بحث هذه المدونة الإلكترونية

مرات مشاهدة الصفحة في الشهر الماضي

الأربعاء، 2 مارس 2011

الصورة كيان وجودي في صور ناصر عساف-الدكتور كاظم نوير



الصورة كيان وجودي
في صور ناصر عساف

الدكتور كاظم نوير
لم تكن تجربة ناصر عساف الفوتوغرافية نتاج مصادفة او صدفة او نزوة عابرة ، بل هي نتاج خبرة طويلة وعشق لم ينته منذ صباه ، وهذه الخبرة هامت مع روحه التواقة للجمال في كل تجلياته ، الرسم، النحت، الجمال الطبيعي ، المرأة00 ولهذا فأن فن الفوتوغراف يوفر له الفرصة للإطلالة اليومية لهذا الجمال، فالكاميرا عين مفتوحة على مكامن الجمال في هذا الكون ، وهذا الجمال بالرغم من وجوده وكثرته لكنه لا يمنح جواهره الا لمن اشتاقت روحه له وتعشقت مع موسيقاه ،فالروح الجمالية لا تهدأ الا بعد طوافها يوميا حوله 0
لقد بدت كاميرا او صورة عساف عنيدة في ملاحقة الجمال في الطبيعة والاشخاص والمجردات ،بأشكال ذات اوجه مختلفة، وخطابات عدة، لكنها في فصلها الاخير تصطبغ بدراما عرقيتنا ، وتطرق ذاكرتنا مرات عديدة حتى تفيق بآهات تاريخنا العراقي ،جمالنا في العراق يختلف ولهذا فالصورة عند ناصر عساف تختلف ،انها تختزن ظلاما طويلا 0 فهي قريبة جدا من صراعنا المستمر مع الظلام ،فالطغاة وحروبهم المستمرة ضدنا ،وهكذا فالصورة عنده اما حدث او لحظة زمانية لا تتكرر، او صراع بين الظلمة والضوء ،ونتاج هذا الجدل هو لحظة وجود وحياة جمالية عابرة وخالدة في آن ،عابرة كونها لحظة من الوجود ،وخالدة كونها لحظة وجودية لصراع الذات وارادتها0
وخلود الصورة عند عساف هو خلود لأرادتنا الانسانية، وعرض اجتماعي لحضارتنا المقترضة في عالم تحول كله الى صورة او صور يتلاعب بها الفنانون ،فتتحول الى مجتمع او حضارة او حتى نظام سياسي واقتصادي 0
ان لحظتي الخلود والزوال هما سبب اثراء حقيقة وجودنا ،وتلك الحقيقة هي حقيقة الصورة الفوتوغرافية ،كونه مساهما وعنصرا اساس في بناء هذا الكون البصري، الانساني المتميز 0
ان الصورة عند عساف تدفع المتلقي الى التأمل وليس فقط اثارة الاعجاب بالبراعة الفنية ، التقنية، وهي بالوقت نفسه تتثبت برائحة المكان / رائحة الجنوب /الاهوار، حيث منابع صورته الاولى – فالصورة عنده تتجاوز حضورها الاول الى حضورها الوجودي بوصفها محفزا ثقافيا ومعرفيا وجماليا للمتلقي متخطيا حواجز الواقعية التسجيلية ،الى عالم من الحلم ،فهو مصور لنفسه وللآخر ،فالصورة تحضر امام المصور بوصفها مكانا او عالما جديدا ،تحدثه وتسمعه انفاسها لتقترب منه حتى تذوب في روحه فتكون حلما باللقاء والخلق لتخلق لنفسها شوقا يظهر بوضوح في دراما الصورة 0

ليست هناك تعليقات: