الأربعاء، 15 ديسمبر 2010

اكرعوها بسلام امنين-بقلم علي السوداني


الفقيه طوطم والمرشد صامت
اكرعوها بسلام آمنين
علي السوداني
مادتان دسمتان طرزتا خريف الله هذا وشربتا جل حبر الأدباء والكتاب والكتبة العراقيين ونامتا فوق صدور وخواصر وهوامش ورؤوس مدوناتهم وصحائفهم وتلفزيوناتهم وراديوناتهم المتاحة . فأما الأولى فهي معمعة أسرار ويكيليكس وصاحبه الفتى جوليان أسانج الأسترالي فك الرب الرحيم أسره وأعاده الى دفء حضن أمه والعيال ، وهذه كتبنا لها مكتوبين فأكتفينا وكفينا ووفينا . وأما الثانية القائمة المشتعلة نارها حتى اللحظة ، فهي واقعة فرمان حاكم بغداد العباسية الذي قضى بسكب الشمع الأحمر فوق أقفال دكاكين وحانات ومانات بيع الخمرة بحجة وسند أن هذه الدكاكين لم تجدد أجازاتها . الحجة تبدو قانونية ومنطقية ، لكن تجربة السنوات الثمان العجفاوات العرجاوات ومتكأ أن العاقل لا يلدغ من زرف ثلاث مرات ، دلتنا على وجود نار نائمة تحت كل رماد حار . في الصيف البائد حظروا الغناء والموسيقى عن مهرجان بابل رغماَ عن خشم الساقية الطيبة البديعة " سيدوري " التي كانت روحها النبيلة ترفرف في الجوار . قبلها كان بدأ مسلسل تحطيم تماثيل بغداد وتفليش نصبها المدهشة لأسباب وتلفيقات دينية وطائفية وسياسية حتى وصلت فؤوسهم الآن الى معهد الفنون الجميلة والكلية المزينة بأحلى النصب والحافظة أفياؤها أروع قصص الحب وسمفونية الأزميل ، وغدا سيتوجهون بليل وبنهار الى نصب الشاعر المبدع الراحل أبي نؤاس الحسن بن هانىء ليكسروا كأسه ويسحلوا تلويحته الرحيمة . ألفرمانات لن تتوقف وستتصاعد بطريقة طردية . كلما قوي عود العمامة واللحية السياسية وزادت دنانيرها الحلال والحرام ، كلما قصفت ظهور الناس الأحرار بكفخة جديدة . بلاد الرافدين سائرة بقوة على درب ولاية فقيه وجمهورية مرشد أعلى ، وثبت عقلاَ ومنطقاَ وعلماَ - في الوصفتين العراقية والأيرانية - أن ذاك الفقيه طوطم لا يفقه وهذا المرشد صامت لا يرشد ، وسر قوتهما هو في تلك الحاضنة الشعبية المريضة المتخلفة التي علّقت مرة في رقابها " مفاتيح الجنة " وشمرت جسدها في فم المحرقة . ومن باب أنك اذا أردت أن تطاع ، فأطلب ما في المستطاع ، نقول أننا مع تنظيم وترتيب وتجميل المهنة ، وأبعاد الخمارات عن مناطق سكن ونوم الناس خاصة أن بعض السكرانين ، يتحولون في أخير الليل الى كائنات مزعجة وعربيدة وشريرة ، منهم من يضرب نديمه بالكأس ومنهم من يزوّع عند شتلات الياسمين والجوري وثالث يغني ويستلف من الحمير نهيقها ، وهذا كله سيقع تحت طائلة وعصا القانون . أتركوا تماثيل البلاد زينة فوق دكاتها العاليات . دعوا الشاربين العاقلين المسالمين في حاناتهم يسكرون والبنت الحلوة السفور في الشارع تمشي صحبة أخيتها ذات النقاب والجلباب . كونوا شجعاناَ ومنصفين واطلبو من الرعية أن لا تلطم صدورها بأكف ثقيلة وتجلد ظهورها بالحديد وتشج رؤوسها بالسواطير - حتى الأطفال لم يسلموا من هذا الطقس والمنظر البشع - فتسيح الدماء . قولوا للفقراء المخدرين بأفيون الخرافة : أن تعذيب الجسد حرام ، وأن من في جسده دم فائض فالأحسن له والأثوب أن يذهب الى مشفى أو بنك دماء فيتبرع بهذا السائل العزيز الى عليل محتاج وجسد نازف في حفلة تفخيخ وشواء وهذا سيسعد الحسين ويريحه ومن معه في جنة الله . على عناد فرمان حاكم بغداد . على عناد أمريكا الساكتة الخانسة المربية الوالدة للدكتاتورية الدينية الجديدة . سأيمم وجهي الليلة شطر حانة البيكاديللي بعمّان . سأملأ كأس عرق عملاقة وأطلب من صحبي المفكرين ، الوقوف ورن الكأس بالكأس بصحة بغداد الحبيبة . الأمر طبعاَ ليس على شاكلة أن لكم دينكم ولنا ديننا ، انما هو من باب أن الأنسان عاقل ويدري أو يعتقد بأن ثمة حياة ثانية تنطره بعد الممات ، وأن ثمة رب يرى وحين تحين الساعة ، فأن " كل لشّة ستتعلق من كراعها " ألخمرة حرام شربها ومثلها القتل والسرقة والكذب والنفاق وهتك الأعراض والتزوير والسكوت عن الحق ، وأيضاَ الخيانة وأختها العمالة وشعائرها المهينة .

ليست هناك تعليقات: