الأربعاء، 27 أبريل 2011
شارع المتنبي مرآة للتغييرات السياسية في العراق
شارع المتنبي مرآة للتغييرات السياسية في العراق
من يغرم بروايات ألف ليلة وليلة وأساطير الشرق بإمكانه أن يقوم بزيارة لشارع المتنبي في بغداد، فهو يحتضن تاريخا عريقا وروحا استمرارية جعلته شاهدا على شتى التحولات التي شهدتها بلاد الرافدين. دويتشه فيله قامت بجولة هناك.
يعتبر شارع المتنبي من أقدم وأشهر شوارع العاصمة بغداد ويمثل منبراً من منابر ثقافتها على مر العصور، فهذا الشارع يضم بين جنباته "سوق السراي"، التي تعود بداياتها إلى سوق الوراقين في العصر العباسي. عند دخولك الشارع تجد نفسك محاطاً بنتاج مختلف ثقافات الدنيا، ففي هذا المكان لا يباع ولا يشترى سوى الكتب. وتشكل سوق المتنبي الأسبوعية التي تقام كل يوم جمعة مقصدا للمثقفين الذي يتوافدون عليها من بغداد ومدن البلاد الأخرى.
أصوات مروجي بائعي الكتب التي تتعالى بين أعمدة الشارع وأزقته، تمتزج مع رائحة الكتب التي تنبعث من زوايا الشارع وتفترش أرضه. ويبلغ طول شارع المتنبي الواقع في قلب العاصمة العراقية بغداد نحو 700 متر، ويمتد بين شارع الرشيد والضفة الشرقية لنهر دجلة في جانب الرصافة من بغداد.
نعيم الشطري، مثقف عراقي وصاحب محل لبيع الكتب في شارع المتنبي، يرتبط بهذا الشارع ارتباطاً وثيقاً منذ صغره، ويسرد حكاية تأسيس هذا الشارع والتسميات التي أطلقت عليه، مبيناً أن تاريخ "شارع المتنبي" يعود إلى أواخر العصر العباسي.
ويضيف الشطري في لقاء مع دويتشه فيله أن "الشارع كان يسمى في العصر العباسي بـ"درب زاخي" وهي كلمة أرامية، وبعد ذلك تغيرت تسميته في فترة حكم العثمانيين، الذين شيدوا بجواره "القشلة" عام 1850، واتخذوا منه معسكراً لجيشهم أطلقوا عليه تسمية "الخامنية" وهي كلمة تركية تعني (ثكنات الجيش). أما في فترة الاحتلال الانكليزي للعراق مطلع القرن الماضي واتخاذهم من مبنى القشلة مقراً للحاكم العسكري فقد تغيرت تسمية هذا الشارع إلى السراي".
الكتب تفرش فوق أرض شارع المتنبي أما عن اقتران هذا الشارع باسم الشاعر أبو الطيب المتنبي فيقول الشطري، (70عاماً)، إن "تسمية الشارع باسم المتنبي يعود إلى عام 1936، بعد أن شكل ملك العراق آنذاك فيصل الأول، لجنة لتسمية الساحات والشوارع وكانت نصيب الشارع أن يقترن بالمتنبي".
"كانت الكتب تباع في الخفاء"
ما أن أكمل الشطري حديثه حتى اعتلت صدره الحسرة، مضيفاً: "بعد الانقلاب على نظام عبد الكريم قاسم عام 1963، وتسلم حزب البعث السلطة قام الأخير بمحاربة الثقافة وأعدم الكثير من المثقفين العراقيين. في تلك الحقبة بدأ البعث بزج ثقافته الشمولية ومطبوعاته "التي تمجد القائد"، في إشارة إلى الرئيس السابق صدام حسين. ففي زمن البعث كانت المؤلفات التي تمجد السلطة هي وحدها المنتشرة بعد أن منعت كل المنشورات التي تروج لحرية الفكرة والعقيدة. "أما اليوم وبعد زوال حكم البعث تتنوع الكتب باختلاف اختصاصاتها، فهناك ما هو ديني وسياسي وثقافي وتأريخي وأدبي وعلمي وفني وغيرها".
فمع إسقاط نظام صدام بدأ المتجول في ربوع شارع المتنبي يشاهد كُتباً، مُنعت من التداول لعقود من الزمن، سواء كانت دينية أم سياسية، فقد اختفت "خطابات القائد "، لتحل محلها كتب تعنى بتاريخ العراق وحاضره. وتباع اليوم كتب مثل "العراق الأمريكي" للمفكر حسن العلوي وكتب المؤرخ الفلسطيني حنا بطاطو وكتب عالم الاجتماع العراقي علي الوردي، وهذه الكتب كانت تُباع حتى عام 2003 في الخفاء خوفاً من بطش السلطة التي لم تكن تتفق مع ما فيها.
: مقهى الشهبندر، أحد مراكز اللقاء في شارع المتنبي "الثقافة أُعدمت مع روادها"
يسرد الشطري، قصة هذه السوق الثقافية مع الأنظمة السياسية التي حكمت العراق، وكيف كانت تنعكس ثقافاتها على أرصفته ورفوف مكتباته، ففي ظل الجمهورية الأولى التي تزعمها عبد الكريم قاسم (1958-1963)، " ازداد عدد رواد هذا الشارع لأنه كانت هناك حرية كبيرة في بيع مختلف أنواع الكتب نظرا لتعدد الثقافات والانفتاح على ثقافات الشعوب الأخرى."
ويستطرد الشطري حديثه عن تاريخ هذا الشارع قائلا إنه بعد الانقلاب الذي قادة القوميون في العراق برئاسة عبد السلام محمد عارف وإعدام عبد الكريم قاسم عام 1963، ومع ازدياد حدة الصراع بين الشيوعيين والقوميين الذين تسلموا السلطة في ذلك الحين، أحرقت جميع الكتب التي تعنى بشؤون الفكر الشيوعي وامتلأت محال السوق بالكتب "التي تمجد الفكر القومي وأهدافه المنشودة لتأسيس الدولة العربية المتحدة".
: ومع بدء مرحلة جديدة من تاريخ العراق المعاصر بقيادة البعثيين، هذه المرة برئاسة أحمد حسن البكر ثم صدام حسين يقول الشطري إن "الثقافة أُعدمت مع روادها". فلا كتب تباع في هذه السوق غير تلك التي تمجد الحزب الواحد "العديد من الباعة اعتقلوا أو أعدموا لمجرد بيعهم كتبا محظورة، فكانت هناك لجان من حزب البعث تفتش المحال وكافة الكتب التي تباع فيها".
"الكتب الإسلامية تأخذ المساحة الأكبر"
أما اليوم وبعد الاجتياح الأمريكي للعراق عام 2003، تنوعت الكتب في هذا السوق من حيث اختلاف مصادرها وأنواعها ككتب الفكر والسياسة والدين وغيرها من الكتب التي كانت محظورة في ذلك الوقت. لكن الملاحظ هنا أن الكتب الإسلامية تأخذ المساحة الأكبر من أرصفة هذا الشارع، بانتشار كبير وملحوظ بسبب موجة الحرية التي دخلت العراق أولاً، والحضور الواضح للأحزاب الإسلامية على الخارطة الحزبية في العراق.
ارتباط وثيق بتاريخ بغداد
المعلم المتقاعد عبد صالح كاظم، وهو من رواد سوق الكتب، يقول عن إقباله المستمر على هذا الشارع لاقتناء الكتب: "منذ التسعينيات وإلى هذا اليوم آتي إلى شارع المتنبي، فهوايتي منذ طفولتي هي اقتناء الكتب". ولفت كاظم (72عاماً) إلى أن إقبال المثقف العراقي على الشارع ازداد في عقد السبعينيات من القرن الماضي وأخذ العدد بالازدياد خلال العقد الذي تلاه "الحصار الاقتصادي وقلة المصادر وتردي الوضع المعاشي في العراق في حقبة التسعينيات لم تقف حائلاً أمام المثقف العراقي لارتياد هذا المكان".
جبار حسين صبري، أستاذ قسم المسرح في كلية الفنون الجميلة ببغداد جبار حسين صبري، أستاذ قسم المسرح في كلية الفنون الجميلة ببغداد، يقول عن إقباله المتكرر على هذه السوق إنه يشعر بنفسه جزءا من خارطة هذا الشارع، ويضيف "أجد نفسي طابوقة من جدران محال هذا الشارع، حتى عندما أسافر إلى خارج العراق كل ما أتذكره وأحمله هو اشتياقي إلى هذا المكان".
سوق الكتب الأسبوعي مهرجان للثقافة العراقية
ويضيف صبري (40عاماً) إلى أنه يرتاد هذا الشارع منذ طفولته، فوالده كان يمتلك مطبعة في هذا السوق، منوهاً إلى أن "ما ينقص هذا الشارع هو الكتب التي تعنى بالفكر والحركة النقدية والفلسفة وغيرها." ودعا صبري الجهات المعنية إلى توسيع هذا الشارع وإلى أن "يبنى بطريقة سياحية، فيها الكثير من المسارح ودور العرض السينمائي والمنتديات الفكرية والثقافية والمتنزهات وأن لا يقتصر على وجود الكتاب حصرا."
ويشكل هامش سوق الكتب الأسبوعي مهرجاناً متجدداً للثقافة العراقية، ففي إطاره تُقام فعاليات أخرى في شارع المتنبي، كافتتاح معارض الكتب والمعارض الفنية والعروض المسرحية وإلقاء الشعر. و يعتبر شارع المتنبي من أكبر المراكز الثقافية في بغداد والعراق لوجود العديد من المراكز الثقافية فيه وبالأخص مقهى الشابندر الذي هو أكبر تجمع للشعراء والرسامين والأدباء في العاصمة.
مناف الساعدي- بغداد
مراجعة: منى صالح
الأحد، 24 أبريل 2011
الأربعاء، 20 أبريل 2011
الاثنين، 18 أبريل 2011
عذراً لك أيتها الصبية المكافحة-بقلم الفنان ناصر عساف-اللوحات بعدسته
عذراً لك أيتها الصبية المكافحة :في كل دول العالم من حق المواطن العمل في وطنه ، لمواصلة الحياة والعيش بسلام وأمان من خلال مهنة شريفة أو حرفة يقدم من خلالها عطائه خدمة للآخرين أو الإنسانية بشكل اوسع0 لكن من المخجل والمؤلم عندما تقيد كونك تعمل في مجال الثقافة والفنون أو الصحافة الاعلام ، أو تحاصر وتلاحق بالممنوع وغير المسموح . كون الشكوك الأمنية تحوم حول المواطن العراقي في وطنه . وهذا أصبح سلوكا مهنيا عند إفراد الأجهزة الأمنية ومما يثير غضبك واستفزازك عندما تؤدي عملك الصحفي أو ألأعلامي أو اهتماماتك الفوتوغرافية ضمن واجبك الأخلاقي والإنساني ، تواجه بالممنوع بالرغم من التعرف على بطاقتك المهنية ، يطلب منك إذنا بالموافقة الرسمية من (حركات الشرطة) وهذا يتطلب روتينا رسميا لمخاطبة تلك الجهة من قبل جهة اعلي التي تعمل معها كي تحصل على موافقة لالتقاط صورة لاتخل بأمن البلد وبصفتي فنانا فوتوغرافيا ومصورا صحفيا واهتمامي توثيق هموم ومعاناة وبؤس وحرمان العراقي في زمن الديمقراطية والتحرير من الأنظمة الدكتاتورية التسلطية والقمعية ، سواء كان الموطن طفلا أو امرأة أو رجلاً اومشهدًا مأساويا من واقعنا الحالي بدافع وطني وإنساني محايد ومستقل وضمن واجبي الأخلاقي والمهني ، لعلي أقدم شيئا أو أشارك في تضميد جراحنا النازفة منذ زمن وإمام الملأ . في ساحة الاحتفالات وسط مدينة الحلة التي تكتظ بالباعة وعرباتهم منذ الصباح حتى المساء ، وتتحول هذه الساحة ليلا إلى مرآب لخزن عرباتهم بعد حزم بضاعتهم فوقها . شدني مشهد بين هذا الحشد من البشر وعلى اختلاف أصنافهم ، شخصية بعمر الصبا تقف مساء كل يوم مرتدية ملابس ذكورية وعلى رأسها (كاسكيتة) يتدلى من تحتها شعرها الأنثوي . عربتها مليئة بالخضار . سألت احد الباعة القريبين منها لأعرف شيئا عن هذه الشخصية المزدوجة بين الذكورة والأنوثة . تسمى (زينب) امتهنت مهنة أمها التي لاتزال تبيع الخضار قرب جسر الحلة القديم . تمكنت وبصعوبة إن التقط لها ثلاثة لقطات عن بعد وبسرية مختبئا بين اثنين من الباعة لكني لم احقق هدفي بسبب كثافة حركة الناس المزدحمة والتي تصبح عائق بيننا مع حذري وقلقي من الشرطة المتجولة في المكان ضمن واجبها الأمني فأجلت ذلك لوقت أخر । وبعد أكثر من أسبوعين دخلت إلى نفس المكان فكانت الصبية (زينب) تقف إمام عربة خضارها . ومن زاوية أخرى وقفت بين بائعين مجاملا وموضحا لهم طبيعة عملي وغايتي لتصوير تلك الصبية مع بضاعتها تعاطفا وإعجابا بكفاحها ، أخرجت كإمرتي بحذر وتخفي وبين مراقبتي لها ومحاولتي لاقتناص لقطة تحمل مضمون ودلالة مقروءة للمشاهد والمتلقي . (زينب) تلميذة في الصف السادس ءالابتدائي تختلف بأسلوب تعاملها مع الآخرين كل حسب عمره وجنسه . تكون كامرأة ناضجة ومع الصبية والمراهقين صلبة وبكبرياء وثقة بالنفس ومع الشباب متحفظة وحذرة تتعامل مع الكبار بشيء من الاحترام والتهذيب والأخلاق .ألا يستحق هذا النموذج المكافح الاحترام والتقدير والاهتمام ومثال رائع للطفولة0 أليس من واجبي أن تكون زينب موضوعاً يقتدي به من أبناء جيلها0 ألا تستحق هذه الصبية أن تكون نموذج للطفولة العراقية يفتخر بها أمام أطفال العالم 0 ويستفيد العالم من تجربتنا في بناء أجيال المستقبل المجهول0 لكني أقول ( لزينب) عذراً لك فقد منعت من تصويرك بسبب وشاية من احد الجهلة والمتخلفين لأحد منتسبي الشرطة والذي منعني من أداء مهمتي الإنسانية وعدم استخدام كإمرتي لكوني لا احمل معي موافقة من شعبة حركات الشرطة، وان بطاقة عملي الشخصية والرسمية لم تشفع لي لولا تدخل البائع الذي وقفت بجانبه حيث طلب من الشرطي قائلا :- (اتركه لخاطري) وبتوسل وترجي ، فأفرج عني 0 فأعلمي أيتها الصبية حاولت مشاركتك همومك بما استطيع فلم يسمح لي بذالك ، ربما في كإمرتي سلاحاً يهدد امن العراق وسلامته ، لكن مسموح لنا أن نقتل بطرق متنوعة أو يقتلنا همنا ببطء والغاية تبرر الوسيلة 0
الفن حب يتجاوز حدود الاشكال-د.غالب المسعودي
الفن حب يتجاوز حدود الاشكال :عاش الانسان الاف السنين حياة بدائية اوضحتها لنا اداواته التي استعملها في صور لاتقبل الشك مدى الزمن البعيد الذي مضى على الانسان منذ ظهوره على وجه الارض,كما تظهر التنقيبات الاثرية ان الانتقال من البدائية الى الحضارة قد حصل اكثر من مرة في التاريخ غير اننا تعرفنا على التحضر بماثر الفن الذي تركه شهود تلك الحضارات.ويبدو ان وطننا كان سباقا الى تلاشي الذات وتماهيها مع المطلق,وقد تكون هذه السمة من السمات الاساسية التي استمرت طويلا ولازالت الى يومنا الحاضر.لقد عاش الفن كباقي عناصر الثقافة مكانة هلامية ضبابية لا تعدو كون الذات متشوقة لمزيد من التعبير عن كوامنها بافق نفعي,والفن عموما يتماهى مع المطلق باعتباره وريث لحظة التوهج الجمالي لحظة لاتولد الا بمحراب الحب.ولكي اتجنب الدعوات الاوتوايروتية لجعل الفن سطحا محايدا تمارس عليه كافة النزعات الشكلانية المهمشة لدور الفن في حياة الشعوب تحت مسميات طالما عانت اللغة من فرط ما استعملت بغير دلالة نحتية اي انها تمثل اجترار الاخر بهوس براغماتي مؤدلج.ان الفن السامي هو نوع من استحقاق المحبوب بما هو فيه ولا يشكل بعدا آخر يجافي الوسيلة لان الحب عاطفة غير مصاغة بقوالب جغرافية الجسد الذي يشدنا الى فنائه المحتوم. فالحب معرفة متعالية على موضوعها,ولما كانت المساحة المتاحة للفنان التشكيلي هي فضاء اللوحة ,عليه ان يسمو بها ابعد من توصيفاتها المكانية الى توصيفاتها الزمكانية.ان الفنان منذ العصور الاولى لممارسة وعيه وحقيقته الكونية ظل يبحث عن النص المموسق باللون ومداده سلافة الروح واضعا الشفرات بصيغة سحر تاويلي,وذلك بحيوية نقل النص الى منطقة تمركز الفعل الدرامي ومحايثته مع ما يعتمل في النفس من صراعات كي يزيح ثقل الماساة في ساحة اللامرئي واليقيني,لذا فالانسان عندما يعي وجوده يعيش حالة حب فبدون الحب لاتوجد فضيلة.
د।غالب المسعودي
السبت، 16 أبريل 2011
وظيفة الفن-رسالة للذين يتخندقون في الظلام
وظيفة الفن
تعددت التعاريف لمفهوم الفن وكذلك وظيفته بكثرة مدارس الفلسفة والجمال لكني آثرت تعريفا وهو أن الفن إبداع شكل ذي دلالة يتميز بالوحدة ويعبر عن حياة الشعور. إن وظيفة ألفن الكاملة هي تجميل الواقع الذي لم يعد الواقع الطبيعي الذي فتح الإنسان الأول عينيه عليه بل أصبح الواقع الحضاري الذي نما يوما بعد يوم منذ نشأته الأولى إلى يومنا الحاضر, لقد غير الإنسان من العالم الطبيعي الذي وجد فيه وكانت تعبيراته ذات نزعات متعددة مالبثت أن تلاقحت وتفاعلت من دون أن تخرج بحضارة إنسانية واحدة ولكنها مجمل حضارات ,منها المهيمنة ومنها المتكاملة ولذا لم يكن المهم هو تغيير العالم بل تجميله من حيث هو أعلى درجات خيره .وبالرجوع إلى الوراء قليلا نجد أن الفن صاحب الإنسانية منذ نشأته الأولى أي من حياة الكهوف إلى حياة الاستقرار والري وهذا يعني أن هناك فائض الوقت قد استعان به الإنسان لتنفيذ أعماله الفنية والتأمل وأجدني أرى أن الفن كان يمارس حتى في حياة الكهوف من قبل فئة متخصصة وهذا يتطلب عمل شخص له القابلية على التقاط الشكل والاحتفاظ به في قاموسه الذهني لحين تنفيذ العمل وهذا لم يكن متاحا للجميع إلا لفئة معينة وهم الفنانون في المجتمع البدائي ومن هنا يبدأ التخصص والاحتراف لان هذه الفئة كانت لاتخرج للصيد مع إقرانهم بل أن الغذاء كان يجلب لهم كبقية مجتمع الصيد وعودة على أهمية فائض الوقت في المجتمعات الزراعية يصبح التساؤل هل أن الفن ترف هذا يبدو صحيحا لأكثر الناس lمما دفع شارل لالو إلى أن يرى فيه التنظيم الاجتماعيللترف غير أن رأية هذا وليد التفريق بين الترف والضرورة الحيوية والواقع إذا نظرنا إلى الأمور من زاوية اجتماعية كلية وجدنا أن لا بد من تجاوز نظرية الترف هذه إذ أن الفن ضرورة اجتماعية وأخلاقية. ولما كان للفن وظيفة اجتماعية وأخلاقية من حيث صيرورته كان لابد من الإشارة إلى أصحاب نظريات التحليل النفسي التي ترى أن الفن لعب وطالما نظر إليه الناس على انه مضيعة للوقت والجهد وقد يبدو ذلك للنظرة السريعة والمتوقفة عند الأسباب القريبة ولو أن للعب وظيفة تربوية مهمة بشان التطور النفسي للإنسان ولكن يجب علينا أن نتحرى الأسباب البعيدة حتى تبدو مسالة الفن هي عملية انسجام. والانسجام أما أن يكون كليا أو لا يكون وانه بما هو كلي ضروري للمجتمع من اجل وجوده واستمراره وهذا كان لاستبعاد صفة اللعب والترف عنهو خلع صفتي الجد والعمل عليه وإذا نظرنا إلى الحيوان وجدنا بينه وبين عالمه من الانسجام الملائم لاستمرار حياته, وهذا بالتالي يكفي للإنسان لو شاء أن يظل في مستوى حيوانيته, لكنه ثار على هذا الواقع وانشأ حضارته التي أكملت سبل بقائه, وان يرتقي في مستوى المعرفة والأخلاق وهذه سمة الإنسان الرئيسية وهي السعي إلى الحقيقة والخير والجمال لتفهم خبايا علمه ويفيد بخبرته ويتمتع بضروب جماله وهكذا كانت حضارة الفن في بلاد وادي الرافدين إلا أن عواصف الصحراء المتتالية فد غطت عليها إلا أنها لم تندثر ابتداء من الحضارة السومرية التي تمثل حقبة عاش بها الإنسان جميع البني الحضارية ليعرفنا بملامح القوة والصلابة والرشاقة ويدون سجلا لرواية الإحداث للأجيال القادمة.
الجمعة، 15 أبريل 2011
د.علي عبد الامير صالح -واصدارات جديدة
عن دار المدى صدرت رواية دلتا فينوس للكاتبة اناييس نن ترجمة الدكتور علي عبد الامير صالح,كما صدرت عن المؤسسةالعربية للدراسات والنشر للروائي والقاص والمترجم د. علي عبد الامير صالح رواية خميلة الاجنة وكذلك عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر صدرت مجموعة قصصية بعنوان يمامة الرسام للدكتور علي عبد الامير صالح ............... الدكتور علي عبد الامير صالح في سطور ...مواليد الكوت 1955 .خريج كلية طب الاسنان / جامعة بغداد .بدأ يكتب ويترجم منذ منتصف السبعينات في القرن الماضي الكتـــب المنشورة.حفلة القنبلة – رواية مترجمة – للكاتب البريطاني ( غراهام غرين – بغداد 1989 )طبل من صفيح – رواية مترجمة – للكاتب الألماني ( غونترغراس – بغداد 2000 قط وفأر – رواية مترجمة – للكتاب الألماني ( غونتر غراس – بغداد 2001 ) الهولندي الطائر – مجموعة قصصية ( تأليف ) دمشق 2000 المـخطوطات: قل لي كم مضى على رحيل القطار – رواية مترجمة للكاتب الامريكي الزنجي جمس بولدوين.البحيرة – رواية مترجمة – للكاتب الياباني ياسوناري كاواباتا .مخيلة الاجنة – رواية ( تأليف ) موسيقى وحشية – مجموعة قصصية ( تأليف ) جبل السحر – رواية مترجمة – للكتاب الألماني توماس مان
الأربعاء، 13 أبريل 2011
عمر الخيّام
عمر الخيّام
________________________________________
شكلت الطبعات المتوالية لترجمة رباعيات الخيام, منذ الستينيات في القرن التاسع عشر, انقلاباً واضحاً في الثقافة الأوروبية والعالمية, وتجاوزت تأثيراتها الحياة الثقافية إلى الحياة الاجتماعية العامة, وانتقلت من اللغة الانجليزية إلى اللغات الاخرى بشكل لم يسبق له مثيل, وقيل ان الاعداد الخيالية للنسخ المطبوعة تجاوزت كل نسخ الكتب الاكثر شهرة باستثناء الانجيل, وليس غريباً ان تترك تأثيراً على حركة التجديد في الشعر الاوروبي عامة, وفي الشعر الانجليزي المكبل بالقيود الكلاسيكية وتقاليد العصر الفيكتوري, وفاضت شهرة الخيام لترفع اسم مترجم الرباعيات ادوارد فيتزجيرالد إلى الصف الأول بين اعلام الادب الانجليزي.
والسبب الأول في هذه (المعجزة) هو ما تحمله هذه الرباعيات ولهذا اقبل على قراءتها حتى اولئك الذين لاتربطهم بالقراءة اية علاقة, واذا كان الخيام قد اخذ لقب الحكيم في الثقافتين الفارسية والعربية, فان الأوروبيين اعطوه لقب (ملك الحكمة), واختطف الاضواء من شيكسبير لفترة طويلة, ولكن اعادة اكتشافه في الثقافتين الفارسية والعربية, اللتين ينتمي اليهما الخيام, تأخرت اكثر من نصف قرن عن اكتشافه في أوروبا والعالم, وعسى ان يكون نصف القرن, هذا, هو الفرق الزمني الحضاري بين الغرب والشرق, وليس أكثر.
حياة الخيام
في نيسابور عاصمة خراسان ومدينة العلم والمعرفة, وفي منتصف ربيع عام 1048 ميلادية ـ حسب تقديرات المؤرخين ـ ولد غياث الدين أبو الفتح عمر بن ابراهيم الخيام, الحكيم والشاعر والفلكي وعالم الرياضيات, الذي ظلت شهرته محدودة ومرتبطة بانجازاته العلمية, ولم يكتشف العالم سر عبقريته الشعرية في رباعياته الا بعد سبعمئة وثلاثين عاماً من وفاته في نيسابور عام 1131 ميلادية.
كان الخيام يجيد اللغة العربية, ويكتب بها, وله بالعربية كتاب (الجبر والمقابلة), وقد ترجم إلى الفرنسية عام 1851, اي قبل ترجمة الرباعيات إلى الانجليزية بسنة واحدة, ولكن بعض الدارسين يقولون انه عربي الاصل, حيث انتشرت القبائل العربية شرقاً بعد الفتوحات الاسلامية, ولهذا يقولون انه متأثر في شكل ما في رباعياته بشعر المعري الذي يسبقه بنحو خمسين عاماً.
الخيام عالماً
تلقى الخيام علومه في نيسابور ثم رحل إلى سمرقند لمتابعة دراسة الجبر, وبرزت موهبته في علم الفلك, فاستدعاه السلطان السلجوقي ملك شاه لتعديل التقويم, وكلفه ببناء برج فلكي في اصفهان, حيث عمل فيه مع عدد من العلماء, وجاءت جهوده العلمية لتكمل الجهود التي بدأها البيروني بعد وفاته, وكانت انجازات الخيام في مجال الرياضيات أساساً لتطويرها في القرن التاسع عشر الميلادي, فقد اوجد طريقة هامة لاستخراج جذور الارقام, وعالج لأول مرة مسائل التكعيب في الجبر, وتمنى ان يكمل الذين يأتون بعده الحلول التي وصل اليها, وكان الخيام مشغولاً بالمسلمات الرياضية التي اثارت اهتمام العلماء العرب والمسلمين, وشعر بأن نظريات اقليدس غير كافية, في مجال النسبة, وانجز نظاماً للأرقام أكثر اتساعاً من نظام الاغريق.
قبل اكتشاف الرباعيات
ظلت رباعيات الخيام موزعة في المخطوطات المختلفة في الشرق والغرب, وجاء الاختلاف كالعادة من سوء نوايا الناسخين أو تعصبهم, حيث يضيفون أو يحذفون ما يريدون, ولكن العدد الذي وصل من هذه الرباعيات إلى الغربيين كان كافياً لادهاشهم, وكانت صلة الباحثين والمؤلفين والقراء الغربيين قد بدأت منذ دخول العرب إلى الاندلس, حيث كانت الموشحات وقصص الحب العربية ذات اثر واضح على الشعر الاسباني والفرنسي في بداية القرن الثامن, وفي أول القرن الثامن عشر نقل انطوان غالان مختارات مكثفة من الف ليلة وليلة إلى الفرنسية, ثم ترجمت إلى اللغات الأوروبية الاخرى وتركت اثارها على اعمال فولتير وغوته وعدد كبير من الادباء الاوروبيين,
كما ظهرت تأثيرات ترجمة اشعار حافظ الشيرازي والمعلقات السبع العربية على اعمال غوته وبشكل خاص في (الديوان الشرقي للمؤلف الغربي), ولم تنته حكايات شهر زاد حتى اليوم في المؤلفات والأعمال الابداعية الغربية.
حكايات عن الخيام
ارتبطت بعبقرية الخيام حكايات نادرة حدثت معه أو بعد وفاته, وقد التقط الباحثون بعضاً من هذه الحكايات, ومنها:
ـ اجتمع ثلاثة من الطلاب الدارسين لدى الامام موفق الدين النيسابوري في جامعة خراسان وهم عمر الخيام ونظام الملك والحسن بن الصباح, وكانوا يراجعون دروسهم في غرفة خاصة, وهم يدرسون العلوم الدينية واللغة والهندسة والرياضيات والمنطق والعلوم واللغة الاغريقية والفلك.
وفي احد الايام قال الحسن ابن الصباح: دعونا نتعاهد على ان من يصل إلى الوزارة من بيننا نحن الثلاثة يساعد صديقيه الآخرين على الوصول إلى المراكز العالية.
ومرت الايام وصار نظام الملك وزيراً في بلاط الب شاه, فزاره الصديقان القديمان عمر الخيام والحسن بن الصباح, ولكن الخيام لم يطلب مركزاً في البلاط, ولكنه كان يريد الاهتمام بأعماله العلمية, فلبى له نظام الملك رغبته وحدد له منحة سنوية بألف ومئتي مثقال ذهبي, اما الحسن بن الصباح فقد حاول منافسة الوزير لدى السلطان, لكن المنافسة انتهت بخصومة شديدة, ثم هرب الحسن, وتحول بعد ذلك إلى قائد مشهور من قادة فرقة الحشاشين التي نظمت حملة من الاغتيالات السرية المنظمة للخصوم.
وكان احد ضحاياها الوزير نظام الملك نفسه, بينما كان الحسن بن الصباح يحتل (قلعة الموت) ويذكر فيتزجيرالد في مقدمته للرباعيات ان نظام الملك كان قد اعتاد ان يردد في حياته بعض العبارات من رباعيات صديقه الخيام, وكانت آخر كلماته عند اغتياله, وقبل ان يلفظ انفاسه الأخيرة: (يا الهي (انني امضي في قبضة الريح) وقد استعار هذا القول من الشطر الرابع من رباعية الخيام التي يقول فيها:
(جئت كالماء وكالريح أمضي).
زار الخيام بلدة فسمع اهلها يشكون من كثرة اسراب الطيور التي تحوم فوقهم وتلقي ذرقها فوق رؤوسهم وثيابهم, فصنع الخيام لهم تمثالا من الطين لطائر كبير, ونصبه في مكان عال يطل على البلدة, فهاجرت اسراب الطوير خوفا من هذا الطائر الجارح.
بعد وفاة مترجم رباعيات الخيام فيتزجيرالد بنحو عشر سنوات تأسس في لندن ناد يحمل اسم عمر الخيام, وكانت مهمته تنحصر في الدعوة الى المزيد من الاهتمام بأعمال الخيام ورباعياته, وزيارة قبر مترجمه ادوارد فيتزجيرالد, كما وجه رسالة الى الشاه يطلب فيها صيانة قبر الخيام في نيسابور وتجميل موقعه بزراعة انواع الزهور من حوله.
الثلاثاء، 12 أبريل 2011
مقالي محجوب في السعودية! / بلقيس الملحم *-
مقالي محجوب في السعودية! / بلقيس الملحم * في المدرسة علمونا بأن الذي لا يصلي جماعة في المسجد فهو: منافق! أبي كان واحدا منهم.. وبأن شارب الدُّخان: فاسق! أخي محمد كان واحدا منهم.. وبأن المسبل لثوبه: اقتطع لنفسه قطعة من نار! أخي طارق واحدا منهم.. وبأن وجه أمي الجميل: فتنة! لكن لا أحد يشبه أمي. وبأن أختي مريم التي تطرب لعبدالحليم: مصبوب النار المذاب في أذنها لا محالة! لقد فاتني أن أقول لهم بأنها أيضا تحبه. فهل ستحشر معه؟ أظنهم سيحكمون بذلك.. وبأن جامعتي المختلطة وكرا للدعارة! رغم أنها علمتني أشرف مهنة وهي الطب! وبأني أنا, الساكتة عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: شريكة في الإثم والعقاب! وبأن صديقتي سلوى التي دعتني لحفلة عيد ميلادها: صديقة سوء! وبأن خادمة منزلنا المسيحية : نجسة! وزميلتي الشيعية: أكثر خُبثا من اليهود! وبأن خالي المثقف: علماني! وعمي المتابع بشغف للأفلام المصرية: ديُّوث! لكني اكتشفت بأن أبي أطيب مخلوق في العالم. كان يقبلني كل ليلة قبل أن أنام. ويترك لي مبلغا من المال كلما سافر من أجل عمله. أخي محمد وطارق كانا أيضا أكبر مما تصورته عنهما. محمد يرأس جمعية خيرية في إحدى جامعات أستراليا. وطارق يعمل متطوعا في مركز أيتام المدينة كمدرب للكراتيه. أما أختي مريم فقد تفرغت لتربية أختي التي تصغرني بأربع سنوات بعد وفاة أمي وحرمت نفسها من الزواج من أجلنا. أمي؟ يكفي أنها تلتحف التراب وأبي راضٍ عنها! جامعتي المختلطة؟ كونت لي أسرة سعيدة بزواجي من رئيس قسم الجراحة. ومن خلالها ربيت أطفاله الثلاثة بعد فقد والدتهم. أما كيف أقضي وقت فراغي؟ فكانت صديقتي سلوى هي المنفذ الوحيد لي. لقد تعلمنا سويا كيف نغزل الكنزات الصوفية. وندهن العلب الفارغة لبيعها في مزاد لصالح الأسر المحتاجة. أختي مريم أيضا كانت تدير هذا البزار السنوي. ماذا عن خادمتنا؟ أنا لا أتذكر منها سوى دموعها الرقراقة. يومها أنقذتنا من حادث حريق كان سيلتهمني وأخوتي بعد أن أصيبت هي ببعض الحروق! زميلتي الشيعية؟ هي من أسعفتني أثناء رحلة لحديقة الحيوانات. يومها سقطت في بركة قذرة للبط. فلحقت بي وكُسرت ذراعها في الوحل من أجلي. أما خالي عدنان. فقد أعتاد أن يقيم سنويا في القاهرة حفل عشاء خيري لصالح الأيتام. كان عازفا حاذقا للعود. وكان الناس يخرجون من حفلته خاشعين! عمي؟ هو من بنى مسجدا وسماه باسم جدتي الكسيحة وأنا؟ لا أزال أسأل: لماذا يعلمونا أن نَّكره الآخرين؟! الشمس والظلام. كلاهما لايحتاجان إلى دليل قطعي على ثبوتهما! * شاعرة وكاتبة من السعودية
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)