الاثنين، 23 أبريل 2012
نافذة النسيان مجموعة شعرية جديدة للشاعر د.حيدر كريم الجابري
عن دار الراية البيضاء -العراق بغداد ودار البيضاء بيروت لبنان صدرت مجموعة شعرية جديدة للشاعر د.حيدر كريم الجابري بعنوان نافذة النسيان ضمت المجموعة مجوعة من القصائد تتناول تجربة مريرة للشاعر مع المرأة والحياة وتجاربه وعلاقاته الحياتية وجاء في مقدمة المجموعة اعتذار يقول فيه(فاجعلها من نفسك حيثما حات او حيثما تشاء) وهو اعتراف الشاعر بمرارة اللوعة وهو يكتبها شعرا.
السبت، 21 أبريل 2012
قصة قصيرة-قصة ذئب-عادل كامل
قصة قصيرة
قصة ذئب
عادل كامل
بلا مبالاة، إنما بإعتداده المعروف . كان الذئب يضرب الارض الرخوة، ارض الغابة المعشوشبة، بعد ان ابتلع . في بحثه عن الطعام حملا صغيرا دفعة واحده كان الذئب في منتصف العمر . ويمتلك غرورا جعل شراسته مثار رعب لحيوانات الغابة والبرية وحتى المناطق التي لم يرها أو يسمع بها . حتى قيل أن اشرس الكلاب كانت تهاب مواجهته أو الاشتباك معه. بل بلغ الامر . حسب الرواة . أو تلك الكلاب. ذات الاصل النبيل . كانت تسمح له باختطاف حمل أو خروف وكأنها لم تر أو تسمع أو تحس أو تحدس بوجوده.
على أن الذئب الذي فرض سيطرته بين الذئاب في الغابة وأطرافها وفي البراري لم يكن مكترثا للكمائن التي كانت تنصب له من قبل الرعاة أو باقي الحيوانات.. أو أن يفكر في شيخوخته التي ستتيح لذئب آخر. أو حتى للكلاب التي سمحت له بتلك السيطرة وذلك النفوذ على مدى سنوات . من الثأر والانتقام .
لقد كان يسير بلا إكتراث . متمهلا، متباطئا . يحدق بعينين لؤلؤيتين ذابلتين . ويتوقف قليلا . كأنه يستمتع بشم رائحة عطر بعض الاعشاب أو الورود . مصغيا بهدوء . لأصوات طيور الغابة تأتيه من الجهات المختلفة. أصوات جعلته يتذكر ما حدث قبل وقت قصير عندما ابتلع حملا صغيرا بأكمله. دفعه واحدة . كم كان لذيذا، طريا، ناعما، رقيقا.
وهز رأسه زيادة في المباهاة، والاطمئنان والمرح والمسرة التي جعلته، بلا إرادة منه ينظر الى السماء . وينظر الى نهايات الأشجار .. والسيقان .. والعشب .. ثم تحرك .. وتوقف، كأنه يبحث عن ظل أو مكان ينام فيه ويستريح بعض الوقت، خاصة انه طالما يشعر بالفرح الغامر الذي كان يجعله يعيش هذه الحالة . لكنه لسبب ما أسرع قليلا في المشي . وهو يحدق في الطيور تارة، وفي الأشجار تارة أخرى . هكذا توغل في الطريق، من دون مكان محدد يروم بلوغه .. وقد جعله هذا لكسله أو لثقل جسده أو لإحساسه بحركة الحمل داخل جوفه. آلا يسرع في المشي . وأن يتقدم خطوة أثر خطوة، لاينظر الى الخلف، بل ولا ينظر الى الامام، على الرغم من أنه يتمتع ببصر فاق بصر الذئاب والصقور أيضاً .. الا أنه ربما بسبب عادته، رقد فوق العشب تحت ظلال شجرة تين .
وقيل ان الذئب، ذا الفراء الأبيض المشوب بلون الرماد الصافي، كان يمتلك معرفة بأعدائه، من الأجناس كافة، معرفة تامة، بلا ضرورة لإبقاء إحدى عينيه مفتوحة، كما تفعل الذئاب عادة .. بل قيل انه كان، بطريقة ما، يتلافى أعداء المستقبل، ليس بإهمالهم، أو نكران وجودهم الحتمي، بل لأنه استمتع بما فيه الكفاية على مدى سنوات الفتوة والنضج لدرجة لا معنى فيها للقلق منهم . كما قيل انه كان يمتلك قدرة اختيار أحلامه التي يستمتع بها استمتاعا فائقا يندر ان عاشه احد سكان الغابة من أسد أو نمر أو طير، فقد كان ينتقي تلك الرحلات والسعادات والاسفار ولذائذ الخيالات السحرية .. وكانت هذه الامور مثار أحاديث الكلاب التي لم تبح بها للخراف والحملان أو للرعاة .. بل لم تعترف لأحد ان الذئب كان قد هددها بأنه سيفترس الكلاب وهو غاف في الغابة، بل انه سيقتل الرعاة أنفسهم .
ولم يغفل الذئب أو يخشى . وهو يحس بطراوة العشب تحت ظلال شجرة التين، ان تكون نهايته وشيكة أو أكيدة، فقد كان قد حسمها تماما، إلا أنه كان يحذر الرياح ويضجر من تعكر صفو السماء، وأيام الشتاء الملبدة بالغيوم، والبرد الذي يجبره على البقاء مختفيا عن الانظار .. وهذا ما حصل في هذه اللحظات، إذْ هبتّ الريح، وتلبدت السماء بالغيوم الرمادية الداكنة بعض الشيء، فأختفت أشعة الشمس، مما جعله، في أحلامه في الأقل، مضطرب المزاج نسبيا .
لكنه نهض واخذ يمشي متمهلا يحدق شزرا في الطريق كانت أعالي الأشجار تتمايل .. والريح مشبعة بالبرودة .. آنذاك توقف قليلا، ثم أسرع في الجري، حتى بلغ نهاية الغابة . توقف محدقا في أفق الصحراء الممتد الى البعيد، شاعرا في هذه المرة ان مجده كله على وشك الزوال . ولا يعرف بالضبط كيف وجد نفسه محاصرا بثلاثة رعاة يصوبون فوهات بنادقهم نحوه، رفع رأسه بهدوء وبلا خوف أو ذعر ونظر في فوهات البنادق الثلاث المصوبة نحو رأسه مباشرة، لم ينسحب .. ولم يتقدم .. بل رفع رأسه وسألهم بهدوء .
- "هل تبحثون عن احد ؟" .
قال الاول
- "نبحث عنك "
تساءل بلا مبالاة :
- "عني .. عني أنا بالذات ؟ "
قال الثاني :
- "نعم .. عنك انت ايها الذئب ".
لقد شعر أنهم غير قادرين على عمل شيء .. فقلوبهم مضطربة النبض .. كما لاحظ إرتجاف أصابعهم وهي على زناد البنادق، لهذا سألهم :
-"ولكني ماذا فعلت كي تبحثون عني أيها الرعاة ..؟"
قال الثالث بصوت غاضب أزعجه قليلا :
-" لأنك ابتلعت حملي الصغير المسكين ".
أجاب الذئب سريعا :
-"حملك .. فقط .. غريب !"
وتراجع الذئب قليلا الى الوراء .. ثم تابع .
-" لحظة من فضلكم أيها السادة الرعاة .. فأنا لن اهرب .. انتم من فضلكم أيها السادة الرعاة .. فأنا لن اهرب .. انتم تعرفون ذلك .. وتعرفون أني لم اهرب في أي يوم من الأيام .. ولكني أود ان أحقق رغبة واحدة في آخر يوم من أيام حياتي في هذه الغابة .. فأنا أود ان أتناول قليلا من الماء .."
بعد صمت قصير قالوا بصوت خفيض
-"حسنا "
تراجع قليلا حيث كان ثمة نبع ماء خلف تل رملي يحجب عنه رؤيتهم.. بالفعل لم يكن قد فكر بالقرار .. بل شرب الماء حتى ارتوى.. كان ماء باردا منعشا .. آنذاك راح يحدث الحمل الذي في جوفه .
-" اسمع ياصديقي العزيز .. أنت تعرفني منذ زمن بعيد .. وتعرف أني أنا سيد هذه الغابة وسيد هذه البرية وتعرف أني كنت أنقذكم من الأعداء . على مدى سنوات .. وكنتم أنتم تقدرون ذلك .. أما الآن، فأقول لك أيها الحمل الصغير، ان الأعداء لا يريدون إلا الشر بك وبي وبهذه الغابة ".
قاطعه الحمل .. لكن الذئب لم يسمح له بالمتابعة.. أكمل الذئب :
-" ولهذا ليس عليك ان تقول إلا كلمة واحدة .. أنهم سيسألونك هل فعلت شرا فقل لهم كلا أبدا، ثم إنني كما تعلم وتعلم كل كلاب الدنيا عشت وسأموت من أجلكم ومن اجل سعادتكم .. والآن بلل لسانك بالماء فانا شربته من أجلك .. وبعد ان نتخلص من هؤلاء الرعاة الحمقى سأتناول من أجلك بعض العشب والحشائش الخضر أفهمت أيها الحمل الوديع كلماتي ؟"
ولم ينتبه الذئب الى كلمات الحمل .. ثمة عادة تعرفها الكلاب منذ سنوات ان الذئب لم يكن يصغي إلا الى تلك الأصوات التي لا ينطق بها أحد، كما كان يستمد قوته من أحلام اعدائه النائمين . لهذا عاد الذئب الى مكانه الاول، رافعا رأسه ينظر في الوجوه بلا رغبة في أيذائها .. ثم سألهم بهدوء . كأنه يراهم للمرة الاولى :
-" لماذا تريدون قتلي ..؟"
قالوا :
-" لأنك ابتلعت حملا وديعا من قطيعنا .."
فقال وهو يبتسم بحزم المنتصرين :
-" وماذا تقولون لو لم أكن أنا فعلت ذلك أيها السادة الرعاة في هذه البرية الكبيرة ..؟ "
قال الأول
-" لانفعل شيئا .."
لكن الرجل الثاني اعترض فورا ..
-" أنت غير صادق .. لأنك ابتلعت حملنا قبل قليل .. وانا رأيتك تفعل ذلك ".
فسأله الذئب :
-" هل شاهدتني أنت .. أي أنت بالذات ..؟ "
-"نعم .."
-"حسنا .. هل لديك شهود .."
فقال الراعي وهو يرتجف :
-"كانت الكلاب نائمة للأسف !"
فقال الذئب يخاطبه :
-"حسنا .. ليس لديك شهود .. وأنا لا أثق بما قلت .. لهذا لدي حل واحد يكشف عن الحقيقة .. صاحوا دفعة واحدة :
- "ما هو ..؟"
فقال بحزم وثقة طالما كانت تربك المقابل :
-" إقتربوا مني .. لاتخافوا .. اإقتربوا وأسالوا هل هناك .. في جوفي هذا .. حملكم الصغير المفقود.. أم ليس هناك سوى الماء وبعض الاعشاب التي تناولتها في صباح هذا اليوم .. إقتربوا قبل أن أغير رأيي أيها الرعاة .. "
أخذوا يتهامسون بينهم برهة من الزمن .. ثم اقتربوا من الذئب .. وقالوا بصوت واحد :
-" هل أبتلعك الذئب يا حملنا العزيز ؟"
فجاء صوت الحمل هادئا :
-" كلا .. لم يبتلعني الذئب "
فقال لهم بصوت منصتر :
-" الذئب، كما قلت لكم، لايكذب .."
جريدة الثورة البغدادية /1996
الجمعة، 20 أبريل 2012
الحداثة تتجاوز عبثية سيزيف-د. غالب المسعودي
الحداثة تتجاوز عبثية سيزيف
د. غالب المسعودي
الى الصحفي الرائع احمد عبد الحسين.
من الميثولوجيات الاغريقية اسطورة سيزيف والذي حكمت عليه الالهة برفع صخرة الى قمة جبل, انه يقوم بمهمة لن تنتهي ولكنه يكافح وهو يعلم انه سيكلل بالفشل , وعلى المرء ان يتصور سيزيف سعيدا وهو يعلم ان كيانه كله مكرس من اجل لا شيء, ويقوم بمهمة لاتنتهي,وهنا يبرز التحدي بسؤال ملغم, هل الحداثة تمثل عبثية الانسان.....؟
وحسب رأي غيورغي كاتشيف, الذي يرجع اصول الحداثة الاوربية الجديدة, والتي ادت الى نمط معاصر من الادب, الى تخوم القرنين الثامن عشر والتاسع عشر ,وهذه ترجع الى اواسط الالف الاول الميلادي ,اي من موروث قومي يتطور قبل عصر النهضة ,على قرابة الف عام .وعليه لا يمكن فهم عصر النهضة الا باعتباره نفيا مضمونيا لما كان قائما من قبل. وهكذا تكون النزعة الى الحداثة والتي يجب ان تطابق حزمة من الحاجات غير قابلة للتبديل ,وان الدوغماتية تنبعث داخل العالم اللافلسفي, وليس داخل الكيان المعرفي, والاستحصال يبقى داخل حدود, وهذه اشكالية عبر العصور, و التوسط بين الذات والظرف الموضوعي, يربح اللغة تنويرا ,على اعتبار ان كل شيء منجز والذي يعني بنفس الوقت ان لا شيء منجز, وبالتالي يزيح الاثقال العقلية والمركزية من النظرة الشكوكية الى هيمنة القوى الميتافيزيقية على جوهر ذات الانسان الجاهل, عندما يكون مجردا وموضوعا سلبيا ,وهو يزيح صفات الذات النشطة الى الوراء, على الرغم من توق الذات الى تطابقها واقعيا مع الحقائق المعروفة, وهنا يخيم جو من الوثوق بنقاء النشاط الجمعي الذي لا يتميز بأبداع و تحدث الازمات ويبدأ التأويل, والتأويل لا يحل الازمة بل يعقدها ,لان الاخفاق في رسم اوضاع جديدة يعبر عن ازمة الذات, وهكذا, تبرز هنا النتيجة الحتمية لازمة الذات, وهي عدم القدرة على التجديد وان الاصرار هو مقابل للعدمية ,و اي اعتراض ضخم ينافي الصيرورة الكونية, مع تداخل هذه التقنية تنحدر مسيرة الجاهل والمستذل في صوغ المرويات ,وما الحداثة بفعل قابل للفحص العقلاني لكي تحسم النهاية ,والموت له كلمة النهاية في مستقبل البشر, وان بناء الاشكال الجديدة وتحديث البنية لا يمنحنا الاستقلال ,وقد لا يفضي الى التجاوز بوجود محيط أنثروبولوجي يستنزف مكونات العقل ويغلق دائريا تطلعات الانسان بواسطة انتشار فعالية المركز واهمال فعالية الحافة, وما دام الموت هو حتمية ثقيلة فأنه يجعل كل مشروع انساني عقيما ,رغم ثقل التحديات وعمليات الهدم المستمرة ,لان صدمة عدم العودة تمنع التركيب وتمحو الاجراءات الاساسية في تحصيل النتيجة, وهذه ثنائية مرت عصور طويلة على نضجها وان ما لا يدرك بعصور طويلة لا يمكن ادراكه بأزمنة قصيرة, والرغبة القائمة على التقليد و ان كان غير مفتوح على المستقبل وهويواجه رفضا منهجيا وهذا امر طبيعي, ومنطقي , هكذا يصبح المعنى فارغا ضمن اطار الثقافات الانسانية المعاصرة , والضحية يظل معرضا للهفوات ولو عفويا, وان مفهوم الانتشار اصبح احد اهم سمات ثقافتنا المعاصرة وذلك بالتأثر والتأثير واستخدام عناصر الاستعارة والاستقلالية المنفتحة, لكن الفكر الطقوسي لا يزال يعمل على تكرار الاواليات المؤسسة, وهنا لا بد له ان يستعمل شيء من العنف, او بعض اشكاله والتي ترتبط اساسا بالأزمة التضحوية اكثر من ارتباطها بالمنقذ للجماعة, وهذا يرجع الى زمن تكون فيه الازمنة مشوشة ولم تكن الالهة قد امتصت العنف بشكل قرباني بعد,والضحية الاسطورية تكون دائما من الفرق الضائعة وبشكل يرضي السلطة, وهكذا تمارس التراجيديا فعلتها باستخفاف ويكون سيزيف ضحية الهة الاولمب ,وهو حامل اسطوري ومعرفي ينفتح في مختلف المراحل في فضاء الحياة ,عندما تكون الثقافة متوارثة من الخطيئة الاصلية, فان اصل الكون سيكون خطيئة محايثة ,وبالتالي تستمر الذرائعيات تمسرح ذاتها وان الحداثة وما بعدها ما هي الا غواية وتلغيم الجسد بما هو شهوي, ينقل العدوى وهذه احدى خاصيات العقل العصابي لأنه يطابق التوليف الجنساني مع وهم معقلن, وزخم علاماتي يمتاز بالجمود اللامتناهي, لكن الحداثة في الواقع فعل مركب لها سمة الحبكة و تشكل ملحمة تنجز معناها, وهذا العالم موسوعة معارف قبل كل شيء.
الخميس، 19 أبريل 2012
معرض شخصي جديد للفنان كامل حسين
الخميس التاسع عشر من نيسان २०१२ افتتح في احدى قاعات الفنون التشكيلية في مدينة الحلة المعرض الشخصي للفنان كامل حسين بحضور بهي من نخبة من الجمهور الحلي واساتذة وطلاب كلية الفنون الجميلة في بابل ويبدو ان الفنان على اعتاب مرحلة جديدة في تجربته التشكيلية الا ان الملفت للنظر هي التسمية بانه معرض غير شخصي هل هي براءة من التجربة ام احالة..........؟ والثاني هو الحضور النسوي هل نسيت الانثى ذائقتها التشكيلية ام ماذا جرى........؟
الثلاثاء، 17 أبريل 2012
دار بابل للثقافات والفنون والآداب تحتفي بالفنانة-ثائرة شمعون البازي -حامد كعيد الجبوري
دار بابل للثقافات والفنون والآداب تحتفي بالفنانة
( ثائرة شمعون البازي )
حامد كعيد الجبوري
مساء السبت 14 / 4 / 2012 م لبت الفنانة التشكيلية والشاعرة والإعلامية وصاحبة امتياز موقع فراديس العراق ( ثائرة شمعون البازي ) دعوة الإتحاد العام للشعراء الشعبيين في بابل ، والذي استضافها في دار بابل للثقافات والفنون والآداب بأمسية جميلة وبجمع نوعي أجمل ، وتحدثت الفنانة ( البازي ) عن تجربتها الفنية التي امتدت لثلاثة عقود من الزمن ، وثائرة البازي فنانة عراقية هاجرت من العراق هربا من النظام السابق ليستقر بها المطاف بمملكة السويد ، وهناك في هذه الأصقاع البعيدة كرست فرشاتها وقلمها لفضح النظام الشمولي الذي عاث فسادا بعراقها التي أحبت ، وبعد التغيير لم تجد لها الفرصة المواتية لتعود لأحضان بلدها الذي مزقته الطائفية السياسية والأطماع الشخصية ، ولتجد عراقها ببحر من المآسي والموت والدمار والتهجير والتفرد بالسلطة وصنع القرار ، في عام 1998 م غادرت الفنانة ( البازي ) العراق وهي تحمل شهادة المركز القومي للحاسبات الإلكترونية ، وموظفة على ملاك شركة التأمين العراقية ، وهناك في غربتها أكملت تحصيلها العلمي وحصلت على شهادة الماجستير وبتخصص تشكيل الفن من جامعة ( نورشوبينك ) السويدية ، وشاركت الفنانة البازي بمعارض كثيرة بمملكة السويد وبمعرض فردي وبمعارض مشتركة مع فنانين ( سويدين ) وفنانين عراقيين يشاطرونها غربتها وهو يحملون الفن العراقي ليطلع عليه أبناء الجالية العراقية في مملكة السويد ، وليتعرف المواطن السويدي عن المنجز الفني العراقي الحديث ، وللفنانة ( البازي ) مساهمات إنسانية من خلال ترأسها كمديرة لجمعية ( أكد ) العراقية ، ولها مساهمات فنية ومعارض مشتركة مع فنانين سويدين وعراقيين ، ومعرض مع طلبة الجامعة ل( ينشوبينيك ) السويدية ، وليس ذلك وحسب بل شاركت بمعارض فنية ساهمت فيها دولة السويد لتجوب المعارض الفنية السويدية العراقية في دول العالم المختلفة ، ولم يفت الفنانة ( البازي ) أن تجلب معها فنانون سويديون لتصحبهم عبر أهوار مدينة الناصرية ، وأعمال الفنانة ( البازي ) التشكيلية تتنقل بين الألوان الزيتية والمائية والإكرليك والفحم والعمل بالسيراميك والسيراميك البارد والموزاييك والبرونز ، والزجاج والحفر على الخشب والطبع والرسم على القماش ، وآخر ما عملته الفنانة البازي هي أعداد وصناعة الأفلام القصيرة التي تتحدث عن الضجيج والحركة والهدوء وهذا العمل الفني عرض في الجامعات السويدية وهو باللغة السويدبة ، ولها أفلام أخرى تتحدث فيها شعرا من نظمها أو من نظم شعراء عراقيون تتحدث به ومن خلاله عن المأساة العراقية أبان العهد الصدامي المجتث ، وما أصاب العراق بعد التغيير عام 2003 م ، وخلال الأمسية المقامة للفنانة ( البازي ) تسائل البعض لمَّ يستضيف الشعراء الشعبيون فنانة تشكيلية ولم يستضيفها الفنانون التشكيليون ، استأذنت الفنانة من مدير الجلسة لتجيب هي عن هذا التساؤل فقالت ، ( أن العلاقة الأخوية التي جمعتها مع الشاعر حامد كعيد الجبوري كانت السبب الأول ولعدم استطاعتي أن أرفض كرم دعوته وتلبيتها ، وثانيا أنا شاعرة وأكتب الشعر بمقاييسي الخاصة ، وثالثا أن الحضور المثقف من شعراء وأدباء وفنانون وإعلاميون كان حريا أن يتعرف على منجزي ، ثم أن الشعر الشعبي أيضا له وسيلته الخاصة بإيصال معاناة الناس كما للفرشاة دورها بذلك ) ، ويجدر الإشارة أن الفنانة ( ثائرة البازي ) تمتلك موقعا الكترونيا أطلقت عليه ( فراديس العراق ) ، وقد غطت فضائية الفيحاء وراديو العراق الحر وراديوا إذاعة جمهورية العراق وجريدة الفيحاء هذه الاحتفالية التكريمية ، .
الجمعة، 13 أبريل 2012
الشعائر والرموز من الارواحية الى الاسطورة
الشعائر والرموز من الارواحية الى الاسطورة
د.غالب المسعودي
بالرغم من تراجع المعتقدات الاسطورية, تراجعا هائلا في المجتمعات الحديثة الا انها في الشرق لا تزال تهيكل المخيال الجمعي للانسان المعاصر,رغم ان علم الفلك والفيزياء قد كشف سر خلق الكون, وان علوم ماقبل التاريخ وعلم البيولوجيا قد اثبت ان الحياة قد تطورت في المحيط البدئي, منذ اكثر من اربعة بلايين من السنين, لكن حضور الراسب الاسطوري ,والذي يرمز الى زمن البدايات يشكل عبادة صوفية للماضي,عندما كان الانسان في بدايات تطور وعيه ومحاولات تجاوزه رتبة الانسجام مع محيطه المضطرب. ومحاولاته في البحث عن تفسير للظواهر الطبيعية,كعودة الفصول وتفاوتها ومواجهة الكوارث وتحدياتها, ظل يجتر نفسه, وتصور ان المحيط البيئي الذي يعيش فيه تلفه الارواح ,وارواح الالهة خصوصا ,من الحجر الى الشجر, ولما لم يقنعه ذلك, تحول الى الاحيائية, والتي يتوهم فيها انه على صلة بالاسلاف, على اعتبار ان الاسلاف عندما يموتون ينتقلون الى السماء وذلك بتحولهم الى ارواح صافية, وهم يمتلكون قوة هائلة ,وان كل نشاط انساني لا يباركه الاسلاف يفقد معناه, وهذا بحد ذاته رق نفسي ,بل ربما عصاب استحواذي, يدفع الضحية الى تحقيقه عبثيا او كارثيا في احيان كثيرة,وذلك بعدم استخدام الوعي وهوالمعطل اصلا بمفهوم ان السلف اعرف بمصالح الاحياء من الاحياء انفسهم, وقد يتخذ طقسا سورياليا او دعابة سوداء, وهذه الاكثر نجاحا في المجتمعات الشرقية ومعيار النجاح هو وضع محدد عندما يتكاثر عدد الحاملين لهذه السمات ويقل عدد من يمتلكون وعيا متقدما من وجهة نظر تفدمية, وهنا تكون كلمة الابداع رغم غناها المعنوي بلا معنى, و لايمكن ربطها بافعال الناس ولا بتجربتهم الانسانية, بل ولا تلقى اي قيمة من خلال الاستدلال ,لانها لا تشكل نسقا مع النموذج القديم والمتوارث ,وفي احالة للموضوع الى علم الانثربولوجيا الاجتماعية نجد ان النظرية تبدأ عند الانسان من البسيط الى المركب, وهنا يغدو التناقظ واضحا بين حالة المعرفة المتقدمة والسلوكيات الاجتماعية المتعارفة ,والتي تبدأمن صلة القرابة وعلى فترات محدودة الى الروابط البيئية والاقتصادية داخل مجتمع ما تسوده تقاليد ثقافية لها نفوذها الاجتماعي وهي المسماة بالعرف ,يعززه تراث تليد يؤمن لهم مستقبلا تاريخي غير مشكوك في ارجحيته ,رغم الاخفقات الكثيرة, وهذه الاخفاقات ترجع الى قوى عالمية وبيئية واجتماعية تتهم بمحاولة اعادة صياغة التراث وتحجيمه ,وهي تركز على حساباتها , وهذا يبدو نوع من الاعتراض الهوسي,اذ انه يجب ان يكون هناك فارق بين الوعي بموضوع والموضوع نفسه, وهذه هي مفارقة حلمية على مستوى الواقع و الحلم وموضوع الحلم,والانسان البدائي كان لا يفرق بين الحلم وموضوع الحلم من ناحية واقعية ويعتقد ان ما جرى في حلمه له ابعاد واقعية, وهذه هي حال الذين يعيشون خارج طبيعة العالم, رغم اننا لاننكر ان هناك ارتباط سببي واحيانا ان هناك مصادفة حسية قد تتجاوز الادراك المالوف.وهنا اود التنبيه الى ان الممارسات السحرية القديمة لم تعد ,كافية فالحياة الجديدة تستدعي ركائز جديدة وان المفاصل المهترئة عليها الانسحاب داخل قوقعة الاسطورة , وان الافكار الخاصة بحضارة ما ,من دمى الالهة الى جميع الفنون الرفيعة يمكن معرفتها في عصرنا الحاضر, كونها تمهيد طبيعي لنشوء حضارتنا المعاصرة, والتي يجب ان لا ينمو بداخلها الا ما هو طبيعي ومنسجم مع عصره, ومن حسن الحظ رغم وجود مصاعب الا ان معرفتنا بالمكان تمكننا من تتبع تطورات الطقوس في اطوارها المختلفة,اذ يستمر الموتى في حياتهم الارضية في مكان اخر وعلى الاحفاد خدمتهم, والسؤال كيف نضع في الميزان خمسمائة الف سنة من حياة شبه حيوانية ومن التجوال والاقامة في الكهوف, وعلينا الان ان نحملها على ظهر سقراط وافلاطون, ونحن نعرف ان المليون سنة التي مضت على وجود البشر كانت نوع من الضياع لانهاية له وكان تعبيرا عن عجزه عن مواجهة قوى الطبيعة, وحينما اكتشف الانسان بذكائه التنظيم الاجتماعي عندها بدأت المغامرة الكبرى وأجرى كشف حساب استثمر فيها الشعائر والطقوس البدائية قبل ان تضمحل, بارجاعها الى الماورائيات من اجل استثمارها اقتصاديا وتشكيل الثروة والسيطرة على مصادرها دون ان يضع الانسان في موقعه كونيا , بل في مواجهة مع الكون بموقف يجمع البشر ولا يساوي بينهم في ظل سلطة مطلقة ودون توضيح, واذا كان علينا ان نعرف مصيرنا, يجب ان نصون قناعتنا كافراد منفصلين عن تاريخ العالم ,وكل ماض هو دراما لاتعرف الاعادة, اذ لا يمكننا الحضور شخصيا ومشاهدة الممثلين وان حقيقة ما يترك هي مشاهد سريعة الزوال وما يبقيها متجانسة هو تكرار السرد لتجاوز اخفاقات المعنى, ويبعد الشكوك وان كانت بلا ترتيب وهكذا تشكل هدفا نفعيا دينيا وهو موضع الاهتمام الوحيد واقناع الاتباع
د.غالب المسعودي
بالرغم من تراجع المعتقدات الاسطورية, تراجعا هائلا في المجتمعات الحديثة الا انها في الشرق لا تزال تهيكل المخيال الجمعي للانسان المعاصر,رغم ان علم الفلك والفيزياء قد كشف سر خلق الكون, وان علوم ماقبل التاريخ وعلم البيولوجيا قد اثبت ان الحياة قد تطورت في المحيط البدئي, منذ اكثر من اربعة بلايين من السنين, لكن حضور الراسب الاسطوري ,والذي يرمز الى زمن البدايات يشكل عبادة صوفية للماضي,عندما كان الانسان في بدايات تطور وعيه ومحاولات تجاوزه رتبة الانسجام مع محيطه المضطرب. ومحاولاته في البحث عن تفسير للظواهر الطبيعية,كعودة الفصول وتفاوتها ومواجهة الكوارث وتحدياتها, ظل يجتر نفسه, وتصور ان المحيط البيئي الذي يعيش فيه تلفه الارواح ,وارواح الالهة خصوصا ,من الحجر الى الشجر, ولما لم يقنعه ذلك, تحول الى الاحيائية, والتي يتوهم فيها انه على صلة بالاسلاف, على اعتبار ان الاسلاف عندما يموتون ينتقلون الى السماء وذلك بتحولهم الى ارواح صافية, وهم يمتلكون قوة هائلة ,وان كل نشاط انساني لا يباركه الاسلاف يفقد معناه, وهذا بحد ذاته رق نفسي ,بل ربما عصاب استحواذي, يدفع الضحية الى تحقيقه عبثيا او كارثيا في احيان كثيرة,وذلك بعدم استخدام الوعي وهوالمعطل اصلا بمفهوم ان السلف اعرف بمصالح الاحياء من الاحياء انفسهم, وقد يتخذ طقسا سورياليا او دعابة سوداء, وهذه الاكثر نجاحا في المجتمعات الشرقية ومعيار النجاح هو وضع محدد عندما يتكاثر عدد الحاملين لهذه السمات ويقل عدد من يمتلكون وعيا متقدما من وجهة نظر تفدمية, وهنا تكون كلمة الابداع رغم غناها المعنوي بلا معنى, و لايمكن ربطها بافعال الناس ولا بتجربتهم الانسانية, بل ولا تلقى اي قيمة من خلال الاستدلال ,لانها لا تشكل نسقا مع النموذج القديم والمتوارث ,وفي احالة للموضوع الى علم الانثربولوجيا الاجتماعية نجد ان النظرية تبدأ عند الانسان من البسيط الى المركب, وهنا يغدو التناقظ واضحا بين حالة المعرفة المتقدمة والسلوكيات الاجتماعية المتعارفة ,والتي تبدأمن صلة القرابة وعلى فترات محدودة الى الروابط البيئية والاقتصادية داخل مجتمع ما تسوده تقاليد ثقافية لها نفوذها الاجتماعي وهي المسماة بالعرف ,يعززه تراث تليد يؤمن لهم مستقبلا تاريخي غير مشكوك في ارجحيته ,رغم الاخفقات الكثيرة, وهذه الاخفاقات ترجع الى قوى عالمية وبيئية واجتماعية تتهم بمحاولة اعادة صياغة التراث وتحجيمه ,وهي تركز على حساباتها , وهذا يبدو نوع من الاعتراض الهوسي,اذ انه يجب ان يكون هناك فارق بين الوعي بموضوع والموضوع نفسه, وهذه هي مفارقة حلمية على مستوى الواقع و الحلم وموضوع الحلم,والانسان البدائي كان لا يفرق بين الحلم وموضوع الحلم من ناحية واقعية ويعتقد ان ما جرى في حلمه له ابعاد واقعية, وهذه هي حال الذين يعيشون خارج طبيعة العالم, رغم اننا لاننكر ان هناك ارتباط سببي واحيانا ان هناك مصادفة حسية قد تتجاوز الادراك المالوف.وهنا اود التنبيه الى ان الممارسات السحرية القديمة لم تعد ,كافية فالحياة الجديدة تستدعي ركائز جديدة وان المفاصل المهترئة عليها الانسحاب داخل قوقعة الاسطورة , وان الافكار الخاصة بحضارة ما ,من دمى الالهة الى جميع الفنون الرفيعة يمكن معرفتها في عصرنا الحاضر, كونها تمهيد طبيعي لنشوء حضارتنا المعاصرة, والتي يجب ان لا ينمو بداخلها الا ما هو طبيعي ومنسجم مع عصره, ومن حسن الحظ رغم وجود مصاعب الا ان معرفتنا بالمكان تمكننا من تتبع تطورات الطقوس في اطوارها المختلفة,اذ يستمر الموتى في حياتهم الارضية في مكان اخر وعلى الاحفاد خدمتهم, والسؤال كيف نضع في الميزان خمسمائة الف سنة من حياة شبه حيوانية ومن التجوال والاقامة في الكهوف, وعلينا الان ان نحملها على ظهر سقراط وافلاطون, ونحن نعرف ان المليون سنة التي مضت على وجود البشر كانت نوع من الضياع لانهاية له وكان تعبيرا عن عجزه عن مواجهة قوى الطبيعة, وحينما اكتشف الانسان بذكائه التنظيم الاجتماعي عندها بدأت المغامرة الكبرى وأجرى كشف حساب استثمر فيها الشعائر والطقوس البدائية قبل ان تضمحل, بارجاعها الى الماورائيات من اجل استثمارها اقتصاديا وتشكيل الثروة والسيطرة على مصادرها دون ان يضع الانسان في موقعه كونيا , بل في مواجهة مع الكون بموقف يجمع البشر ولا يساوي بينهم في ظل سلطة مطلقة ودون توضيح, واذا كان علينا ان نعرف مصيرنا, يجب ان نصون قناعتنا كافراد منفصلين عن تاريخ العالم ,وكل ماض هو دراما لاتعرف الاعادة, اذ لا يمكننا الحضور شخصيا ومشاهدة الممثلين وان حقيقة ما يترك هي مشاهد سريعة الزوال وما يبقيها متجانسة هو تكرار السرد لتجاوز اخفاقات المعنى, ويبعد الشكوك وان كانت بلا ترتيب وهكذا تشكل هدفا نفعيا دينيا وهو موضع الاهتمام الوحيد واقناع الاتباع
الأربعاء، 11 أبريل 2012
مدن الزي الموحد- كاظم فنجان الحمامي
مدن الزي الموحد
كل المدن العراقية من طينة واحدة
واللون البيجي سيد الألوان الترابية في الجنوب والوسط
جريدة المستقبل العراقي / بغداد / في 10/4/2012
كاظم فنجان الحمامي
لا توجد في الكون كله قرية تشبه قرية أخرى من حيث الملامح العمرانية, ومن حيث المكونات البيئية والعناصر المادية العامة, فلكل قرية هويتها الموقعية والجغرافية والحضارية والديموغرافية, وهكذا تتباين القرى (غير الزراعية) في أشكال بيوتها وأسواقها, وفي تصاميم واجهاتها ومداخلها ومخارجها, تماما مثلما تتباين بصمات الإبهام في سجلات الأحوال المدنية, ولا يمكن العثور على التطابق بين الأحياء السكانية في البلد الواحد إلا في العراق فهو البلد الوحيد, الذي تتطابق فيه مواصفات المناطق السكانية خارج مراكز المحافظات, وعلى وجه الخصوص من جنوب بغداد إلى الفاو,
وربما يتعذر على المرء رصد الفوارق بين قرى محافظة ذي قار وقرى محافظة واسط, أو قرى ميسان, فالفوارق تكاد تكون معدومة, وهكذا الحال بالنسبة للأحياء السكنية في ديالى وبابل والبصرة والمثنى والقادسية, كلها متناظرة بطريقة تبعث على الدهشة والطرافة, وتتشابه في كل شيء ابتداء من الطرق والشوارع المغطاة بالرمال والأتربة, إلى طريقة توزيع الأعمدة الناقلة للطاقة الكهربائية, مرورا ببرك المياه الآسنة المنتشرة في الساحات والأزقة, حتى إن مكبات القمامة (أعزكم الله) تكاد تكون نفسها من حيث التراكم والتعفن والانتشار, فما تجده في (البطحة) خارج مركز محافظة المثنى, تجده في (الغراف) خارج مركز ذي قار, وتجده في (المجر) خارج مركز ميسان, وتجده في (الفاو) خارج مركز البصرة, فالزي الموحد باللون البيجي, أو (الخاكي), أو الترابي, أو الرملي, أو (الطيني) هو الزي الذي ارتدته المدن والقرى العراقية الوسطية والجنوبية والغربية,
وهو العلامة الفارقة لها في كل مواسم العصر الجلكاني, الذي توحدت فيه مجاري الصرف الصحي, فتوقفت عن الجريان في (بدرة وجصان) وتشعبت في (الشعيبة), واختنقت بدخان مدينة (الشعلة) ببغداد, وأصيبت بكولسترون الأطيان في النعمانية بالكوت, والتهبت مجاريها في الرميثة, وانسدت في سدة الهندية, وتعطلت في حي (أور) في الناصرية, حتى يخيل إليك إن المدن العراقية تنتظم في مصفوفة سكانية تتكرر فيها المشاهد واللقطات بطريقة رقمية تبعث على القرف, وخير مثال على ذلك: هذه الصور التي التقطناها من دون أن نشير إلى اسم القرية, تاركين حرية التعرف عليها لمن يرغب في خوض هذه الامتحان الصعب, إذ يتعذر معرفة فيما إذا كانت هذه اللقطات أخذت في مدينة (الزبير) بالبصرة, أم في مدينة (الصالحية) بالناصرية, أم في (أبي غرق) ببابل, أم في (الحي) بواسط, أم في الحي العسكري بالنجف, أم في (صبخة العرب), و(العالية) بالبصرة, أم في حي (الغدير) بكربلاء, أم في حي (الشهداء) في الفلوجة, أو الحي الصناعي هناك, أم في أحياء بغداد مثل: (العبيدي), و(سبع البور), و(الفضيلية), و(النهروان), و(الكمالية), ومنطقة (الشيشان) الواقعة في نهاية حي (الشعب) ؟؟, كلها سواء في اللون (الأملح الترابي) الطاغي على جدران البيوت, أو في أشكالها البائسة, أو في الأصوات المنبعثة من المولدات الكهربائية, أو في تشابكات الأسلاك في كل الاتجاهات, أو في الغبار المتطاير, أو في سحب الدخان الأسود, أو في نوعية المطبات (الطسّات), أو في مشاريع الحفر, التي مزقت جسد كل مدينة بالطول والعرض, فوحّدتها مع بعضها البعض, حتى إن الكراجات, والمدارس, ومراكز الشرطة, والعيادات الطبية, ومقرات المجالس البلدية, وساحات كرة القدم, ومحطات تعبئة الوقود تشابهت إلى حد بعيد, وكأنها صنعت في قوالب متماثلة في معامل الجمود والإهمال. .
ومن المفارقات العجيبة نذكر: ان حي (الجمهورية) في النجف يكاد يكون صورة طبق الأصل من حي (الجمهورية) في البصرة, من حيت التركيبة المتداخلة, والجدران المتشققة, والأسلاك المتقاطعة, والأزقة القذرة, ومن حيث التجاوزات العشوائية التي تكاثرت بعد تفشي ظاهرة (الحواسم). .
تتكرر صورة الأسواق التابعة للأحياء السكنية الموحدة, حيث يلهو الذباب نفسه, وتنبعث الروائح نفسها, فالواجهات تعكس صورة واحدة متكررة, وكذا العربات التي تجرها الحمير, والعربات الآلية (الستوات). .
تتراكم خلف كل دكان أكداس من الصناديق الفارغة, والأكياس البلاستيكية, والمغلفات الورقية الممزقة, والبضاعة التالفة المرمية منذ أسابيع في الزوايا الرطبة, فتتحول في الليل إلى ولائم مباحة للكلاب السائبة (المستنسخة), والقطط الضالة, والجرذان المحصنة جينيا ضد كل أنواع المبيدات الكونية. .
ولابد لنا من الاعتراف بالنتائج المحبطة, التي سجلتها عندنا ثقافة النظافة, حتى بلغت أدنى معدلاتها بين الناس, وربما وصلت إلى ما دون الصفر بمقياس جامعة (Yale) الامريكية, بنشرتها البيئية السنوية, والتي اعتمدت في إصدارها على مجموعة من المؤشرات, تتضمن قياس مستويات تلوث المدن في الماء والهواء والمناخ والحقول والغابات والثروة السمكية والمستشفيات وأنظمة الصرف الصحي. الخ. .
يعزا قيام هذه المناطق السكنية المتشابهة المتناظرة إلى البيئة العمرانية المتدهورة في العراق, وهي بطبيعة الحال بيئة فقيرة متخلفة تنقصها الخدمات الصحية والخدمات البلدية, وتتسم بالقبح العمراني, وتشكل خطرا على المجتمع العراقي برمته لوجود فوارق كبيرة بين مدنه المتخلفة وبين مدن البلدان المجاورة له, فعلى الرغم من تجاور البيئة السكانية العراقية مع البيئة السكانية السعودية أو الكويتية أو الأردنية أو الإيرانية أو التركية إلا إن السمات المشتركة باتت في غاية التنافر, فتعمقت الهوة بيننا وبين المدن الخليجية, التي صارت تختال بجمالها ونقاوتها ونظافتها وبهائها وهدوئها وجاذبيتها وعذوبتها ومواكبتها لأحدث المستجدات العمرانية حتى تفوقت علينا في كل شيء, اما نحن فلم يعد ورائنا وراء. . .
كل المدن العراقية من طينة واحدة
واللون البيجي سيد الألوان الترابية في الجنوب والوسط
جريدة المستقبل العراقي / بغداد / في 10/4/2012
كاظم فنجان الحمامي
لا توجد في الكون كله قرية تشبه قرية أخرى من حيث الملامح العمرانية, ومن حيث المكونات البيئية والعناصر المادية العامة, فلكل قرية هويتها الموقعية والجغرافية والحضارية والديموغرافية, وهكذا تتباين القرى (غير الزراعية) في أشكال بيوتها وأسواقها, وفي تصاميم واجهاتها ومداخلها ومخارجها, تماما مثلما تتباين بصمات الإبهام في سجلات الأحوال المدنية, ولا يمكن العثور على التطابق بين الأحياء السكانية في البلد الواحد إلا في العراق فهو البلد الوحيد, الذي تتطابق فيه مواصفات المناطق السكانية خارج مراكز المحافظات, وعلى وجه الخصوص من جنوب بغداد إلى الفاو,
وربما يتعذر على المرء رصد الفوارق بين قرى محافظة ذي قار وقرى محافظة واسط, أو قرى ميسان, فالفوارق تكاد تكون معدومة, وهكذا الحال بالنسبة للأحياء السكنية في ديالى وبابل والبصرة والمثنى والقادسية, كلها متناظرة بطريقة تبعث على الدهشة والطرافة, وتتشابه في كل شيء ابتداء من الطرق والشوارع المغطاة بالرمال والأتربة, إلى طريقة توزيع الأعمدة الناقلة للطاقة الكهربائية, مرورا ببرك المياه الآسنة المنتشرة في الساحات والأزقة, حتى إن مكبات القمامة (أعزكم الله) تكاد تكون نفسها من حيث التراكم والتعفن والانتشار, فما تجده في (البطحة) خارج مركز محافظة المثنى, تجده في (الغراف) خارج مركز ذي قار, وتجده في (المجر) خارج مركز ميسان, وتجده في (الفاو) خارج مركز البصرة, فالزي الموحد باللون البيجي, أو (الخاكي), أو الترابي, أو الرملي, أو (الطيني) هو الزي الذي ارتدته المدن والقرى العراقية الوسطية والجنوبية والغربية,
وهو العلامة الفارقة لها في كل مواسم العصر الجلكاني, الذي توحدت فيه مجاري الصرف الصحي, فتوقفت عن الجريان في (بدرة وجصان) وتشعبت في (الشعيبة), واختنقت بدخان مدينة (الشعلة) ببغداد, وأصيبت بكولسترون الأطيان في النعمانية بالكوت, والتهبت مجاريها في الرميثة, وانسدت في سدة الهندية, وتعطلت في حي (أور) في الناصرية, حتى يخيل إليك إن المدن العراقية تنتظم في مصفوفة سكانية تتكرر فيها المشاهد واللقطات بطريقة رقمية تبعث على القرف, وخير مثال على ذلك: هذه الصور التي التقطناها من دون أن نشير إلى اسم القرية, تاركين حرية التعرف عليها لمن يرغب في خوض هذه الامتحان الصعب, إذ يتعذر معرفة فيما إذا كانت هذه اللقطات أخذت في مدينة (الزبير) بالبصرة, أم في مدينة (الصالحية) بالناصرية, أم في (أبي غرق) ببابل, أم في (الحي) بواسط, أم في الحي العسكري بالنجف, أم في (صبخة العرب), و(العالية) بالبصرة, أم في حي (الغدير) بكربلاء, أم في حي (الشهداء) في الفلوجة, أو الحي الصناعي هناك, أم في أحياء بغداد مثل: (العبيدي), و(سبع البور), و(الفضيلية), و(النهروان), و(الكمالية), ومنطقة (الشيشان) الواقعة في نهاية حي (الشعب) ؟؟, كلها سواء في اللون (الأملح الترابي) الطاغي على جدران البيوت, أو في أشكالها البائسة, أو في الأصوات المنبعثة من المولدات الكهربائية, أو في تشابكات الأسلاك في كل الاتجاهات, أو في الغبار المتطاير, أو في سحب الدخان الأسود, أو في نوعية المطبات (الطسّات), أو في مشاريع الحفر, التي مزقت جسد كل مدينة بالطول والعرض, فوحّدتها مع بعضها البعض, حتى إن الكراجات, والمدارس, ومراكز الشرطة, والعيادات الطبية, ومقرات المجالس البلدية, وساحات كرة القدم, ومحطات تعبئة الوقود تشابهت إلى حد بعيد, وكأنها صنعت في قوالب متماثلة في معامل الجمود والإهمال. .
ومن المفارقات العجيبة نذكر: ان حي (الجمهورية) في النجف يكاد يكون صورة طبق الأصل من حي (الجمهورية) في البصرة, من حيت التركيبة المتداخلة, والجدران المتشققة, والأسلاك المتقاطعة, والأزقة القذرة, ومن حيث التجاوزات العشوائية التي تكاثرت بعد تفشي ظاهرة (الحواسم). .
تتكرر صورة الأسواق التابعة للأحياء السكنية الموحدة, حيث يلهو الذباب نفسه, وتنبعث الروائح نفسها, فالواجهات تعكس صورة واحدة متكررة, وكذا العربات التي تجرها الحمير, والعربات الآلية (الستوات). .
تتراكم خلف كل دكان أكداس من الصناديق الفارغة, والأكياس البلاستيكية, والمغلفات الورقية الممزقة, والبضاعة التالفة المرمية منذ أسابيع في الزوايا الرطبة, فتتحول في الليل إلى ولائم مباحة للكلاب السائبة (المستنسخة), والقطط الضالة, والجرذان المحصنة جينيا ضد كل أنواع المبيدات الكونية. .
ولابد لنا من الاعتراف بالنتائج المحبطة, التي سجلتها عندنا ثقافة النظافة, حتى بلغت أدنى معدلاتها بين الناس, وربما وصلت إلى ما دون الصفر بمقياس جامعة (Yale) الامريكية, بنشرتها البيئية السنوية, والتي اعتمدت في إصدارها على مجموعة من المؤشرات, تتضمن قياس مستويات تلوث المدن في الماء والهواء والمناخ والحقول والغابات والثروة السمكية والمستشفيات وأنظمة الصرف الصحي. الخ. .
يعزا قيام هذه المناطق السكنية المتشابهة المتناظرة إلى البيئة العمرانية المتدهورة في العراق, وهي بطبيعة الحال بيئة فقيرة متخلفة تنقصها الخدمات الصحية والخدمات البلدية, وتتسم بالقبح العمراني, وتشكل خطرا على المجتمع العراقي برمته لوجود فوارق كبيرة بين مدنه المتخلفة وبين مدن البلدان المجاورة له, فعلى الرغم من تجاور البيئة السكانية العراقية مع البيئة السكانية السعودية أو الكويتية أو الأردنية أو الإيرانية أو التركية إلا إن السمات المشتركة باتت في غاية التنافر, فتعمقت الهوة بيننا وبين المدن الخليجية, التي صارت تختال بجمالها ونقاوتها ونظافتها وبهائها وهدوئها وجاذبيتها وعذوبتها ومواكبتها لأحدث المستجدات العمرانية حتى تفوقت علينا في كل شيء, اما نحن فلم يعد ورائنا وراء. . .
الأحد، 8 أبريل 2012
امركة العالم وليس عولمته-تقديم ومداخلات فلاح امين الرهيمي
السبت، 7 أبريل 2012
من يسعف أدباء البصرة ؟؟- كاظم فنجان الحمامي
من يسعف أدباء البصرة ؟؟
جريدة المستقبل العراقي / بغداد / في 5/4/2012
كاظم فنجان الحمامي
الأديب والشاعر البصري الكبير حسين عبد اللطيف، هذا الاسم الكبير اللامع في عالم الفكر والإبداع, صاحب القصائد الجميلة, وصاحب الكلمة الحرة الصادقة المعبرة, صاحب الصمت والوقار, صرعه مرض السكري, ولم يستطع السير بقدمه المهددة بالبتر, لم يطلب مني الكتابة عنه لاستعطاف أحد, ولم يطلب من غيري الذود عنه, فهو شديد الحساسية, واكبر من كل المسميات, ولا يرتجي خيرا من الذين خذلوا قبله السياب وتركوه وحيدا في مشواره الأخير, فرافقه المطر, يشيعه إلى محطات الحسن البصري, خذلوا السعيدي (عطا), والسعيدي (يعرب), واضطهدوا الأحمدي (كاظم), وتنكروا لعبد الرزاق حسين. .
أكمل حسين عبد اللطيف عقوبته الشاقة في القرى البعيدة والضواحي النائية من دون أن يتذمر من تنقلاته اليومية المرهقة بين مدارس القصب والبردي في ظلمات الأهوار والمستنقعات الجنوبية, عاش متعففا في البصرة من دراهم راتبه التقاعدي الشحيح من دون أن يتزلف لأحد, لأنه لم يكن من أصحاب الوجوه السبعة. .
تسلح بالصمت والصبر تحت وطأة الانقلابات المتعاقبة, ونكبات الحروب المتوالية, كان شاهدا على الأنهار النازفة من جسد ذات الوشامين, لكنه ظل رافضا للعنف والقتل والإلغاء, ورافضا لحروب الآلهة, ورافضا جنون الطوائف والمذاهب, ورافضا التحزب والتعصب والظلم. .
يرقد اليوم على فراش المرض, في مواجهة جيوش السكري, التي تسللت إلى أطراف قدمه, ومما يزيد الألم في حالة هذا المفكر الصابر, إن المؤسسات الثقافية العراقية لا تريد (على ما يبدو) أن تمد له يد العون, وربما لا تدري بما آلت إليه أحواله الصحية, في حين لاذت منظمات المجتمع المدني بالصمت المطبق وكأن رعاية الأدباء والشعراء لا تعنيها وليست من واجباتها. .
المشكلة ان شاعرنا ينتمي إلى فئة منعزلة من المثقفين, من الذين لا يعرفون كيف تجمع الأموال, ولا يعرفون كيف تدخر الدراهم, ولا يجيدون أساليب (اللغف), ولطالما اعترف السياب في غربته بفشله بجمع المال, فقال:
مازلت احسب يا نقود, أعدكن وأستزيد
مازلت أنقص, يا نقود, بكنّ من مدد اغترابي
مازلت أوقد بالتماعتكن نافذتي وبابي
وا حسرتاه متى أعود إلى العراق
وهل يعود من كان تعوزه النقود ؟
وكيف تدخر النقود ؟
مات السياب في المرافئ البعيد في اليوم الذي قررت فيه (مصلحة الموانئ العراقية) إجبار أسرته على إخلاء داره في المعقل, فحملوا نعشه في طريق يؤدي إلى مقبرة الحسن البصري في يوم ممطر, وعادت أسرته إلى (جيكور) في طريق آخر, فأرسلت مفاتيح الدار الحكومية إلى (المصلحة). .
يرقد اليوم حسين عبد اللطيف, وعطا السعيدي على فراش المرض, غير قادرين على تدبر تكاليف العلاج, ويقبع الأديب الكبير عبد الرزاق حسين في صومعته القديمة في أزقة حي (الخليلية) بالبصرة, غير قادر على تحسين أوضاعه المعيشية البائسة, ويعتكف الأستاذ إحسان وفيق السامرائي ببيته القديم في العباسية, غير قادر على تدبير تكاليف طباعة مخطوطاته الأدبية, في حين يقف العراق اليوم بقوته النفطية العظيمة خارج التغطية. .
في العراق لا يهم أن تكون مفكرا مرموقا, ولا أديبا بارعا حتى تلقى الرعاية والعناية, المهم أولا أن تكون منتميا للكيانات الحزبية المسيطرة على مصادر القوة والسلطة والمال, وليس المهم ما تحمله من عبقرية ومواهب ومهارات وقدرات أدبية أو علمية حتى تنعم بالعيش الرغيد, المهم كيف تستفيد من ذكائك في التسلل الى المناصب العليا والمراتب الرفيعة, وليس المهم أن تكون صادقا في تعاملك مع الناس, مستقيما في سلوكك الاجتماعي, حريصا على مستقبل بلدك, المهم أن تجيد التملق والتزلف, وإلا بماذا تفسرون اختفاء الكاتب (عبد الحسين الغراوي) من شقته الكئيبة في العشار ؟, وكيف غادرنا القاص الكبير (محمود عبد الوهاب) ؟, وبماذا تفسرون الأوضاع المزرية لأدباء البصرة ؟, وبماذا تفسرون هذا الفقر المدقع الذي يطاردهم اليوم, ويضيق عليهم الخناق ؟؟. .
عاش (محمود عبد الوهاب) وحيدا في شقته بقرية (مناوي باشا), لم يجد من يلجأ إليهم في أيامه الأخيرة بعد الثمانين, غير القاص الكبير (محمد خضير), والكاتب الملهم (جاسم العايف), كان في أمس الحاجة إلى من يعتني به في شيخوخته, فاختار بيت (العايف). .
اعتنت به الحاجة (أم وضاح) زوجة (العايف), فوفرت له هذه المرأة البصراوية الأصيلة العناية والرعاية على الرغم من ضعفها وعجزها, مكث عندهم بضعة أيام, ثم غادرهم في رحلته الأخيرة إلى المستشفى التعليمي في الخورة, حيث فارق الحياة على ضفاف شط العرب, تاركا وراءه عصاه التي يتكأ عليها, وقصيدة ختامية, طبعها له الشاعر البصري (كاظم اللايذ), كانت بعنوان (الحب في زمن العافية). .
في البصرة يعيش تجار الخردة والسكراب في أرقى المنتجعات والفلل, ويختفي أدباؤها بالطريقة, التي رحل فيها آخر رجال الموهيكانز, أو يموتون وحدهم ليلتحقوا بقافلة مالك بن الريب. .
يرقد (حسين عبد اللطيف) في بيت مؤجر في حي العباس من ضواحي (الحيانية), وينام (السعيدي عطا) في كوخه القديم قرب مكبات القمامة في (الحيانية) أيضا, بينما يجلس عبد الرزاق حسين على حصيرة البردي في درابين (الخليلية).
فهل صارت (الحيانية) و(الخليلية) هي المنافي الأخيرة لأدباء البصرة ومثقفيها ؟؟, وهل أعلنت البصرة رسميا تخليها عن أدبائها ومفكريها, وأبدت اهتمامها بذوي القبعات البرتقالية من العاملين في شركات الاستثمار النفطي, ومن الباحثين عن أنهار المال في حقول الذهب الأسود ؟؟. .
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)