الأربعاء، 27 مايو 2015

مجسمات-عادل كامل











جديد محمد لفتح: "المعركة الأخيرة للكابتن نعمت" - عبد الله كرمون

جديد محمد لفتح: "المعركة الأخيرة للكابتن نعمت"

  عبد الله كرمون


      لن يُصدم الذين اطلعوا على كتابات محمد لفتح السابقة عند فتحهم لروايته المنشورة مؤخرا "المعركة الأخيرة للكابتن نعمت". لا تكتفي المعركة هنا بدلالتها المباشرة لوحدها، بل تمتد إلى حقول رمزية أخرى، سوف نتعرف على بعضها فيما يلي.
 لا بد من التذكير بـأن الكاتب قد رحل عن عالمنا منذ ثلاث سنوات تقريبا، وقد تكون روايته الحالية، إذا أخذنا إحدى المصادر مأخذ الجد، هي آخرها على الإطلاق.
يشير التاريخ الذي وقّعت به الرواية إلى مقتبل سنة 2006، قبيل سنتين من رحيله. إنها ثاني رواياته التي توقع بنفس التاريخ من شهر وسنة، بالإضافة إلى أن مجموعة قصصية أخرى له قد أُرخت بالسنة نفسها؛ وهي الكتاب الرابع له على مستوى التفرد بالتأريخ، إذا أضفنا رواية أخرى نشرت سنة 2009 وتم تأريخ التفرغ من كتابتها بسنة 1997، وذلك من أصل عشرة كتب صدرت له حتى الآن إذا شمل تعدادنا الرواية الحالية.
قد يكون مبالغة مني _أو ربما حقيقا بي_ أن أطالب بوضع مقدمات توضيحية لمثل هذه الأعمال التي تصدر بعد رحيل أصحابها، مثلما أشرت إلى ذلك في السنة الماضية بخصوص كاتبنا ذاته، يتم فيها، على الأقل، إخبار القراء والمهتمين بالحالة التي تواجد عليها النص قبل نشره ؛ هل كانت هناك وصية من طرف الكاتب بشأن مخطوطاته؟ هل صحح النص بنفسه أم اضطلع بذلك شخص آخر (وإن وُجد، فمن يكون)؟ هل وقع الكاتب عقودا كثيرة مع دار لاديفيرونس لسنوات؟ إلى غير ذلك من أسئلة محيرة!

لن أتمادى في النبش على هذا المنوال في ال"لماذا" وفي "الكيف"، وإلا استغرق حديثنا في ذلك استغراقا، وأهملنا الرواية التي هي موضوعنا الحالي.
لعل هذه الرواية هي من أكثر روايات لفتح كلاسيكية. أقصد بهذا أن الكاتب عمد فيها عموما إلى سلطة السرد. بل إنه ضحى من أجل الحكاية بالكثير من العناصر التي كانت تميز كتابته عن غيره من كتاب جلدته المبدعين بالفرنسية. صحيح أن سمو اللغة ما يزال ميزتها، غير أن العارف بسابق كتابات الرجل سوف يفطن سريعا إلى فرق ما بينها.
إذا ما تحدثت عن الصدمة في البدء فلأنني أردت بذلك الإشارة إلى مضمون الرواية. ولمحت إلى أن من تعود على الموضوعات القريبة إلى نفس لفتح، ربما لن تصدمه كثيرا رواية خصصت بكاملها إلى موضوع المثلية!
وقد تأرجح لفتح بشأنها في هذا النص بين تفسيرين متناقضين، في الوقت الذي لم يأبه فيه كثيرا وفي رواياته الأخرى بتبرير حديثه عنها.
أولا: اعتباره لمثلية بطل روايته الكابتن نعمت الطارئة متأتية من حرب 67 التي شارك فيها كطيار عسكري، وأن الهزيمة قد صارت بهذا المعنى فقدانا للرجولة.
ثانيا: إن المثلية التي انزلق إليها نعمت في خريف عمره لوثة سيئة، لم يدرك بنفسه كيف ولماذا انقاد إليها، ومن أين جاءته؟ بغض النظر عن التعليل الذي سمعه من كون عضو البروستات يصير حساسا جدا بعد سن الخمسين ؛ ما يبرر نوعا النزوع إلى تلك الميول!
يتعلق الأمر الثالث بتناقض ضمني يوحي به جانب من النص يمكننا أن نستشفه من انتقاد البطل للمجتمع الذي يعيش فيه، والذي يعادي ويرفض بالبات والمطلق كل انحراف جنسي عن العادة. ويعتبر المفعول به (خوالة بالمصري) جيفة ينأى عنها المرء مسيرة أربعين ألف عام!
ثم أنه أفرد نقدا خاصا لفئة سياسية ودينية بعينها، هي الأصولية التي حولت المجتمع، في نظره، أبعد من شأن المثلية، إلى مدى غامق وحزين، كبحت فيه المباهج والمسرات التي تشكل في الواقع صلب الحياة وأحد أجمل مبررات وجودها.
بهذا المعنى إذن يسهل تلخيص رواية لفتح هذه في سطر واحد، ما لم يكن ممكنا أبدا بشأن رواياته السابقة. إنها بهذا المعنى إذن حكاية المعركة الأخيرة للكابتن نعمت، والتي باءت بالفشل الذريع مثل معاركه أو فقط معركته السابقة.
لا يمكن أن ننكر كون الرواية تشد القارئ إليها شدا، في رغبة ملحة منه في التعرف على مجرياتها. غير أن إحساسا معينا، مبهما بالنسبة لي، قد رافقني خلال قراءتها. ليس فقط لأنها لم تعد تشبه تماما رواياته الأخرى، ولكن ربما لأنها ركزت على موضوع واحد، منقطعة به عن مشاغل العالم الأخرى. بالرغم من أن نقد أفكار الظلام، وإحياء ذكرى أبي نواس هما أمران جميلان، غير أنهما لا يكفيان، في نظري، لتبرير إفراد نص روائي بكامله للحديث عن علاقة مثلية، وفوق ذلك اعتبرتْ، في أكثر من مكان في النص، بأنها لوثة تحتاج إلى علاج!
انسابت حياة الكابتن نعمت في روتينيتها، حتى اليوم الذي اضطر فيه فتيان صغار إلى التردد على مسبح الكبار الذي يرتاده نعمت في حي المعادي، خلال الفترة التي يُصلح فيه المسبح المخصص لهم. تأمل حينها أجسادهم الغضة في نضارتها، واستشعر في نفسه ميلا غريبا إليهم، وتغنيا نفسيا مبهما بمحاسنهم. خلال تلك الليلة رأى في منامه رؤيا إيروسية زكت لديه رغبات دفينة.
انتبه حينها لوجود إسلام تحت إمرته، خادمه النوبي الشاب، الذي استدرجه سريعا لأن يحقق له ما فضحت نظراتُه إلى صبيان المسبح، ومجريات الحلم، كبتَه له.
إن أولى انعكاسات انفضاح أمره تراجيدية. طُرد الغلام من الفيلا، ثم غادر بنفسه البيت والزوجة، وقد باءت كل محاولاته لدرء الصدع بالبطلان. وما نفعت شفاعة شيماء صديقة الزوجة في شيء.
 سوف يعاود نعمت مع الغلام نفسه أمر رغباتهما في شقة حقيرة بحي "الفجالة" الشعبي حيث استقر. تناهت كلمات خطبة الجمعة إليهما من الجامع القريب، في الوقت الذي كان إسلام يعتلي فيه يوما ظهره، وترددت فيها لفظة الجحيم مرات كثيرة!
إن همّ محمد لفتح هنا هو التعرض مرة أخرى لمحرم فظيع من محرمات المجتمع. بل أكثر من ذلك لحالة نفسية فريدة، أشرنا أعلاه إلى خصوصيتها. فإذا كان انبطاح نعمت جنسيا قدام خادمه النوبي أمرا طارئا، فإن إتيان هذا الأخير لسيده من الدبر أمر حدثٌ أيضا. خاصة وأنه اعترف لنعمت بأنها أول مرة بمارس فيها الجنس مع بشر، لأن إسلام قد نكح البهائم سابقا في بلدته النوبية قبل أن يستبيح ظهر العسكري نعمت!
هل شاء لفتح أن يكتب بهذا رواية مصرية صرفة؟ وأن يوفي أرضا أقام فيها لزمن حقها، مثلما فعل مع باريس والبيضاء؟
سبق له أن تعرض لمصر ولحياته فيها، وبشكل خاطف، في قصص قصيرة سالفة، غير أنها هي المرة الأولى التي يفرد لها كتابا بكامله، بل عن بعض حواريه وأحيائه فقط.
إن نص لفتح هذا يبعث، نوعا، على الاستفهام. ما الداعي حقيقة إلى كتابة قصة رجل استشعر جنوح ذاته إلى المثلية السلبية؟ هل في الأمر شيء من سيرة الرجل؟ أم هل انتشى فقط يوما بخيالات تلك المغامرة أو المغامرات دون أن يخوض فيها؟
ندرت مع ذلك تأملات لفتح في هذا النص، خلافا للنصوص الأخرى، حول أمور مختلفة. إذ ظل يحيط حول واقعة واحدة بعينها. فإذا كان نعمت قد جعل من المثلية لوثة سيئة بنفسه، فكيف يبحث لدى الآخرين عن مواثيق قبولها؟
رصف الكاتب في الرواية أسماء مختلفة لابد أنه يعشق جرسها ومعانيها، غير أن خياله لم يجنح في ذلك كعادته. مثل: ميرفت، شيماء، فيحاء وغيرهن.
كتب على لسان الكابتن نعمت ما يلي، موضحا ما تواضع عليه مع إسلام الذي سماه خلال وقت ما باسم قريته كوم أمبو، بالرغم من كون الغلام قد انتفض يوما لما ناداه بهذا الاسم مشيرا له بأنه ليس بلدة كي يناديه بذلك الاسم:
 "أيتها السماء المبهمة، كوني رحيمة، واقبلي اسمينا الجديدين، اسمي حيوانيتنا، اسمينا البريئين، اسمينا المقدسين، إننا كتمساح وصقر، نعيش حبا غريبا ومهولا!"
هكذا إذن تحول نعمت الذي كانت تناديه زوجته ميرفت بالصقر في أولى عهود زواجهما، من صقر إلى تمساح منبطح. لم تكن نزوته عابرة بتاتا. إنها تحول جذري إلى عالم بهيمي، يأخذ فيه اسما حيوانيا.
تبعه الرقيب مرة أخرى إلى مسكنه الجديد، كي يخط تهديداته على خشب الباب. ما اضطر إسلام، على إثرها، إلى أن يغادر، نهائيا، نعمت. ليركن هذا الأخير إلى شجون معركته الأخيرة التي يداريها باليوميات يخطّها، وبسكْر فادح، يؤنس عزلته الفظيعة!
 _____________________


مبدعات عالميات-الأوديسة كما ترويها بينلوبي على جناح مخيلة مارغريت اتوود



مبدعات عالميات


الأوديسة كما ترويها بينلوبي على جناح مخيلة مارغريت اتوود



جاكلين سلام

الشاعرة والروائية الكندية مارغريت أتوود تكتب البينلوبية -نسبة إلى بينلوبي زوجة عوليس- وبعد أكثر من ثلاثة قرون وذلك بنقض وإعادة تركيب أسطورة "الأوديسة" التي ألفها هومر الإغريقي حوالي عام 850 قبل الميلاد، وفق منظورها الفكري وحساسيتها الفنية وذلك ضمن مشروع ثقافي قامت به إحدى دور النشر التي طلبت من بعض الكتّاب اختيار أسطورة ما من تراث الشعوب ونسج نسخة مغايرة-بتصرف- للنسخة الأصلية. " سلسلة أساطير كانونغيت" بدأت مشروعها عام 2005 بتوثيع ثلاثة كتب حققت شهرة واسعة في كندا، امريكا، انكلترا، استراليا ونيوزيلندا. كتاب أتوود الذي حمل عنوان"البينلوبية" كان في عداد هذه السلسلة الشهيرة وتمت ترجمته إلى 28 لغة عالمية من قبل 33 ناشراً حوال العالم. ثم قدمت عروض مسرحية في مدن كندية من صميم هذه الـ"نوفيلا" التي تعيد سرد الأوديسة على لسان بينلوبي وحسب وجهة نظرها المناقضة لما جاء على لسان زوجها عوليس أو أوديسيسوس الذي اختفى بعد حرب طروادة، وبقيت هي في انتظاره تواجه قدرها، نسيجها الشهير، وتتحايل على الخاطبين الكثر الذين تقدموا لطلب يدها لظنهم أن ملكهم قد قضي عليه.
في هذه القصة-الأسطورة المضادة- تحتل بينلوبي المركز وهي "ميتة" تخاطبنا من عالمها السفلي فنرى أوديسيوس كاذباً مخادعاً وما رواه من بطولات لم يكن إلا مبالغات وابتكارات مخيلته. تسرد بلغة امرأة بسيطة من الطبقة الأدنى اجتماعيا وثقافياً. امرأة قد تصادفكم على مصطبة بيت ما في حارة شعبية فقيرة. تبتكر أتوود فصول الرواية مرة على لسان بينلوبي، ومرة على لسان الجوقة المؤلفة من 12 خادمة تعرضن للشنق في النهاية، وتعرضن للاغتصاب وسوء المعاملة أثناء خدمتهن
في القصر الملكي الذي يملكه أوديسيوس، العائد إلى إيثاكا بعد طول تشرد وصراع مع الوحوش والكائنات الخرافية واغواء الفاتنات.
اخترنا هذه المقاطع من بداية القصة حين يطالعنا صوت بينلوبي وهي تستنكر صورتها وما ورد من شائعات بحقها وهي على قيد الحياة. وفي المقطع الثاني تخبرنا عن بعض هذه الفضائح وتقدم النسخة "البنولوبية" عن الحقيقة، وكما تشاء لها مخيلة أتوود الباذخة الآسرة.


فن منحدر


مارغريت أتوود


الآن وأنا ميتة، عرفت كل شيء. هذا ما كنت أتمنى حدوثه، ولكن أغلب أمنياتي فشلت ولم تصبح حقيقة. عرفت فقط بعض الحقائق التي لم أكن أعرفها من قبل. أنه ثمن باهظ جداً ما ندفعه لقاء الفضول، ولا حاجة للقول.
منذ أن متّ، منذ أن حزتُ على هذه الحالة من كوني بلا عظام، بلا شفاه، بلا ثديين، تعلمتُ بعض الأشياء التي لم أكن لأعرفها، كحال شخص ينصت من خلال النافذة أو يفتح رسائل الآخرين. هل تعتقد أنك تحبّ أن تقرأ العقول؟ فكّر ثانية.






هنا في الأسفل، كل شيء يأتي مرفقاً بكيس، كالأكياس التي تستخدم لحفظ الريح، ولكن كلّ من هذه الأكياس يكون ممتلئاً بالكلمات- كلمات أنت قلتها، كلمات سمعتها، كلمات قيلت عنك. بعض الأكياس صغير جدا، وبعضها كبير، كيسي معقول الحجم. رغم أن أغلب الكلمات تتعلق بزوجي الواسع الشهرة. كم جعل مني غبية، يقول بعضهم. لقد كان من اختصاصه أن يستغبي الآخرين. لقد استطاع الفرار من كل شئ، وتلك كانت خاصته الأخرى: الفرار.
كان قابلاً للتصديق دوماً. كثيرون صدّقوا الأحداث كما أوردها هي النسخة الحقيقية، أخذ أو إعطاء بعض القتلة، بعض الحسان المغريات، بعض الأشرار- بعين واحدة. حتى أنا صدّقته من وقت إلى آخر. كنتُ أعرف أّنه مخادع وكاذب. لكنني لم أتوقع أن يمارس خدعه ويجرب أكاذيبه عليّ. ألم أكن مخلصة؟ ألم أنتظر، وأنتظر، وأنتظر، رغم الاغراءات- الرغبة تقريباً- بأن أفعل غير ذلك؟ وما هذا الذي انتهيت إليه بعد أن أخذت النسخة الرسمية مكانها على الواقع؟ أسطورة مفيدة. عصا تضرب بها نساء أخريات. لماذا لا يستطعن أن يكنّ مسؤولات، موضع ثقة، متحملات للعذاب كما كنتُ أنا؟ هذا هو السطر الذي التقطوه. لا تتبعن مثالي، أريد أن أصرخ في آذانكن- نعم، انتنّ. ولكت حين أحاول أن أصرخ، يصبح صوتي كالبومة.
بالطبع كان لدي بعض التوقعات الواهية حول عدم دقته، مكره، حالته الثعلبية، وهذه التي- لا أعرف كيف اسميها؟ عدم التزامه الاخلاقي. لكنني تظاهرتُ بالعماء. أخرست فمي. وإذا حصل وفتحته، ذلك لأغني لمجده. لم أحفر عميقاً. أردت نهاية سعيدة في تلك الأـيام، وأفضل طريقة لتحقيق نهايات سعيدة يكون بإقفال الأبواب الحقيقية والذهاب إلى النوم حين اشتداد العواصف.
ولكن بعد أن انقشعت الأحداث الرئيسية وأصبحت الأشياء أقل أسطورية، توضّح لي كم من الناس كانوا يضحكون عليّ من خلف ظهري- ينعتوني بصفات شتى، يؤلفون نكاتاً عني، بعضها قذرة وأخرى نظيفة. كيف جعلوا مني قصة، أو حكايات، وليست تلك القصص التي أنا أحب أن أسمعها عن نفسي. ماذا بإمكان امرأة أن تفعل حين تسافر الشائعات الفضائحية حول العالم؟ إذا دافعت عن نفسها، ستبدو مذنبة. لذلك انتظرتُ المزيد.
الآن وقد انقطع نفس الآخرين، جاء دوري لأجتهد قليلاً وأحيك-قصة. أدين بها لنفسي. عليّ أن أحضّر نفسي لها...( ص1-4 )
عند هذه النقطة أشعر أنّ عليّ أن أشير إلى النقاط المتعددة من هذه التقولات الفضائحية التي ماتزال تدور منذ أكثر من ثلاثة آلاف عام.
هذه القصص ليست صحيحة على الإطلاق. كثيرون قالوا ليس هناك دخان بلا نار، ولكن هذا جدل غبي. كلنا سمعنا شائعات تبيّن لاحقاً أنها خالية من الصحة كلياً، وهذا هو حال الشائعات حولي.
الاتهامات التي تتعلق بأحوالي الجنسية. انها افترضت مثلاً بأنني نمتُ مع امفينومس، الأكثر تأدباً بين الذين تقدموا لطلب يدي. الأغاني تقول أنني وجدت حديثه مقبولاً، أو أكثر قبولاً من الآخرين.
صحيح أني فتحت الباب للخطّاب وقدّمت وعود سرية لبعضهم، ولكن كانت هذه مسألة تدبير. من الأشياء الأخرى، أنني استخدمت جرأتي المفترضة لتحصيل بعض الهدايا غير الثمينة منهم- نذر يسير مما يأكلوه وينفقوه سدى- وألفتُ النتباهكم بأن أوديسيسوس كان موافقاً على ذلك.
الرواية الأشد غيظاً هي تلك التي تقول بأنني نمتُ مع الخطابين جميعهم، واحداً بعد الآخر- أنهم أكثر من مائة- ومن ثم ولدتُ الإله العظيم "بان". من بمقدوره أن يصدق هذه الخرافة الشيطانية؟ بعض هذه الأغاني كثير عليها النفس الذي وضع فيها. بعض المعلقين شهدوا-حماتي- أمّ زوجي، التي لم تقل كلمة عن الخطّاب عندما تحدث معها اوديسيوس في جزيرة الموت. صمتها أخذ كدليل. بعضهم قال، لو أنها نوهت إلى الخطابين، في هذه الحال عليها أن تشير إلى خيانتي أيضاً. ربما كان قصدها أن تزرع بذرة مسمومة في بدن أوديسيوس. ولكنكم تعرفون حساسيتها اتجاهي. ربما كان ذلك آخر لمسة حادة نحوي.
أخرين سجلوا حقيقة أنني لم اتخلى عن ولم أعاقب الخادمات الوقحات الأثني عشرة، ولم أقفل عليهن داخل مبني ليشتغلن في طحن الذرة، وإلا لكنت منغمسة بنفسي في هذا العهر. لكنني أوضحت كل ذلك.
الاتهام الأكثر جدية هو أن اوديسيسوس لم يكشف لي عن نفسه عندما اجتمعنا للمرة الأولى. قيل أنه لم يثق، وأراد أن يتأكد من أنني لم أجعل القصر مرتعاً لملذاتي. لكن السبب الحقيقي هو أنه كان يخشى أن أغرق في دموع الفرح وأبتعد عنه. بصورة ممائلة، قد أغلق عليّ مع بقية النسوة في ساحة النساء فيما كان يتخلص من الخطاب وبمساعدة " ايريكلينا" وليس بمساعدتي. ولكنه كان يعرف جيداً- قلبي الرقيق، عادة الغرق في الدموع والسقوط في العتبة. ببساطة لم يشأ أن يعرضني للخطر أو لمشهد لن أوافق عليه. بالتأكيد هذا هو التفسير الصريح لتصرفه.
لو أن زوجي عرف شيئاً عن تلك الشائعات المهينة ونحن على قيد الحياة لمزق بعض الألسنة. ولكن لا فائدة من الحزن على فرص ضائعة. ص 143-
____________________________________________________________

رواية جديدة مجهولة المؤلف حول رئاسة أوباما -

كلاين صاحب «ألوان أساسية» عن كلينتون متهم بكتابتها
رواية جديدة مجهولة المؤلف حول رئاسة أوباما


«بحق السماء، هل يعتقدون ان هذا المنصب الـ... يجعل مني خصيّا»؟ هكذا يفترض أن يكون البطل قد قال علنًا عندما علم ان كاميرات التلفزيون التقطته وهو «يعرّي» شابة يافعة بعينيه. والبطل الذي يشير اليه المؤلف فقط بحرفه الأول O «او» يفترض ان يكون الرئيس باراك اوباما، لأن عنوان الرواية هو O, A Presidential Novel «او.. رواية رئاسية».
على أن مدى الصدقية التي تحملها الرواية الواقعة في 353 صفحة تعتمد على صدقية المؤلف نفسه. لكن هذا غير متاح لأن هويته (أو هويتها) مجهولة حاليًا. وتبعًا لصحيفة «غارديان» البريطانية، فإن نشاط الصالونات السياسية والأدبية في واشنطن هذا الشتاء هو تخمين لهذه الهوية.
من جهته، اكتفى الناطق باسم الدار الناشرة «سايمون آند شوستر» بالقول إن المؤلف «شخص لا يتوجس الرئيس الأميركي خيفة من وجوده في الغرفة نفسها.. شخص يعلم تمامًا ما يدور في عالمه». لكن الناطق أكّد بتصريحه هذا - عن عمد أو غيره - أن بطل الرواية المعني هو أوباما فعلاً.
وتناولت التكهنات أسماء ساسة وروائيين وكوميديين عديدين. لكن التركيز ينصب الآن على جو كلاين، الذي أجبر في العام 1996 على الاعتراف بأنه مؤلف رواية Primary Colors «ألوان أساسية» عن حملة بيل كلينتون الرئاسية الأولى، وهي رواية نشرت من دون اسم مؤلفها.
وثمة اعتقاد واسع النطاق أن كلاين هو ايضًا مؤلف الرواية الجديدة عن اوباما بسبب بعض المتوازيات الواضحة. ومن هذه ان كلا من الروايتين عن حملة انتخابية رئاسية يخوضها البطل (جاك ستانتون في «ألوان أساسية» 1992، وأو في «او.. رواية رئاسية» 2012).
لكن التشابه يتنهي هنا بسب غياب التشابه بين البطلين. فبينما يعكس جاك ستانتون شخصية كلينتون كعاشق للنساء ومتورط في علاقة غير شرعية مع مصففة شعر السيدة الأولى (هيلاري افتراضا)، لا يتجاوز بطل «او» الحدود الا بتلك النظرات التي تريد التهام الشابة اليافعة وتلتقطتها عدسات التلفزيون. وتعاقبه السيدة الأولى (ميشيل افتراضا) بالامتناع عن الحديث اليه في تلك الليلة.
على أن المؤلف لم يصوّر بطله او - أو اوباما المفترض - تحت ضوء سلبي وإن كان قد أوضح انه زائد الحساسية إزاء معاملة وسائل الإعلام له. ومعلوم أن اوباما، الكاتب المقتدر، نشر كل ما يريد المرء معرفته عنه في كتاب سيرة حياته «أحلام من أبي». ولكن في عالم النشر اليوم، حيث يتعين على أي كتاب جديد أن «يصرخ» لكي يُسمع، فإن «او.. رواية رئاسية» يرقى الى مقام «ضربة معلّم» عندما يتعلق الأمر بفن النشر والتسويق.
فقد أرسلت دار «سايمون آند شوستر» رسائل إلكترونية الى عدد كبير من أبرز الكتاب والروائيين والصحافيين والمستشارين السياسيين ومنظمي الحملات الانتخابية.. وكل من يمكن أن يكون محل تكهنات بأنه مؤلف الرواية الأخيرة. وجاء في هذه الرسائل رجاء الى كل من هؤلاء بأن يمتنع عن التعليق في حال وجه اليه السؤال عما إن كان هو المؤلف. والمقصد واضح بالطبع وهو تأجيج لهب التكهنات نفسها بحيث تصبح علفًا تلوكه وسائل الإعلام فيشد الأنظار الى الرواية التي يتوقع أن تصبح بين الكتب الأكثر مبيعًا بين عشية وضحاها.

شعر خيار خاسر-علي محمود خضير

شعر
خيار خاسر
علي محمود خضير


حدّثْتُكَ مرّة:
كلُّ ليلةٍ تصلحُ أنْ تكونَ الأخيرةَ وكلُّ نهارٍ يحملُ بقلبه بذرةَ العدم
أحسبُ أنَّ في رأسي يتجادلُ مَلَكانِ، لا يملاّنِ حساب المرّاتِ التي أدرتُ ظهري فيها لرسائلِ الليلِ والنهار
أحسبُ أَنهما تعبا كثيراً معي فتركاني هائماً في دروبٍ لا تستحي.
أحسبُ أنَّ نهاراتي القادمةَ أقلُّ حظاً.
وأني خسرتُ بياضي بانتظارِ سوادِك.
وأنَّ ذنوبي لا تغفرُها رحمتُك.
حدّثْتُكَ، بعدَها، عن أجنحتي التي لا تخفق؟
عن حقائقَ خذلَتْنا وإشاعاتٍ صادقة
عن ذكرياتٍ تُطلقُ وحوشَها على أيامنا العارية.
أحسبُ أَنكَ مللتَ حديثي لكنكَ تكتم:
مللتَ الحكايا أفرشُها مخافةَ أن تُنسى
وأُطلقُ أنفاسَها لئلا تصدأ
مللتَ السُّبُلَ نبذلُ فيها أعمارَنا المحدَّبة، ولا تَعرِفُنا
مللتَ الصوائح
بلسانها الألثغ وصوتِها الرديء
مللتَ، لكنكَ تكتم.
قلت:
من يعبأُ لأجنحةٍ مسحوقةٍ لا تخفق؟
من يبادل حصىً تغرق بطرقات ملؤُها نشوةٌ مبتورة
من يعاند كلَّ هذه الجماجمِ بأسنانٍ أبديةٍ تضحك
من يضاربُ بأقدارِنا المصقولةِ بعنايةٍ فائقة
من ينادمُ الطمأنينة، يستدرجُها،
متجرعاً وخزَ فظاظتِها ودناءته؟
من يعاقبُ إحباطَنا بشواطئَ لا تمرض؟
حدّثْتُكَ، ذاتَ غَوْر:
لا ملاذ لمن رأى الشمسَ تخفقُ مشنوقةً بحبلِ العاصفة
لا ملاذ لمن أرجأ خَلاَصَهُ برميةِ زهر
لا ملاذ لمن بدَّدَ بأسَهُ في بهتانِ خلوده
لا ملاذ لي وأنا أُعدِّد ملاذاتِهمُ الخاسرة!

قلت:
"إنْ كنتَ خائفاً من المنعطفِ القادم،
فأغمضْ عينيك
وأقبلْ عليه، دونَ اكتراث
هكذا ستغيضُ الريحَ بسخريةٍ بسيطة
وقليلٍ من الشجاعةِ الممكنة".
وقلت أيضاً:
كم ثعباناً في قميصِكَ أيها القدر؟
كم سكيناً خلفَ ظهرك أيها الغد؟
كم قبراً مخبوءاً فيكَ أيها الميت؟
أقوالٌ كثيرةٌ وأحاديث
أحاديثُ ما كانَ لها أن تنتهي
طالما عذبت المَلََكَيْنِ وهما يعدّان رسائل الليلِ والنهارِ التي أدرتُ لها ظهري
تعبِا،
وتركاني هائماً في دروبٍ لا تستحي
فهل سترحلُ أنت أيضاً؟
- ....

الثلاثاء، 26 مايو 2015

غالب المسعودي - مصحةٌ نفسيةٌ للكلاب(قصة سُريالية)

فوز وولكوت بجائزة اليوت -

فوز وولكوت بجائزة اليوت

فاز الشاعر والكاتب المسرحي والأديب الكاريبي ديريك وولكوت الحائز جائزة نوبل للآداب بجائزة تي أس اليوت عن افضل مجموعة شعرية صدرت هذا العام في بريطانيا أو ايرلندا. وفاز وولكوت الذي ارتبط اسمه بقضية تحرش جنسي عام 2009 في مواجهة منافسة حامية من مجموعة شعراء كبار بينهم نظيره في نيل جائزة نوبل ، شيموس هيني ، وبراين ترنر الذي قاتل في العراق وسام ويليتس الذي صدرت مجموعته الشعرية الأولى بعد عشرة اعوام ضاع خلالها في دوامة الادمان على الهروين والشفاء منه.
وقدمت فاليري اليوت ارملة تي أس اليوت الجائزة البالغة 15 الف جنيه استرليني الى وولكوت في احتفال أُقيم في لندن.
وقالت رئيسة هيئة المحكمين الشاعرة آن ستيفنسون ان مجموعة "اللقائق البيضاء" التي فاز عليها وولكوت بالجائزة "مؤثرة شعريا وكاملة الأوصاف تقنيا".  واضافت ان الحكام لم يحتاجوا الى وقت طويل كي يقرروا ان مجموعة وولكوت هي المعيار التي تُقاس به كل المجموعات الأخرى.  "انها ابيات جميلة وشعر جميل".
آخر مرة تناقلت وسائل الاعلام انباء وولكوت كانت في عام 2009 عندما سحب ترشحه لاستاذ الشعر في جامعة اوكسفورد بعدما أرسلت ملفات تتضمن مزاعم بممارسته التحرش الجنسي مع طالبات سابقات الى عدد من الأكاديميين.  وقال وولكوت في حينه ان العملية "انحدرت الى محاولة دنيئة ومنحطة لاغتيال الشخصية".    


في المكتبة العربية- "دار الغاوون" تُصدر أربع مسرحيات لفاضل سوداني وديواناً لحسن البياتي



في المكتبة العربية

"دار الغاوون" تُصدر أربع مسرحيات لفاضل سوداني وديواناً لحسن البياتي
 إ


صدر لدى "دار الغاوون" كتاب ضمَّ أربع مسرحيات للكاتب والمخرج العراقي المعروف فاضل سوداني. المسرحيات هي على التوالي: "الرحلة الضوئية"، "النزهة أو النار المتوحشة"، "أغاني جلجامش"، "النزهات الخيالية".
يقول الناقد عبد الرحمن بن زيدان في دراسة عن الكتاب بعنوان "دراما الصورة وتنظيم فوضى العالم في مسرح فاضل سوداني": "حينما يورِّط فاضل سوداني مسرحه في إبداع الرؤية التراجيدية للعالم، وحين يتخلّص من ورطة اللحظة التي يتفاعل معها، ويتأثّر بها، لإجلاء هذه الرؤية، فهذا يعني أنه يختار السفر في متخيّله وفي واقعه ليتبنّى المرفوض والمُهمَّش والمهرَّب من الرؤية من أجل استعادة التوازن للواقع المختلّ، ومن أجل إعادة نور الحياة إلى ظلمة الأمكنة والأزمنة التي عاش فيها وغادرها مضطرّاً. ورطة الكتابة  عنده  اختيار يصطفيه زمن الإبداع كي يضع الكاتب أمام أسئلته الوجودية، ويجعل الوجود بكل معانيه، وبكل غموضه، وبكل وضوحه، وحقيقته، وعبثيته ماثلاً أمام الاختيارات الصعبة، أو الممكنة أمامه، بها يقترب من الصعب، وبها يَفكّ لُغز الغموض، ومنها ينسج من لُبس كل المعاني الدرامية الممكنة؛ كتابة الكتابة التي تبني زمن المواجهة بين فعل اختيار شعرية الورطة استجابة إلى نداء الواقع في الذات، أو استجابة إلى ما تولّده هذه الورطة من متعة تنبع من دفق إبداع هذا الكاتب بعدما تجمّعت لديه كل المؤشرات التي تدفع به كي يقول قوله درامياً".
الكتاب الذي يحمل على غلافه لوحة لفان غوغ يُخصِّص مسرحيته الأولى عن هذا الفنان الهولندي الكبير، وهي المسرحية التي يحمل الكتاب عنوانها: "الرحلة الضوئية" مع عنوان فرعي يقول: "طقس بصري عن وجد الفنان فان كوخ". وكانت هذه المسرحية قد تُرجمت إلى الدانمركية، وأخرجها سوداني نفسه على أحد مسارح كوبنهاكن («تيرا نوفا تياتر») مع ممثّلين دانمركيين محترفين، وأخرجها باللغة العربية مع ممثّلين عرب وسويديين، وتُرجمت إلى الإنكليزية في جامعة عبد المالك السعدي في مدينة تطوان بالمغرب.
من مسرحية "أغاني جلجامش" نقتطف:
المهرّج الأول: (إلى المهرّج الثاني) لكنك لست إنساناً ما دمت لا تعي أنك إنسان.
المهرّج الثاني: كيف؟
المهرّج الأول: أنت مهرّج ومهنتك البكاء والضحك...
الممثّل الثاني: البكاء على أحزانك والضحك لإدخال السرور إلى قلوب الملوك.
المهرّج الأول: ولا تصبح إنساناً إلا إذا كففت عن هذا.
الممثّل الأول: (يضحك) وإذا تركت هذه المهنة تموت جوعاً.
الممثّل الرابع: أو تموت بالطاعون.
(ضحك متواصل من الفرقة)
المهرّج الثاني: إني ولدت إنساناً كبقيّة البشر.
الممثّل الثالث: ألم أقل لكم بأنه لم يتقن مهنته بعد.
المهرّج الأول: لقد ولدتَ إنساناً، لكنك الآن مهرّج وستموت مهرّجاً.
الممثّلة الأولى: وكذلك الفحّام يولد إنساناً ويموت فحّاماً.
وفاضل سوداني الذي يُعتبر أحد أهم المسرحيين العرب، من مواليد ميسان بالعراق العام 1945. يحمل دكتوراه في الإخراج والعلوم المسرحية. عمل مخرجاً مسرحياً وممثّلاً لسنوات طويلة في العديد من المسرحيات العربية والعالمية. صدرت مسرحيته «الصقر» العام 1993. ويعيش في الدانمارك منذ العام 1991.
"سِفر الحالات" لحسن البياتي
وأصدرت "دار الغاوون" قبل أيام ديوان "سِفر الحالات" للشاعر العراقي حسن البياتي والذي تضمّ مؤلفاته العديد من الدواوين إضافة إلى كتب مختلفة في التأليف والترجمة، فضلاً عن عشرات البحوث المؤلَّفة والمترجمة في حقول إبداعية وثقافية شتّى.
الديوان الذي يتألف من 37 قصيدة وقطعة، يفرد مساحة كبيرة لرثاء العراق والدمار الإنساني الذي حلّ فيه، لذلك أتى غنائياً في معظمه:
"شجَنٌ أنْ ترتوي من دمنا نارُ الشتاتِ،
شجن أن يستحيل العمر دمعاً في المآقي،
شجن أكبر أنّا لا نرى وجه العراقِ
غير حلْم يتراءى، في حياءٍ،
عبرَ أسفار السباتِ
أو سحاب يتوارى، بعد حين،
طيَّ أمواج الفراتِ!".
وفي قصيدة بعنوان "الخوف" نقرأ:
"يا مطراً أسودَ مشحوناً بألوان من العذابْ
أما سئمتَ تُزهق الحقول والسهول والهضاب
وتطبق الخناقْ
على رقابنا التي
طوّقها العناء؟!
متى تكفُّ وابل الشقاء
عن أرضنا، وتهجر العراق؟!".
وحسن البياتي من مواليد محافظة ديالى بالعراق العام 1930. حصل على ليسانس شرف في اللغة العربية وآدابها - دار المعلّمين العالية - بغداد العام 1955، وعلى دكتوراه فلسفة في اللغة والأدب - جامعة موسكو العام 1965. فقدَ بصره في شباط 1999 أثناء عمله أستاذاً في جامعة حضرموت باليمن. يقيم منذ العام 2001 في لندن.
____________________________________________

الفنانون التونسيون بعد سقوط بن علي جزء من النظام البائد أم من ديناميكية "ثورة الياسمين"؟-سمير جريس مراجعة: عبده جميل المخلافي





ذاكرة

الفنانون التونسيون بعد سقوط بن علي
جزء من النظام البائد أم من ديناميكية "ثورة الياسمين"؟

سمير جريس
مراجعة: عبده جميل المخلافي


شارك عديد من الفنانين التونسيين في أحداث الثورة الشعبية التي أدت إلى الإطاحة بحكم الرئيس الهارب زين العابدين بن علي، غير أن هناك من يرى أن عديداً من الفنانين، والمثقفين عموماً، كانوا أيضاً جزءاً من نظام بن علي القمعي. سمير جريس يسلط الضوء على دور الفنانيين التونسيين قبل وبعد ثورة الياسمين.


تجمعت مجموعة من الفنانين التونسيين أمام المسرح البلدي بتونس في الحادي عشر من يناير / كانون الثاني منددة باستعمال العنف ضد المتظاهرين لم يكن عديد من الفنانين التونسيين بعيدين عن أحداث "ثورة الياسمين"، بل كانوا جزءاً من الحركة الشعبية، التي أدت في النهاية إلى الإطاحة بحكم زين العابدين بن علي. فقبل أيام معدودة من هروب الرئيس التونسي المخلوع تجمعت مجموعة من الفنانين التونسيين أمام المسرح البلدي بتونس في الحادي عشر من يناير / كانون الثاني منددة باستعمال العنف ضد المتظاهرين في مختلف أنحاء البلاد، غير أن رجال الأمن فرقوا هذا التجمع السلمي. كان ذلك هو أول تحرك للفنانين التونسيين منذ انطلاق الاحتجاجات في منطقة سيدي بوزيد إثر إقدام الشاب البوعزيزي على إضرام النار في نفسه، غير أنه لم يكن الأخير.

عن ذلك يقول الفنان المسرحي رؤوف بن يغلان إن "كل فئات المجتمع ساهمت في ثورة الكرامة، ثورة الشعب التونسي البطل العظيم"، لاسيما في التظاهرة العظيمة في تونس العاصمة التي "هبّت يوم هروب بن علي إلى السعودية" وهي التظاهرة التي شارك فيها الفنان بن يغلان أيضاً. الفنانون هم إذاً، يؤكد بن يغلان، جزءٌ لا يتجزأ من الديناميكية التي تحرك المجتمع التونسي، وهم متلاحمون مع الشعب التونسي.

كما يذكر بن يغلان أنه قدم في نفس فترة الأحداث مسرحية "حارق يتمنى"، وكان العرض الأخير لها يوم 7 ديسمبر / كانون الأول، وهي مسرحية تعرض لمشاكل القمع والبطالة التي يتعرض إليها الشعب التونسي لاسيما الشباب. ويضيف بن يغلان: "لقد أعطانا شعبنا درساً كبيراً"، يقول بن يغلان، ويضيف: "هذا الدرس هو: علينا ألا نصمت بعد اليوم، أو كما قالت الهتافات: عبّر عبّر! اليوم لم تعد هناك رقابة تمنعنا عن التعبير
الفنانون يؤكد بن يغلان،أنهم جزءٌ لا يتجزأ من الديناميكية التي تحرك المجتمع التونسي ".

هند صبري: خنتُ الدستور

ولكن ألم يكن كثيرون من الفنانين، والمثقفين عموماً، جزءاً من النظام السابق للرئيس الهارب بن علي؟ ألم تناشد وقبل شهور عشرات الشخصيات التونسية، بينها فنانون وصحافيون، بن علي لكي يترشح لولاية رئاسية سادسة بعد أربعة أعوام؟

هذه حقيقة"، يقول الفنان رؤوف بن يغلان ويضيف أن "أمراً جاءه ليوقع على تلك القائمة"، غير أنه رفض، ولم يبق في تونس كي لا يُفرض عليه التوقيع. ويؤكد بن يغلان أن التجمع الدستوري الديمقراطي (الحزب الحاكم) كان يفرض على المفكرين والمثقفين والفنانين أن يوقعوا على تلك العريضة لمناشدة بن علي الترشح مجدداً.


الفنانة التونسية هند صبري تقول إنها تعرضت للترهيب من طرف عائلة زوجة الرئيس "الأمر ذاته حدث مع الفنانة التونسية هند صبري التي كتبت على صفحتها في الفيس بوك رسالة بالفرنسية والعربية تؤكد فيها إنها شخصيا تعرضت للترهيب من "الطرابلسية" عائلة زوجة الرئيس، وأن بلحسن الطرابلسي اتصل بها هاتفيا ليعلمها بأنه وضع اسمها على قائمة تناشد بن علي الترشح لفترة رئاسة خامسة، وأنه ليس من حقها الاعتراض على ذلك".

وقالت صبري لوكالة الأنباء الألمانية إن الخوف استولى عليها وأنها اتصلت به في وقت لاحق قائلة: "لا أريد أن يُساء فهمي، لكني أود البقاء بعيدا عن ذلك وأعتقد جازمة أن الفنان يجب أن يظل محايداً فأنا لا أمارس السياسة" فقطع حديثها وقال: "أولا فات الأوان وإلى جانب ذلك ماذا يعني أن تبقى محايدة". وتضيف الفنانة: "أشعر بخيبة أمل لأنني كنت جبانة فلم أقل لا.. أنا ضد ولاية خامسة.. كفى .. ففي ذلك اليوم فقدت احترامي لنفسي كفنانة باعتباري امرأة قانون خانت الدستور"

وحول عريضة المناشدة هذه قال الفنان التونسي الكبير لطفي بوشناق في حديث سابق لقناة الجزيرة: "لا تحاسبوني إلا على الكلام الذي قلته بلساني، ولم أوقع أبدا على شيء ... وإنما فعلها أحد مسئولي وزارة الداخلية". وأضاف بوشناق: "جميعنا أُجبر على هذا حتى الأئمة على المنابر أُجبروا على الدعوة لبن علي، ولم يكن أحد يستطيع أن يرفض، أو يعترض".




الاثنين، 25 مايو 2015

رمزية الحلم في القصة السُريالية-بقلم الشاعرة الفلسطينية نجاح المصري زهران



رمزية الحلم في القصة السُريالية
قصة لعبة انموذجا للدكتور غالب المسعودي
بقلم الشاعرة الفلسطينية نجاح المصري زهران
أتابع هذه الرمزية التي تضعنا  بين تفاصيل اللوحة الابداعية التي تناولها الكاتب على جوارح البوح التعبيري, يهز الذات بما أذاب من لغة ناهضة واقفة راصدة ,هي دومينو ترصف بيننا, هي خساراته وانتصاراته الفعلية, التي تكاد تشبه الحياة الواقعية بايحاءاتها,
هناك سياسة ,تأتي بأخماس ,بأرباع..........! لأحلام لن تمر علينا سوى إلا بواقع الدمار, كما لو أنها ضرب من الجنون, في لعبة ألشطرنج لا تستوي الافكار والمربعات,
 هل نحن فعلا داخل لعبة  نستوي عليها أم هي تـأخذنا لتصاريفها.....؟"، لنجد أن الحياة تختزلنا بمتاهاتها الدائرية و أورثتنا نصب الحال , سياسة تأخذ على عاتقها وعي الضرورة للوطن وألأنسان,
ولنقول أنه شابه بين  من أخلى مسؤوليته العينية ليريح رأسه من المتابعة حتى لا يقع عليه وزر الاثم الحاصل بالبلد من هموم الشعب ,
تلك المربعات الشطرانجية التي  تختزل لاعبها حتى النهاية , هي تسيطر على وجدانه وبريق قلبه  يا لها من حياة ,
يريد بها الكاتب بها الفوز, هي ليست لعبته الحقيقية التي اراد الوصول اليها  وإنما حياة كريمة يغترف منها كل الناس فلا يبقى هناك أي
 مبرر لمن أراد الهروب من مسؤولياته ,
اني وأنا أقرأ هذا الابداع الذي اوجع القلب بسخريته السريالية ليرى الأحلام الأفلاطونية تظهر رؤاه , التي حملت بباطنها الكثير من الألم في الحلم, الذي يقتل الحلم ألحلم  الذي يليه ,
وعلى قاعدة أن الحلم أصبح محرما علينا حتى وان أسرناه بالشراب والتأمل والأمل ,
كانت أحلامه أن تعرض علينا الكثير من مرّ الحال المعاش  الذي لم يتمرد  على الغفلة والغباء بصوره (النحلة التي تعطيك رحيقها ),
استفزاز الحلم برقع الشطرنج ينقلنا من تيه الى اخر,  قد عبر عنها الكاتب بصور متعددة الايحاءات ,
لتدور رقع الشطرنج فلا تُبقي للقارئ من ألم الا وحصدته في جريانها لتوصله الى ما تبقى منه بايحاءات كما قال ألكاتب ( إصطف حرس القيصر بعربات مدرعة في وضح النهار, سرقوا عفة عاهرة المعبد, ميلشيات تستقل آليات مدرعة سرقوا مبلغ عرسي ) ( وأصبح مسدسا ليطلق الرصاصة على على حلمه الاخير ),
ليجد ان الانسان  محاصر بالحلم والعسس التي لاتحرسه, النهار الذي هو ومض من هيدروجينية القنبلة, لتجد ان التكنولوجيا باثارها التواصلية وما فعلت بنا جعلتنا نعيش ازدواجية لا تستجيب لبراءة الانسان, لم يتبقى منه إلاهيكل.

لعبة (قصة سُريالية)
د.غالب المسعودي
أُتابع على حاسبي أللوحي لعبتي المفضلة ,إ نها لعبة الدومينو,أحب لعبة ألدومينو, لأني دائما أنتصر, الشعور بألأنتصار يعطي وهما بالراحةالنفسية, حتى لو كان إفتراضيا, قرأت في التسعينيات رؤية أحد الفاعلين في السياسة الغربية , هومبدأ الأحتواء المزدوج , صرح علانية أن الأتي هو الضرب المزدوج, بين أحلامي و ألواقع تمنيت أن أربح لعبة شطرنج مع الكومبيوتر, أملي أن يغلبني الكومبيوتر في لعبة الدومينو, أسرح في طيات خيالي بين تصريحات المسؤلين, أكبرهم رئيس البرلمان ,يقول أن جزءاً أصغر من الجزء يستولي على خزينة البلد ,حبيبتي تغلق هاتفها الخلوي ,تتحجج بأنقطاع الكهرباء وسوء الشبكة وكان هناك ضيوف إلى آخره....!, لكن هناك كانت عزيمتي ,علي أن أغلق جفني وأحلم , أكتب قصة سُريالية جديدة لأمزح, جلس في الحديقة ينتظر ضيوفه, أنت في السبعين....! كيف حافظت على صحتك....؟ أشرب الغليون وألويسكي, كيف حافضت على قوامك......؟ أتشبث بالمستقبل....! كيف حافظت على قدرتك من تفاهة العاهرات.....؟ إنهن كالنحل في بيوت ألمتعة, الغافلات يتصورن أن هن يمتصن رحيقك, لكنهن يعطينك غذائهن الملكي, الغباء موهبة, أُستفزت وأنا في حلمي ألأول عن جدوى التمرد , أقولها متمرداً حتى في حلمي, إنها رقعة شطرنج, لن أكون بذيئا كما فعل شعرائنا الكبار, علي أن أتحمل وزر الحرية دون تلاعب, يتداولون في حجم المحبس وصناعته , الكون يدور, نضع أختام مسودة ولا ننتج, نحن لن نكون بديلا عن صوت عالي يأتي من رقعة زراعية, تتناجى الضفادع بها ,إ شارات الضفادع تؤلمني, لم.......؟ إنها تبدأ التجريف ,الخطة كما وضعها أحد الناجين من وراء القضبان, إزرع وردة تثمر رقعة شطرنج, تطاردني مدورة, إصطف حرس القيصر بعربات مدرعة في وضح النهار, سرقوا عفة عاهرة المعبد, ميلشيات تستقل آليات مدرعة سرقوا مبلغ عرسي ,أ ين أذهب ....؟حاولت أن أنام في حلمي الرابع كان مربعا, في حلمي السادس كان مسدسا, أطلقت رصاصة منه أصابت حلمي السابع ,إ نهار الحاجز الأسمنتي, كان مكتوب عليه بلغة أهل البلد(حلاقة هاني أطفر وتلكَاني)لم أستطع أن أحلق رأسي, حلقت شاربي وعانتي ,لافائدة منهما ,أ حدهما يشيب قبل الوقت والأخر يشيب بعد الوقت , الوقت كلمة, وجدت نفقا في حلمي السابع يفضي الى دهليز مكتوب عليه من هنا ينبلج الفجر, كانت ظلمة حالكة إلا من بريق عينيها, أدخلت تطبيق عليهما من متجر اندرويد يضيء من أمامي ويحرسني من خلفي من القنابل الهايدروجينية,هو تطبيق غير مسبوق, كان كما هي لعبة أتذكرها عندما كنت صغيراً, كيف ما ترميها تستقر على قاعدتها ,الآن وأنا أمر تحت جسر أحلامي, أرى لعبتي نفسها, لكن بحجم أكبر, جهة الصنع مطبوع عليها نفس العنوان ونفس اللغة كانت( ساخت), الآن عرفت بعد حلمي الثامن بعد المئة إنها تتذاكى, معي أطفئي ضوء المصباح , تعهدي لي, أشاحت بوجنتها, عرفت أنها لاتستطيع البوح, الغزل هو سر البوح, هنا بدأت اللغة وألأغنيات تتراقص ,على موسيقى كسارة البندق وآنا كارنينا, إعزف أكثر ينقطع خيط أحلامك, مجالات التواصل الأجتماعي كارثة ,كنا بدونه نتواصل أكثر, نعاني أكثر, لكنا كنا بمصداقية, يبدو أن فعالية الضرب المزدوج تأخذ فعاليتها, جهازي اللوحي لايستجيب إلا لنغامتها , لا أخفي سراً, نغماتها وقحة, تحب أن تلعب دور الأنثى المهيمن, لكني أعرف أنها تمتلك البراءة , ضعيفة أطاح بها الزمان, لا لشيء ,إ لا لبرائتها, كانت صغيرة وتورطت, كانت جميلة وتورطت, من منا لم يتورط في صغره, كشف المستور تابو, واللعب بالتابو سخافة وشجاعة, الكثيرون يخونهم وهم الذكاء.