه الآلهة من الشبّاك
بعد أن لعن حاله كصياّد و باح بما في قلبه
قرّر أيضا أن يلعن شمخات الغانية
تعالي شمخات ، أنا سأبيّن لك قدرك
قدر مشؤوم يرافقك للأبد
 سألعنك لعناً كبيرا
 لعنتي ستصيبك من الآن و الى الأبد
لن تحصلي على  بيت عائلة ليبهجك
و لن تعيشي وسط عائلة أبدا
في مخدع النساء الشابّات لن تجلسي
أجود كساء لك سيكون مدنّسا بالتراب
و رداءك للعيد سيكون ملوّثا بالقذارة
لن تحصلي على أيّ جمال
..... الفخّار
لا ....   تمتلكي
لن تفشر في بيتك مائدة للوليمة ليجتمع عليها الناس
سريرك الذي يبهجك سيكون بائسا
عند مفترقات الطرق سيكون جلوسك
و في ألأماكن الخربة سيكون منامك
و تحت ظلّ السور سيكون وقوفك
الشوك سيكون كساء قدميك
العاقل و المخمور  سيصفع خدّك
.... سيتهمك و يدّعي عليك
و سقف بيتك ليس من بنّاء يصلحه
و في غرفة نومك البومة ستقطن
 مائدتك لن تكون عليها وليمة
لأنّك جعلتِني ضعيفاً بعد أن كنت نقيّاّ .
أجل  في البريّة أنت أضعفتِني ، بعد أن كنت نقيّاً
شَمَش سمع ما تكلّم به
من السماء جاء صوت بكاء
إنكيدو لماذا تلعن شمخات الغانية ؟
التي اطعمتك خبراّ يليق بإله
و سقتك شراباّ يليق بالملك
و التي كستك بكساء بهيّ
وأعطتك رفيقاً النبيلُ جلجامش
و الآن جلجامش صديقك و أخوك
سيسجّيك على سرير بهيّ
على سرير الشرف سوف يطرحك
سيجعلك على يساره على دكة الاستراحة
حكّام العالم السفلي سيقبّلون قدميك
 أهل أوروك سيندبونك و ينوحون عليك
سكّان المعمورة سيملؤمهم الأسى لأجلك
بعد أن ترحل سيصبح شعره أشعثا من العويل عليك
و سيشدّ حزاما على خصره و يجوب البرّيّة
إنكيدو سمع كلمات شَمَش القويّ
قلبه الغاضب صار ليّنا
قلبه الهائج صار هادئا
تعالي شمخات أنا سأبيّن لك قدرك
فمي الذي لعنك سيباركك أيضاً
الأعيان سوف يحبّونك و كذلك النبلاء
على بعد فرسخ منك سيرقبك الرجال
و على بعد فرسحين سيصفّفون شعرهم لأجلك
و لن تجدي جنديّا يتأخّر في بذل ما لديه لأجلك
أحجارا كريمة سوف يعطيك ، اللازورد و الذهب
أقراط و مجوهرات ما سوف يعطيك
عشتار القديرة ستتكفّل بجمعك
بالرجل الغني صاحب البيت العامر و المال الوفير
لأجلك  ستهجره  زوجته ، و إن كانت أمّا لسبعة
بينما صار عقل إنكيدو كدراً
إستلقى على فراشه  و بدأ يتأمّل
ما في رأسه أخبر به صديقه
صديقي راودني حلم طول الليل
السماء تهدر و الأرض تدويّ
و أنا كنت هناك ، واقفا بينهما
كان هناك رجل ، بمظهر كالح
كان مثل طائر الرعد مرعبا
كانت يده يد أسد ، و ظفره مخلب نسر
لقد أمسكني من شعري ، لقد غلبني
لقد ضربته لكنه عاد و وثب ثانية
و ضربني و كطوف قلبني
لقد سحقني تحت قدميه كثور بريّ عظيم
لقد بلّل جسدي بسائل مسموم
أنقذني يا صديقي
أنت كنت تخشاه ، لكنّك ...
لقد ضربني و جعلني أبدو كحمامة
لقد مسك بذراعي كجناحي طائر
لقد قادني أسيرا الى بيت الظلام حيث مقام إركالّا
الى البيت الذي من دخله لن يغادره أبدا
في الطريق الذي ليس فيه عودة أبدا
على الباب الغبار كثيف
على بيت الغبار يخيّم السكون المميت
في بيت الغبار الذي دخلتُ
نظرتُ حولي ، رأيتُ تيجان مزدحمة
كان هناك رؤوس متوجّة حكمتِ الأرض في الأيام الخالية
من كانوا يحضرون الشواء لمائدة آنو و إنليل
الذين كانوا يقدمون الخبز المخمّر ، و يسقونهم الماء البارد
في بيت الغبار الذي دخلته
 لقد رأيت كهنة لاجارا
و كان هناك كهنة الطهارة و كهنة  لوماهّو
كان هناك كهنة الإلهة الكبير جوبادسو
كان هناك إتانا ،  و شاخّان
كانت هناك ملكة العالم السفلي ، إريشكيجال
أمامها جلس بَلَت - سيري  كاتب العالم السفلي
 ممسكا بلوح و قرأ بصوت مرتفع في حضرتها
لقد رفعت رأسها و رأتني
من الذي أحضر هذا الرجل هنا ؟
من الذي أتي بهذا الرفيق ؟
.... ( يعد انقطاع في اللوح)
أنا من تحمل الصعاب معك
تذكّرني ياصديقي و لا تنس ما فعلتُه
( قال جلجامش)
صديق أنظر بعين التفاؤل .
في اليوم الذي رادوه الحلم خارت قواه
إنكدو استلقى ، بقي مريضا يوما ، ثم اضاف يوما أخر
إتكيدو استلقى على فراشه ، و أشتدّ عليه المرض
اليوم الخامس ، و السادس و السابع و الثامن و التاسع و العاشر
مرض إنكيدو إشتدّ أكثر
لليوم الحادي عشر و الثاني عشر
و إنكيدو مطروح الفراش
نادى على جلجامش و تحدّث الى صديقه
الآله قد غضب عليّ
لن أموت كبطل في ساحات الوغى
كنت أخشى أنّ النزال ....
صديقي من يسقط في ساحة القتال يترك إسماً
أنا لن أسقط في ساحة القتال ،  و لن يكون لي إسمٌ

( قصّة الساعات الاخيرة لموت إنكيدو بما يقارب ثلاثين سطرا ناقصة من اللوح السابع)
&&&&&&&&&&&&&&&&&
إنتهى اللوح السابع و يأتي بعده اللوح الثامن ( جنازة إنكيدو )

تشكيل : سهى ألجميلي الجنيني مرئيا ً-عادل كامل





تشكيل


سهى ألجميلي
الجنيني مرئيا ً





عادل كامل
    اذا كان من الصعب، حتى بعد تحول الرموز إلى علامات تعمل كأشياء، أو كوحدات ضمن بنية محددة الأهداف، فان شيئا ً ما سابق على (الصورة) لا يمكن عزله عن الزمن: التتابع بنظام الحركة ومحركاتها.
     وليست الفنون التي غادرت تقاليد الرسم، قبل قرن، ومنها الشعبية، والأدائية، والمضادة لكل خبرة أو عرف، بإمكانها ان تلغي العلاقة بين ما يجذب البصر، وبين   تعددية التأويل للنص الواحد.
   والرسامة سهى ألجميلي، وهي تمارس منهجا ً تخلت فيه عن التشخيص، تترك للمصادفات ان تعمل وفق دوافعها المخبأة، أو التي سمحت لها ان تظهر بتحرر من القيود. فالتأويل يغدو مساحة مشغولة بالعلامات البصرية، كعلامات مستمدة من الطبيعة، ومن المدن تارة، ومن الجسد تارة ثانية، ولكن تبقى ثمة علامات محورة شبيهة بالتي تحدث في الأحلام، أو اللا متوقع وهو يأخذ موقعه في العملية البنائية.
   إنها أحيانا ً تبدو تحفر في الجدران، أو خلف القشور، وتذهب حيث ترصد ما يحدث للأشكال من تصادمات، وتداخلات، وتحولات، حتى تغدو بعض نصوصها استقصاء ً للعالم الجنيني ـ التكويني، لخلايا ما قبل اتخاذها نوعا ً أو شكلا ً محددا ً. فثمة مشتركات لهذه الأشكال تلقي الضوء على عالم يمتلك مخفياته، على انه سرعان ما يغدو مساحة تحررت من انغلاقها، لتبدو ـ كأشكال ـ انبثاقا ً، أو صرخة، أو انفجارا ً، بما تمتلكه من اتساع للبؤرة، كشبكة من الاتصالات شبيهة بما يحدث لنجم فقد هيأته.

 

     فهل ثمة نزعة مزدوجة بين أصول ترجع إلى انساق رسامي المغارات بالأساليب المتحررة من الأصول، أم أنها تهدم جدران العزل لتكوين عالما ً مشحونا ً بالتصادمات، والمخاوف، والكوابيس..؟
   إنها تسمح لنصوصها ان تدمج عالم ما قبل اللغة بعالم ما بعدها، فهي تستبدل الأصوات بالمرئيات، محاولة لاستبدال البصر بالسمع، والأخير بالتذوق، والشم بما تمثله الملامس من رهافة، فالحواس سابقة على العمل الوظيفي المحدد للدماغ، إنما الأخير يحافظ على رصد اتساع شبكة العلاقات، إن كانت بصرية أو مستمدة من الحواس الأخرى، حيث تحافظ على نزعة (تدميرية) في عمليات البناء، أو ترصد فعل التدمير وما يخلفه من أصداء.
    فالطبيعة شبيهة بذرات منحت لا وعيها ـ ولا شعورها ـ حالة انعتاق، إنما بمنح المخيال ضوابط حواسها في رصد مشاهد لا يمكن عزلها عن عالم الحروب، والفوضى، وفقدان الأمل. على ان انحيازها للرسم، كعمل مجتمعي له أعرافه في ثقافتنا المعاصرة، ليفند النزعة (التدميرية) ويحولها إلى وثائق ـ وشهادات. فنزعتها اللا شكلانية تحرر الأشكال، وتدفع بها إلى أقاصيها: كتل وذرات وأجزاء لا يمكن عزلها عما لم تستطع ان تحوله إلى كلمات، أو تخفيه داخلها، كي يكف التعبير عن سياقه الذاتي ـ الموضوعي، وقد تداخلت عناصره عبر التركيب، بحركة تبدأ من الصفر، تارة، أو تتقلص حيث النص يجتاز عتبته نحو الآخر، المتلقي، تارة أخرى.
    فالجسر ـ الممر ـ والمعاني برمتها، لا تمتد إلا بصفتها إقامة، إنما كاجتياز من القاع نحو السطح، ومن الأخير باتجاه الأثر، علامة لعالم نجهل هل يرتد، أم يذهب حيث يعيد تدشين دورة من دوراته.
* سهى ألجميلي [رؤى متخفية]  معرض شخصي. قاعة أكد ـ بغداد 2012 قدم لها: مؤيد البصام.
*سيرة:
ـ ولدت في بغداد عام 1963.
ـ بكالوريوس علوم كيمياء/ كلية العلوم، جامعة بغداد 1990.
ـ بكالوريوس فنون جميلة ـ كلية الفنون الجميلة، بغداد 1994.
المعرض الشخصي الأول ـ قاعة الرواق 1991.
كما شاركت في المعارض الجماعية داخل العراق وخارجه.


مبدعون في الذاكرة- عبد الله إحسان قمة الاحتراف والاستقامة- د.احسان فتحي






مبدعون في الذاكرة

عبد الله إحسان
قمة الاحتراف والاستقامة



د.احسان فتحي

الاعزاء المعماريون العراقيون والأصدقاء في كل مكان

تحياتي الطيبة

بمناسبة ذكرى مرور 30 سنة على رحيل المعماري العراقي الفذ عبد الله إحسان محمد كامل، وددت ان أشارككم ببعض من ذكرياتي وانطباعاتي عن هذا العراقي الأصيل الذي كان مذهلا في استقامته ونزاهته وتفانيه في تدريس الفكر المعماري والتخطيطي بأعلى درجة من المهنية والموضوعية، حيث كان من حسن حظي ان اعمل معه منذ 1978في قسم العمارة في جامعة بغداد. تجدون هذا البوست في 5 صفحات ملحقة مع الرسالة، كما أرحب بأي إضافة وملاحظة.



الأحد، 29 مارس 2015

في الذكرى الخامسة لوفاته::القصيمي يتنبأ بالإرهاب العالمي وأنه من إفرازات الحركات الأصولية قبل خمسين عاماًً !!



في الذكرى الخامسة لوفاته:
القصيمي يتنبأ بالإرهاب العالمي وأنه من إفرازات الحركات الأصولية قبل خمسين عاماًً !!
 





واجه الخصوم من كل جانب، فأمطرهم بوابـل من الكتب العميقة!!


   صادف يوم التاسع من كانون الثاني/ يناير لعام2002، الذكرى الخامسة لرحيل المفكر السعودي الثائر عبدالله بن علي القصيمي، الذي يُصنف على أنه حامل لواء الليبراليين العرب، وقائدهم في معركة حامية الوطيس، كان طرفها الأول، وقد جاوزت بسنواتها وهو يخوضها حرب البسوس، فما وهن ولا استكان، بل واصل الطريق بين آكام من الردود، تلقاها بدايةً من علماء الأزهر الذين علموه ودرسوه، فتمرد عليهم، وكشف العوار لديهم، ثم جاءته الصفعة من النجف الأشرف، فتلقاها كالبلسم، وكان قد أوجعهم ضرباً، ثم كانت ثالثة الأثافي عندما تلقاها من السلفيين، وهو الذي ولد من رحمهم، ونشأ في معقل من معاقل التعليم الديني المتشدد لديهم، وهو ابنهم الذي أفرحهم، فتوجوه ورجوه لمستقبل الأيام ذخراً، وفاخروا به الأمم، إلا أنه سرعان ما نكص عليهم، فهجوه ورموه بالسباب والسهام، التي تكسرت على جسده الضئيل النحيل، وما أصابت عقله التأملي الحارق، بل عاش مكابراً لا يقول إلا ما يعتقده، حتى وإن خالف الجميع، عاش شموخ المفكر وكبرياء المتأمل الناقد، فكان نقطة انعطاف وعلامة بارزة في فكرنا العربي الحديث، تناول عطاءه الفكري، إن سلباً أو إيجاباً، مدحاً أو قدحاً، علماء ومفكرون ومثقفون، يُشار إليهم بالبنان، على خارطة الفكر العربي الحديث، فكان القصيمي وكانت حصيلة الرحلة الطويلة، التي لا تزال هناك الكثيرُ من الأسرار تلفها، ولربما حفظها معه فواراها الثرى.

خب الحلوة ___ مسقط الرأس
"إيلاف" تابعت مسار الرحلة بدءً من مسقط الرأس وسقط اللوى، حيثُ "خب الحلوة" الغافي في أحضان الرمال غربي مدينة بريدة في نجد بالسعودية، وانتهاءً بزيارة مشفاه الأخير الكائن في مصر الجديدة بقاهرة المعز، ووقوفاً عند "جامع رابعة العدوية" حيثُ شيعت الجنازة، وحيثُ ووريت في مقابر باب الوزير في مصر، مروراً بالعديد من أصدقائه ومعارفه وبعض من أولئك الذين سنحت لهم الفرصة للجلوس معه والتحدث إليه ومناقشته، عندما كان في القاهرة أو لبنان، كما حاورت" إيلاف" أبنائه وممرضته التي أشرفت على علاجه قبل رحيله، فكان هذا الملف الذي تقدمه" إيلاف" في ذكرى رحيله الخامسة، لتذكر العالم العربي، وقد نقدهم وأوجعهم، نقد المحب الوامق، بذلك المفكر الذي وصمهم ذات مرة بأنهم " ظاهرة صوتية" لكنهم خيبوا ظنه، إذ خفت صوتهم فلم يرثوه ولم يقفوا على مسار رحلته فيتتبعوها!!
"إيلاف" وهي تقدم هذا الملف لقرائها، إنما تعرض تاريخاً لمسار الرحلة، وتقدم القصيمي، المفكر الذي أشغل الساحة، بكل ماله وما عليه، ويبقى الحكمُ أولاً وأخيراً للقارئ، رحم الله القصيمي وغفر لنا وله.   (وهنا الحلقة الاولى)

المولد والنشأة !!
ولد الشيخ عبدالله القصيمي في عام 1907م تقريباً في " خب الحلوة" الواقع إلى الغرب من مدينة بريدة النجدية في المملكة العربية السعودية.
والخبوب:  "جمع خب " وتعني تلك القرى القابعة داخل الرمال والمنتشرة حول مدينة بريدة التي كانت ولا تزال تمثل أهم وأبرز معاقل التعليم الديني المتشدد، إذ لا يزال العديد من أبنائها من طلبة العلم الشرعي من يرفض إلى وقتنا الحاضر كثيراً من النظريات العلمية الفلكية والجغرافية، كما أنه يرفض الأخذ بمظاهر الحضارة والتمدن .
جاء مولد عبدالله القصيمي في " خب الحلوة" ليمثل نقطة انعطاف مهمة في تاريخ تلك القرية الغافية لقرون والتي كانت مجهولة حتى من أبناء المدن المجاورة، شأنها بذلك شأن العشرات من الخبوب والقرى المحيطة بمدينة بريدة والتي لا تزال مجهولة وغير معروفة إلى اليوم هذا، لذلك نقل ميلاد القصيمي تلك القرية لتحتل مكانةً بارزة في كثير من الحوارات الفكرية التي أشعلها القصيمي على امتداد وطننا العربي، كما أنها حظيت بزيارات عدد من المثقفين والمفكرين الذين وقفوا على أطلالها، وكان لـ " إيلاف " أن تقوم بجولة داخل خب الحلوة وتقف على أطلاله المتهدمة التي لا شك أن القصيمي قد خرج من معطفها، كما وقفت إيلاف تحت ظلال تلك النخيل الباسقات التي تكاد تغطي تلك القرية، والتقطت كاميرا " إيلاف " صوراً لتلك القرية .
  والد عبدالله القصيمي هو الشيخ علي الصعيدي، الذي قدم من حائل واستوطن خب الحلوة والذي عرف عنه تشدده الديني الصارم، والذي لم يكفه ما تلقاه من تعاليم دينية في مدينة بريدة لينتقل إلى الشارقة للاستزادة من العلوم الشرعية وللتجارة، أما والدة الشيخ عبدالله القصيمي فهي وفقاً لرواية الدكتور فيصل بن عبدالله القصيمي  السيدة موضي الرميح ، التي أنفصل عنها زوجها بعد ميلاد أبنه عبدالله بأربع سنوات تقريباً، ليدعها وطفلها مهاجراً إلى الشارقة، ولكنها سرعان ما ارتبطت برجل آخر من عائلة " الحصيني " المقيمة في قرية "الشقة " المجاورة لخب الحلوة، ويذكر الدكتور فيصل القصيمي أن لديه ثلاثة أعمام من أسرة الحصيني، قدموا إلى مدينة الرياض، واستوطنوها، ولا يوجد منهم أحد اليوم، ولهم أولاد وأحفاد، ويرتبط الشيخ عبدالله القصيمي بروابط أسرية مع عدد من الأسر النجدية كأسرة المزيني والمسلم والحصيني والجميعة، وقد ذكر المؤرخ السعودي عبدالرحمن الرويشد لـ" إيلاف" أن الشيخ ابن جميعة الذي يعمل لدى الملك عبدالعزيز هو عم الشيخ عبدالله القصيمي، وقد هاتفت "إيلاف" المؤرخ إبراهيم المسلم لسؤاله عن مدى الصلة والقرابة بين الأسرتين الكريمتين فقال: تجمعنا قرابة وصلة وخؤولة! وهذه المعلومات تنشر لأول مرة لأنها معلومات لم يكن القصيمي يفصح بها لكل من التقاه من أدباء وصحافيين وباحثين، كما يقول بذلك أصدقاؤه من أنه لم يكن يتحدث بشؤون الخاصة إطلاقاً،  كما أن الشيخ علي الصعيدي قد تزوج بامرأة من الشارقة ومن عمان وأنجب أولاداً هناك، ويذكر الدكتور فيصل القصيمي أنه على اتصال دائم بأبناء عمه في الشارقة ويزورونه بالرياض باستمرار. 

أصول أسرة القصيمي :
من المسلم به أن القصيمي ينتمي إلى أسرة "الصعيدي" وهي أسرة ضاربة بعمق في نجد ومنتشرة بين منطقتي حائل والقصيم، ولكن من أين جاءت التسمية بالصعيدي؟
في الوقت الذي يرى فيه الأستاذ عبدالرحمن البطحي "مؤرخ مقيم في عنيزة بالقصيم" أن أحد أجداد الأسرة كان يعمل بالعقيلات بين مصر ونجد قبل قرون، فنسب إلى المنطقة التي كان يذهب إليها متاجراً، وهذه عادة منتشرة في العديد من المدن النجدية، ويؤيده في ذلك الأستاذ الباحث يعقوب الرشيد والمؤرخ إبراهيم المسلم، إلا أن الدكتور فيصل القصيمي يروي لـ "إيلاف" روايتين حول سبب التسمية بالقصيمي، فإضافةً إلى الرواية الأولى يطرح رأياً آخر وهو أنه ربما يكون جد الأسرة بالفعل قد قدم من الصعيد المصري، واستقر في نجد، إلا أنه يذكر أن أسرة الصعيدي في حائل وبريدة يلتقون في جدٍ جامع لهم، إلا أن الأستاذ إبراهيم عبدالرحمن ( محامي مصري وصديق مقرب جدا من القصيمي) ينكر الرواية الأخيرة، ويذكر أن أول من قال بها هو صلاح الدين المنجد في رده على القصيمي، وكان هدف المنجد كما يذكر المحامي عبدالرحمن هو تبرئة الساحة النجدية من القصيمي!! ويذكر المحامي عبدالرحمن أن فكرة المنجد قد لاقت قبولاً ورواجاً داخل السعودية، إلا أنه يستطرد قائلاً : أن الشيخ حمد الجاسر قد بحث المسألة وتوصل إلى نتيجة وهي أن أصول القصيمي من نجد وأن أحد أجداده قد سافر إلى مصر وعاد مرةً ثانية إلى نجد فعرف بلقب الصعيدي!.
ورداً على سؤال " إيلاف" للمحامي عبدالرحمن الذي صحب القصيمي مدة خمسين عاماً من أن القصيمي لا بد وأن يكون قد تحدث معه في هذه المسألة خلال هذه المدة الزمنية الطويلة ، قال : أبداً لم يحدث أن تحدث معي الشيخ عبدالله في هذه المسألة ولا غيرها، لأنه كان يرفض دائماً الحديث عن كل مسائله الشخصية!.
" إيلاف" رغم اعتزازها بصعيد مصر كجزء من أرض العروبة والإسلام، إلا أنها لا ترى أن مجرد النسبة إلى هذا الإقليم أو ذاك سبباً قاطعاً في أن يكون هذا الشخص من تلك المنطقة أو ذاك الإقليم، والدليل أن هناك العديد من الأسر النجدية منسوبةً إلى أقاليم خارج الجزيرة العربية فهناك العماني والتركي والشامي والهندي والرومي والمصري واليماني وغيرها كثير، وفي الوقت الذي لا يرى الدكتور فيصل القصيمي أية إشكالية في أن يكون جد الأسرة قد قدم بالفعل من صعيد مصر، فالأمر سيان لديه، إلا أن إيلاف ترى وجوب حشد الأدلة القاطعة، لأن مجرد الانتساب وحده لا يكفي ليكون دليلاً قاطعاً.
    نشأ القصيمي فيما بين " خب الحلوة" و " الشقة" في ظروف سيئة للغاية، فإضافةً إلى فقده لحنان والديه، فقد كانت الأحوال المعيشية سيئة جداً، الأمر الذي دعاه أن يغادر قريته إلى الأبد!! وهو في سن العاشرة من عمره، وفي الوقت الذي يرى فيه البعض أن قرار المغادرة قد أتخذه الفتى بنفسه هروباً من تلك الأوضاع الصعبة يرى الدكتور فيصل القصيمي أن أخوال الشيخ عبدالله هم الذين دفعوه إلى الهجرة بحثاً عن الرزق، وأصروا على مغادرته أمام إصرار والدته، وكانت حجتهم أن يبحث عن أبيه ليطعمه ويكسوه بعد أن ضاقت بهم السبل في تلك الظروف المعيشية السيئة! ركب الفتى عبدالله القصيمي المخاطر مع أول قافلة اتجهت إلى الرياض بعد اتخاذه للقرار الخطير، الذي قاده إلى رحلة طويلة تنقل فيها بين العديد من الأقطار العربية، فما بين مولده في " خب الحلوة" إلى مدفنه في مقابر باب الوزير بالقاهرة رحلة من البحث الطويل المعيشي بدايةً ثم الفكري، الذي أصبح واحداً من أبرز فاعليه على مستوى الوطن العربي .
 في الرياض حيثُ درس القصيمي على الشيخ سعد بن عتيق، تعرف  إلى وفد من الشارقة جاء لزيارة الرياض، وكانت المصادفة أن رئيس الوفد صديق لوالده ويعرفه تمام المعرفة، فلاحت في أفقه بوادر أمل في لقاء أبيه، وهذا ماتم على ساحل خليج عمان، إلا أن الدهشة أصابت الفتى الذي كان يتطلع ليس إلى مقابلة والده فحسب، بل إلى ذلك الحنان الذي حُرم منه عشر سنوات، كانت المفاجأة أن والده الذي كان يعمل تاجراً في اللؤلؤ ومتشدداً في تفسيره لكثير من تعاليم الدين الإسلامي قد قابله بشيء من الجفوة والقسوة وفرض عليه أسلوباً في التربية غاية في القسوة.
 هذا اللقاء الجاف لا بد وان يكون له تأثيره اللاحق على حياة القصيمي، يقول القصيمي واصفاً ذلك اللقاء في إحدى رسائله التي بعث بها إلى الأستاذ أحمد السباعي( كانت صدمة قاسية لأكثر وأبعد من حساب، لقد وجدت والدي متديناً متعصباً بلا حدود، لقد حوله الدين والتدين إلى فظاظة أو حول هو الدين والتدين إلى فظاظة .. لقد جاء فظاً بالتفاسير والأسباب التي جاء بها الدين وحاول أن يبدو كذلك ولا يراه رجل دين وداعية صادقاً إلا بقدر ما يجد فيه من العبوس والفظاظة .. ) .
 التحق القصيمي في مدرسة الشيخ علي المحمود، ثم توفي والده عام 1922م فتحرر من تلك القيود التي كبل بها وانطلق يواصل تعليمه، فأعجب به التاجر عبدالعزيز الراشد الذي أخذه معه إلى العراق والهند وسوريا، تعلم القصيمي بدايةً في مدرسة الشيخ أمين الشنقيطي في الزبير، ويذكر الأستاذ يعقوب الرشيد أنه التحق بالمدرسة الرحمانية بالزبير،   ثم انتقل إلى الهند ومكث بها عامين تعلم في إحدى المدارس هناك اللغة العربية والأحاديث النبوية وأسس الشريعة الإسلامية، ثم عاد إلى العراق والتحق بالمدرسة الكاظمية ثم انصرف عنها إلى دمشق ثم إلى القاهرة التي شهدت الميلاد الحقيقي للقصيمي.
ماسبب التسمية بالقصيمي ؟!!
يرى الأستاذ عبد الرحمن البطحي أن هناك سبباً وراء التسمية بالقصيمي، وهو أن القصيمي عندما التحق بالأزهر ، كان الأزهر موزعاً إلى أروقة يختص كل رواق بناحية من نواحي العالم الإسلامي، فهناك الرواق العراقي ورواق المغاربة والرواق الشامي والحجازي وغيرها، وحيثُ لا يوجد آنذاك ما يسمى بالرواق النجدي ، فقد سألت اللجنة الموكلة بتوزيع الطلبة على الأروقة عبد الله القصيمي عن منطقته التي جاء منها ، فقال: أنا من نجد!! فقررت اللجنة أن تضمه إلى رواق العراق لقربه جغرافياً من منطقة نجد، فانظم إلى العراقيين في رواقهم، فوجده العراقيون مختلفاً عنهم فسألوه عن منطقته التي جاء منها، فأجابهم بأنه من القصيم بنجد!! فسماه العراقيون بالقصيمي فذهبت علماً عليه داخل الأزهر، فاتخذها الشيخ عبد الله رمزاً أدبياً بعد ذلك ثم أصبحت اسماً له ولأولاده من بعده.
يرى الدكتور فيصل القصيمي أنه من المحتمل أن التسمية بالقصيمي قد جاءت من العراقيين عندما كان والده يدرس في العراق، فاتخذها والده رمزاً أدبياً بعد ذلك ثم اسماً إلى اليوم والغد! .
 إيلاف

قصة قصيرة أحلام يوم غائم- عادل كامل

قصة قصيرة

 أحلام يوم غائم


عادل كامل
    لم يفلح الفأر، رغم تحرشاته، ولكزاته، وقذفه بالحصى، ووخزه بمخالبه، في إيقاظ الأسد، حتى بدا له شبيها ً بالتمثال الذي طالما أثار إعجابه، بهيأته، ورشاقته، وتناسق نظراته مع جسده.
   عاد الفأر، مرة ثانية، يتحرش، ويوخز، من غير جدوى. حتى فكر ان يسرق إحدى العربات التي كانت تفخخ، في الحديقة، ويقودها بنفسه، ليفجر القفص؛ والأسد في عرينه.
ـ عرينه...، لا.
متابعا ً بصوت ساخر:
ـ عن أي عرين أتحدث...،  وأنا لا أشاهد إلا أرضا ً مبللة رائحتها تذهب ابعد من أسوار الحديقة، حتى أصبح المسكين ينام فوق برازه!
   واستغرب الفأر إنهم كانوا شيدوا له تمثالا ً، أقاموه، عند المدخل، منذ سنوات بعيدة، وها هو لم يعد يكترث لماضيه، ولا للزائرين، وهم ـ مثله ـ فشلوا في إثارته، وإيقاظه من سباته العميق.
ـ أسد...؟!
   لأنه شاهد الدب يرقص، كما شاهد الذئاب لا تكف عن الحركة، ومراقبه الزوار، ورأى الزرافة تلوح برأسها كأنها مازالت في البرية، والتمساح يداعب أصابع الأطفال بمرح، والكركدن يحدق في السماء، وشاهد سواها، عدا الأسد، ومعه ليوث آخرين أيضا ً، يغطون في سبات عميق.
   كانت ظهيرة باردة، غائمة، والسماء تنذر بسقوط المطر، عندما خرج الفأر خصيصا ً لزيارته، إثر حلم رأى فيه الأسد، منتفضا ً، غاضبا ً، يلقي خطابا ً في الساحة الكبرى، وسط الحديقة، ويدعوا لإنزال الهزيمة بالثعالب، وبنات أوى، والنمور، والدعالج، والأفاعي، والخنازير، وبالمخلوقات المماثلة، في مكرها، ووضاعتها.
   ثم ها هو يجد الأسد جثة هامدة. فلكزه بقوة، ووخزه بشوكة، وما ان لمح الدم يخرج من الجرح، حتى أدرك انه على قيد الحياة، مما أثار فضوله، وحيرته. فابتعد عنه، مرتجف الأوصال:
ـ لا معنى للحديث معك عن الماضي السحيق.
   لكن الفأر سمع لغط الزائرين، المتجمهرين، فشاهدهم ضجرين، يتأففون، وحائرين أيضا ً، فقال يخاطبه:
ـ بل أنا أحدثك عن العصر الذي لم يجرأ أحدا ً إلا ان يقدم لك الولاء والطاعة ...، مع إننا لم ننس ان ما فعله أسلافي، وأجدادي، وآبائي من احترام لكم، فكنا نأتيك بالهدايا، للاعتراف لك بالسيادة، والفخامة، والعظمة.
صمت برهة وقال لنفسه:
ـ لا معنى للاسترسال..، فأنت تعرف ان زمنك ولى...، وأصبحت عتيقا ً، باليا ً، لا تصلح حتى للسيرك! مع انك طالما أثرت إعجابنا بوثباتك، ورقصاتك، ومهارتك في القفزات البهلوانية...، ولكن ما الذي كان يدور في رأسي، بعد ان رأيتك في الحلم؟
    ارتج جسد الفأر، وهو يشاهد الزائرين يتجمهرون خلف القضبان، فسأل نفسه: ما الذي يثير فضولهم، ودهشتهم  ..؟
فسمع احدهم يقول:
ـ ربما هرم، وأصبح عاجزا ً..
وأضاف آخر:
ـ وتعب من الزعامة، ارتوى منها، شبع، فتخلى عنها.
ـ ربما يعاني من الجوع، أو من الخنوع، أو الإذلال!
ـ أو أصيب بأحد أمراض العصر..
ـ أو في الغالب فقد مرحه، وهيبته، ورهبته ...؟
    اقترب الفأر منه كثيرا ً، من غير حذر، وحدق في رأسه الكبير، وراح يتتبع ملتقطا ً الذبذبات الصادرة عن دماغه:
ـ أيها الفأر...، ماذا تريد مني...؟ منذ ساعة وأنت تدور، وتهذي، وكأنك الموت نفسه جاء يبشرني بالخلاص...، فعد ـ أرجوك ـ إلى جحرك، لعل أسد التراب يبتلعك، في الطريق..، أو يجهز عليك كلب من كلابنا السائبة!
فدار بخلد الفأر: حتى في نومه، وفي لاوعيه مازال شرسا ً، وعدوانيا ً!
ـ أيها الغبي...، لو كنت شريرا ً، كما قلت، لمسحت الأرض بك، فما أنت سوى لقمة ضئيلة ...، وإلا فأنني سأنتفض...، مع إنني اعرف انك ستلوذ بالفرار...، كما يفعل أمثالك، الأنذال، وكما فعل أسلافك، وهربوا من الغابات، وغزوا قرى البشر ومدنهم.
ـ لن اهرب...، فلوا افترستني سأقول هذا أفضل من ان أموت بين أنياب قط، أو كلب متوحش...، فهذه حسنة نادرة آمل ان تفعلها، فانا طالما حلمت ان يفترسني أسد بدل الموت في حفرة مظلمة.
ـ لن ادعك تستفزني، فانا عمليا ً لا أريد ان اعرف ما يدور برؤوس الحمقى وهم أكثر سخفا ً وبذاءة منك...، فعليك ان لا تتجاوز حدودك.
ـ وأنت...، هل عرفتها؟
ـ إنها بحدود المساحة التي أشعلها!
ـ مسكين، لم يتركوا لك من الأرض الشاسعة، ومن غاباتها، ومن براريها، إلا مسحة بحدود جسدك!
ـ وماذا افعل بها حتى لو وهبوني أرضا ً بسعة السماء؟
ـ حسنا ًلم يفعلوا ذلك!
ـ نذل..، فأر مطابخ، مجاري، ومزابل...، وبوزك ملوث بالسخام، ومصيرك أما ينتهي داخل المصيدة، أو تمزقك الأنياب..
ـ وأنت، يا سيدي، هل يشفع لك تمثالك...، وهذا الجمهور الغفير من المعجبين الساخرين، المستهزئين، والمتندرين بك...؟
ـ يا أحمق، أنا هو من لم يعد مكترثا ً للدنيا وما فيها، لا ماضيها ولا مستقبلها، بعد ان بانت عن حقيقة أوهامها، أو قل: أوهام حقيقتها !
فقال الفأر ساخرا ً:
ـ حتى أنا آبى ان أبول عليك!
ـ نذل، قلت انك نذل، ككل حيوان مأبون، ابسط أفعاله النذالة!
ـ أنا لست مأفونا، ولا مثليا ً، أنا ـ يا سيدي ـ ضحيتكم!
ـ وهل أنا هو المدير...؟
   سمع احد الزوار يخاطبه:
ـ عضه!
 فأجابه:
ـ أنا لست كلبا ً سائبا ً، ألا ترى الأسد يحلم!
   صفق الجمهور، وارتفعت هتافاتهم، فسمع الفأر احدهم يسأله:
ـ وبماذا يحلم؟
ـ يحلم ان تغادروا الحديقة، كي يستيقظ، وينتظر حلول الليل، لتأمل النجوم، والمجرات، والكوزرات...!
ـ اهو من الحرس الخاص؟
ـ لا ..، هو من أنهى دورهم، وجعل حديقتنا منزوعة السلاح، فهو اتخذ من المنقرضات قدوة له...!
صفقوا للفأر:
ـ عجيب..، ان نجد فأرا ً يفكر في هذه الحديقة؟
ـ أسس..، قد يسمعنا المدير...، وقد يسمعنا الأسد...، فماذا افعل، أم ان موتي سيبهجكم...، لأن دوري، هو الآخر، أصبح فائضا ً...؟
    دار بخلد الأسد، وقد أدار ظهره نحو الجدار، تاركا ً الزوار في حيرة اكبر، ان المصائب لا تأتي إلا بحلول عمياء! مع ان نهاياتها لا تذهب ابعد من مقدماتها إلا بوصفهما بالغة التوازن، متابعا ً مع نفسه: فطالما ذكر جدي: سيأتي الزمن الذي تتندر فيه عليكم أرذل البهائم، واقلها حنكة، ولكن أشدها قدرة على المواجهة، البقاء،  والعبور.
  اقترب الفأر من آذنه، هامسا ً:
ـ لا تكترث ...، سأروي لك الحلم الذي رأيته، للجميع.
    ساد الصمت، لبرهة، ثم سمع امرأة تطلب ان يسرد لها تفاصيل الحلم، من غير تفسير، أو تأويل:
ـ لم يكن حلما ً بمعنى إشباع الرغبة، أو الاستمتاع، أو التحذير، بل كان كابوسا ً.                                  عادت وأكدت إنها ليست بحاجة إلى التفسير، والإفراط في المبالغة:
ـ لا تتفلسف...، طلبنا منك ان تروي ما شاهدت، ومن الأفضل ان تسلينا، مادمنا في عصر التسليات.
ـ آ ....
تأوه، ثم بدأ يروي بصوت متقطع:
ـ كنت أقف قدام سيادته، في الباب. فسألني: ماذا تفعل...؟ فقلت: جئت أؤدي ولاء الطاعة، والشكر، والامتنان. لكن الأسد انتفض، ونزل من المنصة، واخذ يلاطفني ومسح علي ّ بلسانه الكريم...، لم يبصق في فمي!، بل مسح جسدي كله، وباركني. وقال لي: مبارك دربك يا غلام.  آنذاك فقدت الوعي، لزمن وجيز، وما ان أفقت، حتى رحت أشاهد الأسد يثب، ويرتفع عاليا ً، فقد أصبح يحوّم بأجنحة نسر، فوق سماء الحديقة. ثم فجأة اكفهرت الدنيا، فأرعدت السماء، أبرقت، اغبرت، اسودت، وامتلأت بسلاسل دوي حتى حسبت إنها نهاية الدنيا. فهمس الأسد في إذني: إنها الحرب...، إنها الحرب، إنها الحرب. كررها ثلاث مرات. فسألته والفزع كاد يقتلعني قلعا ً: ماذا افعل...؟ غاب الأسد لحظات، توارى، ثم ظهر أمامي عاريا ً، من غير جلد، ومن غير شعر، وقد انتزعت أنيابه منه وقطع ذيله...، حتى بدا لي مثل ديناصور صغير غاطس في بركة..، فسألته: ماذا حدث؟ أجاب بتردد: اسكت، أخشى عليك ان تعاقب بجريرة انك من أتباعي، أو لأنك رأيتني، ورأيت هذا الذي أنا نفسي لم أره منذ زمن بعيد. فضحكت، وأنا اخبره: ماذا أبقيت لي كي يأخذوه مني، فأنت سلخت جلدي وجلود أسلافي سلخا ً لم يسمح لي إلا ان أكون من أتباعك، حتى قيام الساعة.
صاحت السيدة بصوت مرتفع:
ـ ليس هذا هو الحلم الذي رأيته...!
فسألها الفأر باستغراب:
ـ أكنت في رأسي؟
 أجابت بصوت جازم:
ـ لا تموه...، أرجوك، وإلا سأضطر لإخبار السيد المدير؟
ـ ومن أنت ...؟
ـ إن لم ترو ...، الحلم كما رايته، فستعرف من أنا؟
    سمع الأسد يأمره بسرد تفاصيل الحلم كاملة، من غير تلاعب، محذرا ً من التمادي في المبالغة، والتهويل، والخداع:
ـ الأسد هو الأسد..، مثل قولنا: ليس لدينا إلا ما هو موجد!
ـ أوجز، ولا تتحايل، فطبائعكم هي التي أفضت بنا إلى هذا الحضيض!
ـ ولكن سعادته لم يكترث للعواصف، والأمطار، ولا للريح ذات الأنياب اللولبية، الشبيهة بمجسات العناكب، وبعض الدابات الليلة، لأن مخلوقات حديقتنا بدأت بالفرار، والهرب، فقد سرت شائعة تقول ان الطوفان على الأسوار ...، وانه سيكنسنا من خارطة البسيطة، ويجتث ماضينا، آنذاك نكون كأننا سقطنا في قاع العدم.  لكن فخامته لم يحرك ساكنا ً، فعطت عليه من شدة الهول: يا سيدي، هذه هي نهاية العالم! فدعنا نهرب. كاد يكشر عن أنيابه، ويغضب، ولكنه أبى وتكبر. فقلت بسليقة الواجب: سأموت معك إذا !. فأقصى ما يحلم به العبد ابن العبد ابن ابن العبيد هو ان يموت من اجل سيده..! آنذاك مرت سفينة كبيرة، بلا أشرعة، أو بيارق، أو دخان، لأنها لم تكن سفينة نوح، ولا سفينة تجارية، أو تقل السائحين، بل كانت سفينة حربية. فانتشلونا عنوة، رغم امتناع سيدي من ذلك. فسيادته أبدى امتعاضه...، في بادئ الأمر، ثم لان، هادن، واسترخى، ورضخ للأمر الواقع..، وأنا عملت مثله.
عادت السيدة تصرخ:
ـ وكيف انتهى الحلم؟
ـ سيدتي، لماذا الصراخ، ما أسبابه، وأنا أكلمك باحترام العقلاء...، هل هذه هي حقوق المرأة....، هل هذه هي المساواة، وأنت سيدة لطيفة جاءت لزياراتنا في مثل هذا اليوم الغائم، المكفهر، الأسود...؟
ـ آسفة، فالعاطفة كادت تفسد علي ّ عقلي، بعد ان بلغت أقاصي الحلم ومناطقه النائية!
ـ لم ينته ...، فانتم تعرفون استحالة وضع خاتمة للذي مقدماته مسبوقة بأسبابها، مثلما تعرفون ان الأسباب ليست بحاجة إلى الأسباب كي تمتد، فالرأس يكمل الذنب، مثلما الذنب لا يمكن فصله عن الرأس، كما روى أسلافنا في غابر الدهر.
وهن للحظة ثم عاد يتكلم:
ـ  عادوا وأقاموا للأسد التمثال ..، وهو القائم اليوم في الباب العظمى لحديقتنا...، ثم دار الزمن دورته، فأكرموه بهذا القفص، وبالأرض التي هي بحجم جسده المبارك! وقالوا له: لن يمسك الضر، ولا الشر، ولا الفاقة، ولا المرض، ولا البرد، ولا التسفيه، حتى نهاية حياتك مهما امتدت وعبرت حواجزها المحرمة.
    خاطب الأسد الفأر عبر الذبذبات، من غير زئير، أو صوت، أو همس:
ـ لِم َحرّفت وحذفت، موّهت وكذّبت، بالغت وأخفيت...، لكن ماذا افعل عندما لا تزوّر الأسفار إلا من أمثالك...؟
ـ صه...! أنا أتحدث إلى السيدة الأولى..؟
  قال الأسد للفأر، بالأسلوب نفسه:
ـ لقد خدعتك...، إنها عشيقته، لأنه طلب منها ان تتجسس علينا مباشرة، بعيدا ً عن الأنظمة الأخرى.
 فخاطبها الفأر:
ـ آ ..، هل أنت سيدة موقرة أم من المخبرات؟
   لم تسمعه، فقال للأسد:
ـ لم تنتبه لي، ولم تجبني.
قال الأسد له:
ـ أنا مازلت أسدا ً، وعليك ان تعرف مع من تتكلم؟
اقترب الفأر من الأسد، وهمس في آذنه:
ـ أصبح عدد الزائرين لا يحتمل، كأن يوم القيامة حل علينا، في هذا اليوم المكفهر...، فالسماء اسودت، والعاصفة اشتدت.
سمع ذبذبات الأسد:
ـ يا أحمق، الشمس مازالت في الأعالي تؤدي عملها..، وما هذه الغيوم إلا شبيهة بهذا الطوفان، مهمتها حجب الحقيقة.
  ارتج جسد الفأر:
ـ أشم رائحة كريهة..
ـ وهل هناك عفنا ً اشد من رائحتك ...، لأنك كنت تحلم ان تراني ميتا ً..، وها أنا لم أمت...؟
وقال متابعا ً:
ـ والآن اخبرني كم بلغ عدد المشيعين ...؟
ـ سيدي ...، الآن فهمت! فاغفر لي ارتكابي لهذا الذنب...؟
فسأله الأسد:
ـ ماذا فهمت؟
ـ انك أنت من يشيعهم إلى الأبدية!
واسترسل الفأر:
ـ لقد اشتدت العاصفة، وراحت تقتلع الأشجار، وتهدم الأسوار، وتكنس العلامات، فهي تهب من الشمال ومن الجنوب، ومن اليسار ومن اليمين ...، أيها الميت انهض! أرجوك، باسم أسلافك وأحفادك ..، هم يستنجدون، ويستغيثون، ويطلبون العون منك!
ـ أغلق فمك، أرجوك، فانا لا امتلك سفينة...، وأنت تعرف إنها كانت بارجة حربية...، وذهبت، فلا تربك علي ّ خاتمة الحلم!
ـ آ ....، أكان هذا وهما ً...؟ أكان هذا سرابا ً...؟
ـ لا ...، لم يكن وهما ً ولا سرابا ً...، فعندما تستيقظ ستكتشف انك بانتظار قرون كي ترى انك لم تستيقظ أبدا ً، وما ان ترفع رأسك حتى تجده طار في الهواء، أو أكلته الضباع، فلا تجهد نفسك بتأويل ما تراه، فانا أصدرت تعاليمي بمراقبة أحلام هؤلاء النائمين، فانا لا أتوقف عند التأويل، ولا عند التفسير، ولا عند تعدد الاحتمالات...، لأنني ساترك الحلم يذهب ابعد من الحالم، مثلما تعلمت ان ادع الحالم يذهب ابعد من أحلامه.
5/3/2015