الجينالوجيا وثقافة الأستبداد
(اللوحة الجميلة لا تمنع الوحش من إفتراس ضحيته)
د. غالب المسعودي
ببساطة الجينولوجيا هو علم دراسة
الجين, والجين هو الوحدة المجهرية البرمجية للخلية , هي التي تهيكل وتنظم وتمنهج
الفعاليات الأساسية للخلية ,وبالتالي هي التي تمنح الصفات الرئيسية للموجود ,ويشترك
الانسان والحيوان في القولبة والبناء والفعالية والوظائف على مستوى الجين, ويؤثر
الزمكان في صبغة ألتمظهر للخلية , عندما تكون الذات في وضع مقلق تراوح بين عدة إنزياحات,
عندها تتخثر الفلسفة, وتتحول أركيولوجيا فوكو الى بيع وشراء سيارات مستعملة, تتفوق
وظائف الطبيعة على وظائف الفلسفة , ينهار تاريخ الافكار,
من أهم محركات الفعل هو العقل, الإرادة, والخيال, كان نيتشة و قد حفر
بمطرقة الجينالوجيا صخرة المعرفة, ليكشف أن الذات وإن تمحورت تحت زيف السطح العلوي,
فإن الأستبداد قد لايختفى مثل الأجنة
القديمة داخل عقلنة ألواقع,ألتي تبحث عن ذاتها في وثائق الجنس السري والشاذ. وراء
الجسد اللحمي المعرى في كل منا, هناك بقايا رصاصات العقل القديمة, تثقب جسد الخطاب
ألحالي كشرارة تهدم كل مفاهيم البنيوية وتشكلها وفق خريطة ظواهرية تحتضن اللاوعي
وتشرب من ماءه, إن انتكاسات اللاوعي لا تدفعه الى النسيان , قد يتفجر الى شظايا
تنطلق الى المجهول بمبرر ذاتي أو موضوعي,نحن في قمة الغرور إن كنا نعلم ما يدور في الكون قاطبة , هذا تقدير
متهافت ممن يحيطون بنا, الاستبداد جينولوجيا أنانية متأصلة في وجدان البشر ,حتى وإن كانوا خداما او طباخين
في مطعم ألعولمة, فعالية التباهي, كانت نكوصا معرفيا ,وهي ليست مبتغى الفلاسفة ,لأنها
فخر, والفخر عندهم فيما يكتبون لا في تصوراتهم, ولا في فعالية لمن نكتب, هذه نزعة
ذاتية ,لأنها تتجاوز المنجز المعرفي, وبالتالي سيكون إمتيازها الصدى, وتوصم بالإبهام,
أغلب الانتاج الثقافي العربي ينزع الى مجاورة الماضي في حركة إرتدادية كأنه يستكشف
بداية الكون دون أسلحة معرفية, يتكيء على ضلع أعوج إنحدر من إسطورة
ألخلق الى الحضيض, فيما ينعكس الراهن الحاضر في الفلسفة الغربية, حيث يقارب
الفلاسفة رهاناتهم ويحايثونها, لا زلنا عالة عليهم من حيث إنتاج المعرفة والتطبيق , تشخيص الراهن هو نزعة بنيوية , الراهن
هو فعل تجريب ونشاط على مستوى الذات والموضوع ,وهو إحدى مقاربات الحداثة أو ما
بعدها , هو تجاوز التابو وقدرة الذات على مواكبة المصداقية , إن كانت الحياة لغزا
فهذا يعني إن الفرضية التي تقول أن الطباع المتوارثة جينيا يتعذر تعديلها, كانت خاطئة,
فلسنا مجبرين على الامتثال لها طول الوقت ,لذا علينا الابتكار والتعديل, وهذا لا يؤدي بالضرورة الى التغيير, إذ أن هناك صفات
مشتركة كالغيرية والاستحواذ, إن أردنا إفساد مخططاتها علينا أن نخرج بعبرة في هذا
الوجود المبهم ,لكن يلازمنا الشعور بالذنب والبحث في المتاهة, والجينالوجيا تقربنا
أحيانا من حدود من حدود اللذة ,وعقلنة الحشمة تحلينا الى الروايات الاولى, هي اما
تدنيس أو تقديس وللتلاعب حاجاته, إذ يتحول التابو الى خراب والعلاقات الشاذة الى
تسلط وتفرد والنشوة الى تبعيات, هي أكثر شبها بنظام تعدد الزوجات ففي مثل هذه
الانظمة الفقير غير قادر على الاستفادة والثري قادر على ألتبرير وادارة منظومة
الطلاق ,وبالتالي تنمو الاوامر المقدسة ويعاد انتاج جميع الانظمة الاجتماعية
المبنية على التسلط والاستبداد جينيا , كأنها اوامر دينية في إطار من البهرجة
الثورية, على أيدي مبتكري الدين الأول ,مستغلين المفعول التعويضي للكبت.