الأربعاء، 30 مارس 2011
النقد السياقي-دراسة-الجزء الثاني
النص الأدبي والمساءلة النقدية - النظرية والمنهج(4) لقد استطاع الانفجار النقدي الحداثي خلال العقود الثلاثة الأخيرة. أن يقلب الكثير من المفاهيم والمناهج التي سادت خلال القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين وأن يعيد صياغة الرؤية النقدية على ضوء جديد بفضل الكشوفات التي حققتها الدراسات الألسنية والسيميولوجية والأسلوبية في مجال النقد الأدبي والتي تمثلت في اتجاهات كالبنيوية والتفكيكية والهيرمنيوتيكية واتجاه نقد القراءة والتلقي والنقد السوسيولوجي الجديد وما إلى ذلك. إنّ الاهتمام الكبير بمفهوم النص وعلاقاته المتعددة بدءاً بأدبيته وشعريته إلى العناصر الخارجية ما زال يثير كثيراً من الجدل والتركيز خصوصاً بما يتصل به من عناصر كالمرسل والمتلقيّ والتلقيّ والسيّاق والمرجع والتأويل والتناص والتفسير وباللسانيات، كما أثرى الممارسة النقدية بالمفاهيم والأفكار وخصوصاً في مجال الكتابة الشعرية. ذلك أنَّ الإعلاء من سلطة النص في ظلّ هذا المفهوم الواسع غير المحدَّد الذي ينفي كل إجناسية ينتج جنساً خاصاً بالنص الشعري المعاصر فيه كثير من المزالق التي لا يتفطن إليها كثير من الشعراء من خلال هدر طاقات شعرية حقيقية وتعريض بعض التجارب الشعرية إلى الاضطراب بسبب التفريط في قيم الشعر الجوهرية تحت ستار النص. بينما يدفع مصطلح النص الفضفاض بالقصيدة، الحديثة إلى متاهات خطيرة يمكن أن تفقد فيها أجناسيتها وبالتالي شعريتها وهو ما يمثل خطوة ارتداد على مستوى الشعرية- إلى الوراء وليس خطوة إلى الأمام. هذا التنبيه من باحث وناقد يدلّ دلالة واضحة على أهم إشكالات الكتابة الجديدة التي واجهت النقد وجعلته يتخذ في أفضل حالات المواجهة موقع الوسط في الترحيب بهذا الجديد وفي الوقت نفسه إحاطة ذلك بنوع من الحيطة والحذر خوفاً على ضياع المألوف. في الثقافة العربية المعاصرة وفي خطابها النقدي تتضارب المبررات والمسوغات في قراءة النص الإبداعي بين إقصاء المؤلف وقتله وبين الاهتمام به وبسيرته وحياته في الدراسة والتحليل كما قدمته القراءة السياقية وجعلته مدخلاً لفهم وتفسير العمل الإبداعي. وتقودنا الدراسة إلى البحث عن خطوط التقاطع مع الثقافة الغربية وأطروحاتها النقدية في مشروعية الاشتغال النقدي بما تقدمه هذه الثقافة من مقولات وخطابات لها مرجعيتها الفلسفية المشكلّة للعقل الغربي في واقع أنتج مسار التطور الطبيعي من قراءة لأخرى، قد لا نجد مبررات هذا الواقع في فضاء الثقافة العربية، ومن ثمّ تساءل عن دوافع ومسوغات القراءة النقدية. المعاصرة للإبداع العربي سواء السياقية منها أو النسقية بكل اتجاهاتها. وماهي الإجابات التي قدمها الناقد العربي لتبرير انفتاحه إلى درجة الخضوع. لسلطة المفهوم الغربي للمنهج والإجراء التطبيقي؟.. وهل ذلك كان استيعاباً أم استهلاكاً؟ وماهي البدائل التي يطرحها للخروج من مأزق المساءلة التي أبانت عن كثير من الفجوات في الرؤية النقدية والتعسف في تطبيق المنهج النقدي تحت تأثير عدم التمثل الكامل لفلسفة المنهج وخلفيته المعرفية وعدم القدرة على تبييء المفاهيم والمناهج النقدية الغربية في حقل ثقافتنا العربية؟... بعض الكتابات النقدية المعاصرة استنسخت الجانب التطبيقي وراحت تمارس عملها النقدي دون الوقوف على النظرية وظلالها وفلسفتها ومناقشة خلفياتها ومبررات نشوئها في مرحلة معينة من تاريخ النقد الغربي، وكأنّ ما توصلت إليه هذه النظرية من نتائج أصبح من المسلمات التي لا تناقش وإنما يكفي الاشتغال النقدي على النصوص الأدبية مهما كانت هويتها، فمثل هذه القراءات العربية لم تشترك في الجدل النقدي حول مسألة موت المؤلف وإنما اكتفت بتقديم تحليلاتها للنصوص خالية من الإشارة إلى مبدعيها وسيرهم إيماناً منهم بسلطة النص وعدم جدوى الالتفات إلى حياة المبدع تحقيقاً لقراءة نسقية. وإذا رحنا نتتبع التأثيرات الثقافية والنقدية التي وقع تحت سلطتها كثير من النقاد العرب، فتباينت اتجاهاتهم في الممارسة النقدية ابتداء من العصر الحديث الذي سادت فيه القراءة السياقية بتعدد أبعادها ومستوياتها كما أشرت سابقاً نجد آثار هذه المناهج متسللة بشكل واضح في البنية الثقافية للنقاد الذين قرؤوا الأدب العربي قراءة إسقاطية، فكانت الدراسات التي أرخت للأدب العربي انطلاقاً من نظريات سانت بيف التي جعلت من حياة المؤلفين وانتماءاتهم وأعراقهم مرتكزاً في تحليل النصوص الإبداعية، وعلى هذا النحو سار جرجي زيدان في كتاباته الأدبية التاريخية، أما العقاد والنويهي فقد اتخذا من نفسية الأديب ومواقفه السلوكية متكأ في فهم العمل الأدبي تأثراً بالمنهج النفسي مما دفع بالناقد مصطفى ناصف إلى الدعوة إلى تحرير النص الأدبي من الظلال النفسية لصاحبه: الاهتمام بالشاعر أو الإنسان له مخاطر جمة، وبعض الدارسين –مثلاً- يعنيه من أمر بشار إيمانه أو إلحاده، ويعود فيقرأ الشعر من أجل الإجابة عن هذا السؤال. حقاً قد يكون في هذا الشعر ما يثير السؤال عن إيمانه، ولكن اهتمامنا، بالشعر-أولاً- سوف يجعله أكبر من مجرد الإجابة عن أي سؤال من هذا القبيل وليس ضرر العناية بحياة المؤلف، وعقائده مقصوراً على إهمال الشعر من حيث هو شعر، ولكنه يتجاوز هذا كما وضحنا إلى خلط الشخصية وظروفها بالأحكام التقييمية.(1). وفي هذا القول إشارة إلى إقصاء المؤلف، وإن لم تكن دعوة صريحة فإنّ آثار التأثر بمقولات النقد الغربي جلية وخاصة في تفريقه بين المقاربة النصية والقراءات السياقية، غير أنَّ الدعوة الجديدة إلى الأسلوبية التي اعتمدت في التحليل على حياة المؤلف، انطلاقاً من تلوّن الأسلوب بملامح شخصية الكاتب، وبالتالي يمكن تصنيف مثل هذه القراءة ضمن الإطار العام للقراءات السابقة، والتي تعاملت الوثيقة. مع النص/ أما الناقد عبد السلام المسدي المتأثر بالبنيوية الأسلوبية فقد رأى في النص الأدبي وإن كان وليداً لصاحبه، فإنّ الأسلوب هو وليد النص ذاته، لذلك يستطيع الأٍسلوب أن ينفصل عن المؤلف المخاطب، لأن رابطة الرحم بينهما حضورية في لحظتي الإبداع والإيقاع، وهذا المنظار في تحديد ماهية الأسلوب يستمد ينابيعه من مقومات الظاهرة اللغوية في خصائصها البارزة ونواميسها الخفية(2). لم تنتظم الممارسة النقدية العربية المعاصرة بشكل كامل في وعينا النقدي والثقافي وإنما انتزعت من أسيقتها المعرفية، وجرّدت من خلفياتها الفلسفية، ودخلت إلى حقل النقد كأدوات وطرق إجرائية، فمقولة موت المؤلف في التفكير العربي وليدة التأثير الغربي في الثقافة النقدية العربية، هذه الثقافة التي احتفت بالإنسان وأولته العناية الفائقة في الدراسات بمختلف موضوعاتها بوصفه محور الكون بعد الإرادة الإلهية، أما في الثقافة المعاصرة فإن هذه المسألة تبقى في مجال التساؤل وخصوصاً في الدراسات التي اهتمت بالجانب التنظيري. ومن الدراسات التي احتضنت فكرة موت المؤلف رأت في الأعمال الإبداعية التي بقي مؤلفوها مجهولين خالدة وعظيمة، وغيابهم رسّخ حضور أعمالهم، هذا الغياب ينسي جانباً هاماً أ ثناء القراءة التي تبقى مفتوحة على التأويلات دون الخضوع لسلطة التوجيه المسبق من خلال البحث عن هوية المبدع. ومن هنا بدأت الثقافة النصية تجد طريقها إلى نقدنا المعاصر مع التأثر بأعمال رولان بارت ونقاد مابعد البنيوية الذين أشاعوا مفهوم الكتابة الذي يقصي أي علامة خارجية ويكتفي بذات النص وبالقارئ بدلاً من الكاتب. وإلى جانب المثاقفة النقدية، كانت المبالغة في تأكيد الصلة بين المبدعين وأعمالهم بشكل لا يخلو من تعسف، وبدون دوافع حقيقية تمت إلى الإبداع بصلة قرئت الأعمال الأدبية تحت سلطة تأثير حياة مبدعيها في هذه القراءة النقدية، إلى جانب المبرر السلطوي المؤسساتي الذي أقلق الشاعر بإكراهات الإغراء أو الإقصاء مما جعل الشاعر يختار التخفي والغياب ضماناً لحريته الإبداعية، ومن هنا كان موت الشاعر في الثقافة العربية أمراً واقعياً. وقد كانت الإبدالات التي تحققت في بنيات القصيدة العربية الحديثة والمعاصرة كالتخلي عن شعر المناسبات أزاح حضور الشاعر والإعلان عن هويته وإنما كتبت القصيدة للقارئ العنصر الحاضر في بنائها ولا قيمة لمبدعها الذي أشرك في عمله صوت قرائه، وهنا يتحقق موت المؤلف الذي يعرّفه إلياس خوري بقوله: شيء يموت وينقرض، علاقة غامضة بين الذي كان واحتمالاته، وهو لذلك لا يتكلم عن نفسه إلا في اللحظة التي يلغي فيها ذاته، ولا يكتب إلا حين ينكتب في النص المفتوح الشارع(3) الملقي في مع جماعة الديوان يختلف تلقي المتن الشعري الإحيائي عن التلقي في النقد الكلاسيكي، الذي وجد في حياة المؤلف مطية لتأكيد شعرية النص وبالأحرى تفوّق الشاعر وعبقريته إذ كان الشاعر مقدّماً على شعره ومن ثمّ اتجه هذا النقد إلى إلحاق الألقاب بالشعراء كأمير الشعراء وشاعر النيل و.. فكان رد فعل نقد جماعة الديوان استجابة لهذا التلقي السياقي، فانعطف بالدراسة نحو النص بحثاً عن جمالية الشعر دون أن يأبه بالشاعر في كثير، وليس ذلك تقليداً لأطروحات النقد البنيوي في الثقافة الغربية، فإن النقد العربي كان متقدماً عليه ولكن بمبررات أخرى ودوافع أملتها السياقات الثقافية العربية لا علاقة لها بالخلفية المعرفية للنقد البنيوي، وبهذا المفهوم فإن النص الخالد والحداثي بخاصة، ليس في حاجة إلى أب يمنحه شهادة الميلاد، ويعلن انتسابه إليه، وينفي عنه أن يكون لقيطاً، ويدفع عنه تهمة التهجين(4). وفي المؤلفات التي اهتم أصحابها بجمع ما أبدعته قرائح الآخرين دون ترك لمسات من قرائحهم تتجلى فكرة موت المؤلف الذي يهمش ذاته أثناء الكتابة ليفسح فضاءها للآخرين، وهذا ما يؤكده الناقد أدونيس الذي يرى بأنّ فكرة موت المؤلف قضية دخيلة لا مبرر لها في ثقافتنا النقدية العربية بل على العكس من ذلك فحضور الإنسان بارز في تراث هذه الثقافة وفي أدبياتها الروحية بالخصوص التي تمجّد منزلة الإنسان العالية في الوجود. يقول أدونيس: الإنسان جوهرياً أعظم من ماضيه وحاضره، لأنه خالق لمصيره يضع نفسه –باستمرار- ويصنع العالم كذلك باستمرار..(5). وباعتدال في الرؤية النقدية لم ينسق الدكتور عبد الملك مرتاض وراء الطرح الغربي لمقولة موت المؤلف، بالرغم من تبرّمه من القراءة السياقية التي أبعدت النص الأدبي عن عناصره الجمالية وأغلقت أمام النقد مجالات رحبه للمساءلة التي تثري القراءة النقدية وتغني النص في حدّ ذاته، فبقدر ما يدعو إلى استقلالية النص الإبداعي نراه يعطي للمؤلف مكانته في العملية الإبداعية إدراكاً منه لخطورة الانسياق وراء أطروحات النقد البنيوية في هذه المسألة التي لا تجد مسوغاتها الفلسفية في ثقافتنا العربية، ومن جهة أخرى فهو يدرك خصوصية السند الثقافي العربي كمرجعية في إعطاء المؤلف حقه في العملية الإبداعية والنقدية على السواء. يقول: فالمبدع سيد إبداعه وصاحبه لا ينازعه فيه مجتمع ولا زمان، ولا بشر على الرغم من إيماننا بفكرة التناص(6). ونفس الاتجاه يدعمه الناقد فاضل ثامر الذي يؤكد على انتماء النص الأدبي إلى صانعه وأن مقولة موت المؤلف ليست سوى مغالطة نقدية غير متماسكة أبداً، فالنص الأدبي ظاهرة معقدة مرهونة بمجموعة من العوامل السوسيولوجية والتاريخية والسيكولوجية والثقافية معرض حديثه عن الممارسة(7). وفي السياقية التي لا يمكن اختزالها إلى عامل واحد النقدية أثناء مواجهتها للنصوص الأدبية، ويرى أنَّ العملية النقدية يجب أن تتحرك بيقظة ومرونة بين مختلف مقومات الظاهرة الأدبية وعناصرها وبشكل خاص بين المؤلف والنص والقارئ –دون أن تهمل السياق والشفرة وقناة الاتصال- من أجل استخلاص الرؤيا الإبداعية للنص أو للمبدع وأنّ أية معالجة مغايرة سوف تسقط لا محالة أسيرة الفهم الأحادي القاصر والنظر بعين واحدة.(8). التناص هذا المصطلح الذي عمق من مسألة قتل المؤلف وإقصائه انطلاقاً من تعريف النص بأنه مجموعة من النصوص المتداخلة فيما بينها، لا وجود لبداية أولى في الكتابة الإبداعية، ولا وجود لكتابة تبدأ من نقطة الصفر، فالنصوص سابقة للنص ومتداخلة فيه مما يزيح سلطة المؤلف ويلغي ادعاءه بانتماء النص إليه أو تبنيه. فالتناصية Intertextualite تذهب إلى أن فهم النص يحتاج إلى الرجوع إلى عشرات النصوص التي سبقته، وأسهمت في خلقه ودور القارئ ينحصر في عملية الاستحضار لمجموع النصوص المتداخلة مع النص المقروء، وتبرز فاعلية القراءة في إحالتها على قراءات أخرى سابقة عليها وفق جدلية الغياب والحضور بين الدال والمدلول. تباينت الرؤى في الكتابات العربية المعاصرة حول قضية موت المؤلف وخصوصاً التي آمنت بالمنهج البنيوي إلى درجة تبني الموقف المعارض، نجد في دراسة الشعر الحداثي ما يؤكد هذا التوجه، وعلى هذا النحو نلفي ديزيره سقال وهو يقارب نصاً شعرياً حداثياً يصرح: إننا لا نؤمن بفصل النص عن الذات، أو التاريخ على النحو الذي قال به البنيويون. وينطلق ماجد السامرائي من الخلفية الحياتية(9) للشاعر السياب وهو يدرس شعره قائلاً: نستطيع فهم روحه القلقة، كما نستطيع فهم تطورات شعره، وتحولاته على نحو يهدينا إلى أغوار تجاربه، ويساعدنا على تفسير إبداعاته تفسيراً دقيقاً وصحيحاً، وبالتالي يمكننا من التعرف على الركيزة الأساسية لحياته الشعرية(10). في النقد الأدبي العربي الحداثي برزت النصانية التي اتخذت من تحليل النصوص منهجاً بديلاً عن البنيوية، كما نجد ذلك عند الغذامي الذي يتبنى هذه النصوصية انطلاقاً من النقد الألسني، ويتوسل التشريحية كأداة إجرائية في مقاربة بنية النص الداخلية، وقد برّر الغذامي موقفه ودافع عنه إلى درجة تبرير مسألة المثاقفة مع النقد البنيوي الغربي بأنها تمتلك مشروعيتها لأن الإبداع عمل إنساني وتبقى مهمة الناقد منحصرة في تبييء المصطلحات الوافدة إلى ثقافتنا حتى تأخذ دلالات جديدة. فإقصاء المؤلف من العملية النقدية هو تأكيد على النصوصية وليس البنيوية كما يرى ذلك الغذامي، فالنصوص هي التي تفسر بعضها ومن ثمّ وجب إبعاد العوامل، الخارجية عن النص، فالسياق الخارجي لا يمكن أن يحدد علاقات النص الداخلية لأن النص قد تجاوز هذا الخارجي، ومن ثمّ فقد تحرر منه، واستقل عنه بوجود جديد ينبني عليه عالم جديد(11). ومما تقدم تطرح جمالية التلقي سؤالها حول التفاعل في القراءة –متى يصير فعلاً-؟.. حينما تندمج ذات القارئ بالمقروء وينتقل النص إلى شعوره يكون بذلك قد عبّر القارئ عن تفاعله، وتحققت لديه متعة التجاوب مع النص في عملية اللعب بشبكة نسيجه اللغوي والبنائي، وبهذا يساهم فعل القراءة في تحريك أشكال المعنى تبعاً للمتحكمات التي تجعل فعل القراءة لا ينجز مرة واحدة ومنها العاملان الأساسيان القراءة بوصفها إجراء تواصلي وتتعدد في فترات تاريخية، فهي قائمة –على التعدد والاختلاف، فهي تقتضي أفعالاً متعددة. أظهرت التحليلات في مجال نظرية القراءة أن الظروف النفسية والاجتماعية –والبواعث التي تحيط به هي التي توجه القارئ أثناء القراءة، فهي التي تنشئ الاختلاف من قارئ إلى آخر، وتعطي للقراءة مستويات. وانطلاقاً من ثنائية الذاتي والموضوعي في علاقة القارئ بالنص الجمالي اقترحت وهذا جمالية التلقي مفهوم Intersubjectivité التأكيد دور الذوق والذاتية التذاوتية في عملية التأويل تأثراً بفلسفة هو سر الذي يتبنى قصدية المعرفة، ومن هنا يستند المتلقي على تجربته الجمالية في فهمه للعمل الأدبي. إن ما تدعوه جمالية التلقي بالتذاوتية هو مفهوم مرادف للتأويل في نظر –ياوس-، وعليه فإن القارئ قد ينفي استعداداته الفردية في فترات لاحقة من قراءة النص وأن تأويلات القارئ مرتبطة بأفقه وبحاضره الحاضر في النص. وعليه فإن التفاعل المتولد من التحام النص بقارئه، فإن الواقع نتيجة لهما فهو يمثل الإضاءة التي تنير معاني النص كما يرى ذلك ياوس، وبالتالي يحدث التقاطع بين أفق النص وأفق تجربة القارئ ومن هذا التقاطع يتحقق الواقع. ومن خلال جدلية المقول والمسكوت عنه في النص يكابد المتلقي معاناة السؤال والاكتشاف فهو ينتقل من مستوى التجربة المماثلة حينما يستعيد تجربة المبدع ويتمثلها وكأنه وجد نفسه في النص، ثم ينفتح على أوقاع أخرى تتوالد من مساحات البياض أو الفراغ الباني والتي تجعل المتلقي في توتر وقلق السؤال
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
هناك تعليق واحد:
السلام عليكم
دراسة ثرية ممتازة...
هل يمكن رجاء ذكر مؤلفها وإن أمكن، مصدرها الصلي؟
مع خالص المودة
إرسال تعليق