الاثنين، 7 مايو 2012

عشائر تناصر الدراجات النارية وتبتز ضحايا حوادث التهور

Monday, 7 May 2012, 14:27 عشائر تناصر الدراجات النارية وتبتز ضحايا حوادث التهور
جريدة المستقبل العراقي / بغداد 2/5/2012 كاظم فنجان الحمامي اختارت بعض العشائر العراقية الوقوف بحزم مع أصحاب الدراجات النارية, ورأت إن الحق يدور حيثما تدور عجلات الدراجات, فهي عند بعضهم على حق إن صَدمت أو صُدمت, وإن دَهست أو دُهست, حتى صار سائق الدراجة النارية سيد الشوارع والساحات والأرصفة من دون منازع, وصار له الحق المطلق في استثمار حوادث الطريق, ومطالبة الغير بدفع التعويض بغض النظر عن حيثيات الحادث, وبغض النظر إن كان هو المعتدي أو المعتدى عليه, أو كان هو الجاني أو المجني عليه, أو هو الفاعل أو المفعول به, فهو في نظرهم صاحب الحق دائما وأبدا, ولا فرق بينه وبين بغلة ذلك القاضي الذي سمع القارئ يقرأ: (وما من دابة إلا على الله رزقها), فقال لغلامه: أطلق البغلة وعلى الله رزقها, فانطلقت على هواها تصول وتجول في الأسواق من دون رادع ولا وازع, ولسنا مغالين إذا قلنا إن بعض العشائر نصرت أصحاب الدراجات ظالمين أو مظلومين, ووقفت معهم ضد ضحاياهم, بل طالبت الضحايا بدفع التعويضات لصاحب الدراجة المارقة. هب إن سيارتك كانت مركونة في حارة وقوف السيارات خارج محرمات الطريق, وجاءت دراجة نارية مسرعة واصطدمت بها, وحطمت زجاجها, في الوقت الذي كنت فيه أنت جالسا مع أصدقائك في المقهى, فلا تندهش إذا هددتك عشيرة سائق الدراجة, وطالبتك بدفع التعويض المالي بما يعادل ضعف, وربما أضعاف قيمة الدراجة, ولا تستغرب إذا طالبوك بتسديد نفقات علاج الكسور والأضرار الجسدية, التي أصيب بها صاحب الدراجة, اما إذا سقط (الدراج) ميتا بعد اصطدامه بجدار بيتكم, أو نتيجة لارتطامه بعمود الكهرباء القريب من داركم, فيتعين عليك الاستنجاد بعشيرتك, والاستعانة بهم في صد الهجوم البربري المتوقع على داركم, وستقول لك عشيرة (الدراج) إن بيتكم هو الذي وقف في طريق ابننا, وإنه (أي البيت) لو لم يكن هنا, في هذا المكان لما وقع الحادث, فصاحب الدراجة النارية حر في تحديد الاتجاهات والمسارات, وهو دائما على حق في أعراف بعض العشائر العراقية الجنوبية. . للدراجات خارج العراق عالمها الرياضي أو الترفيهي الخاص في حدود حلبات التنافس المفتوحة للمتسابقين بشروط وقوانين ثابتة, وفي توقيتات معلنة مسبقة, ولها ملاعبها الخاصة المعززة بكل تدابير السلامة والإسعاف الفوري, أما عندنا فلها عالم مختلف تماما, فالطرق الخارجية والداخلية كلها ميادين مفتوحة للمتسابقين من كل الأعمار, ومن دون قيود على السرعة, أو على حجم الدراجة وقوتها ونوعها, وهم يتسابقون على وفق مبدأ: ((هذا الميدان يا حمدان)), وللدراجات عندنا أبطال ورموز وأساتذة, وإن كان معظمهم من الطبقات الفقيرة, أو من شريحة العاطلين عن العمل, ولهم أيضا ألقابهم الخاصة ومسمياتهم الغريبة, من أمثال: (جمعة أبو شوارب), و(فاخر يا ساتر), و(علي درنفيس), و(عادل سمكة), و(أياد البهلوان), و(قصي كوسوفو). . ومن المشاهد الأسبوعية المزعجة, نذكر إن الدراجات النارية أضافت لمسات فوضوية جديدة لمواكب الأعراس, وصار من المألوف مشاهدتها وهي تتقدم في طليعة المواكب, أو تحف بسيارة العروس. . أغلب الظن إنها استعارت هذه الممارسات الاستعراضية من المراسيم الرئاسية, أو من مواكب كبار المسؤولين, حتى باتت تلك الاستعراضات من العادات السيئة المصحوبة بزعيق أبواق السيارات, وأصوات المفرقعات والأعيرة النارية بالذخيرة الحية, والانكى من ذلك كله إنها تتعمد السير بسرعات سلحفاتية بطيئة تربك حركة السيارات, وتثير الضجيج والصخب في سماء المدينة, وأحيانا تتسابق بسرعات جنونية مرعبة تضاهي سرعة عفاريت الجن والإنس. . المثير للحزن والألم إن الدراجات النارية سرقت الفرح من بيوت عراقية كثيرة, وحولتها إلى مجالس عزاء, ووأدت بهجة شباب وأطفال في مقتبل العمر وسط عنفوان الطيش والسرعة والألعاب البهلوانية, حتى باتت فجيعة الموت في حوادث الدراجات من الأخبار اليومية المعتادة في ميسان والبصرة والناصرية. . فعلى الرغم من ملاحقة شرطة المرور لتجمعات أصحاب الدراجات, وعلى الرغم من محاولاتها الحثيثة لضبط تحركاتهم في الشارع, إلا إنهم لم ولن يلتزموا بقواعد السير, تتملكهم دائما رغبة جامحة لانتهاك قوانين المرور بأساليب متهورة تصادر حقوق الناس, وتستفز مشاعرهم بحركات وتصرفات مزعجة, الأمر الذي دفع مديريات المرور في المحافظات إلى تنظيم حملات تفتيشية على الدراجات النارية, وضبط وحجز ومصادرة المخالفة منها, وفقا لنوعية المخالفات المرتكبة, ما أسهم في انحسار هذه الظاهرة وتراجعها, وبالتالي تكدس الدراجات عند نقاط التفتيش بأعداد كبيرة, إلا إن هذه الظاهرة عادت للظهور ثانية في ضواحي المدينة وأطرافها, وتسببت في وقوع حوادث جديدة لفتيان تشوهت وجوههم, وفقدوا قدرتهم على المشي. . ختاما نقول: إننا في العراق لسنا بحاجة بعد الآن إلى من يضيف لنا هموما جديدة فوق همومنا القديمة المتراكمة, ولا يمكننا تحمل المزيد من التصرفات الاستفزازية المرفوضة, فنحن في أمس الحاجة اليوم إلى الاستقرار وراحة البال, ولا طاقة لنا على التعايش مع الأعراف العشائرية الظالمة المساندة لصبيان الدراجات وما يسببونه لنا من إزعاجات يومية متكررة. .

ليست هناك تعليقات: