
شارع المتنبي مرآة للتغييرات السياسية في العراق
من يغرم بروايات ألف ليلة وليلة وأساطير الشرق بإمكانه أن يقوم بزيارة لشارع المتنبي في بغداد، فهو يحتضن تاريخا عريقا وروحا استمرارية جعلته شاهدا على شتى التحولات التي شهدتها بلاد الرافدين. دويتشه فيله قامت بجولة هناك.
يعتبر شارع المتنبي من أقدم وأشهر شوارع العاصمة بغداد ويمثل منبراً من منابر ثقافتها على مر العصور، فهذا الشارع يضم بين جنباته "سوق السراي"، التي تعود بداياتها إلى سوق الوراقين في العصر العباسي. عند دخولك الشارع تجد نفسك محاطاً بنتاج مختلف ثقافات الدنيا، ففي هذا المكان لا يباع ولا يشترى سوى الكتب. وتشكل سوق المتنبي الأسبوعية التي تقام كل يوم جمعة مقصدا للمثقفين الذي يتوافدون عليها من بغداد ومدن البلاد الأخرى.
أصوات مروجي بائعي الكتب التي تتعالى بين أعمدة الشارع وأزقته، تمتزج مع رائحة الكتب التي تنبعث من زوايا ا
لشارع وتفترش أرضه. ويبلغ طول شارع المتنبي الواقع في قلب العاصمة العراقية بغداد نحو 700 متر، ويمتد بين شارع الرشيد والضفة الشرقية لنهر دجلة في جانب الرصافة من بغداد.نعيم الشطري، مثقف عراقي وصاحب محل لبيع الكتب في شارع المتنبي، يرتبط بهذا الشارع ارتباطاً وثيقاً منذ صغره، ويسرد حكاية تأسيس هذا الشارع والتسميات التي أطلقت عليه، مبيناً أن تاريخ "شارع المتنبي" يعود إلى أواخر العصر العباسي.
ويضيف الشطري في لقاء مع دويتشه فيله أن "الشارع كان يسمى في العصر العباسي بـ"درب زاخي" وهي كلمة أرامية، وبعد ذلك تغيرت تسميته في فترة حكم العثمانيين، الذين شيدوا بجواره "القشلة" عام 1850، واتخذوا منه معسكراً لجيشهم أطلقوا عليه تسمية
"الخامنية" وهي كلمة تركية تعني (ثكنات الجيش). أما في فترة الاحتلال الانكليزي للعراق مطلع القرن الماضي واتخاذهم من مبنى القشلة مقراً للحاكم العسكري فقد تغيرت تسمية هذا الشارع إلى السراي".الكتب تفرش فوق أرض شارع المتنبي أما عن اقتران هذا الشارع باسم الشاعر أبو الطيب المتنبي فيقول الشطري، (70عاماً)، إن "تسمية الشارع باسم المتنبي يعود إلى عام 1936، بعد أن شكل ملك العراق آنذاك فيصل الأول، لجنة لتسمية الساحات والشوارع وكانت نصيب الشارع أن يقترن بالمتنبي".
"كانت الكتب تباع في الخفاء"

ما أن أكمل الشطري حديثه حتى اعتلت صدره الحسرة، مضيفاً: "بعد الانقلاب على نظام عبد الكريم قاسم عام 1963، وتسلم حزب البعث السلطة قام الأخير بمحاربة الثقافة وأعدم الكثير من المثقفين العراقيين. في تلك الحقبة بدأ البعث بزج ثقافته الشمولية ومطبوعاته "التي تمجد القائد"، في إشارة إلى الرئيس السابق صدام حسين. ففي زمن البعث كانت المؤلفات التي تمجد السلطة هي وحدها المنتشرة بعد أن منعت كل المنشورات التي تروج لحرية الفكرة والعقيدة. "أما اليوم وبعد زوال حكم البعث تتنوع الكتب باختلاف اختصاصاتها، فهناك ما هو ديني وسياسي وثقافي وتأريخي وأدبي وعلمي وفني وغيرها".
فمع إسقاط نظام صدام بدأ المتجول في ربوع شارع المتنبي يشاهد كُتباً، مُنعت من التداول لعقود من الزمن، سواء كانت دينية أم سياسية، فقد اختفت "خطابات القائد "، لتحل محلها كتب تعنى بتاريخ العراق وحاضره. وتباع اليوم كتب مثل "العراق الأمريكي" للمفكر حسن العلوي وكتب المؤرخ الفلسطيني حنا بطاطو وكتب عالم الاجتماع العراقي علي الوردي، وهذه الكتب كانت تُباع حتى عام 2003 في الخفاء خوفاً من بطش السلطة التي لم تكن تتفق مع ما فيها.
: مقهى الشهبندر، أحد مراكز اللقاء في شارع المتنبي "الثقافة أُعدمت مع روادها"
يسرد الشطري، قصة هذه السوق الثقافية مع الأنظمة السياسية التي حكمت العراق، وكيف كانت تنعكس ثقافاتها على أرصفته ورفوف مكتباته، ففي ظل الجمهورية الأولى التي تزعمها عبد الكريم قاسم (1958-1963)، " ازداد عدد رواد هذا الشارع لأنه كانت هناك حرية كبيرة في بيع مختلف أنواع الكتب نظرا لتعدد الثقافات والانفتاح على ثقافات الشعوب الأخرى."
ويستطرد الشطري حديثه عن تاريخ هذا الشارع قائلا إنه بعد الانقلاب الذي قادة القوميون في العراق برئاسة عبد السلام محمد عارف وإعدام عبد الكريم قاسم عام 1963، ومع ازدياد حدة الصراع بين الشيوعيين والقوميين الذين تسلموا السلطة في ذلك الحين، أحرقت جميع الكتب التي تعنى بشؤون الفكر الشيوعي وامتلأت محال السوق بالكتب "التي تمجد الفكر القومي وأهدافه المنشودة لتأسيس الدولة العربية المتحدة".
: ومع بدء مرحلة جديدة من تاريخ العراق المعاصر بقيادة البعثيين، هذه المرة برئاسة أحمد حسن البكر ثم صدام حسين يقول الشطري إن "الثقافة أُعدمت مع روادها". فلا كتب تباع في هذه السوق غير تلك التي تمجد الحزب الواحد "العديد من الباعة اعتقلوا أو أعدموا لمجرد بيعهم كتبا محظورة، فكانت هناك لجان من حزب البعث تفتش المحال وكافة الكتب التي تباع فيها".
"الكتب الإسلامية تأخذ المساحة الأكبر"
أما اليوم وبعد الاجتياح الأمريكي للعراق عام 2003، تنوعت الكتب في هذا السوق من حيث اختلاف مصادرها وأنواعها ككتب الفكر والسياسة والدين وغيرها من الكتب التي كانت محظورة في ذلك الوقت. لكن الملاحظ هنا أن الكتب الإسلامية تأخذ المساحة الأكبر من أرصفة هذا الشارع، بانتشار كبير وملحوظ بسبب موجة الحرية التي دخلت العراق أولاً، والحضور الواضح للأحزاب الإسلامية على الخارطة الحزبية في العراق.
ارتباط وثيق بتاريخ بغداد
المعلم المتقاعد عبد صالح كاظم، وهو من رواد سوق الكتب، يقول عن إقباله المستمر على هذا الشارع لاقتناء الكتب: "منذ التسعينيات وإلى هذا اليوم آتي إلى شارع المتنبي، فهوايتي منذ طفولتي هي اقتناء الكتب". ولفت كاظم (72عاماً) إلى أن إقبال المثقف العراقي على الشارع ازداد في عقد السبعينيات من القرن الماضي وأخذ العدد بالازدياد خلال العقد الذي تلاه "الحصار الاقتصادي وقلة المصادر وتردي الوضع المعاشي في العراق في حقبة التسعينيات لم تقف حائلاً أمام المثقف العراقي لارتياد هذا المكان".
جبار حسين صبري، أستاذ قسم المسرح في كلية الفنون الجميلة ببغداد جبار حسين صبري، أستاذ قسم المسرح في كلية الفنون الجميلة ببغداد، يقول عن إقباله المتكرر على هذه السوق إنه يشعر بنفسه جزءا من خارطة هذا الشارع، ويضيف "أجد نفسي طابوقة من جدران محال هذا الشارع، حتى عندما أسافر إلى خارج العراق كل ما أتذكره وأحمله هو اشتياقي إلى هذا المكان".

سوق الكتب الأسبوعي مهرجان للثقافة العراقية
ويضيف صبري (40عاماً) إلى أنه يرتاد هذا الشارع منذ طفولته، فوالده كان يمتلك مطبعة في هذا السوق، منوهاً إلى أن "ما ينقص هذا الشارع هو الكتب التي تعنى بالفكر والحركة النقدية والفلسفة وغيرها." ودعا صبري الجهات المعنية إلى توسيع هذا الشارع وإلى أن "يبنى بطريقة سياحية، فيها الكثير من المسارح ودور العرض السينمائي والمنتديات الفكرية والثقافية والمتنزهات وأن لا يقتصر على وجود الكتاب حصرا."
ويشكل هامش سوق الكتب الأسبوعي مهرجاناً متجدداً للثقافة العراقية، ففي إطاره تُقام فعاليات أخرى في شارع المتنبي، كافتتاح معارض الكتب والمعارض الفنية والعروض المسرحية وإلقاء الشعر. و يعتبر شارع المتنبي من أكبر المراكز الثقافية في بغداد والعراق لوجود العديد من المراكز الثقافية فيه وبالأخص مقهى الشابندر الذي هو أكبر تجمع للشعراء والرسامين والأدباء في العاصمة.
مناف الساعدي- بغداد
مراجعة: منى صالح









إذنا بالموافقة الرسمية من (حركات الشرطة) وهذا يتطلب روتينا رسميا لمخاطبة تلك الجهة من قبل جهة اعلي التي تعمل معها كي تحصل على موافقة لالتقاط صورة لاتخل بأمن البلد وبصفتي فنانا فوتوغرافيا ومصورا صحفيا واهتمامي توثيق هموم ومعاناة وبؤس وحرمان العراقي في زمن الديمقراطية والتحرير من الأنظمة الدكتاتورية التسلطية والقمعية ، سواء كان الموطن طفلا أو
امرأة أو رجلاً اومشهدًا مأساويا من واقعنا الحالي بدافع وطني وإنساني محايد ومستقل وضمن واجبي الأخلاقي والمهني ، لعلي أقدم شيئا أو أشارك في تضميد جراحنا النازفة منذ زمن وإمام الملأ . في ساحة الاحتفالات وسط مدينة الحلة التي تكتظ بالباعة وعرباتهم منذ الصباح حتى المساء ، وتتحول هذه الساحة ليلا إلى مرآب لخزن عرباتهم بعد حزم بضاعتهم فوقها . شدني مشهد بين هذا الحشد من البشر وعلى اختلاف أصنافهم ، شخصية بعمر الصبا تقف مساء كل يوم مرتدية ملابس ذكورية وعلى رأسها (كاسكيتة) يتدلى من تحتها شعرها الأنثوي . عربتها مليئة بالخضار . سألت احد الباعة القريبين منها لأعرف شيئا عن هذه الشخصية المزدوجة بين الذكورة والأنوثة . تسمى (زينب) امتهنت مهنة أمها التي لاتزال تبيع الخضار قرب جسر الحلة القديم . تمكنت وبصعوبة إن التقط لها ثلاثة لقطات عن بعد وبسرية مختبئا بين اثنين من الباعة لكني لم احقق هدفي بسبب
كثافة حركة الناس المزدحمة والتي تصبح عائق بيننا مع حذري وقلقي من الشرطة المتجولة في المكان ضمن واجبها الأمني فأجلت ذلك لوقت أخر । وبعد أكثر من أسبوعين دخلت إلى نفس المكان فكانت الصبية (زينب) تقف إمام عربة خضارها . ومن زاوية أخرى وقفت بين بائعين مجاملا وموضحا لهم طبيعة عملي وغايتي لتصوير تلك الصبية مع بضاعتها تعاطفا وإعجابا بكفاحها ، أخرجت كإمرتي بحذر وتخفي وبين مراقبتي لها ومحاولتي لاقتناص لقطة تحمل مضمون ودلالة مقروءة للمشاهد والمتلقي . (زينب) تلميذة في الصف السادس ءالابتدائي تختلف بأسلوب تعاملها مع الآخرين كل حسب عمره وجنسه . تكون كامرأة ناضجة ومع الصبية والمراهقين صلبة وبكبرياء وثقة بالنفس ومع الشباب متحفظة وحذرة تتعامل مع الكبار بشيء من الاحترام والتهذيب والأخلاق .ألا يستحق هذا النموذج المكافح الاحترام والتقدير والاهتمام ومثال رائع للطفولة0 أليس من واجبي أن تكون زينب موضوعاً يقتدي به من أبناء جيلها0 ألا تستحق هذه الصبية أن تكون
نموذج للطفولة العراقية يفتخر بها أمام أطفال العالم 0 ويستفيد العالم من تجربتنا في بناء أجيال المستقبل المجهول0 لكني أقول ( لزينب) عذراً لك فقد منعت من تصويرك بسبب وشاية من احد الجهلة والمتخلفين لأحد منتسبي الشرطة والذي منعني من أداء مهمتي الإنسانية وعدم استخدام كإمرتي لكوني لا احمل معي موافقة من شعبة حركات الشرطة، وان بطاقة عملي الشخصية والرسمية لم تشفع لي لولا تدخل البائع الذي وقفت بجانبه حيث طلب من الشرطي قائلا :- (اتركه لخاطري) وبتوسل وترجي ، فأفرج عني 0 فأعلمي أيتها الصبية حاولت مشاركتك همومك بما استطيع فلم يسمح لي بذالك ، ربما في كإمرتي سلاحاً يهدد امن العراق وسلامته ، لكن مسموح لنا أن نقتل بطرق متنوعة أو يقتلنا همنا ببطء والغاية تبرر الوسيلة 0






