الاثنين، 23 يوليو 2012

المقام العراقي في ذمة الخلود-هادي جلو مرعي


المقام العراقي في ذمة الخلود
للعبارة معنيان.أحدهما إن المعني قد مات,والآخر أنه خلد بالفعل في ذاكرة الأجيال وإحتفظ به التراث الإنساني.. وفي الوقت الذي يعاني المقام العراقي فيه تغييباً وإندثاراً وإهمالاً تنبهت له منظمة اليونسكو بإعلانه من الفنون الإنسانية الأصيلة المهددة بالزوال، جاءت موسوعة المقام العراقي التي وضعها الدكتور عبد الله إبراهيم المشهداني لتعلن وبشكل بليغ "إن تراثاً تمتد جذوره إلى أقدم الحضارات الإنسانية لايمكن أن يموت, ولا يمكن لأي محنة أن تمحو عنه وجهه الجميل والبهي" إن من دواعي سروري أن أكون من اوائل المطلعين على موسوعة المقام العراقي التي أعدها واحد من أبرز أهل الخبرة والمعرفة بتفاصيل هذا الفن الجميل في عصرنا الحالي، ويقيني بأن هذه الموسوعة ستكون موضوع دراسة هامة عند أهل العلم والدارسين والمختصين بموسيقى وتراث العراق حينما تصل إلى أيديهم نسخة منها إن شاء الله. تكتسب الموسوعة علميتها من إستفادة صاحبها من الدراسات العلمية وإطلاعه على أحدث الدراسات في فلسفة طرائق التدريس، الأختصاص الذي يمارسه منذ أكثر من ثلاثين عاماً. المتتبع لمباحث الموسوعة يجد مؤلفها لا يترك صغيرة ,ولا كبيرة في المقام العراقي إلا إلتفت إليها، غير إن أهم ما في الموسوعة هو ذلك الترتيب المنطقي وتكامل مباحثه وتآزرها لتشكل حبات عقد لا يمكن أن تنفرط، وهو ما يلاحظه القارئ بعودته إلى محتويات الكتاب. يرى الدكتور عبدالله المشهداني ,إن صيغ وقوالب المقامات العراقية إنما صنعت بحكمة وعلمية، مما سهلت عملية التناقل الشفاهي، وهي نوع من التدوين الذي تنبه إليه العراقيون القدماء. وفي شرحه المفصل لمكونات المقام العراقي يطرح الدكتور عبد الله المشهداني تصوراً جديداً لم يسبقه إليه أحد عندما حدد أجزاء المقام العراقي ,وتحديد الفرق بين (القطعة والوصلة) ,ووظيفة كل منهما. كما طرح تصورا جديدا في موضوع تصنيف المقامات العراقية ( المقام الرئيسي والمقام الفرعي ) معتمدا على معرفته الدقيقة بتفاصيل المقام العراقي ومعززة بأدلة منطقية وقد أفرد مبحثاً خاصاً بأشهر قراء المقام العراقي بنوعيه الديني والدنيوي حسب فترات زمنية محددة. وقد دحض بشكل علمي مزاعم بعض المضللين من الذين ينسبون المقامات العراقية لغير العراق!!. وقد تطرق بشكل علمي بعين الخبير والباحث الثاقب النظر لمدارس المقام والفروقات التي بينها. أتمنى ان يقابل هذا الجهد بجهد مثله لننهض بالواقع المعرفي للمقام العراقي كما أتمنى أن يقرأ هذه الموسوعة شباب العراق المخدوع بالبريق الكاذب للموسيقى الوافدة والهجينة. قارئ المقام العراقي المعروف الأستاذ طه غريب,عبر عن سروره بهذه الموسوعة التي تعيد وهج المقام العراقي وحضوره في الساحة المحلية والعربية والدولية,وهو جهد يستحق الإحترام والتقدير من الأستاذ المشهداني. وبذلك فالمقام العراقي في ذمة الخلود..خلود في الذاكرة الإنسانية التي تهيأ لها ان تحتفل على الدوام بالعطاء الخلاق وتنفي كل فعل غير منتج وحيوي.

ليست هناك تعليقات: