الخميس، 2 ديسمبر 2010

الثلج والنار والاغنيات-مختارات من شعر مؤيد طيب ترجمة وتقديم د.ماجد الحيدر



الثلج والنار والأغنيات
مختارات من شعر مؤيد طيب
ترجمة وتقديم د. ماجد الحيدر

عن دار الثقافة والنشر الكوردية ببغداد صدر مؤخراً كتاب جديد بعنوان "الثلج والنار والأغنيات.. مختارات من شعر مؤيد طيب" ترجمة وتقديم الدكتور ماجد الحيدر.
الكتاب الذي يقع في 80 صفحة من الحجم المتوسط يضم مختارات من قصائد للشاعر الكوردي المعروف مؤيد طيب نشرت في أزمان متفاوتة منذ سبعينات القرن الماضي مع مقدمة موجزة عن حياة وإبداع الشاعر المولود في دهوك عام 1957 الذي نشر الكثير من الأعمال الشعرية والأدبية كما نشط في السنوات الأخيرة في حقل الكتابة الإبداعية للأطفال حيث أسس ورأس تحرير مجلة "كبر" الخاصة بالأطفال التي كانت تصدر عن دار سبيريز للنشر التي يترأسها الشاعر والتي أصدرت العشرات من الكتب والدوريات والمعاجم والمجلات الثقافية والفنية المتخصصة، علاوة على كونه أحد العاملين في مجال الحفاظ على اللغة الكوردية وتطويرها بصفته عضواً في المجمع العلمي الكوردي.
يقول الحيدر في مقدمة الكتاب التي كانت بعنوان "مؤيد طيب شاعر الثلج والنار والحرية"
"لعل مؤيد طيب، الشاعر الكردي المعاصر، واحد من الشعراء القلائل الذين حققوا في شعرهم، وفي حياتهم أيضاً، ذلك الالتحام المبدع بين الخاص والعام، بين الالتزام الواعي بقضايا الشعب وهموم الشعراء اليومية منها والوجودية. إنه، وببساطة شديدة يعطينا درساً بليغاً في تجاوز هذا التناقض المفتعل بين الشكل والمضمون. ولعل من اللافت أن هذا الرجل الهادئ الحيي قد حقق، وفي سن مبكرة من حياته، شعبية وحضوراً يثيران الدهشة بين أوساط الجماهير، وأعني الناس العاديين: الطلبة، الكادحين، المقاتلين، ناهيك عن المثقفين أو الأدباء. لقد كانت قصائده تتحول بسرعة عجيبة الى أغنيات يلحنها كبار الفنانين الكرد ويرددها الصغير والكبير.. أغنيات حزينة في ساعات الإحباط واليأس والضياع، وأغنيات أخرى متفائلة، متحدية، لساعات الفرح والأمل والإصرار على الحياة. وكانت الأوراق التي خطت عليها بعض قصائده تنتقل، في سنوات الفاشية والظلام، من يد الى يد كمناشير سرية يتلقفها الناس في الشوارع والمدارس والسجون وخنادق القتال لتمنحهم الأمل والضوء والإصرار على المقاومة حتى أنه اشتكى في إحدى المناسبات من أن بعض قصائده تعرضت على يد الناس الى الكثير من التغيير والتحوير والحذف والإضافة مما يعتري الأدب الشفاهي الشعبي! ولعل العديد من الشعراء يتمنون في سرهم أن يحظوا بهذا الشرف: شرف تحول قصائدهم الى جزء من الفولكلور وهم لما يزالوا على قيد الحياة! وربما كان أقرب النماذج الى هذه الحالة في ثقافتنا العراقية شاعرنا الكبير مظفر النواب.
عاصر مؤيد طيب كفاح الشعب الكردي المرير من أجل تحطيم أغلال العبودية والفاشية؛ قلماً وبندقية، وتغنى بانتفاضات الشعب صعوداً ونزولاً، نصراً وتراجعاً. غنى للشهداء وأمهاتهم، غنى للأطفال المعدمين المحرومين من طفولتهم، غنى للمرأة أما وحبيبةً وكادحة وضحية.. حتى إذا انهزمت الفاشية وزال ليلها المظلم عن سماء كوردستان والعراق وتنفس الشعب هواء الحرية لم يتحول الشاعر الى موظف مترهل بيروقراطي آخر ممن تعج بهم تواريخ الثورات حين تنتصر وتتحول الى دول وحكومات وكيانات سياسية: لقد ظل يتغنى بالحب والحرية والسلام والطفولة، وينتقد –في قسوة وسخرية وشجاعة- كل ظاهرة سلبية أو انحراف أو ظلم أو نكران لجميل (انظر قصائده سياسيون و النهر الذي صار مستنقعاً وبابكو) لقد ظل شاعراً .. شاعراً حتى النهاية!
أن القارئ لكتابات مؤيد طيب (شعراً ونثراً وأدبَ أطفال) يكتشف على الفور تلك السمة الجميلة فيها وأعني أنها تدخل القلب دون استئذان، وتوظف أسلوباً يجمع بين اللغة الراقية والبساطة الظاهرية التي تخفي وراءها ثقافة عميقة وإلماماً ممتازاً بالتراث الكوردي العريق والأدب العالمي والعربي على وجه الخصوص، وهو في التزامه بقضايا شعبه القومية والاجتماعية بعيد كل البعد عن الانغلاق والتعصب القومي ونصير لكل الإنسانية في كفاحها من أجل انتصار الحب والخير والجمال"

يضم الكتاب 24 قصيدة تتناول هموم الحب والوطن والبحث عن الحرية وإدانة كل أشكال القمع والفاشية.. في قصيدته "تعال لنرحل..قد هجرتنا الأعين السود" يقول الشاعر يقول الشاعر مخاطباً نهر دجلة:

يا لي وهذا الصيف !
هذا القيظ وهذا العشق !
يرحل الناس
صوب الأعالي
لكننا : دجلة وأنا..
من العشق الذي به بُلينا
من هذا العشق الحارق
أضعنا طريقنا
فهبطنا .. من مصائف الأعالي !

ولأن دجلة ماءٌ .. وعن الماء يبحث
ترى الماءَ يقطع عنق دجلة.
أما أنا فعطِشٌ .. وعن العطش أبحث
ولهذا أخشى
أن أموت بداء دجلة

وفي قصيدته "تلك الرسالة التي لا تحط في بريدي" والتي كتبها من وحي الغربة يقول:

مثل أمٍّ تعود من حلبِ أبقارها
أو تترك الغسيل وتهرع
لتكشف مهد صغيرها
هكذا أجيء ..
وبكلٍ دفءٍ
أفتح صندوق بريدي !
لكن صندوقي ..
كحزامِ طلقاتٍ
لـ "ﭙيشمه رگةٍ" قبيل الصباح
فارغٌ
لا شيء فيه !

أما في قصيدته الانتقادية الساخرة "سياسيون" فيصف حال بعضهم قائلا:

بعضهم في الأعالي
بعضهم في الحضيض
بعضهم تقدميون
بعضهم رجعيون
بعضهم مقاتلون .. أشداء.. مؤمنون
وبعضهم كاذبون.
بعضهم إنسانيون
بعضهم وحوش .. سفاحون.
وبعضهم..
مثلَ دجاجٍ أليف
كلما ارتفع ديك عن الأرض
أربعة أصابع لا غير
رقدوا تحته !
أنصت إليهم :
ستسمع منهم النقيق
لكنك لن ترى يوماً ..
بيضةً واحدة !!

جدير بالذكر أن مترجم الكتاب الدكتور ماجد الحيدر شاعر وقاص ومترجم عراقي ولد ببغداد عام 1960 وأصدر حتى الان ثلاث مجموعات شعرية (النهار الأخير، مزامير راكوم الدهماء، ناجون بالمصادفة) كما أصدر مجموعتين قصصيتين (في ظل ليمونة-بالاشتراك- وماذا يأكل الأغنياء) علاوة على مجموعتين من الشعر العالمي المترجم الى العربية (نشيد الحرية وقصائد أخرى لبيرسي ب شيللي وعبور الحاجز-مختارات من الشعر العالمي) ناهيك عن مجموعة من المقالات الساخرة صدرت له هذا العالم تحت عنوان (ضحك كالبكاء) فيما تنتظر عدد آخر من أعماله النشر قريباً.
يمكن للقراء الأعزاء الراغبين في الحصول على نسخة ألكترونية من الكتاب التفضل بتحميله من الرابط التالي
http://www.4shared.com/document/O-yrJDss/__-__-__.html

ليست هناك تعليقات: