«تفاحة آدم» بين الانبهار والدهشة
*يوسف عبود جويعد
كلما تقدمت كتابة الأديب وممارسته لمختلف الأجناس الأدبية سواء كانت شعرية أو سردية فإنها تشكل لديه خبرة متراكمة تنعكس على كتاباته فهو كالمعدن الثمين يزداد لمعاناً وبريقاً ويغلي ثمنه ويكون نفيساً.
«تفاحة آدم» للروائي والقاص ناطق خلوصي خير دليل على ذلك الفكرة غريبة المضمون جديد السرد ذات النفس الواحد غير المنقطع – الانبهار – الدهشة – الشد- المتعة- فما أن تبدأ بقراءة السطور الأولى من الرواية حتى ترحل معها سابحاً في فضائها دون أن يعترض طريقك ما يوقفك عن المتابعة وبكل اهتمام.
عبد الوهاب هذا الأديب والصحفي المعروف في الأوساط الأدبية والسياسية وله عمود يومي في احدى الصحف وزوجته ربة البيت وابنه منير الذي هاجر إلى مصر بعد أن جاءه تهديد من مجهول وابنه نصير الذي لازال طالباً وزوجة منير وابنه سلام تحوم أحداث الرواية بين هؤلاء الأبطال الأكثر بروزاً في الرواية.
هذا الرجل الكبير الذي خبر الحياة ونهل من خبراتها فبعد أن يبعد منير عن زوجته ويترك فراغاً كبيراً في نفس سلافة زوجته يترك فراغاً كبيراً في حياتها وأهمها الفراغ الجنسي ويدخل هذا الأب بخبرته الكبيرة في دهاليز حياة سلافة عندما تتصل فيه من مقر عملها وتطلب منه الحضور لكونها تمر في مشكلة بالعمل ويحضر إليها بسرعة ليستكشف الأمر وعندما تخبره بان احد زملاؤها من الموظفين وقع عنها في مستندات مهمة لم يكترث للأمر واعتبرها حادثا عرضيا سيزول وفي أمر غاية في الغرابة.
يدهشنا الروائي البارع بانحراف غريب وسريع في مسار أحداث الرواية وأجوائها عندما يدعوها إلى تناول طعام الغذاء وقضاء وقت ممتع في احد مطاعم بغداد الغريبة مطعم «الكهف» وهذا المطعم خاص للعشاق وهو عبارة عن كهف شبه مظلم ولا يسمح بدخوله إلا لرجل وامرأة وعندما يدخل يضيء احد العاملين شمعة ويتقدمهم لدهليز مظلم ثم إلى غرفة مظلمة فيها سرير وفيها أجواء تتيح للعشاق أجواء رومانسية حالمة.
لا أكتمكم سراً عندما أقول إنني شعرت وأنا ادخل معهم بشيء من التقزز والاستغراب فكيف لهذا الأب أن يأخذ زوجة ابنه في مكان كهذا ويختلي بها وهو الرجل المثقف الواعي إلا أن سرعان ما زال هذا الإحساس فهذا الرجل بالرغم من جرأته التي تضعنا في حالة من الانبهار والغرابة للحد الذي نصل فيه إلى الشك بارتكاب الخطيئة فهو يدعوها إلى خلع ملابسها بعد أن خلعت الجبة والحجاب ويطلب منها أن تبقى في ثوب النوم ويطلب لها البيرة ويدعوها لتنام على السرير لترتاح وهذا المكاشفة أشبه بعملية اللعب بأعصاب المتلقي إلا انه لا يمسها أو يسيء إليها وهذا ما دفع سلافة إلى التعلق فيه أكثر وتطلب منه أن يعطيها قصة تفاحة ادم.
هذه القصة هي المدخل لحل الألغاز التي تدور في البناء السردي للرواية فحواء هكذا كان اسمها في القصة تميل إلى أبيها وتحبه إلى حد العشق الروحي وتعتبر جزءا من حياتها الخاصة جداً ولا تخجل منه حتى أنها تدخل معه الحمام رغم أنها في سن المراهقة وتدلك ظهره وكان الأب يعطيها حرية ممارسة انوثتها دون أن يعيق هذا التصرف أو يتصرف بشواذ.
عندما تقرأ سلافة القصة تكشف سرها بأنها كانت تتعامل مع أبيها بذات التصرف الذي تقوم فيه حواء بالقصة ويظل هذا الرجل يتعامل مع سلافة بأسلوب يستحضر غريزتها الجنسية ويثيرها وهو يذكرها دائماً بأنها زوجة ابنه إلا أنها تزداد فيه عشقاً وتتعلق فيه يوماً بعد آخر لما تجده من انفتاح وتصرف وشخصية ذات مزايا خاصة جدا وتختلف عن باقي البشر.
ليس هنالك أب يصل بالعلاقة مع زوجة ابنه إلى هذا الحد الذي يصل فيها إلى أن تتصرف وكأن ليس معها احد وتستحضر أنوثتها كما انه يكشف أن هذا الإحساس داخل كل امرأة وهو مرض نفسي معروف ويظل هذا الرجل يراعي ويهتم بسلافة وتكتشف سلافة من أرسل هذا التهديد لزوجها منير فهو من ابن خالها الذي كان يحبها ويريد الزواج منها.
إن أجمل ما في الرواية هو كلما انطلقت بقراءتها أحببتها أكثر وتشوقت للاستمرار بقراءتها دون توقف فعبد الوهاب لم يتوقف إلى هذا الحد في التعامل مع سلافة بل استطاع أن يحصل لها إجازة لمدة سنة من دائرتها بفضل نفوذه ومعرفة الناس به وكذلك يسافر معها وفي خلوات متعددة تحاول سلافة أن تصل إليه وتقترب منه وتحبه وتجره إلى ارتكاب الرذيلة إلا أن هذا الرجل كان يناجي الأنوثة فيها فقط وكانت كل تصرفاته تدعونا إلى الإعجاب به والتعلق به وبعد رحلة يصل إلى مصر وهناك تلتقي بزوجها منير إلا أنها لا تتركه وتحاول في الخلوات التي تمر في الشقة التي يسكنها منير أن تقترب منه أكثر حتى أنها دفعته إلى تقبيلها مرغماً.
هناك أيضا عندما يجد أن شقة منير الشبيهة بالقفص وضيقه يؤجر لهما شقة جديدة وكبيرة تليق بهما ويتلقى مكالمة هاتفية من زوجته تدعوه للحضور لأن ابنه نصير قد القي القبض عليه بسبب خروجه مع المتظاهرين ويعود إلى بغداد تاركاً سلافة مع زوجها وابنها إلا أن هذا التعامل المشترك الذي حدث بينهما يظل يخالج شعورهما عندها نكتشف أن ما يقوم به هذا الأب أشبه بعلاج نفسي لظاهرة غريبة، فقد طرح لنا الروائي قيمة غريبة ومبهرة وكان السرد ينساب هادئاً رقيقاً جميلاً وكما أشار إلى ذلك الدكتور حسين سرمك حسن في ظهر غلاف الرواية عندما قال «بعد مسيرة حكائية طويلة، قطع أشواطها الروائي المبدع ناطق خلوصي بمثابرة واقتدار حصلت لديه ظاهرة مدهشة، تتمثل في هذا التفجر الإبداعي السردي في تناول موضوعة الدافع الجنسي الخطير».
*كاتب عراقي/جريدة عُمان
*يوسف عبود جويعد
كلما تقدمت كتابة الأديب وممارسته لمختلف الأجناس الأدبية سواء كانت شعرية أو سردية فإنها تشكل لديه خبرة متراكمة تنعكس على كتاباته فهو كالمعدن الثمين يزداد لمعاناً وبريقاً ويغلي ثمنه ويكون نفيساً.
«تفاحة آدم» للروائي والقاص ناطق خلوصي خير دليل على ذلك الفكرة غريبة المضمون جديد السرد ذات النفس الواحد غير المنقطع – الانبهار – الدهشة – الشد- المتعة- فما أن تبدأ بقراءة السطور الأولى من الرواية حتى ترحل معها سابحاً في فضائها دون أن يعترض طريقك ما يوقفك عن المتابعة وبكل اهتمام.
عبد الوهاب هذا الأديب والصحفي المعروف في الأوساط الأدبية والسياسية وله عمود يومي في احدى الصحف وزوجته ربة البيت وابنه منير الذي هاجر إلى مصر بعد أن جاءه تهديد من مجهول وابنه نصير الذي لازال طالباً وزوجة منير وابنه سلام تحوم أحداث الرواية بين هؤلاء الأبطال الأكثر بروزاً في الرواية.
هذا الرجل الكبير الذي خبر الحياة ونهل من خبراتها فبعد أن يبعد منير عن زوجته ويترك فراغاً كبيراً في نفس سلافة زوجته يترك فراغاً كبيراً في حياتها وأهمها الفراغ الجنسي ويدخل هذا الأب بخبرته الكبيرة في دهاليز حياة سلافة عندما تتصل فيه من مقر عملها وتطلب منه الحضور لكونها تمر في مشكلة بالعمل ويحضر إليها بسرعة ليستكشف الأمر وعندما تخبره بان احد زملاؤها من الموظفين وقع عنها في مستندات مهمة لم يكترث للأمر واعتبرها حادثا عرضيا سيزول وفي أمر غاية في الغرابة.
يدهشنا الروائي البارع بانحراف غريب وسريع في مسار أحداث الرواية وأجوائها عندما يدعوها إلى تناول طعام الغذاء وقضاء وقت ممتع في احد مطاعم بغداد الغريبة مطعم «الكهف» وهذا المطعم خاص للعشاق وهو عبارة عن كهف شبه مظلم ولا يسمح بدخوله إلا لرجل وامرأة وعندما يدخل يضيء احد العاملين شمعة ويتقدمهم لدهليز مظلم ثم إلى غرفة مظلمة فيها سرير وفيها أجواء تتيح للعشاق أجواء رومانسية حالمة.
لا أكتمكم سراً عندما أقول إنني شعرت وأنا ادخل معهم بشيء من التقزز والاستغراب فكيف لهذا الأب أن يأخذ زوجة ابنه في مكان كهذا ويختلي بها وهو الرجل المثقف الواعي إلا أن سرعان ما زال هذا الإحساس فهذا الرجل بالرغم من جرأته التي تضعنا في حالة من الانبهار والغرابة للحد الذي نصل فيه إلى الشك بارتكاب الخطيئة فهو يدعوها إلى خلع ملابسها بعد أن خلعت الجبة والحجاب ويطلب منها أن تبقى في ثوب النوم ويطلب لها البيرة ويدعوها لتنام على السرير لترتاح وهذا المكاشفة أشبه بعملية اللعب بأعصاب المتلقي إلا انه لا يمسها أو يسيء إليها وهذا ما دفع سلافة إلى التعلق فيه أكثر وتطلب منه أن يعطيها قصة تفاحة ادم.
هذه القصة هي المدخل لحل الألغاز التي تدور في البناء السردي للرواية فحواء هكذا كان اسمها في القصة تميل إلى أبيها وتحبه إلى حد العشق الروحي وتعتبر جزءا من حياتها الخاصة جداً ولا تخجل منه حتى أنها تدخل معه الحمام رغم أنها في سن المراهقة وتدلك ظهره وكان الأب يعطيها حرية ممارسة انوثتها دون أن يعيق هذا التصرف أو يتصرف بشواذ.
عندما تقرأ سلافة القصة تكشف سرها بأنها كانت تتعامل مع أبيها بذات التصرف الذي تقوم فيه حواء بالقصة ويظل هذا الرجل يتعامل مع سلافة بأسلوب يستحضر غريزتها الجنسية ويثيرها وهو يذكرها دائماً بأنها زوجة ابنه إلا أنها تزداد فيه عشقاً وتتعلق فيه يوماً بعد آخر لما تجده من انفتاح وتصرف وشخصية ذات مزايا خاصة جدا وتختلف عن باقي البشر.
ليس هنالك أب يصل بالعلاقة مع زوجة ابنه إلى هذا الحد الذي يصل فيها إلى أن تتصرف وكأن ليس معها احد وتستحضر أنوثتها كما انه يكشف أن هذا الإحساس داخل كل امرأة وهو مرض نفسي معروف ويظل هذا الرجل يراعي ويهتم بسلافة وتكتشف سلافة من أرسل هذا التهديد لزوجها منير فهو من ابن خالها الذي كان يحبها ويريد الزواج منها.
إن أجمل ما في الرواية هو كلما انطلقت بقراءتها أحببتها أكثر وتشوقت للاستمرار بقراءتها دون توقف فعبد الوهاب لم يتوقف إلى هذا الحد في التعامل مع سلافة بل استطاع أن يحصل لها إجازة لمدة سنة من دائرتها بفضل نفوذه ومعرفة الناس به وكذلك يسافر معها وفي خلوات متعددة تحاول سلافة أن تصل إليه وتقترب منه وتحبه وتجره إلى ارتكاب الرذيلة إلا أن هذا الرجل كان يناجي الأنوثة فيها فقط وكانت كل تصرفاته تدعونا إلى الإعجاب به والتعلق به وبعد رحلة يصل إلى مصر وهناك تلتقي بزوجها منير إلا أنها لا تتركه وتحاول في الخلوات التي تمر في الشقة التي يسكنها منير أن تقترب منه أكثر حتى أنها دفعته إلى تقبيلها مرغماً.
هناك أيضا عندما يجد أن شقة منير الشبيهة بالقفص وضيقه يؤجر لهما شقة جديدة وكبيرة تليق بهما ويتلقى مكالمة هاتفية من زوجته تدعوه للحضور لأن ابنه نصير قد القي القبض عليه بسبب خروجه مع المتظاهرين ويعود إلى بغداد تاركاً سلافة مع زوجها وابنها إلا أن هذا التعامل المشترك الذي حدث بينهما يظل يخالج شعورهما عندها نكتشف أن ما يقوم به هذا الأب أشبه بعلاج نفسي لظاهرة غريبة، فقد طرح لنا الروائي قيمة غريبة ومبهرة وكان السرد ينساب هادئاً رقيقاً جميلاً وكما أشار إلى ذلك الدكتور حسين سرمك حسن في ظهر غلاف الرواية عندما قال «بعد مسيرة حكائية طويلة، قطع أشواطها الروائي المبدع ناطق خلوصي بمثابرة واقتدار حصلت لديه ظاهرة مدهشة، تتمثل في هذا التفجر الإبداعي السردي في تناول موضوعة الدافع الجنسي الخطير».
*كاتب عراقي/جريدة عُمان