الأحد، 3 نوفمبر 2013

حــــوارات الفنانة سهيله باجلان : انا ايطالية الجنسية عراقية الهوى

حــــوارات

الفنانة سهيله باجلان : انا ايطالية الجنسية عراقية الهوى والانتماءطباعة


غالبا مايثير رغبة الصحفي الخوض في عالم الفنان لما يحويه هذا العالم من سحر ودهشة وابداع وتمازج الوان وتلاقي عوالم . لكن هذا لايعني ان عالم الفنان هو عالم سهل يستطيع الصحفي خوض غماره بيسر وسهولة واستخراج الدرر الكامنة فيه وعرضها على قرائه وانما يحتاج الى صبر ومعرفة ودراية بولوج دهاليز ودروب هذا العالم الغريب الساحر خصوصا اذا كان هذا الفنان من الذين تركوا بصمة على واقع المكان الذي تواجدوا فيه وتشعبوا في دروب الابداع والخلق الفني مثل الفنانة (سهيلة باجلان ) هذه الفنانة التي تخرجت من
معهد الفنون الجميلة عام 1973.وشاركت في أغلب المعارض وكانت أطروحة تخرجها نصب التأميم. ثم شاركت بالعديد من المعارض، في النحت والرسم والبوستر.كما عملت في مجال تصميصم الأقمشة، والديكور.وعملت في وزارة الإعلام كنحاتة، ومصممة ديكور.. وعملت مقدمة برامج في تلفزيون بغداد وفي تلفزيون الكويت أيضاً.وعملت في مجال التعليم في الكويت كـُتبت عنها العديد من الدراسات والمقالات في الصحف العراقية وحازت أعمالها على عدة جوائز أذكر منها:
افضل بوستر عن التأميم عام 1978
افضل بوستر عن نوروز عام 1978
افضل بوستر عن حرب تشرين عام 1973
أفضل ملصق عن الفرقة القومية للفنون الشعبية عام 1978
من هنا اردت ولوج عالمها الانساني وتحديدا ايام طفولتها .. المدرسة .. الصبا .. الشباب وهكذا جاء حواري معها سلسا. تقائيا . مؤطر بروح الفنان المرحة واستذكاراته الجميلة .



• لو طلبت منك رسم صورة لسهيلة الطفلة .. كيف ترسمينها ؟
• ارسم نفسي بدشداشه واسعة من قماش البازه وباكثر من جيب وفي يدي مجموعة اقلام ملونة تركت بعض الوانها على قماش الثوب ويدي من دون ان انسى ان ارسم ظفيرتين مجدولتين الى الخلف وبشريط احمر .

• وماذا تضعين في جيوب دشداشتك ( البازه ) المقلمه ياسهيله ؟
• اضع فيها الممحاة والمقطاطه ومجموعة اقلام (باستيل ) وقلم الكحل واحمر الشفاه وصبغ الاظافر الذي اخذتهم من مكانهم دون علم امي لألون بهم بعض اجزاء اللوحة التي ارسمها .

•وهل كان هذا يسبب لك مشاكل مع الماما او بابا ؟
• هم كانوا يلاحظون عزوفي عن اللعب مع اقراني الاطفال ورغبتي للانفراد بنفسي والانشغال برسم اشياء غير مفهومة او طفولية بالادق ويتوقعون ان اصبح رسامة او نحاتة ذات يوم فتساهلوا معي او غضوا النظر عن ما اسببه لهم من ازعاج احيانا .

• هل كنت طفلة تحبين الصمت او تثيرين الشغب ؟
• كنت طفلة احب المرح والصخب والهدوء وتزعم الاطفال والتمييز والاستقلالية والصدق وكبرت ولم اتخلى عن طفولتي ولم تستطع الحياة بكل صعوباتها وتقلباتها وتنقلي من مكان الى اخر ان تاخذ طيبتي او صدق تعاملي مع الاخرين وصراحتي وحبي للجميع لكن مايزعجني هو ثقتي بالبعض الذين لم يكونوا اهلا للثقة واحيانا اندم على هذه الثقة حد البكاء .

• وكيف كانت سهيلة الطالبة ؟
• كنت متفوقة في كل الدروس واولها ( المادة الفنية ) وكنت اهتم بهندامي وظفائري المعقوصة للخلف ومشاكسة احيانا واصنع بعض المقالب للزملاء من اجل ان نضحك وكانت المعلمات يدفعن بنا للتفوق وربما كنت اسرع عداءة في العالم عندما استلم شهادتي واركض بها للبيت خصوصا اذا كنت الناجحة الاولى وظل هذا ديدني حتى المتوسطة .

• وماذا حصل في الشباب ايتها الفنانة ؟
• آه اخطر مراحل العمر هي مرحلة الشباب .. انت تريد والاهل يريدون والمجتمع له ارادة غير ذلك ويبدأ التصادم واستعراض القوى والقلب الصغير يدق بعنف للتمرد على الجميع ويحلم بالانتصار وتحقيق كل مايحلم به ولو خسر شيئا فان اتهام الاهل والمجتمع والحياة بالقسوة والظلم يصبح من ابسط الامور او التهم .

• افهم من هذا ان تجارب الحب الفاشلة في بواكير الشباب نحملها معنا الى شيخوختنا او حتى مابعدها ؟
• ومن قال ان هكذا تجارب مشمولة بالنسيان ؟ ان الله سبحانه زرع فينا الحب لكنه اراد منا ان نوازن ونحكم العقل فيما نفعل لكن من اين لنا ذلك ونحن في الشباب نشعر ان لاقوة في الكون اقوى منا او من حبنا ومن يقف في طريقنا اما متخلف او حاقد لايعرف الحب او لايملك قلبا عرف به الحب . لكن هي في الحقيقة لم تكن تجارب حب حقيقي تلك التي عشناها في بواكير الشباب وانما كانت رغبات او اماني غير محسوبة تتناسب مع اعمارنا وسرعة المتغيرات فيها وهي وان كانت فاشلة او غير مكتملة الا انها ذو فائدة كبيرة اصبحت رصيدنا من التجارب في بقية عمرنا ومع ذلك يبقى عمر الشباب اجمل الاعمار واروعها واكثرها عنفوانا وحيوية ونقاءا.

• ولدت وترعرعت في العراق وتنقلت في دول واماكن كثيرة ثم استقر بك المطاف في ايطاليا .. لمن انتمائك ؟.. ولائك .. حنينك ؟
• انا ايطالية الجنسية عراقية الهوى والانتماء لست على استعداد لاستبدال العراق وطني بأي مكان اخر في العالم مهما كان جمال او جودة هذا المكان ورحيلي عن العراق لم يكن بطرا او ترفا وانما كانت الضرورة وامور لا اريد استعادة مرارة ذكراها هي وراء تركي لبلدي العراق .

• واخيرا ياسهيلة ؟
•شكري لك ولجريدة حراك التي اعادتاني لطفولتي وذكرياتي في العراق وايامي الجميلة فيه


راضي المترفي

الجمعة، 1 نوفمبر 2013

عاصفة الصحراء وعاصفة الموسوي-كاظم فنجان الحمامي

عاصفة الصحراء وعاصفة الموسوي


كاظم فنجان الحمامي

تلاعبت بنا العواصف والزوابع والزلازل والأعاصير السياسية والحربية الهائجة بكل قواها واندفاعاتها واتجاهاتها, فتجرعنا سموم نكباتها وويلاتها ومصائبها ودواهيها, وتَحَملّنا نتائجها المدمرة وتداعياتها القاتلة منذ اندلاع ذاريات عاصفة الصحراء من قعر حفر الباطن حتى يومنا هذا, فتأرجحت أوضاعنا الاجتماعية بين تقديس الأشخاص وتقديس المبادئ, وبين ثقافة الانفتاح وثقافة الانتفاخ, وبين تطبيق القانون والعزف على القانون بما ينسجم مع المزاجات المتقلبة لأصحاب السلطات الاستثنائية, وبما ينسجم مع شطحات المحسوبين عليهم من أبناء وآباء, وإلا بماذا تفسرون العقوبة التي تلقاها رجل المرور حسين رزاق العبيدي أثناء تطبيقه القانون في شوارع النجف.
لقد لازمتنا حالات التأرجح بكل تقلباتها الفوضوية القلقة, وإفرازاتها الاستعلائية المتبطرة, ولم تستقر أحوالنا حتى جاء اليوم الذي هبت فيه رياح السيدة (عاصفة الموسوي) لتعصف برجل المرور, وتسبب له عقوبات لا يستحقها.
كل القصة وما فيها أن السيدة, وهي عضو في مجلس محافظة النجف, ركنت سيارتها في مكان أحدث اختناقاً وإرباكاً لسير المركبات في المدينة القديمة المعروفة بشوارعها الضيقة, ما اضطر رجل المرور (حسين) المتواجد في ذلك المكان أن ينبه سائق السيدة, ويطلب منه مغادرة المكان, فلما غادر مكانه متثاقلاً بعد طول انتظار, قال له رجل المرور باللهجة النجفية الدراجة: (صلوات على محمد, وأخيرا تحركت من مكانك). .
شاءت الأقدر التي حذفتها علينا العواصف أن يكون سائق السيارة هو والد السيدة (عاصفة الموسوي), وكانت (الصلوات), التي أطلقها (حسين) هي القشة التي حملتها رياح العاصفة, لتضعها على طاولة مدير المرور في المدينة (أبو علاء), فصدرت أوامره بمعاقبة (حسين) لتسببه في إزعاج والد السيدة, فكان أعضاء مجلس المحافظة بالمرصاد عندما ألغوا العقوبة, وسخروا من العاصفة ومن مدير المرور الذي طأطأ رأسه للعاصفة.  
http://www.youtube.com/watch?v=5Qoi1Tj7YrM
كانت هذه مجرد حالة منفردة رددتها أبواق الفضائيات ونشرتها المنتديات والمواقع الالكترونية بالصوت والصورة, في الوقت الذي تجاهلت فيه ملايين الحالات, التي ضاعت فيها حقوق الناس تحت عجلات مواكب المسؤولين, وعجلات أبنائهم وآبائهم, من الذي انطلقوا بمركباتهم بسرعاتها الجنونية في الاتجاهات المرورية المعاكسة, وخالفوا أنظمة السير, بعجلاتهم الاستفزازية المحفوفة بأفواج من أسراب الحمايات والحراسات المشددة.
http://www.youtube.com/watch?v=LHp4Y7N9CdU
ختاماً نقول: أن تطبيق القوانين حصرياً على الضعفاء, والتغاضي عن انتهاكات أصحاب المناصب العليا وأصحاب النفوذ والمراتب الرفيعة, ما هو إلا نذير شؤم في البلدان, التي ضاعت فيها حقوق الناس, فالعدل أساس الملك. والقانون فوق الصغير والكبير مهما بلغت شدة العواصف وضراوتها. .



أسوأ ديمقراطية وأعدل دكتاتورية-كاظم فنجان الحمامي

أسوأ ديمقراطية وأعدل دكتاتورية
 
 
كاظم فنجان الحمامي
 
ليس في عنوان الموضوع ما يدعو للغرابة, فنحن نعيش في عصر التناقضات الكبرى, ونتأرجح بين زمنين متنافرين, بين زمن الانفتاح الإيجابي نحو التواد والتسامح, وبين زمن الانغلاق السلبي نحو التناحر الطائفي والتعصب القبلي, بين النعرات المبطنة التي تحض على العنف والاقتتال, وبين التصريحات المعلنة التي تدعو للوئام والاعتراف بالآخر. فكيف تستقر حياتنا ونهنأ بالعيش الرغيد في ظل هذه الأجواء القلقة التي اجتمع فيها النقيضان في أطار سياسي واحد ؟, وأي زمن هذا الذي يتجاور فيه الصقيع والسعير, والليل والهجير في بوتقة واحدة ؟.
وهكذا تفرق الناس في طول البلاد وعرضها, بين من يتغنى تحت ظلال أسوأ ديمقراطية, وبين من يتباكى على أطلال أعدل دكتاتورية, متجاهلين أن أسوأ ديمقراطية في الدنيا أفضل ملايين المرات من أعدل دكتاتورية(1), بينما يسود اليوم في فكر عامة الناس مفهوم خطير ينطوي على مغامرة غير محسوبة العواقب, تدعو إلى السعي الحثيث نحو إيجاد دكتاتور (عادل), أو طاغية (صالح), يتولى قيادة عملية التنمية في العراق, في الوقت الذي يتعين فيه قيام دعاة الديمقراطية العمل على إبراز الحقيقة المقابلة, وهي أن الديمقراطية تعد المسار الضروري لبلوغ التنمية المستدامة, وأنه لا بديل عن المضي قدماً في إصلاح أنظمة المؤسسات, والقضاء على الفساد المستشري في أروقتها, واختيار الرجل المناسب للمكان المناسب.
أن تصاعد الاهتمام في البحث عن الحكام الأقوياء, ومنحهم السلطات الاستثنائية غير المحدودة, بدلاً عن الاعتماد على التشكيلات الديمقراطية, ربما جاء نتيجة الانجازات الهائلة التي حققتها ماليزيا واندونيسيا وفيتنام وسنغافورة, بالمقارنة مع الركود الاقتصادي في أوربا وأمريكا. فبرز رئيس الوزراء الماليزي الدكتور مهاتير محمد(2), الذي أمضى أطول فترات الحكم في قارة آسيا, لتتحول على يده البلاد من دولة زراعية متخلفة إلى دولة صناعية متقدمة, فانخفضت في زمنه معدلات الفقر من (52%) عام 1970, إلى (5%) عام 2002, وأرتفع متوسط دخل المواطن الماليزي من (1247) دولار في عام 1970 إلى (8862) دولار في عام 2002. فأرسى قواعد النهضة العلمية والعمرانية والزراعية والاقتصادية بالحسم, وضبط الأمن, والقضاء على الفساد الإداري, ومحاربة المحسوبيات والمنسوبيات, ونبذ المعايير العرقية والقبلية والطائفية القائمة على المحاصصة الغبية, فوَّفر بيئة استثمارية صالحة تشجع على النمو.
وربما تأثر الناس في العراق بما حققته سنغافورة في كبح جماح الفساد, حتى قضت عليه قضاءً مبرماً, فقفزت لتتبوأ مركز الصدارة وتقف في مقدمة الأقطار المتميزة بخدماتها المينائية, وتسهيلاتها التجارية والجمركية لخطوط الشحن البحري, فلعبت دور الوسيط القاري بين خطوط النقل عبر البحار والمحيطات.
من هنا تعالت صيحات المطالبة بنبذ الديمقراطيات الهشة غير المنتجة, واستبدالها بدكتاتوريات قوية منتجة, متجاهلين دور التخطيط الديمقراطي الصحيح في النهوض بالبلاد نحو الأفضل, فالتخطيط في لغة المنطق الاقتصادي يعد من أقوى القواعد الوطنية الصادقة, وتجاهل الناس أن الدكتاتوريات (العادلة) حملتها رياح الصدفة, ولم تكن في يوم من الأيام وليدة الانقلابات العسكرية ولا التجمعات العشائرية, ولطالما كانت حالات الإخفاق والفشل ملازمة لسلوك السلطات الدكتاتورية المتشددة, ناهيك عن تصاعد مؤشرات الظلم من أقبية السلطات الدكتاتورية.
أن فكرة الدكتاتوريات العادلة ماانفكت تراود عقول بعض رؤساء القبائل العراقية, التي كانت في يوم من الأيام من أدوات الأنظمة الشمولية القمعية, وربما تراود عقول بعض المنظمات الدينية, التي ترى في زعمائها الروحيين ما يؤهلهم للتفوق على الآخرين, ويساعدهم في العودة بعقارب الزمن إلى عصر التوريث المنوي.
ختاماً نقول أن الدكتاتور العادل شخصية خرافية تعيش في خيال العبيد والمشفرين عقلياً, وفزّاعة من فزّاعات الأنظمة الشمولية الظالمة, المتسلطة على رقاب الناس, وربما كان السياسي العربي الكبير أحمد أبو الطيب المتنبي أصدق في التعبير من الفيلسوف البريطاني برتراند راسل(3), عندما وصف استبداد السلطات الدكتاتوريات (العادلة), الممثلة هنا بشخصية سيف الدولة الحمداني, بهذا البيت الجميل(4):
يا أعدل الناس إلا في معاملتي
فيك الخصام وأنت الخصم والحكم
 
 
(1)   محمد أحمد عيسى الماغوط (1934 – 2006), شاعر وأديب سوري ساخر, وهو الذي قال هذه الكلمة قبل رحيله إلى الدار الآخرة.
(2)   رابع رؤساء وزراء ماليزيا للمدة من 1981 إلى 2003.
(3)   برتراند آرثر ويليام راسل: (1872 – 1970), فيلسوف وعالم منطق ورياضيات ومؤرخ وناقد اجتماعي, كان في حياته من أقوى المناهضين للحكومات الدكتاتورية الظالمة. وهو القائل: (الديمقراطية عملية تمكن الناس من اختيار الرجل الذي ينال اللوم).
(4)   قصيدة رائعة يقول في مطلعها: واحرَّ قلباه ممن قلبه شبم, ومن بجسمي وحالي عنده سَقم, والتي يقول فيها أيضاً: أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي وأسمعت كلماتي من به صمم.
 

الأحد، 20 أكتوبر 2013

عباس علي العلي - أين نزرع الأشجار _قصة قصيرة

الآكلون من السُفرة الممدودة-كاظم فنجان الحمامي

الآكلون من السُفرة الممدودة


كاظم فنجان الحمامي

موظفون حكوميون من مختلف الدرجات والمراتب والمناصب والعناوين, وفي مختلف المواقع والمراكز والواجهات الحكومية, يمارسون الابتزاز المالي على كيف كيفهم, يسرقون الناس عيني عينك من دون رادع ولا وازع, بذرائع غريبة وتبريرات عجيبة, وحجج ومسوغات ما أنزل الله بها من سلطان.
فاسدون في كامل صورهم الخَدّاعة, ومظاهرهم المتجلببة بجلباب الورع والتقوى, استمرءوا مصادرة أموال الناس بعناوين هلامية مائعة, تارة تحت عنوان (الإكراميات), وتارة تحت عنوان (الهدايا), و(العطايا), و(المُنَح), حتى جاء اليوم الذي دخل علينا اصطلاح (السُفرة الممدودة), وهو اصطلاح مطاطي يوحي للسامع أنه أمام وليمة عامرة بما لذ وطاب, لكنها وليمة مجهولة المالك, مفتوحة للجميع, متاحة لمن يريد أن يعبئ معدته وجيوبه وحقائبه.
نسألهم لماذا تفرضون الإتاوات المالية المرهقة على الناس, فيقولون لنا: (أنها سُفرة وممدودة). نقول للصائم منهم والمتدين: كيف استحوذت على أموال غيرك بهذه الطرق غير المشروعة ؟, فيجيبنا ويده على جيبه: كلا أنها طريقة مشروعة ولا غبار عليها, لأنها سُفرة وممدودة.
نسمع عن الجهة الفلانية أنها استوفت عمولات كبيرة جداً من المقاول الفلاني, فيدفعنا الفضول للاستفسار عن المسوغات والمبررات التي سمحت لها باستيفاء تلك المبالغ الطائلة من المقاولين والمستثمرين, فيأتيك الجواب: أنها سُفرة وممدودة.
ممارسات مرفوضة بحجم لوعة الفقراء والمعدمين, صار فيها الفاسدون والمفسدون يأكلون بشراهة ما بعدها شراهة من السُفرة الممدودة أمامهم, أحيانا يأكلون منها بمقادير مقننة, وتسعيرة معلنة, ومواعيد محددة, وأساليب مبوبة, وسياقات مفصلة بحكم الممارسات الفوضوية اليومية المنتعشة هذه الأيام في ظل الأجواء الفاسدة.
السُفرة: هي مائدة الطعام باللهجة العراقية والمصرية الدارجة, والسُفرة تعني طعام المسافر, والسَفر طاس: أو (طاسات السفر), وتسمى أيضاً (المطبقية) وهي من أطباق وأوعية نقل الطعام باللهجة التركية المأخوذة عن العربية, والسُفرَجي: هو خادم المائدة, أما إذا كانت السُفرة ممدودة فهي في العرف العراقي من الموائد السخية, الغنية بالمأكولات والمشروبات والمرطبات والفواكه والأطعمة اللذيذة, ولا تحتاج إلى دعوة رسمية, فهي مباحة للجميع, ومتاحة للصغير والكبير, ولا تستدعي الحرج ولا التكلف, وتُعد من المكاسب المجانية الشائعة, أما صاحب الوليمة الغائب الحاضر, فهو هذا المواطن المغلوب على أمره, الذي صار ماله ولحمه ودمه (حلال بلال مثل لحم الغزال).
لقد كثرت الأحاديث هذه الأيام عن الأموال المسلوبة من مائدة (السُفرة الممدودة), وكأنها من غنائم الفتوحات ومكاسبها, أو كأنها من اللُقط المتروكة على قارعة الطريق, أو  كأنها من الهبات المتساقطة من جيب المواطن, حتى صارت عبارة (السُفرة الممدودة) هي المرادف اللغوي لمفردات الفساد الإداري والاجتماعي, وصارت الرشاوى والعمولات والإكراميات والهدايا والهبات من انضج ثمارها وأشهى مأكولاتها, وربما يطول بنا الحديث عن مسوغات (السُفرة الممدودة) وتبريراتها المخجلة, التي لا تمت للمنطق ولا للمصلحة العامة ولا للشرع بأي صلة. ختاماً نقول: نخشى أن يتحول العراق كله في يوم من الأيام إلى سُفرةٍ ممدودة.
ربنا مسنا الضر وأنت أرحم الراحمين



السبت، 19 أكتوبر 2013

كتاب قوانين الاصول

لدي نسخة طباعة حجرية لكتاب قوانين الاصول لمؤلفه ميرزا ابو القاسم القمي كتابة عبد الرحيم بن محمد تقي تاريخ الاصدار 1290 ه ولدى مراجعتي الكتاب وجدت هناك اختلافات كثيرة لدى المحققين واقدم نسخة محققة تعود الى طبعة هندية بتاريخ 1301ه وهي مختلفة جذريا عن النسخة التي لدي لذا ارجو من الاخوة المحققين ممن لديهم الاهتمام متابعتي على الايميل لما تحمله النسخة التي بحوزتي من قيم تشكيلية وفكرية والصور المرفقة تحكي لكم القصة لوجود هوامش كثيرة لم يتطرق لها المحققون وطريقة كتابة الكتاب تشي بشيء معجز


الاثنين، 14 أكتوبر 2013

أعياد وذبح وطائفية !!!-حامد كعيد الجبوري

إضاءة
أعياد وذبح وطائفية !!!
حامد كعيد الجبوري
   لم يعد لأقلامنا أن تندب أكثر مما ذرفت الدموع حزنا على بلد شُتت بين أحقاد وإضغان وثارات مؤجلة ، الكل جاء لينتقم من أبناء هذا البلد الجريح ، أحزاب أدلجت  على تأسيس وتكريس طائفية لم تمت في نفوسهم المريضة ، برلماني منتخب يعتلي منبر خطابته ليتوعد أناسا لا يحملون عقيدته ومذهبه ، سياسي وبرلماني آخر لا خطاب له إلا استغلال وتجهيل طائفته ليتربع على خزائن البلد مدافعا ومناصرا لمذهبه ومعتقده زورا وتلذذا بمال حرام ، قبل أيام و من هذا العام 2013 م  ، مر الركب المعزي بشهادة الإمام محمد الجواد ( ع ) بمدينة الأعظمية ، وحين وصولها لجسر الأئمة تعالت أصوات منكرة تسب الصحابة الكرام علانية – لا أريد ذكر الأهزوجة التي كانوا يرددونها لأنها تسئ لرمز إسلامي كبير  - ، وهنا تذكرت ما حدث  عام 1966 م ، وربما عام 67 م أبان رئاسة المرحوم ( عبد الرحمن محمد عارف ) جيء بشباك مزين بالذهب من دولة إيران  هدية لضريح الإمام (( العباس ( ع )) ، استقبلت ذلك الشباك مجاميع كثيرة من المسلمين فرحا بذلك الشباك ، وضع الشباك بسيارة مكشوفة ولم يكن وجهة السيارة صوب كربلاء المقدسة وكما يفترض ،  ولكنها اتجهت الى مدينة الكاظمية متذرعين بتطويف الشباك على ضريح الإمامين الكاظمين ( ع ) ، ولابد من عبور جسر الأئمة مرورا بمدينة الأعظمية ، وهناك بدأت تتعالى أصوات مسموعة ( يتلفت عباله نزوره ) ، وهم يقصدون الإمام الأعظم أبو حنيفة النعمان  ( رض )، ومجاميع أخرى تهزج قائلة ( ماكو ولي إلا علي ، ونريد قائد جعفري ) ، أنهال رجال الأعظمية وشبابها بالهراوات والطابوق على ( الهازجين ) وسقط الكثير جرحى ، الجارح والمجروح من المسلمين  ، القاتل والمقتول من المسلمين ، الذباح يقول قبل ذبح أخيه المسلم ( الله أكبر ) ، والمذبوح يردد ( الله أكبر ) ، أي معادلة نشاز هذه ، لو أردنا تسطيح المسألة ونتساءل ، من المستفيد من الذبح ؟ ، ومن المستفيد من التهجير ؟ ، ومن المستفيد من إشعال الفتنة الطائفية ؟ ، الجواب لا يحتاج لكبير عناء ، المستفيد الأول من خطط لهذه المآسي الإنسانية ، والمستفيد الثاني من ينفذ لمصلحة المخطط – بكسر الطاء _ ، والخاسر هو هذا الشعب المبتلى سنة وشيعة وطوائف أخرى ، ربما من خطط لهذه خطط لتلك ،  أذكر حديث للمرحوم الوائلي يقول فيها مخاطبا الكثير ((  أتعلمون أن أبا بكر وعمر وعثمان وعلي )  رض الله عنهم أجمعين )) هم أولاد عم  ، ولنفترض أنهم اختلفوا قبل ( 1450 ) سنة فلماذا لا نتفق نحن بعد هذه السنين ؟ ، سؤال نحيله لأبناء شعبنا ، ولنحكم ضمائرنا ، ولنبني وطننا المنهوب ، ولنخلصه من يسرق قوت شعبه ، ولنجعل من أيام طفولة أبناء العراق عيدا يرفلون بأيامه ، وكفانا دما ، ولندحض مخططات اللؤم والدسيسة بأحذية عقلاء هذا الشعب المذبوح ، للإضاءة .... فقط .