الجمعة، 22 مايو 2015

تزوير- د.إحسان فتحي

تزوير

الأعزاء الفنانين العراقيين والأصدقاء
تحيات طيبة
 
د.إحسان فتحي
كما ذكرت مرارا، فان عصابات التزوير تعمل بتواصل وكثافة على أمل أن تعثر على مغفل هنا او هناك. ويبدو أن هناك وفرة لاباس بها من الساذجين والمغفلين والا فلم هذا الإنتاج التزويري المستمر؟  وبغياب أي رادع من أجهزة الدولة فان خرق القانون اصبح اسهل من النزهة. وتهدف هذه العصابات وبعض (الفنانين) العراقيين الذين فقدوا ضميرهم، الى استهداف كبار الفنانين من الرواد المتوفين، ذلك لقلة وجود الخبراء الذين يستطيعون حسم الشك في أصالة عمل فني كما هو الحال في بقية الدول، حيث يوجد خبير عن فنان معين مثلا، وهذا يقضي اغلب سنوات عمره في توثيق وتحليل مسيرة هذا الفنان، ويعرف كل صغيرة وكبيرة عنه. يعرف كل تواقيعه ويعلم بجميع أعماله وتواريخها، ويوثقها توثيقا شاملا مملا، ومن ثم يستطيع الحسم والبت بشكل نهائي. كما إن هناك لجان متخصصة ومرخصة من الدولة وأعضائها من خبراء في الفن ومؤرخين وأكاديميين وحتى علماء لفحص العمل الفني والتأكد من أصالته. هذا الأمر مفقود تماما عندنا وعند اغلب الدول العربية.
ولحسن حظنا، فان الأغلبية الساحقة من المزورين العراقيين هم من الدرجة العاشرة تقنيا، فهم يجهلون ابسط (قواعد) التزوير كالتوقيع والتاريخ والأسلوب وغيرها الكثير. لكنهم مع ذلك يستهدفون أولا جواد سليم، وفايق حسن، وعبد القادر رسام، وحافظ ألدروبي، وخالد الجادر، وكاظم حيدر، وإسماعيل فتاح، ونجيب يونس، وغيرهم. أنا شخصيا اكتشف في عمان لوحتين او ثلاثة شهريا اغلبها مزور. ويساعدني في ذلك هو التوثيق المفصل ( حتى درجة الإعياء) الذي قمت به في تسجيل أعمال الرواد وغيرهم أيضا. فمن الصعب جدا ان تنبع فجأة لوحة منسوبة لجواد سليم مثلا دون أن نعرف عنها. ذلك لان امام المزور خيارين لا ثالث لهما: أما أن ينسخ لوحة لجواد سليم تماما ويزور توقيعها، اوان يرسم لوحة جديدة ينسبها الى جواد سليم وموقعة بتوقيع مزور وبتاريخ مفتعل ولكنها مرسومة ب(روحية واسلوب جواد). في كلا الخيارين سيقع المزور في مأزق وسيكتشف عمله المزور فورا، ذلك لانه من الصعوبة بمكان، ولكن ليس من المستحيل في بعض الاحيان النادرة، ان ينجح اي شخص في تقمص روحية الفنان المتوفى. إن جميع الحيل البائسة التي يستعملها المزورون باتت معروفة الآن، كالتعتيق المتعمد، والمسامير الصدئة، والأطر الخشبية القديمة، وغيرها، لم تعد تنفع.
لكن هناك وفرة جيدة من المغفلين في كل أنحاء العالم حيث يتواجد العراقيون الذين يحنون لعمل فني عراقي يزين صالاتهم ويدفعون عشرات الآلاف من الدولارات دون أن يتأكدوا أولا من صحة أصالتها، فهي في أحسن الاحوال لا تساوي قرشا واحدا!
أترككم مع عمل منسوب الى عبد القادر رسام وهو في الحقيقة نسخة من بورتريت  للفنان الاسكتلندي المعروف، ديفيد روبريت!  إلى أي درجة من الغباء وصل هؤلاء؟




مسرح مع عملاق المسرح العراقي سامي عبد الحميد-د. وريا عمر أمين




مسرح
مع عملاق المسرح العراقي سامي عبد الحميد

د. وريا عمر أمين

الفنان الكبير الممثل والمخرج و الباحث الاكاديمي المبدع و  صاحب الرؤية الخصبة  البروفيسور سامي عبد الحميد   احد رواد و عمالقة و اعمدة المسرح العراقي.  من مواليد مدينة السماوة عام 1928.
بدأ اهتمامه بالتمثيل وهو في مرحلة مبكرة من حياته عندما كان طالبا في ثانوية الديوانية، حيث شارك في تمثيل مسرحيتي: البخيل، وفي سبيل التاج.
 انتقل   الى بغداد و التحق بكلية الحقوق.
عام 1950 وبعد ان أنهى دراسته في كلية الحقوق التحق بمعهد الفنون الجميلة،
التقى في بغداد الفنان يوسف العاني، الذي كان يترأس حينذاك فرقة (جبر الخواطر) المسرحية، وقدم مع  زميل له مسرحية  "تاجر البندقية" أخراج الفنان الراحل ابراهيم جلال الذي اكتشف المواهب الفنية لسامي عبدالحميد وشجعه على دراسة التمثيل.
 عام 1952 ولدت لدى الثلاثي ابراهيم جلال، ويوسف العاني، وسامي عبد الحميد فكرة تأسيس فرقة المسرح الحديث، أيمانا منهم بأن المسرح وسيلة لنشر الثقافة، واداة للتوعية أكثر منه وسيله للترفيه والتسلية.
سافر الى انكلترا  وحصل على شهادة الدبلوم من الأكاديمية الملكية لفنون الدراما في لندن.
ثم حصل على شهادة الماجستير في العلوم المسرحية من جامعة اورغون الولايات المتحدة.
  قدم عبر مسيرته الفنية الطويلة  أعمالا مسرحية متميزة، فضلا عن عشرات الأعمال السينمائية والإذاعية والتلفزيونية.
 من اشهر ما أخرجه من مسرحيات: ثورة الزنج، وملحمة كلكامش، وبيت برناردا، والبا، وانتيغوني، والمفتاح، وفي انتظار غودو، وعطيل في المطبخ، وهاملت عربيا، والزنوج، والقرد الكثيف الشعر.
كتب عشرات البحوث أهمها: الملامح العربية في مسرح شكسبير، والسبيل لإيجاد مسرح عربي متميز، والعربية الفصحى والعرض المسرحي، وصدى الاتجاهات المعاصرة في المسرح العربي.
الف عدة كتب تخص الفن المسرحي منها: فن الإلقاء، وفن التمثيل، وفن الإخراج،
 ترجم عدة كتب تخص الفن المسرحي منها: العناصر الأساسية لإخراج المسرحية لالكسندر داين. وتصميم الحركة لاوكسنفورد. والمكان الخالي لبروك.
شارك في العديد من المؤتمرات والندوات العربية والعالمية التي تخص المسرح.  كما شارك في مهرجانات مسرحية ممثلا ومخرجا أو ضيفا منها: مهرجان قرطاج، ومهرجان المسرح الأردني، ومهرجان ربيع المسرح في المغرب، ومهرجان كونفرسانو في ايطاليا، ومهرجان جامعات الخليج العربي، وأيام الشارقة المسرحية.
رئيس اتحاد المسرحيين العربوعضو لجنة المسرح العراقي وعضو المركز العراقي للمسرح ونقيب سابق للفنانين العراقيين.
 وهو الان أستاذ متمرس في العلوم المسرحية بكلية الفنون الجميلة جامعة بغداد.
نتاجاته
1 -  افلامه
فيلم (من المسؤول؟ - 1956) إخراج : عبد الجبار ولي .
فيلم (نبوخذ نصر 1962) إخراج : كامل العزاوي. (أول فيلم عراقي ملون) .
فيلم (المنعطف 1975) إخراج : جعفر علي.
فيلم (الأسوار 1979) إخراج : محمد شكري جميل.
فيلم (المسألة الكبرى)  1982 إخراج : محمد شكري جميل.
فيلم (الفارس والجبل 1987) إخراج : محمد شكري جميل.
فيلم (كرنتينا) للمخرج : عدي رشيد.
2 - مسرحياته
مسرحية (النخلة والجيران) للمخرج المسرحي الراحل : قاسم محمد.
مسرحية (بغداد الازل بين الجد والهزل) للمخرج المسرحي الراحل : قاسم محمد.
.مسرحية (الإنسان الطيب) للمخرج المسرحي الراحل : عوني كرومي.
مسرحية (انسو هيروسترات) لمؤلفها العالمي : غريغوري غورين - إخراج : فاضل خليل.
مسرحية (قمر من دم) إخراج : فاضل خليل
مسرحية (غربة): اخراج كريم خنجر

الثلاثاء، 19 مايو 2015

مجلة الأدب العربي المعاصر : متاهة ألتماسيح (قصة سُريالية)

مجلة الأدب العربي المعاصر : متاهة ألتماسيح (قصة سُريالية): د غالب المسعودي ا لمتاهة ألأرض التي يتوه فيها السالك ولايكاد يعرف فيها طريقاً , ويراد بها في ألأساطير مبنى التّيه ذو الممرات ال...

لم أفق مني-نجاح زهران




لم أفق مني
نحو سطوة اللهب أستدير لعروج النور من شقوق الفعل
كل بحر مسجور بتمجيد التسبيح على فضة الملائكة
فقد علمتني الأرض أن السماء طوافة على السطر الخامس من الكون
ولم أزل أفتح سريرتي للرد على إغواء مستطرد قد توقف بي
من بصيرة الجنة ...
لكن بلا طائل
*
ما تبقى من لمعان الغفران يؤذي صورتي
مفتونة بشفة الإرتواء لعبور رياض التسمية
ربما ذلك السفر بين العطش السريع
يرحل بي نحو حدود النارنج
وأفواه تركت مقاسات التوحد لأصابع التزكية
*
يبعثرني المباح
سهوة تلق بخميرتي من جذب التفسيرات النبيلة
لحنين لم تستيقظ عيوني عليه و ما تبقى من حُمرة التفاحة الآثمة
*
صورة حريق إدعى إهتمامه بأسعار الصلاة
أسئلة تضمر رأسمالة إنساني
ومصيدة آفلة بالثواب
تحسب الربح في مخزوني
لكنك لم تأت سوى من غفلة جوعي
بإحتمالات ظنك من اليقين
لترتفع خيّل نيتك بحصاري
وأنا بهوامش الطمع من حاجتك
لخيباتٍ طالت إستيفاء أنفاسي في سبيل رغباتك
*
لم أفق مني
أنا لعبة الأسواق
أتيت من مكر التعرية لروحك المتصحرة
من نفحة شجر تأوي مطري
من ثمرة نكزت مصوة الرطب على فيض الإنتاج
تمد شطاطها لسحابة دنت من الأرض
ليس لي فيها بوصلة حب
وقد بلغ الإحتواء سماعة الذِّكر
لم أعهد بهم رئة تُثبت الله بين دروبهم
لا إيثار يغتسل بمدام السماء
تسحب شروع عنترة ببأس الندِّ
عن صدود الجنةِ
نجاح زهران

الاسطورة والحياة-اعمال عادل كامل





موسيقى كلاسيكية في الأراضي الفلسطينية: - عبدالكريم سمارة ـ رام الله مراجعة:عبده جميل المخلافي





موسيقى كلاسيكية في الأراضي الفلسطينية:
موسيقى موتسارت تصدح في سماء رام الله


عبدالكريم سمارة ـ رام الله
مراجعة:عبده جميل المخلافي


على مدى ساعات حلَّق جمهور الضفة الغربية في سماء الموسيقى الكلاسيكية التي عزفتها أنامل طلبة معهد برنباوم سعيد مع وتحت إشراف فرقة بوليفونيا برلين وبدعم من الخارجية الألمانية. عبدالكريم سمارة حضر الحفل الموسيقي وأعد هذا التقرير.


"الرسالة التي يحملها المشروع هو خلق التواصل الثقافي والفني بين ألمانيا والفلسطينيين" استمتع مئات الفلسطينيين وعلى مدار ساعتين ونصف بالاستماع إلى مقطوعات موسيقية كلاسيكية من عزف فرقة بوليفونيا برلين وبمشاركة من طلبة معهد برنباوم سعيد لتعليم الموسيقي. فقد غصت مقاعد قاعة العرض في مسرح وسينما تيك القصبة في الضفة الغربية بالمشاهدين من مختلف الأعمار والقطاعات، ممن أتوا لحضور الحفل، والاستماع إلى نتاج ورشات عمل امتدت ثلاثة أيام، درب فيها موسيقيون ألمان تسعة عشر طالبا وطالبة من أعمار ثمانية إلى سبعة عشر عاما، على عزف المقطوعات الكلاسيكية لكبار الموسيقيين الأوروبيين وخاصة موتسارت وهايدن وباخ.

كان الطفل الصغير سري باسم، يجلس في الصف الخامس، من مقاعد قاعة العرض في مسرح القصبة، عندما صعد الموسيقيون الألمان من فرق بوليفونيا برلين، على المنصة، فانتصب قائما وبدأ التصفيق وتبعه سائر الحضور في تحية العازفين. أخذت الموسيقى تتخلل الآذان والأذهان والقلوب، في عزف مقطوعة خماسية كلارينت.. وعلى مدار نصف ساعة ران الصمت على الحاضرين، باستثناء التصفيق في الوقفات بين مقطوعة وأخرى. حتى الأطفال الذين رافقوا أهاليهم إلى هذا الحفل، تفاعلوا بصورة لافتة. وتوالت فقرات الحفل، بعزف مشترك هذه المرة بين موسيقيين ألمان وطلبة معهد برنبناوم سعيد ، فقدمت عدة فقرات حيث عزف المحترفون الألمان مع الطلبة الفلسطينيين، في تناغم، لفت الأنظار.

دعم ورعاية ألمانيين 

"لقد فوجئت بمواهب هؤلاء الأطفال الذين تعلموا بسرعة وسلاسة وقدموا ، كما رأيتم، عزفا لمقطوعات ألفها موسيقيون عالميون كموتسارت وباخ وهايدن"

هذه الفعالية كانت حصيلة ورشات عمل، برعاية مؤسسة دويتشه فيله الإعلامية الألمانية بالتعاون مع وزارة الخارجية الألمانية بهدف خلق التواصل الثقافي بين ألمانيا وأوروبا من جهة والفلسطينيين والعرب من جهة أخرى. في هذا السياق يقول غيرو شيلس، مسؤول برامج التعاون في دويشه فيله ومنسق المشروع الذي ينفذ في الضفة الغربية، لـ دويتشه فيله: " الرسالة التي يحملها المشروع هو خلق التواصل الثقافي والفني بين ألمانيا والفلسطينيين، فالموسيقى خاصة والثقافة عامة، تربطان بين الشعوب وتوحد الأذواق. " ويضيف أن الفلسطينيين يستحقون هذا الدعم الفني والثقافي والإنساني. وفي اعتقاده أن هذه الرسالة قد وصلت حيث لوحظ التفاعل الجيد مع الإبداعات الموسيقية والفنية. وأشاد شيلس بالمجهود الذي قدمه المعهد الفلسطيني، برنباوم سعيد، ووفر المناخ لتعليم الأطفال والشباب، الموسيقي الكلاسيكية.

من ناحيته يقول نبيل الأشقر، مدير معهد برنباوم سعيد، لدويتشه فيله:"نوفر للطلبة التعلم على كافة الآلات الموسيقية، ولدينا مدرسين عربا وأجانب يقدمون جهدا كبيرا، وقد ظهرت نتائج ذلك عبر ورشات العمل والتدريبات التي تلقوها في اليومين السابقين للعرض، حيث استوعبوا تنفيذ عزف المقطوعات المطلوبة وأتقنوها كما ترون." ويتابع أن الموسيقى بصرف النظر عن نوعها وطبيعتها فهي لا تنحصر في منطقة معينة، بل إنها قابلة للانتقال من منطقة إلى أخرى، وهذا ما نجح هنا أيضا.

الموسيقى لغة التواصل بين القلوب والعقول

"الجمهور الفلسطيني بدأ يعتاد تذوق الموسيقى الكلاسيكية" 

العازفة الألمانية الشابة، فراوكه جيسون، دربت عددا من الأطفال على آلة الفلوت، تحدثت لـ دوييتشه فيله عن تجربتها، فقالت: " لفتني أن الفلسطينيين شعب ودود، وأنا أقابل هذا الود بان أقدم لهم كل ما لدي من موهبة موسيقية. أؤمن أن الموسيقي هي لغة تواصل فيها مع الناس الذين لا اعرفهم، ولا اعرف لغتهم، فهي تنتقل من القلب إلى القلب، دون حواجز.". لقد فوجئت بمواهب هؤلاء الأطفال الذين تعلموا بسرعة وسلاسة وقدموا ، كما رأيتم، عزفا لمقطوعات ألفها موسيقيون عالميون كمتسارت وباخ وهايدن.

الطالبة الهام أبو ريا التي تعزف على التشيلو، ترى أن الموسيقي الكلاسيكية الغربية قادرة على الانتشار في الشرق، وتابعت:" لقد تمكنا من العزف على الآلات الغربية وإتقان عزف المقطوعات المختلفة، وفي رأيي فان الذوق وان خلق مع الإنسان فهو قابل لهضم أنواع الموسيقى المختلفة." وحول المشاكل التي واجهتهم كطلبة في ورشات العمل، تقول :" لم نواجه مشاكل، بل اعتبرنا الأمر تحديا لنا كطلبة موسيقى، وقد خضنا هذا التحدي بنجاح كبير وهو ما رفع ثقتنا بأنفسنا وبمستقبلنا، حيث أتيحت لنا الفرصة في العزف مع موسيقيين عالميين من الدرجة الأولى.. "

تنامي الاهتمام بالموسيقى الكلاسيكية الغربية


يقول نبيل الأشقر، مدير معهد برنباوم سعيد: نوفر للطلبة التعلم على كافة الآلات الموسيقية، ولدينا مدرسين عربا وأجانب يقدمون جهدا كبيرا. خلال السنوات الأخيرة، قدمت فرق وعازفون عالميون، عروضا موسيقية كلاسيكية، في الأراضي الفلسطينية، وشهدت العروض وخاصة في قصر الثقافة ومدرسة الفرندز في رام الله، حضورا يرتفع باستمرار، ما يدلل على أن الجمهور الفلسطيني بدأ يعتاد تذوق هذا النوع من الموسيقى. يقول سمير الحسن ابن الخامسة والخمسين: " لقد شاهدت عدة عروض لفرق عالمية عزفت هنا، لكن الفرق أن ترى طلبة بل وأطفالا فلسطينيين، يشاركون عازفين عالميين في تقديم مقطوعات لعمالقة الموسيقي الكلاسيكية. وفي رأيي، فان تنامي الانجذاب إلى هذا النوع من الموسيقى، يحتاج إلى وقت أطول وزيادة عدد العروض". وأشاد الحسن بالدعم الألماني في هذا الجانب.




ثقافة التمرد- أجرت الحوار: أميرة محمد مراجعة: عماد مبارك غانم



ثقافة التمرد

أحمد عكاشة، أستاذ الطب النفسي ورئيس اتحاد الأطباء النفسيين العرب:
"فقدان المواطن لكرامته دافع للانتحار على خطى البوعزيزي"

أجرت الحوار: أميرة محمد
مراجعة: عماد مبارك غانم

عشر محاولات انتحار على خطى البوعزيزي، ومازال الحكام يقبضون أنفاسهم خوفاً من المزيد. هي موجة يُخشى أن تتحول إلى ظاهرة جماعية في ظل حالة من الهياج تنتاب الشارع العربي جراء ضغوط عديدة، فما هو رأي الطب النفسي؟ أحمد عكاشة، أستاذ الطب النفسي ورئيس اتحاد الأطباء النفسيين العرب، يتحدث في حوار مع أميرة محمد حول هذه القضية.



البوعزيزي.. يائس حوله طغيان الحكام إلى قدوة تحول الانتحار حرقاً إلى حديث الساعة في الشارع العربي مع إقدام المزيد من العاطلين واليائسين كل يوم في البلدان العربية على محاولة جديدة للتخلص من حياتهم، احتجاجاً على غياب العدالة الاجتماعية ونقص فرص العمل والعيش الكريم. ومنذ نجاح ثورة الياسمين، تصدر محمد البوعزيزي، مفجر انتفاضة التحرير التونسية، اهتمام الشباب العربي، فهل اتخذوا منه قدوة؟ وباتت طريقته في الاحتجاج وسيلة للتعبير عن رفض غياب العدالة الاجتماعية. توجهت دويتشه فيله بهذه الأسئلة وغيرها للدكتور أحمد عكاشة، أستاذ الطب النفسي ورئيس اتحاد الأطباء النفسيين العرب، للإجابة عنها.

موجة الانتحار التي تجتاح الشارع العربي هذه الأيام تعبر بطبيعة الحال عن يأس المواطنين وشعورهم بالكبت والعجز، وما إلى ذلك.. ولكن علمياً، هل لهذا الأمر علاقة بـ"أحلام الاستشهاد" للشهرة التي تعد نوعاً من أحلام اليقظة؟

أحمد عكاشة: لا أعتقد أن لها علاقة بأحلام الاستشهاد ولكن هذه الظاهرة، بل وظاهرة الانتحار بشكل عام، تعتبر صرخة للمساعدة، للاحتجاج على مواقف معينة، وصرخة لإزالة العجز واليأس والإحباط الذي يعاني منه الناس. يجب أن نأخذ في الاعتبار أن في العالم ينتحر سنوياً ما لا يقل عن مليون نسمة. وهناك محاولات الانتحار التي لا تنتهي بالوفاة، وهذه تمثل عشرة أضعاف حالات الانتحار.

ولماذا انتشرت تلك الظاهرة فجأة بعد محمد البوعزيزي؟


الدكتور أحمد عكاشة: طالما ظلت كرامة الإنسان ممتهنة ستزيد حالات الانتحار عكاشة: ما حدث أنه عندما انتحر البوعزيزي الذي أحرق نفسه احتجاجاً على البطالة والظلم وأثارت العملية زوبعة في العالم العربي كله، تفاعل معه الكثيرون في المنطقة، ممن يشعرون أيضاً بالإحباط واليأس والعجز ولا يستطيعون التعبير عن أنفسهم، فكان البوعزيزي بالنسبة لهم نوعا من المثل الأعلى والقدوة. ولعلك تلاحظين أن حالات الانتحار، التي حدثت في مصر وغيرها، تحدث عادة أمام مواقع صانع القرار السياسي، أمام مجلس الوزراء، أو مجلس الشعب، وكأنهم يقولون: "ساعدونا نحن غير سعداء وغير راضيين.. إذا لن تستطيعوا مساعدتنا، سنتجه إلى الله". هو نوع من الهروب من المعاناة والعجز والاكتئاب.

من وجهة نظر علم النفس، لماذا يلجأ المنتحرون من بعد البوعزيزي إلى وسيلة الحرق نفسها؟

عكاشة: كل بلد لها طريقة معينة في الانتحار، البلاد المسموح فيها باستخدام المسدسات والبنادق والرشاشات مثل الولايات المتحدة، تجدين المنتحرين فيها يستخدمون الأسلحة النارية. أما في المجتمعات التي لا يتم فيها تداول تلك الأسلحة، فيلجأ المقدمون على الانتحار إلى أساليب أخرى. مثلاً في مناطق الفلاحين في مصر، النساء يلقين على أنفسهن البنزين ويشعلن النار، لا تجدينهن يتعاطين الحبوب وليست لديهن وسائل أخرى. الرجال أو النساء في المدن يلقون بأنفسهم من الجسور في النيل أو يحرقون أنفسهم أيضاً.

إذاً طريقة الانتحار تختلف بين شعوب وتتباين من ثقافة إلى أخرى؟

عكاشة: نعم، الانتحار يعتمد على الثقافة والميول الدينية ويختلف من بلد إلى بلد. وسيلة الحرق وإلقاء النفس في النيل هي مثلاً طبيعة الانتحار في الثقافة المصرية بل والعربية بشكل عام.

عودة لأولئك الذين أقدموا على محاولات انتحار من بعد البوعزيزي، هل تعتقد أن عقلهم الباطن صور لهم أن استخدم الوسيلة نفسها سيؤدي بالضرورة إلى النتيجة نفسها وهي تحرير الوطن؟ أم أنهم انتحروا يأساً دون النظر إلى أي أبعاد أخرى؟


محاولات الانتحار مرشحة للزيادة في الشارع العربي عكاشة: في لحظة الانتحار، التي مر بها هؤلاء ومن قبلهم البوعزيزي، كانوا يمرون بحالة يأس لأسباب اقتصادية ونفسية واجتماعية. البوعزيزي انتحر لأن كل شيء كان مغلقاً أمامه في الحياة. حاول أن يبيع الخضر، فمنعوه. شكاهم، فسخروا منه. لم يتمكن من الأكل أو الشرب أو تأسيس أسرة، فلم يكن أمامه سوى الهروب من هذا الموقف والاحتجاج على الحكومة والسلطة التي أوصلته إلى هذا الحد، كان لحظة الانتحار يهرب من هذا الألم.
دكتور عكاشة.. هل لك أن تصف لنا سيكولوجية المنتحر بشكل عام، وهؤلاء المنتحرين الجدد على وجه التحديد؟

تختلف سيكولوجية المنتحر من شخص إلى آخر. إن 70 في المائة من حالات الانتحار في العالم تكون نتيجة لمرض الاكتئاب والقلق. هذا المرض يعطي صورة تشاؤمية للحياة بأنه لا يوجد حاضر، وبأن الماضي ظالم، والمستقبل أسود. وبالتالي يكون الانتحار هنا للتخلص من المعاناة. وللعلم، فإن آلام الاكتئاب أكبر من آلام السرطان. مريض السرطان، الذي لا يعاني من الاكتئاب يرغب في الحياة، لكن لو أصابه اكتئاب، سيفقد الرغبة في الحياة وقد يقدم على الانتحار. الاكتئاب يصاحب الأمراض المزمنة المؤلمة بحوالي 40 – 50 في المائة من الحالات.

وما هي أسباب الاكتئاب؟

عكاشة: لاكتئاب ممكن أن يأتي لأسباب اقتصادية، مثل البطالة والفقر. ومن الممكن أن يأتي لأسباب اجتماعية، مثل الظلم والقمع والقهر وإهانة كرامة الفرد. ومن الممكن أن يقدم إنسان على إنهاء حياته لأسباب نفسيه، عندما يفقد حبيبته أو عزيزي عليه مثلاً. لكن هناك مرضى الفصام، هؤلاء عندما ينتحرون يقدمون على ذلك لأنهم يسمعون أصواتاً تأمرهم بالانتحار. يشعرون أنهم تحت رقابة أو اضطهاد، تحدث لهم ضلالات مثل الغيرة أو الخيانة الزوجية.

وهل يعكس الانتحار ضعف الفرد أم قوته على اتخاذ تلك الخطوة؟

عكاشة:
محمد البوعزيزي، مفجر ثورة الياسمين البعض يعتبر الانتحار هروباً وجبناً، وآخرون يعتبرونه شجاعة وكرامة، هذه آراء فلسفية مختلفة. لكننا كطب نفسي نعتبر أن أي محاولة للانتحار هي صرخة للمساعدة علينا أن نأخذها على محمل الجد، ولا نقول إنهم يمثلون أو يهرجون، لا يصح ذلك إطلاقاً. وأعتقد أن هذه الأيام وصلت الصرخة لصناع القرار السياسي، على الأقل في الكويت، هناك خطوات، وفي السعودية، هناك خطوات، وأرجو أن تلتفت سائر الحكومات إلى مواطنيها لدراسة مدى جودة حياتهم حتى لا يصل إلى درجة اليأس والعجز.

كانت هناك محاولات انتحار مماثلة أيضا في أوروبا الشرقية في فترة من الفترات.. كيف تقارن بين الحالتين؟

عكاشة: الأمر واحد، عندما يكون هناك كبت وإحباط شديدين وانعدام لحريات التعبير، وكبت للديمقراطية، وعندما تكون هناك حالة من الطوارئ تحكم البلاد، وعندما يكون هناك اعتقال للسجناء وتعذيب للمعتقلين، عندما تهان كرامة الإنسان ويفقد آدميته، وعندما يهان الإنسان في كبريائه بالفقر والبطالة والقمع والقهر، لاشك أن كل هذه العوامل ستؤدي إلى زيادة حالات الانتحار.


أ. دوكر: دور الثقافة الشعبية ومتاعبها -بقلم أ. دوكر





أ. دوكر: دور الثقافة الشعبية ومتاعبها


 






بقلم أ. دوكر
"ما الساحرُ غير مُنظَرٍ ممارس" (أوبي ـ وان كينوبي)
في الدراسة المعاصرة للثقافة الشعبية يتم التسليم بضياع "ثقافة الشعب المشتركة" واستبدالها بثقافة جماهيرية متشظية، أي أن المقاومة  تكون هنا بين الفرد والمجتمع، ولعل ما يشغلنا اليوم هو وصف ثقافة المستهلك. فما الإنجازات السياسية التي حققتها الثقافة الشعبية إذا علمنا بخاطبها الديمقراطي؟ ما الذي حققته الحقول المعرفية الأكاديمية القليلة المهتمة حقاً بدراسة الشعبي، والتي تؤكد بأن عامة الشعب هم جزء من الصراع السياسي وبأن الحياة اليومية هي مُبدعة بطرق ما كانت لتتحقق في السابق إلا في ميدان الفنون الجميلة وأوساط المجتمع الراقية؟
كان أحد أهداف الدراسات الثقافية هو إبراز ثقافة عامة الناس التي لقيت إهمالاً كبيراً بدلاً من التركيز على الثقافة النخبوية للفنانين. ولأن الشعب في المجتمع الصناعي المتأخر هو من المستهلكين، أدى ذلك في النهاية إلى إهمال تام لإمكانيات الإنتاج الشعبي للثقافة. ولعل واحداً من أبرز الأمثلة على ذلك نجده في مقال جون فسك "فهم الثقافة الشعبية" (1990)؛ إذ يتناول فيه الاستعمال الشعبي للنصوص التي تقدمها صناعة الثقافة بمجملها. وهنا تكون حرية المضطهَدين ـ (لأن الثقافة الشعبية هي ثقافة المضطهَدين) ـ هي حرية قراءة وتأويل وإنتاج المعاني الشعبية من داخل المادة التي تقدمها القوى المهيمنة (ويفيد فسك هنا من مقال ميشيل دي سيرتو"ممارسة الحياة اليومية"، بل يركز عليه جداً).
المشكلات التي تعاني منها هذه المقاربة تؤثر في الفورية السياسية لهذه النظرية كما تؤثر في منظورها؛ فالتركيز المطلق على استعمال النصوص الشعبية ينكر على الشعب أية إمكانية لتناول أي موضوع آخر عدا الموضوعات التي تخص المستهلك، والناس ببساطة ليس بمقدورهم الإتيان بشيء عدا القراءة واستخلاص المعاني لكن بغض النظر عن مدى التخريب أو المعارضة التي تكنه هذه القراءات والمعاني فإنها لا يمكن أن تضاهي الإنتاج الشعبي للثقافة، والذي أراهُ ممكناً. الثقافة الشعبية، باختصار، ثقافة المستهلكين هي بالدرجة الأساس لا المنتجين.
ويكون طابع الاستهلاك المهيمن (والذي يطلق عليه فسك تسمية "الإنتاج الثانوي") فردياً وخاصاً (وهو غالباً ما يصف الناس الذين يشاهدون التلفزيون في منازلهم)، وبذا تكون تأثيرات المقاومة الشعبية مقتصرة في النهاية على فضاء غرفة الجلوس. إن هذا التشظي الاجتماعي الذي يُعدّ سمة المجتمع الرأسمالي المتأخر أدى أيضاً إلى جعل القوى (الرأسمالية) المهيمنة هي التي تحتل ذلك الفضاء، ولا عجب أن رأينا فسك يردد، ولمرات عدة، الاستعارة التي أطلقها دي سيرتو على السوبر ماركت بوصفه فضاء الثقافة الشعبية. وهكذا يتم إنكار التدخلات الشعبية العامة، التي تكون مشابهة لإمكانات الإنتاج الشعبي. وهذا بدوره يسهم في الفصل بين مديات السياسة والترفيه (بوصفه جزءاً من صناعة الثقافة).
وفي السياق المعاصر تكون القوة المهيمنة متمثلة بشركة ترفيه ـ صناعي (ومعلومات عسكرية) إلا أن هذا النهج لا يكون المسؤول عن إضفاء عنصر الجمالية على السياسة لأن ذلك لا يحدث بالدرجة الأساس إلا من خلال الثقافة الشعبية. الموقف الذي أتبناه هنا في تحليل الثقافة الشعبية ينبع من هذا النقد الفاحص، وأنا أركز بالدرجة الأساس على مواضع المنافسة والمقاومة، لا بمعنى القراءات التدميرية للنصوص التي تنتجها صناعة الثقافة ووسائل الإعلام (لأن القراءة المجردة تكون غير فاعلة سياسياً)، بل بمعنى الإنتاج الشعبي للثقافة الشعبية، هذه المواضع التي تخص إنتاج المعارضة هي موجودة حقاً، وهناك الكثير من الجدل في حقل الدراسات الثقافية يرمي إلى التنظير بشأن المشكلات التي تتناولها هذه الممارسات. والمهم أنها لا تلقى تجاهلاً تاماً، بل أرى أن ثمة إجحاف في تقدير مكامن قوتها.
كان على سمات، أو بالأحرى متطلبات، مثل هذه الممارسات الخاصة بالثقافة الشعبية، والتي تتبع النقد المذكور آنفا، أن تعتمد الاختلاف، أو أن تلجأ بدلا من ذلك إلى الثقافة المهيمنة مادامت الفرضية التي تقول بأننا نناقش ثقافة المضطهَدين فاعلة. ولعل مثل هذه الممارسة تتضمن، بالضرورة، إنتاج الثقافة لكن على وفق مبادئ تنظيمية واقتصادية، وفي النهاية، سياسية مختلفة تماماً. أي بعبارة أخرى سيحاول أن يبرهن على وجود فضاءات عامة مستقلة نسبياً يتم فيها إنتاج ثقافة شعبية معارضة.