الجمعة، 15 فبراير 2013

معمل سجاد الحلة اليدوي ...أنتاج نوعي مميز !!!-حامد كعيد الجبوري



معمل سجاد الحلة اليدوي ...

أنتاج نوعي مميز !!!
حامد كعيد الجبوري
كثيرون يفخرون بتاريخهم وأرثهم التراثي والحضاري ، وبابل الفيحاء تفخر بتاريخها وتراثها و بصناعاتها النسيجية اليدوية أيضا ، وتشتهر مدينة ( الحمزه ) بصناعة ( البسط ) التي تفرش في البيوت والدواوين العشائرية ، وتشتهر الحلة أيضا بمجموعة كبيرة من النساجين ، ويسمونهم العامة ( الحياج أو الحياك ) ومفردها حائك أو ( حايج ) ،  ولدينا أسر حلية يلقبون ب( آل الحايج ) ، وسابقا الحياكة عبارة عن حفرة ( جومة ) وملحقاتها من ( نبوب ) وغيرها ، وعند وضع الخيوط على أخشاب معينة فالخيوط العمودية المقابلة لصدر الحائك  يسمونها ( السده ) ، وأما الخيوط التي تنزل بشكل أفقي مع صدر الحائك تسمى ( لحمة ) ، والنساجون يختصون بمهن كثيرة للنسيج ، فمنهم من ينسج ( العباءة ) الرجالية ، ومنهم من يصنع ( البسط ) ، ومنهم من يصنع ( الشف ) وهو عبارة عن خيوط غليظة مصنوعة من الصوف تستخدم كغطاء للنائم شتاءا ، ويختلف النساجون بمهاراتهم وكل حسب سرعته  وإتقانه عمله وأنواع الأصواف أو الوبر – شعر الإبل - الذي يستخدمه ، ومن يتابع عمل هؤلاء النساجين يجد أن الحجم الذي ينتج قليل جدا مساحة وعددا ، وأعني بالمساحة هي قياسات ذلك المنسوج اليدوي لأن ( الجومة ) لا يتجاوز عرضها عن 90 سم ، ولكننا حين نلاحظ صناعة السجاد اليدوي الإيراني نجد مقاساته كبيرة وهذا متأتي من تحويل تلك الحفرة ( الجومة ) الأرضية الى ( جومة ) عمودية أو ما أصطلح على تسميته علميا ( النول ) ، والسؤال كيف ذلك ؟ ، وجوابه بسيط وسهل حيث أنهم يضعون أعمدة خشبية أو حديدية وفق المقاسات المطلوبة ، والنساج يجلس على أريكة ويعمل أكثر من شخص على هذه الآلة الجديدة ، ولكن الحفرة ( الجومة ) لا تستوعب إلا عاملا أو نساجا واحدا فقط ، وربما يتناوب أكثر من نساج على تلك ( الجومة )  ، وهذا ما وجدته في معمل السجاد اليدوي الحلي ، بمعنى أن ( الجومة ) الأرضية الصغيرة حولت الى نول ممكن التحكم بعرضه حيث ما يشاء النساج 1 م ، أو 3 م ، أو أكثر حسب المقياس المراد صنعه ، والمعمل بثلاثة قاعات ضخمة وفي كل قاعة مجموعة من النول العمودي  ( الجومة ) وتعمل على كل نول أكثر من نساجة كل تجلس على اريكتها ( مسطبة ) المتشعبة من ذلك النول  ، وفي كل قاعة بحدود 40 عاملة نساجة ، ولكل قاعة مراقبة خاصة لتشرف على العمل أولا وعلى نوعية الإنجاز ثانيا ، ورافقتني بزيارتي لمعمل السجاد اليدوي المشرفة النوعية لمعمل السجاد الست ( رباح حمزه محمد ) وكانت عارفة بكل خبايا عملها الممتع والمتعب ، في القاعة رقم 1 وجدت الكثير من القطع التراثية النسيجية التي تعمل عليها النساجات ، وسمعت من أحدى النساجات ( نورية محمد عكروك ) ولها خدمة بحدود 11 سنة أكثر من شكوى ، وشكواها تخص عملها لأن الكهرباء متواصلة في القطع ولو استعاضوا بالمولد الداخلي فسيخسرون التبريد صيفا ، والتدفئة شتاءا لأن عملهم بقاعات كونكريتية كبيرة وسقوفها من الأسمنت ، وتشتكي أيضا من قلة الرواتب حيث أن رواتب النساجات تتراوح من 350 _ 450 الف دينار وهو مبلغ لا يغطي حاجة العائلة العراقية حاليا ، وأكدت المشرفة على القاعة الست ( سعاد محمد جاسم  ) ما قالته زميلتها النساجة وأضافت أن أغلب بنات المعمل  يصبن بأمراض في المشيمة بسبب جلوسهن القرفصاء لنسج ما يطلب منهن ، وتضيف أيضا أن المتزوجات من النساجات يتأخرن كثيرا بالحمل بسبب هذا المرض ،  وفي القاعة الثانية التي تشرف عليها الست ( نعيمة عيسى ) وجدت عملا نسيجيا غاية بالروعة وهو مرقد الإمام علي بن أبي طالب ( ع ) ، والذي ينسج على قطعة مساحتها 1م  x78  سم وهو من عمل النساجة  ( حنان ناجي ) ، والقطعة التي تعمل عليها تستعمل لها الحرير الطبيعي  ، وقطعة أخرى بنفس الحجم لقبة الإمامين الكاظمين عليهما السلام ،  وسجادة أخرى بنفس القياس تقريبا للقيثارة الشهيرة ، وفي القاعة رقم 3 ومشرفتها الست ( سحر محمد ) وجدت ان هناك نساجات يعملن لإنتاج البسط الصوفية التي تفرش في دواوين ( مضيف ) شيوخ العشائر  ، واصطحبتني السيدة المشرفة ( رباح حمزه محمد ) لزيارة المخزن المخصص لحفظ هذه المنسوجات ، ومسئولة المخزن الست ( أزهار عبد الحسين ) ، وفي خزانتها أطلعتني على أعمال غاية في الروعة من عمل نساجات المعمل ، إضافة الى السجاد اليدوي الذي ينتج وبقياسات وأحجام مختلفة ، وتشكل لدي جملة أسئلة لا أجد أجابتها إلا عند مدير المعمل وفعلا وجدت الرجل متابعا وشغوفا لعمله واستخلصت منه الكثير ، المهندس ( كاظم محمد العوادي ) واكب المعمل منذ تأسيسه تقريبا و سبقه اثنان من المدراء ، ويقول السيد العوادي أن المعمل أسس عام 1993 م ، وتولى إدارته عام 1994 م ، وكان المعمل فترة النظام المجتث يسلّم كافة المنتج من سجاد وغيره الى وزارة الصناعة وهي التي تتولى عملية بيعه لمن يرغب في الشراء ، وبعد سقوط الصنم تغيّر الحال في تصريف منسوجات المعمل وبقيت مركونة في مخزنها ، وحصلت موافقة وزارة الصناعة على البيع المباشر للمنتج اليدوي ، وبرز هنا عمل السيد مدير المعمل وتحرك بصورة خاصة مع العتبات المقدسة وفعلا تم التعاقد معه لعمل قطع نسيجية تمثل مقام أمير المؤمنين علي (  ع  ) ، أو المراقد المقدسة الأخرى كالإمامين العسكريين ( ع ) ، والإمامين الكاظمين ( ع ) ،  ومرقد الإمام العباس ( ع ) ، والمراقد الأخرى ، وهنا بدأ النشاط يدب في أركان المعمل وخاصة أن علمنا أن القطعة الواحدة تحتاج لأكثر من ثلاثة أشهر لإنجازها ، وأن حصل هناك ما يسمى بالحوافز فيمكن اختصار هذه المدة لشهرين ، ناهيك أن طلبات كثيرة بدأت تصل من المواطنين لاقتناء مثل هذه القطع النسيجية اليدوية ، ولأن الفترة الزمنية لإنتاج هذه القطع ليست بالقليلة لذا أرتفع سعر مترها المربع ، والقطع التي تنسج من القطن والصوف الملون يباع المتر المربع من 200 --450 الف دينار ، والقطع التي تنسج من خيوط القطن مطعمة بالحرير الطبيعي فالمتر المربع يباع ب 750 الف دينار ، ويقول المهندس السيد كاظم الآن بدأ بعضا من أعضاء مجلس محافظة بابل والمحافظات الاخرى  ، ومن الإدارة المحلية لحكومة بابل زيارة المعمل والتعاقد على منسوجات تراثية عراقية تقدم كهدايا للوفود الرسمية التي تزور المحافظة ، أو لأخذها كهدية الى الدول التي تزار من قبل المسئولون في محافظة بابل ، ويقول السيد مدير المعمل أن السيد رئيس هيئة استثمار بابل المهندس ( علاء حربه )  خرج وفدا لإحدى الدول الأوربية مع مجموعة كبيرة من المسئولين العراقيين ، وقدم هؤلاء الأشخاص هدايا الى الدولة الاتي ضيفتهم وكانت المفاجئة أن قدم المهندس ( علاء حربه ) قطعة نسيجية تمثل باب عشتار التي أدهشت الشخص الذي أستلمها واعتبرت أجمل هدية تقدم له ، ويضيف السيد العوادي مدير المعمل أن غرفة تجارة بابل دأبت على شراء منسوجات المعمل التراثية لتقديمها كهدايا الى زوار غرفة تجارة بابل من الدول العربية ومن دول العالم أيضا ، ويتمنى السيد مدير المعمل على تجار مدينة بابل ومواطنيها اقتناء مثل هذه القطع التي تعتبر غاية في الجمال ، وجودة المنسوج اليدوي .   

ليست هناك تعليقات: