الخميس، 16 أكتوبر 2014

غالب المسعودي - قلق.............!

قلق..............! د.غالب المسعودي-نص غالب المسعودي

قلق..............!
د.غالب المسعودي
عرقٌ .........عرقٌ..عرق
وسماءٌ من ورق
عطرها الفرنسي يزيدني أرق
أحبها قبل  أن يغمر برد الماء
  أعضاد اللسق
والسكر. سكر الروح
فياله من......قلق
كيف  أغفو والجباه لاصقات
والنهود...........
مضمخات بالعرق
يا أنت
ياكل قصائدي
وكل ما في الكون
من  ألق
أ حدق في العينين
 أضرب بألاعطال
أسرار
سورة ............
الفلق..!

الأحد، 12 أكتوبر 2014

قصة قصيرة أجنحة مهيضة-أحمد الحلي

قصة قصيرة

أجنحة مهيضة

أحمد الحلي

مهداة إلى الصديق عصام البياتي


أطل الصباحُ على إحدى الدجاجات وهي تلتهم طعامها اللذيذ المعتاد في الحقل الكبير جنباً إلى جنب مع مجموعة كبيرة من أفراد جنسها ، وهي اعتادت أن تنظر إلى الأمور والأشياء المحيطة بها من ذات الزاوية ؛ كمية الغذاء المقدم لها في أوقات محددة بدقة ، الرعاية والاعتناء ذاتهما من قبل العامل الموكل إليه هذا القيام بهذا العمل الروتيني ...
بيد أن هذه الدجاجة ، ولسبب ما غير مفهوم ، أخذت تنتابها مشاعر مبهمة فيها شيءٌ من التوجس والحيرة  بل والريبة أيضاً عن المكان الجديد الذين تذهب إليه قريناتها الأكبر سناً بعدة أسابيع ، حيث كانوا يأتون على حين غرة ، محدثين جلبة وضوضاء  تصدّع الرأس مصطحبين معهم عدداً كبيراً من الأقفاص ، ليشرعوا بحشرها فيها بطريقة أبسط ما يقال عنها إنها تفتقد إلى اللياقة وحسن المعاملة .
وعلى أية حال ، فهي ، شأنها في ذلك شأن أفراد جنسها ، لم تكن ممن تتملكهم المشاعر السوداوية إزاء ما يجري من حولها ، ولا ترغب بأن يعكر صفوها شيء .
هذه الدجاجة ، بدأت تطرأ على تفكيرها مشاعرُ وأحاسيس جديدة ، وجدت نفسها تنظر إلى السماء ، هذه المساحة الشاسعة الزرقاء الممتدة ، كانت تحدق فيها وكأنها تراها للمرة الأولى ، وجدت نفسها سعيدة باكتشاف هذا العالم الجديد ، من بين ما لاحظته ؛ مجموعات سابحة من الطيور وهي تطير بمستويات متعددة وأخرى تطير فرادى بسرعة أو بتمهل ، أمعنت التفكير ملياً في هذه المسألة ، وجدت أن الفضاء الذي تسبح فيه هذه الطيور لم يكن بعيداً عنها ، كانت تحس به قريباً جداً من وجدانها وكينونتها .
فجأة طرأ على تفكيرها السؤال ؛ لمَ هي بمعية هذا الحشد الكبير من رفيقاتها يتوجب ويتحتم عليهن العيش أسيرات لهذا الحقل وما تحيط به من أمور مريبة ، بينما آفاقٌ أخرى مذهلة يمكن أن تكون بانتظارها ، ألقت نظرة إلى جناحيها وريشها بزهو واختبرت قوتهما بحركة مألوفة ، إنهما قويان كفاية لينطلقا بها بعيداً ، أخفت سرها مع نفسها خوفاً من  انكشاف أمرها بانتظار فرصة سانحة .
على مقربة ، وضمن ذات المساحة ، كان صاحب الحقل لا يعوزه شيء وجه ممتليء بشاربين كثين وجسم ضخم بمنكبين عريضين ، كل شيء تقريباً كان متاحاً له ، الممكنات المادية والحياتية كانت طوع أمره ، فمنذ وقت مبكر علمته دروس  الحياة القاسية أن يرى في الفقر والفاقة فشلاً في اختبار الحياة ، لذا فهو قد وضع ، ومنذ البداية لنفسه هدفاً محدداً يتمثل في اختراق حاجز الفقر الذي كانت تعاني منه عائلته قبل زواجه ، ليصل إلى مرحلة الغنى والثراء مهما كلفه هذا الهدف من تضحيات ومشقات ، وكان له ما أراد .
بيد أنه ، وعلى غير عادته ، وجد نفسه في الآونة الأخيرة وقد راحت تداعب مخيلته بعض الأفكار والرؤى التي لم يعتد عليها من قبل ، فقبل مدة يسيرة أتيح له أن يتعرف من خلال أحد أصدقائه على أحد الشعراء ، فأخذ هذا يتردد عليه في مكتبه بين الحين والآخر ، وكان هو ، لا يبخل بالترحيب بضيفه الجديد ، وبصفة خاصة حين لا يكون هناك ثمة عمل وكشوفات حساب وأرقام .. واجداً في قربه منه نوعاً من السلوى والتعويض بل وحتى الفضول ، كان يتعجب أن لا يرى إمارات الفقر والعوز البادية على هيئته وملامحه متمكنة من روحه وعنفوانه ، كان بوسعه أن يرى الشعاع الخفي الذي ينطلق من عيني ضيفه والحيوية الغامضة المنطلقة عبر نبرة صوته الذي ينطلق على شكل جمل وكلمات لم تألفها لغته أو لغة أقرانه ذات الحواف الرتيبة الخشنة ، ومن أجل ذلك فقد أخذت تعكر صفو أيامه نوباتٌ مقلقة من التفكير والأرق ، أحس أن شيئاً ما بدأ بالتسرب داخل روحه ، وهكذا وجد نفسه يستفيق فجأة على عالم آسر لم يكن يعيره اهتماماً والتفاتاً في السابق ، بل وغالباً ما كان يسخر منه لعدم جدواه المادية ، حيث كانت  هذه "الجدوى" تشكل لدية المعيار الأساسي لكل ما يدور حوله أو ما يتوجب عليه عمله ، كان يرى أي اهتمام إضافي لا يدر فائدة مادية هو مضيعة للوقت ، وهو " هلاكات * " من نوع ما ، وبناءً على الوضع الجديد الذي طرأ عليه واكتسحه  ، فإنه أخذ يستزيد من زيارة أدباء وشعراء آخرين ، بالإضافة إلى أنه لم تكن لتفوته فرصة الذهاب إلى مقر اتحاد الأدباء للاستمتاع بالأماسي الثقافية المتنوعة والالتقاء بأكبر عدد من الأدباء الذين أصبح ينظر إليهم وكأنهم كائنات خرافية قادمة من كواكب أخرى ....
 فكّر مع نفسه ، وقرر أن يصبح أديباً أسوة بالآخرين مهما كلفه الأمر ، وأخذ يستعرض في ذهنه  المجال الذي سيختاره ، وإن كان بطبيعة الحال يفضل أن يكون شاعراً ، ثم  أخذ يستعرض عدداً من عناوين الكتب التي سيقوم بتأليفها ، ً ، إلا أنه وبعد عدة محاولات ركيكة أصابه الإحباط  و اكتشف  أن الشعر ليس ميدانه المناسب  ، فقرر أن يختار ميداناً آخر ، حيث فهم من  بعضهم أن فن كتابة الرواية هو الفن الأرحب والأكثر ديناميكية بين سائر الفنون الإبداعية في عصرنا الراهن ، بل أنه الأكثر " جدوى"  بينها إذا ما أتيح للروائي النجاح والانتشار ،  وضمن إطار هذا التوجه  ، نصحه أحد معارفه الجدد من الأدباء أن يستزيد من قراءة كتب بعينها ، وأعد له قائمة طويلة ضمت كتباً فلسفية وتاريخية وروايات مشهورة  ودواوين شعر ، وفي رحلته الأولى لإحدى المكتبات المتخصصة ببيع الكتب القديمة وجد أن المبالغ التي يتوجب عليه دفعها باهظة نوعاً ما ، وأخيراً وجد ضالته بأن أرشده أحدهم إلى المكتبة العامة التي بمقدوره أن يستعير منها على سبيل الاستعارة الخارجية  ما يشاء ، غير أنه وبعد عدة محاولات مع أحد الكتب وجد أن عملية القراءة شاقة ومضنية ، فكّر في الأمر مع نفسه وأخيراً اهتدى إلى حل  يتمثل في أن يتجنب القراءة واستنزاف وقته الثمين ، وفي مقابل ذلك أن يكثف حضوره إلى أماسي اتحاد الأدباء والتجمعات الثقافية التي تعقد في مدينته بين حين وآخر ، بالإضافة إلى ذلك يقوم بتوفير المناخ الملائم في مكتبه بالذات لغرض استدعاء عدد  محدود من الأدباء منتقى بعناية ، فيتم عقد جلسات يتحدثون فيها عن الشأن الثقافي ، فيحصل على رصيد جيد من الثقافة والإلمام عن طريق المرويات الشفاهية ، في أحد الأيام حضر إلى مكتبه أربعة أدباء كبار مرموقين  قدموا إلى مدينته من العاصمة بغداد لغرض إقامة أمسية ثقافية ، وقبيل عقد الأمسية استدعاهم إلى مكتبه بعد أن أقلهم بسيارته الفارهة للقيام بجولة ترفيهية إلى عدد من المعالم الأثرية والعمرانية فيها ، وبينما كان الحاضرون منهمكين بمناقشاتهم الحامية الوطيس حول النظريات النقدية الحديثة ؛ البنيوية والتفكيكية والسيميائية وما إلى ذلك  ، فجأة  انتبهوا إلى حدوث جلبة عند مدخل المكتب ، ثم ليجدوا امرأة مسنة يعرفها  تقتحم المكان وهي تحمل بيدها دجاجة ، لتقول له ؛  "دخيلك دختور ، هاي دجاجتنه صارلهه يومين معوشه ، بلچن تشوفلهه چاره " ، انعقد لسانه لهول المفاجأة والصدمة ، وأخيراً انتبه لنفسه ليقول بما يشبه العزاء وتأنيب الذات ؛ "آني ما يصير براسي خير ما طول الدجاج ورايه" !   
وفي خضم حمى  المسير في هذا الطريق الشائك ، وجد أنه من المحتم عليه أيضاً أن يتعلم فنوناً أخرى ذات صلة بالثقافة والأدب ، من بينها الموسيقى ، واعتاد أن يحضر  بين فينة وأخرى إلى أحد المكاتب لتعليم أصول الموسيقى ، وأصر هو منذ البداية  أن يتعلم السلم الموسيقي ، إلا أنه في كل مرة يطلب فيها معلمه منه أن يردد معه الصيغة ؛  دو - ري - مي - فا - صول - لا - سي  ،
كان لا يتبادر إلى ذهنه سوى  ؛ قو- قي- قا - قوق -قا - قي ... !!
ومهما يكن من أمر ، فقد كانت الرؤى والأخيلة السعيدة تتفتح أمام عينيه كأنها شلال  سحري متدفق ، وفي الأيام التي يتحتم فيها عليه أن يبيت في حقله الكائن بإحدى ضواحي المدينة ، كان بوسع عينيه حين يستفيق صباحاً أن تريا السماء وهي تحشد بطيور مختلفة وهي تعبر صفحتها على مستويات مختلفة ، في تلك الأثناء كانت تجتاحه رغبة عارمة بالطيران معها ....






[1] هلاكات  ؛ مصطلح  يستخدم بكثرة من قبل أصحاب حقول الدواجن يشيرون فيه إلى الأمراض التي تتعرض لها الدواجن فتؤدي إلى هلاكها بالجملة .

الأربعاء، 8 أكتوبر 2014

: قصص الدّيانة اليهوديّة الأولى - الدّيانة اليهوديّة الإبراهيميّة - -





: قصص الدّيانة اليهوديّة الأولى - الدّيانة اليهوديّة الإبراهيميّة - 
روى لي والدي أنه عندما كان لايزال طفلاً صغيراً يربى في قرية من قرى جبل الحلو أو بما يُعرَف أيضاً بوادي النّصارى في أواخر فترة الثلاثينيّات وبداية الأربعينيّات (١٩٣٠ - ١٩٤٠) أي ما حول الحرب العالميّة الثّانية عن بساطة تطوّر الوعي الدّيني وسذاجة الإيمان الرّوحي لدى القرويين الأميّين السّوريين في وقتٍ ليس كثيراً ببعيد عن وقتنا الحاضر، وهم يؤلّفون الغالبية السكّانية لسوريا و للعالم العربي قبل نزولهم إلى المُدن وحدوث الإنفجار السّكاني فيما بعد في السبعينيات، في ذلك الحين لم تكن قرية واحدة في سوريا تعرف ما هي الكهرباء أو الطرق الإسفلتيّة أو شبكات المياه أو السيّارات، كل بيت أو عدّة بيوت كان لديهم جب (بئر) ماء وتنّور للخبز المشروح وحاكورة للخضراوات وعدّة أشجار تين ورمّان وجوز وتفّاح وعريّشات عنب وقن دجاج للبيض الطّازج ولحم الفراريج المشويّة على منقل الفحم أو للسلق والطبخ مع البرغل و حب الحمّص وكان للبيوت سور وداخله عاشت الخراف والماعز والأبقار للحليب والجبن وعلى زاوية وقف حمار أو بغل أو كديش وفي زاوية أخرى تتواجد مجرشة حنطة يدويّة عبارة عن حجرين صوّان يدوران فوق بعضهما لجرش الحنطة وصنع البرغل وقريباً منها انتشرت أطباق اللبن المُجفّف و قطارميز لدعابيل اللبنة والشّنكليش والزّيتون المرصوص وعلى زاوية أُخرى وضعت أدوات الحراثة والفلاحة والحصاد فهناك رفش و معول (قظمة) و منكوش مُسنّن و منجل و خاشوقة (ملعقة) كبيرة لتحريك السّليقة في القصعة الكبيرة في المُناسبات أو الإحتفالات. باختصار كان لديهم إكتفاء ذاتي ولكن لم تكن الحياة بتلك اليسر و الّسهولة فكثيراً ما مرّت عليهم سنوات قحط عجاف و داهم القُرى الجّوع و الأمراض فلم يكن هناك مستوصف أو خدمات تمريضية و أقرب طبيب لهم كان في بيروت و لم يكن لديهم غير الطّب العربي و روى لي أنّه عندما كان بعمر ٩ سنوات مرضت أخته جميلة وأصابتها حُمّى وكانت بعمر ٦ سنوات فأشار أحد "الفهيمين" بالقرية أن يأتوا لها بتراب أسود من القبور لأنَّ (المسيح وهب الحياة للذين في القبور) ويخلطوه بالماء و يجعلونها تشربه فتسمّمت و ماتت على الفور إثر إجبارها على شرب ذلك الخليط القاتل! وعندما مرض والدي بالتهاب اللوزات كان علاجه قطع اللهاة بالسكّين وكاد أن يموت هو نفسه جرّاء ذلك! ولكنّه قُدِّرَ له أن يعيش وأن يُحتَفَل به كأوّل من يحصل على أسمى وأرفع الشهادات العلميّة المعروفة آنذاك ألا وهي شهادة "السرتفيكا" وهي إتمام الصّف السّادس في مدرسة "الكتّاب" في القرية المُجاورة ! هكذا كانت حال أغلب أو جميع قُرى سوريا و لبنان و العالم العربي في الفترة مابعد انجلاء الحكم العُثماني بعد الحرب العالمية الأولى بعد إطباق الجهل و التّخلّف عليه طوال أربعمئة عام من الحكم التّركي لضمان إستمرار الإحتلال و نهب المحاصيل وجمع الأتاوات و الضرائب المُرهقة منها للباب العالي التّركي و ممثلي السّلطان العُثماني من بكوات و باشوات و أفنديين
مايهمّ بحثنا هنا هو إعطاء فكرة عن بساطة و جهل و تخلّف و سذاجة النّاس الطّيبين اللذين عاشوا في تلك الفترة تحت تلك الظروف وكيف كان وعيهم الدّيني! يقول والدي أنّ القرية كانت تقع في وادي ويحدّها جبلان وكان في قمّة أحدهما صخرة كبيرة وفي أثناء بعض الليالي كان يسقط عليها ضياء القمر فترسم على سفح الجبل ظلّها وكان على شكل خيال رجل وكان ذلك الخيال مدعاة للذُّعر ومصدر لدب الخوف والهلع في قلوب أهل القرية وآمن الجميع، بعد أن أدلى أحد "حكماء" الضّيعة أنّ ذلك الظّل ما هو إلّا ظهور وتجلّي للنّبي موسى فهو كليم "الرّب" الذي كان يصعد الجبال ليكلّم الله. وهناك حادثة أُخرى أذكرها أيضاً و تصب في هذا السّياق وهي وجود عمود بازلتي صغير في الشّاطئ الصّخري لمنطقة الباص أو الباصيّة المقابلة لقلعة المرقب في بانياس السّاحل السّوريّة وقد نُصِبَت وكانت تُستخدم كمرسى لربط حبال السفن الفرنسية والإيطالية عندما كانت ترسو جالبةً الإمدادات والعتاد والسّلاح من أوروبّا للغزاة الصليبيين الذين بنوا القلعة وصاروا حاميتها، ومثل تلك المراسي منتشرة على طول السّاحل السّوري-اللبناني-الفلسطيني مقابل سلسلة القلاع والحصون التي أنشأها الصّليبيون أثناء فترة الحملات الصّليبية على بلادنا ولكن سكّان تلك المنطقة والقُرى المُحيطة بها لهم اليوم رأي آخر في حجر المرساة الأسود المائل هذا ويحيطونه بهالة من القُدسيّة فهو "عصاة موسى" قذفها النّبي موسى من أعلى القلعة لطرد الغُزاة فشّكت وغرزت هناك بشكلها الحالي وميلانها باتّجاه القلعة وما إلى ذلك من تخاريف شيوخ ضيعنا وشعبنا إذ أنّ موسى هذا بعمره لم يعش أو يتواجد في بانياس السّاحل السّوري أو في قرى وادي النّصارى بين حمص و طرطوس! ولكن عندما نقرأ كتب العهد القديم والجديد والقرآن نراها ملآى بتخاريف مثل تلك وأكثر من ذلك بكثير وكلّها منشؤها قصص التّوراة الركيكة الغير مترابطة مكانياً وزمانيّا و التي استمرّت وتمّ تأكيدها في الإناجيل الأربعة المعروفة ب"الكتاب المُقدّس" وتمّ تأكيدها أكثر والإبحار فيها والإضافة إليها في كتاب القس ورقة بن نوفل مطران مكة لطائفة اليهود النصرانيين المترجم و المنقول عن التوراة العبرانية أو ماعُرف فيما بعد بكتاب "القرآن الكريم" وما أدعوها أنا ب"تخاريف اليهود"! فما هي هذه التخاريف والقصص و كيف وردت وكيف أصبح أبطال خيال و أوهام حاخامات اليهود أنبياء ورسل وملوك مقدّسين وأصبحوا تماثيل مُعظّمة مُقدّسة تزنّر وتطوّق الفاتيكان في إيطاليا وكاتدرائيّة نوتردام في فرنسا وسائر كنائس و كاتدرائيّات أوروبّا ؟ كيف نُسجت و ما هي الدّلائل على هشاشتها و عدم مصداقيتها و عدم عقلانيّتها و كيف تمّ تناقلها و تبديل بعض فصولها حتّى وصلت إلينا بشكلها الحالي اليوم؟
قصّة النّبي إبراهيم المُخجلة - أبو الأنبياء و أصل اليهود و العرب
وُلد إبراهيم وفق الرواية التوراتيّة في موطن آبائه بمدينة أور الواقعة في المنطقة الجنوبية من وادي الرافدين أي العراق، والتي يدعوها المحرر التوراتي بأور الكلدان نسبة إلى الشعب الكلداني السامي، الذي استوطن في هذه المنطقة و أسس في نهاية القرن السابع قبل الميلاد المملكة البابلية الجديدة التي كان من أبرز ملوكها الملك العظيم نبوخذ نصر. إن إطلاق إسم أور الكلدان على هذه المدينة، يدل على أن أخبار إبراهيم التوراتي قد دوّنت لأول مرة خلال تواجد سبي يهود مملكة يهوذا في منطقة بابل، لأنّ الشعب الكلداني لم يكن معروفاً خلال الحقبة التي من المفترض أن إبراهيم قد عاش فيها، وهي النّصف الأوّل من الألف الثاني ق.م. ولسبب لا يذكره نص سفر التكوين فقد قرر أبو إبراهيم المدعو (تارح) ترك موطنه و التوجّه إلى بلاد كنعان للإقامة فيها، فارتحل مع ولديه إبراهيم أو أبرام وناحور، و زوجتيهما ساراي و مِلكة، و لوط ابن ابنه الثالث المتوفى المدعو هاران. وتارح توقف في مدينة حرّان أو حاران الواقعة في الشمال السوري، ليقيم فيها مدة من الزمن قبل أن يتابع طريقه إلى كنعان، ولكنه توفي هناك. بعد وفاة تارح خاطب الرّب إبراهيم وقال له: إذهب من أرضك وعشيرتك ومن بيت أبيك إلى الأرض التي أريك، فأجعلك أمة عظيمة و أباركك و أُعظّم إسمك و تكون بركة. فذهب إبراهيم كما قال له الرب، وأخذ معه ساراي (سارة) امرأته وكانت عاقراً لا تنجب، ولوطاً ابن أخيه المتوفى هاران، و كل مقتنياتهما و النفوس التي امتلكوها في حاران، وأتوا إلى أرض كنعان. أما أخوه ناحور فقد بقي في الشمال السوري. في أرض كنعان ظهر الرّب لإبراهيم و قال له: لنسلك أعطي هذه الأرض. فبنى إبراهيم مذبحاً للرب في شكيم حيث (ظهر له)، ثم ارتحل جنوباً إلى قرب مدينة بيت إيل، فإلى أقصى الجنوب الفلسطيني. عاش إبراهيم و ابن أخيه لوط في كنعان حياة الرعي المتنقل، وكان يقيم مع أسرته وعبيده تحت الخيام على أطراف المدن الكنعانية. وفي إحدى سنوات الجفاف حصل جوع في الأرض، فارتحل إبراهيم و لوط إلى مصر. وكانت ساراي زوجته فائقة الجمال، فقال عنها للمصريين إنها أخته لكي لا يُقتل بسببها و تؤخذ منه. ولكن بعض موظفي فرعون رأوها و امتدحوها لدى سيّدهم، فأمر أن يؤتى بها و ضمها إلى حريمه، و صنع لإبراهيم خيراً بسببها و صار له غنم و بقر وحمير و عبيد و إماء و جمال. و لكن الرب ضرب فرعون و بيته ضربات عظيمة بسبب ساراي، فدعا فرعون إبراهيم و قال له: لماذا لم تخبرني أنها امرأتك ؟ لماذا قلت لي هي أختك حتى أخذتها لتكون زوجتي ؟ والآن هوذا امرأتك خذها و اذهب. و أوصى عليه فرعون رجالاً فشيعوه و امرأته و كل ما كان له. فعاد إبراهيم إلى جنوب بلاد كنعان، وكانت مواشيه و مواشي ابن أخيه لوط كثيرة، فاختصم رعاتهما، وقرر الإثنان الإفتراق حتى لا تصير بينهما خصومة. فارتحل لوط شرقاً و سكن عبر نهر الأردن، و كانت هناك مدينتين مزدهرتين هما سدوم و عمورة و التين لم يرد ذكر اسم هاتين المدينين في أي من سجلات ثقافات الشرق القديم. فخيّم لوط على أطراف مدينة سدوم، أما إبراهيم فسكن على أطراف مدينة حبرون (أي الخليل في الجنوب الفلسطيني) . قصّة إبراهيم في سفر التكوين طويلة ومليئة بالتفاصيل المُملّة وبحسب التّوراة ومن بعدها القرآن المُستند عليها فإنّ إبراهيم لم يكن أباً للشعب العبراني فحسب وإنما أباً لجميع الأنبياء: * و وهبنا له إسحاق و يعقوب * و جعلنا في ذريته النبوّة و الكتاب * و آتيناه أجره في الدنيا * و إنه في الآخرة لمن الصالحين * يا أهل الكتاب لمَ تحاجوّن في إبراهيم و ما أنزلت التوراة و الإنجيل إلا من بعده * ما كان إبراهيم يهودياً و لا نصرانياً و لكن كان حنيفاً مسلماً و ما كان من المشركين *
لم يذكر سفر التكوين شيئاً عن أيّام إبراهيم في موطنه أور الكلدان، و لاعن قصته مع أبيه الذي يُدعى في التوراة تارح ويدعى في القرآن آزر. ولكن هذه القصة وردت في أحد الأسفار غير القانونية و هو المعروف بكتاب اليوبيليّات. فهنا نجد أبرام بعد أن اعتزل أهله وملّته، يوجه لأبيه خطاباً يتطابق مع خطاب إبراهيم في الرواية القرآنية حيث يقول له: ما نفع هذه الأصنام التي نسجد لها ونطلب عونها ؟ إنها خرساء و لا روح فيها، إنها ضلالة للقلب فلا تعبدها، بل أعبد رب السماء الذي يرسل المطر والندى، الذي صنع كل شيء على الأرض، وخلق كل شيء بكلمته، ومنه تُستمد كل حياة. لماذا تعبد هذه الأصنام التي يصنعها الناس بأيديهم وتحملها على كتفك، و ليس فيها نفع لأحد. سوف يخزى من صنعها و يضل قلب من يعبدها. فقال له أبوه: أعرف ذلك يا ولدي، و لكن ماذا أفعل وقد أوكل إلي القوم أمر سدانتها ؟ لو كلّمتهم بالبرِّ لقتلوني لأن قلوبهم متعلّقة بها. إلزم الصمت يابني لكي لا يصيبك أذىً منهم. ثم إن أبرهام حدّث أخويه بما حدث به أباه فاستعر غضبهما عليه و لكن إبراهيم بقي مُصِرّاً على موقفه. و قد دفعته جرأة الشباب و تهوره إلى اقتحام المعبد و تحطيم تماثيل الآلهة فيه. وعندما سأله قومه عندما اجتمعوا عليه إن كان هو من فعل ذلك وحطّم تماثيل الآلهة أنكر أنّه قام بذلك (كذب) و أشار إلى أكبر تمثال لم يحطّمه بل وضع الفأس عليه و قال أنّ ذلك التمثال هو الذي قام بذلك ! وهنا نرى رجل أو خليل الله يكذب لينجو من العقاب. فيما بعد ذلك التّاريخ ب١١٠٠ سنة أي منذ تاريخ كتابة التّوراة في فترة الأسر البابلي حوالي ٥٠٠ ق.م إلى حوالي ٦٠٠ ميلاديّة نجد مُحمّد يستخدم ويتّبع نفس طريقة المُساءلة والنّقاش في مكّة ويقوم بتكسير وتهديم جميع تماثيل الآلهة عدا تمثال إله القمر إيلّلاه أو الّلاه (الله) في داخل و حول بيت الكعبة "بيت إبراهيم" ويدعو النّاس إلى عبادة هذا الإله ربُّ إبراهيم وربُّ الحجر الأسود تحت شعار (لا إله إلّا الّلاه) و إلى عدم إشراك عبادته بأيٍّ من الآلهة الآخرين تحت شعار (وحده لا شريك له) وأنّ من يعبد و يُشرك في عبادته آلهة آخرين هم من سوف يُدعون ب(المُشركين) ويُعلن نفسه على أنّه قائد جبهة نُصرِة هذا الإله تحت شعار (و محمّداً عبدهُ ورسوله)
الضيوف السماويون
في الأرض الجديدة التي نجّاه الرب إليها عاش إبراهيم و إبن أخيه لوط عيشة رغيدة و لكن زوجة إبراهيم كانت عاقراً و كان راغباً في ولد يرثه بعد أن شاخ و تقدم به السن و عمره يناهز ال١٠٠ سنة ثم جاءته بشرى الحمل الإعجازي بواسطة ملائكة لم يذكر النص القرآني عددهم، ولكنهم في النص التوراتي هم ثلاثة. وقد كان هؤلاء (الملائكة) في طريقهم لإهلاك القوم الذين عاش لوط بينهم، وهم أهالي مدينتي سدوم وعمورة لممارستهم الجنس المثلي أي اللواطة نسبةً إلى (النبي) لوط اللذي حاول هدايتهم، وعندما وصل الملائكة بعد سفرهم عبر مليارات المجرّات ظنّهم إبراهيم من البشر و دعاهم إلى ضيافته، وجاء بعجل فذبحه و أعطاه إلى أهله ليجهّزوه طعاماً و عندما وضع المائدة أمامهم وجد أن أيديهم لا تصل إلى الطعام، فأوجس منهم خيفة" ! نقرأ في سورة هود : * و لقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبُشرى * قالوا : سلاماً ، قال: سلام * فما لبث أن جاء بعجل حنيذ * فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نَكِرَهم وأوجس منهم خيفة" * قالوا : لا تخف إنّا أُرسلنا إلى قوم لوط * و امرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإسحاق و من وراء إسحاق يعقوب * قالت : يا و يلتي أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا ً؟ إن هذا لشيء عجيب * قالوا : أتعجبين من أمر الله ؟ رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت * .. وفيما بعد نرى هذا التعبير نفسه يُطلق على محمّد وآل بيته إلى يومنا هذا ! فعندما رأى إبراهيم ضيوفه يأكلون دون أن يأكلوا داخله الخوف، ولكنهم كشفوا له عن هويتهم و عن مهمّتهم المزدوجة ؛ فهم ينقلون له بشرى الرب بحمل زوجته في شيخوختهما، ثم إنهم منقلبون إلى قوم لوط لإهلاكهم لأن شرّهم قد كثر ! فلما سمعت سارة زوجته بالبشرى ضحكت لأنها تجاوزت سنّ الحمل و الولادة، فقالوا لها ألاّ تعجب من أمر الله لأنه ليس من شيء غير ممكن لديه. و بعدما هدأت خواطر إبراهيم راح يجادلهم في أمر قوم لوط، و يحاول ثنيهم عما جاؤوا من أجله، فقالوا له ألا يتشفع لهم لأن أمر الله قد تم بشأنهم .. ترد قصة إبراهيم وضيوفه بجميع عناصرها القرآنية في سفر التكوين ١٨، مع فارق واحد، و هو أن الضيوف الثلاثة كانوا إله التوراة يهوه نفسه ومعه إثنان من ملائكته وبدل الإمتناع عن الأكل فقد أكل الثلاثة و هم متكئون تحت الشجرة أمام خيمة إبراهيم : وظهر له الرب عند بلوطات ممرا و هو جالس في باب الخيمة وقت حر النهار. فرفع عينيه و إذا ثلاثة رجال واقفون لديه. فلما نظر ركض لاستقبالهم من باب الخيمة و سجد إلى الأرض وقال : يا سيّد، إن كنتُ قد وجدت نعمة في عينيك فلا تتجاوز عبدك. ليؤخذ قليلُ ماء و اغسلوا أرجلكم و اتكئوا تحت الشجرة، فآخذُ كسرة خبز فتسندون قلوبكم ثم تجتازون. فقالوا: هكذا نفعل كما تكلّمت. فأسرع إبراهيم إلى الخيمة إلى سارة وقال : أسرعي بثلاث كيلات دقيقاً سميذاً و اعجني و اصنعي خبز مَلّةٍ. ثم ركض إبراهيم إلى البقر وأخذ عجلاً رخصاً و جيداً و أعطاه للغلام، فأسرع ليعمله. ثم أخذ زبداً و لبناً و العجل الذي عمله و وضعه قدامهم. وإذ كان هو واقفاً لديهم تحت الشجرة أكلوا وقالوا له : أين سارة امرأتك ؟ فقال : ها هي في الخيمة فقال : إني أرجع إليك نحو زمان الحياة ويكون لسارة امرأتك إبن. وكانت سارة سامعة في باب الخيمة و هو وراءه. وكان إبراهيم و سارة متقدمين في الأيام وقد انقطع أن يكون لسارة عادة كالنساء. فضحكت سارة في باطنها قائلة : أبعد فنائي يكون لي تنعّم وسيّدي قد شاخ ؟ فقال الرّب الذي ترك إدارة شؤون الكون كلّه و الواقف هنا شخصياً أمام إبراهيم : لماذا ضحكت سارة ؟ هل يستحيل على الرّب فعل أي شيء ؟ ثمّ قام الرجلان أي الملاكان من هناك و اتّجهوا نحو سدوم و عمورة لتدميرهما و عقاب ساكنيها، فتقدّم إبراهيم من الله ليتواسط لهم فزَجَرَ إبراهيم الله مُستنكراً: أفتهلك البار مع الأثيم ؟ عسى أن يكون خمسون باراً في المدينة، أفتهلك المكان و لاتصفح عنه من أجل الخمسين باراً الذين فيه ؟ فقال الرب : إن وجدتُ في سدوم خمسين باراً فإني أصفح عن المكان كلّه من أجلهم. فأجاب إبراهيم : ربّما نقص الخمسون باراً خمسة، أتهلك كل المدينة بالخمسة ؟ فقال الله: لا أُهلك إن وجدت هناك خمسة وأربعين، فعاد إبراهيم يُحاور الله بالحجّة والمنطق والإقناع الذي بدا وكأنّه قد جنّ أو فقد عقله فيكلّمه أيضاً ويقول له: طيّب عسى أن يوجد هناك أربعون ؟ فقال الله : إذن لا أفعل من أجل الأربعين فقال إبراهيم : عسى أن يوجد هناك ثلاثون ؟ فقال الرّب: لا لن أفعل إن وجدت هناك ثلاثين فقال إبراهيم : طيّب و إن وجد هناك عشرون ؟ فقال الرّب : لا أهلكهم من أجل العشرين، فقال إبراهيم : لا يسخط المولى فأتكلم هذه المرّة فقط (لاحظو استخدام عبارة "هذه المرّة فقط" بعد كل هذه المشارعة) عسى أن يوجد هناك عشرة ؟ فقال الله : إذن لا أُهلك من أجل العشرة ! و انصرف الرّب عندما فرغ إبراهيم من الكلام معه و رجع إبراهيم إلى مكانه
من الواضح للقارئ سخافة النّص التّوراتي و تخليطه الزّماني مع عدم تواجد العبرانيين في العراق في فترة الكلدانيين وهم الحضارة قبل البابليّة و إنّما كتابتهم لهذه القصّة أثناء فترة السبي البابلي لليهود أي ما بعد حوالي ١٠٠٠ سنة من وجود الكلدانيين في تلك المنطقة. أيضاً نرى أنّ الرّب ترك الكون بأسره و اتّخذ إبراهيم دوناً عن كلّ البشر صديق و خل وفي و لهذا أُطلق على إبراهيم لقب (إبراهيم الخليل) فهو خليل الله و صاحبه الصّدوق الصدّيق ! و في مدينة هامّة في الشّمال السّوري توقّف إبراهيم ليحلب بقرته ذات اللون الأشهب فسُمّيت المدينة بحلب الشّهباء وكأنَّ إبراهيم لم يتوقّف ليحلب بقرته سوى هناك ! و لكن الأهم على الإطلاق من كل هذه القصّة السخيفة هي إدّعاء اليهود ببدء تواجدهم في مصر منذ زمن إبراهيم و سفره إليها هرباً من الجفاف و هذا الإدّعاء غير منطقي جغرافيّاً و لوجستيّاً فلا يُعقل لقبيلة رعويّة صغيرة على رأسها ختيار بعمر ١٠٠ سنة أن تترك المنطقة الرّعويّة اللتي جفّت في شرقي نهر الأردن و لا تقطع النّهر لتصبح مباشرةً في قلب سهول فلسطين أخصب أرض في كل المنطقة ولكن بدلاً من ذلك يرتحلون، عبر صحراء النّقب ثمّ عبر صحراء سيناء ثمّ عبر صحراء شرقي مصر للوصول أخيراً إلى منطقة فرعون ولكن ل ايحدّد الحاخام اليهودي مؤلّف هذه القصّة في أي مكان في مصر كان ذلك البلاط الفرعوني؟ ونحن نعرف أنّ ملوك مصر كانوا قد بنو أهرامات الجّيزة كمدافن لهم قرب البحر المتوسّط حتّى يظن الغزاة القادمين من البحر أنّه في هذا الموقع يكمن كلّ شيء ولكنّهم في الحقيقة عاشوا و بنوا مدنهم و ممالكهم و معابدهم و مدافنهم و مدافن كنوزهم النفيسة في وادي الملوك و وادي الملكات في الأُقصر و أسوان بعيداً في عمق الجنوب المصري فهل قطع إبراهيم كل الصّحراء المصريّة وصولاً إلى حدود السّودان ليقيم هناك بجوار البلاط الفرعوني ؟ و حتّى لو افترضنا أنّ هذا الأمر قد حدث فعلاً لقد قال لنا المؤلّف التّوراتي للتّو أنّ سارة قد تقدّم بها العمر و شاخت و قد ضحكت من غباء الله و لطمت على وجهها بعدما قال أنّه سيمنحها حملاً و تلد اسحاق و يعقوب قائلةَ له كيف يتحدّث بذلك وهي قد انقطعت عنها الدّورة الشّهريّة و لم تعد في سن الإنجاب منذ فترة طويلة و إن كان قد قال لنا أنّ عُمر إبراهيم كان ١٠٠ سنة فهذا يعني أنّ عمر سارة كان غالباً من ٧٠ إلى٩٠ سنة أي أنّها كانت عجوز مثله فهل يُعقل أن موظّفي البلاط الفرعوني قد ذُهلو بجمالها الفريد و أسرعوا ليبلّغوا فرعون عنها و كأن مخادع ملوك مصر قد خلت من مئات من أجمل جميلات صبايا مصر و من كل البلدان التي شملتها الإمبراطوريّة المصريّة من صغيرات السّن حتى ينبهر فرعون بها و بجمالها الفتان ختيارة الجن هذه فيسأل إبراهيم من تكون و هنا يكذب رجل الله مرّة أخرى (بعد إنكاره لهدم الأصنام في العراق) ليصون حياته و يُجيب فرعون على أنّها أخته فيأخذها فرعون و ينكحها لعدة سنوات ثمّ يُعيدها لإبراهيم بعد أن اكتشف أنّها زوجته وأغدق عليه بمال وحلال ويشيّعه رجال فرعون وهو عائد لفلسطين ! أما كان حريٌّ بخليل الله هذا أن يطلب من صديقه الوفي الله آغا معروفاً صغيراً بأن يمنع هذا النّكاح أو يُنزل العقاب بفرعون منذ البداية عقاباً له على دناوة نفسه على هذه الختيارة اليهوديّة (الفائقة الجمال) ؟ و لكن نرى هنا تصوير شخصية إبراهيم الوضيعة الذّليلة لقبوله لفرعون بنكاح زوجته لعدّة سنين و كذبه لحماية نفسه على أنّها أُخته. و لماذا نزل عقاب الله على فرعون فهو لم يفعل خطأ بنكح سارة طالما قدّمها له إبراهيم على أنّها أُخته بينما كان الأجدر نزول عقاب الله على إبراهيم لكذبه على تقديمه لفرعون أنّ سارة هي أُخته و ليست زوجته ليتسنّى لذلك الفرعون نُكاحها و يجني من فرعون بيك مواشي و نوق و عبيد و إماء و خدم و أهمّهم الجارية هاجر المصريّة أمّ إسماعيل و (أمّ العرب)! إذن يصف لنا كاتبوا التّوراة بأنّ إبراهيم لعب دور (عرصة أو قوّاد) كما هو متعارف عليه اليوم و تاجر بزوجته سارة و كسب من ورائها و لكن (فرفور ذنبه مغفور) وأنبياء اليهود كلّهم كما سنرى فيما بعد معصومين من غضب الرّب لذا فالعقاب حلّ بفرعون حين (ضربه الرّب ضربات شديدة). وهناك مغالطة غير منطقيّة هامّة أُخرى جديرة بالذّكر وهي سؤال إبراهيم لتماثيل الآلهة وهي صامتة وأمامها الذبائح والعطايا والتقدمات (ألا تأكلون؟) ثمّ يستنتج أنّها مجرّد أصنام وليست آلهة فيقوم بتحطيمها بالفأس ولكن عندما نجده في مكان وزمان آخر في حضرة ضيوفه السّماويين الثلاثة ويسألهم نفس السؤال (لِمَ ل اتأكلون؟) بعد أن ذبح الغُلام لهم العجل الحنيذ وشوى لحمه على الأحجار السّاخنة ولم يأكلوا فيستنتج لعدم أكلهم هذا أنّه في حضرة الله و إثنين من ملائكته بهيئة رجال أرضيين ! ثمّ يقوم باستدراج الله بذكائه الخارق بتنزيل عدد الصّالحين في سدوم و عمورة تدريجياً من خمسين إلى عشرة و يقنع الرّب أن فكرته في إحلال العقاب بالمدينتين فكرة غير جيّدة و يقنتع الرّب بحجّة و شفاعة إبراهيم مع أنّ هذا الله المُتمثّل بهيئة رجل لا يفعل بعد ذلك شيئاً لمنع الملاكين المُتمثّلين بهيئة الرجلين الآخرين و الذين غادرا للتّو لإهلاك المدينتين الخاطئتين
عدا عن أنّ هذه القصّة وإن حدثت بغض النّظر عن عقلانيّتها وتاريخيتها فإنّ أحداث قصص الرّوايات التّوراتيّة حدثت بالكامل تقريباً في المناطق الرعويّة التي استقرّت فيها هذه القبائل بعد الهجرات السّاميّة في البادية شمال صحراء شبه الجزيرة العربيّة جنوب و شرقي الأردن و صحراء النّقب و دخولها في صراع مادّي على المراعي و الأراضي مع قرية مصريم الواقعة شمال الحجاز و زعيمها مختار أو فرعون القرية حيث أن السجلّات المصريّة لم تُشِر ولا حتّى لمرّة واحدة لإسم أي من ملوك مصر بالفرعون أو بالفراعنة بل كان يُطلَق عليهم إسم الملوك، الملك كذا أو الرّمسيس كذا أمّا كلمة فرعون باللغة العربيّة فتعني زعيم قبيلة أو مختار قرية صغيرة ! ومن ثمّ تأسيس هذه القبائل لمملكتي يهوذا و السّامرة غرب نهر الأردن فيما يُعرَف اليوم بالضّفة الغربيّة مجاورين للكنعانيين و الفلسطينيين و من ثمّ للآراميين و الذين دخلوا معهم جميعاً في صراع مادّي على الأراضي و مناطق النّفوذ و في صراع ديني روحي على الآلهة المعبودة كما نعرف و كما سنعرض لكم فيما بعد. وهناك قصتان من سلسلة قصص إبراهيم في التّوراة سوف نتعرّض لهما عندما نأتي إلى الحديث عن إسماعيل، وهما الخلاف بين سارة زوجة إبراهيم وجاريتها هاجر وما نجم عن ذلك من إبعاد هاجر وابنها إسماعيل إلى البرّية، وكيف همّ إبراهيم بذبح إبنه إسماعيل وتقديمه قرباناً للرّب
قصّة إسماعيل
إسماعيل بالعبرية יִשְׁמָעֵאל ومعنى إسمه في كلتا اللغتين (يسمع إيل) بالعبرية أو (سَمِعَ الله) بالعربيّة بمعنى لبى الله دعاء إبراهيم بأن يكون له ولداً فمنحه إسماع-إيل (سمع الله لمن حمده) وكان إسماعيل الإبن الأكبر لإبراهيم من هاجر المصريّة جارية زوجته سارة و كان إسماعيل أول من ذٌكر في سفر التكوين من كتاب التوراة كالإبن الأكبر لإبراهيم من هاجر المصرية جارية سارة و لا تعترف الديانتين اليهوديّة والمسيحيّة بنبوّة إسماعيل. في كتاب التوراة العهد القديم، يوجد شرح لحياة إسماعيل في سفر التكوين إصحاح ١٦ ومايليه ويرد فيه : سارة، زوجة إبراهيم منحت خادمتها هاجر لإبراهيم حتى تحبل منه و تلد له ولداً تتبناه لإعتقادها بأن الله حرمها الحمل. حملت هاجر و بدأت بإهانة سارة لذلك طردتها من بيت إبراهيم في ثورة غضب. هربت على إثرها هاجر إلى البريّة وهناك ظهر لها ملاك الرّب و أمرها بأن ترجع إلى بيت إبراهيم و قال لها : (لأُكَثِّرَنَّ نَسْلَكِ فَلاَ يَعُودُ يُحْصَى) وأكمل قائلاً : (هُوَذَا أَنْتِ حَامِلٌ، وَسَتَلِدِينَ ابْناً تَدْعِينَهُ إِسْمَاعِيلَ لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ سَمِعَ صَوْتَ شَقَائِكِ. وَيَكُونُ إِنْسَاناً وَحْشِيّاً يُعَادِي الْجَمِيعَ وَالْجَمِيعُ يُعَادُونَهُ، وَيَعِيشُ مُسْتَوْحِشاً مُتَحَدِّياً كُلَّ إِخْوَتِهِ). عادت هاجر إلى بيت إبراهيم ومعها إبنها الذي أسمته إسماعيل وبعد أن بلغ إسماعيل الرابعة عشرة من عمره، حملت سارة بإسحاق أو بالعبريّة (يتسحاك) وتعني بالعربيّة (يضحاك أو يضحك) ولد إبراهيم، و عند بلوغ إسماعيل سن السادسة عشرة أغضَبَ سارة، فطلبت من إبراهيم أن يطرد هاجر و إبنها. كَبٌرَ اسحاق، و في اليوم الذي فٌطم فيه أقام إبراهيم وليمة كبيرة، لكن سارة لاحظت بأن إسماعيل يسخر من إبنها اسحاق، لذلك طلبت سارة من إبراهيم : (اطْرُدْ هَذِهِ الْجَارِيَةَ و َابْنَهَا، فَإِنَّ ابْنَ الْجَارِيَةِ لَنْ يَرِثَ مَعَ ابْنِي إِسْحقَ). و بالرغم من أن إبراهيم لم يكن مرتاحا" من مسألة طرد هاجر و إسماعيل، لكنه انصاع إلى أمر امرأته بعدما وعده الله، صديقه و خليله المتواجد دائماً بقربه للإستماع إلى همومه ومساعدته في حلّ مشاكله، بأنه سيعتني بإبنه إسماعيل و يجعل له نسلاً كما لإسحاق. ضايق هذا إبراهيم كثيراً لأن إسماعيل كان إبنه ولكنّ الله قال له : (لاَ يَسُوءُ فِي نَفْسِكَ أَمْرُ الصَّبِيِّ أَوْ أَمْرُ جَارِيَتِكَ، و َاسْمَعْ لِكَلاَمِ سَارَةَ فِي كُلِّ مَا تُشِيرُ بِهِ عَلَيْكَ لأَنَّهُ بِإِسْحقَ يُدْعَى لَكَ نَسْلٌ. وَسَأُقِيمُ مِنِ ابْنِ الْجَارِيَةِ أُمَّةً أَيْضاً لأَنَّهُ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ ). فذهبت هاجر و إسماعيل إلى برية بئر سبع، ولاحظو معنا هنا جُملة (برية بئر سبع) أي أنّ أحداث هذه القصّة كانت تدور في صحراء النّقب في جنوب فلسطين و ليس كما ورد في قصّة الإسلام المُناقضة لها على أنّ مكان البرية كان في صحراء الحجاز قُرب مكّة، و عندها مرّت هاجر و ابنها بفترة عصيبة، فسمعت صوت ملاك الرّب يأتيها من السماء يقول لها : (مَا الَّذِي يُزْعِجُكِ يَاهَاجَر ُ؟ لاَ تَخَافِي، لأَنَّ اللهَ قَدْ سَمِعَ بُكَاءَ الصَّبِيِّ مِنْ حَيْثُ هُوَ مُلْقًى. قُومِي و َاحْمِلِي الصَّبِيَّ، وَتَشَبَّثِي بِهِ لأَنَّنِي سَأَجْعَلُهُ أُمَّةً عَظِيمَةً). وبذلك سكنت هاجر و إسماعيل في صحراء فاران و برع إسماعيل باستخدام القوس و رمي النّبال و اتخَذَت لهٌ أمه زوجةً (لا ندري من أين أتت ؟!) و صار لإسماعيل ١٢ ولداً و منهم إبنة اسمها بَسْمَةَ حيث تزوجها رجلٌ يُدعى عيسو ليرضي أهله. طبعاً هذا ليس عيسى إبن مريم ولكن هذا الإسم كان شائعاً عند اليهود في ذلك الزّمان. ثمّ يظهر إسماعيل مع أخوه في عزاء و دفن أبيهما إبراهيم : (فَدَفَنَهُ ابْنَاهُ إِسْحقُ و َإِسْمَاعِيلُ فِي مَغَارَةِ الْمَكْفِيلَةِ، فِي حَقْلِ عِفْرُونَ بْنِ صُوحَرَ الْحِثِّيِّ مُقَابِلَ مَمْرَا). و قد صار أبناء إسماعيل الإثني عشر رؤساء لإثنتي عشر قبيلة (ومن هنا صار هذا الرّقم مُقدّساً عند اليهود ليصف خطأ" أسباط اليهود من ذرّية إسحاق فهم إثني عشر سِبطاً ومن ثمّ يصبح مُقدّساً أيضاً عند الشّيعة والعلويين ليصف الأئمّة الإثني عشريّة من ذرّية الإمام علي فهم إثني عشر إماماً) وانتشرت ذرّية إسماعيل أو يسمع إيل من حَوِيلَةَ إِلَى شُورَ الْمُتَاخِمَةِ لِمِصْرَ فِي اتِّجَاهِ أَشُّور َ(طبعاً بتنا نعرف أنّ هذه المنطقة متاخمة لقرية مصريم الواقعة في جنوب الأردن شمال الحجاز وليست مصر أو الإمبراطوريّة المصريّة البعيدة جداًَ عن هذه المنطقة) وفِي اتِّجَاهِ أَشُّورَ وهذا صحيح جغرافيّاً بالنّسبة لمكان أحداث القصّة ولكن ليس زمنيّاً لأن آشور و نمرودها العظيم كانا قد انقرضا قبل عدّة مئات من السّنين من هذه القصّة و الأحداث تدور في فترة وقوع المنطقة تحت سيطرة مملكة البابليين الآن وليس في فترة مملكة الآشوريين
تختلف الرّواية اليهوديّة مع الرّواية الإسلاميّة بقصّة فداء إبراهيم لإبنه إسحاق بدلاً من إسماعيل وهذا ما سبْب تناقضاً وإحراجاً لمُحمّد فيما بعد .. أمّا في الدّيانة الإسلاميّة فتروى نفس القصّة ولكن مع كثير من المٌغالطات التّاريخيّة و الجغرافيّة و تأخذنا بأحداثها من صحراء بئر السّبع (أو بير شيبا بالعبريّة) في فلسطين إلى جنوب الحجاز وحول مكّة حيث سكنت القبائل اليهوديّة و التي أتى منها القس ورقة بن نوفل و رسوله مُحمّد بعد هروبها من المجازر والإضطهاد الرّوماني بعد سقوط القدس وتدمير المعبد في عامي ٧٠ و ١٣٥ ميلاديّة بعد أن تمّ للرومان القضاء على ثورة وتمرّد اليهود على الحُكم الرّوماني. ففي الرّواية الإسلاميّة يترك إبراهيم زوجته هاجر و ابنه إسماعيل ليواجها مصيرهما لوحدهما إمتثالاً لرغبة زوجته سارة ويكذب للمرّة الثّالثة هنا على هاجر عندما يجيب عن سؤال هاجر لماذا يتركهما في هذا المكان المُقفر لوحدهما ؟ فيجيبها قائلاً : أنّه إمتثالاً و نزولاً عند أمر الرّب (و ليس امتثالاً لرغبة زوجته سارة) و يذهب تاركاً أيّاهما في المنطقة الواقعة ما بين جبل الصّفا و المروة و قد هلعت المرأة و راحت تعدو بينهما عدّة مرّات بحثاً عن الماء لإيشاكها و إبنها على الموت عطشاً و هي تلهث وراء السّراب و لكنّ الماء يتفجّر بإرادة الله عند قدمي الطفل إسماعيل في ذات المكان حيث تركته و هكذا يسلمان و من ثمّ تمر صدفة بالمكان قبيلة (جرهم - القبيلة التي أتى منها محمد فيما بعد) العربيّة فتطلب الإذن من هاجر بالإستيطان فتطلب أن تستأذن هذه الزّوجة المُطيعة من زوجها الغائب أوّلاً، فيظهر إبراهيم في القصّة من الخفاء فجأة ! و يأذن بذلك فتستوطن القبيلة هناك و يدقّون خيامهم و ينصبون لهاجر و ابنها خيمة جميلة ! ثمّ يأمر الله صديقه و خليله إبراهيم ببناء بيت له في مكّة فيفعل و يبني الكعبة في مكّة مع أنّ إبراهيم كما قد سبق و رأينا في الرواية التوراتية كان في صحراء النّقب و بعمره لا كان في مكّة و لا بنى بيت للرّب في مكّة !! لا بل في التّوراة وهي أصل القصّة لم يطلب الرّب منه بناء بيت أو كعبة له و لكن قد تمّ اختيار كعبة مكّة في الرّواية الإسلاميّة لتوجيه و حصر أموال و أرباح تجارة الحج في قبيلة قُريش عدا عن أيّ من القبائل الأُخرى حيث ذكرت الكثير من المصادر وجود ١٨ كعبة في أنحاء شبه الجزيرة العربيّة أي ١٧ كعبة أُخرى إضافةً لكعبة مكّة احتوت جميعها على آلاف التماثيل للآلهة المعبودة عند مُختلف القبائل العربيّة المُتواجدة في اليمن والجزيرة العربيّة آنذاك. طبعاً زالت الكعبات كلّها ولم تُبقي عقيدة التّوحيد الإبراهيميّة - المُحمّديّة إلّا على كعبة مكّة و على إله واحد هو الله ربّ الأرباب أو إللاه كبير الآلهة أو بالعبريّة ياهواه أو يهوه وتعني كلمة ياه-واه أو ياه - واح : القمر وحده
و لكن تتفق الرّواية الإسلاميّة مع الرّواية اليهوديّة بقصّة فداء إسماعيل بذبح كبش بدلاً عنه و هو إعادة تمثيل لإستغناء و عدول السّومريين و الآشوريين و البابليين عن تقديم القرابين البشريّة على مذابح الآلهة الإناث المُقدّسة إنانا وعشتار ومن ثمّ أولادهما الآلهة الذّكور مردوخ و أدونيس (وهذه المنصّات نفسها لازالت موجودة في الكنائس المسيحيّة و تُعرف بإسم المذبح وهي موجودة أمام الخوري و عليها يتم طقس تناول قربان أوجسد الرّب) فقد أمر الله إبراهيم بذبح إبنه إسماعيل و تقديمه له قُرباناً كبرهان على ولائه له و إيمانه به و لمّا امتثل إبراهيم لطلب صديقه الرّب و ما أن همّ بذبح إبنه البكر حتّى سمع إيراهيم نداءً سماوياً يأمره بذبح كبش فداءً لإسماعيل بدلاً من ذبحه و عندما نظر إبراهيم إلى جهة الصوت رأى كبشاً سميناً ينزل من فوق قمة الجبل وكان كبشاً أملحاً و له قرون .. تصوّروا معنا هذه العجيبة ! كبش مليح (و له قرون .. يا الله على هالعجيبة !!) فحلَّ إبراهيم الوثاق عن إبنه إسماعيل ثم قَدِم الكبش طواعية إلى بين يدي الختيار المُسن و تمدّد على الأرض مادّاً عُنقه فذبحه إبراهيم (باسم الله و قدّمه قرباناً إلى ربّنا الرحيم) كما تقول الرّواية الإسلاميّة و منذ ذلك اليوم أصبح تقديم الأضاحي من مناسك الحج و المسلمون في كل مكان من العالم يذهبون لزيارة بيت الله .. البيت الذي بناه إبراهيم و إسماعيل لعبادة الله .. يطوفون حوله و يمجّدون اسمه .. و يسعون بين الصفا و المروة كما سعت هاجر من قبل، و يُقدِّمون القرابين كما قدّم إبراهيم قرباناً من قبل .. يفعلون ذلك لأنهم على دين إبراهيم الحينيف و دين إبراهيم هو دين الإسلام الحنيف
أنا ابن الذبيحين .. هل تعلمون من قال هذه العبارة ؟ إنّه مُحَمّد ! فمن ذرّية إبراهيم و إسماعيل ينحدر عبد المطّلب جدّ محمد و هو الذي حفر زمزم وفي عهده هاجم الجيش الحبشي مكة لتدمير الكعبة فدعا عبد المطلب الله أن يحمي البيت الحرام من شرّ الأعداء فاستجاب الله دعاء حفيد إبراهيم و إسماعيل و (أرسل طيراً أبابيل وطائرات إف - ١٦) فقصفت جيش أبرهة الحبشي ومزقته شرّ تمزيق .. تقول الرّواية الإسلاميّة : دعا عبد المطلب الله أن يرزقه عشرة بنين و نذر إن رزقه الله ذلك أن يذبح أحدهم قرباناً لله .. الله رزق عبد المطلب عشرة أبناء .. فقال عبد المطلب : لقد رزقني الله عشرة أبناء و عليّ أن أفي بالنذر. اقترع عبد المطلب بين بنيه العشرة فخرجت القرعة على عبد الله و هو والد محمّد فأراد عبد المطلب أن يذبح ابنه وفاءً بنذره ولكن لاحظوا معنا هذه النّهفة هنا (أهل مكّة كانوا يحبّون عبد الله كثيراً) لهذا قالوا لعبد المطلب : لا تذبح عبد الله بل أقم قرعة بينه وبين الإبل و (اعط ربّك حتى يرضى) .. وهكذا بدأ عبد المطّلب بقرعة بينه و بين عشرة من الإبل فتخرج القرعة على عبد الله فيعيدها و يضاعف عبد المطلب الرّقم بعشرة كل مرة كانت تخرج فيها القرعة على عبد الله حتى أصبح عدد الإبل مئة وعندها خرجت القرعة على الإبل .. وقد (رضي الله) و كان وقتها عبارة عن تمثال اﻹله هبل (إيل - إله القمر) رب اﻷرباب و كبير أصنام الكعبة بفداء عبد الله لقاء نحر مئة من الإبل فأمر عبد المطّلب بالإبل أن تنحر و أن تُوزّع لحومها على الفقراء والجياع. لقد كان عبد الله (أبو محمد) على وشك أن يذبح و لكن الله رضي بفدائه فهو كإسماعيل الذي افتداه الله بذبح كبشٍ عظيم (و الذي كان له قرون لهذا كان اليهودي النُّصراني مُحمّد دائماً يقول : أنا إبن الذبيحين .. لأنّه إبن ذبيح الله عبد الله بن عبد المطّلب الذي هو من ذريّة ذبيح الله إسماعيل إبن إبراهيم
بغض النظر عن ماهية القوة العظمى الخالقة للكون و كونها موجودة أم أن الكون قد خلق نفسه بنفسه فهذا لا يهمنا .. ما يهمنا هنا أن هذه اﻷديان أضحتت لعنة و طاعون و وباء فتّاك على البشريّة و يا ليت البشر بقوا على عبادة عشتار لكان الحب و الخير و المحبة تملأ العالم اليوم لكن اﻷديان و الخرافات و اﻷوهام و الوعود الزائفة بالمكافأة بالجنة و الوعيد و الترهيب بالحرق و العذاب بنار جهنم و غيرها من هذه التُّرّهات الفاسدة التي لوّثت عقول البشر و أتاهتهم عن بوصلة اﻹنسانيّة و ملأت اﻷرض حقدا" و قتلا" و شرورا" بإسم الدين و إسم هذا اﻹله .. ما يهمنا هنا هو تبيان من أين أتت هذه اﻷديان و كيف تطورت و كيف وصل إلينا هذا اﻹله المعبود الحالي في اﻷديان اليهودية اﻹبراهيمية الذكورية الثلاثة : اليهودية و المسيحية و اﻹسلامية و الذي إسمه الله - إيلاه - إله - إيلي - إيلي - إيلاهم أو اللهم - إيلوهيم اليهودي الذي ما هو إلا إيل - إله القمر اﻵرامي البابلي اﻵشوري و دحض سخافات و تُرّهات هذا الدين اليهودي اﻹبراهيمي و نقض هذا الوهم المقدس المُخرِّب لعقول البشر و للحضارات و القيم اﻹنسانيّة .. طبعا" الكلام موجه للعقلاء فقط و للذين يقرأون أي كتب غير التوراة و نسختها المترجمة إلى العربية القرآن !
لا يوجد حال من كل أمم اﻷرض أسوأ مما وصل عليه حال العالم العربي و العالم اﻹسلامي اليوم و كله بسبب النفاق و الكذب و هذا الوهم المقدس; الدين المخرب لعقول الناس .. ليس بالدين و الخرافة و الوهم تبنى المجتمعات الصحيحة .. الدين المسيحي خرّب و دمّر أوروبا في العصور الوسطى و لم تبنى أوروبا و تخطو الخطوات الصحيحة نحو التقدم و التطور العلمي و اﻹزدهار و الرقي الحضاري إلا بعدما واجهت رجال الكنيسة و فصلت دورهم عن الحياة السياسية و الشؤون العامة للبلاد و انعتقت من نير تسلطهم و فسادهم منذ حوالي ٣٠٠ سنة .. أما نحن فلا نزال نعيش اليوم في العصور الوسطى لعالمنا العربي و اﻹسلامي و ما زلنا نتخبط تحت ظلال أكاذيب هذه اﻷديان اليهودية اﻹبراهيمية الثلاثة و التي آن اﻷوان للتخلص منها و اﻹنعتاق من نير تسلطها على عقولنا و على حياتنا حتى نستطيع اللحاق بالركب الحضاري و التخلص من الفقر و الجهل و التخلف الحضاري و اﻹجتماعي و اﻹقتتال الديني و التناحر الطائفي الذي تعيشه مجتمعاتنا اليوم !!
حين نوجه أنظارنا نحو التكوين النفسي للأفكار الدينية نرى أنّ هذه الأفكار التي تطرح نفسها على أنها معتقدات ، ليست خلاصة التجربة أو النتيجة النهائية للتأمل والتفكير، إنما هي توهمات، تحقيق لأقدم رغبات البشرية وأقواها وأشدها إلحاحاً وسر قوتها هو قوة هذه الرغبات .. وبالأصل نحن نعلم ذلك : فالإحساس المرعب بالضائقة الطفلية أيقظ الحاجة إلى الحماية والحماية بالحب ، وهي حاجة لبّاها الأب و قد أدرك الإنسان بأن هذه الضائقة تدوم عبر الحياة كلها مما جعله يتشبث بأب أكبر، أب سماوي أسماه الآب أو الإله، أب أعظم قوة وأشد بأساً هذه المرة .. فالقلق الإنساني إزاء أخطار الحياة يسكن ويهدأ لدى التفكير بالسلطان الرفيق العطوف للعناية الإلهية ، كما أن إرساء أسس نظام أخلاقي يكفل بتلبية مقتضيات العدالة ، هذه المقتضيات في غالب الأحيان غير متحققة في الحضارات الإنسانية ؛ ثم إن إطالة الحياة الأرضية بحياة مستقبلية تقدم إطار الزمان والمكان الذي ستحقق فيه تلك الرغبات .. يؤكد فرويد أن الإنسان يمكن أن يحتمل مشاق الحياة عندما يقطع رجاءه بالغيب ، فيقول : و لا شك في أن الإنسان سيتوصل، يوم يقطع رجاءه من عالم الغيب أو يوم يركز كل طاقاته المحررة على الحياة الأرضية، إلى أن يجعل الحياة قابلة للإحتمال من قبل الجميع .. 



اليوم العالمي لنزع الاسلحة النووية- د. وريا عمر أمين



اليوم العالمي لنزع الاسلحة النووية





                                 د. وريا عمر أمين
       أنا لا اعرف السلاح الذي سيستخدمه الانسان في الحرب العالمية الثالثة..لكنني اعرف انه سيستخدم العصا و الحجارة في الحرب العالمية الرابعة. (انشتاين)

       السلاح النووي هو سلاح تدمير فتاك شامل ، يستخدم عمليات التفاعل النووي، يعتمد في قوته التدميرية على عملية الانشطار النووي أو الاندماج النووي. حيث تبلغ من القوة الى درجة بإمكان قنبلة نووية واحدة تدمير و اذابة مدينة بكاملها خلال ثواني .
      اُستُعمِلَت القنبلة الذرية مرتين في تاريخ الحروب؛ وكانتا كلتاهما في اليابان أثناء الحرب العالمية الثانية عندما قامت الولايات المتحدة بإسقاط قنبلة ذرية على مدينة هيروشيما في 6 اب 1945 وقنبلة ذرية أخرى على مدينة ناجازاكي بعد 3 أيام، أي في 9 اب 1945.أدى إسقاط هاتين القنبلتين إلى قتل اكثر من 120,000 شخص في لحظات و قتل ما يقارب ضعفي هذا العدد بعد سنوات من آثار الأشعاع.
        تبيد القنبلة النووية حال انفجارها كل ما حولها على مدى مئات الكيلومترات، فالحرارة الناجمة عن الإنفجار تحرق وتبخر كل ما يقع حولها و ان الإشعاع الناجم عن الإنفجار يقتل كل الكائنات إذا تعرض له بجرعات عالية. أما إذا تم التعرض له بجرعات منخفضة فهو يؤدي إلى الاصابة بمرض السرطان بأنواعه المختلفة.

       وخطر الإشعاع الناجم من القنبلة يمتد لفترات طويلة جداً، ، ويمكن أن ينتقل الإشعاع عبر الماء والطعام وذرات الهواء مما يجعل انتشاره واسعا جداً ليشمل المنطقة المنكوبة وماحولها أيضا و لمدة طويلة. فالقنبلتين اللتين تم إلقاءهما منذ 69 سنة لازال الكثيرين يعاني من اثارهما حتى يومنا هذا .
وعلى الرغم من أنه تم استخدام القنابل النووية مرتين فقط في هيروشيما وناجازاكي منذ 69 عاماً إلا أن التجارب مستمرة على تطوير وتصنيع تراسانات الأسلحة النووية. ففي الوقت الحاضر تمتلك 9 دول كبرى اكثر من 19,000 رأس نووي منها 2,000 رأس في وضع الإستعداد لإستخدامهم في أي وقت! كما أن معظم هذه الأسلحة تفوق في خطرها وقوة تدميرها قنبلتي هيروشيما وناجازاكي بمئات الأضعاف. وتدل التقارير العلمية بان هذا المخزون النووي يكفي لتفتيت الكرة الارضية برمتها. والخطر الاكبر يكمن في امتلاك منظمات وتشكيلات إرهابية لأسلحة نووية تهدد السلام العالمي.
       ومن جهة أخرى فإن الأسلحة النووية تهدر الكثير من الأموال و الطاقات التي يمكن أن تعالج بها مشاكل كبيرة مثل المجاعات والآثار الناجمة عن الكوارث البيئية بدلاً من استخدامها الضار في تصنيع أسلحة فتاكة تضر بالبشرية وتهدد بالقضاء عليها.




      ومنذ انتهاء الحرب العالمية الثانية ادركت البشرية المتحضرة بان الوقت قد حان لأن تتوقف معاناة البشرية الدائمة من تصنيع الأسلحة النووية و استخدامها.حيث قامت منظمات المجتمع المدني في جميع أنحاء العالم، ووسائل الإعلام، والحكومات العمل من اجل حظر هذه الأسلحة عالميا لأنها الخطر الحقيقي الذي يهددنا جميعاً، بل وتهدد هذه الأسلحة في كل لحظة البنية التحتية للحياة على وجه الأرض.
       منذ الخمسينيات برزت أصوات مناهضة لعمليات التجارب والتسلح النووي، و بدأت أولى المحاولات الدولية للحد من الأسلحة النووية في عام 1963حيث وقعت 135 دولة على اتفاقية تحظر تصنيع وحيازة واستخدام الأسلحة النووية من قبل جميع دول العالم، مبينة بان التخلص منها هو الأمن الحقيقي للبشرية جمعاء في الحاضر والمستقبل. وقامت الأمم المتحدة بالإشراف على هذه المعاهدة. وفي 1 تموز 1968 بدا التوقيع على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية للحد من انتشار الأسلحة النووية التي تهدد السلام العالمي ومستقبل البشرية حيث وقع حتى الآن 189 دولة على الاتفاقية من أجل تعبئة الجهود الدولية لتحقيق الهدف المشترك المتمثل في إيجاد عالم خال من الأسلحة النووية.
       في ضوء هذه الحقائق إعلنت الجمعية العامة في 5 كانون الاول 2013 بقرارها المرقم A/RES/68/32 ، يوم 26 أيلول من كل عام يوما دوليا للإزالة الكاملة للأسلحة النووية لتوفير فرصة للمجتمع العالمي لتوكيد التزامه بأولوية نزع السلاح النووي. و يمثل فرصة لتوعية الجمهور وزعمائه بالفوائد الحقيقة لإزالة تلك الأسلحة، وبالكلفة الاقتصادية والاجتماعية للإبقاء عليها من اجل التصدي لواحد من أعظم التحديات التي تواجه الإنسانية.
wariaamin@gmail.com

غالب المسعودي - ألاسود لون ألحزن أم لون ألكلمات

الاثنين، 6 أكتوبر 2014

اليوم العالمي للمسنين -د. وريا عمر أمين




اليوم العالمي للمسنين  





أرى العمر كنزا ناقصا كل ليلة ...وما تنقص الأيام والدهر ينفد
                                     طرفة بن العبد






د. وريا عمر أمين

احتفل العالم يوم الأربعاء 1/10/2014، باليوم العالمى للمسنين  تحت شعار "دعم مشاركة المسنين فى بناء المستقبل الذى نريد"، ويرتكز على دعم مشاركة هذه الفئة من المجتمع التى تشكل نسبة 20% من مجموع سكان العالم . ومن المتوقع أن يبلغ تعداد المسنين فوق 60 سنة ما يقارب 1,4مليار شخص عام 2030 .    
       ان هذه الفئة من المجتمع ادت ما عليها تجاه المجتمع في العمل والانتاج ودورها الاسري و واجب علينا اليوم ان نحتفي بهم ونعبر عن تقديرنا لهم وان نؤدي دورنا المجتمعي والاسري من تكريم يستحقونه.
       حددت الجمعية العامة للأمم المتحدة، بموجب القرار 106/45في 14 كانون الأول 1990، الأول من تشرين الأول يوما دوليا للمسنين. وقد سبق ذلك مبادرات مثل (خطة عمل فيينا الدولية للشيخوخة) التي اعتمدتها الجمعية العالمية الأولى للشيخوخة في عام 1982 وأيدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد ذلك. و يعتبر هذا تعبير واهتمام واضح متفق عليه دوليا و في المجتمعات المدنية التى تحترم الانسان باهمية النهوض بالخدمات المقدمة لهذه الفئة العزيزة ما يتطلب من الجهات الحكومية والاهلية والتطوعية تظافر الجهود للعمل سوية لتحقيق هذا الهدف الانساني الاسمى.
       تتلخص أهداف إعتماد اليوم العالمي للمسنين في لفت الإنتباه إلى هذه الفئة العمرية التي ساهمت في تنمية المجتمعات و قدرتها على مواصلة المساهمة. و قد تتلخص أهداف هذا اليوم العالمي في :
1 -   التوعية بأهمية الرعاية الوقائية والعلاجية لكبار السن.
2 - تعزيز الخدمات الصحية و الوقاية من الأمراض، وتوفير التكنولوجيا الملائمة و التأهيل.
3 - تدريب الموظفين في مجال رعاية كبار السن.
4 - توفير المرافق اللازمة لتلبية إحتياجات كبار السن (كدور العجزة).
5 - حث المنظمات غير الحكومية والأسر؛ لتقديم الدعم للمسنين لاتباع أسلوب صحي جيد.
6 - التعاون بين المؤسسات الحكومية والأسر والأفراد لتوفير بيئة جيدة لصحة و رفاهية المسنين.

wariaamin@gmail.com

الأحد، 5 أكتوبر 2014

غالب المسعودي - مقاطع من وحي الآلهة السومرية

مقاطع من وحي الآلهة السومرية-غالب المسعودي

مقاطع من وحي الآلهة السومرية
د.غالب المسعودي
1- إلى ننكال
في علاقة الرجل بالمرأة
أيهما الغالب أو المغلوب.......؟
في سفر الاساطير السومرية
أرسلت أرشبيكال سفيرها
إلى مجمع الالهة
كي تستعصي نركال
 وتعاشره في عالمها السفلي
مخاوفه مخاوفها

من هو الغالب أو المغلوب.........؟
سحر العينين
أم دمع القلب ألمكلوم.........!
.......
2-إلى ننماخ
حين تنفذ كل الكلمات
لا يبقى إلا بريق عينيها
يشدني إلى الابواب
اخرج من وحدتي
أرى وجهها يطل من ألافق
مثل غابات الورد
امسح وجهي بندى عطرها
أتفرس وجعي بلا أمل
.............
3-إلى إينانا
قريبا من حلمي ألاول
بعيدا عن حبي ألاول
لو تمردتي وعشتي بعيدة
عن فضاءات الدمع
وتلحفتي بالغيوم
لن تعيشي وحيدة
مثل قباب الصالحين لان سماءك
قد أمطرت على صدري
.........
4-إلى زار لييتوم
أقسم بالتراب والكافور
 والماء والبخور
قد خضت عباب اليم
صارعت وحش الهم
لاجل من تؤنس غربتي
بأغان غجرية
فارقها العازفون قبيل الصبح
وناموا
............
5-إلى ننسينا
أنى لهذا العقل القلب
ان يخرج من جحر الماضي
 ويستفيق بكسل
 أنى لابتسامته ان تستريح
من غبش الكلام
 أتوسل الى كل الهة الحب
ذري دمي
 وامنحي وجه حبيبتي
 بعضا من لونه
 وبعضا من صدقه
وحدها الآلهة تعرف مساحة
الدمع الذي يفيض

كلما أتوضأ بشفتيها

يوم المخترعين-د. وريا عمر امين


يوم المخترعين



د. وريا عمر امين

   يوم المخترعين يحتفل به في بعض البلدان للاعتراف بمساهمات المخترعين بما قدموه من خدمة للانسانية اينما كان.  بدأ الاحتفال به في الأرجنتين عام 1986، ويحتفل به في 29 أيلول من كل عام، وهو اليوم الذي يصادف يوم ميلاد لاديسلاو جوزيف بيرو مخترع قلم الحبر الجاف.
    يعيش العالم في الوقت الحاضر ازهى عصوره العلمية و التكنلوجية حيث شملت معظم نواحي الحياة..و كل ما حولنا من وسائل و ادوات و اجهزة و معدات و تكنلوجيا  و من ماكل و ملبس و معرفة هي بفضل المخترعين. وان كل التحولات الحاسمة في التاريخ سواء كانت سياسية أو فكرية و كل تغير طرأ  في مجرى التاريخ انعكاس و نتيجة  لما قدمه هؤلاء المخترعون طيلة الاف السنين.



       ظهرت أول الاختراعات في ما يسمى بالعصر الحجري القديم، والذي استمر إلى عام 8000 قبل الميلاد تقريبا. فقد اخترع الإنسان في ذلك العصر الفؤوس وآلات أخرى، عن طريق تشذيب الصخور و عظام الحيوانات . كما اختُرعت الأقواس والسهام والرِماح، و من اعظم الاكتشافات كان  أن اهتدى الى اشعال النار بضرب قطعة من الصخر بجسم معدني  ومنها بدأت ملاحم الاختراعات. حيث  تعرف به سبل صناعة الادوات الزراعية حيث اخترع المناجل و المحاريث والآلات الأخرى من المعادن و ادى هذا الى انتاج المحاصيل الزراعية. وحينما تعلم إنسان العصر الحجري صيد الحيوانات، استخدم فرائها وجلودها في صنع الملابس، ولكن عدد الحيوانات لم يكن كافيا مما دفع المزارعين إلى البحث عن مصدر آخر لملابسهم. ودفعتهم الحاجة للمنسوجات إلى اختراع المغازل لغزل الخيوط والانوال لنسج الخيوط في الاقمشة.
و تعلم الإنسان في العصر الحجري الحديث طرْق المعادن مثل النحاس والذهب والفضة ليصنع منها أدوات الادوات المنزلية والأسلحة . وحوالي عام 3500 ق.م تعلم الإنسان صناعة البرونز، وهو سبيكة من القصدير المخلوط مع النحاس لإنتاج معدن أقوي . واختُرعت العجلة في نفس الحقبة تقريبا.



ظهرت اولى الحضارات  بين 3500 و 3100 سنة ق.م.، في مصر وبلاد ما بين النهرين. اخترع السومريون في بلاد الرافدين  أول نظام للكتابة حوالي عام 3500 ق.م. والتي تعتبر اعظم اختراع بشرى قاطبة وبفضله توصل الانسان الى ما توصل اليه من فكر متطور و علم و تكنلوجيا.
و في المئة الثالثة ق.م قام الاغريق بالعديد من الاختراعات، فقد قام أرخميدس، الذي عاش في سيراكوزا بصقلية  باختراع الطنبور الذي استعمله المصريون في الري والصرف. و اخترع هيرو الذي عاش بالإسكندرية في القرن الأول ق.م.  المكبس ذي اللولب لعصر الزيتون و اخترع ارخميدس مضخة لسحب الماء من النهر للارواء.
كانت الاختراعات بطيئة و بدائية الى ظهور عصر النهضة والتي كانت حركة ثقافية بدات في أواخر العصور الوسطى في القرن الرابع عشر  في إيطاليا ثم أخذت في الانتشار إلى بقية أوروبا و استمرت الى  القرن الرابع عشر الميلادي .حيث  أثرت بعمق على الحياة الفكرية الأوروبية و بدات ظهور سيل الاختراعات التي مهدت الطريق و اوصلت الانسانية الى ما عليه الان من  تكنلوجيا. حيث ظهر في هذه الحقبة الزمنية مئات المخترعات اهمها الطباعة.استمرت سيل الاختراعات والى اليوم. و كل اختراع جديد هو نتيجة و دمج مجموعة من الاختراعات .فمثلا السيارة اليوم عبارة عن دمج و توظيف الاف المخترعات.      
       يـُعـَد توماس إديسون (1847 – 1931) اكثر المخترعين إنتاجا في التاريخ ، ويمتلك (1093) براءة اختراع أمريكية تحمل اسمه، فضلا عن العديد من براءات الاختراع في وفرنسا و ألمانيا. كان له العديد من الاختراعات في مجال الاتصالات على وجه الخصوص والتي  كان لها أثرا كبيرا على البشرية حول العالم، مثل  جهاز الفونوغراف وآلة التصوير السينمائي و المصباح الكهربائي المتوهج ومسجل الاقتراع الآلي والبطارية الكهربائية للسيارة والطاقة الكهربائية ومسجل الموسيقى والصور المتحرك وغيرها الكثير.
      كان عمله في هذه المجالات المتقدمة ثمرة عمله في وقت مبكر من مسيرته المهنية كعامل للتلغراف. وضع إديسون نظام توليد القوة الكهربائية وتوزيعها على المنازل والشركات والمصانع مما أدى إلى تطور جوهري في عالم الصناعات الحديثة.  




    ومن الطرائف التي تروى عنه انه و في احد الايام زاره  في ورشته احد اصدقائه القدامى مع ابنته الشابة. بقوا طوال اليوم معه يتحدثون عن ذكرياتهم معا في طفولتهم و كيف طرد المدير اديسون من المدرسة بسبب غبائه و عندما جاءت امه لتستفسر عن سبب طرده صاح المدير بوجهها (ان ابنك غبي لا يفيد الدراسة..لا اريد ان ارى وجهه بعد اليوم) ..وذكريات اخرى كثيرة .وعندما هموا بالخروج فتح اديسون الباب الخارجي بعد جهد جهيد و دفعه بقوة. ( هنا قالت البنت لاديسون ...انا مندهش و منبهر بقدراتك الخارقة التي طالما سمعتها من والدي .. فقط عندي ملاحظة بسيطة يا عمي العزيز..انت هذا العالم العظيم لماذا لاتصلح هذا الباب لتنفتح بسهولة؟ ) اجابها اديسون ( يا بنتي العزيزة الجميلة..في كل مرة تفتح الباب و تسد فان 12 لترا من الماء تصعد الى خزان الماء في سطح البناية). مما زاد من اعجابها به و اغرورقت عيناها الزرقاوتين بالدموع.
       سجل ملحمة العلم حافل بالاف المخترعين الذين ضحوا و قدموا للاجيال ماقدموه.تضم قائمة المخترعين مئات الالاف من الاسماء اللامعة ..هذه قائمة باسماء اهم المخترعين و اختراعاتهم وسنواتها. مع اول صورة لاهم خمسة اختراعات غيرت مجرى حياة الانسان

wariaamin@gmail.com